الإهداءات | |
ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب ملتقى يختص بوضع الكتب المفيده وملخصاتها ونشر المختصرات التحليلية أو النقدية أو الموضوعية لأهم الكتب المنشورة . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | زياد محمد حميدان | مشاركات | 1 | المشاهدات | 627 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
03 / 02 / 2012, 13 : 09 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب ثـانيـاً: فـي مجـال الدعـوة كتب الحق سبحانه التوفيق لفضيلة الشيخ، حيث بدأ الدعوة إلى الله تعالى في سنٍّ مبكّرَةٍ كما يحدثنا عن نفسه، ولّما يناهز البلوغ، ممتثلاً أمر شيخه حكيمِ الإسلام وأستاذ الأجيال سماحة الشيخ أحمد كفتارو، للقيام بالدعوة بما حصّل من علم، فالعلم كالْمَعين الثَّرِّ كلما أنفقت منه زكا وزاد، وكان أسلوبه الأسلوب الرباني }ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ {[النحل :125] وتأسِّيَاً ب****** المصطفى صلى الله عليه وسلم في الدعوة بتزكية النفوس وتطهيرها من تعلقاتها الدنيوية، وملئها بعد ذلك بحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وسيأتي معنا إن شاء الله تعالى أنه من عوامل نجاح دعوته استثماره لعاطفة الحب، فيدعو الناس لامتثال أوامر الله تعالى من باب الحب، وشتّان ما بين من يمثل الأمر حُبّاً وبين مَنْ يَمْتَثِلُهُ قسراً ورهبةً، وكذلك الأمر في اتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم يؤجِّجُ في النفوس حبّ نبيّهم ويجعلهم يعشقونه، فتلهج ألسنتهم وقلوبهم بالصلاة والسلام عليه، ويحثهم على تطبيق سنته. وكثيراً ما كان يحضّ تلاميذه ومجالسيه على مقارنة ما يفعله أهلُ الأهواء في سبيل تحقيق شهواتهم، وما يبذلونه لتحقيق غاياتٍ دنيويّةٍ مؤقّتَةٍ، فنحن أجدر أن نبذل ونعمل من أجل ربّ العزّة والجلال وصحبة ****** المصطفى صلى الله عليه وسلم والحياة باقية في جنّات النعيم. والدعوة إلى الله تعالى سجيّةٌ لفضيلته فهو معينٌ لا ينضب، في تجدُّدٍ دائمٍ، وعطاءٍ مستمرٍّ، وإذا جلس مع شخصٍ واحدٍ يعطيه ما يعطي ألف شخص، لِمَا يُوليه من الأهمية، لا يتكلف في اختيار العبارة ولا الموضوع، يفيض فيضاً من علمته وحكمته، ولا يضجر من أحد، ولربما جاءه شخصُ عارضاً مشكلةً خاصّةً، تجده يحدثه عن الله وحبّ الله وشرع الله كأنه في محاضرةٍ،يحتاج لها الآخرون من جهدهم وتحضيرهم ما نعرفه جميعاً فالحكمة ينبوعٌ يتدفّق من قلبه المبارك، وروحانيته بحرٌ يمور بإمداد القلوب المتعطشة والمتحرقة لحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. فلا عجب لمن تلقى الإذن بالدعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال شيخه: كُلٌّ منكم أخذ شهادته من الكليّة والشيخ رجب أخذ شهادته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإن الجهد الذي يبذله في سبيل الدعوة إلى الله تعالى لينوء حمله بالعصبة من