الإهداءات | |
جريدة ملتقى اهل العلم الاخباريه تختص بالاخبار اليوميه بوجه عام لجميع الدول . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | صقر الاسلام | مشاركات | 0 | المشاهدات | 1609 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
14 / 07 / 2009, 51 : 03 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : جريدة ملتقى اهل العلم الاخباريه مجزرة, مذبحة, نكبة, مأساة.. تسميات مختلفة لكن المسمى واحد (القتل) أطراف متعددة لكن الضحية واحدة (مسلمو سربرنيتشا.. قضايا متنوعة لكن الهدف واحد (إبادتهم)..أهوال شهدها مسلمو البوسنة والهرسك وشاهَدها الآخرون.. ذاقها الضعفاء وتلذذ بها الأقوياء.. فما هي الحكاية؟. ماقبل ذلك: مثلما أن لكل قضية تفاصيلها وأبعادها ونتائجها فإن لها أسبابها ومقدماتها.. وهذا ما ينطبق على مأساة سربرنيتشا، ورغم أنها جزئية في الزمان والمكان، إلا أنها كلية في الدلالات والمعان..ولمعرفة شيء من هذه الدلالات والمعان نحتاج إلى أن ننظر في الماضي لا أن نرجع فيه؛ لأن في النظرة عبرة، أما الرجوع فقد تكون فيها العثرة.. كما أن فهم (جزئية) هذه المأساة لا يتضح جلياً إلا من خلال النظر في كلية القضية التي شهدتها يوغوسلافيا ومنطقة البلقان عموماً, فالعبرة بالتفكر لا بالتذكر فقط. نظرة في تاريخ المنطقة: العجيب في أمر يوغسلافيا أنها قامت إثر مجازر وانتهت بإقامة مجازر، فقد جاءت هذه الدولة عقب الحرب العالمية الأولى التي قضت على الملايين من البشر، وكانت يوغوسلافيا إحدى نتائجها، وإحدى مخلفات (مؤتمر فرساي) الذي عقد سنة 1919م في قصر فرساي بباريس..كلمة (يوغوسلافيا) تعني (سُلاف الجنوب) استوطنتها مجموعات بشرية جاءت خلال القرنين السادس والثامن الميلادي من سهول أوكرانيا (وهم السُلاف) ومن الصين، وغير ذلك من المناطق..ومما ساعد على ذلك موقعها قرب نهاية أوروبا وأطراف آسيا, مما أدى إلى تكّون أخلاط متنوعة عن الأجناس البشرية جمعتها الجغرافيا وفرقتها الأعراف والمعتقدات والثقافات. ونتج عن ذلك ديمومة الصراع والاحتكاكات. توضيح ذلك نجده في الحوار الصحفي مع الزعيم اليوغسلافي الراحل (تيتو) الذي أجرته صحيفة (صنداي تايمز) البريطانية قبيل وفاته سنة 1980م بواسطة محمد حسنين هيكل بحكم علاقته القوية مع (تيتو)..ففي هذه الحوار يصف تيتو بلاده بـ(سبع حقائق) حسب تعبيره وهي: - الحقيقة الأولى: أن يوغوسلافيا دولة واحدة (الجمهورية الاتحادية اليوغوسلافية) طبعاً كلام (تيتو) كان قبل تشرذمها بداية التسعينات. - الحقيقة الثانية: أن يوغوسلافيا تستعمل أبجديتين (اللاتينية والسيريلية). - الحقيقة الثالثة: أن يوغوسلافيا تتحدث بثلاث لغات (الصربية – الكراوتية – السلوفينيه). - الحقيقة الرابعة: أن يوغوسلافيا تعتنق أربعة أديان (المسيحية لأرثوذكسية – المسيحية الكاثوليكية – الإسلام – اليهودية). - الحقيقة الخامسة: أن يوغوسلافيا موطن لخمس قوميات (القومية السلوفينية – القومية الكرواتية – القومية الصربية – القومية المقدونية – قومية مونت نجرو [الجبل الأسود]). - الحقيقة السادسة: أن يوغوسلافيا تضم ست جمهوريات (الصرب- البوسنة والهرسك- كرواتيا- سلوفينيا- مقدونيا- مونت نجرو [الجبل الأسود]). - الحقيقة السابعة: أن يوغوسلافيالها سبعة جيران دوليين (إيطاليا – النمسا – المجر – رومانيا – بلغار- ألبانيا – اليونان). ويعلق (تيتو) على ذلك بأن هذه الحقائق هي وصف يوغوسلافيا، وفي نفس الوقت توصيف لمشاكلها، "بما تمثله الأرقام من عالم الحساب إلى عالم السياسة". وقد نقل هيكل أجزاءً من هذا الحوار في كتابه (كلام في السياسة) (صـ261-267) الطبعة السابعة 2002م. الإسلام في البلقان من الآراء السائدة أن أول وصول للإسلام جاء مع الغزو العثماني غير أن هذا الرأي ينطبق على وصول المسلمين بأعداد كبيرة، ولكن هناك من يرى أن الوصول الفعلي سابق على غزو العثمانيين، فالإسلام وصل إلى بعض المناطق قبل الغزو العثماني بعدة قرون. ويرى البعض أن الإسلام وصل إلي هذه البلاد بعد غزو صقلية..وجاء وصول المسلمين بأعداد كبيرة مع الغزو العثماني، وانتشر الإسلام بعد هذا انتشاراً واسعاً، وهناك عامل مهم ساعد على تهيئة الظروف لانتشار الدعوة الإسلامية في هذه المنطقة، وهو ظهور (المذهب البوغوميلي، أو الكنيسة البوشناقية)، والتي عارضت المذهبين السائدين في المنطقة، المذهب الكاثوليكي والمذهب الأرثوذكسي. حسب ما جاء في موسوعة (ويكيبيديا). وكانت الكنيسة البوشناقية ترفض الكثير مما جاء بالمذهبين، ورفضت تقديس البشر، والتعميد، كما رفضت مبدأ النزاع بين الروح والمادة، وطالبت بعودة المسيحية إلى أصولها القديمة من وجهة نظرها، ولهذا برز الصراع بينها وبين المذهبين السابقين، وهكذا كان البوشناق مهيئين لقبول الإسلام..ودخل العثمانيون شبه جزيرة البلقان عندما غزوا (جنيلوا) سنة (754هـ - 1353 م)، ثم هزموا التحالف المسيحي سنة (767هـ - 1365م) قرب أدرنة، وهزم التحالف مرة أخري سنة (773هـ - 1371م). وهكذا توغل الأتراك في شبه جزيرة البلقان حتى وصلوا إلى بيوجراد سنة (856 هـ - 1452م)، واشتدت حدة الصراع بين المذاهب المسيحية، وطلب الوبشناق العون من الأتراك، فاستولى على بلادهم محمد الفاتح في سنة (868هـ - 1463م)، وحسم الصراع بين المذاهب المسيحية، وعندما تعرف الوبشناق على مبادئ الإسلام اعتنقوا الإسلام. وأعلن محمد الفاتح - في مرسوم شهير- حرية العبادة لجميع سكان البوسنة وحماية أماكن العبادة للمسيحيين، وهو ما شجعهم على الدخول في الإسلام طواعية، بعد أن عرفوا معنى التسامح الذي لم يشهدوه في تاريخهم الطويل، ولم يشهدوه بعد خروج العثمانيين من البوسنة سنة 1878م..