![]() | |
ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب ملتقى يختص بوضع الكتب المفيده وملخصاتها ونشر المختصرات التحليلية أو النقدية أو الموضوعية لأهم الكتب المنشورة . |
![]() |
![]() |
كاتب الموضوع | زياد محمد حميدان | مشاركات | 1 | المشاهدات | 1327 | ![]() ![]() ![]() | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
![]() | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب الفصــل الثانـي منهـج فضيـلة الشيـخ رجـب ديـب فـي العلـم والدعـوة أولاً: في مجال طلب العلم لله سبحانه في كل زمان أعطياتٌ يُفيض بِها على عباده، يصطفي منهم الأخيار لحمل لواء العلم والهداية، ليكونوا منارات هدىً، ليتحقق بهم الحفظ لهذا الدين، ولو استقرأنا التاريخ الإسلامي لوقفنا أمام أساطين لا يسعنا إلاّ أن نسلّم أن الحق سبحانه تولاهم بالعناية والرعاية. وأن ما قدّموه وحققوه فوق نطاق الجهد البشري. نذكر منهم الإمام البخاري رحمه الله تعالى وما أعطاه الباري سبحانه من قوّة الحفظ وخير شاهد على ذلك قصّتُه مع أهل بغداد عندما قلبوا له متونَ وأسانيدَ مائةِ حديثٍ شريف، فردّ كُلَّ مَتْنٍ إلى إسناده [1]، وكذلك تبويبه غير المسبوق في كتابه الجامع الصحيح. وكذلك الإمام النووي رحمه الله تعالى ، وما أُثِرَ عن حياته أنه كان يعقد مجالس العلم المتعاقبة في كل العلوم الشرعية والعربية من صلاة الفجر إلى الظهر، ومع ذلك له من المؤلفات المحققة المدقَّقَة ما يحتاج تأليفها إلى أطول من عمره الزمني، ويعتبر رحمه الله تعالى مُحَرِّرَ المذهبِ الشافعيّ. وكذلك الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى، الذي بلغتْ مصنفاته القمة في علوم الحديث ومصطلحه، ولا يزال العلماء عالةً على مؤلفاته، وقد سأل طلابُ العلم الإمامَ الشوكاني أن يضع شرحاً لصحيح البخاري فقال: ((لا هجرة بعد الفتح)) يريد أن لا شرحَ يُعْتَدّ به شرح الحافظ ابن حجر للصحيح، فإن ما جمعه من لغةٍ وفقهٍ وحديثٍ وتخريجٍ وجمعٍ للرّوايات مما لا يمكن مجاراته. ولا يزال العلماء ينهلون من علمه، ويُعَدّ شرحُه لصحيح الإمام البخاريّ موسوعةً فريدةً في بابها، إضافةً إلى مصنفاته الفريدة التي تُعَدُّ مفخرةً في الجرح والتعديل، وهي ما لا يمكن لفريقٍ في هذا الزمان فعله. وهذا سماحة الشيخ أحمد كفتارو رحمه الله الذي يعتبر في العصر الحديث حكيمَ الإسلام، وأستاذاً من أساتذة الجيل، وعَلَمَاً من أعلام الدعوة والعلم في العالم بأسره، بدأ دعوته وحيداً بعد رحيل والده العلامة الجليل الشيخ محمد أمين كفتارو، وقد طاف سماحته العالمَ شرقاً وغرباً، وحقق من الإنجازات مالا تستطيعه كثيرٌ من الحركات والأحزاب التي ملكت المال والكوادر والأتباع، بل إنَّ كثيراً من هذه الحركات جَرَّت الويلات على المسلمين باسم الإسلام، بينما هو يحاور كبار الزعماء السياسيين من عرب وعجم، والعلماء الأكاديميين في أمريكا وأوروبا والاتحاد السوفيتي (المنْحَلّ)، ودول جنوب شرق آسيا واليابان ورجال