الرجال. وإن الإنتاج الذي يحصله يفوقُ أضعاف وقته، كل ذلك ببركة الإذن من ****** المصطفى صلى الله عليه وسلم وتوفيق الحق سبحانه. ويحدد فضيلته منهج الدعوة الناجحةلخبرته الواسعة في هذا المجال الذي زاد عن نصف قرن، للداعية المتمكن بأن يتصف بثلاث صفاتٍ: عقلُ ناضجٌ، وعلمٌ واسعُ، وقلبٌ بالله مُتّصلٌ. وإذا استقرأنا الدعوة المعاصرة وأحوالها نجد أن الانتكاسات المتلاحقة سببها اختلال عنصر من هذه العناصر. فنتج عن عدم الوعي الخلط في مفهوم الدين والدعوة، ولذا قُدِّمَتْ صُورٌ مُشَوَّهَةٌ عن الدين جعلت المسلمين ينفرون منه فضلاً عن غيرهم، وقد ذكرنا غير مرّةٍ أن العالم الإسلامي يعاني مشكلةً خطيرةً وهي مشكلة الفهم، وهذا مردّه إلى قلّة الإطلاع على العلوم الشرعية وعدم التضلع بمقاصد الشريعة، ومن لم يكن قلبه موصولاً بالله تعالى كانت دعوته جافّةً لا نفع فيها، كجسدٍ بلا روحٍ، ولا تُحَقِّقُ ما يتعطش إليه الناس، والله لو سلك العلماء مسلك الحب الذي انتهجه فضيلتُه لتغيَّرَ وجْهُ العالم، فإن الناس يدفعون حياتهم وأموالهم في سبيل من يحبون. وهو الطبيب الذي سبر النفوس، يضع يده على مَكْمَنِ الداء الذي يفتك بالدعوة؛ وذلك هو العجب بالعلم والعمل واستعجال الأمر قبل أوانه، وفقد الحكمة في التعامل مع الحاكم، فكثيرُ من الدعاة يظن الحاكم كعمر بن الخطاب رضي الله عنه. فلا النفوس كنفس عمر ولا الزمان كزمان عمر ولا الشعب كشعب عمر. فالحاكم بشرٌ يستجيب لنداء الحكمة والمنطق، وإن هناك لأموراً لا يدركها إلا من دخل معترك السياسة والحكم، ولذا نجد بعض قاصري الفهم من الخطباء يتأثر بمقولة العوامِّ من أهل الشارع ممن لا عقل له ولا إدراك، فيسارع إلى جعلها خطبةً يتحدى فيها الحاكم فتكون عاقبته أنه أساء إلا نفسه وإلى الحاكم وإلى الدين، ويكون قد حرم نفسه ومجتمعه من علمٍ وحكمةٍ كان يمكن ادخارها لصلاح الأمة. وقد سخَّر فضيلته كل مقدَّراته من مالٍ ووقتٍ وأهلٍ لخدمة دين الله، فهو ينفق إنفاق مَن لا يخشى الفقر على طلاب العلم خاصةً، الذين أولاهم جُلّ اهتمامه يكلؤهم بالحب والرعاية المادية، رجاء أن يتحقق أمله فيهم لحمل راية الدعوة. يُؤَمِّنُ لهم الحياة الكريمة، وله عناية بالوافدين خاصة. وقد سمعت من بعض أهل العلم ممن عايش وعاصر فضيلته أنه كان يضع النقود في جيوب طلاب العلم وهم نائمون، فضلاً عن برِّهم وهم أيقاظ، وإني وقفت على بعض ما ينفقه على طلاب وطالبات العلم وإنه لعظيم، رغم أن تلك الوقائع غيضٌ من فيضِ مما لم أطَّلع عليه. ينفق على الوفود القادمة من بيروت واللاذقية وحلب وغيرها من سائر المحافظات، وكذلك على الوافدين من أقطار العالم الإسلامي ومن أوربة وأمريكا وغيرها. ويعيش فضيلته مع الناس في همومهم واهتمامهم ومشاكلهم العامة والخاصة، وهذا ما كان له أكبر الأثر في دعوته ونجاحها، وإلمامه التام بظروف المعيشة وبالتالي تكييف الدعوة بحسب الحال ومقتضاه. ورغم النّكبات والنّكسات التي يتعرض لها