الإهداءات | |
ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب ملتقى يختص بوضع الكتب المفيده وملخصاتها ونشر المختصرات التحليلية أو النقدية أو الموضوعية لأهم الكتب المنشورة . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | زياد محمد حميدان | مشاركات | 2 | المشاهدات | 2515 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
05 / 02 / 2012, 29 : 08 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب رابـعاً: أراء فضيلتـه في التصـوف لا يزال مصطلح التصوف يُثير جدلاً واسعاً في أوساط الناس، وذلك لِمَا دخل على هذا المصطلح من انحرافٍ في السلوك والعقيدة، ولعلنا لا نلحظ هذه الثورة ضد التصوف في العصور الماضية. نجد عامة الناس ينفرون من التصوف؛ لِمَا يجدون من انحراف في سلوك مُدَّعِيِه، كأولئك الذين يقيمون حِلَقَ الذكر الجهرّية بشكلٍ لا يَتّفِقُ مع حقيقةِ الشرع الحنيف، وربما تكون حِلَقُ الذكركما نُقل عن بعض الجماعات في بعض البلدان مُخْتَلَطَةً ومخالفةً لتعاليم الإسلام الظاهرة، وعدم الالتزام بالشعائر الإسلامية في سلوكهم ومعاملاتهم، وكثرة ادعائهم الكرامات التي يضيق ذهن العامي في التوفيق بين السلوك المخالف للشرع وهذه الادعاءات. وحُورِبَ التصوف كذلك من قبل العلماء لمخالفاتٍ في أمور العقيدة، وذلك لتعلقُّ هؤلاء المدَّعين بالأولياء والصالحين، وخاصةً الذين توفاهم الله، يطلبون منهم قضاء الحوائج والتصرف في الأحوال الحياتية، ولذا أُطْلِقَ عليهم عُبَّادُ القبور. وإنه لمن الخطأ تعميم الحكم في كل الأمور، فإذا أخطأ بعضهم وانحرف عن الطريق السَّوِيِّ، فهل يُنْسَبُ خَطَؤُه إلى الإسلام؟ أو يُنْسَبُ إلى الجميع الذين لا يخلون من أهل الصدق والإخلاص والاستقامة. وفضيلة الشيخ يُفَرِّقُ صراحةً بين أهل الكمال والمدَّعين الذين شوّهوا الإسلام والتصوف على وجه الخصوص. وإن التصوف الحقيقي جوهرُ الدِّين، وهو محاولةُ الوصول إلى مقام الإحسان، الذي بَيَّنَهُ الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل عليه السلام: ((أن تعبُدَ الله كأنك تراه)) [1]، ولا يُتَوَصَّلُ إلى هذا المقام إلا بتزكية النفس وتطهيرها من تعلقاتِها الخسيسة، والرُّقِيِّ بِها من النفس الإمّارة بالسوء إلى النّفس المطْمَئِنّة. ولا يَتِمّ ذلك إلا بالسلوك في طريق الهداية برعاية أهل الكمال، ولذلك لا نرى اختلافاً بين المسلمين في حقيقة التصوف بهذا المفهوم، فمن أهل العلم والتربية من يسمي التصوفَ تصوفاً أخذاً من تصفية النفس من تعلقاتِها، أو من لُبْسِ الصوف زهداً في الدنيا وقطعاً للتعلق بها، ومنهم من يسميه تزكيةً، وهي طهارة النفس والسُّمُو بها إلى مدارج الكمال. ومنهم من يسميه السلوك، وهو السير في طريق تهذيب الأخلاق والسير في طريق الآخرة، بكمال الأخلاق، والتخلص من رذائلها. فادِّعاء المبطلين أصحابِ الأهواء هو الذي أفسد هذا المعنى السامي؛ الذي هو روح الإسلام. وقد بَيَّنَ فضيلتُه أن هذا التشويه ليس يِدْعَاً، فقد دخل أثر المدَّعين بصورة سَيِّئَةٍ في سائر العلوم الإسلامية، كالتفسير والعقيدة والفقه وأصوله. وإذا حصل قصورٌ في الفهم لأمور الدين فإن هذا لا يعيب الدين، وإنما يعاب مَنْ كان فيه النّقصُ عن الإدراك، أو مَنْ كان بإمكانه التنقية والتصحيح لكنه تكاسل عن ذلك. ومن المفاهيم المرتبطة بالتصوف والتي دخلها قصورُ الفهمِ الزّهْدُ، فإن بعضَهم رأى أن الزهد تركُ نعيم الدنيا ولذائذها، وأكلُ الرديء من الطعام وحرمانُ النفس من الطيّبات، ولبسُ ما خَشُنَ من الثياب القذرة. وهذا محالفٌ للنصوص الشرعية، قَطْعِيَّةِ الثّبوت والدلالة. وفضيلته كما هو حال أهل الكمال يدعو إلى تَمَلّكِ الدنيا بنعيمها وطيباتها باليد وليس بالقلب، وكثيراً ما يُشَبّه الدنيا بالبحر، والمسلم يعبر ذلك البحر بقارب أو سفينةوهو القلب فإذا دخل الماء إلى السفينة أو القارب أغرقه وأهلكه، وكذلك الدنيا إذا دخلت القلب أفسدته وأهلكته. فالقرآن الكريم يدعونا لأكل الطيبات، ولكن بضابط عدم الإسراف والمخيْلة، قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ{ (البقرة: 172) وهذا