الإهداءات | |
ملتقى علوم القراءات والتجويد يختص بتبيان احكام التجويد ... وشروحات لعلوم القراءات الصحيحة والمتواترة ... ودروس القرآن الكريم . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | أبو عادل | مشاركات | 11 | المشاهدات | 6420 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
07 / 05 / 2010, 07 : 12 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد تأليف الكتور محمد مطني. بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الحمد لله والشكر له وهو الشكور الحميد ، منزل القرآن هدى ورحمة ، { منه ءايات محكمت هن أم الكتب وأخر متشبهت فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشبه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والرسخون في العلم يقولون ءامنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألبب } ( (1) ) . والصلاة والسلام والبركات على سيدنا ورسولنا ونبينا وحبيبنا أبي القاسم محمد بن عبد الله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه ووارثيه ، القائل : (( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )) ( (2) ) . فصلى عليه الله وسلم عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته . أما بعد : فقصتي مع هذه الأطروحة غريبة كل الغرابة ، فقد كان من المقدر ـ والله المقدر ـ أن يكون كاتب هذه الأطروحة شخصا سواي وبمنهج غير هذا المنهج وبطريقة غير هذه الطريقة . فشاءت مشيئة الله أن يتوفى هذا الشخص رحمه الله بالحرق قبل الشروع بها فعزمت على تحقيق رغبته بدراسة هذا الموضوع وباقتراح من الأستاذ الدكتور محمد صالح عطية الذي أراد أن أحقق رغبة أخي الشيخ جاسم محمد سلطان ـ رحمه الله ـ الذي وافاه الأجل قبل أن يحقق ما أراد . __________ (1) سورة آل عمران : الآية 7 . (2) صحيح البخاري . محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي . ( 194 ـ 256 ) . تحقيق : د . مصطفى ديب البغا . دار ابن كثير , اليمامة . بيروت . ط3 . 1407هـ – 1987 م : 4 /1919 رقم ( 4739 ) . من حديث عثمان ـ رضي الله عنه ـ . (1/1) فاقترح علي المشرف الأستاذ الدكتور محمد صالح عطية أن تقسم السورة على مقاطع موضوعية يحلل كل منها على حدة ، وقد وجهت باختيار منهجية علمية أكاديمية في تحليل كل مقطع وفق النظام الآتي : تحليل الألفاظ على وفق المصطلح المعجمي . إبراز المناسبة بين الآيات في المقطع وما قبلها وما بعدها . تخريج القراءات القرآنية ومواردها في كل مقطع . ذكر القضايا البلاغية . المعنى العام للمقطع . ما يستفاد من المقطع . وقد سرت على طريقتين في كتابتي هذه الأطروحة : الطريقة الأولى : الاعتماد على المصادر والمراجع في استعراض الآراء في تفسير وتأويل المقطع دون إبداء رأي شخصي في التأويل والتحليل ، لأن مورد النص لا يحتمل في بعض الأحيان الزيادة على آراء السابقين ـ رحمهم الله ـ ولو بكلمة ، لتكاملها ، فكان عملي الوحيد فيها هو العرض مع الترجيح بين هذه الآراء . الطريقة الثانية : أن أبرز الرأي في تأويل بعض المواضع والمواضيع التي تحتمل إبداء الرأي ولا سيما في المواضيع الصورية ـ البيانية ـ الأسلوبية غير المقطعية ، وكان في ذلك مجال واسع لإبراز الرأي الجديد مع ربطه بما ذهب إليه القدماء . وقد استشرفت في بحثي الأطر الخاصة والعامة ، والذي تمثل في مواضع مثلتها جملة من المفاهيم نحو ( التربية والسلوك ، والزمن ، والتوحيد ، والشخصية والهوية ، والإيمان والكفر ) . ولقد حاولت هنا أن أدرس ارتباط الماضي بالحاضر في القراءة التأويلية لسورة القصص بمقارنة فرعون ودولته بالولايات المتحدة الأمريكية على ما يراه القارئ في الفصل الثامن من هذه الأطروحة . إن هذا العمل في حد ذاته كان عملا مبتكرا في بابه ، ذلك أن إبداء الرأي ـ بصورة غير منهجية ـ في بعض مواضع القرآن الكريم من الأمور المنهي عنها في الحديث الشريف ، ولكني قمت بذلك تبعا لمنهج أهل السنة والجماعة ، وهكذا فلم أتعرض لتأويل آيات الصفات في سورة القصص ، ولكني أولت آيات تتعلق بهذا العصر في مواضعها لمسيس الحاجة إليها ، لإيقاظ عقول الشباب وقلوبهم من الغفلة والوهن إلى الاندفاع والعزيمة في مبشرات سورة القصص ، تبعا للقراءة الجهادية لسورة القصص . وقد كانت لي استفادة في قراءتي التحليلية لسورة القصص من جمهرة كبيرة من المصادر والمراجع القديمة والحديثة بطبعاتها القديمة والحديثة ـ مع صعوبة الحصول عليها في ظل الظروف الحالية ـ وقد كان لي من شبكة المعلومات العالمية ( الانترنيت ) معينا في الحصول على بعض التوجيهات المعلوماتية وبعض الآراء الحديثة . إن البحث في الدراسة التحليلية لكل سورة على حدة أمر مهم ، لأن هذا التحليل يظهر وجوه الإعجاز القرآني في كال نواحيه المتطورة . وكان هذا الأمر من بين الأسباب التي دفعتني لاختيار سورة القصص لما تحمله من مبشرات بزوال دول الكفر والطغيان ، وذلك بما بشر به رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - ) قبل الهجرة المباركة من أن النصر آت ، وربطها بين حال رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - ) وبين حال موسى ( - عليه السلام - ) ، وبين قوة قريش ومالها ونفوذها ، وبين قوة فرعون وهامان وقارون ومالهم ونفوذهم ، وما آلت إليه قوى هؤلاء جميعا إلى الزوال والهلاك . وكان من منهجي في البحث فضلا عما أبرزته فيما سبق هو ربط الماضي بالحاضر ، وهو ما جاء متماشيا مع الخطوط العامة للسورة ، ويعقبها التحليل الذي شمل المباحث والمطالب . وأدى هذا إلى جعل مهمة الباحث تنتقل بين نقل تفسيرات الأقدمين وتأويلاتهم وإبراز الفهم الحديث للتفسير والتأويل حسب ما يقدح في ذهن الباحث في أثناء الدراسة الموضوعية دون الخروج عن مذاهب القدماء في ابتعادهم عن التفسير بالرأي . وقد كانت أهم المصادر والمراجع التي اعتمدتها ، جمهرة من كتب التفاسير والمعجمات والتأويلات الجزئية لبعض آيات سورة القصص ، وكتب القراءات والبلاغة والإعراب ، والكتب التي تحدث عن انتصار الإسلام ، والكتب التي تقارن فرعون ذلك العصر بفرعون هذا العصر ، الولايات المتحدة الأمريكية ، وعلى ما يراه القارئ في فهرست المصادر والمراجع الملحق بآخر الرسالة . وقد قمت بتحليل بعض المواضع التي يستنبط منها أحكام الفقه ، والتي سبقني إليها القدماء ، مع أن سورة القصص لا تتضمن الأحكام الفقهية المباشرة ، بل ما استنبطه منها الفقهاء والأصوليون من أحكام من قصة زواج موسى ( - عليه السلام - ) . إن أهمية الكتابة في سورة القصص تبرز في خمسة محاور : تحليل آراء القدماء في السورة نفسها . إظهار بعض أوجه الإعجاز القرآني التي لا تحصى عددا . إبراز النصر الإلهي الممتد من زمن موسى ومحمد ـ عليهما الصلاة والسلام ـ إلى قيام الساعة . بيان أن الحاكمية لله جل جلاله . فهم الماضي وصولا لفهم الحاضر والمستقبل . و سورة القصص حافلة بالحقائق التاريخية ، وتتوافق أحداثها مع ما أثبته العلم الحديث . وقد سارت الأطروحة في أصلها تبعا لمنهجية حسبت أنها الأفضل في التحليل العام لسورة القصص ، فكانت خطتي في الأطروحة هي : الفصل الأول التمهيدي وضمنته ستة مباحث . أما الفصل الثاني فقد أسميته وقفات بين يدي السورة ، وقسمته على مبحثين . وقد خصصت الفصل الثالث لدراسة الطغيان والتكبر في سورة القصص ، وقد قسمت هذا الفصل على مبحثين أيضا . وفي الفصل الرابع . ناقشت نشأة سيدنا موسى ( - عليه السلام - ) والظروف المحيطة به . واقتضت مستلزمات البحث أن أقسم هذا الفصل على مبحثين . وخصصت الفصل الخامس لمناقشة موضوع هجرة سيدنا موسى ( - عليه السلام - ) إلى مدين . وكان هذا الفصل من مبحثين . وفي الفصل السادس تناولت عودة سيدنا موسى ( - عليه السلام - ) إلى مصر واشتمل على مبحثين . وقد تناولت في الفصل السابع ، الرسول محمد ( - صلى الله عليه وسلم - ) ودعوته في سورة القصص ، وقد قسمته على ثلاثة مباحث . وقد قارنت في الفصل الثامن بين هيمنة فرعون وأمريكا وسقوط وانتصار الإسلام من خلال سورة القصص في دلالاتها السياسية الحديثة . وقد توزع هذا الفصل على تمهيد ومبحثين . وختمت هذا كله بخاتمة أوجزت فيها ما استطعت التوصل إليه من نتائج . لقد أدى المنهج الجديد الذي اعتمدت عليه في بحثي إلى صعوبات وصعوبات قد لا يتسع المجال لذكرها ، غير أن أبرزها هو ما واجهني في مواضع لم أجد القدماء قد بحثوا فيها بما يلائم منهج البحث ، ولا سيما ما يوافق حال المجتمعات الإسلامية اليوم . وأيا ما كان فهذا هو جهدي الذي بذلت ما وسعني الجهد والاجتهاد والبحث والدرس ، فإن أصبت فبفضل الله جل جلاله هو أهل الفضل ، وإن كان غير ذلك فمني ، ولا أملك هنا إلا أن أقول : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } ( (1) ) . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين المطلب الأول: اسمها __________ (1) سورة البقرة : الآية 286 . " ثبت أن جميع أسماء السور بالتوقيف من الأحاديث والآثار "( (1) ) . والمعروف أن تسمية السور القرآنية على ما يبدو من أسمائها ، كتسمية السورة بكلمة أو باشتقاق كلمة واردة فيها ، وأن اختلاف المصاحف في تسمية بعض السور ناشئ عن تعدد الروايات الواردة في ذلك( (2) ) . " ومن عادة العرب قديما أن تراعي في كثير من المسميات أخذ أسمائها من شيء نادر أو مستغرب ، يكون في الشيء من خلق أو صفة تخصه ، ويسمون القصيدة بأشهر ما ورد فيها ، وعلى ذلك جرت أسماء سور القرآن ، لأن القرآن الكريم جاء على سنن العرب في كلامها وخطابها( (3) ) . وسورة القصص سميت بذلك لاشتمالها على كلمة ( القصص ) في قوله تعالى: { وقص عليه القصص } ( (4) ) ، أي : وقص موسى على شعيب( (5) ) . وهي السورة الوحيدة التي انفردت بذكر موسى ( - عليه السلام - ) وسبب هجرته من مصر إلى مدين ، وهو المذكور بعد تفصيله بقوله تعالى : { فلما جاءه وقص عليه القصص } ( (6) ) . __________ (1) الإتقان في علوم القرآن . السيوطي . ت 911 هـ . الطبعة الثالثة . شركة مكتبة مصطفى البابي الحلبي وأولاده . مصر . 1951 م : 1/52 . (2) ينظر المصاحف . أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني . ت 316 هـ . نشره : د. آرثر جفري . مطبعة الرحمانية . مصر . 1936 م : ص 182 – 183 . (3) الإتقان : 1/ 55 . (4) سورة القصص : الآية 25 . (5) بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز . مجد اليدن محمد بن يعقوب الفيروزآبادي المتوفى سنة 817 هـ . تحقيق : محمد علي النجار . مطابع شركة الإعلانات الشرقية . القاهرة . 1383هـ ـ 1963 م : 1/353 . (6) سورة القصص : الآية 25 . فهي قصص موسى ـ عليه السلام ـ وهو في مصر مع المصريين ، وليس قصصه مع فرعون وقومه ، ولعل هذا القصص الخاص هنا هو الوجه في تسمية السورة باسم ( القصص ) ( (1) ) . وقيل : " سميت بدلالة قوله تعالى: { فلما جآءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين } ( (2) ) الدال على نجاة من هرب من مكان الأعداء إلى مكان الأنبياء ، اعتبارا بقصصهم الدالة على نجاة الهاربين ، وهلاك الباقين بمكان الأعداء ، من الهلاك " ( (3) ) . وتسمى أيضا سورة ( طسم ) على ما ورد في بعض الروايات( (4) ) وتسمى أيضا سورة موسى( (5) ) ، وهو رأي شاذ . وأسماء السور توقيفية على ما ورد في صحيح البخاري( (6) ) ، وبذلك تكون هذه السورة إنما سميت بدلالة لفظة عامة فيها خصصتها بالتسمية ، وهو الصواب من الأقوال . المطلب الثاني :التعريف اللغوي والاصطلاحي للقصص __________ (1) إلى القرآن الكريم . محمود شلتوت . دار الهلال . ( د . ت ) : ص111 . (2) سورة القصص : الآية 52 . (3) محاسن التأؤيل . المسمى ( تفسير القاسمي ) . تأليف محمد جمال الدين القاسمي . ت 1914م . تصحيح وتعليق : محمد فؤاد عبد الباقي . مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه . 1995 م : 13/4695 . (4) مرويات الإمام أحمد بن حنبل في التفسير . جمع وتخريج أحمد أحمد البزرا ، و محمد بن برزق بن الطرهوني ، و حكمت بشير ياسين . الطبعة الأولى . مكتبة المؤيد . السعودية . 1414 هـ ـ 1994 م . : 3 /329 . (5) الفتوحات الإلهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية . للعلامة الشيخ سليمان بن عمر العجيلي الشافعي المشهور بالجمل . المتوفى سنة 1204 هـ . مطبعة الاستقامة . القاهرة . ( د . ت ) : 3 /333 . (6) 4/ 1788 كتاب التفسير . باب تفسير سورة القصص . القصة لغة : " من القص ، فعل القاص إذا قص القصص ، والقصة معروفة ويقال : في رأسه قصة ، يعني الجملة من الكلام ، مثل قوله تعالى : { نحن نقص عليك أحسن القصص } ( (1) ) ، أي : بينت لك أحسن التبيان... ويقال : قصصت الشيء ، إذا تتبعت أثره شيئا بعد شيء ومنه قوله تعالى : { وقالت لأخته قصيه } ( (2) ) ، أي : اتبعي أثره ، وقد يأتي القص والقصص والقصص الصدر من كل شيء ، وقيل : هو وسطه "( (3) ). والقصة الخبر ، وهو القصص ، وقص علي خبره يقصه قصا وقصصا ، والقصص الخبر المقصوص ، وضع موضع المصدر حتى صار أغلب عليه ، والقصص بكسر القاف جمع القصة التي تكتب ، وتقصص الخبر تتبعه ،والقصة الأمر والحديث ، واقتصصت الحديث رويته على وجه ،كأنه يتتبع معانيها وألفاظها ، ويقال : خرج فلان قصصا في أثر فلان وقصا ، وذلك إذا اقتص أثره( (4) ) . __________ (1) سورة يوسف : الآية 3 . (2) سورة القصص : الآية 11 . (3) أساس البلاغة . جار الله محمود بن عمر الزمخشري أبو القاسم . ت 538 هـ . تحقيق : عبد الرحيم محمود . مطبعة أورفاند بالقاهرة . ط1 . 1953 م : ص 770 – 771 . لسان العرب . جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري أبو الفضل . ت 711 هـ . الطبعة الأولى . دار صادر . بيروت . لبنان. 