الدين المسيحي وغيرهم، يدعوهم للإسلام بالقرآن الحكيم دون أن يتنازل عن جزئية مهما دقّت من الإسلام، أذهل هؤلاء كلّهم منطقه السليم، وحكمتُه البالغة وفكرّه الثّاقبُ، ومَلاكُ ذلك كُلِّهِ توفيقُ الله وعنايتُه، فما حَقَّقَهُ من إنجازاتٍ ستبقى ساطعةً دهراً طويلاً إن شاء الله تعالى. وهذا فضيلة الشيخ رجب الذي تربى في عرين سماحة الشيخ أحمد كفتارو، سار على سننه في سلوكه، إذ أدركته العناية الإلهية منذ الصغر، فكما مرَّ لم يعرف في طفولته عبثَ الأطفال ولا لَهْوَهُمْ، فحُبِّبَ إليه قراءةُ القرآن وحضورُ مجالس العلم، وحتى يومنا هذا وقد جاوز السبعين. فهو بشارة الشيخ محمد بدر الدين الحسني محدثِ رحمه الله تعالى ، كما سيأتي من قصة والدته رحمها الله، وقد تأثر بسماحة الشيخ أحمد كفتارو في عُلُوّ همته ومحافظته على الوقت والحرص على طلب العلم وطلابه، وإتمام العلم بالعمل والتعليم والوعظ والإرشاد، حتى فتح الله الوهّاب عليه بما نرى من حَيَوِيَّةِ الدعوة في الشام وها قد بدأت تؤتي ثمارها خارجها في أوروبا وأمريكا وكثيرٍ من بلدان العالم، زادُه في ذلك ذكرُ الله تعالى وحبُّه وحُبُّ رسولهِ المصطفى صلى الله عليه وسلم والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة. وقد بدأ فضيلتُه طلَب العلم بدايةً مُوَفَّقَةً، مُكَلَّلَةً بالعناية، بدأ بحضور مجالس العلم وصحبة الشيوخ الفضلاء؛ خيرةِ علماء الشام، يسعى لطلب العلم السعي الحثيث، دون كللٍ أو مللٍ، في غاية الأدب الذي يفتقده معظم طلاب العلم في الجامعات والمعاهد الإسلامية، الذين يتملكهم الكبر والغرور بما يحصِّلونه من شهاداتٍ وما يمتلكونه من مراجع ومخطوطات، وكأنهم ما درسوا إلاّ باب الاجتهاد فبدؤوا بالعلم من آخره، ولذلك فقدوا الأدب مع علماء الأمة، ولم ينتجوا شيئاً في مجال العلم ولا الهداية والدعوة والإرشاد. ذلك بأنهم لم يأتوا البيوت من أبوابها فوضعوا أنفسهم في مصافّ المجتهدين، ولم يدركوا العلم ولا فهمَ كتابِ الله ولا حكمةَ النُّبُوَّةِ ولا مقاصِدَ الشّريعة. الشيخ رجب نبراسٌ في الأدب، لا يرى لنفسه حظاً فيما حصلّه من العلم والدعوة إلى الله تعالى، فمنذ طلب العلم من نعومة أظفاره وإلى الآن يخدم شيوخه ويرى أن لهم الفضل الأكبر، ولذا يعتبر خدمتَهم لِزَاماً عليه وشرفاً، ويجالسهم وهو على غايةٍ من الأدب والتواضع، وإنه ليجلس في حضرة شيخه وهو على غايةِ الأدبِ والافتقارِ كأدنى طالب علمٍ يجلس في حضرة معلمه، رغم ما فتح الله عليه من العلم والأدب والدعوة والأتباع والمكانة. فهو مع سماحة شيخه وبقية شيوخه في غاية الوفاء والأدب، ومن أدبه الجمّ إغضاؤه الصوت في حضرتهم، وعدم تعاليه بعلمه وفقهه، وإنه ما سافر ورجع إلاّ بدأ بزيارة شيخه قبل أهله، وهذا يذكِّرنا بما فعله مصعب بن عمير رضي الله عنه عندما رجع من المدينة المنورة فبدأ بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أمّه. وله هّمهٌ في طلب العلم، لا يُشَقُّ له غبار في ذلك، ولا يصبر على طلبه للعلم