ما وقع به الزيغ قديماً وحديثاً، ومن هنا كان لابد من صحبة العالم الرباني الذي أحاط بأسرار التشريع ومقاصده. ولقد نهج المربُّونَ مناهج في التربية والسلوك، قدّموا فيها اجتهاداتهم في تزكية النفس، كما قدم المجتهدون اجتهاداتهم في الفقه، في كل زمانٍ حسب ما يُصْلِحُ الفرد والمجتمع، وأطلق على هذه المناهج: الطّرق الصّوفية، ولقد رافق هذا المصطلح ما دخل على التصوف من تشويهٍ وتحريفٍ، فكثر الانتقاد لهذه التسمية، وكثيراً ما سمعنا من سماحة المجدد الشيخ أحمد كفتارو رحمه الله الدعوةَ إلى رفعِ هذه التسميةِ، والعودة إلى تسميةِ القرآن وذكرِ القرآن. وعندما سألنا الشيخ رجب ليوضح لنا المقصود من الطريق بَيَّنَ أن الطريق إنما هو السبيل الموصل إلى الله تعالى، من طريق الروح حباً وشوقاً وخوفاً ومهابةً وكمالاً واستقامةً، ولا عبرة بمن زاغ عنه وانحرف، فالمهم الحقيقة، فإذا حصل المقصد فلا مُشَاحَّةَ في الاصطلاح، وكما أسلفتُ فهو مُتَّفِقٌ مع فكر سماحة الشيخ العالم الرباني الذي يدعو إلى نبذ هذه المصطلحات إذا كانت تؤدي إلى التفرقة. ويوضح فضيلتُه أن الطريق إلى الله يَتَغَيّرُ بِتَغَيُّرِ الزمان، ولذا يدخله التطوير والتجديد على حسب ما تقتضيه المصلحة، وإن هذا الطريق مبنيٌّ على الاجتهاد في تقويم النفس، فكلما استجد فهمٌ لإنارة الطريق فلا مانعَ من الاستفادة منه. والطريق عند فضيلته مقيدٌ بالكتاب والسنة ظاهراً وباطناً، بعيدٌ عن التأويل الفاسد الذي يخالف روح الشريعة، فالطريق إلى الله تعالى واضحٌ وضوح الشمس في رابعة النهار، ليس فيه أسرارٌ لا يدركها الناس، ولذا تجد كُلَّ خطوةٍ فيه لها دليلها الشرعي من كتاب الله عز وجل وسنة ****** المصطفى صلى الله عليه وسلم، وما وُجِدَ الطريق إلا لتقويم السلوك على منهج الكتاب والسنة. وقد سألتُ فضيلته عن مصطلحاتٍ يكثرُ تداولها، مِثْلِ الذِّكْر والحال والمقام والرابطة، فبيَّنَ المقصود من الذكر، بأنه تصفية الروح وملؤها من هيبة الله تعالى، والتي تثمر العمل الصالح الذي يوصف به أهل الإيمان في القرآن، وهو الذي ينتج الحياة السعيدة معاملةً وأخلاقاً. وأما الحال، فهو ما يعرض للسائر في طريق الإيمان من قواطع، يُنَبِّهُ السالك إلى عدم الاغترار بها، وكثيراً ما يؤكد فضيلته أن طريقنا هذا أولُه وآخرُه سواءٌ، ولا طلب ولا توقف إلا بالوصول إلى الهدف، وذلك بتحقيق شعار ((إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي))، فلا يطلب المؤمن غير الله، وكثيرٌ ممّن ضلّ إنما ضلَّ في وسط الطريق؛ لأنه تَعَلَّقَ بالنّعمة ونَسِيَ المنعم، فالمسلم غايته الله ولا يرضى بما دونه. وأما المقام فهو الخلق الحسن، فالمؤمن يترقى في مقامات الأخلاق الفاضلة، ولا يزال يتحقق بالأخلاق الفاضلة حتى تصفو روحه وتتزكى نفسه، حتى يكون من أهل الكمال، ويكون أهلاً لمجالسة أهل الكمال. وأما الرابطة فهي صلةُ الطالب بأستاذه والمريد بشيخه، وهي قائمةٌ على قاعدةٍ صحيحةٍ وقويّةٍ من الرباط الروحي القائم على الحبّ والمراقبة، ويمثِّل فضيلته لذلك بأن الطالب إنما يتفوَّقُ في مادّةِ الأستاذ الذي يُحِبّه، والرسول صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نستحيي من الملائكة التي ترافقنا استحياءنا ممن نصحبُ من الصالحين. فالسالك في طريق الإيمان عمادُه المراقبة التي يستحضر فيها معيَّةَ الله تعالى، فإن ضعفتَ النفس عن ذلك فلعل معيَّةَ الصالحين تحجزه عن محارم الله تعالى، وتقوّي فيه فعل الخيرات، وهذه حقيقةُ الإحسان ((أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)) [2]. ولقد ثبت أن الرّوح القويّة تؤثّر في الروح الضعيفة فتجذبها، وذلك من باب الحب، وقد استثمر أهل الله هذه الخاصيّة، حيث تجذب روح العالم الرّبّاني روح طالب العلم والهداية، فتكمل بالصحبة والمجالسة التي تورث المجانسة. ويعتبر فضيلة الشيخ الكرامة مِنحةً إلهيةً مقوِّيةً لقلوب السالكين، وهي في الوقت نفسه محنةٌ لمن اغتر بها، لأنها تقطعه عن الله إذا هو تعلق بها. وأهل الكمال يتعلقون بالمنعم، وأما من قصَّرتْ همتُه وفهمه فيتعلق بالنعمة فيحجب بها عن المنعم. وكثيراً