1968 م : مادة ( قصص ) 7 /73 –75 . (4) ينظر لسان العرب : مادة ( قصص ) 7/74 . وقيل : إنه المصدر ، وقيل : إنه مفعول به ، وعلى القول الأول يكون المعنى { نحن نقص عليك أحسن القصص } ( (1) ) ، أي : نحن نقص عليك أحسن الاقتصاص كما يقال : نحن نكلمك أحسن التكليم ونبين لك أحسن البيان. وعلى القول الثاني يكون المعنى ، نحن نقص عليك أحسن ما يقص ، أي : أحسن الأخبار المقصوصات ، كما قال تعالى : { ومن أصدق من الله قيلا } ( (2) ) ، ويدل على هذا وأنه هو المراد قوله تعالى : { فلما جاءه وقص عليه القصص } ( (3) ). أي : المراد خبرهم ، ونبأهم وحديثهم ، وليس المراد مجرد المصدر فالقولان متلازمان في المعنى ، ولهذا يجوز أن تكون كلمة ( القصص ) قد جمعت بين معنى المصدر ومعنى المفعول به ، لأن فيه كلا المعنيين ، بخلاف المواضع التي يباين فيها الفعل المفعول به ، فإنه إذا انتصب بهذا المعنى وامتنع المعنى الآخر( (4) ) . والذي يبدو أن دلالة ( قص ) بمعنى القطع هي الدالة على اقتطاع القصة من الكلام . __________ (1) سورة يوسف : الآية 3 . (2) سورة النساء : الآية 122 . (3) سورة القصص : الآية 25 . (4) ينظر الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأؤيل . أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري . ت 538 هـ . ط2 . دار الكتاب العربي . بيروت . لبنان . ( د . ت . ) : 2 /300 . مجموع فتاوى أحمد بن تيميه . ت 728 هـ . جمع وترتيب : عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي الحنبلي وساعده ابنه محمد . مطبعة الحكومة بمكة المكرمة 1386 هـ : 17 /22 . وللقصة تعاريف كثيرة لدى العلماء ، ومنها ما ذكره الرازي بأنها : " مجموع الكلام المشتمل على ما يهدى إلى الدين ويرشد إلى الحق ويأمر بطلب النجاة "( (1) ) . فالقرآن الكريم أطلق لفظ القصص على ما حدث من أخبار القرون الأولى في مجالات الرسالات السماوية ، وما كان يقع في محيطها من صراع بين قوى الحق والضلال وبين مواكب النور وجحافل الظلام( (2) ). وقيل : " هي كشف عن آثار وتنقيب عن أحداث نسيها الناس أو غفلوا عنها ، وغاية ما يراد لهذا الكشف هو إعادة عرضها من جديد لتذكير الناس بها ، ليكون لهم منها عبرة وموعظة "( (3) ) . والذي يبدو أن التعريف الاصطلاحي للقصص يعني أحاديث الأخبار الماضية ، أو غير المرتبطة بزمن محدد . ولكنها في القرآن الكريم دالة على التاريخ الماضي حصرا . المطلب الثالث ترتيب سورة القصص في المصحف وعدد آياتها وكلماتها وحروفها قيل : " إن الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في ذلك "( (4) ). أما ترتيب السور أهو توقيفي أم باجتهاد الصحابة ؟ ففيه أقوال : __________ (1) مفاتيح الغيب المعروف بالتفسير الكبير . وبتفسير الرازي . فخر الدين محمد بن عمر بن حسين القرشي الطبرستاني الشافعي الرازي أبو عبد الله . ت 606 هـ . المطبعة البهية المصرية بميدان الأزهر . مصر . ط3 . ( د . ت . ) : 8/ 83 -84 . (2) ينظر القصص القرآني في منظومه ومفهومه . عبد الكريم الخطيب . بيروت ، لبنان . ( د . ت ) . : ص40 . (3) المصدر نفسه : ص 48 . (4) الإتقان في علوم القرآن : 1/60 . فجمهور العلماء أنه حصل ترتيب سوره باجتهاد من الصحابة الكرام ، منهم الإمام مالك ، واستدل أصحاب هذا الرأي باختلاف مصاحف السلف في ترتيب السور ، فمنهم من رتبها على النزول ، وهو مصحف علي (- رضي الله عنه -) حيث كان أوله : أقرأ ، ثم المدثر … ثم النساء ، ثم البقرة ثم آل عمران . ومنهم من رتبها ترتيبا أخرا كمصحفي أبي بن كعب ، وعبد الله بن مسعود . وهناك من قال إن ترتيب السور في القرآن توقيفي كترتيب الآيات( (1) ) . إن ترتيب سورة القصص بين سور القرآن هو أنها السورة الثمانة والعشرون ، وعدد آياتها ثمانية وثمانون آية ، ولا يماثلها في عدد آياتها إلا سورة ( ص ) ، وعدد حروفها خمسة آلاف وثمانمائة حرف( (2) ) ، وعدد كلماتها ألف وأربعمائة و كلمة واحد( (3) ) . وقد ذكر ابن الجوزي أعدادا أخرى مقاربة لا تخرج عما أوردناه هاهنا( (4) ) . المطلب الرابع فضلها __________ (1) الإتقان في علوم القرآن : 1/61-62 . (2) ينظر لباب التأويل في معاني التنزيل ( المسمى : تفسير الخازن ) . علاء الدين علي بن محمد بن إبراهيم البغدادي الصوفي المعروف بالخازن . ت 725 هـ . الطبعة الثانية . مطبعة مصطفى البابي الحلبي . 1955 م : 3/423 . (3) بصائر ذوي التمييز : 1/353 . (4) فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن . أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي . ت 597 هـ . تحقيق : د . رشيد عبد الرحمن العبيدي . مطبعة المجمع العلمي العراقي . 1988م : ص117-118 . (1/11) ذكر الطبرسي في مجمع البيان رواية عن أبي بن كعب (- رضي الله عنه -) عن النبي (- صلى الله عليه وسلم -) قال : (( من قرأ طسم القصص أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بموسى وكذب به ، ولم يبق ملك في السموات والأرض إلا شهد له يوم القيامة ، أنه كان صادقا أن كل شيء هالك إلا وجهه ))( (1) ) والحديث الآخر : (( يا علي من قرأ طسم القصص أعطاه الله مثل ثواب يعقوب وله بكل آية مدينة عند الله ))( (2) ) ، ومعظم الأحاديث في فضل سورة القصص من الموضوعات كما صرح بذلك الإمام عبد الرحمن بن الجوزي في كتابه( (3) ) . __________ (1) مجمع البيان في تفسير القرآن المعروف بتفسير الطبرسي . الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي الطوسي السبزواري أبو علي . ت 548 هـ . تصحيح وتعليق : هاشم الرسولي وفضل الله الطباطبائي اليزدي . شركة المعارف الإسلامية . إيران . ط1 . 1379 هـ : 7/338، بصائر ذوي التمييز : 1/358 . والحديث لم أقف عليه في كتب الأحاديث . وقد أورده الطرابلسي ت 1177 هـ ، في الكشف الإلهي عن شديد الضعف والموضوع . تحقيق د . محمد محمود أحمد بكاء . الطبعة الأولى . مكتبة الطالب الجامعي . الريان . مكة المكرمة . 1408 هـ : 1 /986. (2) ينظر الكشاف ، 3/194 . والحديث لم أقف عليه في كتب الأحاديث ، وقد ضعفه الحافظ ابن حجر في تخريجه لأحاديث الكشاف . (3) الموضوعات . أبو الفرج عبد الرحمن محمد بن عثمان بن علي بن الجوزي القرشي . ت 510 هـ . تحقيق : عبد الرحمن محمد عثمان . الطبعة الأولى . المكتبة السلفية . المدينة المنورة . 1966 م : 2/232-234 . .../... s,vm hgrww ]vhsm jpgdgm > | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
07 / 05 / 2010, 08 : 12 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد والذي يبدو أن لكل سورة في القرآن الكريم فضل خاص بها ، وإن كانت جميع سور القرآن الكريم لها فضيلة ، ولكن وردت أحاديث في فضائل سور وآيات مخصوصات كالإخلاص ، والكرسي ، ولم أقف على حديث صحيح في فضل سورة القصص . المطلب الخامس:سورة القصص أمكية هي أم مدنية ؟ سورة القصص مكية كلها في قول الحسن وعكرمة وعطاء ، وقال مقاتل : فيها من المدني قوله تعالى : { الذين ءاتينهم الكتب من قبله } إلى قوله تعالى : { لا نبتغي الجاهلين } ( (1) ) ، وذكر السيوطي أنها نزلت هي وأواخر الحديد في أصحاب النجاشي( (2) ) . __________ (1) سورة القصص : من الآيات 52 - 55 . ومقاتل ممن لا يحتج بقوله في التفسير ، فقد كذبوه وهجروه ورموه بالتجسيم . ينظر : تقريب التهذيب . أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي . ( 773 ـ 852 هـ ) . تحقيق : محمد عوامة . الطبعة الأولى . دار الرشيد . دمشق . سوريا . 1406 هـ ـ 1986 م : ص 454 . (2) ينظر الإتقان في علوم القرآن : 1 / 16 . وقال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وقتادة : مكية إلا آية نزلت بين مكة والمدينة( (1) ) ، وقال ابن سلام : نزلت بالجحفة( (2) ) في وقت هجرة النبي (- صلى الله عليه وسلم -) إلى المدينة ، وهي قوله عز وجل : { إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد } ( (3) ) . __________ (1) ينظر الكشاف : 3/ 164 . زاد المسير في علم التفسير . جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد التيمي البكري القرشي البغدادي الحنبلي . المعروف بابن الجوزي أبو الفرج . ت 597 هـ . المكتب الإسلامي للطباعة والنشر . بيروت . ط3 . 1404 هـ ـ 1990 م : 6/200. مفاتيح الغيب : 23/ 224 . الجامع لأحكام القرآن ( المعروف بتفسير القرطبي ) أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي . ت 671 هـ . الطبعة الثالثة . تحقيق : أحمد عبد العليم البردوني . مركز تحقيق التراث . الهيئة المصرية العامة للكتاب . 1978 م : 6/ 4962. البحر المحيط . أثير الدين محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الأندلسي أبو عبد الله . الشهير بابن حيان وبأبي حيان . ت 754 هـ . مطبعة السعادة . مصر . 1329 هـ : 7 /104 . (2) الجحفة : موضع بين مكة والمدينة . معجم البلدان شهاب الدين ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي البغدادي أبو عبد الله . ت 626 هـ . دار الفكر للطباعة والنشر . بيروت . ( د . ت ) : 3 /114 . (3) سورة القصص : الآية 85 . إن سياق النص في سورة القصص الشريفة يدل على مكيتها وكونها ذات صبغة مكية من خلال الضوابط التي وضعها العلماء للتميز بين المكي والمدني ، ولما اشتملت عليه من ذكر القصص بإسهاب ، ومن الدلائل على توحيد الله عزل وجل بأسلوب الجملة الطويلة ، وخلوها من الجملة القصيرة . وتكرار ذكر الله عز وجل ، واليوم الآخر فيها ، وذلك من ضوابط السور المكية . المطلب السادس:الأغراض العامة لسورة القصص ومقاصدها قبل التحدث عن غرض السورة ، ينبغي أن نبين الظروف التي نزلت فيها ، لأن معرفتنا لذلك تفتح لنا الباب الواسع أمام معرفة أغراض السورة وأهدافها التي من أجلها أنزلت. كما هو معلوم أن السورة مكية نزلت والمسلمون في مكة قلة مستضعفة ، وقد لاقى رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) وأصحابه (- رضي الله عنهم -) ألوانا من العذاب ، فقد مات تحت العذاب من مات ، وسلم من سلم ، في حين نجد تجمع المال والقوة العددية في يد المشركين ، والمسلمون لا يملكون سوى قلوبا عامرة بالإيمان ، يصارعون بها كل جبروت قريش( (1) ) ، فنرى تشابها واضحا بين الظروف التي أحاطت بالمسلمين ، مع الظروف التي مر بها سيدنا موسى (- عليه السلام -) مع قومه ، حيث تسلط جبروت فرعون والأقباط على سيدنا موسى (- عليه السلام -) ـ وبني اسرائيل يذبح أبنائهم ويستحيي نسائهم ، فجاءت هذه السورة بأغراض مهمة ، يمكن أن نعد منها : __________ (1) ينظر السيرة النبوية : عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري البصري أبو محمد ت 213 هـ تقديم وتعليق : طه عبد الرؤوف سعد . دار الجيل . بيروت . 1411 هـ : 2 /254. أولا : تسلية الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) وأصحابه الكرام وشد أزرهم ، ليعلموا أن النصر حليفهم مهما طالت ساعة إعلانه وكذلك لتبين لهم حقيقة مهمة وهي ان كل اصحاب الرسالات السماوية السابقة لم يكن طريق الدعوة الى الله أمامهم معبدا ممهدا ، بل جاهدوا وقاتلوا وقتلوا وعذبوا حتىأتى نصرالله ، قال تعالى : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب } ( (1) ). وربما يسأل سائل : لماذا هذا العذاب الذي يلقاه الأنبياء وأتباعهم ؟ والجواب عن ذلك أن الأنسان بطبيعته مكلف بالعبادة لله ، فهو مقرون بهذه التكلفة فلا عبودية بدون تكليف ، والتكليف يستلزم تحمل المشاق ففي كل الدعوات إلى الله هناك تكليف وهناك تحمل مشاق لحكم ثلاث ،هي : 1- لاثبات صفة العبودية لله { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } ( (2) ).? 2- لإثبات صفة التكليف المتفرعة من صفة العبودية فما من مؤمن يبلغ سن الرشد إلا وهو مكلف من الله عز وجل بتحقيق شرعه وعليه أن يتحمل في سبيل ذلك كثيرا من المشاق والأذى( (3) ) 3- لإظهار صدق الصادقين وكذب الكاذبين { ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكذبين } ( (4) ) . __________ (1) سورة البقرة : الآية 214 . (2) سورة الذاريات : الآية 56 . (3) ينظر فقه السيرة . محمد سعيد رمضان البوطي . ط7 . مكتبة الشرق الجديد . بغداد ( د . ت ) : ص85-86 . (4) سورة العنكبوت : الآية 3. ثانيا - نزلت هذه السورة لتضع الموازين الحقيقية للقوى والقيم ، ولتبين أن هناك قوة واحدة مؤثرة في الكون ألا وهي قوة الله وحده وأن هناك قيمة واحدة في الكون هي قيمة الإيمان . وجاءت السورة لتقرر حقيقة مهمة ثابتة على مر العصور أن النصر لا يأتي بالضرورة مع الكثرة والقوة وأن النصر يأتي بأمر الله وحده فهو الناصر الذي ينصر عباده ، فمن كانت معه قوة الله فلا خوف عليه ومن كانت قوة الله عليه فلا أمن له ولا طمأنينة ولو ساندته جميع قوى الكون( (1) ) . ومن كتب الله عليه العذاب لا تنفعه كل استحكامات العالم . ففرعون لما أخبره الكهنة بان قتله سيكون على يد طفل من بني إسرائيل( (2) ) ، أستخدم نفوذه وجبروته وسلطانه في قتل الأطفال من بني إسرائيل ووضع الأعين من نساء مصر لكي يخبرنه عن أي مولود لم يصل إليه خبره ولكن يقظته وحذره وسلطانه وعيونه لم تمكنه من إزالة الخطر عن نفسه ولم تدفع عنه خطر الطفل الصغير المجرد من كل قوة إلا من قوة الله عز وجل فهي القوة الحقيقية في الكون فكان هذا الطفل الذي تربى في حجر فرعون سببا في إنهاء جبروت فرعون وسلطانه . __________ (1) ينظر في ظلال القرآن . سيد قطب . الطبعة الثانية . دار إحياء التراث العربي . بيروت . 1971 م : 6 /317 . (2) تفسير القرآن العظيم . الإمام الحافظ عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي . ت 774 هـ . ط1 . دار مكتبة الهلال . بيروت . لبنان . 1986 م : 2 /225 .