العالم الإسلامي إلا أنه واثقٌ بنصر الله، وأن دعوة الله ستبلغ ما بلغ الليل والنهار، فهو لا يعرف اليأس ولا القنوط، وسبق أن ذكرتُ في المقدمة أنه يسعى لإقامة الدين وإحيائه في الشام سبعمائة عامٍ، وهو صاحب الوفاء لا يفوته أن يُنَوِّهَ برفيقة دربه، وعونه في مسيرة دعوته، الزوجة الوفية الصابرة المحتسبة، والتي كان لها أكبر الأثر في تهيئة الاستقرار النفسي، والتي قَدَّمَتْ جهوداً مباركة تعتبر سنداً للدعوة. والآن إلى الحوار: س1 :متى بدأتم الدعوة، وكيف كانت البداية؟ لقد تفضل الله عليَّ بأن أرشدني للقاء الشيخ محمد الهاشمي رحمه الله منذ أن كان عمري عشر سنين، وبقيت عنده ثلاث سنين، ثم قلتُ له: يا سيدي لم أجد نفعاً في قلبي؟! فقال: يا ولدي، إن فَتْحَكَ عند الشيخ أحمد فالتحق به، فالتحقت بشيخي وعمري ثلاث عشرة سنة، ولازمت المجالسة، ثم إن شيخي دفعني لدعوة رفاقي، ثم جلست في مسجد (جوزة الحدبة) قرب جامع (يلبغا)، وجمعت رفاقي لأدعوهم إلى ذكر الله الذي نشأت عليه، وانتقلتُ إلى عدّة مساجد، ثم جلست للتدريس في جامع (يلبغا)، وكثر حولي الأحباب، إلى أن بلغت الخامسة عشر، وتوسعت في العمل في التبليغ، وأنا مع ذلك أقوم بالعمل الدنيوي نهاراً وأدعو إلى الله مساءً. وفي سن السابعة عشر استلمت مسجد (الصلخدية) بباب السريجة نيابةً عن الشيخ مظيان الذي بلغ من العمر 130سنةً. وقمت بالدعوة حيث امتلأت المساجد بفضل الله تعالى. س2:ماذا تعني الدعوة إلى الله لكم؟ الدعوة تعني لي نور بصري ونطق لساني وروح قلبي، فليس لي في الحياة غذاءٌ ولا حياةٌ من دون التبليغ لدين الله والدلالة على الله، حتى أني ذكرت في وصيتي: (إذا رأيتموني وقعت في النـزع وأحببتم أن تعود لي الحياة فأتوني بمن أدعوه إلى الله). ولقد وجدت في الدعوة شفاءَ لأسقامي وعافيةَ بدني وغذاء حياتي أترنَّم بهذا الشعر: إِذا مَرِضْنَا تَدَاوَيْنَا بِذِكْرِكُمُ س3: من الذي كان له الأثر في بداية دعوتكم؟ونتركُ الذكرَ أحياناً فَنَنْتَكِسُ الذي كان له الأثر في بداية الدعوة هو شيخي ومربي روحي، الذي حرضني على تبليغ الدعوة من الصغر، وقلت له: إني لم أتعلم. فقال: الذي تتعلمه قم فعلمه، وبذلك بثّ في روح التعليم، كما أنه أوصاني أن أكون في دعوني حكيماً لطيفاً مُيسِّرَاً، ولاقيت بذلك التوفيق والنجاح. س4:ما مقومات الدعوة؟ الدعوة لا تقوم إلاّ على يَدِ داعٍ مأذونٍ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالإذن مدد الدعوة وروحها، ومن مقومات الدعوة أن تقوم على قاعدة الذكر لله والحب له، والتفاني في حب النبي صلى الله عليه وسلم، والتأدب بآداب شريعته، والتخلق بأخلاقه، وأن يكون نسخةً عن ****** المصطفى صلى الله عليه وسلم في ظاهره وباطنه، وكل دعوة لا تقوم على ذكر الله فهي دعوةٌ عجفاء لا غذاء فيها ولا حياة. س5:ما صفات الداعية الناجح؟ يجب على الداعية أن يتصف بثلاثة أخلاقٍ أساسية: عقلٍ ناضجٍ وعلمٍ واسعً وقلبٍ بالله متصلٍ. ولا يتم له ذلك إلا بالإقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى يتحقق فيه الرباط الظاهري والباطني مع النبي صلى الله عليه وسلم، والحكمة في القول والعمل، واللين والحلم، وأن لا ينظر إلى الناس أنهم أقلُّ منه، بل يرى الفضل لمن جالسه واستمع إليه. وأن لا يُجابه الحاكم بكلامٍ أو عملٍ مُناهضٍ للحكم، بل يتخذ الحاكم أباً إن كان أكبر منه، أو أخاً إن كان مثله، أو إبناً إن كان أصغر منه، فيوقّر الأب ويحترم الأخ ويرحم الابن، مع ملازمة الدعاء للحاكم في كل الأحيان، لقول الإمام مالك: لو أُوتِيتُ دعوةً مستجابةً لدعوتُ بها للحاكم المسلم. س6:ما أسباب فشل بعض الدعاة؟ أسباب الفشل كثيرةٌ؛ منها عدم الحكمة في الدعوة، ومنها رؤية النفس والعُجب بالعلم أو العمل، والنظرُ إلى الناس نظرةً لا تليق بعباد الله المؤمنين، واستعجاله الأمور قبل التحق منها. ومطالبة الحاكم بما لا يستطيع تحقيقه، وطلب تحقيق الأهداف قبل نضوجها، وعدم الاحتراس لأتباعه ممن يندسُّ فيهم، وعدم معرفة خصومه وما يحيكون له من مؤامرات خفيّة. س7: ما الأسباب التي تعيق الدعوة: ما رأيت ما يعيق الدعوة مثل رجلٍ انتسب إلى العلم وهو جاهلٌ، أو مثل عالِمٍ مُعجَبٍ بعلمه، أو حقودٍ أو حسودٍ لا يحب النفع لعباد الله. وكل الخلق عندهم القابلية للدعوة، ملتزمون بها إذا عرفوها حق المعرفة. س8:ما التصور الذي تضعونه لدعوةٍ عالميّةٍ ناجحةٍ؟ أول واجب على الدعوة هو تأليف القلوب واتحاد الكلمة وتوحيد الهدف، مع حِلْمٍ واسعٍ، وأكبر شرطٍ في الدعاة يجب التحلي به هو التأني والصبر وعدم العجلة، وإن ملك كثيراً من الأمور التي تحقق له النجاح، لأن كثيراً من الدعوات فشلت واضمحلت باستعجالها لتحقيق أهدافها بما لا يضمن لها فرص النجاح يقيناً. وذلك لا يتم إلاّ بالتعاون مع الدولة التي يعيش فيها ويرتع في ظلالها، مع العقل الناضج ودراسة الأهداف وتحقيق منالها، والصدق في معرفة أحكام التشريع في كل عمل يقوم به، متأسياً بخطى النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان في مكة، وكيف أنه صبر حتى بلغت الدعوة النضج بانتقاله إلى المدينة، حيث هيأ قوته التي تتناسب مع مقارعة أعدائه. ومع هذا كله يجب أن يرتبط بصدق التوكل على الله وإخلاص النية لله، وعدم الاغترار بالقوة أو بالعدد أو العدّة، وأكثر ما أخشاه على الدعاة هو العجب في العمل أو العلم، فإن العجب أحبط نجاح جيشٍ قائدُهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في حنينٍ، ولذلك يجب على الدعاة العمل على ارتباط القلوب وتزكيتها، والإخلاص في العمل مع كتم الأسرار، حتى يتحقق نجاح الإسلام. س9:مَنِ الدعاةُ الذين تأثرتم بأسلوبهم ومنهجهم في الدعوة؟ أول الدعاة الذين تأثرت بهم هو شيخي وأستاذي ومعلمي سماحة المفتي العام رحمه الله تعالى، الذي نجح بأسلوبه ومنهجه في الشرق والغرب مع المسلمين وغيرهم، وذلك لسعة علمه وحكمته، ودراسته المستفيضة للأمور، مع انطلاقة فكرة التي لا حدود لها، في تمتين أواصر الودّ بينه وبينَ مَن يدعوهم؛ من زعماءَ ورؤساءَ وعلماءَ ورهبان. ولقد رأيت فيه القدوة المثلى للداعية منه لدراسة السيرة النبوية المشرفة، دراسة التطبيق والعمل، لنقل حياة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحياة التي نعيشها، ومعرفة كل وقت من أوقات النبي صلى الله عليه وسلم بتطبيقه على الوقت الذي أعيشه، فبذلك وجدت لدعوته نجاحاً باهراً في كل من جالسته في شرق أو غرب. دأبي في ذلك أني رأيت الدعوة أمراً إلهياً، وتوجيهاً نبوياً يدعوني لأتخذ جميع الخلق إخوةً لي، وأنظر إلى جميع الخلق أنهم عباد الله، وأني الدليل إلى الله وشرعه. ولقد اطلعت على أسلوب كثيرٍ من الدعاة في العالم العربي والإسلامي وفي أوروبا فما وجدت أسلوباً ومنهاجاً انفرد عن نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحقق نجاحاً في الحياة. فعلى كُلّ مَن نَهَجَ نَهْجَ الدعوة أن يَدْرُس سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ويتأسى بها ظاهراً وباطناً؛ في الخلُقِ والعلم والهدف. س10 :ما انطباعكم عن مستقبل الدعوة؟ انطباعاتي عن مستقبل الدعوة أن الإسلام هو الدين الذي سوف يَعُمّ العالم شرقاً وغرباً، رغم كل العقبات والمؤامرات التي تحاك ضده، فالإسلام مثله كنور الشمس لا يحجبها غمامةٌ، ولا يطفئ نورها نفخةٌ. إنما هي تتأجج نوراً يتفاعل بذاته، وهكذا الإسلام يتأجج نوراً في قلوب المؤمنين حتى يَعُمَّ هذا الوجود. وأُوَجِّهُ كلمتي لكل داعٍ حمل الدعوة بأمانةٍ وإخلاصٍ؛ أن يكون صاحب تفاؤل مع الجهد والعمل. وأُحذِّر كل داعٍ من اليأس فإن اليأس من الكبائر، وهو ينشأ من ترك العمل. وليتيقَّنْ كُلُّ مسلمٍ في هذا العالم من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الإسلام سيبلغ ما بلغ الليل والنهار، هذا إذا اقترن بجهد الدعاة المخلصين ووفائهم لأداء أمانة الإسلام لجميع الخلق أينما وجدوا. س11:لقد زرتم العديد من البلدان العربية والأجنبية في مجال الدعوة إلى الله تعالى، هل من مقارنة بين استجابة الناس في البلدان العربية وبين الاستجابة في الدول الأجنبية؟ الاستجابة للإسلام عامة في جميع البلدان وعند جميع الخلق، لكن ما وجدته أن الاستجابة في البلدان الغربية أسرع، وأعظم تطبيقاً، حيث إن قلوبهم فرغت من الإيمان والروح فأصبحت خاويةً على عروشها، وهي مستعدةٌ لقبول أيِّ دعوةٍ وافقت العقل والمنطق والواقع، ولن تتحلى دعوةٌ بهذا كما تحلى به الإسلام. فمثلاً نجد أوروبا أنهم كفروا بالكنيسة وأسلوبها الذي أفقد العقل انطلاقته، في حين أنهم وجدوا تحرره في الإسلام، كما أنها أمرت بترك الدنيا والتنعم بها، بينما أوجد الإسلام الحياة السعيدة في الدنيا، وأضرب لك مثلاً: عندما فشلت الشيوعية في المجتمعات الشرقية وجدت الفرصة الكبيرة لنشر الإسلام، حيث إن الملحد ترك ما لا يوافق العقلَ وأصبح قلبه فارغاً، فكانت الفرصة مواتيةً لغرس نور الإسلام والشريعة في هذه