وفي سنة 1470 أسس العثمانيون مدينة سراييفو عاصمة البوسنة حاليا، وأدى ذلك لانتشار أوسع للإسلام بين الصرب والكروات الذين قدموا للبوسنة من أجل العمل لدى الأتراك واستوطنوا البوسنة بعد ذلك..وسرعان ما تبوأ المسلمون الجدد مناصب رفيعة جداً في الدولة العثمانية في وقت قياسي مما يؤكد حقيقة دخولهم في الإسلام بقناعة تامة دون إكراه..وقد كان تسعة من كبار الوزراء في الأستانة باسطنبول من البوسنة، وظلت تلك المكانة محفوظة على مدى 67 عاما. وقد شغل اثنان من القادة البوسنيين منصب (الصدر الأعظم) في ظل حكم سليمان القانوني، وكان أول بوسني يتولى هذا المنصب روسترن باشا أوبوكوفيتش سنة 1544م، وآخرهم مراد كوجونسي سنة1611م، أما أشهرهم فهو محمد باشا سوكولوفيتش، الذي يعتبر أعظم (صدر أعظم) عرفه تاريخ الخلافة العثمانية. كما شارك البوسنيون بحماسة في الحروب التي خاضتها الخلافة العثمانية في القارات الثلاث، منذ الفتح وحتى سقوطها سنة1924م..كما شاركوا في عمليات البناء التي شهدتها البوسنة بعد الفتح العثماني، مثل بناء المدن والطرقات والجسور، التي تعد من روائع الفن الهندسي العثماني الإسلامي، ومن ذلك جسر موستار التاريخي وجسر فيشي غراد، والقلاع وغيرها، والتي لا تزال شاهدة حتى اليوم على حضارة عظيمة، مثل انحسارها ومن ثَم تشويهها خسارة عظمة للبشرية قاطبة. (الشرق الأوسط 26/9/2009م- عبدالباقي خليفة). ولم ينقض قرن حتى اعتنق جميع البوشناق الإسلام وصاروا من أقوى أنصاره، وأخذوا في تشيد المدن ذات الطابع الإسلامي، ومن أهم هذه المدن سراييفو، وتقدم العثمانيون في غزو بلاد جديدة وحسن إسلام البوشناق، وعندما ضعفت الدولة العثمانية استولت النمسا على مناطق عديدة من المنطقة، وأخذت بعض المناطق تستقل مثل بلاد الجبل الأسود وصربيا، واضطر العثمانيون للتخلي عن بلاد البوشناق والهرسك في سنة (1295 هـ - 1878 م) لإمبراطورية النمسا والمجر إثر توقيع اتفاقية (برلين) الشهيرة - سنة 1878م - التي سلمت البوسنة للاحتلال النمساوي ـ الهنغاري. (الشرق الأوسط - عبد الباقي خليفة)..ووصف المفكر البوسني كمال سوكيتش معاهدة برلين بأنها "أخطر الوثائق التي أعدتها القوى العظمى (في ذلك الحين) لإلقاء الشعب البوسني في التهلكة". وقد عارض البوسنيون تلك المعاهدة، ووجدوا أنفسهم لوحدهم في مواجهتها، ونظموا عمليات المقاومة بمفردهم لسنوات ضد النمساويين. وكان استبدال الحروف اللاتينية بالحروف العربية من بين الإجراءات القمعية للاحتلال التي أثرت على ثقافة البوسنة إلى يومنا هذا. (الشرق الأوسط- 10/10/2005م).. وهكذا دام الحكم العثماني في معظم مناطق يوغسلافيا أكثر من أربعة قرون. أحوالالمسلمين تعرض المسلمون في عهد الحكم النمساوي لموجات قاسية من الاضطهاد واضطر العديد من الهجرة فراراً بدينهم وعندما ثار المسلمون ضد الحكم النمساوي انضم إليهم الأرثوذكس، ونجح المسلمون في الحصول على الحكم الذاتي في الأمور الدينية، وعندما ظهرت الدولة الصربية استبشر المسلمون للتخلص من الاستعمار النمساوي، ولكن غدر بهم الأرثوذكس بعد الاستقلال وقد كان في مدينة بوجراد 270 مسجداً والعديد من المدارس الإسلامية، وبعد أن انحسر الحكم الإسلامي عن المدينة، قضى على المدارس الإسلامية وهدمت المساجد لتقام مكانها الفنادق، والمسارح وأقيم البرلمان على أنقاض مسجد (بتار) وكان من أجمل مساجد بيوجراد والمسجد الوحيد الذي بقي في بيوجراد هو مسجد ( بيرقلي) ويعتبر من أقدم مساجد بيوجراد وبني في سنة (828 هـ - 1521م). أحوال المسلمين بعد الحرب العالمية الثانية سادتيوغسلافيا فترة من الاضطرابات في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وبعد أن استقرت الأحوال أخذ المسلمون يستردون كيانهم فأعيدت لهم بعض مساجدهم ومدارسهم، واعترفت الدولة بكيان المسلمين سنة (1393هـ - 1973م)، وتكونت جمهورية إسلامية في بلاد البوشناق والهرسك، ويشكل المسلمين أغلب سكان هذه الجمهورية، وأصبح للمسلمين حرية التعبد وإقامة المساجد وبناء المدارس وشراء الكتب الإسلامية وكذلك نشرها، ولم تنقض مدة وجيزة على هذا الاستقلال حتى بدأت جمهورية صربيا تشن هجمات وحشية على الجمهوريات التي أعلنت استقلالها، ولاسيما جمهورية البوسنة والهرسك، وإقليم كوسوفو، وكذلك إقليم سنجاق، وهي أهم مناطق تجمع المسلمين فيما كان يسمى بيوغسلافيا، ولقد مارست صربيا عمليات استئصال ديني للمسلمين في هذه المناطق. مناطق المسلمين 1- جمهورية البوسنة والهرسك، وجمهورية كرواتيا، وجمهورية سلوفينيا، حيث المركز الرئيسي للهيئة الإسلامية العليا في مدينة سراييفو الذي يشرف على المسلمين في البوسنة والهرسك. 2- في جمهورية صربيا، وكوسوفا، وإقليم فوبفودينا، حيث المركز الرئيسي للهيئة الإسلامية العليا في مدينة برشتينا، ويشرف على المسلمين في هذه المناطق. 3- في جمهورية مقدونيا، حيث المركز الرئيسي للهيئة الإسلامية في مدينة سكوبي، ويشرف على المسلمين في الجمهورية. 