ما يمثل فضيلتُه لِمَنْ تعلق بالكرامة كالطّفل يتعلق بالألعاب، وأما أهلُ الكمال فلا يلتفتون إليها، ويخافون أن يكون ذلك حظَّهم من عملهم الصالح،وأن ثواب أعمالهم قد عُجِّلَ لهم في الدنيا. وفضيلتُه لا يرى التّصوّف قسيماً للعقيدة، كما يذهب إلى هذا بعضُ من قَصُرَ فهمه بأن جعل التّصوف عقيدةً، فالتصوف هو تخليّةُ النفس من تعلقاتها، وتحليتُها بالأخلاق الفاضلة. ويطلق فضيلتُه نداءً إلى علماء الأمة ليجتازوا خلافاتهم، وأن يسعَ كلٌّ منهم الآخر في الفهم، وأن نتسامى فوق الأفهام الضيقة. ونرجع إلى روح الدين، ونتخلص من الأنانية والأغراض التي تعيق مسيرة الدعوة وتؤخر انطلاقتها. ونَتَنَبَّهَ إلى الأخطار المحدقة بالأمة بنبذ الاختلاف بسعة الأفق، وإنَّ زمان التعصب المذهبي قد ولَّى، وآن لنا أن نتحاور ونتشاور بعقل مفتوحٍ واسعِ الإدراك. والآن إلى الحوار: س1 :ما التصوف، وهل هو أمرٌ زائدٌ على أمور الدين؟ أقول: إن هذا الاسم أورث في الناس اختلافاً وألقى بين بعض الناس عداوةً، حيث افترقوا على قسمين: سلفي وصوفي، وكان الأولى أن نجد حلاً وسطاً نؤلف فيه بين القلوب ونجمع الأمة على صراطٍ واحدٍ، ولا يكون هذا إلا بالعمل بكتاب الله وسنة رسوله. وإن القرآن العظيم هو الذي يحل لنا مشاكلنا، ويضعنا على الْمَحجة البيضاء التي ليلها كنهارها. ولو أصغينا السمع لكتاب الله لسمعنا أن بيّن لنا صفتين لكلمة التصوف: الإحسان وهو ((أن تعبد الله كأنك تراه))، والتزكية التي هي تطهير النفس من أهوائها ورعوناتها، وتصفيتها من حيث الشهوات وملء أوقاتها بالتوجه إلى الله، لذلك أقول: إن التزكية المطلوبة هي تصفية النفس من ميولها وتنقيتها من رذائلها، وتطهيرها من متعلقاتها الدنيئة وتقديسها بصدق الإقبال على الله، وإخلاص العمل لله، ومراقبة العبد في سره وجهره، وأن الله معه على كل حالٍ يراه ويسمعه ويعلم خفايا نفسه، فعندها يستقيم على شريعته ويحافظ على نقائه فيجتنب النقائض ويبتعد عن الرذائل ويتحلى بالفضائل، فَيكْمُلُ بارتقائه ويَسْعَدُ بإيمانه، وينفذ أوامر ربه ويجتنب مخالفاته، وهذا هو الإسلام الحق، لذلك فإن التزكية هي أمرٌ من صلب الإسلام وليست زائدةً عنه، بل لا يتم إيمان العبد دونها فهي الموصلة إلى مقام الإحسان. }وَاللَّهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ{ (آل عمران: 134 - 148) وسوى ذلك من سور القرآن الكريم. س2 : ما سبب تشويه صورة التصوف حتى حورب واعتبر بدعةً؟ الذي سبّبَ تشويه التزكية المسماة بالتصوف هو أن لكل صنعةٍ وعملٍ خبراء ومنتسبين ومدّعين؛ فأما الخبراء فيؤخذ منهم الكمال في أعمالهم وأقوالهم، وأما المنتسبون فهم الذين يظهر منهم بعض الأخطاء وينسبونها للخبراء جهلاً، فيفسدون بعض الإفساد وأما المدّعون فهم الخطر الأكبر على كل عمل ومصلحة، فهم يظهرون بالنقص ويدّعون أنه الكمال، ويعملون المخالفات ويدعون أنها الطاعات، حملهم على ذلك حُبّ الظهور واكتسابُ الشهرة والمال، وذلك مع الجهل بشرع الله ودينه، فمن رآهم أو جالسهم كفر برسالة الدين وأعرض عنه، ونسب إليه البدعة ظلماً، لذلك أجمع أولياء الله رضي الله عنهم أنه من ادّعى سلوك طريق الآخرة أو الأنس بالله، وهو جاهلٌ بشرع الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو شيطانٌ لا يؤخذ منه شيءٌ، بل يُرَدُّ عليه كُلُّ شيءٍ. ولقد دخل التشويه على كلِّ شيء، فلقد دخل في التفسير الإسرائيليات، ودخل في الأحاديث الموضوعات، ودخل في الأصول الجمود، ودخل في الفقه المسائل الخيالية التي لا تليق به، ودخل في الوعظ التساهل في الفضائل. وكذلك دخل في التزكية المدّعون للأحوال والأنوار كالباطنية الذين شوّهوا جمال الإيمان ومقام الإحسان، ولذلك لا يجوز لنا أن نأخذ الكمال من أهل النقص، ولا أن ننسب النقص لأهل الكمال. س3 : ما معنى الطريق، وما سنده الشرعي؟ كلمة الطريق التي اصطلح عليها الشيوخ، هي الطريق المستقيم الموصل إلى الله من طريق الروح حباً وشوقاً وخوفاً ومهابةً وكمالاً واستقامةً، وذلك بمواصلة ذكر الله ومراقبته ودوام خشية الله ومراقبة عظمته؛ ليدوم الحضور مع الله روحاً، فَيُحْجَبَ بذلك عن الرذائل والشهوات والنقائض ويُدْرِكَ بها }رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌوَلاَبَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ{(النور: 37). وهي الطريق المستقيم باتباع شرع الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم عملاً وخلقاً ومعاملةً، وهي تقوى الله في كل حركاته وسكناته وأعماله ولفتاته، فإذا اجتمع للإنسان المؤمن دوامُ مخافة الله مع ملازمة محبته المُقَيَّدَةِ بشرع الله والمرتبطة بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أدرك نور الخشية مع نور الشريعة }نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ{ (النور: 35) وإننا لنجد في القرآن الكريم والسنة المطهرة أدلةً على ذلك فمنها قوله تعالى: }وَاتَّقُوا اللَّهَوَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ{ (البقرة: 282) وقوله تعالى: }قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا{ (الشمس:9 -10) وقوله تعالى: }قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى{ (الأعلى: 14-15 ) وفي الحديث الشريف: ((اتق الله حيثما كنت، وأَتْبِعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وَخَالِقِ الناس بخلقٍ حَسَنٍ)) [3]. س4 : هل حافظتم على أسس الطريق، وهل يمكن التجديد في الطريق؟ المحافظة على أسس الطريق هي المحافظة على شرع الله من كتابٍ وسنةٍ، والعمل بهما والتخلق بأخلاقهما، ونشدد التشديد الكلي على صدق اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأفعال والأحوال، وأن يكون أسوتنا في كل أمور حياتنا ليكون السالكُ نسخةً طبق الأصل عن السنة المطهرة. ولا بد لذلك من التجديد بين كل حين وآخر، عملاً بالحديث الشريف: ((إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائةِ سنةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَها دينها)) [4]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((يرث هذا العلم من كل خَلَفٍ عُدُولُهُ، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين)) [5]. وأفضل تجديد للطرق الرجوع بنا إلى كتاب الله وسنة رسوله، لنعود ونستقي من النبع الصافي الشرابَ النَّقِيِّ الذي نحافظ به على إيمانِنَا وإسلامِنا الصحيح. س5 : ما أساس طريقتكم، وما سندها الشرعي؟ بينت لكم أن أساسَ طريقتنا كتابُ الله وسنةُ رسوله والعملُ بِهما. وإن من أول القرآن نزولاً سورة المزمل، التي قال الله فيها لنبيه صلى الله عليه وسلم: }وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً{ (المزمل:8) }وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةًوَأَصِيلاً { (الإنسان: 25)، ولو سألنا القرآن الكريم كيف نذكر ومتى نذكر وكم نذكر؟ لسمعنا القرآن العظيم يوجهنا أن نذكر الله بقلوبنا هيبةً وإجلالاً وأن القلب هو المضغة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم عنها: ((إن في الجسد مضغةً إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)) [6] وفي الحديث: ((إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد، قيل: وما جلاؤها يا رسول الله؟ قال: كثرة تلاوة كتاب الله وكثرة الذكر لله عز وجل))[7]. ونستقي من القرآن العظيم موضع هذا القلب في الإنسان، فيجيب بقوله تعالى: }فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُوَلَكِن تَعْمَى القُلُوبُ الَتِي فِي الصُّدُورِ { (الحج: 46)، ونسأل القرآن: كيف يكون الذكر بالقلب؟ فيجيب: }وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاًوَخِيفَةًوَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالْغُدُوِّوَالآصَالِوَلاَتَكُن مِّنَ الغَافِلِينَ{ (الأعراف 205)، إذن فهو الذكر النفسي الذي ورد فيه: ((خير الذكر الخفي، وخير الرزق ما يكفي)) [8]، وورد في كنـز العمال: ((الذكر الذي لا تسمعه الحفظة يزيد على الذكر الذي تسمعه الحفظة سبعين ضعفاً)) [9]، ومن هذه الأدلة نستخلص أن القلب مختصٌّ بذكر الله حضوراً دائماً معه، حتى في سُوقه وعمله: }رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌوَلاَبَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ{ (النور:37)، وهل من الإمكان أن يجمع الإنسان بلفظه البيع والشراء والذكر؟ يقيناً لا، إذن فالمفهوم أنه يبيع ويشتري بلسانه، وقلبه حاضر مع الله، بمراقبة لا تغيب. وأما القلب الغافل عن الذكر فهو القلب المهدّد بالتهديد الشديد من الله بقوله: }فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ{ (الزمر:22) وقوله تعالى: }وَلاَتُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا{ (الكهف:28)، فالآيات تثبت أن ذكر الله بالقلب، وقد جعل القرآن الغافل عن الله أَحَطَّ مرتبةً من الأنعام بقوله: }لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَاوَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَاوَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُون{ (الأعراف:179). هذا وإن القرآن لم يذكر شيئاً من العبادات بالكثرة إلا ذكر الله بقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً{ (الأحزاب:41) ثم عَرَّف الذكر الكثير بقوله: }إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِوَالأَرْضِوَاخْتِلافِ اللَّيْلِوَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماًوَقُعُوداًوَعَلَى جُنُوبِهِمْ{ (آل عمران:190 و191) وهل للإنسان غير هذه الحالات إما قائماً وإما قاعداً وإما مضطجعاً؟000 فالذاكر إذن مع الله في كل أحواله الروحية، فجسَده يعيش مع الخلق، وقلبه حاضر مع الخالق، وهذا لا يحصل إلا لأهل الذوق ولا يكون للعوام ولا للجهال ولا للمنتقدين، ولقد عبرت عن ذلك امرأةٌ ذاقت تلك الحلاوة، وهي رابعة العدوية حيث قالت: ولقد جعلتُك في الفؤاد مُحَدِّثِي وهناك فئةٌ اعترضت على ذكر القلب، لأنهم جهلوه، وما سلكوا طريقه، كرجلٍ نظر إلى سيارةٍ فخمةٍ وطائرةٍ كبيرةٍ فانتقدهما وانتقد من يركبهما، ونسب إليهما النِّسَبَ الخاطئة، ليزهِّد الناس في ركوب السيارة والطائرة، والسبب أنه جهل منافعهما وراحتهما وطَيَّهُما للمسافات بدون تعب. ولا يقع في شِبَاكِ هذه الفئة إلا محرومٌ من كل خير.وأبحتُ جسمي من أراد جلوسي فالجسمُ مِنِّي للجليس مُؤانِسٌ وحبيبُ قلبي في الفؤادِ أنيسي تلك إجاباتٌ على عجلٍ، ولا يؤخذ العلم من الكتاب فحسب، بل يؤخذ من عالمٍ عارفٍ بالله مشافهةً، وعن طريق الصحبة والمجالسة ليستقيم أمرُه ويكون في حماية من التحريف والزيغ. س6: ما المقصود بالذكر؟ الذكر مأخوذٌ من التذكر؛ أي: أن تذكر عظمةَ الله وجلالَه وهيبَتَه، ليمتلئ القلب من خشيته رهبةً، فيخشى أن يقع في خطأٍ أو غفلةٍ، والله معه ويراه، أو أن يذكر إنعامَه وإِفْضَالَه وإحسانه عليه، ويذكر تقصيره وجهلَه في معرفته، فتغلب على الخشية، فيقشعرّ جلدُه ويبكي من خشيته ،وتلك الدمعة التي تُحَرِّمُهُ على النار، أو يذكر حبه الخالص لحبيبه الذي تولَّه القلبُ به، فعشقه وهام به، وأصبح وأمسى وهو يشاهد جمال أنواره ويأنس بالحضور معه، وبذلك يحجب عن الغفلات والخطايا، فهو محفوظٌ بحفظ الله له، لأنه يحاسب نفسه على أنفاسه؛ أن يخرج منه نفسٌ على غفلةٍ، فَمَنْ حفظ الأنفاس كان عند الله من الأَنْفَاسِ، وهذا مَثَلُهُ في الناس كمثل الماس والياقوت بالنسبة للحجر، لا يعرف قدرَه إلا من سلك نهجه، أو كان خبيراً بذلك الجوهر الفرد. س7: ما المقصود بمصطلحات الحال والمقام والرابطة؟ إن هذه الألفاظ اتفق عليها أهل السلوك، ليدلوا المريد أنه على استقامة من سلوكه أو على مخالفةٍ وخَطَرٍ، مع أن أهل الكمال لا يلتفتون إلى هذه الألفاظ، ولا إلى مدلولها؛ لأنهم مستغرقون في التوجُّه إلى الله، حيث وضعوا نُصْبَ أعينهم (إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي) فشغلوا به عن الهوى، ووجّهوا المريدين لديهم ألا يلتفتوا إليها. فالحال هو ما يحصل للمريد أوقات سلوكه من حالات تصفو فيها نفسُه، أو يُدْرِكُ فيها أُنْسَاً، أو يشعرُ فيها بارتقاءٍ رُوحِيٍّ، وهدوءٍ نَفْسِيٍّ، وطمأنينةٍ تجذبه إلى حضوره في الذكر، ومثله كمثل رجلٍ يسير في الطريق فيمر في طريقه على شجرٍ وجبلٍ ونَهَرٍ وديارٍ ويرى في طريقه السيارات والألعاب والمتاجر، وهو