القلوب الجوفاء، فوجدت إقبالاً شديداً على الإسلام، وتبدل الكثير بالدخول إلى الإسلام الحي، وكذلك الأمر وجدته في أوروبا الغربية. وأما في المجتمعات العربية فلم أجد التجاوب ذاته، لأن المسلم هنا يَدَّعِي أنه أعلم العلماء، ,أنه ليس بحاجة إلى المعلم ولا المرشد، بل نجد مَنْ يجعل العصي في عجلات الدعوة ليعيقها عن التقدم، لئلا يكتب النجاح لغيره، هذا إذا لم يهدّم عمل الداعي، وخاصّةً من انتسب إلى العلم ولم يبلغ النجاح فيه. س12 ما أسلوبكم المميز في الدعوة إلى الله تعالى؟ الأسلوب بتوفيق الله عزّ وجلّ ما وجدته في كتاب الله من تَبْيين لمهامِّ النّبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: }هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِوَيُزَكِّيهِمْوَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَة{[الجمعة: 2]، فقد جعلتُ هذه الآية نبراساً لي في الحياة، فقمت أولاً بتزكية النفوس وتطهيرها من التعلق بالدنيا والشهوات والملذات، فوجهتُ القلوب إلى الله الواحد الأحد المالك المقتدر، ودَلَلْتُ القلوب على وحدانية الله، والتفكير بعظمته وأنه عليمٌ بالعباد، بصيرٌ بهم خبيرٌ بنواياهم، لا تخفى عليه خافيةٌ، لذلك وَجَّهْتُ الخلق إلى مراقبة الله سبحانه وتعالى، وعلّمتُ الخلق أن هذا الإيمان يتحقق بكثرة ذكر الله تعالى وبالاسم الأعظم ((الله))، وأن يمتلئ القلب من هيبته وجلاله. ثم انطلقتُ بالأمّة إلى تعليم كتاب الله بعد أن ملأتُ القلوب بالجلال والعظمة، ولذلك قام الطلاب بالعمل بكتاب الله والتخلق به، والتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم واتباع سنته. وكل ذلك من طريق الحكمة المقتضية للتأني، والربط بالواقع بضرب الأمثال وبِقَصِّ القَصَصِ التي تصور الأهداف قريبة المنال. وذلك كله مع رباط الحب للمعلم ليفقه كلامه، ويتخذه قدوةً ومثالاً في حياته وهذا سببُ نجاح الدعوة بتوفيق الله سبحانه. س13:بم يجب أن يتسلح من يقوم بالدعوة؟ يجب عليه الصبر والدأب والمواصلة المرتبطة بالعلوم الشرعية، وأن يكون مُتَفَهِّماً لكتاب الله سبحانه، وأن يعلم أنه هو المطالب بخطاب القرآن الكريم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك فإنَّ مَنْ أراد أن يدخل ميدان الدعوة عليه أن يتسلح بالعقل الناضج، والعلم الواسع والحلم والصبر من غير حدودٍ. وأن يكون مُتَأَسّيَاً بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل أحواله وأعماله، وأن ينظر إلى الخلق على أنهم مرضى وهو الطبيب اللطيف بهم الحكيم في مداواتهم، فيداويهم بكل لطفٍ، طالباً شفاءهم من غير أجرةٍ ولا مِنَّةٍ. س14:ما أثر مخالطة الناس ومعايشة همومهم في الدعوة؟ إن الداعي هو الأب الرحيم للمجتمع يتحمّل آلامهم ويسعى لشفائها، ويبذل الجهد في كشف الغموم عنهم، سواء بالأمور المادية من بذلٍ أو وساطة أو قضاء حوائج أو دعاءٍ وتضرّعٍ في ظلمات الليالي. فالداعي في ليلهمع الله مستغيثاً، وفي النهار مع الخلق مرشداً ومعلماً. ويجب على الداعي مخالطة الناس مخالطةً يعرف بها أحوالهم وأمورهم وحاجاتهم، عملاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ((المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)) [1]. وإن لأَجِدُ في مخالطة الناس وكشفِ كروبِهم لذّةً تَعْدِلُ لَذّةَ العبادة والتقرّب إلى الله، حيث إِنَّ كشفَ كَرْبِ المسلم وتنفيسَ هَمِّهِ وَغَمِّهِ من أعظم القُرُبَات إلى الله تعالى، والدعوة مع المخالطة تزدادُ نشاطاً وَسَعَةً وتبليغاً وتحقيقاً لتأمين مجتمعٍ فاضلٍ كريمٍ. أما من يرى العزلةَ خيراً من المخالطة فهو إنسانٌ ضعفَ قلبُه، وقلَّ علمُه، وشُغِلَ بنفسه عن عبادة الله، فهو في وادٍ والإسلام والقرآن في وادٍ. س15:ما مدى اهتمامكم بطلاب العلم والدعوة؟ هذا سؤال لو تكلمتُ فيه ليلي ونهاري ما أَدَّيْتُهُ حَقَّهُ، إنّ طالب العلم هو الممثل لدين اللهِ وشرعِهِ، في أعماله وأقواله وأخلاقه. وهو الحامل لكتاب الله وشرعه والمتأدب بآداب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمتأسي بأخلاقه، فهو: الإنسان الذي أُطْلِقُ عليه أنه قرآنٌ وسُنَّةٌ يمشيان على الأرض بين الناس، أو أقول: هو المُنْقِذُ للأُمَمِ المُحْيِي للرِّمَمَ [2]، المعطي بلا حَدٍّ. المنقذُ للخَلْقِ بلا عَدٍّ، فحياتُه لله وعلمُه لله ووقتُه لله وهو مع الله، وتوجيه خلق الله إلى محبة الله، وتزيين العباد بمحبة الله، وتوجيه القلوب إلى معرفة عظمة الله ومهابته، ليصبح القلب ويمسي متذللاً بين يدي عظمة الله. وإن اهتمامي بمثل هذا الطالب هو اهتمامي بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وبالإسلام كاملاً. فلذلك أبذل له حياتي وما ملكت يدي، وأُوقِفُ له أوقاتي تعليماً وإرشاداً وتذكيراً ودلالةً حتى يصبح حاملاً لواء الإسلام مدافعاً عن حوزة القرآن والسنة. وإن طالب العلم هذا أغلى في الميزان من أمةٍ بكاملها حيثُ إنه يعادل أمّةً كما قال الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام: }إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِّلَّهِ حَنِيفاً{[النحل: 120] ووصيتي لِكُلِّ مسلمٍ أن يسعى لخدمة طلبةِ العلم الشرعي والإيماني، لعل الله أن ينتج منهم مَن يحمل لواءَ الإسلام وهدفه فَيَنْشُرَه في بقاع هذه المعمورة. ولقد حقق الله أمنيتي بأنْ رأيت كثيراً من الطلاب ممن قام بتنفيذ الهدف المنشود في تبليغ الشريعة والتعريف بها، والتوجيه لمحبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، ممل يحدو بي أن أشكر الله في سرّي وعلانيتي وكم أنا راضٍ إذا أتاني الموت أن ألقى الله تعالى وقد تركت فيهم من يهيم بالإسلام بعدي، كما قال القائل: أَهِيمُ بِلَيْلَى مَا حَيِيتُ وإِنْ أَمُتْ س16 ما أثر والدتكم رحمها الله في مسيرة دعوتكم؟