4- في جمهورية الجبلالأسود، وحيث المركز الرئيسي في مدينة تيتوجراد ويشرف على المسلمين في منطقة الجبل الأسود. وجملة المسلمين في هذه المناطق أكثر من ستة ملايين. القوميات المسلمة يشكل البوشناق أغلبية المسلمين في يوغسلافيا، ثم المسلمون الألبان ويقترب عددهم من مليونين، ومعظمهم في إقليم كوسوفو حيث يشكلون حوالي 77% من سكانه، وحوالي نصف مليون ألباني في منطقة مقدونيا، وقد سلب هذا الإقليم من ألبانيا في الحرب العالمية الأولي، ثم يأتي ترتيب الأتراك، وقد قل عددهم بسبب هجرة العديد منهم إلى تركيا، ثم يأتي دور الغجر ويقترب عددهم من مائة ألف نسمة، ولكل قومية لغاتها ومدارسها الإسلامية. المساجد تعرضت المساجد للهدم أيام حكم النمسا، وقبل الحرب العالمية الأولي وبعدها، ولكن قل عددها عما كانت في عهد الأتراك، وبعد أن حصل المسلمون على اعتراف الدولة بدأ عدد المساجد يزداد فوصل إلى 2700 مسجد، واسترد المسلمون معظم المساجد التي سلبت منهم أيام الاضطهاد، وتنتشر المساجد في القرى والمدن حيث تعيش الأقلية المسلمة، ويقدر عدد المساجد حالياً بأكثر من 3000 مسجد، غير أن هذه المساجد لم تسلم من تدمير الصرب في حربهم ضد المسلمين. أصول مسلمي البوسنة تحدث الكاتب عبد الباقي خليفة – في صحيفة (الشرق الأوسط) 26/9/2005م- عن وجود صعوبة في تحديد هوية البوسنيين الحقيقيين، وما إذا كانوا من (الإليريين) - سكان البلاد الأصليين الذين استقروا في المنطقة منذ الألفية الثانية قبل الميلاد- أو هم من السلاف الوافدين للبلقان في القرن التاسع الميلادي مثل الصرب. لكن الكاتب يؤكد أن البوسنيين المسلمين يمثلون خليطا من السكان الأصليين والوافدين على مر العصور بمن فيهم السلاف، حتى أن بينهم عدداً قليلاً من العرب يطلق عليهم (عربجيتش)..لكن الغالبية العظمى منهم من البوشناق، والذين يمثلون نسبة أعلى من العرب في الدول العربية، بل من الفرنسيين في فرنسا، والبريطانيين في بريطانيا، والايطاليين في ايطاليا، بل حتى الأتراك في تركيا..كما دخل في الإسلام عدد كبير من الصرب والكروات، لا يزالون يحتفظون حتى اليوم بألقابهم العائلية مثل برانكوفيتش وفيليبوفيتش وكاريتش وميخائلوفيتش وغيرهم، وهؤلاء اختلطوا بالبوشناق وتصاهروا معهم، وهم من بين أكثر المدافعين عن البوسنة والإسلام حتى اليوم. مصدرصراع كان الصراع العرقي في منطقة البلقان السبب الرئيس للحرب العالمية الأولى: في عام 1908م قامت الإمبراطورية النمساوية - في ظل حكم آل ها بسبورج - بالاستيلاء على مقاطعتي (البوسنة) و(هيرسوجوفينا) بعد أن ضعفت السيطرة العثمانية التي عانت من الانتفاضات القومية المتكررة وكان سكان هاتين المقاطعتين – ذوو الأعراق السلافية والصربية الكرواتية - يرفضون إلحاقهم بالنمسا ويرون أن صربيا هي دولتهم القومية. في 28/6/1914م، وفي عيد زواجه توجه الأرشيدوق فرانز فرديناند (ولي عهد إمبراطورية آل هابسيورج النمساوية) إلى البوسنة لتفقد أحوال الجيش بصفته المفتش العام للجيش النمساوي – الهنغاري المشترك، وفي أحد شوارع سراييفو (عاصمة مقاطعة البوسنة) تمكن طالب حربي يدعى جفريلو برنسيب من اغتيال الأرشيدوق وزوجته وتم توجيه الاتهام لجمعية صربية سرية يرأسها رجل غامض عرف باسم (آبيس)..وأعلنت النمسا الحرب على صربيا, وحشدت روسيا القيصرية جيوشها لمساندة العرب بصفتها راعية وحامية السلاف. مقابل ذلك أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا في 31/7/1914م، واشتعلت الساحة الأوروبية شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، وقتل الملايين. في عام 1918م اتحدت كل من صربيا وكرواتيا وسلوفينيا تحت قيادة ملك الصرب بطرس الأول تحت اسم (مملكة صربيا وكرواتيا وسلوفينيا)، تم تغير الاسم إلى (مملكة يوغوسلافيا) سنة 1945م، ثم إلى جمهورية بعد ذلك. وهنا يقول محمد حسنين هيكل: "هكذا كانت يوغوسلافيا بلداً مصنوعاً على عجل بعد الحرب العالمية الأولى، ثم أعيدت صناعته مع تحسينات مضافة بعد الحرب العالمية الثانية"..كان (تيتو) أول زعيم للجمهورية الجديدة (إتحاد الجمهوريات اليوغوسلافية الشعبية)، واستمر حكمه حتى وفاته سنة 1980م واستطاع بقدراته السياسية والشخصية من إحكام قبضته على البلاد، بل استطاع إخراجها من عباءة النفوذ السوفييتي الشيوعي الذي استمر من 1945م حتى 1948م، وجعل من بلاده قطباً في دول عدم الإنجاز رغم أنه كان شيوعياً حتى النخاع. لكن هذا الاتحاد كان في حقيقته مبنياً على أسس نارية يغطيها رماد قوة السلطة المتمثلة بشخصية (الزعيم)، وهذا هو أساس المشكلة؛ لأن بناء الأوطان واستقرارها مرتبط بالحق وثم الخلق، وليس بالخلق (الشخص فقط)..ولما أدرك تيتو حقيقة مشاكل بلاده أراد أن يعالجها , لكن علاجه كان على طريقة الشاعر العربي النؤاسي (داوني بالتي كانت هي الداء), حيث يقول - في حواره السابق ذكره – إنه فكر كثيراً في مستقبل يوغوسلافيا.. وقال إنه فكر في أن يتخلى عن المسؤولية لرجل واحد, لكن الاختيار بدا صعباً، فقد كان عليه أن يجد رجلاً يملك الحكمة ليقود البلد، ويملك الجاذبية كي يقبله البلد..وقال: أحياناً وجدت رجلاً لديه الحكمة دون الجاذبية, وأحيانا وجدت الجاذبية دون حكمة". ورغم أن تيتو أدرك جزءاً من الصواب (الحكمة والجاذبية) - وهما صفتان: الأولى جزء من (الحق) والثانية جزء في (الخلق) – إلا أن علاجه كان على النحو التالي: "وأخيراً توصلت – وعلى أساس مبدأ القيادة الجماعية – إلى فكرة إنشاء مجلس للرئاسة يمثل كل الجمهوريات، ويتناوب أعضاؤه على الموقع الأول دورياً بانتظام". وكان هذا الحل هو المشكلة..فعلى مدى قرون طويلة استطاع المسلمون أن يحكموا أعظم قوة وأكبر دولة عرفها البشر امتدت من المحيط الهادي حتى المحيط الأطلسي، وضمت بيت جنباتها مئات الأعراق والأجناس واللغات والثقافات.. ولم تلجأ هذه الدولة العظمى لإنشاء مجالس للرئاسة أو هيئات تضم ممثلين أو مندوبين للقوميات وما شابه ذلك, بل كان يحكمها خليفة مستمسك (بالحق)، ومسترشد (بالعدل)، فبالحق حفظوا (عناق بعير)، وصانوا (عرض عامرية).. وبالعدل ارتفعت (دُرة عمر).. وكان نتيجة ذلك }خير أمة أخرجت للناس{. وكان العامل المشترك لذلك كله هو الإسلام وحبل الله المتين..