ثالثا - بعد أن بين الله جل وعلا نهاية طغيان الملك والقوة أمام قوة الله تنتقل الآيات لتبين حقيقة أخرى وغرض آخر وهو نهاية طغيان الكفر ، ثم نهاية طغيان المال وذلك من خلال قصة قارون مع قومه وكان قارون من قوم موسى قال تعالى : { إن قرون كان من قوم موسى فبغى عليهم } ( (1) ) فخرج على قومه بهيئة المتبختر وهو يحسب انه أوتي هذا المال والعلم عن ذكاء ودهاء فانقسم قومه على فريقين فريق فتن فيه وتمنوا مكانه : ... { قال الذين يريدون الحيوة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قرون } ( (2) ) . ... وفريق آخر هم عباد الله الصالحين لم يهتزوا بهذه المظاهر الزائفة { وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير } ( (3) ) . ... وهنا تتدخل قوة الله فتخسف به وبداره الارض فلا يغني عنه ماله وعلمه من الله شيئا. وقصة قارون مرتبطة كل الارتباط بنهاية فرعون وطغيانه ، فالقصتان تعبران عن استمرار الانذار الإلهي . رابعا - كذلك تعزز السورةغرضا آخرا ، وهو التاكيد على أن الدنيا زائفة فانية ، وأن الدار الباقية هي دار القرار ( الجنة ) جعلها الله للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا ، وأن العاقبة للمتقين . خامسا - في ختام السورة هناك وعد وبشارة للرسول(- صلى الله عليه وسلم -) وصحبه الكرام بنصر الله والرجوع الى مكة فاتحا منتصرا لنشر دعوة الاسلام الى أرجاء المعمورة وإمتلاك زمام الامور في الجزيرة العربية وانتقال مركز القوى من يد الشر الى الخير والى الابد قال تعالى : { إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد } ( (4) ) . __________ (1) سورة القصص : الآية 76 . (2) سورة القصص : الآية 79 . (3) سورة القصص : الآية 80 . (4) سورة القصص : الآية 85 . ... من كل ما سبق يمكن أن نستفيد دروسا وعبرا تفيدنا في تجاوز حالة الضعف والهوان التي يمر بها المسلمون اليوم . ... واليوم نرى تخاذل كثير حكام المسلمين اليوم أمام أعداء الاسلام اليهود والامريكان منبهرين بما تمتلكه أمريكا من قوه عسكرية وإقتصادية فأشاعوا وهولوا هذه القوة حتى أصبح بعض هؤلاء الحكام أبواق دعاية لهذه القوة الغاشمة . فلو كان النصر لا يأتي الأ مع القوة والمال لاستسلم سيدنا محمد (- صلى الله عليه وسلم -) وصحبه الكرام وهم قلة أمام قوة قريش المادية والعددية ولاستسلم موسى (- عليه السلام -) من قبل وبني أسرائيل أمام جبروت فرعون وقوة الاقباط فقد كانت بأيديهم خزائن مصر ، نعم إن المال والقوة من أسباب النصر ، ولكن الناصر هو الله ، فلو وعى المسلمون اليوم هذه الحقيقة جيدا لما وقفت أمام دعوتهم كل قوى الشر ، لأنهم أصحاب دعوة سامية ورسالة الهية إن هم تمسكوا بها وقد جاء ذلك واضحا في نهاية سورة القصص : { ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون } ( (1) ) . فقد حكم الله جل وعلا بأنه لا سلطان إلا سلطان الله وكل قوة هالكة الأ قوة الله . ولادلالة ( إليه ترجعون ) واضحة فيما نذهب إليه من رجوع النصر إلى هذه الأمة . المطلب السابع:التناسب والتناسق بين سورة القصص وما قبلها وما بعدها. لا ريب أن فهم العلاقة التناسبية والروابط المتناسقة بين كل سورة قرآنية وما قبلها وما بعدها مما يعين على فهم أدق لجوهر السورة نفسها إذا ما أخذنا بالرأي الراجح القائل إن الصحابة لم يضعوا سورة معينة في موضع إلا بإشارة من رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) . والرسول (- صلى الله عليه وسلم -) لم يضعها إلا بوحي إلهي . __________ (1) سورة القصص : الآية 88 .ولذا نجد أن هناك وشائج بين أواخر سورة النمل وأوائل سورة القصص بحديثهما معا عن تلاوة القرآن، { وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه } (1) ، و { تلك آيات الكتاب المبين*نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون } ( (2) ) ، وحديثهما عن منة الله تعالى { وقل الحمد لله } ( (3) ) ، { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين } ( (4) ) ، وأما قوله تعالى : { وما ربك بغافل عما تعملون } ( (5) ) ، فقد تناسب مع قوله تعالى : في سورة القصص { إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا } ( (6) ) . __________ (1) سورة النمل : الآية 92 . (2) سورة القصص : الآية 2-3 . (3) سورة النمل : الآية 93 . (4) سورة القصص : الآية5 . (5) سورة النمل : الآية 93 . (6) سورة القصص : الآية 4 . إذ تناسب الكلام عن عدم غفلة الله تعالى وحاشاه عن افعال العباد ، وعن علو فرعون في الأرض ثم تناسب أيضا قوله تعالى : { وما ربك بغافل عما تعملون } ( (1) ) مع أوائل السورة في ايراد الاحرف المقطعة التي لا يعلمها إلا الله تعالى { طسم } ( (2) ) ، وليس بينهما الا فاصل البسملة فكل هذا يرجح الرأي الذي نذهب اليه من ان القرآن الكريم قطعة واحدة ، في السبك والصياغة والبلاغة ، ولعل هذا أحد أوجه إعجاز القرآن الكريم التي طالما نبه عليها المفسرون والمتكلمون واللغويون ، فاذا ما جئنا الى اخر سورة القصص وأوائل سورة العنكبوت نجد تشابها جد عظيم ، وتناسقا كبيرا ، وتناسبا في المعنى والمبنى والمضمون والسبك والصياغة فكان أوائل سورة العنكبوت إمتداد لآواخر سورة القصص فنجد أن هنالك حديثا عن العودة الى الله تعالى كقوله تعالى : { إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد } ( (3) ) ، وقوله تعالى : { من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم } ( (4) ) ، وكلام عن الفتنة { ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك } ( (5) ) ، وذلك مرتبط بقوله تعالى : { ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } ( (6) ) . فالحديث هو هو لا زال متسقا مترابطأ متماسك الصيغة . __________ (1) سورة النمل : الآية 93 . (2) سورة القصص : الآية 1 . (3) سورة القصص : الآية 85 . (4) سورة العنكبوت : الآية 5 . (5) سورة القصص : الآية 87 . (6) سورة العنكبوت : الآية 3 . ونجد كلاما عن الايمان الالهي في قوله تعالى : { ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو } ( (1) ) ، وذلك مع قوله تعالى : { والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون } ( (2) ) . فإن وجه المناسبة بينهما في عدم دعوة إلها آخر مع جزاء الإيمان والعمل الصالح . ونجد كلاما مهما عن الدعوة الى الله تعالى { وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين } ( (3) ) يتناسب مع قوله تعالى في أوائل سورة العنكبوت { ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين } ( (4) ) ، وبذلك كله يستقيم لنا ترابط سورة القصص وتناسقها وتناسبها مع آواخر ما قبلها ( النمل ) ومع أوائل ما بعدها ( العنكبوت ) ، وذلك بعض أوجه الاعجاز القرآني ، لأنه مما يرد على أولئك القائلين باضطراب النص القرآني في انتقال الخطاب( (5) ) ، فسورة القصص في تناسبها أوجدت تناسبا ووحدة في الموضوع في أوائلها وأواخرها . المطلب الثامن:التناسب بين بداية السورة وخاتمتها __________ (1) سورة القصص : الآية 88 . (2) سورة العنكبوت : الآية 7 . (3) سورة القصص : الآية 87 . (4) سورة العنكبوت : الآية 6 . (5) القرآن والكتاب . الأب الحداد . الطبعة الثانية . ( د . ن . ) . بيروت ، لبنان . 1986 م : 135- 137. مذهب العرب في نظم الكلام أن يوازنوا كل الموازنة بين مطلعه ونهايته ، لأجل أن يستقيم الكلام ولا يخرج أوله عن آخره ، ولا آخره عن أوله ، وهذا المذهب البلاغي تنبه له قدماء البلاغيين كالجاحظ( (1) ) ، وأبي هلال العسكري( (2) ) ، وقدامة بن جعفر( (3) ) ، وابن المعتز( (4) ) ، وابن الأثير( (5) ) . وقد جاء القرآن الكريم على سنن العرب في كلامها في فنونه البديعة ، وأفانينه البلاغية البيانية ، وكان من ذلك أن يستقيم المعنى في أول السورة وآخرها بحيث يأخذ أولها برقبة آخرها لأجل أن يظهر الإعجاز القرآني( (6) ) . __________ (1) ينظر البيان والتبيين . أبي عثمان عمرو بن بحر . ت 255 هـ . تحقيق : المحامي فوزي عطوي . دار صعب . بيروت . ط1 . 1968م : 1 /20. (2) ينظر كتاب الصناعتين : النظم والشعر ، العسكري ، أبو هلال الحسن ابن عبد الله بن سهل ت 395 هـ ، تحقيق : محمد علي البجاوي ورفيقه ، الطبعة الأولى ، مطبعة الأستانة ، 1952م : ص 149 . (3) ينظر نقد الشعر . أسامة بن منقذ . تحقيق : محمد زغلول سلام . الطبعة الثانية . بيروت ، لبنان . مصورة عن طبعة مصر . 1975 م : ص 29 . (4) ينظر نقد الشعر : ص 38 . (5) ينظر المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر . ضياء الدين نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الموصلي أبو الفتح . ت 637 هـ . تحقيق : محمد محيي الدين عبد الحميد . المكتبة العصرية . بيروت . ط1 . 1995 م : 2 /104 . (6) ينظر الإعجاز القرآن . محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم الباقلاني أبو بكر . ت 403 هـ . تحقيق : السيد أحمد صقر . دار المعارف . القاهرة . ( د . ت ) : ص 196. وقد فصل بعض ذلك البقاعي في كتابه ( نظم الدرر في تناسب الآيات والسور ) ( (1) ) ، و السيوطي في كتابه ( تناسق الدرر في تناسب السور ) ( (2) ) . ونجد في سورة القصص ـ التي نقوم هنا بتحليلها ـ أنها جاءت على هذه السنة في الأسلوب العرضي لمادتها الداخلية ، ويتضح ذلك أكثر ما يتضح باستعراض مبادئ هذه العلاقة المترابطة بين فاتحة السورة وخاتمتها ، وتشمل هذه المبادئ المتشابهة : ذكر الآيات الإلهية مثل قوله تعالى : { تلك آيت الكتب المبين } ( (3) ) ، وقوله : { ولا يصدنك عن ءايت الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين } ( (4) ) . المقابلة بين الإيمان والكفر ، كما في قوله : { نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون } ( (5) ) ، وقوله : { وما كنت ترجوا أن يلقى إليك الكتب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين } ( (6) ) . __________ (1) ينظر مثلا : نظم الدرر في تناسب الآيات والسور . الإمام برهان الدين أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي . ت 885 هـ . خرج الآيات وأحدثه ووضع حواشيه : عبد الرزاق غالب المهدي . الطبعة الأولى دار الكتب العلمية . بيروت . لبنان . 1995 م : 1/ 126. (2) ينظر مثلا : تناسق الدرر في تناسب السور . جلال الدين السيوطي . ت 911 هـ . ط2 . تحقيق : عبد الله محمد الدرويش . دار عالم الكتب . بيروت . لبنان . 1408 هـ – 1987 م : 1 /216 . (3) سورة القصص : الآية 2 . (4) سورة القصص : الآية 87 . (5) سورة القصص : الآية 3 . (6) سورة القصص : الآية 86 . ذكر عاقبة العلو ، كما في قوله : { إن فرعون علا في الارض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين } (1) ، وقوله : { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين } ( (2) ) بيان الوراثة الإيمانية ، كما في قوله تعالى : { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين } ( (3) ) ، وقوله : { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين } ( (4) ) . كون كل طغيان يعقبه هلاك كل شيء يطغى به ، كما في قوله : { إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين } ( (5) ) ، وقوله : { ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون } ( (6) ) . __________ (1) سورة القصص : الآية 4 . (2) سورة القصص : الآية 83 . (3) سورة القصص : الآية 5 . (4) سورة القصص : الآية 83 . (5) سورة القصص : الآية 4 . (6) سورة القصص : الآية 88 . المقابلة بين عودة موسى ( - عليه السلام - ) إلى أمه ، وعودة رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - ) إلى مكة كما في قوله تعالى : { وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين } ( (1) ) وقوله : { إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين } ( (2) ) . فموسى ( - عليه السلام - ) عاد إلى أمه ، ورسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) عاد إلى أم القرى ، وهو معنى استنبطناه من السياق . فهذه المبادئ المتشابهة في حد ذاتها بين فواتح السورة وخواتيمها تدل على ما ذهبنا إليه ، فسنرى مثلا أن العلاقة بين قوله تعالى: { تلك آيت الكتب المبين } (3) في إشارتها إلى القرآن الكريم ، وما أنزل على الرسل من قبل ـ عليهم السلام ـ تماثل العلاقة مع قوله تعالى : { ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك } ( (4) ) ، كونها إشارة إلى آيات الله تعالى التي أنزلت على رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - ) . ثم أن هنا علاقة وثيقة بين قوله تعالى : { إنه كان من المفسدين } ( (5) ) وبين قوله تعالى : { ولا تكونن من المشركين } ( (6) ) لأن المفسدين مقابل لفظي للمشركين ، والعلاقة بينهما علاقة تضاد الإفساد بالشرك ، وهي علاقة مترابطة ترابط الإفساد والشرك . __________ (1) سورة القصص : الآية 7 . (2) سورة القصص : الآية 85 . (3) سورة القصص : الآية 2 . (4) سورة القصص : الآية 87 . (5) سورة القصص : الآية 4 . (6) سورة القصص : الآية 87 . ونجد أن قوله تعالى : { نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق } ( (1) ) موافق تمام الموافقة لقوله تعالى: { وما كنت ترجوا أن يلقى إليك الكتب إلا رحمة } ( (2) ) ، لأن التلاوة الإلهية متعلقة بما ألقي على رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - ) من الكتاب المتلو رحمة . ونجد أن قوله تعالى : { بالحق لقوم يؤمنون } ( (3) ) موافق في دلالته المتناسقة مضمونيا مع قوله تعالى : { له الحكم وإليه ترجعون } ( (4) ) ، لأن من صفات المؤمنين أنهم يؤمنون برجوعهم لله سبحانه وتعالى ، وهذا اتساق في المعنى . نجد كذلك أن الآية : { ونجعلهم الوارثين } ( (5) ) مطابقة في تناسبها المضموني مع الآية : { إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد } ( (6) ) في كون الآيتين تتحدثان عن الوراثة الإلهية والعودة النبوية ، فكما ورث بنو إسرائيل ما تركه آل فرعون ، ورث المؤمنون من أصحاب محمد ( - صلى الله عليه وسلم - ) أرضا لم تورث إلا لهم ، وهذا من الاتفاقات الإلهية التي انفردت سورة القصص بإظهارها في أبان العصر المكي . __________ (1) سورة القصص : الآية 3 . (2) سورة القصص : الآية 86 . (3) سورة القصص : الآية 2 . (4) سورة القصص : الآية 88 . (5) سورة القصص : الآية 5 . (6) سورة القصص : الآية 85 . ونحن نجد أن قوله تعالى في فاتحة سورة القصص : { ونجعلهم أئمة } ( (1) ) متعلقة في كون الإمامة هاهنا إمامة دعوية ، أي : أئمة يدعون إلى الله سبحانه وتعالى ، وهو ما عبرت عنه الآية القرآنية في خاتمتها { وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين } ( (2) ) ، لأن الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى هم أئمة الهدى الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، فصفات الدعاة إلى الله تعالى بينت في سورة القصص ، في أولها وفي آخرها . ونجد أن صفات المؤمنين في أولها كانت : الإيمان { لقوم يؤمنون } ( (3) ) . الوراثة { ونجعلهم الوارثين } ( (4) ) . التمكين في الأرض { ونمكن لهم في الأرض } ( (5) ) . ثم نجد في خاتمة السورة أن صفات المؤمنين هي : الإيمان { ولا تكونن من المشركين } ( (6) ) الوراثة { لرادك إلى معاد } ( (7) ) . التمكين في الأرض { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين } ( (8) ) . __________ (1) سورة القصص : الآية5 . (2) سورة القصص : الآية 87 . (3) سورة القصص : الآية 2 . (4) سورة القصص : الآية 5 . (5) سورة القصص : الآية 6 . (6) سورة القصص : الآية 87 . (7) سورة القصص : الآية 85 . (8) سورة القصص : الآية 83 . وبهذا يتضح هذا التناسق بين أول السورة وآخرها ، ثم أننا نجد أمرا أخرا هو إظهار عاقبة الطغاة والمتكبرين والمفسدين في الأرض ، لقوله تعالى : { ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون } ( (1) ) ، ويقابله في آخر السورة قوله تعالى : { فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله } ( (2) ) ، لأن { وجنودهما } متقابلة كل التقابل مع { فئة ينصرونه من دون الله } أي : الجنود الذين كانوا يحرسون قارون ، وهذا اتساق بياني في المعنى المتوافق . وبهذا يكون أول السورة مترابطا كل الترابط مع آخرها ، ومتناسبا معه بما يجعل من داخل السورة وحدة متكاملة في مبناها ومعناها ، وهو بعض أوجه الإعجاز القرآني . المطلب الأول أقوال العلماء في معاني الحروف المقطعة معاني الحروف المقطعة في القرآن وإعرابها : إن الحروف المقطعة على اختلاف الأقوال فيها ، من الافتتاحيات الرائعة التي يصدر بها الكلام . وقد " قال أهل البيان من البلاغة حسن الابتداء ، وهو أن يتأنق في أول الكلام لأنه أول ما يقرع السمع ، فإن كان محررا أقبل السامع ووعاه وإلا أعرض عنه ، ولو كان الباقي في نهاية الحسن ، فينبغي أن يؤتى فيه بأعذب لفظ وأجزله ، وأرقه وأسلسه ، وأحسنه نظما وسبكا ، وأوضحه معنى وأوضحه ، وأخلاه من التعقيد والتقديم والتأخير الملبس ، أو الذي لا يناسب. وقد أتت جميع فواتح السور على أحسن الوجوه وأبلغها وأكملها كالتحميدات وحروف الهجاء والنداء وغير ذلك من الابتداء الحسن "( (3) ) وما يعنينا هنا هو الحروف المقطعة ، وحسن ابتداء الكلام بها . __________ (1) سورة القصص : الآية 6 . (2) سورة القصص : الآية 81 . (3) الإتقان في علوم القرآن : 2/106 إن في القران الكريم تسعا وعشرين سورة تبدأ بحروف الهجاء المقطعة منها ما يبدأ بحرف واحد وهي ثلاث سور هي ( ص0ق0ن ) ومنها عشر سور مفتتحه بحرفين وهي سورة ( غافر . فصلت . الشورى . الزخرف . الدخان . الجاثية . الأحقاف . طه . النمل . يس ) ، ومنها ما يبدأ بثلاثة أحرف ، وهي : ( البقرة . آل عمران . العنكبوت . الروم . لقمان . السجدة . يونس . يوسف . إبراهيم الحجر . الشعراء . القصص ) . ومن السور ما يفتتح بأربعة أحرف هما ( الأعراف ، والرعد ) ومنها ما يفتح بخمس أحرف ( كهيعص ) سورة مريم ، و ( حم عسق ) الدخان . أقوال العلماء في معاني الأحرف المقطعة : قبل الخوض في أقوال العلماء لابد من الإشارة إلا انه لم ينقل عن رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) بيان لمعانيها وبناء على ذلك اختلفت أقوال العلماء في بيان معانيها إلى ما يأتي: القول الأول : وهي سر الله في القرآن وهي من المتشابه( (1) ) ، الذي انفرد الله بعلمه ولا يجوز أن يتكلم فيه ، ولكن نؤمن بها ونقرأها كما جاءت روي ذلك عن أبى بكر الصديق ، وعمر ، وعثمان ، وعلي بن أبى طالب ، وابن مسعود ( - رضي الله عنهم - ) أنهم قالوا : الحروف المقطعة من المكتوم الذي لا يفسر( (2) ) ، ومما يؤيد هذا القول الادلة النقلية والعقلية الاتية : 1- الادلة النقلية : ما روته السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قرأ رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) هذه الآية : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب } ( (3) ). __________ (1) المتشابه : هوا للفظ الذي خفي المراد منه فلا تدل صيغته على المراد منه ولا سبيل إلى إدراكه إذ لا توجد قرينة تزيل هذا الخفاء واستأثر الشارع لعلمه ( مثل الحروف المقطعة في أوائل السور ) . ينظر أنوار الربيع في أنوار البديع . علي صدر الدين بن معصوم المدني . تحقيق : شاكر هادي شكر . النجف الأشرف . 1388 هـ ـ 1968 م : 217. (2) ينظر بحر العلوم . المسمى ( تفسير السمرقندي ) . أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي . ت 375 هـ . تحقيق : علي محمد معوض . وآخرون . ط1 . دار الكتب العلمية . بيروت . لبنان . 1413 هـ . 1993 م : 1/249-250 . والجامع لأحكام القرآن : 1/134 . (3) سورة آل عمران : الآية 7 . ... قالت : فقال رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) : (( فأذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم )) ( (1) ) . ... إذن والله أعلم ، إن هذه الاحرف من المتشابه الذي لا يعرفه الا الله جل وعلا لقوله تعالى : { وما يعلم تأويله إلا الله } ( (2) ). 2-الادلة العقلية : ذكر القرطبي عن الصحابي الجليل الربيع بن خيثم ( - رضي الله عنه - ) : إن الله تعالى أنزل هذا القرآن فاستأثر منه بعلم ما يشاء ، وأطلعكم على علم ما يشاء ، فأما ما استأثر به لنفسه فلستم بنائليه ، فلا تسألوا عنه ، وأما ما أطلعكم عليه ، فهو الذي تسألون عنه وتخبرون به وما بكل القرآن تعلمون ولا بكل ما تعلمون تعملون "( (3) ) ، فإن الله جل وعلا قد ستر معاني هذه الأحرف عن خلقه اختبارا من الله عز وجل وامتحانا ، فمن آمن بها أثيب وسعد ، ومن كفر وشك أثم ، وشأنها شأن كثير من الأفعال التي كلفنا بها ولا نعرف وجه الحكمة فيها ، كرمي الجمرات ، والسعي بين الصفا والمروة . ... ثم إن ورود هذه الحروف في أوائل السور ، منها إفهام للبشر أنهم مهما بلغوا من العلم ، فإنهم لن يطلعوا على كثير من الأسرار ، ومنها معاني هذه الحروف ، بهذه الصورة ستكون دافعا إلى إعمال الفكر والنظر والاجتهاد في الوصول إلى حقيقتها ، وفي هذا شحن همة العقل إلى التأمل والحركة ، حتى لا يبقى جامدا أمام حقائق جاهزة( (4) ) . وهذا رأي أهل السنة والجماعة . __________ (1) صحيح البخاري : كتاب : التفسير ، باب : منه آيات محكمات 4 /1655 . (2) سورة آل عمران : الآية 7 . (3) الجامع لأحكام القرآن : 1 /134 . (4) ينظر تطور تفسير القرآن . نظرة جديدة . د . محسن عبد الحميد . جامعة بغداد . 1989م : ص 55 . 32 .../... | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
07 / 05 / 2010, 10 : 12 PM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد القول الثاني : قال جمع كبير من العلماء : يجب أن نتكلم فيها ونلتمس الفوائد التي تحتها والمعاني التي تتخرج عليها . واختلفوا في ذلك على أقوال عديدة ، منها القريب ومنها الغريب . أولا : فقد روي عن ابن عباس ورواية عن علي ـ رضي الله عنهما ـ أن الحروف المقطعة في القرآن هي اسم الله الأعظم ، إلا إننا لا نعرف تأليفه منها( (1) ) . ثانيا : وقد نقل السيوطي عن ابن عباس (- رضي الله عنه -) أنها حروف مقطعة كل حرف منها مأخوذ من إسم من أسمائه تعالى ، ففي قوله في ( آلم ) قال : معناها ( أنا الله أعلم ) ، وفي قوله : ( ألمص ) : ( أنا الله أفصل ) ، وفي قوله : ( ألر ) قال معناها : ( أنا الله أرى ) ، ( ألمص ) : الألف من الله والميم من الرحمن والصاد من الصمد . و( ق ) : حرف من اسمه قادر ، ( ن ) : إنه مفتاح اسمه نور وناصر( (2) ) . ثالثا : عن ابن عباس (- رضي الله عنه -) أنها قسم أقسم الله تعالى بها لشرفها وفضلها وهي من أسمائه . ... وقد رد بعض العلماء هذا القول ، فقالوا : لا يصح أنها قسم لأن القسم معقود على حرف مثل ( إن ، وقد ، ولقد ، وما ) ولم يوجد هاهنا حرف من هذه الحروف فلا يجوز أن يكون قسما( (3) ) ، وقد أجيب بان موضوع القسم في سورة البقرة ( لا ريب فيه ) فلو أن إنسانا حلف فقال : والله هذا الكتاب لا ريب فيه لكان الكلام سديدا وتكون ( لا ) جواب القسم( (4) ) . ... وذكر الزمخشري أن حرف القسم مضمر كأنه أقسم بهذه السورة وبالكتاب المبين إنا جعلناه( (5) ) . رابعا- وقيل إنها أسماء للقرآن . خامسا- قيل إنها أسماء للسور . __________ (1) الجامع لأحكام القرآن : 1 /134 . (2) الإتقان في علوم القرآن : 2 /9 . (3) بحر العلوم : 1 /246 . الجامع لأحكام القرآن : 1 /134 . (4) ينظر الجامع لأحكام القرآن : 1 /135 . (5) ينظر الكشاف : 1/ 92 . سادسا- قال قطرب ، والفراء : هي إشارة إلى حروف الهجاء أعلم الله بها العرب حين تحداهم بالقرآن أنه مؤتلف من حروف هي التي منها كلامهم ليكون عجزهم عنه أبلغ في الحجة عليهم إذ لم يخرج عن كلامهم . ... وقيل : إن العرب المشركين كانوا إذا سمعوا القرآن لغوا فيه قال تعالى : { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون } ( (1) ) ، فانزل الله هذا القرآن ليعجبوا منه ويكون تعجبهم منه سببا لأستماعهم له فترق قلوبهم وتلين الافئدة( (2) ). ... وقد اعترض ابن كثير على أن هذه الحروف جاءت خطابا للمشركين بقوله : " إن هذه السورة والتي تليها أعني البقرة وال عمرآن مدنيتان وليستا خطابا للمشركين) ( (3) ) . وقد استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها : أولا- المنقول ، قوله تعالى : { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } ( (4) ) . وجه الدلالة ان الله جل وعلا حثنا على تدبر القرآن ومعرفة معانيه ومن تدبر القرآن البحث عن معرفة معاني الحروف المقطعة . ثانيا- قال تعالى : { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر } ( (5) ) . ووجه الدلالة ان الله تعالى قد أنزل القرآن الكريم ويسره للناس ليذكروا آياته ، فيمكن معرفة جميع المراد منه لان الله يسره للناس ومنها هذه الحروف المقطعة . __________ (1) سورة فصلت : الآية 26 . (2) الإتقان في علوم القرآن : 2/ 10. (3) تفسير القرآن العظيم : 1 /37 . (4) البرهان في علوم القرآن . الإمام بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي . ت 794 هـ . تحقيق : محمد أبي الفضل إبراهيم . دار المعرفة . بيروت . 1391 هـ . 1972 م : 1/172 . (5) سورة محمد ( - صلى الله عليه وسلم - ) : الآية 24 . ... وقول أهل ... المعقول ان القرآن الكريم أنزله الله جل وعلا كتاب هداية وبيان للبشر فلا يمكن أن يكون فيه ما هو غير مفهوم لهم( (1) ) . ومن التفسيرات الغريبة : 1-ما قاله الشيخ محي الدين بن عربي " إن مبادىء السور لا يعلم حقيقتها الا أهل الصورة المعقولة ، فجعلها تبارك وتعالى تسع وعشرون سورة وهو كمال الصورة { والقمر قدرناه منازل } ( (2) ) ، والعشرون القطب الذي به قوام الفلك وهو علة وجوده ، وهو سر ( آل عمران ) ( آلم ) ، ولولا ذلك لما ثبتت الثمانية والعشرون ، وجملتها على تكرار الحروف ثمانية وسبعون حرفا فالثمانية حقيقة البضع ، قال (- صلى الله عليه وسلم -) : (( الايمان بضع وسبعون شعبة )) ( (3) ) ، وهذه الحروف ثمانية وسبعون فلا يكمل عبد اسرار الايمان حتى يعلم حقائق هذه الحروف في سورها "( (4) ) . __________ (1) سورة القمر : الآية 17 . (2) سورة ( يس ) : الآية 39 . (3) متفق عليه ، صحيح البخاري : كتاب الإيمان ، باب أمور الإيمان 1 /12 . صحيح مسلم ، مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري أبو الحسين ، ( 206 ـ 261 ) ، تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ( د . ت ) : كتاب الإيمان ، باب عدد شعب الإيمان 1/ 63 . (4) الفتوحات المكية . أبو عبد الله محمد بن علي المعروف بابن عربي الحاتمي الطائي . ت 628 هـ . دار صادر . بيروت . لبنان . ( د . ت . ) : 4/ 64-66 . 2- " زعم قسم من العلماء أنها دالة على معرفة المدد ، وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم "( (1) ) ، " كما استخرج بعض الأئمة من قوله تعالى : { آلم * غلبت الروم } ( (2) ) أن البيت المقدس يفتحه المسلمون في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة ، ووقع كما قال . وقال السهيلي : لعل عدد الحروف التي في أوائل السور مع حذف المكرر للأشارة الى مدة بقاء هذه الامة ، وهو من أراء الحروفيين واهل ال******** منقولا عن الإسرائيليات "( (3) ) . ... وقد رد ابن كثير هذا الرأي ، ومن قال به لانه ادعى ما ليس له وطار في غير مطاره ، وإن مقتضى هذا المسلك ان كان صحيحا أن يحسب ما لكل حرف من الحروف الأربعة عشر التي ذكرناها وذلك يبلغ منه جملة كثيرة وإن حسبت مع التكرار فأعظم( (4) ). الرأي الراجح : ... والراي الراجح والله أعلم ، الرأي الاول ، وذلك لأنه لا يمكن القطع بمعانيها لعدم ورود نص يبين معنى هذه الحروف المقطعة لا في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية ، وإنها من قبيل المتشابه قال تعالى : { هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا } ( (5) ). __________ (1) تفسير القرآن العظيم : 1 /38 . (2) سورة الروم : الآيتان 1- 2. (3) الإتقان في علوم القرآن : 1 /10 . (4) تفسير القرآن العظيم : 1 /38 . (5) سورة آل عمران : الآية 7 . ثم إن العلم بمعانيها لا يفيدنا بشيء ولا يتوقف على العلم بها إقامة العبادة لله وإنها إختبار وامتحان للخلف فالاولى السكوت عن معانيها كما هو صنيع السلف الصالح في التفويض . المطلب الثاني إعراب الحروف المقطعة اختلفت آراء العلماء في إعرابها على رأيين . الرأي الاول : ليس لها محل من الاعراب وهي بمنزلة حروف التهجي فهي محكية ، اي : حروف مقطعة لا محل لها من الاعراب( (1) ) . الرأي الثاني : لها محل من الاعراب( (2) ) : فمن قال إنها اسماء للسور فموضوعها عنده الرفع على انها عنده خبر ابتداء مضمر ، اي : هذه ( الم ) أو ( طسم ) كما تقول هذه سورة البقرة ، او تكون رفعا على الابتداء والخبر ذلك ، كما تقول زيد ذلك الرجل ، وقال ابن كيسان في موضع نصب كما تقول : إقرأ ( طسم ) ، أو عليك ( طسم ) ، وقيل : في موضع خفض بالقسم لقول ابن عباس : إنها أقسام أقسم الله بها( (3) ) . أما الزمخشري فقد قسم هذه الحروف على ضربين : أحدهما : ما لا يتأتى فيه إعراب نحو ( كهيعص ، المر ) . ثانيهما : ما يتأتى فيه الاعراب ، وهو إما أن يكون اسما فردا ( ص ، ق ن ) ، أو أسماء عدة مجموعها على زنة مفرد كـ( حم ، طس ، يس ) ، فانها موازية لقابيل وهابيل ، وكذلك ( طسم ) يتأتى فيها أن تفتح نونها وتصير ميما مضمومة إلى ( طس ) فيجعلا اسما واحدا كدار بجرد فالنوع الاول محكي يس الا واماالنوع الثاني فسائغ فيه الامر ان الاعراب والحكاية( (4) ) . __________ (1) ينظر إعراب القرآن . أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النحاس . ت 338 هـ . تحقيق : د . زهير غازي زاهد . عالم الكتب . مكتبة النهضة العربية . ( د . ت . ) : 1/127 (2) الكشاف : 1/83. الجامع لأحكام القرآن : 1/136. (3) الكشاف : 1/83. الجامع لأحكام القرآن : 1/136. (4) الكشاف : 1 /83. والراجح هو الرأي الأول ، القائل أنها لا محل لها من الإعراب ، وأرى أن الخلاف في إعرابها ، وعدم إعاربها لا يفيد العلم بشيء ، وليس له أي ثمرة . التمهيد( (1) ) إن بعض أصحاب المدرسة البيانية الحديثة تبنوا فكرة الطعن بالقرآن من خلال القصص القرآنية بحجة أن في القرآن قصصا مكررة وأن فيه أساطير( (2) ) ، إلى غير ذلك من الترهات ، تنزه كتاب الله عن كل ذلك . وسمي من يؤمن بهذه الفكرة بأصحاب المدرسة الأمينية نسبة إلى الشيخ ( أمين الخولي ) الذي تبنى هذه الفكرة ثم أشرف بنفسه على رسالة دكتوراه تحت عنوان ( الفن القصصي في القرآن ) لمحمد أحمد خلف الله قدمت إلى جامعة الأزهر ، وقد ردت هذه الرسالة ، وأثارت هذه الأفكار الشاذة زوبعة فكرية تأثر بها شرذمة قليلة من ضعاف العقول ممن انبهر بالفكر الغربي ، وقد اعترف صاحب هذه الرسالة بوضوح وبكل صراحة بتأثره بالآراء العلمانية . فيقول : " كنت قد أحسست بحاجتي الملحة إلى الإطلاع على ما يفعله علماء الغرب حيث يدرسون الأدب وتاريخه ، فاستجبت لهذا الإحساس ، وقرأت بعض الكتب التي تعالج هذه المسائل "( (3) ) . فالذي يقرأ هذه الرسالة لا يشك لحظة واحدة أن وراء كتابة هذه الرسالة يدا خبيثة تريد العبث والتشكيك بكتاب الله وعقائد المسلمين ، وقد قام علماء أجلاء بالرد على هذه الرسالة منهم العلامة محمد الخضر الحسين شيخ الأزهر الأسبق في كتابه نقد كتاب الفن القصصي في القرآن. والأستاذ عبد الكريم الخطيب في كتابه قصص القرآن وأجاد في الرد . __________ (1) أوردنا هذا المبحث لأن نفي الواقعة التاريخية في القصص القرآني يشمل كل سورة القصص أيضا . (2) ينظر الفن القصصي في القرآن الكريم . محمد أحمد خلف الله . الطبعة السادسة . دار امريث للنشر . القاهرة . 