أُوَكِّلْ بِلَيْلَى مَنْ يَهِيمُ بها بَعْدِي للوالدة دورٌ كبيرٌ في مسيرتي الدينية، حيث إنها كانت توقظني قبل الفجر بساعتين لأقوم بوردي وأنا صغير، وكانت دائماً تحثني على ملازمة الشيخ والصدق في محبته، حيث كانت رضي الله عنها كثيرة المحبة لأولياء الله، وكانت في كثير من أحيانها تخدم في بيت الشيخ بدر الدين الحسني محدثِ البلاد الشامية رضي الله عنه وأرضاه . ولقد تَعبتْ يوماً في خدمتها وذهبتْ إلى البيت مرهَقةً، وباتت في تلك الليلة فرأت في المنام أنها تمشي بين نهرين كبيرين، ورأت شاباً يتقدم نحوها يقول لها: إنَّ والدي في انتظارك وأخذها حتى وصلت إلى مجمع النهرين فَرَأَتْ شيخاً أبيضَ اللحية مستنداً إلى شجرةٍ، وسأل الشابَّ: هل أَتَتْ؟ قال: نعم، قال: فخذ هذين الرغيفين والسّمكتين، فأعطهما لها، فقالت والدتي: أعطي جارتي واحدةً منهما؟ قال: لا، هما لك، وَدَعِي جارتك لنا. ثم قال للشاب: أرجعها مِنْ حيث أَتَتْ، فرجعتْ مع الشابّ وسألتْهُ: مَن هذا الشيخ الذي امتلأ قلبي بِحُبِّهِ؟ فقال لها: هذا والدي أبو بكر الصديّق وأنا وَلَدُهُ عبدُ الله. استيقظتْ وقصَّتْ الرّؤيا على الشيخ بدر الدين فأخبرها بأنّ الله سيرزقُها بِوَلَدَين عالِمَين صالِحَين، فكنت أنا وأخي الشيخ رمضان بفضل الله تعالى. ولقد كانت والدتي ملازمةً على مجالسة شيخي في مجالسه العامة، وكانت داعيةً بأخلاقها وأعمالها، ولقد كانت تسقي الماء، وتكرم الوافدات على مجالس العالم، مما جعل النساء يعشقْنَها ويَلُذْنَ بِها دائماً. ولو لم يكن منها سوى أنها كانت تشجّعني وتُثّبِّتُني على الطاعة والمحبة لأولياء الله لكفاها ذلك شرفاً. ومِن فضائل والدتِي أنها اختارتْ لي الزوجة الصالحة التي كانت لي عَوناً في طلب العلم، ومُسَاعِدَةً في كثيرٍ من المجالس، حيث كنت أتركها وحدّها في البيت إلى ما بعد منتصفِ الليل وأنا مستغرقٌ في مجالس العلمِ والدّعوةِ إلى الله، ولقد وجدتُ فيها الزوجة الصابرة الوفية الراضية، والتي ما طلبتْ طلباً لحاجاتها مطلقاً، وإنما كانت قانعةً بما تجد وساهمت في كثير من الأعمال الخاصّة؛ كإقراء القُرْآنِ للأطفال، وعملت بتزيين العباءات لمساعدتي فيا لإنفاق إلى الأولاد. ولقد كانت بِحَقٍّ شريكةَ العمر على السَّرَّاء والضَّرَّاء، تدفعني للإخلاص والصبر لتحقيق نجاح الدعوة، وليس هذا بجديدٍ عليها إذ إنّ والدتّها كانت من الصالحات وهي ابنهُ العلم، فإن والدها كان قاضي (حَاصْبَيّا) كما أسلفت ، وكان كثير اللقاء والمجالسة لعلماء وأولياء الشام. [1] ) أخرجه ابن ماجة: 2/1338 رقم /4032/، والبيهقي في السنن: 10/89. [2] ) الرِّمم: هي العظام البالية. hgughlm hgvfhkd hgado v[f ]df (hgpgrm hgvhfum ) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
03 / 02 / 2012, 03 : 05 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : زياد محمد حميدان المنتدى : ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
(الحلقة, الرابعة, الرباني, الشيخ, العلامة, يجب, رجب |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018