حتى وإن تبدلت العصور وتغيرت الإفهام والأفكار واختلفت الوسائل بحكم الزمان والمكان تظل ثوابت الحق والعدل قائمة لا تتبدل ولا تتغير..وعودةٌ إلى ما حصل ليوغوسلافيا ودعوةٌ إلى استخلاص العبر نجد أن مشكلة يوغوسلافيا هو غياب العامل المشترك الذي يوجه ميول الناس ويضبط مساراتهم الروحية والعقلية والاجتماعية, ويحدد مواضع الألم الحقيقي ويصف الدواء الصحيح (على بصيرة)..وهنا نجد تعليقاً جميلاً لحسنين هيكل على علاج (تيتو) حيث يقول: "وبأثر رجعي فإن تلك الفكرة أضافت إلى المشكلة بأكثر مما ساعدت على حلها فوجود مجلس للرئاسة يضم ممثلاً لكل واحدة من الجمهوريات كرس الإحساس بالاختلاف ثم بالتمايز, ثم بالتفرد ثم بالانفصال"..وفعلاً كلام هيكل يعبر عن حقيقة واقعية ونتيجة حتمية؛ لأن كل عضو سيتحدث بلسان قومه، وسيعبر عن أفكار شعبه, وسينطلق من مصالح بلده فقط دون النظر إلى مصالح الآخرين, وخصوصاً في عصرنا الحاضر المحكوم بالمصالح الذاتية..وبناء على رؤيته للوضع الداخلي والأوضاع الخارجية الإقليمية والدولية ظن تيتو أن يوغوسلافيا "سوف تحتفظ باستقلالها وسوف تحتفظ بوحدتها"..ولما أخطاء في تشخيص الداء وفشل في وصف الدواء، انقلب ظنه الخيالي إلى يقين واقعي: تفتت يوغوسلافيا في عام 1990م جرت في كرواتيا وسلوفينيا أول انتخابات برلمانية منذ الحرب العالمية الثانية وكان ذلك بداية الانقسام اليوغوسلافي..في 1991م أعلنت سلوفينيا وكرواتيا ومقدونيا استقلالها عن الإتحاد اليوغوسلافي..في 1992م أعلنت البوسنة والهرسك استقلاها فبدأت (المأساة الأولى)..في 1998م قامت الأغلبية الألبانية في إقليم كوسوفا بانتفاضة ضد صربيا فوقعت (المأساة الثانية)..في 2003م كونت صربيا والجبل الأسود اتحاداً تحت اسم (اتحاد صربيا والجبل الأسود)..في 17/2/2008م أعلن إقليم كوسوفا استقلاله عن حكومة بلغراد الصربية وهنا يخشى من (مأساة ثالثة)، وهكذا انتهت يوغوسلافيا بالدماء كما بدأت بالدماء. مأساة سربرنيتشا فيالفترة من 11 إلى 19 يوليو 1995م تم القضاء على حوالي عشرة آلاف بوسني على يد القواتالصربية المدعومة مادياً وعسكرياً من الحكومة اليوغوسلافية. وفي مقياس الأرقام فقط كان هناك ثلاثة آلاف ضحية من المدنيين في سربرنيتشا وحدهاخلال عاميْ 1992م و 1993م، بسبب القتل وسوء التغذية وانعدام الأدوية والقنابلالصربية. ورغم وضع سربرنيتشا تحت الحماية الدولية بعد أن استفحل أمر هذه الغطرسةالصربية والتمادي في اجتثاث هؤلاء من أرضهم إلا أن الأمم المتحدة نزعت الأسلحة من سكان سربرنيتشا التي كانوا يدافعون بها عن أنفسهم..واستمر هذا الجيش في قصف سربرينتشا والتي يفترض أن القوات الأوكرانية مكلفة بحمايتها ولكن الأمم المتحدة مرة أخرى أصدرت أمراً بسحب القوات الأوكرانيةواستبدالها بكتيبة هولندية لم تكن تقوم بالدفاع عن سربرينتشا. (صحيفة الرياض- د. نورة خالد السعد)..وحول مسؤولية القوات الهولندية هناك استمعت محكمة لاهاي يوم الاثنين 16/6/2008م إلى مسلمين من البوسنة يُحمّلون القوات الهولندية التي كانت تعمل تحت راية الأمم المتحدة، مسؤولية مقتل أقارب لهم خلال المجزرة..وقال أحد مقدمي الدعوى في هذه القضية المرفوعة ضد الدولة الهولندية ويدعى حسن نوهانوفيتش، إن أفراداً من عائلته طردوا من القاعدة الهولندية وسلموا إلى الصرب من قبل جنود هولنديين. حسن الذي كان حينها في السابعة والعشرين من العمر، يعمل مترجما للكتيبة الهولندية المكلفة من قبل الأمم المتحدة حماية سربرنيتشا عندما وقع هذا الجيب المسلم بين أيدي صرب البوسنة..ويؤكد أن القوات الهولندية طلبت منه أن يخبر اللاجئين المسلمين بضرورة مغادرة الجيب الذي لجؤوا إليه أملاً بالحصول على حماية من الجنود الهولنديين الذين كانوا مجهزين بأسلحة خفيفة. وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت الجيب منطقة آمنة، وظل كذلك حتى استولى عليه صرب البوسنة..وحسب نوهانوفيتش فإن القوات الهولندية كانت تدرك أن الأشخاص الذين تم إجلاؤهم سيتعرضون لخطر الموت "لكنهم لم يأبهوا لذلك، الهولنديون أنفسهم كانوا يريدون الرحيل بأسرع وقت ممكن، ولم يكن ذلك ممكنا طالما أن ثمة لاجئين في القاعدة"..وفي الأيام التي تلت سقوط الجيب، اقتيد نحو ثمانية آلاف رجل وصبي مسلم إلى المناطق المحيطة بالجيب حيث أعدموا، ووضعت جثثهم في مقابر جماعية. وفي تلك الفترة فصل الرجال الذين اعتبروا أنهم في سن القتال عن النساء والأطفال والمسنين في قاعدة بوتوكاري أمام أعين الجنود الدوليين الهولنديين الذين لم يتحركوا..ومنذ انتهاء الحرب تم العثور على عشرات المقابر الجماعية في محيط سربرنيتشا، وقد هزت هذه القضية هولندا. ففي 2002م، استقالت الحكومة الهولندية بعد صدور تقرير إثر تحقيق أظهر أنها أرسلت جنودا في إطار مهمة "مستحيلة" إلى سربرنيتشا..لكن الحكومة الهولندية رفضت تقديم اعتذارات مؤكدة أن قواتها كانت تحت قيادة الأمم المتحدة، وأن صرب البوسنة مسؤولون عن المجزرة. وبدورها أقرت الأمم المتحدة عام 1999م بأنها لم تنفذ مهمتها بحماية المدنيين، لكنها رفضت تحمل المسؤولية. أبرزمجرمي مذبحة سربرنيتشا: * سلوبودان ميلوسيفيتش كان سلوبودان ميلوسيفيتش رئيساً لصربيا ويوغوسلافيا في الفترة بين 1989م و1997م..