1936 م : 17 –27 . (3) المصدر نفسه : ص 11 . " وقد أجمع علماء الإسلام في هذا العصر على رفض هذا الرأي وعده مخالفا لضوابط تفسير القرآن ، بل عدوه تكذيبا للقرآن نفسه "( (1) ) ، فقد قال جل وعلا : { إن هذا لهو القصص الحق } ( (2) ) . وقوله تعالى : { نحن نقص عليك نبأهم بالحق } ( (3) ) ، وقوله تعالى : { نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق } ( (4) ) ، وقوله تعالى : { فلا تك في مرية منه إنه الحق } ( (5) ) . ونحن نعلم مما تقدم إن هذه المحاولات الإلحادية للقضاء على حقيقة النص القرآني ورميه بالزيف التاريخي وحاشاه فقد بدأها طه حسين( (6) ) نقلا عن نولدكه ( المستشرق اليهودي الألماني الشهير ) ( (7) ) ، وليس الهدف منه سوى الإساءة للنص القرآني في مبناه ومعناه على ما نراه في المطلب القادم . المطلب الأول أدلة القائلين بوجود الأساطير والتكرار في القرآن الكريم والرد عليهم لقد اعتمد القائلون بوجود الأسطورة ( بمعناها الخرافي ، أي الذي لا وجود له إلا في القصص ) على الأدلة الآتية التي تدعم زعمهم بوجودها في القرآن الكريم نفسه : __________ (1) تطور تفسير القرآن : ص85 . (2) سورة آل عمران : الآية 62 . (3) سورة الكهف : الآية 13 . (4) سورة القصص : الآية 3 . (5) سورة هود : الآية 17 . (6) في الشعر الجاهلي . طه حسين . ط1 . دار المعارف بمصر . 1924 م : ص31 (7) المستشرقون . نجيب العفيفي . ط4 . دار المعارف بمصر 1985 ـ 1987 م : 11/213 ، وكتابه اسمه ( تاريخ القرآن ) وهو أول من تبنى هذه النظرية . 1-إن الأساطير في اللغة : " الأباطيل ، والأساطير أحاديث لا نظام لها . قال الليث : يقال سطر فلان علينا يسطر ، إذا جاء بأحاديث تشبه الباطل "( (1) ) ، وذكر محمد خلف الله في رسالته : " إن القران الكريم لا ينكر أن فيه أساطير وإنما ينكر أن تكون الأساطير هي الدليل على أنه من عند محمد ( - صلى الله عليه وسلم -)( (2) ) ، وقد استدل على رأيه ذلك ببعض الآيات القرآنية التي جاءت لتنقل أقوال المشركين عن القرآن الكريم بأنه أساطير الأولين ، مثل : أ ـ قوله تعالى : { يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين } ( (3) ). ب ـ قوله تعالى : { وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين } ( (4) ). ج ـ قال تعالى : { وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين } ( (5) ). فيقول ما يفهم من النظر في هذه الآيات أن المشركين كانوا يعتقدون بما يقولون اعتقادا صادقا وأن الشبه عندهم كانت قوية جازمة( (6) ) . ... ثم يذكر بان " ما يفهم من النظر في هذه الآيات التي كل ما تحدث به القرآن عن الأساطير أن القرآن لم يحرص على أن ينفي عن نفسه وجود الأساطير "( (7) ) ، ثم يذكر " أن القرآن اكتفى بتهديد القوم في سورة الأنعام والمطففين ، فهل هذا الرد ينفي ورود الأساطير في القرآن "( (8) ) . __________ (1) لسان العرب : مادة ( سطر ) 4/ 363. (2) الفن القصصي في القرآن : ص209 . (3) سورة الأنعام : الآية 25 . (4) سورة الأنفال : الآية 31 . (5) سورة النحل : الآية 24 . (6) الفن القصصي : ص202 . (7) المصدر نفسه : ص 203. (8) المصدر نفسه : ص 203. 2- إن حقائق النص القرآني لا تدل على حقيقة تاريخية( (1) ). وهذه الآراء في حقيقة ورودها هي آراء نولدكه ، وطه حسين التي تقدمت الإشارة إليها . مناقشة الأدلة ونحن نخالف ذلك وفق المنهجية العلمية لعدة أسباب : أولا ـ إن آية الأنعام ـ { ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين } ( (2) ) تتحدث عن الوعيد لمن كذب بآيات الله ، ثم تتحدث عن وحدانية الله تعالى ، فهم حين قالوا : أساطير الأولين لا يقصدون القصص القرآني فقط ، بل كل ما جاء به النبي (- صلى الله عليه وسلم -) والقرآن الكريم من تشريع وعقيدة ، فاستكبروا وعتوا عتوا كبيرا( (3) ) . ثانيا ـ إن آية النحل { وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين } ( (4) ) التي تتحدث عن قدرة الله وعلمه وحكمته . إن الآيتان تتحدثان بصيغة المقول لا بصيغة القول . وليس في هذه الآيات شئ من القصص ، فقولهم : أساطير الأولين يقصدون قرآن الله . ... ونلاحظ أن استدلاله بالآيات يتم من خلال استدلاله بالجمل التي تدل على ما ذهب إليه باجتزائها من موقعها . ... ثم إن قوله : " إن القرآن لم ينف وجود الأساطير فيه " ، فهذا كذب صريح ، ومن الآيات التي ترد على الكافرين القائلين بأنه أساطير الأولين : __________ (1) تاريخ القرآن . ثيودور نولدكه . ترجمة : عبد الرحمن حسن عبد الرحمن . الطبعة الأولى . مطبعة حسان . بيروت ، لبنان 1992 م : 317-319 . (2) سورة الأنعام : الآية 25 . (3) ينظر القصص القرآني في منظومه : ص 308 . (4) سورة النحل : الآية 24 . قال تعالى : { وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون } ( (1) ) ، فكان رد القرآن الكريم { فقد جاءوا ظلما وزورا } ( (2) ). قال تعالى : { وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا } ( (3) ). فكان رد القرآن الكريم { قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض } ( (4) ) . ... ثم إن القول : إن في القرآن الكريم أساطير هو تكذيب لله جل وعلا لأن الأسطورة هي عبارة عن قصص خيالية وأوهام استقرت في أذهان الشعوب . وحاشا أن يكون في كتاب الله مثل ذلك ، والذي يعتقد بأن في القرآن أساطير وقصص خرافية لا فرق بينه وبين كفار قريش في رميهم القرآن بأنه ( أساطير الأولين ) وهو حديث النضر بن الحارث ، وأبي جهل( (5) ) . ونحن نعجب لهذه الآراء التي تبناها المستشرقون وتلامذتهم الذين يكيدون للإسلام ، ولكننا نقول لهم : { إنهم يكيدون كيدا * وأكيد كيدا } ( (6) ) . فكيف يكون فيه أساطير ، والله جل وعلا يحكم بأنه لا ريب فيه قال تعالى : { ذلك الكتاب لا ريب فيه } ( (7) ). وكيف يكون فيه أساطير ، والله جل وعلا يحكم بأنه نزل الكتاب بالحق قوله تعالى : { ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق } ( (8) ). __________ (1) سورة الفرقان : الآية 4 . (2) سورة الفرقان : الآية 4. (3) سورة الفرقان : الآيتان 5 – 6 . (4) سورة الفرقان : الآية 6 . (5) ينظر سيرة ابن هشام : 2 /41. (6) سورة الطارق : الآيتان 15 –16 . (7) سورة البقرة : الآية 2 . (8) سورة البقرة : الآية 176 . فالذي يقول بأن في القرآن أساطير كافر بالقرآن ، وقد توعده الله بقوله : { إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام } ( (1) ) . قال تعالى : { ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين } ( (2) ). وهاهنا أمر آخر جد مهم ، وهو أن الزعم بوجود الأسطورة في القرآن الكريم يؤدي بالقائلين به على اختلاف مشاربهم إلى مناقضة نتائج العلم الحديث من خلال علم ( الاحفوريات الحديثة ) ، التي جاءت لتؤكد ما جاء به القرآن الكريم( (3) ) من أخبار الأمم السابقة وأنبيائها ـ عليهما السلام ـ ، وفي ذلك يقول بعض الباحثين : " لقد تبين أن النظريات التي تبناها نولدكه وجولدزيهر وطه حسين وإسماعيل مظهر وأمين الخولي ومحمد أحمد خلف الله وسيد القمني التي تتلخص بعدم وجود حقائق تاريخية في آيات وسور القرآن الكريم هي نظرية متهافتة ساقطة مردودة لأن العلم الحديث أثبت وجود كل الأمم التي قصها القرآن الكريم ، ووجود أسماء أنبيائهم على ما ذكره القرآن الكريم مما يجعل القرآن الكريم مهيمنا على التوراة والإنجيل المحرفين اليوم في قصص الحق "( (4) ) . __________ (1) سورة آل عمران : الآية 4 . (2) سورة الأنعام : الآية 25 . (3) علم الجيولوجيا والقرآن الكريم . موريس بوكاي . ترجمة : رشوان غالب . الطبعة الثانية . الدار الأكاديمية . قطر . 1412 هـ : ص78 . (4) في التراث والحداثة : ص 193 . .../... | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
07 / 05 / 2010, 11 : 12 PM | المشاركة رقم: 4 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد ونحن نوافق الباحث فيما ذهب إليه ونعتقد أن الزعم بوجود الأساطير في القصص القرآني إنما هو فرية إستشراقية أعانهم عليها بعض بني جلدتنا ، وليس ذلك مما يستغرب من تلامذة المستشرقين( (1) ) . ونرى أن ما جاء في سورة القصص من قصص تاريخي هو ما وقع فعلا في التاريخ ، وحدثنا الله سبحانه وتعالى وهو أصدق القائلين في القرآن الكريم . المطلب الثاني قضية التكرار إن معنى التكرار في اللغة : " عبارة عن الإتيان بشيء مرة بعد أخرى "( (2) ) ، أو " هو الرجوع على الشيء " ( (3) ) . وكان بعض تلامذة المستشرقين قد عاب قضية التكرار في مواضع معينة من القرآن الكريم منها تكرار قصة موسى في سورة القصص ، فذكر محمد خلف الله في رسالته أن في القرآن قصصا مكررة اعتمادا على ورود بعض قصص الأنبياء في أكثر من سورة . فيتساءل هازئا : " لماذا كرر القرآن قصص آدم ، ونوح ، وهود ، ولوط ، وصالح ، وشعيب وغيرهم من الرسل والأنبياء ؟ إن الوقوف على تاريخ كل واحد من هؤلاء يكفي في إيراد القصة الواحدة في الموطن الواحد ، وليس يلزم أن تكرر القصة في أكثر من موطن من مواطن القرآن "( (4) ) . __________ (1) ينظر دفاع عن القرآن : ص 21 . (2) لسان العرب : مادة ( كرر ) 5/135 . (3) التعريفات . أبو الحسن علي بن محمد بن علي الجرجاني المعروف بالسيد الشريف . ت 816 هـ . تحقيق : إبراهيم الأبياري . دار الكتاب العربي . بيروت . الطبعة الأولى 1405 هـ . ص 98 . (4) الفن القصصي : ص37 . وقد رد سيد قطب على ذلك بقوله : " قد يحسب أناس أن هناك تكرارا في القصص القرآني لأن القصة الواحدة قد يتكرر عرضها في سور شتى ، ولكن النظرة الفاحصة تؤكد إنه ما من قصة أو حلقة قد تكررت في صورة واحدة من ناحية القدر الذي يساق وطريقة الأداء في السياق ، وأنه حينما تكررت حلقة كان هنالك جديد تؤديه ينفي حقيقة التكرار "( (1) ) . وذكر النورسي " أن القرآن الكريم يظهر نوعا من إعجازه البديع أيضا في تكراره البليغ لجملة واحدة أو لفظة ، وذلك عند إرشاده طبقات متباينة من المخاطبين إلى عدة معان ، وعبر كثيرة في تلك الآية أو القصة فاقتضى التكرار ، حيث إنه كتاب دعاء ودعوة ، كما أنه كتاب ذكر وتوحيد ، وكل من هذا يقتضي التكرار . فكل ما كرر في القرآن الكريم إذا من آية أو قصة إنما تشتمل على معنى جديد وعبرة جديدة "( (2) ) . __________ (1) في ظلال القرآن : 1 /64 . (2) المعجزات القرآنية . بديع الزمان سعيد النورسي . ترجمة : إحسان قاسم الصالحي . الطبعة الأولى . العراق . 1410 هـ ـ 1990 م : ص184-185 . وذكر الشيخ محمد رشيد رضا أنه قد تكرر القصة الواحدة في القرآن ، ولكن في تكرارها فوائد في كل منها فائدة لا توجد في الأخرى من غير تعارض في المجموع ، لأنها لما كانت منزلة لأجل العبرة والموعظة والتأثير في العقول والقلوب ؛ اختلفت أساليبها بين إيجاز وإطناب ، وذكر في بعضها من المعاني والفوائد ما ليس في بعضها الآخر حتى لا تمل ألفاظها ومعانيها ، ثم إن الأقوال المحكية فيها إنما هي معبرة عن المعاني وشارحة للحقائق وليست نقلا لألفاظ المحكي عنهم بأعيانهم ، فإن بعض أولئك المحكي عنهم أعاجم ، ولم تكن لغة العربي منهم كلغة القرآن في فصاحتها وبلاغتها ، هذا وإن اختلاف الأساليب وطرق التعبير في قصص القرآن وفي القرآن عموما عن المعنى الواحد لا تختلف إلا لكي تفيد في فهمها فائدة لفظية أو معنوية( (1) ) . ونحن نرى رأي الشيخ محمد رشيد رضا ، ونعد التكرار إنما أتى في مواضع من القرآن الكريم كي يستزيد المؤمن إيمانا كون التكرار الذي يراه في القرآن الكريم يأتي في كل مرة بأسلوب جديد ، وصياغة جديدة وهو ما وقع في سورة القصص ، فقصة موسى ( - عليه السلام - ) لا تشبه قصته نفسها في إطارها العام في سورة ( طه ) . المطلب الثالث الحكمة من التكرار __________ (1) ينظر تفسير المنار ( تفسير القرآن الحكيم ) . السيد محمد رشيد رضا . ت 1935 م . وفيه صفوة ما قاله الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده . ت 1905 م . الهيئة المصرية العامة للكتاب 1972 ـ 1979 م : 8/343-344 . إن اعتقادنا أنه لا يوجد تكرار في القصص القرآني بمعنى مشابه للتكرار في القصة التاريخية أو الأدبية ، لأن القرآن الكريم كتاب دعوة ، والقصة إحدى وسائله لإبلاغ هذه الدعوة وتثبيتها ، والقصة تتكون من الحدث والشخصية ، ففي القصص التاريخية نلاحظ التركيز على الشخصية ، فحينما تقرأ أي قصة تجد أنها تركز على شخصية أو مجموعة أشخاص من أول القصة إلى خاتمتها ، أما في القصص القرآني فنرى إعجازا آخر يضاف إلى إعجازات القران الكثيرة ، وهو الملائمة بين الحدث والشخصية . لذلك كان التكرار غير مقصود لذاته ، بل جاء لإيراد معنى آخر في سياق القصة نفسها . وإضافة إلى ما تقدم يمكن أن نبين الحكم الجلية الجليلة لتكرار القصة في القرآن الكريم : قد ينزل الشيء مرتين تعظيما لشأنه وتذكيرا له عند حدوث سببه خوف نسيانه( (1) ) ، فالعرب حينما تكرر أمرا أو تؤكده ، يدل ذلك على الاهتمام بذلك الأمر ، فتكرير صفات الله دال على الاعتناء بمعرفتها والعمل بموجبها( (2) ). رسوخها في الأذهان بتكريرها مرة بعد مرة . ظهور البلاغة ، فإن تكرار الكلام في الغرض الواحد من شأنه أن يثقل على البليغ ، فإذا جاء اللاحق منه إثر السابق تفنن في المعاني ، وتفنن في الألفاظ وتراكيبها ، وتفنن في المحسنات البديعية المعنوية واللفظية كان ذلك من الحدود القصوى في البلاغة( (3) ) . أن يقتضي سياق السورة الواردة فيها القصة أن تذكر مختصرة وتذكر في موضع آخر بشكل أوسع لاقتضاء ذلك التطويل في هذا الموضع الثاني . __________ (1) ينظر البرهان في علوم القرآن : 1/29 . (2) محاسن التأويل : 1 / 257 . (3) أساس البلاغة : مادة ( ق . ص . ص ) ص 468 . إن حفظ القرآن كاملا لم يتيسر لكل الناس ، فبعضهم يحفظ بعض السور ، فيكون الذي حفظ إحدى السور التي ذكرت فيها قصة معينة عالما بتلك القصة كعلم من حفظ سورة أخرى ذكرت فيها تلك القصة( (1) ). وفي ذلك يقول بعض الباحثين : " إن في القصص القرآني المعاد مبناها ومعناها فوائد عديدة ، ولكن أهمها هو أن حكمة إعادتها تشتمل على التذكير بالله عز وجل والطريق للوصول إلى معرفته عز اسمه "( (2) ) . ونحن نعتقد من خلال استقراء سورة القصص أن ما ورد فيها من ذلك يحمل كل الحكمة والموعظة الحسنة . لأن التكرار الذي فيها إنما كان في قصة موسى ( - عليه السلام - ) وفرعون في تكرار تعداد نعم الله عز وجل ، وفي تكرار التحذير من الدنيا ، وكل تلك المعاني صيغت في سورة القصص بأسلوب آخر مختلف كل الاختلاف عن أي سورة أخرى من سور القرآن الكريم ، فبطل ما ادعاه هؤلاء ( المتحذلقون ) في سوء فهم التكرار في النص القرآني عموما وفي سورة القصص خصوصا . المطلب الرابع فوائد القصص القرآني __________ (1) التحرير والتنوير . تأليف محمد الطاهر ابن عاشور . الدار التونسية للنشر . سنة 1984 م : 1 /68- 69 . (2) إعادة المعنى في النص القرآني . د . عبد الله سلوم . الطبعة الثانية . الدار الجامعية للنشر . بيروت ، لبنان . 