مع ذلك يمشي وهي تتحول عنه من منظرٍ إلى آخر، فإذا وقف عند إحداها تأخر عن الوصول، وشغل عن الهدف المطلوب. وأما المقام: فهو الخلق الفاضل الذي يتمكن في قلبه، ويصبح جزءاً من وجوده، لا يفارقه، كالحياء مثلاً: يصبح ويمسي وهو يستحي أن يراه الله تعالى على خطأٍ أو مخالفةٍ، ويستحي أن يعصي الله وهو يراه، فهو خلقٌ يستقيم معه حتى يلقى الله، أو كالحلم أو الصبر أو الصدق، والإخلاص والاستقامة، فهذه كلها مقاماتٌ ينتقل المريد إليها ويتخلق بها وتصبح معه كالنور في العين والنطق في اللسان، والروح في الجسد، فتمكن في قلبه، وتسري في عروقه ودمائه، حتى تكون جزءاً من وجوده، لا يستطيع مفارقتها، ولن تفارقه حتى يلقى الله عليها. وأما الرابطة: فهي ارتباط المتعلم بالمعلم، رباط التهذيب والأخلاق والمحبة، ولقد رأينا بالاستقراء أن الطالب المحب لمعلمه هو الذي ينتفع به ويحفظ دروسه ونصائحه، وأما الطالب المستمع بدون حُبٍّ لا يمكن له أن يحقق النجاح المتفوِّق في مادّةِ معلمِه، فالحب هو أقوى معلمٍ ومهذّبٍ، لذلك وجه النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى محبته الحب العارم، فقال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والد وولده))[10]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)) [11]، فالارتباط هو ارتباطٌ روحيٌ فقط، كارتباط الطفلِ بثدي أُمِّه، والسخلةِ بالشّاة، حيث تتبعها من غير حَبْلٍ ترتبط به، وفي الرباط الروحي بين المتحابين في الله يسري بين الروحين سَيَّالٌ نورانيٌّ تُغَذّي به الروحُ القويةُ الروحَ الضعيفةَ، حتى ترتقي بها إلى كمالها واستقامتها، فما وجدنا حبيباً ارتبط بحبيبه إلا اتَّصف بصفاته الفاضلة، وتخلق بأخلاقه الكاملة، وكثيرٌ ممن لا روح لهم ولا ذوقَ ولا يفقهون معنى الحب في الله ينكرون الرابطة التي هي الحب في الله، الذي رَغَّبَ الشرع فيه، ودل عليه وحَبَّبَ فيه، وهؤلاء نَجد فيهم الجفاء وقلة الوفاء لِمعلميهم، بل والتنكر لمرشديهم، و((من لم يشكر الناس لم يشكر الله)) [12]. ولما سألوا الإسكندر: ما لنا نراك تُعَظِّمُ معلمَك أكثر مما تُعَظِّمُ والدك؟ قال: إني كنت روحاً في السماء فَحَطَّني أبي منها إلى الأرض بلذته، وأما معلمي فقد رفعني من الأرض إلى السماء بروحانيته، وقيل في هذا: أُقَدِّمُ أستاذي على حَقِّ والدي س8: ماذا تعني الكرامة وما أثرها في سلوك الطريق؟وإن نالني من والدي العِزّ والشَّرَفْ فهذا مُرَبِّي الروحِ والروحُ جوهرٌ وذاك مُرَبِّي الجسم والجسمُ من صَدَف الكرامة فضلٌ إلهيٌّ يتفضل الله به على العبد الذاكر الحاضر مع الله، لتكون شحذاً لهمته، وتشويقاً لروحانيته، ليزداد قرباً إلى الله وذكراً له، وظهورها على المريد توجيهٌ إليه ليستقيم على النهج الذي هو فيه، وإن من أكبر الكرامات استقامة العبد على طاعته وملازمة ذكره وخشيته لله، والذاكر في الحقيقة عبدُ المكرِم لا عبدَ الكرامة، فأنت تطلب من الله الكرامة، والله يطلب منك الاستقامة، فمن رأى الكرامة مِنْحَةً مِن الله بكى حياءً من الله، وقال: لست بأهلٍ لذلك، وأخشى أن تكون هذه الكرامة امتحاناً واستدراجاً، فيخشى منها، ويتَّجه بِكُلِّيَتِهِ لله في كل أحواله، أما من رأى الكرامة من جَدِّهِ واجتهاده فهو عبدٌ مَمْكُورٌ به، سوف يُسلب النعمة، ويُحجب عن العطاء ويُحرم الفضل، ويرجع خائباً لا يلوي على شئٍ، فالفضلُ كُلُّه بيد الله، والله يهب الفضل لمن يشاء. س 9: ما أثر الذكر في حياة المسلم؟ الذكر لله روح القلوب، وحياة الأرواح، ونور الأبصار والبصائر، وهو مدد العقول ومداد الألسن، الذكر سعادة الأنس وصفاء الأنيس، الذكر غذاءٌ وشرابٌ وطربٌ،غذاء الإيمان وشراب العرفان وطرب الإحسان، وكما أن الجسد لا يحيا بدون طعامٍ وشرابٍ؛ كذلك القلوب لا تحيا دون ذكر، فهو رئتا المؤمن ودمُ وشرايين الحب، والذكر شرطُ صِحَّةِ الصلاة في بدايتها، وروح الصلاة في مناجاتها، وختام الصلاة بعد انتهائها، قال الله تعالى: }قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى{ (الأعلى:14-15) فجعل الذكر شرطاً لأُنْسِ الصلاة والحضور فيها، وقال تعالى: }وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي{ (طه:14) لتستقيم مناجاة المؤمن فيها، ويشعر بعظمة من يقف بين يديه، فيمتلأ هيبةً، فإذا انتهى من الصلاة سمع قوله تعالى: }فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُوا الله قِيَامَاً وَقُعُودَاً وَعَلى جُنُوبِكُم{ (النساء:103) وذلك لتبقى حلاوة المناجاة وأنس الشهود دائمين في قلب المؤمن، وكذلك في الحج؛ أمر الله المؤمن بالذكر في جميع أحواله، وعند المشاعر، قال تعالى: }فَاذْكُرُوا الله عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرِامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ{ (البقرة:198) }فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً{ (البقرة:200) }وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ{ (البقرة:203) فلا صفاء في الحج ولا صدق في القصد إلا إذا تخلل الذكر في كل الأحوال، وكذلك أمر بالذكر في الأسواق: }لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌوَلاَبَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ{ (النور:37) وأمر بالذكر في الجهاد حيث الخوفُ والْهَلَعُ وقَطْعُ الأعضاء والرقاب، قال تعالى: }يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواوَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً{ (الأنفال: 45) وفي الحديث الشريف: ((علامة حُبِّ الله حُبُّ ذكر الله، وعلامة بغض الله بغض ذكر الله عز وجل )) [13]، فالذكر يجذب القلوب إلى خالقها ويُحَقِّقُ الأُنْسَ والطمأنينة في النفس: }أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ{ (الرعد:28)، وقال تعالى: }اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْوَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ{ (الزمر:23). والذكر قلعة تحمي الجوارح من المعاصي والخطايا وتهيمن على القلوب فتحميها من الشرور والميل للشهوات، حتى يصبح العبد ملاكاً في روحه مَلِكَاً في جسده، ولولا خشية الإطالة لملأت الصحف بآثار الذكر وفوائده، والحقَّ أقول: إن ما يذوقه الذاكر في حال ذكره لا يعبر عنه اللسان، ولا يحيط به عقلٌ ولا جَنان. س10 : ما صفات الشيخ المربي والعالم الرباني؟ أقول: اُدرس حياةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخلاقه تجدها صورةً منطبعةً في أخلاقِ وأعمالِ ومعاملةِ الإمامِ الرباني، فهو أولاً لا يمكن له أن يرتقي مقام التربية إلا إذا أُذِنَ بالدعوة والتربية: }وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ{ (الأحزاب: 46) فلو درست الجلال لرأيته مُتَجَلِّيَاً في عطفه وحنانه، ولو دَرَسْتَ الرَّحْمَةَ لرأيتَها صفةً من صفاته، وكذلك لو درست الحلم والصبر لوجدتهما خُلُقَيْنِ من خُلُقِهِ، فهو الذي سَرَتْ فيه أنوار صفات الله، فكانت جزءاً من روحه، وسرت في عروقه آياتُ القرآن فكانت غذاءَ شرايينه، وتجمَّل وتحلى بالسنة فكانت زينةَ أعماله: ولو بَلَغَ الكمالَ نَجْمُ الثريا س11 :هناك من يجعل التصوف في مقابلة السلفية في العقيدة، وهناك من يرى أنه يمكن أن يكون سلفياً في عقيدته فيما يتعلق بذات الله عز وجل وصفاته وصوفياً في سلوكه وتربيته، وعلى ذلك لا تناقض بينهما، فما رأيكم في الاختلاف في مجال العقيدة بين السلف والخلف؟لكان ذلك من تُرْبِ نَعْلِهِ ولو كانت البحارُ مِدَادَ عِلْمِهِ لَجَفّ مدادُها مِنْ جُودِ فَضْلِهِ دعونا من هذه التفرقة التي جعلت المسلمين أعداءً لبعضهم بعضاً، فهذا سلفي وهذا سني، وهذا شيعي، كفانا تشتتاً وتفرقةً وحقداً وعداوةً، لنعد إلى كتاب الله تعالى عند قوله: }وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً{ (المؤمنون: 52) ولنتجنب التفرقة لئلا ينطبق علينا قوله تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ{ (الأنعام: 159) وقوله تعالى: }وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيِّنَاتُ{ (آل عمران: 105). فالحقيقة هي أن المسلمين كلَّهم جسدٌ واحدٌ، فَرَّق بينهم الجهل والاستعمار والجماعات والفِرق، ولكلِّ هدفٌ ومصلحةٌ، أما أهل الإخلاص في دعوتهم فهم الذين يؤلِّفون بين القلوب ويجمعون الشَّتَاتَ ويوَحّدُون التفرقة، فكل مؤمنٍ سَلَفِيٌّ في إتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم، صوفيٌّ بروحه في حُبِّ الله ورسوله، شيعيٌّ في محبة رسولِ الله وآلِ بيته، سُنِّيٌّ في اتباع السنة المطهرة، لا يختلف في ذلك اثنان، فلْننبذ التفرقة والشقاق، ولْنوحد صفوفنا وقلوبنا على كتاب الله ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإلهنا واحدٌ ونَبِيُّنَا واحدٌ وكتابنا واحدٌ، وعقيدتنا بالوحدانية واحدةٌ، فلم الاختلاف؟ أقول وأنادي: يا علماءَ الدين يا ملحَ البلدْ يا علماء الدين اتقوا الله ونفِّذوا شرعه، وتقيَّدوا بِسُنّةِ نبيه وارموا أنَانِيَّتَكُمْ ونفوسَكم جانباً، ولْيكن طلبُكم رضاءَ الله وحده، وتحقيقَ إنجاح الإسلام في المجتمعات، وائتلفوا على كتاب الله وسنة رسوله، وتعاونوا لتكونوا السَّدَّ المنيع ضِدَّ هجمات أعدائكم على دينكم، بذلك تبنون إسلاماً يمتد إلى القرون التي بعدكم، وإلا فإني أحذّرُكُمْ صَاعِقَةً مثلَ صاعقةِ عادٍ وثمود لا تبقي منكم ولا تذر، وستلقون الله بآثامٍ كالجبال، آثامِ ضَعفِ الدين وإهمالِ القرآن وشَتَاتِ الأمة. ما يُصْلِحُ الملحَ إذا الملحُ فَسَدْ تعالوا نضع نهجاً سليماً للأجيال من بعدنا ليكون لهم نبراساً يتبعونه ويعتزون به، ويرفعون راية الكرامة الإسلامية في القرون المقبلة. هذا النهج هو أن تكون العقيدة الإسلامية قائمةً على التوحيد الخالص لله وحده لا شريك له، نستمدها من آيات القرآن من غير فلسفة ولا تعقيد، ونجعل التزكية النفسية مُسْتَمَدَّةً كذلك من كتاب الله تعالى، لتصفى من كدوراتها وأهوائها، وتجذبها إلى إخلاصها ومقام إحسانِها، وبذلك نكون قد جمعنا شتاتنا، والَّفنا وحدتنا، وصَهَرْنا فُرْقَتَنَا بدين الله الإسلام، ولْنَسْعَ لِنَمُدّ أيديَنا لبعضنا، لِنَتَعانَقْ ونتعاونْ ونَنْبُذِ الأحقادَ والإحَنَ من النفوس، ونَعُدْ كما طلب الله منا بقوله: }وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا{ (آل عمران: 103). [1] ) أخرجه الإمام مسلم في الإيمان 1/126 رقم /8/ عن عمر بن الخطاب. [2] ) سبق تخريجه [3] ) أخرجه الترمذي: 6/ 204، رقم / 1988 /، والإمام أحمد: 5 /153، كنـز العمال: 3 /89 رقم /5629/. [4] ) أخرجه أبو داود: 4 /109 رقم / 4291/ [5] ) أخرجه البيهقي في السنن: 10 /209 ، والبغوي في مصابيح السنة: 1 /190، وينظر كنـز العمال: 10 /176 رقم / 28919/. [6] ) أخرجه البخاري: 1 /21 كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه، وابن ماجة: 2 /1318 رقم /3984/. [7] ) ذكره الهندي في كنـز العمال: 2/241 رقم /3924/ وعزاه إلى ابن شاهين في الذكر. [8] ) أخرجه الإمام أحمد: 1/ 172، وابن حيان في صحيحه: 2/ 89، والبيهقي في الشعب: 1/ 406 عن سعد بسند صحيح. وينظر الترغيب والترهيب: 2/ 537، وكنـز العمال: 1/ 417 رقم /1771/. [9] ) أخرجه البيهقي في الشعب عن عائشة. وينظر كنـز العمال: 1/ 414 رقم /1750/ . [10] ) رواه البخاري: كتاب الإيمان، باب حب الرسول r1/12 [11] ) رواه البخاري: كتاب الإيمان، باب حب الرسول r 1/12 . [12] ) أخرجه الترمذي رقم /1955/ ، والإمام أحمد في مسنده 3/32 ، وعبد بن حميد (894)، والضياء عن أبي سعيد الخدري t . [13] ) أخرجه البيهقي في الشعب عن أنس بسند حسن (الجامع الصغير للسيوطي 2/337 رقم /5450/ ، وينظر كنـز العمال: 1/417 رقم /1776/ . hgughlm hgvfhkd hgado v[f ]df 0 hgpgrm hgsh]sm l,rti lk hgjw,t ) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
05 / 02 / 2012, 58 : 04 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : زياد محمد حميدان المنتدى : ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
05 / 02 / 2012, 54 : 05 PM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : زياد محمد حميدان المنتدى : ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
من, موقفه, التصوف, الحلقة, الرباني, السادسة, الشيخ, العلامة, يجب, رجب |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018