وعندما أعلنت كل من كرواتيا وسلوفانيا استقلالهما عن يوغسلافيا عام 1991م أرسل ميلوسيفيتش دبابات إلى الحدود السلوفانية، وبدأ حرباً قصيرة انتهت بانفصال سلوفانيا..في تلك الأثناء، قام الصرب في كرواتيا، بحمل السلاح بدعم من ميلوسيفيتش. قبل أن يرسل الجيش اليوغسلافي الصربي للتدخل في كرواتيا لدعم الصرب..وأسفرت هذه الحرب عن مقتل 10 آلاف شخص على الأقل، ودمّرت مئات القرى والبلدات الكرواتية، ولم تنته المجازر إلا عندما وقع الطرفان على اتفاقية وقف إطلاق النار في الأمم المتحدة عام 1992م. بعد ثلاثة أشهر، أعلنت البوسنة والهرسك استقلالها، فبدأ ميلوسيفيتش بتمويل الصرب البوسنيين هناك، ودعمهم بالسلاح والعتاد، وأطلق حرباً دموية عنصرية ضد المسلمين، أسفرت عن مقتل أكثر من 200 ألف شخص مسلم، وتشريد مئات الآلاف الآخرين..استمرت العمليات العسكرية ضد المسلمين حتى عام 1995م، عندما وقّعت صربيا اتفاقية دايتون بأوهايو..وفي فبراير 1998م، أرسل ميلوسيفيتش جنوده مرة أخرى، لقتل المسلمين الألبان في كوسوفا، حيث خرجت مظاهرات غاضبة في كوسوفا، بسبب الأوضاع البائسة التي تعيشها البلاد. كما قام جيش التحرير الكوسوفي بثورة ضد حكم ميلوسيفيتش العنصري. وبعد أشهر على الحرب العرقية الرابعة، تم تشريد نحو 800 ألف ألباني مسلم إلى الدول المجاورة، حاولت دول حلف الناتو إقناع ميلوسيفيتش بتوقيع معاهدة وقف إطلاق نار، نظمتها فرنسا.. إلا أنه رفض أي هدنة..فأطلق الحلف في عام 1999م حرباً دولية استمرت 78 يوماً، أرغمت ميلوسيفيتش على الاستسلام، بعد أن استغل القصف الدولي عليه لإحداث المزيد من الإبادة الجماعية ضد المسلمين في كوسوفا..استمر القصف الجوي الدولي معظم فترة الأيام الـ 78، إلى أن قبل ميلوسيفيتش بخطة (السلام!) الدولية، التي نقلت إقليم كوسوفا إلى الأمم المتحدة في يونيو 1999. (موقع المسلم- معمر الخليل). في فبراير2001م، بدأت محاكمة ميلوشيفيتش أمام المحكمة الدولية، حيث واجه فيها 66 تهمة تتعلق بالإبادة الجماعية في كرواتيا والبوسنة وكوسوفا، وجرائم التصفية العرقية وقتل النساء والأطفال والأبرياء..وفي 11/3/2006م عثر عليه ميتا في مركز الاعتقال الذي كان محتجزاً به في لاهاي..وقالت محكمة لاهاي إنه سيتم إجراء تشريح على الجثة للوقوف على سبب الوفاة، غير أنه ليس هناك ما يشير إلى الانتحار..وفي ما يلي أبرز التهم التي كانت موجهة إليه: في كوسوفا: كانسلوبودان ميلوشيفيتش متهما بالمشاركة في عملية إجرامية مشتركة هدفها طرد قسم كبير من السكان الألبان من كوسوفا إلى خارج أراضي الإقليم لإبقائه تحت السيطرة الصربية..وكان متهما بتحمل المسؤولية المباشرة عن الترحيل القسري لحوالي 800 ألف مدني الباني من كوسوفو، ووفاة 900 منهم على الأقل بينهم نساء وأطفال..وقد ثبتت المحكمة بحقه أربع تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وتهمة بارتكاب جريمة حرب بسبب عمليات اضطهاد وأعمال غير إنسانية واغتيالات وقتل وطرد عدد من ألبان كوسوفو. فيكرواتيا: كان ميلوشيفيتش متهما بالمشاركة بين أغسطس 1991م ويونيو1992م في مشروع إجرامي يهدف إلى إجبار غالبية السكان الكرواتيين وبقية السكان غير الصرب على إخلاء حوالي ثلث أراضي الجمهورية الكرواتية التي كان يفترض أن تضم إلى دولة جديدة يهيمن عليها الصرب..ووجهت إليه عشر تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية و22 تهمة بارتكاب جرائم حرب من بينها طرد ما لا يقل عن 170 ألف كرواتي أو غير صربي، وقتل مئات المدنيين غير الصرب، واعتقال الآلاف منهم في ظروف غير إنسانية. في البوسنة: كان ميلوشيفيتش متهما في إطار هذا النزاع الأكثر دموية بين الحروب اليوغوسلافية بارتكاب عملية إبادة لإقدامه على تنفيذ حملة للقضاء على مسلمي البوسنة..وأدت هذه الحملة إلى مقتل تسعة آلاف شخص على الأقل حسب لائحة ملحقة بمحضر الاتهام..ومن الضحايا الذين أدرجوا على اللائحة قتلى مجازر سربرنيتشا ومعسكري الاعتقال في اومارسكا وكيراتيرم..كما ذكرت الوثيقة طرد أكثر من 268 ألف شخص من غير الصرب..كذلك كان ميلوشيفيتش يواجه عشر تهم أخرى بارتكاب جرائم ضد الإنسانية و17 تهمة بارتكاب جرائم حرب. * رادوفان كراديتش كان زعيما لصرب البوسنة..اعتبر كراديتش المسؤول الأول عن حملة التطهير العرقي ضد الكروات والمسلمين بالبوسنة، ومن بينها مجزرة سربرنيتشا، وهو ما جعل المحكمة الدولية لجرائم الحرب في يوغسلافيا توجه له في نوفمبر 1995م تهم التطهير العرقي وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية..في 21/7/2008م أعلنت الرئاسة الصربية عن اعتقاله بعد 13 عاماً من التخفي، وتم إحالته على محكمة جرائم الحرب الدولية في لاهاي بموجب قانون يخص التعاون مع المحكمة..وجاء في بيان عن الرئيس الصربي بوريس تادتش أن "رجالاً من قوات الأمن الصربية حددت مكان كراديتش واعتقلته"..ويضيف البيان أن كراديتش أحيل على قاضي تحقيق محكمة جرائم الحرب في بلغراد، كما ينص على ذلك قانون الاتفاق مع المحكمة الدولية من أجل يوغوسلافيا سابقا. مشكلة الحل في حل المشكلة بعد أن تمزقت يوغوسلافيا واشتعلت الحروب في منطقة البلقان، وبعد أن شبع الصربيون من سفك الدماء وتشبع المسلمون من الإبادة، بدأ الغرب يتحرك لوقف المتداعيات التي قد تترتب جراء هذه الأحداث..قامت المجموعة الأوروبية بتعيين ممثل عنها لحل أزمة البلقان وهو اللورد البريطاني (دافيد أوين)، وأرسلت أمريكا مندوباً عنها أيضاً هو وزير الخارجية الأسبق (سيروس فانس)، وكان هناك آخرون من بينهم الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان..وفشلت جهود كل هؤلاء في احتواء الموقف، وابتعدوا عنه؛ فأصبحت الساحة خالية أمام مجرمي الحرب أمثال ميلوسوفيتش وكاراديتش. والسؤالهنا: لماذا فشل الغرب في وقف المجازر؟. وجهة النظر الغربية نجدها من خلال اللقاء الذي ضم محمد حسنين هيكل والمبعوث الأوروبي إلى البلقان دافيد أوين، فقد نقل هيكل في كتابة - السابق ذكره – كلاماً طويلاً لأوين حول مشكلة البلقان وتعقيداتها..يقول أوين إنه وغيره لم يوفقوا في البحث عن ضوء في نهاية النفق، "وفي النهاية أو بقربها كنا جميعاً لا نسعى وراء تسوية عادلة، ولكننا كنا نبحث عن تسوية فقط، أما كونها عادله فقد أدركنا جمعياً أن العدل مستحيل؛ لأنه لا يوجد قانون، وإذا وجد قانون فنصوص مواده مكتوبة بالدم"..إلى أن قال إن الانفراط اليوغوسلافي فتح الأبواب لمعارك بالنار متوالية: الصرب ضد السلوفينيين والكروات وكان ذلك قتالاً من أجل الاستقلال القومي. ثم معركة في البوسنة والهرسك بين الحكومة المركزية في بلجراد وبين الحكومة المحلية في سراييفو وكانت تلك معركة تأكيد سيادة. ثم انفجرت بعد ذلك معركة إضافية بين صرب البوسنة ومسلمي البوسنة وهذه كانت حرباً دينيه؛ لأن مسلمي البوسنة (البوشناق) سُلاف مثل الصرب تماماً. وأخيراً كنا جميعاً نضع أيدينا على قلوبنا خشية وصول القتال إلى كوسوفو؛ لأن العوامل الفاعلة فيها دينية وعرقية ووطنية، ثم إن كوسوفو - جغرافيا - أهم المداخل إلى قلب يوغوسلافيا". وحول مدى شدة تعقيدات الأزمة يقول أوين: "تبدت أمامنا ظاهرة طغت على كل ما عداها، ففي معظم الأزمات التي عرفتها البشرية يلعب التاريخ دوراً كبيراً في دعاوى الأطراف المتنازعة، وفي نشأة ومسار الصراعات بينها، والعادة أن التاريخ هو خلفية أي أزمة، لكن الذي وجدناه في يوغوسلافيا هو أن التاريخ واجهة الأزمة، وهذه حالة معقدة. في حالة يوغوسلافيا لم يكن التاريخ هو ما جرى في الماضي، ولكن التاريخ في حالة يوغوسلافيا كان نفسه - بذاته وصفاته - هو الحاضر الذي يواجهنا". وفي هذه الحالة فإن أي عملية تفاوض من أجل التسوية لا تستطيع أن تجد لنفسها نقطة بداية؛ لهذا يقول أوين إن أي مفاوض يبني رؤية للتفاوض على مسؤوليته، متصوراً أنها الأكثر ملاءمة، لكن (التصور) لا يكفي هنا "إذا كنا مطالبين قبل أي شيء التفاوض مع التاريخ نفسه. أن نتفاوض مع التاريخ معناه أننا نتفاوض مع الأموات مع القبور مع معارك وحروب وأزمات نشأت وتشابكت وسبقت وجودنا. ثم نكتشف أن التاريخ ذاته مستدعى ومستنفر لمعركة الحاضر"..وأوضح أن كل تفاوض يستلزم وجود أطراف لها شرعية إجرائه؛ لكي يكون ملزماً، "لكن المعضلة أن تكون مفاوضاً مع التاريخ نفسه، والسلاح حاضر، ومع الأساطير القديمة، لكنها الآن تستعمل مفردات سياسية معاصرة"..ولهذا – في رأيه – لم يكن في وسع أي وسيط دولي "أن يعثر في كثير من الأحيان على طرف إنساني مسئول له شرعية التفاوض ويتحمل مسؤوليته على المائدة وبعدها". نلاحظمن كلام المسؤول الأوروبي ثلاثة أشياء: - ذهبوا للبحث عن قانون يوجب الحل العادل, فلم يجدوه (وكأنهم وصولوا إلى الأرشيف ولم يصلوا إلى الميدان). - ذهبوا للبحث عن طرف شرعي يفاوضوه فلم يجدوه!!. - وجدوا أن المتهم وهو التاريخ!!. قد تكون المشكلة معقدة إلى الدرجة التي يصفها أوين، ولكن هل يعني ذلك أن يُترك الجلادُ يصول ويجول، ويمارس القتل والهتك..وسيتضح لنا لاحقاً أن المسألة ليس فقط في تعقيدات المشكلة، بل هناك أمور أخرى تحكم مواقف الأطراف الدولية ذات التأثير. في 1993م أُنشئت محكمة مجربي حرب يوغوسلافيا في لاهاي..وفي 1995م تم توقيع اتفاقية دايتون للسلام وإنهاء الحرب في البوسنة والهرسك, ونشر قوات دولية فيها..في 1999م شن حلف (الناتو) هجوماً عسكرياً جوياً ضد صربيا على خلفية أحداث كوسوفا..ولكن ما هي مقدمات هذا الهجوم وما هي نتائجه؟..معلوم أن الدولة التي تتحكم بسياسة حلف (الناتو) هي أمريكا بالدرجة الأولى، وكانت أزمة البلقان قد اشتعلت في أواخر حكم بوش الأب وبداية حكم كلينتون، ومع انتخابات فترته الرئاسية الثانية سنة 1996م كان موقف بيل كلينتون (من الحزب الديمقراطي) شديد الضعف بسبب سيطرة الحزب الجمهوري على البرلمان بمجلسيه (الشيوخ والنواب) وخلال هذه الفترة كانت قد تبلورت فكرة إظهار (القوة) لدى كلينتون، وفريق إدارته لإخفاء مظاهر (الضعف) الواضحة. وكان من بين النصائح التي تلقاها كلينتون من مدير عمليته الانتخابية ديك موريس قوله: "لا يهمني إذا كان الصرب يذبحون المسلمين أولا يذبحونهم، إنني نصحته بأن يضرب ميلوسوفيتش إلى أن تخرج مصارينه من بطنه، وحتى يبدو كلينتون أمام الناس رئيساً قوياً". وفي 1998م كان كلينتون يعاني من فضيحة (مونيكا لوينسكي), التي انشغل بها الرأي العام الأمريكي والعالمي، وكان لا بد من صرف أنظار الناس عن هذه القضية، ولا يكون ذلك إلا بحدث أكبر، وهذه سياسة أصبحت مألوفة في أمريكا، وعبرت عنها هوليوود في بعض أفلامها..