1994 م : ص 228-129 . إن القرآن الكريم كتاب الله تعالى الذي يتضمن كلماته إلى خاتم رسله وأنبيائه محمد (- صلى الله عليه وسلم -) ، هو كتاب الدين كله ، وهو عمدة الملة وروح الوجود الإسلامي منه تستمد العقيدة والشريعة والأخلاق ، فهو كتاب لكل الأزمان جعله الله هدى للعالمين من الإنس والجان . كل شيء فيه لحكمة وقد قص الله علينا في كتابه أحسن القصص { نحن نقص عليك أحسن القصص } ( (1) ) ، وهذا يتناول كل ما قصه الله علينا في كتابه العظيم ، وكان لإيراد القصص القرآنية حكما ودروسا لتربية الأفراد والمجتمعات للقادة والدعاة ، ومن هذه الفوائد التي تلاحظ بمجملها في سورة القصص الشريفة وفي باقي سور القرآن الكريم : أن نفقه ما جاء في هذه القصص من أخبار وحقائق ومعاني وأنماط من المدافعات بين أهل الحق والباطل وان نعتبر به . فمن ذلك ما حصل للأنبياء وما أصابهم من الأذى في سبيل الله ، ثم إن الله نصرهم وجعل العاقبة الحسنى لهم ، وفي ذلك عبرة للمؤمنين( (2) ) ، قال تعالى : { لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب } ( (3) ). التحدي العظيم لأهل الكتاب ، لأن أهل الكتاب كانوا في ذلك العصر لهم معرفة بأخبار الأنبياء لاسيما أحبارهم ورهبانهم ، فقطع القرآن حجتهم على المسلمين قال تعالى : { تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا } ( (4) ) ، فكان حملة القرآن أحق بان يوصفوا بالعلم الذي وصفت به أحبار اليهود ، فانقطعت صفة الأمية عن المسلمين في نظر اليهود( (5) ) . __________ (1) سورة يوسف : الآية 3 . (2) المستفاد من قصص القرآن للدعوة والدعاة . د . عبد الكريم زيدان . الطبعة الأولى . مؤسسة الرسالة . بيروت . 1997 م : 1/7 . (3) سورة يوسف : الآية 111 . (4) سورة هود : الآية 49 . (5) التحرير والتنوير : 1 /65 . في القصص القرآنية فائدة عظيمة للكفار والمشركين والعصاة والظلمة والمتكبرين ، لكي يروا ما حصل بأمثالهم من الأمم السابقة ليتعظوا قال تعالى : { فاقصص القصص لعلهم يتفكرون } ( (1) ) . في قصص القرآن بيان لسنن الله في خلقه من الأمم والجماعات والأفراد ، وهي سنن جرت على الماضين ، وتجري على اللاحقين ليعتبر بها المؤمنون ، فلهذا لا يراد بقصص القرآن الكريم السرد التاريخي للأمم والأشخاص والجماعات ، وإنما يذكر منها مواضع العبرة والاتعاظ والتذكر ، كما قال تعالى : { وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين } ( (2) ) ، لذلك لا تذكر الحوادث بالترتيب ولا تستقصى( (3) ) . في القصص القرآني فائدة كبيرة لأهل الدعوة والدعاة لا غنى لهم عن معرفتها فهي تعرفهم : مناهج الأنبياء ـ عليهما السلام ـ في دعوة أقوامهم إلى الله وبيان ما أصابهم من أذى في سبيل الله ، وكان النصر في نهاية المطاف نصيبهم ، وكيف أن الله أظهرهم على عدوهم رغم قلة عددهم . فعلى اللاحقين من المؤمنين عدم اليأس ، وليعلموا أن ما أصابهم من أذى قد أصاب من قبلهم ، ولكن العاقبة أبدا للمتقين( (4) ) لما قال سبحانه : { والعاقبة للمتقين } ( (5) ) . وكذلك هناك فائدة أخرى للدعاة ، وهي ما اشتملت عليه القصص القرآنية من بيان لما جبلت عليه النفس الإنسانية من غرائز وميول ورغبات وكيف عالج الأنبياء ـ عليهما السلام ـ أحوال الناس وفقا لهذه الميول والرغبات . __________ (1) سورة الأعراف : الآية 176 . (2) سورة هود : الآية 120 . (3) ينظر محاسن التأويل : 1 /144 . المستفاد من قصص القرآن : 1/ 7 . (4) المستفاد من قصص القرآن : 1/ 7 . (5) سورة الأعراف : الآية 128 . هناك فائدة أخرى يمكن أن يستفاد منها التربويون من خلال دراسة المنهج التربوي في القصص القرآني . وكذلك يمكن الاستفادة من القصص القرآني لأهل الاقتصاد من خلال دراسة المعالجة الاقتصادية كما في قصة سيدنا يوسف ( - عليه السلام - ) مثلا ، أو اقتصاد قارون الجامع بين العلم والكفر كاقتصاد العولمة الحديث مثلا . والقادة كذلك لا غنى لهم عن دراسة القصص القرآني من خلال إدارة بعض الأنبياء لشؤون الناس ، إضافة إلى مهمة النبوة ، ولهم في قصة سيدنا سليمان ( - عليه السلام - ) المثل الأعلى ، وكيف استطاع الرسول (- صلى الله عليه وسلم -) في زمن بسيط من أن يجعل كل جزيرة العرب تحت لوائه قال تعالى : { فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك } ( (1) ) ( (2) ) . ويتعلم الشباب من قصة سيدنا يوسف ( - عليه السلام - ) العفاف وكيفية كبح الشهوات . وكذلك من حياء ابنة شعيب في سورة القصص في قوله تعالى : { فجاءته إحداهما تمشي على استحياء } ( (3) ) . وفي القصص تسلية للمبتلين فقد ابتلي سيدنا أيوب ( - عليه السلام - ) بالمال والأولاد والنفس . وأغرى إبليس قومه فطردوه وجعلوه بعيدا عن الديار فلم يزده ذلك إلا شكرا وصبرا حتى عوفي( (4) ). ولا ريب أن كل ذلك مما يستقيم به بناء الشخصية الإسلامية قرآنيا أو على قول بعض الباحثين : __________ (1) سورة آل عمران : الآية 159 . (2) المستفاد من قصص القرآن : 2 /211 . (3) سورة القصص : الآية 25 . (4) القصص الحق . وهبة رشدي . تقديم : محمد عمارة . الطبعة الأولى . دار البيان العربي. القاهرة . 1992 م : 1/214-215 . " يستفاد من قصص القرآن الكريم التأسي الحق بأنبياء الحق ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وفي ذلك فائدة وأي فائدة "( (1) ) ، وهو الذي نعده نحن أحد مقومات السلوك الإيماني للشخصية الإسلامية من خلال تكرار القصص القرآني المتلو يوميا وإعادتها . وفي سورة القصص استفدنا أيضا أربعة فوائد : إن الطاغية مهما بلغ جنده وتجبره مآله الهزيمة . إن قوة الإيمان تغلب كل قوة كفرية . إن المال الذي يؤدي بصاحبه إلى الهلاك ، هو مال لا فائدة فيه في الحياة الدنيا . إن مآل الإنسان المؤمن هو الرجوع إلى معاده الذي أحب في الدنيا أو في الآخرة . المطلب الأول:توجيه المعنى في ذاتية السورة من الواضح للعيان أن السمة الغالبة على سورة القصص هي نظام الجملة الطويلة ، المؤدية للبيان في تفخيم اللفظ وتعظيم المعنى ، وذلك أن اختلاف سياق قصة نبي الله موسى (- عليه السلام -) فيها ، يختلف كل الاختلاف عن قصة النبي الكريم نفسه في باقي مواضعها من القرآن الكريم. وقد علل ذلك الدكتور راجي رفاعي بقوله : " وقصة نبي الله موسى (- عليه السلام -) في سورة القصص تأخذ بعدا شموليا مؤديا لذاتية حقيقة القصة في إطالة مقصودة بذاتها ، لتشمل فيما تشمله من أشياء : أولا : زيادة التبيين للسياق الذي تسير فيه القصة بأسلوب جديد. ثانيا : الإكثار من ذكر الجزئيات القصصية التي لم تعرف من قبل . __________ (1) المصدر نفسه : 2/ 397 . ثالثا : إعادة الرواية الحقيقية التي حرفت في التوراة المنحولة "( (1) ) . ونحن نوافق هذا الباحث فيما ذهب إليه ، ونزيد عليه في توجيه المعنى الذي هو : ( الأخذ بسياق النص نحو إبراز تأويلاته المؤدية إلى معناه ) ( (2) ) . بأن نحاول بناء مخطط بياني بخطوط عريضة لذاتية سورة القصص ، فهذا المخطط سوف يشمل( (3) ) : علو فرعون في الأرض. استضعاف بني إسرائيل. ولادة موسى (- عليه السلام -) والتقاط آل فرعون له . قصة إرضاع موسى (- عليه السلام -) . حادثة قتل موسى (- عليه السلام -) لعدوه . هم موسى (- عليه السلام -) بالبطش بالعدو الآخر . خروج موسى من المدينة بعد التآمر عليه . وصول موسى (- عليه السلام -) إلى مدين وسقيه الماء للمرأتين . زواج موسى (- عليه السلام -) من بنت شعيب (- عليه السلام -). __________ (1) موسى ( - عليه السلام - ) في الكتاب والسنة . د .راجي رفاعي . الطبعة الأولى . دار النشر الأكاديمية . القاهرة . 1992 م : ص238 . وراجع قصص الأنبياء في المرويات الإسلامية . دراسة مقارنة . فهيمة محمد علي . الطبعة الأولى . . دار الشرق . القاهرة . 1994 م : ص 299 . إذ تؤيد مؤلفته ما نقلناه بقولها : " إن في سورة القصص انسجاما في إعطاء تشخيص كلي لصورة موسى عليه الصلاة والسلام " . (2) التحليل التطبيقي للنصوص . حكيمة محسن . الطبعة الثانية . مكتبة الفكر . بيروت ، لبنان . 1988 م : ص 337 . (3) استنادا إلى السورة نفسها . ونلاحظ ههنا أن اسم الأب لم يذكر صراحة في سورة القصص ولا في سواها ، غير أن الآثار الصحيحة وردت بذلك( (1) ) . قضاء سيدنا موسى (- عليه السلام -) الأجل . قصة إرسال موسى (- عليه السلام -) وكلام الله تعالى له . إرسال هارون مع موسى (- عليه السلام -) . أمر فرعون لهامان ببناء الصرح . إغراق جنود فرعون معه . المنة على موسى (- عليه السلام -) . تذكير رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) بما جرى ، وذكر كفر قومه . صفات المؤمنين . شروط إهلاك القرى . آلاء الله عز وجل يوم القيامة . صفات الله عز وجل . ذكر قصة قارون . تذكير رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) بما لله من قوة . والملاحظ على هذا المخطط الذي يختصر لنا مقاصد سورة القصص أنه يشمل أمورا يرتبط بعضها ببعض ، ويأخذ بعضها برقبة بعض . __________ (1) ينظر قصص الأنبياء في المرويات الإسلامية : 299 ، وراجع قصص الأنبياء . الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي أبو الفداء . ت 774 هـ . الطبعة الثانية. تحقيق وتعليق : محمد علي الصابوني . دار القرآن الكريم . مصر . 1981م : ص224 . قصص الأنبياء . عبد الوهاب النجار . مكتبة النهضة العربية . الطبعة الثالثة . مصر . ( د . ت ) : ص169 ، وهو يشكك في ذلك . .../... | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
07 / 05 / 2010, 13 : 12 PM | المشاركة رقم: 5 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد ومن قبل تنبه القدماء لذلك ، فقال ابن جماعة المقدسي : " وقد تضمنت سورة القصص جماع قصة موسى ـ عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ـ ، وجاءت القصة في موضعها ناصعة كالشمس في رابعة السماء ، ثم بعد ذلك أثنى الله جل جلاله على نفسه وعدد على رسوله (- صلى الله عليه وسلم -) نعمه حتى انتهاء السورة "( (1) ) . ويزيد هذا النص المهم وضوحا ما ذكره بعض الباحثين المحدثين ، إذ قال : " والمتتبع لما احتجنته سورة القصص يجد جانبا من جوانب إبراز النص المكرر بصيغة لا تشعر بتكراره ، ولم يأت ذلك إلا في كلام الله تعالى ، فقصة نبي الله موسى(- صلى الله عليه وسلم -) متفرقة في عدة آيات ، إلا أن صيغتها الإلهية في سورة القصص تجعلها من الروعة بمكان ، ثم إن وجه الإعجاز يظهر بعد ذلك في المقارنة القرآنية بين فرعون وجنوده وقريش وأظن ظنا يقرب من اليقين أن خواتيم سورة القصص التي احتوت على قصة قارون ، هي إشارة لقريش وعظماء أغنياء رجالها بأنهم إن لم يسلموا ويؤمنوا ويتقوا ، فإنهم سيواجهون الخسف ـ مصير قارون ـ وفي ذلك ما يدلنا على الرابط المعنوي لأوائل السور بنهاياتها ، وما فيها من إشارات"( (2) ) . __________ (1) رسالة في فضائل السور . محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة . ( 639 ـ 727 ) . تحقيق : محمد رشاد . الطبعة الأولى . دار الحديث . مصر . 1408 هـ . رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية . غانم قدوري الحمد . الطبعة الأولى . اللجنة الوطنية للاحتفال بمطلع القرن الخامس عشر الهجري . مؤسسة المطبوعات العربية . 1402 هـ ـ 1982 م : ص 47-48 . (2) الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم . سليم سليمان . الطبعة الثانية . الدار التونسية للنشر . تونس . 1988 م : ص391 .ونحن إذا اتجهنا ناحية التوجيه المعنوي لذاتية السورة في محاولتنا لإبراز مكامن التحليل البحثي لهذه السورة نجد أن آيات سورة القصص تأخذ طريقا مبينا في الإيضاح فقوله تعالى : { لقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون } ( (1) ) قد سبك في صياغته اللفظية بجملة غير مسبوقة ، في التعبير القرآني { وصلنا } ، واقتران هذا الإيصال والتوصيل بالتذكير بالفعل المضارع يرينا وجها من وجوه آفاق النص القرآني ، ويمكن فهم هذا الوجه بأن جملة { لهم القول } مقترنة بما بعدها لا بما قبلها ، فينتج عن ذلك أن نخرج بالمعنى العام : إنا نواصل إرسال رسلنا بكلماتنا للناس كافة لأجل ان يتذكروا الإيمان( (2) ) . وهو بعض ما تنبه له قدماء المفسرين( (3) ) ، فإذا ما أخذنا آية أخرى وحاولنا تحليلها تحليلا موضوعيا فإننا سنأخذ على سبيل المثال لا الحصر في ذلك قوله تعالى : { وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون } ( (4) ) . __________ (1) سورة القصص : الآية 51 . (2) ينظر الإتقان في علوم القرآن : 1 /177 . (3) جامع البيان عن تأويل آي القرآن المعروف بتفسير الطبري . أبو جعفر محمد بن جرير الطبري . ت 310 هـ . حققه وخرج أحاديثه : محمود محمد شاكر . راجع أحاديثه : أحمد محمد شاكر . دار المعارف بمصر ج 8 سنة 1971 . ج 11 سنة 1957 م : 8 /199 . وقارن مفاتيح الغيب : 12/ 262 . (4) سورة القصص : الآية 57 .