إلاّ مُلْهَمٌ مُكَلَّلٌ بالعناية، فهذا الدأب على حضور مجالس العلم والسعي لتحصيله ومطالعته لا نظير له، فمَن من طلاب العلم يصبر على قراءة الدرس قبل الشرح عشرَ مرّاتٍ وبعد الشرح ثلاثين مرّةً؟! أيُّ حرصٍ هذا وأي صبر؟! ثم انتقاله في تعلمه من فَنٍّ إلى فنٍّ حتى بلغتْ شيوخه قرابة الستين، وحرصه على الوقت واستغلاله الاستغلال الأمثل، فلا يمكن أن تجده فارغاً فإما معلّماً أو متعلماً، حتى لو كان مع إخوانه وأحبابه يداعبهم بالحق، فإذا جاء أحدهم بطرفة ضحك قليلاً وأتبع ذلك بموعظةٍ وتذكيرٍ. وخير شاهد على استثماره الوقت للعلم ما كان من سلوكه في طريقه وحيداً وشغل الطريق بالحفظ وكراهيته مجالسة مضيعي الوقت. ويضع فضيلته منهاجاً لطالب العلم حتى يدرك منـزلة العالم الرباني، وأنه لا غنى لطالب العلم عن التربية والسلوك القويم، وأن لا ينظر إلى الدنيا وزخارفها ومناصبها، وأن يهضم حَظَّ نفسه، وأن يكون الهدفَ الوحيدَ (الله)، وشعاره على الدوام (إلهي أنت مقصودي ورضاك مطلوبي)، فإذا حقق هذا الشعار أتته الدنيا بزينتها وزخارفها وكنوزها راغمةً صاغرةً. وهذا لا يكون إلا بصحبة العالم الرباني، والمرشد الذي يهذّب النفس ويزكيها ويطهرها من أرجاسها وتعلقاتها ثم يملؤها بعد ذلك علماً وحكمةً، مع الدأب على المطالعة ومدارسة العلم، والتدرج في التعلم من المتن المختصر إلى الشرح الوافي، وملازمة التقوى في القول والعمل والحضور والغيبة. وهو يرشد العالم إلى طريق العلم المُنْتِج باتباع الحكمة في التعليم، وأن يُعَلِّمَ الناس ما ينفعهم، وإنهم لَيَجِدُونَ فيه المْلاذَ الآمنَ في دنياهم ودينهم، يَجِدُونَ فيه كهف السعادة في كل أمورهم، فهو الربّان الذي يقود سفينةَ الحياة لِيَعْبُرَ بِهِمْ من دنيا سعيدةٍ إلى آخرةٍ أسعد. ولا يحصّل ذلك إلاّ بِجَنَاحَي العلمِ والتربيةِ، وقد حقق فضيلتُه ذلك في طلبه للعلم وفي التعليم والدعوة والتوجيه فحقق المنهج قولاً وعملاً. والآن إلى الحوار: س1: كيف كانت بدايتكم في طلب العلم؟ بدأتُ طلب العلم في سِنّ السابعة، حيث كنتُ أَتَرَدَّدُ إلى مجالس العلم في المسجد الأموي صباح كل يوم، للشيخ عبد الحكيم المنّير رحمه الله. وكان يعقد في المسجد الأموي بعد المغرب كل يوم مجلسَ عِلْمٍ، بدأتُ في التجويد، ثم انتقلت إلى الأحكام الشرعية في سِنّ العاشرة، وبقيت في ذلك إلى السادسة عشرة، حيث كان عملي في النهار وكنت أفرّغ الليل لطلب العلم، ويبقى معي الوقت إلى ما بعد العشاء من ساعتين إلى ثلاث. وقرأت في هذه المدّة في الفقه "نور الإيضاح" و"مراقي الفلاح" و"الاختيار"، وقرأت كتاب "مجمع الأبحر شرح ملتقى الأنهر" وأتبعه "بالقدوري"، ثم دَرَسْتُ الحاشية (حاشية ابن عابدين) على الشيخ عبد الوهاب دبس وزيت رحمه الله . وكان طريقي كله مراجعةً للمحفوظات، وحفظاً للقرآن الكريم والحديثِ الشريف. س2: ما السبب الرئيس في تشجيعكم على طلب العلم؟ اشتد طلبي للعلم عندما التقيت بسماحة شيخي في سن الثالثة عشرة، حيث شجعني على دراسة العلم الشرعي والتوسع فيه. وبثّ فيّ من هَمه الدراسة بقوله لي يوماً: يجب على طالب العلم أن لا يُضَيِّعَ من عمره لحظةً واحدةً حتى يلقى الله تعالى، عملاً بالقول المأثور: (اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد). وكنت كلما دخلت على شيخي أجده يقرأ في كتاب، فإذا خرجت أخذ الكتاب وقرأ فيه. مما حدا بي من طريق محبتي لشيخي أن أتشبه به في دراسته وقراءته. س3:ما الطريق التي سلكتموها في طلب العلم؟ الطريق التي سلكتها في طلب العلم هي الدراسة عند الشيوخ في البيوت، بدأت في طلب العلم عند الشيخ محمد الهاشمي رحمه الله تعالى وأرضاه، وعند الشيخ سعيد البرهاني رحمه الله تعالى، ثم انتقلت إلى الشيخ سعيد الهرباوي في دار الحديث (في العصرونية). ثم استلم الإمامة لمسجد (الطاووسية) العالم الشيخ عبد الصمد إسماعيل، فتابعت عنده التجويد والفقه والفرائض، ودرست اللغة العربية عند عدة شيوخ منهم الشيخ إبراهيم اليعقوبيرحمه الله كما أني درست علم الصرف والبلاغة عند الشيخ عبد المجيد والشيخ عبد العزيز (في حي الأكراد). واستقيت علم الحديث عن سماحة شيخي الشيخ أحمد كفتارو، ومصطلح الحديث مع التفسير، وهناك العديد من الشيوخ الذين أخذت عنهم. وكان برنامجي في الدراسة أن الطريق كلّه للحفظ، والليل للتكرار، وكنت أكره أن أماشيَ أحداً في الطريق حتى لا يشغلني عن الدراسة. س4:ما منهجكم في طلب العلم؟ نهجي في طلب العلم أن أملأ جميع وقتي في الطلب والمطالعة والدراسة، وكنت وأنا في عملي أكتب العلم وأضعه أمامي فأحفظه وأنا في عملي، ولم أذكر أني مشيت طريقاً من غير تكرارٍ أو حِفْظٍ، حتى بلغ بي الحال أني كنت أقرأ القرآن وأنا نائم. وحدثت معي لطيفةٌ وهي أنَّ أخي الشيخ رمضان أتى متأخراً، فوجدني أتلو القرآن وأنا نائم وجلس يستمع إِلّيَّ حتى أنهيت الأجزاء الخمسةَ الأولى، فأيقظني وقال لي: لقد تَعِبْتُ، وسألته كم مرّةً أخطأت؟ فلم يكن هناك خطأٌ واحدٌ. والآن إذا سئلت مسألة فأعجمت عَلَيَّ أضطجع وأنام؛ فأرى في المنام الكتاب والمسألة التي أريدها، بل وأنا في المنام أكرر الصفحة وأنا أقولها. وما قرأت درساً عند شيخ من الشيوخ من الفقه واللغة إلا وحضَّرته قبل ذهابي إلى الشيخ بقراءته عشر مراتٍ، وإذا رجعتُ كررتُه ثلاثين مَرَّةً. س5:ما الآداب التي سلكتموها مع شيوخكم الأجلاء التي يمكن اعتبارها نبراساً لطالب العلم؟ لقد كنت مع شيوخي كلهم كأرض وتراب تحت أقدامهم، وكنت لا أمتع بصري بشيوخي حياءً بين أيديهم، وإذا سألوني أي سؤالٍ كنت أَرُدُّ عليهم سرّاً خشيةَ أن يرتفع صوتي بين أيديهم، وكنت ألزم نُصْحَهُم، وإذا أمروني بشيءٍ أمتثله امتثالاً كاملاً. وكانت الوظائف والواجبات العلمية التي يأمرونني بها آتي بها كاملة. وإن منها لما أسهرني إلى ما قبل الفجر من غير مللٍ، وكنت كثيراً وفي جُلّ أوقاتي أخدم شيوخي في حياتهم البيتية، وكنت أنفق ما ملكتْه يداي تقرباً إليهم، وربّما أوقفتُ لَيلي وكثيراً من نهاري على خدمتهم، حتى كان أحدهم يقدمني على أبنائه، وبتوفيق الله سبحانه ملكتُ قلوب شيوخي بصدق الخدمة لهم، ولا يُنال ما عند الشيوخ إلاّ بالخدمة الصادقة. هذا وإني إن كنت في طريقي ورأيت أحد الشيوخ كنت لا أتقدم عليه في المسير أبداً. س6: ما أثر أدبكم مع شيوخكم في مجال دعوتكم؟ أقول: من غرس قَطَفَ، ومن زرع حصد، وبمقدار ما يؤدي الطالب إلى معلمه بمقدار ما يحصد من طلابه؛ للحديث الشريف ((بِرُّوا آباءَكم تَبَرُّكم أبناؤُكم)) [2] والعالم هو أبٌ روحيٌّ أو أبٌ علميٌّ، فبرُّه برُّ الآباء. ورأيت خدمتي لشيوخي وإكرامي لهم واحترامي لمكانتهم في جميع الطلبة الذين عَلَّمْتُهُمْ أحدٌ ذلك، وكأني رأيت قول الله بيّناً واضحاً في ذلك: }فمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ { (الزلزلة: 7) ولقد رأيت أعظم العطاء الإلهي وأسرعه في خدمة الشيوخ والتقرب إليهم. س7: لقد كان طلبكم للعلم مميزاً وأثر في نفوس شيوخكم، وانعكس ذلك بصورة ثناءاتٍ، فبماذا أثنى عليكم شيوخكم وبم وصفوكم؟ أولاً إني لا أريد ذكر ثناءات الشيوخ عليّ. ولكن نزولاً عند رغبة السائل أقول بعض الكلمات مع حيائي من الله تعالى مما قيل فّي، لقد قال لي بعض شيوخي أمام مجموعة كبيرة من العلماء مخاطباً لهم: كلٌّ منكم أخذ شهادته من الكلية، والشيخ رجب أخذ شهادته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومما قاله الشيخ محمود الرنكوسي رحمه الله تعالى وأرضاه عن شيخه الشيخ بدر الدين الحسني إمامِ الحديث في الشام في زمانه قال له: لن يُقِرّئ صحيحَ البخاري بعدي أحدٌ إلاّ من أهل البيت، وبلغه أني قرَّأت صحيح البخاري فقال لي: أنت الذي قصدك الشيخ بدر الدين، وقد رأيته وهو يأمرني أن أعطيك الإجازة في علم الحديث، فكتبها بيده عن شيخه الشيخ بدر الدين، ووصفني شيخي حيث قال عني: اقرؤوا مكتوبات الشيخ رجب فهو إمام الزمان، مع ذلك أبرأ إلى الله من حولي وقوتي ولولا السؤالُ ما تَفَوَّهْتُ بذلك ما دمت حياً. وأُقْسِمُ على كُلِّ مَنْ قَرَأَ هذا أن يستغفر لي ويدعو لي بالرحمة. س8: ما الطريق الأمثل في نظركم لطلب العلوم الشرعية؟ أولاً: أن يكون الطالب صاحبَ همة تزول أمامها الجبال، حيث إن طالب العلم يطلب علوم الشريعة من الكتاب والسنّة، فأما الكتاب فهو بحرٌ يمدّه من بعده سبعة أبحرٍ من غير أن تنفذ علوم الكتاب، وأما السنّة فهي محيطٌ به إلاّ من غاص البحار بهمّةٍ ليستخرج اللآلئ. ومما يجب على طالب العلم الصدق في طلب العلوم الشرعية؛ وذلك بأن يجدها بالنسبة له كالروح بالنسبة للجسد لو غابت عنه لشعر بالموت. فعلى طالب العلم مواصلة الطلب من غير فتورٍ، وملازمة التكرار في الليل والنهار، وحفظ العلوم بأسانيدها، والإنكباب على حفظ الحديث الشريف بشغفٍ حتى يملأ القلب به، ثم على طالب العلم خدمة شيوخه والملازمة على أعتابهم، كما كان يفعل عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ولا يكتفي طالب العلم بدراسة الأحكام ما لم يجمع معها دراسة الإيمان، وصحبة المؤمنين من العلماء العارفين، حتى يتذوق حلاوة الإيمان، ويسارع إلى تطبيق الأحكام. والأهم من ذلك أن يكون داعياً إلى الله، مُبَلّغاً لدينه، مرشداً للخلق، دالاً على الله، محبباً برسول الله صلى الله عليه وسلم موجهاً الخلقَ إلى شرع الله. س9: كيف ترسمون منهجاً لطلب العلم ولطالب العلم؟ المنهج لطالب العلم إن كان متفرغاً للطلب فعليه اكتساب الزمن، بملازمة الدراسة في أول طلبه وكثرة الحفظ للأحكام مع أدلتها، وألا يشتغل بأمور اللهو وضياع الأوقات، فإنها السُّم القاتل لعلمه، وعليه مواصلة المطالعة والدأب على الدراسة. ولْيبدأ بالمتون أولاً ثم بشروحها على يد عالم خبير مطّلع، ولْيبذل الجهد في دراسة اللغة العربية لأنها مفتاح العلوم، ولْيُعِدَّ عُدَّتَهُ لنظام الوقت بحفظ القرآن والحديث الشريف، وليجعل أساس طلبه مرتكزاً على ذكر الله والالتجاء إليه. وعلى طالب العلم أن يزداد تواضعاً لله كلما ازداد علماً، فالعالم الحق هو الذي لا يرى لعلمه مكاناً بالنسبة لعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يراه رذاذاً من بحر محيط. ومتى افتخر العالم بعلمه فَقَدَ كرامة العلم. س10: ما معوقات طلب العلم التي لاحظتموها خلال مسيرتكم في مجال التعليم؟ هي كثيرة، يرأسها حُبُّ الدنيا والتعلقُ بزخارفها، وطلبُ لَذَّةِ العيش، وحُبُّ المظاهر والانشغال بالخلق. والواجب عليه أن لا يلتفت إلى مُرَغِّبات ولا مُرَهِّبَات، بل يشغل قلبه بالله وحده. وألا يشتغل بالتفكير بالزواج أو كسب المال، أو ارتقاء سدّة الرفعة، فإنها تأتيه بكثرة تواضعه، ولا يُعيق طالبَ العلم شيءٌ مثل الأنانية ورؤية النفس. س11: مَنْ شيوخكم وماذا أخذتم عنهم؟ تعد شيوخي أكثر من ستين عالماً متضلعاً في العلوم الشرعية والعربية والإيمانية والروحية، أذكر منهم الفقهاء: الشيخ عبد الصمد إسماعيل والشيخ سليم اللبني والشيخ إبراهيم اليعقوبي والشيخ سعيد الهرباوي والشيخ يحيى المكتبي خليفة الشيخ بدر الدين، والشيخ محمود الرنكوسي والشيخ عبد المجيد والشيخ عبد العزيز من الأكراد. وأما شيوخ الإيمان والروح فالشيخ محمد الهاشمي والشيخ أحمد التلمساني، واستقر المقر عند شيخي ومعلمي منذ بداية نشأتي سماحة المفتي العام الشيخ أحمد كفتارو رحمة الله عليهحيث درست عنده الحديث وعلومه والتفسير وأسلوبه، وارتقيت بصحبته إلى ذكر الله، الذي أثمر خشية الله ومراقبته والحضور معه والتذلل بين يديه والخشوع في الوقوف بين يديه، ولقد وفقني الله لمحبته حتى أصبح أحبَّ إليّ من نفسي والله أسألُ أن يميتني على محبته ومحبة أوليائه ويجمعني بهم يوم القيامة إنه سميعٌ مجيبٌ. س12: ما نظرتكم إلى العلم والعلماء؟ العلم نورٌ إلهيٌّ يَهَبُهُ الله لمن يشاء، أراد به السعادة والكرامة ورفعة المكانة. والعلماء في الحقيقة ثلاثةٌ: عالِمٌ بالله جاهِلٌ بشرع الله، وعالِمٌ بشرع الله جاهِلٌ بالله، وعالِمٌ بالله وبشرعِ الله، يجمعها الحديث الشريف: ((العلم علمان: علمٌ في القلب فذاك هو العالم النافِعُ، وعلمٌ على اللسان وذاكَ حُجَّةُ الله على عبادِهِ)) [3]. فالعالم بالله هو الذي غلب على قلبه التقرّبُ إلى الله، وهيمن على روحه كثرةُ ذكر الله والشوقُ إلى الله، وامتلأت روحُه بمحبة الله، فانجذبت إلى العبادات والأذكار والأوراد، متوجهاً إلى الله طالباً رضاه، خائفاً من عذابه لا يلتفت إلى أحدٍ أذنب أو أخطأ أو زلّ، بل أراد نجاة نفسه وتخليصها من عذاب الله. والعالم بشرع الله هو العالم الذي دَرَسَ الأحكام الشرعية في الكتب الفقهية من متون وشروح وحواشٍ، فمنهم من تعمق بها فأخذ لكل حكم سندَهُ من الآيات والأحاديث، وبقية الأصول من الإجماع والقياس والعرف. وهذا الذي يُعتمد على فقهه ويؤخذ منه. ومنهم من رضي بالأحكام فقط المأخوذ من الكتب الفقهية على أي مذهبٍ من المذاهب، وقام بتكرارها ومراجعتها، وسمّى نفسه من الفقهاء، من غير أن يرتقي إلى العمل بعلمه أو إلى تثقيف الناس وتفقيههم، واغتر بما جمع من الكتب والدراسة. فهذا منقطعٌ عن الوصال وأداء الحقوق. وَأَكْمَلُ العلماء مَن جمع الطرفين، ونشر الجناحين، جناحَ الشريعة بكمالها ومعرفة أهدافها، وأسرار أحكامها. وجناح الحقيقة بتمام أذكارها وأورادها وصفاء روحها ونقاء قلبها، مع دوام الخشية لله على كل حال، عملاً بالحديث الشريف ((كفى بالمرء علماً أن يخشى الله تعالى،وكفى بالمرء جهلاً أن يُعْجَبَ بنفسه)) [4]، ذلك هو العالم، هو الذي يؤدي حقَّ الله تعالى من المحبة والخشية والمراقبة والحضور، والأنس مع الهيبة، والجلال لعظمة الله، وأدى حقَّ العباد من الدلالة على الله والتعريف بعظمته والتأدب معه. فهذا العالم هو الذي ينهض بالمجتمع إلى الفضائل والكمالات، فيرشد الخلق إلى مخافة الله ويوجِّهُ الشباب إلى التوبة النصوح لله،ويُذَكِّرُ النساءَ بلقاء الله وحسابه. كل ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة والبسمة الدائمة والمحبة لخلق الله تعالى. [1] ) ينظر تفصيل القصة في سير أعلام النبلاء: 12/408. [2] )أخرجه أبو نعيم في الحلية: 6/335، وذكر في كنـز العمال: 16/467/ رقم / 45477/ والترغيب والترهيب: 3/491. [3] ) قال الحافظ المنذر: رواه الحافظ أبو بكر الخطيب [تاريخ بغداد: 4/346] في تاريخه بإسناد حسن، ورواه ابن عبد البر النّمري في كتاب العلم عن الحسن مرسلاً بإسناد صحيح. الترغيب والترهيب: 1/103. [4] ) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان: 1/472 رقم /748/، وينظر كنـز العمال: 3/142 رقم /5880/. hgughlm hgvfhkd hgado v[f ]df ( hgpgrm hgehgem ) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() | ![]() |
![]() | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : زياد محمد حميدان المنتدى : ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب ![]() | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]() | ![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الثالثة, الحلقة, الرباني, الشيخ, العلامة, يجب, رجب |
![]() |
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018