ففي أغسطس 1998م قام جيمس كارفيل المشرف على (قاعة الحرب) - اسم أطلق على الخطط الإعلامية في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية لكلينتون- بدفع كلينتون بشكل متعمد إلى التسرع في شن هجوم بصواريخ كروز على معسكر (البدر) التابع لتنظيم القاعدة في أفغانستان، وعلى مصنع للأدوية في الخرطوم؛ وتم الهجوم بعد تفجير سفارتي أمريكا في نيروبي ودار السلام بثلاثة أسابيع فقط، وقبل أن تتجمع أية قرائن أو أدلة مقنعة على تورط (القاعدة) فيها. ونقلت مجلة (المجلة) السعودية – في 10/4/2005م – عن خبراء أن أسلوب الهجوم الأمريكي من عرض المحيط الهندي على معسكر البدر لن يؤدي إلى أية نتائج فعلية، ولن يوفق في إصابة أسامة بن لادن أو أي من كبار قادة القاعدة؛ مما جعل العديد من التحاليل السياسية والتقارير الدبلوماسية تتهم قائد (قاعة الحرب) الكلينتونية بأنه تعمد الزج بالرئيس الأمريكي عمداً نحو التسرع بالرد، لا لضرب القاعدة، بل لصرف الأنظار عن فضيحة لوينسكي. وأين الخير من رجل لا خير فيه لقومه أمثال كلينتون الذي اشتهرت عنه قضايا وفضايح ضمتها ملفات تحقيقات المدعي العام المستقل (كينيث استار) والمقدمة إلى مجلس النواب الأمريكي في 9/9/1998م.. وتمتد هذه الفضايح منذ أن كان حاكماً لولاية أركنساس وحتى وصوله إلى البيت الأبيض.. ومن بينها التستر على عملية تهريب كمية من الكوكايين قيمتها أكثر من 750 مليون دولار عبر ولاية أركنساس. كلك قضايا مخالفات مالية ارتكبها هو وزوجته هيلاري كلينتون، إلى جانب قضايا انتحار وموت مشبوهة راح ضحيتها أناس كان من الممكن أن يشهدوا ضده في عدد من القضايا. أما الفضايح الجنسية فكثيرة اشتهرت منها قضايا (جنيفر فلاورز)، و(بولا جونز)، و(كاثلين ويلي)، و(إليانور مونديل)، وآخرها(مونيكا لوينسكي).. وتفاصيل هذه القضايا تحدث عنها الكاتب هيكل في كتابه السابق ذكره (صـ11-57)..إذاً مثل هؤلاء لا يمكن أن يكون فيهم خير للمسلمين. وزيادة في التغطية على فضائحه، ومحاولة في إظهار القوة، قاد كلينتون معركة (الناتو) ضد الصرب في 1999م . ولما بدأت المعركة قال عدد من المراقبين والمحللين العسكريين الأمريكيين إن كلينتون ليس جاداً في ضرب يوغوسلافيا، والدليل أنه في العشرين يوماً الأولى ألقى طيران (الناتو) عُشر ما أُلقي على العراق حسب ما جاء في كتاب هيكل..وجاء في كتاب هيكل أيضاً أن ميلوسوفيتش انتهز فرصة غارات الناتو ليحول الطرد المنظم إلى إبادة كاملة توصلت إلى تفريغ كوسوفا تقريباً من سكانها الألبان المسلمين، فخلال الخمس السنوات - التي سبقت هجمات (الناتو) - بلغ عدد الذي جرى ترحيلهم من مسلمي كوسوفا حوالي 40 ألف نسمة، وفي ظل حملة الناتو اختفى بالإبادة أو بالطرد مليون مسلم ألباني. نلاحظ هنا أنه ما قام به الغرب بقيادة أمريكا في معالجة مشاكل البلقان كان بدافع المصلحة وليس بنية الحل. ففي البداية تجاهلوا ما يحصل للمسلمين هناك من مجازر بدعوى عدم وجود عوامل الحلول (القانون – الأطراف الشرعية)، لكن هذه العوامل تركوها جانباً ولم يبحثوا عنها عندما قرروا محاربة الصرب سنة 1999م فما الذي استجد؟، إنها المصالح..فالمصالح هي التي أسرعت بالغرب في مواجهة صدام حسين عندما احتل الكويت، وهي التي دفعت الغرب أيضاً إلى احتلال العراق سنة 2003م في مخالفة لما يسمى (القانون الدولي) وتجاهل للأطراف (الشرعية). سربرنيتشا ضحية المغامرة والمؤامرة مر معنا سابقاً الحديث عن مغامرات الصرب الدموية في سربرنيتشا، ولكن هل كان هناك مؤامرات؟. الجواب القاطع مجهول، ولكنالسؤال جائز، فهناك مؤشرات حول وجود مؤامرة قد تقوي من الاعتقاد بوجود مؤامرة ضد مسلمي البلقان عموماً: - أكد عدد من المسؤولين السابقين في البوسنة حصول صفقة بين زعيم صرب البوسنة سابقا رادوفان كراديتش والسفير الأمريكي الأسبق لدى الأمم المتحدة ريتشارد هلبروك. وقال وزير خارجية البوسنة الأسبق محمد شاكر بيه لصحيفة (دنيفني ليست) البوسنية الصادرة في موستار – يوم 3/8/2008م- "الضمانات قدمت لكل من الرئيس الصربي الأسبق سلوبودان ميلوسيفيتش، وزعيم صرب البوسنة سابقا رادوفان كراديتش، وقائد قوات صرب البوسنة سابقا الجنرال راتكو ملاديتش". وتابع "كان هناك ضوء أخضر لاجتياح سربرنيتشا في يوليو 1995م"..كذلك قال إن المسؤول الدولي السابق ريتشارد فروفيك أقر بوجود صفقة بين كراديتش وهلبروك تقضي باعتزال الأول الحياة العامة مقابل عدم اعتقاله. أما المسؤول السابق في حكومة صرب البوسنة أليكس بوها فقد جدد التأكيد على وجود اتفاقين بين كراديتش والولايات المتحدة قائلا "تم توقيع الاتفاق الأول ويتعلق بعدم محاكمة كراديتش، والاتفاق الثاني خاص بالسماح بمشاركة الحزب الديمقراطي الصربي في انتخابات صرب البوسنة". (الشرق الأوسط 4/8/2008م)..- كذلك رئيسة صرب البوسنة سابقا بليانا بلافاشيتش - قبيل نقلها إلى محكمة لاهاي والحكم عليها بـ11 سنة سجنا في ديسمبر 2002م بعد إدانتها بارتكاب جرائم حرب - أن السفير الأمريكي في البوسنة آنذاك زارها في بانيالوكا وطلب منها الاختباء على إثر صدور مذكرة توقيف بحقها فردت قائلة "لست فأرا لأهرب". - أكدت الناطقة السابقة باسم المدعية العامة لدى محكمة لاهاي - فلورانس أرتمان - أن الادعاء العام السابق قدم معلوماتٍ دقيقةٍ للاستخبارات الأمريكية عن مكان وجود زعيم صرب البوسنة سابقا، رادوفان كراديتش، لكن الاستخبارات الأمريكية تجاهلت تلك المعلومات..وجددت أرتمان - في حديث نشرته صحيفة (بليك) الصربية الصادرة في بلغراد – يوم 10/8/2008م - قولها "كانت لدينا معلومات موثقة عن مكان وجود كراديتش، لكن واحدة من الدول الثلاث وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا كانت تعرقل عملية الاعتقال بالتناوب". وقالت أرتمان إن لديها تسجيلات ووثائق بهذا الخصوص. وكشفت عن أن "اثنين من عناصر (السي آي إيه) طلبا من الشرطة البوسنية سنة 2005م وقف مراقبة عائلة كراديتش"..وأعربت عن اعتقادها أن "اعتقال كراديتش لم يكن صعباً بالنسبة لصربيا أو حتى الغرب، وهو ما يختلف عن وضع الجنرال راتكو ميلاديتش المدعوم من بلغراد وصرب البوسنة"..