فإن سياق المعنى في الآية هو خطاب أهل مكة من الكفار والمشركين لرسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) ، والملاحظ أن الصيغة التي أتت بها بعض ألفاظها تحمل إعجازا محسوسا في حد ذاتها فقوله تعالى : { نتخطف من أرضنا } يكاد أن يشخص حالهم بين الخوف والاستهزاء ، وهو ماتنبه له بعض المفسرين المعاصرين فقال : " وقوله تعالى : { نتخطف من أرضنا } مشعر في جوهره ومضمونه أنهم ـ أي الكفار من قريش ـ مزجوا رفضهم الانكاري بمحاولة إبراز ما في دواخل أنفسهم من خوف من أنهم إذا ما اسلموا اخرجتهم العرب من الحرم ـ هكذا تصوروا وزعموا ـ فمن الله عليهم بتمكين الحرم ، ووصف أكثرهم بعدم العلم "( (1) ) . فتوجيه المعنى واضح هنا كل الوضوح في سياقه من سورة القصص ، ونحن في توجيهنا للمعنى العام نلاحظ أن هنالك تواصلا بين قصة موسى (- عليه السلام -) وهذه الآية ، فبنو اسرائيل بعد أن أنجاهم الله تعالى من فرعون وجنوده جادلوا رسولهم ورفضوا دخول الارض المقدسة . والسياق التعبيري القرآني يشعر في بعض معانيه بأن حال هؤلاء كحال هؤلاء( (2) ) ، أي : إن بني إسرائيل كادوا يتخطفون في رفضهم دخول الأرض المقدسة ، وهو أمر إلهي . __________ (1) تفسير آيات الجدل في القرآن الكريم . حسن رفاعي . الطبعة الأولى . القاهرة . 1994 م . : ص497 . (2) ينظر التفسير الحديث . محمد عزة دروزة . الطبعة الرابعة ، بيروت ، لبنان . 1984 م : 7/118 .ونجد من هذا التوجيه للمعنى في داخل السورة أن قوله تعالى فيها : { إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين } ( (1) ) ، يتوجه نحو تقرير موضوع جديد في النفوس بواسطة ابراز مآل رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) ، وهي آية طالما آثارت عند المفسرين نقاشات لإبراز المعاني الأولى ، والمعاني الثانية ، لا بل والمعنى الكامن في سياق النص ، فقال ابن قتيبة : " معاد الرجل بلده ، لانه يتصرف في البلاد ، ثم يعود إليه . وفي الآية تقديم وتاخير ، والمعنى أن الذي فرض عليك القرآن ، أي : جعلك نبيا ، ينزل عليك القرآن ، وما كنت ترجو قبل ذلك أن تكون نبيا يوحى اليك الكتاب ، لرادك إلى مكة ظاهرا قاهرا "( (2) ) . وهو تأويل معنوي يشعر بإحساس ابن قتيبة بتحليل المضمون بدلالة الفظ ، بينما يقرر مفسر من المحدثين في توجيهه للمعنى أنه : " اختلفت الآراء في هذا المعاد الذي تقرره الآية الكريمة ، فقال قوم : أي إلى وطنك مكة . وقال قوم : أي إلى يوم القيامة . وعزز الرأي الاول ما تلاها من قوله تعالى : { قل ربي أعلم من جاء بالهدى } ( (3) ) ، فإن السياق مشعر بالرأي الاول " ( (4) ) . __________ (1) سورة القصص : الآية 85 . (2) تأويل مشكل القرآن . ابن قتيبة أبو محمد عبد الله بن مسلم . ت 276 . الطبعة الثالثة . تحقيق : أحمد صقر . المكتبة العلمية . المدينة المنورة . 1981 م . : ص 425 . (3) سورة القصص : الآية 85 . (4) مكامن العرفان في تفسير القرآن . الشيخ حازم عبد الله . الطبعة الأولى . الدار الإسلامية ، بيروت ، لبنان . 1995 م : 4 / 266-267 .وهكذا يستبين لنا أن آفاق النص المفتوح توجه المعاني في تأويله ، ومثل ذلك قوله تعالى فيها : { إن الله لا يحب الفرحين } ( (1) ) ، وهي آية صيغت صياغة جميلة ذات دلالة على ما يرضي الله عزوجل ، غير أن كلمة { الفرحين } تفتح أبوابا لتفسيرها وتأويلها بين كونها على الحقيقة ، أو على المجاز . فقال مجاهد : " يعني المبذخين الأشرين البطرين الذين لايشكرون الله فيما أعطاهم "( (2) ) ، فأول الفرحين بمن هذه صفتهم ، ولا ريب في أن توجيه هذا التأويل يتطلب أن يكون قد تم نقله من المعنى الحقيقي الذي هو كل فرح ضمن سياق الفرح الانساني . الى المعنى المجازي ، الذي هو : الفرح ، كل من أوتي نعمة فكفرها وجحدها وفرح بكفره وجحوده في الدنيا ، أو بمعنى آخر هو أن مجازية معنى ( الفرح ) انتقلت إلى حال من نهي عن الفرح بما أوتي في الدنيا ، ولم يحبه الله سبحانه وتعالى . فيتوجه المعنى في ذلك إلى سياق جديد مجازي ، وهو ما تنبه عليه بعض الدارسين للنص القرآني ، فقال : " الفرح مفهوم مجازي حقيقته السرور ، ومجازه الحب الدنيوي ، والأطمئنان لها ، وفي سورة القصص جاء قوله تعالى : { إن الله لا يحب الفرحين } ( (3) ) . وفسرت كلمة { الفرحين } بمعنىالكفار ، فنقلت إلى المجاز ، ولا ريب أن نقل الكلمة من الحقيقة إلى المجاز لا يتم الا بقرينة صارفة "( (4) ) . __________ (1) سورة القصص : الآية 76 . (2) تفسير مجاهد . مجاهد بن جبر المخزومي التابعي أبو الحجاج . ( 21 ـ 104 ) . تحقيق : عبد الرحمن الطاهر محمد السورتي . المنشورات العلمية . بيروت . ( د . ت ) : ص490 . (3) سورة القصص : الآية 76 . (4) الألفاظ القرآنية بين الحقيقة والمجاز . دراسة نقدية . عبد الله إمام عبد الله . الطبعة الأولى . مطبعة الرحمة . القاهرة . 1991 م : ص 322 –323 .ونحن نعتقد أن الأسلوب القرآني في سورة القصص من أولها إلى أخرها جاء في شكل من أشكال التعبير الإنسيابي الذي فتح المعنى الكامن في سياق الألفاظ ؛ ليتوجه تأويل قدماء المفسرين ومحدثيهم ، فالمعنى في سورة القصص يجري في شكل يأخذ بمجامع القلوب . وقد تنبه دارسو الأسلوب القرآني على حقيقة ذلك ، وقرروا أن نص آيات سورة القصص في أسلوبه يحمل من أوجه الإعجاز ما يفتح المعاني لتنساب انسيابا وفق البناء اللغوي المعنوي( (1) ) . وقد وجدنا أثناء التحليل الشمولي لسورة القصص أن في ضمن آياتها معاني لا تتأتى من مجرد القراءة الأولى ولا الثانية ، بل تحتاج إلى قراءات وقراءات ليتفتح للعقل من إعادة استقرائها استنباط إشارات النص وهو أمر يمس توجيه المعنى يحبث يكون متواصلا ومترابطا معه ، ولا بأس باستعراض نموذج سوى ما قدمناه في استعراضنا للنماذج الأخرى المنتقاة من سورة القصص ، قال تعالى : { وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون } ( (2) ) . فإن سياق الآية في توجيهها المعنوي يختلف عن آيات أخرى جاءت بالمعنى نفسه في مواضع أخرى من القرآن الكريم ، مثل قوله تعالى : { ويخلق ما لا تعلمون } ( (3) ) ، وقوله تعالى : { الله خالق كل شيء } ( (4) ) . __________ (1) ينظر دراسات في أساليب القرآن الكريم . محمد عبد الخالق عظيمة . الطبعة الثالثة . مكتبة الخانجي بالقاهرة . 1986 م : 5 / 351 . (2) سورة القصص : الآية 68 . (3) سورة النحل : الآية 8 . (4) سورة الرعد: الآية 16 . سورة الزمر : الآية 62 .فإن قوله تعالى : { يخلق ما يشاء ويختار } دال على شمولية الخلق وفق المشيئة الإلهية التي لا اختيار معها ، والنصف الثاني من الاية : { ما كان لهم الخيرة } دال في معناه المستنبط على أن لا خيار لمخلوق في خلق مع خلق الله( (1) ) . وقد دل العلم الحديث على إعجاز هذه الآية إعجازا سبق القرن العشرين الميلادي بخمسة عشر قرنا ، ونجد ذلك في النص الآتي الذي يحلل فيه أحد الباحثين هذه الآية : " وفي القرآن الكريم آيه تفتح معانيها الظاهرة والباطنة ( المعاني الكامنة ) أعين المؤمنين والكافرين في الإعجاز الذي تؤول وتؤول إليه وهي : { ما كان لهم الخيرة } ، أي : في الخلق والاختيار فيه ، فقد دلت البحوث العلمية الأكاديمية أن لا إمكانية مطلقا رغم كل التطور العلمي والتقني لاختيار خارجي في التكاثر والحمل والإنجاب ، بعد أن أثبت العلم الحديث استحالة إيجاد خلق جديد من لا شيء سوى الانتخاب العلمي ، وبهذا فإن الجملة وردت في آية قصيرة سبقت كل علوم الغرب الحديثة "( (2) ) . ونحن إنما نقلنا هذا النص استئناسا به في تحليلنا لعملية توجيه المعنى في سورة القصص . المطلب الثاني: توجيه الآيات التي أشكل إعرابها في سورة القصص وأثرها في تغيير المعاني لاحظ القدماء أن الإعراب يدل على المعنى الكامن في الجملة لذلك جعلوا الإعراب كما يقول الدكتور ثروت سعيد : __________ (1) الجواهر في تفسير القرآن الكريم . الشيخ طنطاوي جوهري . الطبعة الثانية . مطبعة مصطفى البابي الحلبي . مصر . 1350 هـ : 13 / 45 . (2) القرآن الكريم والعلوم الطبية الحديثة . د . رشدي عبد الحميد . الطبعة الثانية . الدار العلمية . الكويت . 1416 هـ ـ 1996 م : ص325 ." بابا للولوج إلى باحة النص وضياء ينير ظلمة المخفي ، فالإعراب ليس كما فهمه بعض الناس أنه مجرد معرفة أماكن الرفع والنصب والخفض ، بل هو في حقيقة الأمر مفتاح فهم النص وتأويله وشرحه "( (1) ) . وقد اهتم القدماء من المفسرين بتوجيه إعراب سورة القصص نحو المبنى والمعنى ، وخرجوا من ذلك بنتائج مهمة جدا على صعيد البلاغة والمعاني( (2) ) . ومن الملاحظ نحويا أن سورة القصص نص متعدد المعاني ، لذلك كان اختلاف القدماء والمحدثين في توجيه الإعراب أحد أسباب ( ثراء النص المعرب ) رغم إنهم أوجدوا مشكلا في الإعراب ـ هكذا بزعمهم ـ ولكن كل ذلك كان في خدمة النص القرآني في سورة القصص في حد ذاتها( (3) ) . وفي ذلك يقول بعض الباحثين : __________ (1) أثر الإعراب في علم المعاني . د . ثروت أحمد سعيد . الطبعة الثانية . دار النشر الحديث . مصر . 1996 م : ص177 . (2) راجع في إعراب سورة القصص نحويا وبلاغيا لدى القدماء الكشاف : 3/164 . البحر المحيط : ص104 . ومن المحدثين ، دراسات في أساليب القرآن الكريم : 5/35 . (3) إعراب القرآن المنسوب للزجاج ، أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل ، ت 311 هـ ، تحقيق : إبراهيم الأبياري ، الطبعة الثالثة ، دار الكتب اللبنانية ، 1406 هـ ـ 1986 م . : 1/71 ، 1/123 و 2/433 و 3/802 . البيان في غريب إعراب القرآن . أبو البركات الأنباري . ت 577 هـ . تحقيق : طه عبد الحميد طه . مراجعة مصطفى السقا . الناشر الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر . مصر . 1390 هـ . 1970 م : 2/329 . مشكل إعراب القرآن . مكي بن أبي طالب القيسي أبو محمد . ت 437 هـ . تحقيق : د .حاتم صالح الضامن . مؤسسة الرسالة . بيروت . ط2 . 1405 هـ : 1 /541 . " إن في سورة القصص مواطن أشكلت إعرابيا على بعض المعربين القدماء إلا أن ذلك الإشكال والاختلاف أثرى معاني الآيات ، مما جعل المفسرين يستعينون بنتائج تلك الإشكالات الإعرابية في زيادة المعاني المؤداة . ومن ذلك اختلافهم في إعراب : { نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون } ( (1) ) ، فقد أشكل في النص إضمار الفاعل ( وهو الله جل جلاله ) ، فأعرب بعضهم ( نتلو ) فعلا مضارعا وفاعله محذوف تقديره نحن ، ولكن بعضهم أعربوا ( نتلو ) بأن فاعله ظاهر ، لأنهم لم يستحلوا دينيا أن يقدروا حذف الفاعل في أول النص "( (2) ) . __________ (1) سورة القصص : الآية 3 . (2) المشكلات الإعرابية في النص القرآني . د . عماد علي خربوطلي . الطبعة الثانية . مؤسسة النشر الحديث . القاهرة . 1986 م : ص317 .وكل هذا أدى إلى أن تكون عملية إعراب كلمات آيات سورة القصص ذات خاصية استلهامية في توجيه معنى النص المعرب ، مثل قوله تعالى : { فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين } ( (1) ) ( (2) ) ، فان الإعراب هو الذي كشف عن العائد إلى الضمير في { قال يا موسى أتريد أن تقتلني } هل هو الإسرائيلي أم هو المصري ؟ فإن قوله : { بالذي هو عدو لهما } ، وهي جملة مكونة من ( جار ومجرور للاسم الموصول ومبتدأ وخبره مرتبط ذلك كل بالجار والمجرور( لهما ) ، وفاعل هو المراد معرفته ) دلت على أن الثاني ( أي المصري الآخر ليس هو الذي يدل عليه النص القرآني بصيغة ( عدو لهما ) أبدا بل هو الإسرائيلي نفسه( (3) ) . وفي ذلك يقول الدكتور عبد الله عبد الله : __________ (1) جامع البيان : 8 /218 . (2) سورة القصص : الآية 19 . (3) المعاني الكامنة في النص القرآني . دراسة تحليلية . د . عبد الله عبد الله . الطبعة الأولى . الدار الجماهيرية . طرابلس . ليبيا . 1412 هـ : : ص318 ." إن استنباط المعنى من ذاتية الإعراب يفيد في فهم ذات الآية ، وهو علم تنبه له القدماء إلا أنهم لم يطوروه بل نقلوا علم المعاني من علم النحو إلى علوم البلاغة ، ولو أنهم أبقوهما سويا لما اضطروا إلى التنازع في عائد الضمير في قوله تعالى في سورة القصص { عدو لهما } ، فلو أنهم أعربوه فاعلا مقترنا جاره بضمير موسى والمصري ، لتوصلوا إلى تحديد المراد من خلال دلالة الإعراب ، وهناك آيات أخرى لا يمكن حل مشكلاتها المعنوية إلا بالعودة إلى الإعراب وتوجيه المعنى "( (1) ) . وقد وجدنا كثيرا من الباحثين يقومون بإعادة إعراب سورة القصص (كاملة) ليستخرجوا من ذلك دواعي الظواهر التأويلية فافلحوا في ذلك( (2) ) . إن سورة القصص في حد ذاتها من السور القليلة التي تتميز بانسيابية المعنى الإعرابي ، ويتواصل التوجيه النحوي ـ الإعرابي ـ كما تقدم أيضا ـ لذلك قمنا في سياق الرسالة بإعراب كل مقطع من مقاطعها ، ضمن فصله الخاص به ، غير أنا في هذا المطلب قمنا بعملية توجيه نحوي للدلالة الإعرابية المختلف فيها بين بعض المفسرين ومشكلاتها لدى بعض المعربين لأجل فهم أدق لما يؤدي إليه اختلاف الإعراب من اختلاف في المعنى بين الإعراب القديم والتوجيه الحديث ، ولم نذكر في توجيهها إلا ما يقتضيه السياق في بعض الآيات وفق ترتيبها في سورة القصص لأجل الاستفادة من دلالة الإعراب ، وقمنا بذلك وفق التقسيم الآتي : ذكر الآية أو بعض الآية موضع الخلاف الإعرابي . __________ (1) المعاني الكامنة : ص 321 . (2) معجم مفردات ألفاظ القرآن . أبو القاسم بن حسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني . ت 502 هـ . تحقيق : نديم المرعشلي . دار الفكر . بيروت . ( د . ت ) : ص506 . إعراب القرآن وبيانه وصرفه ، محيي الدين درويش . دار ابن كثير للطباعة والنشر . بيروت ، لبنان . 1412 هـ . : 5/ 276 .ذكر رأي أو رأيين أو أكثر في الاختلاف في إعراب الآية . توجيه الرأي المختار وفق تحليلنا . وبذلك نكون ـ إن شاء الله العلي العظيم ـ قد أتممنا الدلالات الإعرابية المختلف فيها . { تلك آيات الكتاب المبين } ( (1) ) قال مكي بن أبي طالب القيسي : " ( تلك ) في موضع رفع بمعنى هذه تلك ، و ( آيات ) بدل منها ، ويجوز في الكلام أن تكون ( تلك ) في موضع نصب بـ ( نتلو ) وتنصب آيات على البدل من ( تلك ) "( (2) ) . وقال القرطبي : " ( تلك ) في موضع رفع بمعنى هذه تلك ، و ( آيات ) بدل منها ، ويجوز أن يكون في موضع نصب بـ( نتلو ) ، و ( آيات ) بدل منها أيضا ، وتنصبها كما تقول : زيدا ضربت . و ( المبين ) ، أي : المبين بركته وخيره ، والمبين الحق من الباطل ، والحلال من الحرام ، وقصص الأنبياء ، ونبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - "( (3) ) . وقال محي الدين درويش : " ( تلك ) مبتدأ ، و ( آيات الكتاب المبين ) خبرها "( (4) ) . وقال محمود صافي : " وجملة ( نتلو ) لا محل لها ، استئناف بياني ، أو في محل رفع خبر المبتدأ ( تلك ) ، والرابط مقدر ، أي : نتلوها … و ( آيات ) بدل من الإشارة ، أو هي خبر ثان … ويجوز أن تكون في محل نصب حال من ( آيات ) والعامل الإشارة "( (5) ) . __________ (1) سورة القصص : الآية 2 . (2) مشكل إعراب القرآن : 1/ 541 . (3) الجامع لأحكام القرآن ( المعروف بتفسير القرطبي ) أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي . ت 671 هـ . الطبعة الثالثة . تحقيق : أحمد عبد العليم البردوني . مركز تحقيق التراث . الهيئة المصرية العامة للكتاب . 1978 م : 6/ 4963 . (4) إعراب القرآن وبيانه وصرفه : 5/ 278 . (5) الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه . محمود صافي . الطبعة الأولى . دار الرشيد . دمشق . 1991 م : 20/ 221 .إن الاختلاف بين المعربين أدى إلى أن يكون إعراب كلمة ( تلك ) بكونها مرفوعة دال على الثبات لآيات القرآن الكريم التي أنزلت ، أما إعرابها منصوبة بالفتحة بتقدير : أعني ، فهو تكلف لا يضيف إلى المعنى شيئا . { نتلوا عليك } ( (1) ) قال العكبري : " مفعوله محذوف دلت عليه صفته ، تقديره شيئا من نبأ موسى ، وعلى قول الأخفش ( من ) زائدة و ( بالحق ) حال من النبأ "( (2) ) . وقال السمين الحلبي : " ويجوز أن يكون مفعوله محذوف دلت عليه صفته ، وهي (من نبإ موسى ) ، ويجوز أن تكون ( من ) مزيدة ، أي : نتلو عليك نبأ موسى . ( وبالحق ) يجوز أن يكون حالا من فاعل ( نتلو ) أو من مفعوله ، أي : متلبسين أو ملتبسا بالحق ، أو متعلق بنفس ( نتلو ) يعني نتلوه بسبب الحق "( (3) ) . __________ (1) سورة القصص : الآية 3 . (2) التبيان في إعراب القرآن . محب الدين عبد الله بن أبي عبد الله الحسين بن أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري أبو البقاء . ( 538 ـ 616 ) . تحقيق : علي محمد البجاوى . إحياء الكتب العربية . ( د . ت ) : 1 /176 . (3) ينظر الدر المصون في علوم الكتاب المكنون . ابن السمين الحلبي . شهاب الدين أبو العباس بن يوسف . ت 756 هـ . تحقيق الشيخ علي بن معوض . وآخرون . ط1 . دار الكتب العلمية . بيروت . 1414 هـ . 1993 م : 5/ 331 .ونحن نرى أن إعراب ( نتلو ) وتعليقه بما سبق من الكلام على رأي بعض المعربين فيه إبعاد للمعنى عن وضعه الذي وضع ذلك التقدير له ، وذلك إن جعل مفعوله محذوفا وتقديره ( شيئا ) على رأي العكبري ، أوجه في دلالته الإعرابية من باقي الآراء ، أما رأي الأخفش في كون ( من ) زائدة ، فلا يليق بالمقام التفخيمي لألفاظ القرآن الكريم حتى وإن أتى ذلك التعبير في مقام الإعراب ، وأيا ما يكن ، فنحن نرجح هنا أن ( نتلو ) ـ بعيدا عن الخلاف فيها ـ فعل مضارع مرفوع وأنه لا محذوف في تقديره . { وجعل أهلها شيعا } ( (1) ) قال مكي بن أبي طالب : " مفعولان لـ( جعل ) بمعنى صير ، فإن كانت بمعنى خلق تعدت إلى مفعول واحد "( (2) ) . وقال ابن الأنباري : " نصب ( أهلها ) و ( شيعا ) لأنهما مفعولا ( جعل ) لأنه بمعنى صير "( (3) ) . وقال النحاس : " و { وجعل أهلها شيعا } مفعولان "( (4) ) . وقال محي الدين درويش : " ( جعل أهلها )فعل وفاعل مستتر ومفعول به أول و ( شيعا ) مفعول به ثان "( (5) ) . ونحن نرى أن الدلالة الإعرابية لـ( جعل ) في نصبها مفعولين بعدها ، أوجبت تصور شدة الظلم من فرعون ، ولا خلاف بينهم في كون ( جعل ) نصبت مفعولين ، إنما الخلاف في كونها بمعنى ( صير ) ، فدلالة ( جعل ) غير دلالة ( صير ) وإن كانتا مما ينصب مفعولين من بعدهما ، ففرعون جعل على الحقيقة ولم يصير على المجاز ، ومن هاهنا كان تقدير الإعراب على حقيقته خيرا من الاختلاف في كون ( جعل ) بمعنى ( صير ) كما هو واضح . { يستضعف } ( (6) ) __________ (1) سورة القصص : الآية 4 . (2) مشكل إعراب القرآن : 1 /541 . (3) البيان في غريب إعراب القرآن : 2/ 229 . (4) إعراب القرآن ( النحاس ) : 2/ 542 . (5) إعراب القرآن وبيانه وصرفه : 5/ 279 . (6) سورة القصص : الآية 4 .قال السمين الحلبي : " يجوز فيها ثلاثة أوجه : الأول ـ إنه مستأنف بيان لحال الأهل الذين جعلهم فرقا وأصنافا . الثاني ـ إنه حال من فاعل ( جعل ) ، أي : جعلهم كذا حال كونه مستضعفا طائفة منهم . الثالث ـ إنه صفة لطائفة "( (1) ) . وقال الزمخشري : " حال من الضمير في ( وجعل ) أو صفة لـ( شيعا ) أو كلام مستأنف "( (2) ) . وقال أبو حيان : " والظاهر أن ( يستضعف ) استئناف يبين حال بعض الشيع ، ويجوز أن يكون حالا من مضير "( (3) ) . ونحن نرى مما تقدم في الأوجه الخلافية في إعراب ( يستضعف ) أنهما جميعا ذات إثراء للنص القرآني في سورة القصص ، وإن كنا نرجح كون ( يستضعف ) حالا على رأي الزمخشري ، وابن السمين الحلبي ، خلافا لأبي حيان في جعله إياها استئنافا ، وهو تقدير لا يليق بالكلام الإلهي ، لأن بلاغة إعراب النص حالا أقوى من بلاغة إعراب النص استئنافا ، وذلك بمعنى أن الفعل المضارع ( يستضعف ) إذا أعرب حالا دل على أن فرعون قام بالاستضعاف حقيقة فعلية ، أما إعرابها استئنافا فليس فيه تلك الدلالة . { يذبح } ( (4) ) قال السمين الحلبي : " يجوز فيها ثلاثة أوجه : الاستئناف تفسيرا لـ( يستضعف ) ، أو حال من فاعله ، أو صفة ثانية لـ( طائفة ) "( (5) ) . __________ (1) ينظر الدر المصون : 5/ 331 . (2) الكشاف : 3/ 165 . (3) البحر المحيط : 7/ 104 . (4) سورة القصص : الآية 4 . (5) الدر المصون : 5/ 332 . .../... | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
07 / 05 / 2010, 14 : 12 PM | المشاركة رقم: 6 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد { ونريد } ( (1) ) قال السمين الحلبي : " فيه وجهان : أظهرهما إنه عطف على قوله : { إن فرعون } عطف فعلية على اسمية ، لأن كلتيهما تفسير للنبأ . والثاني إنه حال من فاعل ( يستضعف ) وفيه ضعف من حيث الصناعة ، ومن حيث المعنى ، أما الصناعة فلكونه مضارعا مثبتا فحقه أن يتجرد من الواو وإضمار مبتدأ قبله ، أي : ونحن نريد ، ولا حاجة إليه ، أما المعنى فكيف يجتمع استضعاف فرعون وإرادة المنة من الله تعالى ؟ لأنه متى من الله عليهم تعذر استضعاف فرعون إياهم ، وقد أجيب عن ذلك بأنه لما كانت المنة بخلاصهم من فرعون سريعة الوقوع قريبة جعلت إرادة وقوعها كأنها مقارنة لاستضعافهم "( (2) ) . __________ (1) سورة القصص : الآية 5 . (2) الدر المصون : 5/ 332 . (1/70) وقال الزمخشري : " وعطفه على ( نتلو ) و ( يستضعف ) غير سديد . قلت : هي جملة معطوفة على قوله : { إن فرعون علا في الأرض } ، لأنها نظيرة تلك في وقوعها تفسيرا لنبأ موسى وفرعون ، واقتصاصا له ، ( ونريد ) حكاية حال ماضية . ويجوز أن يكون حالا من ( يستضعف ) ، أي : يستضعفهم فرعون ونحن نريد أن نمن عليهم ، فإن قلت : كيف يجتمع استضعافهم وإرادة الله المنة عليهم ، وإذا أراد الله شيئا كان ولم يتوقف إلى وقت آخر ؟ قلت : لما كانت منة الله بخلاصهم من فرعون قرينة الوقوع ، جعلت إرادة وقوعها كأنها مقارنة لاستضعافهم "( (1) ) . إن حجج الاختلاف التأويلي في إعراب ( ونريد ) مما يثري النص القرآني ودلالاته المتعددة ، وذلك أن كونه عطفا على ( إن فرعون ) لا يستقيم به المعنى ، أما ما يستقيم به المعنى فهو جعل ( ونريد ) حالا لديمومة القدرة الإلهية ، لأن الحال كما قدمنا يدل على الاستمرارية ، ولا ريب أن عطفه ـ أي النص ـ على ( ويستضعف ) غير سديد لاختلاف التوجيه في الرفع والنصب ، وبذلك يستقيم النص إعرابيا . { قرة عين } ( (2) ) قال مكي : " رفع على إضمار مبتدأ ، أي : هو قرة عين لي . ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر ( لا تقتلوه ) . ويجوز نصبه بإضمار فعل يفسره ( لا تقتلوه ) تقديره : اتركوا قرة عين لا تقتلوه "( (3) ) . وقال ابن الأنباري : " ( قرة عين ) مرفوع من وجهين : أحدهما أن يكون مرفوعا لأنه خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو قرة عين . والثاني : أن يكون مرفوعا لأنه مبتدأ ، و ( لا تقتلوه ) خبر "( (4) ) . __________ (1) الكشاف : 3 /165 . (2) سورة القصص : الآية 9 . (3) مشكل إعراب القرآن : 1/ 547 . (4) البيان في غريب إعراب القرآن : 2/ 229 –230 . 71 .../... | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
07 / 05 / 2010, 14 : 12 PM | المشاركة رقم: 7 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد وقال النحاس : " قال الكسائي : المعنى هذا قرة عين لي ولك ، وقال أبو جعفر : وفي رفعه وجه آخر بعيد ذكره أبو إسحاق : يكون رفعا بالابتداء والخبر ( لا تقتلوه ) ، وإنما بعد لأنه يصير المعنى : إنه معروف بأنه قرة عين له ، وجوزاه أن يكون المعنى : إذا كان قرة عين لي ولك فلا تقتلوه ، ولم تقل نقتله ، وهي تخاطب فرعون كما يخاطب الجبارون ، وكما يخبرون عن أنفسهم (وهم لا يشعرون ) يكون لبني إسرائيل ، ويجوز أن يكون لقوم فرعون ، أي : لا يشعرون أن يسلبهم ملكهم( (1) ) . وقال العكبري : " أي هو قرة عين و ( لي ولك ) صفتان لـ( قرة ) "( (2) ) . وقال أبو حيان : " و( قرة ) خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو قرة ، ويبعد أن يكون مبتدأ والخبر ( لا تقتلوه ) " ( (3) ) . وقال الحلبي : " ( قرة عين ) فيها وجهان أظهرهما أنه خبر مبتدأ أي : هو قرة عين . والثاني ـ وهو بعيد جدا ـ أن يكون مبتدأ والخبر ( لا تقتلوه ) وكأن هذا القائل حقه أن [ لا ] يذكر فيقول لا تقتلوها إلا أنه لما كان المراد مذكرا ساغ ذلك "( (4) ) . وعلى الرغم من هذا الخلاف الواسع في إعراب ( قرة عين ) فإن جعل المضاف والمضاف إليه رفعا على المبتدأ والخبر مما يستقيم به النص في دلالاته ، وذلك أن الرفع أقوى تقديرا من حالتي النصب والجر وكون المرفوع المبتدأ مضافا لا يستلزم له تقدير محذوف أو محذوفين ، على رأي الكسائي في تقديره ، وأبي حيان في تقديره أيضا ، فإهمال التقدير في إعراب أوجه من تكلف ما لا يحتاجه النص القرآني التام . __________ (1) إعراب القرآن ( النحاس ) : 2/ 543- 544 . (2) التبيان في إعراب القرآن : 1/ 176 . (3) البحر المحيط : 7/ 106 . (4) الدر المصون : 5/ 332 – 333 . .../... | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
07 / 05 / 2010, 15 : 12 PM | المشاركة رقم: 8 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد { لولا أن ربطنا على قلبها } ( (1) ) قال مكي بن أبي طالب : " ( أن ) في موضع رفع والجواب محذوف "( (2) ) . وقال النحاس : " ( أن في موضع رفع ، وحذف الجواب لأنه قد تقدم ما يدل عليه ، ولا سيما وبعده { لتكون من المؤمنين } "( (3) ) . وقال السمين الحلبي : " جوابها محذوف ، أي : لأبدت { لتكون من المؤمنين } متعلق بـ( ربطنا ) ، والباء في ( به ) مزيدة ، أي : لتظهره . وقيل : ليست زائدة بل سببية ، والمفعول محذوف أي : لتبدي القول بسبب موسى أو بسبب الوحي ، فالضمير يجوز عوده على موسى أو على الوحي "( (4) ) . ونحن نرى أن المعنى الذي أوجبه اختلاف موضع التقدير في مرفوع ( أن ) يتوجه إلى أن أم موسى اطمأنت بإيمانها بالربط على قلبها دون أن نقدر المحذوف الذي قدره ابن السمين الحلبي ( أبدت ) لأنه يخل بالمعنى ، وفيه زيادة على النص لا داعي لها . { بلغ أشده } ( (5) ) قال مكي بن أبي طالب : " ( أشده ) عند سيبويه وزنه أفعل ، وهو عنده جمع شدة ، كنعمة وأنعم ، وقال غيره هو جمع شد من قد واقد . وقيل : هو واحد وليس في الكلام اسم مفرد على أفعل بغير هاء إلا اصبعا في بعض لغاته "( (6) ) . وقال الأنباري : " أشد جمع فيه ثلاثة أوجه : الأول : أن يكون جمع ( شدة ) كنعمة وأنعم ، وأصل أشد أشدد على وزن أفعل ، إلا أنه اجتمع حرفان متحركان من جنس واحد في كلمة واحدة ، فسكنوا الأول وأدغموه في الثاني . وقيل : أشد جمع شد نحو قد وأقد الثالث : أن يكون واحد ليس في الأسماء المفردة ما هو على وزن أفعل ألا أصبع في بعض اللغات"( (1) ) . والاختلاف الصرفي في تقدير وزن ( أشده ) إنما يستقيم تصريفه على رأي سيبويه في جعله له جمع شدة خلافا للباقين الذين قدروا فيه عدة وجوه ، منها ألا يكون له جمع كما ذكر ابن الأنباري ، وكذلك زعمهم أنه على زنة أفعل ، وكل ذلك تكلف في التقدير الصرفي ، أما إعرابه فهو مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره ، وتقديره هو ، أي : لما بلغ أشده هو على رأي النحاة . { يقتتلان } ( (2) ) قال السمين الحلبي : صفة لرجلين . وقال ابن عطية : حال منهما وسيبويه وإن كان جوزها من النكرة مطلقا إلا أن غيره ـ وهم الأكثر ـ يشترطون فيها ما سيسوغ الابتداء بها( (3) ) . إن دلالة كون ( يقتتلان ) في الاختلاف الإعرابي ذات توجيه للمعنى كون إعراب الكلمة صفة أبلغ من إعرابها حالا ، والرأي الذي ذكره سيبويه فيه توجيه للمعنى كون النكرة المطلقة تفيد عموم القتال بين الاثنين ، وإن كانت العرب لا تجوز الابتداء بالنكرة في ذلك . __________ __________ (1) سورة القصص : الآية 10 . (2) مشكل إعراب القرآن : 1/ 542 . (3) إعراب القرآن ( النحاس ) : 2/ 544 . (4) الدر المصون : 5/ 333 . (5) سورة القصص : الآية 14 . (6) مشكل إعراب القرآن : 1/ 542 .وينظر إعراب القرآن ( النحاس ) : 2 /545 . (1) البيان في غريب إعراب القرآن : 2 /230. (2) سورة القصص : الآية 15 . (3) الدر المصون : 5/ 335 . وينظر المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ( المعروف بتفسير ابن عطية ) . عبد الحق الغرناطي الأندلسي ابن عطية أبو محمد . ت 541 هـ . تحقيق : عبد الله بن إبراهيم الأنصاري . ورفيقه مؤسسة دار العلوم . الدوحة . ط1 . 1404 هـ . 1984 م : 12 /151 . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
08 / 05 / 2010, 33 : 11 PM | المشاركة رقم: 9 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد بارك الله فيكم اخي ****** ابو عادل جهد مشكور عليه اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
09 / 05 / 2010, 46 : 06 PM | المشاركة رقم: 10 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد أشكر مرورك العطروجزاك الله خيرًا أخي الكريم محمد نصر. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018