وقالت ارتمان: "يجب الاستماع إلى أقوال كراديتش أمام محكمة لاهاي باهتمام بخصوص مجازر سريبرينيتسا والصفقة المزعومة مع السفير الأميركي الأسبق لدى الأمم المتحدة، ريتشارد هلبروك"..وتابعت: "الآن وبعد القبض على كراديتش، يمكنه الحديث عن الاتفاق السري الذي يقول إنه عقده مع هلبروك، وكيف تم سقوط سربرنيتشا في أيدي الصرب في يوليو عام 1995م وعلاقة الغرب بذلك". - اتهم الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش أجهزة الاستخبارات الفرنسية بالتورط في مجزرة سربرنيتشا بالبوسنة عام 1995م..وقال ميلوسيفيتش – يوم الجمعة 27/9/2002م- في محكمة الجزاء الدولية في لاهاي: "المجزرة نفذتها وحدة من المرتزقة تعمل بقيادة أجهزة الاستخبارات الفرنسية، واسألوا الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن سربرنيتشا"..وذكر ميلوسيفيتش - خلال افتتاح المرحلة الثانية من محاكمته المخصصة للنظر في مسؤوليته في نزاعي كرواتيا والبوسنة - لقاءً عُقد في يوليو 1995م بين الجنرال الفرنسي (برنار جانفييه) الذي كان آنذاك قائد قوات الأمم المتحدة، وممثلين عن الحكومة المسلمة، موضحا أن هدف اللقاء كان التوصل إلى اتفاق لتسليم سربرنيتشا إلى الصرب..وتابع ميلوسيفيتش قائلا: "إن المطلوب كان تدبير مجزرة تتهم القوات الصربية بمسؤوليتها لتبرير تدخل عسكري أطلسي". وأكد الرئيس اليوغوسلافي السابق لمحكمة الجزاء الدولية أنه لم يكن على علم إطلاقا بحدوث المجزرة، ولم يتم إطلاعه على الأمر إلا بعد أن ارتكبت، وأشار إلى أن زعيم صرب البوسنة رادوفان كاراديتش لم يكن كذلك على علم بها..وقال ميلوسيفيتش "أقسم لي كاراديتش أنه لم يكن على أي إطلاع بالقضية، وكل المعلومات التي تواردت فيما بعد تثبت ذلك". (موقع إسلام أون لاين- 27/9/200م) - هناك من يرى أن اعتقال كاراديتش في 21 يوليو 2008م له علاقة بأحداث دارفور، وقد أشار الكاتب جهان مصطفى – في موقع محيط - إلى أن الإعلان عن اعتقال كاراديتش جاء بعد أيام قليلة من مطالبة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني حسن البشير، وهو ما أثار الشكوك حول هذا التزامن، حيث لم يستبعد البعض أن يكون اعتقال كاراديتش بعد فراره لمدة 13 عاما هو الطعم الذي يمتص به الغرب وعلى رأسه أمريكا غضب العرب والمسلمين إزاء ما يحدث مع السودان. وبحسب الكاتب هناك عدة أمور تدعم ما سبق، من أبرزها أن اعتقال كاراديتش جاء في وقت تعاني فيه واشنطن من هزائم متتالية في العراق وأفغانستان والصومال، كما جاء في ذروة حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية ومحاولة الجمهوريين تحقيق أي إنجاز يغطي على فشل بوش. أيضا اعتقاله جاء في وقت تشهد فيه العلاقات الأمريكية الروسية تأزماً واضحا على خلفية محاولة واشنطن نشر منظومة دفاع صاروخية جديدة في أوروبا بالقرب من الحدود الروسية، ويبدو أن واشنطن حاولت إضعاف الموقف الروسي وإجباره على القبول بهذا الأمر عبر إتمام صفقة مع صربيا تقوم خلالها باعتقال كاراديتش للإسراع بانضمامها للاتحاد الأوروبي، ومن غير المستبعد أيضا أن تكون هناك صفقة سرية، يتم من خلالها إفشال محاكمة كاراديتش أو تخفيف العقوبات المنتظرة ضده؛ لتجنب إغضاب الصرب الذين يعتبرونه بطلا قوميا من ناحية، ولخداع المسلمين من ناحية أخرى. فهناك توقعات بأن لا تخرج محاكمته عما حدث مع الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوسوفيتش، فما أن تنعقد جلسة محاكمة إلا ويعلن عن تأجيلها أو عدم انعقادها من الأساس بدعوى ظروف صحية، واستمر الحال على هذا المنوال، إلى أن أعلن عن وفاة ميلوسوفيتش في عام 2006م دون توصل محاكمته لشيء يذكر بحقيقة ما حدث خلال فترة الحرب الأهلية في البوسنة في التسعينات. وبجانب ما سبق، تزداد الشكوك في مصداقية محكمة الجزاء الدولية مع الإعلان مؤخراً عن افتتاح محاكم جرائم حرب محلية في صربيا أرفق بها سجون سيكون السجن فيها لمدة ثلاثين شهراً كأقصى عقوبة؛ الأمر الذي اعتبر محاولة من جانب بلجراد للالتفاف على القصاص من مجرمي الحرب..- في يوم الاثنين 26 /2/ 2007م برأت محكمة العدل الدولية صربيا من المسؤولية المباشرة عن الإبادة الجماعية خلال حرب البوسنة التي استمرت من عام 1992م إلى عام 1995م..وقالت المحكمة إن المذابح التي تعرض لها مسلمو البوسنة في مدينة سربرنيتشا تمثل إبادة جماعية، إلا أنها لا تستطيع التأكد من مسؤولية صربيا عنها..وكانت محكمة العدل الدولية تنظر في أول قضية توجه فيها دولة (وهي البوسنة والهرسك) لدولة أخرى (وهي صربيا) تهمة الإبادة الجماعية، وهي جريمة طبقا لمعاهدة الأمم المتحدة الموقعة في عام 1948م..وكان يحق لمواطني البوسنة المطالبة بمليارات الدولارات من التعويضات إذا تمت إدانة صربيا. وهذا ما فوتته المحكمة عليهم. ماذا بعدذلك؟ لا شيء.. أمست سربرنيتشا مأساة وأصبحت حكاية، وهي كغيرها جزء من مسلسل (مآسي المسلمين) يعرض على شاشة الأحداث اليومية، شخصياته هم أيضاً مشاهدوه (المسلمون)..كما أن إبادة مسلمي سربرنيتشا حلقة في سلسلة طويلة يعاني من ويلاتها وثقلها (المسلمون). وعندما وقعت المجزرة سكت العالم الإسلامي وسكت الغرب فـ(التقى ساكنان) مع فرق بين السكوتين.. ولما وجد مسلمو تلك البلاد سكوت الجميع سكتوا هم أيضاً، ونظنهم عصيي الدمع شيمتهم الصبر.. وها هي الواقعة تتحول إلى ذكرى لا تؤرق أحداً.. فكل في فلكه تائه. svfvkdjah>> `;vn gl jcvrkh | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018