الإهداءات | |
ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب ملتقى يختص بوضع الكتب المفيده وملخصاتها ونشر المختصرات التحليلية أو النقدية أو الموضوعية لأهم الكتب المنشورة . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | زياد محمد حميدان | مشاركات | 0 | المشاهدات | 949 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
23 / 08 / 2011, 36 : 09 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [{المائدة 6}. افتتح الحق سورة المائدة بالأمر بالوفاء بالعقود،وإنَّ أجلّ العقود ما كان بين الحقِّ والخلق،الربوبية من الحق سبحانه تفضلاً،والعبودية من الخلق،ومن أوثق عرى الدين إقامة الصلاة التي هي من الدين مما لا يخفى مكانة وأجراً،وصلة بالله U ،ولما كان الطهور مفتاح الصلاة نادى الحق ُّ عباده بالوضوء عند القيام إلى الصلاة،لأن الطهارة الحسيَّة من شروط الصلاة،إذ يشترط طهارة البدن من الحدثين الأصغر والأكبر،وطهارة الثوب والمكان.وهناك شرط لا يبحثه الفقهاء في قسم العبادات،وهو طهارة القلب،من التعلق بغير الله تعالى،وما يلحق به من الغفلات،ونجاسة المعصية.فالمؤمن ينبغي أن يقف بين يدي الله تعالى طاهر القلب والبدن،والقلب محل نظر الحق سبحانه من العبد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ[[1]. وندب الحق سبحانه عباده إلى تزكية نفوسهم قبل الدخول في الصلاة:]قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [{الأعلى 14-15}.إذاً لابدَّ من تخلية القلب من شواغل الدنيا وتعلقاتها ،وتحليته بذكر الله U . قوله تعالى:]إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ [ اختلف أهل العلم في المراد بالقيام على أقوال: الأول:إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون،فاغسلوا وجوهكم،فالآية على إضمار الحدث،فعن السدي قالقمتم وأنتم غير طهر)[2]. الثاني:إذا قمتم إلى الصلاة من نومكم،لأن النوم مظنة الحدث.عن زيد بن أسلم قالإذا قمتم من النوم)[3]. الثالث:الأمر بالوضوء مطلقاً عند القيام إلى الصلاة،فإذا كان محدثا،فالأمر للوجوب،وإن كان متوضأً فالأمر للاستحباب، وعلى هذا يحمل ما نقل عن ابن سييرين قالكانوا يتوضئون لكل صلاة)[4].وكان علي بن أبي طالب t يتوضأ عند كل صلاة ويقرأ هذه الآية[5].وعن أنس t قالتوضأ عمر بن الخطاب وضوءاً فيه تجوُّز خفيفا،فقال:هذا وضوء من لم يحدث. وقد ورد عن النبي r أنه كان يوضأ لكل صلاة روى الترمذي عَنْ أَنَس t ٍ] أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا أَوْ غَيْرَ طَاهِر[ قال الترمذي: وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَرَى الْوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ اسْتِحْبَابًا لَا عَلَى الْوُجُوبِ[6]. ورو أبو داود عن النبي r قال:] مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ[[7].وروي عن النبي r أنه قال:]الوضوء على الوضوء نور[[8]. الرابع:إن الآية نزلت إعلاماً للرسول r أنه لا يحب الوضوء إلا عند القيام إلى الصلاة دون غيرها من الأعمال،قال علقمة بن الفغواء عن أبيه - وهو من الصحابة، وكان دليل رسول الله r إلى تبوك: (نزلت هذه الآية رخصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كان لا يعمل عملا إلا وهو على وضوء، ولا يكلم أحدا ولا يرد سلاما إلى غير ذلك؛ فأعلمه الله بهذه الآية أن الوضوء إنما هو قيام إلى الصلاة فقط دون سائر الأعمال)[9].وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي r خرج من الخلاء فقدِّّم إليه طعام،فقالوا:ألا نأتيك بوضوء؟.فقال: إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة)[10].روى الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ t :]أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ الْخَلَاءِ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فَقَالُوا أَلَا نَأْتِيكَ بِوَضُوءٍ قَالَ إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالْوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاة [ِ[11]. الأقوال في المسألة متقاربة،ففي القول الأول والثاني على أن في الآية إضمار الحدث أو مظنته وهو النوم،وكلاهما يوجب الوضوء،والقول الثالث يتضمن القولين الأولين،إذا كان الأمر للوجوب في حالة الحدث،وإما للندب إذا كان متوضأ،والقول الرابع وإن كان خاصا بالنبي r فمرده إلى القول الأول. وقوله تعالىإذا قمتم) ليس المراد نفس القيام ،فيجوز الوضوء قائما ومضطجعا أو قاعدا إجماعا،والمقصود أردتم الصلاة [12].ومثله الوقوف بعرفة لا يشترط الوقوف الذي هو القيام،وإنما يتحقق الوقوف بالحضور على أي حال. قوله تعالى:]فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [الغسل إسالة الماء على العضو المغسول،فالغسل الإسالة والمسح الإصابة،وأما الوجه فما يحصل به المواجهة عند اللقاء من الرأس،وأما تحديده فمن منبت شعر الرأس عادة إلى أسفل الذقن،وإنما قلنا عادة ليخرج من كان به صلع أو غمم،وعرضا فما بين الأذنين،واختلف في العذار وهو البياض بين الأذن واللحية،وسب الخلاف هل يطلق عليه اسم الوجه ؟ لعدم ظهوره في اللحية الكثَّة.وأما اللحية فتقوم مقام الوجه إذا كانت كثَّة،والضابط في التفرقة بين الكثَّة والخفيفة،إذا رؤي بشرة الوجه أثناء الخطاب فهي خفيفة،وأما إذا كانت كثَّة فيكتفى بغسل ظاهرها وجوبا،و تخليلها ندبا.روى الترمذي عَنْ حَسَّانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ] رَأَيْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ تَوَضَّأَ فَخَلَّلَ لِحْيَتَهُ فَقِيلَ لَهُ أَوْ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ أَتُخَلِّلُ لِحْيَتَكَ قَالَ وَمَا يَمْنَعُنِي وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يُخَلِّلُ لِحْيَتَه[[13]. ويجب غسل بعض الرأس ليتحقق غسل جميع الوجه،عملا بالقاعدة الأصولية(ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب). قوله تعالى:]وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ[ اليد تطلق على الكف إلى الرسغ،وهو ما يقطع من السارق،وتطلق على اليد إلى المرفق ،وهو ما يجب غسله في الوضوء،وتطلق على اليد إلى الإبط ،وهو ما ذهب إليه بعض السلف أنه كان يبلغ بالوضوء إلى الإبط. وفي سنن البيهقي الكبرى عن جابر بن عبد الله t قال:] رأيت رسول الله r يدير الماء على المرفق[[14].وإلى هنا بمعنى مع كقوله تعالى:]وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ [{النساء 2}.والقاعدة أن إلى إذا كانت الغاية من الجنس نفسه كانت بمعنى مع فتكون داخلة فيه ،كما في هذه الآية وشبهها،وإذا كانت الغاية من غير جنسه ،تكون لانتهاء الغاية، وتكون غير داخلة،كما في قوله تعالى:]ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ[{البقرة 187}. قوله تعالى:]وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ[ اختلف في معنى الباء،فقيل هي للإلصاق ،أي الواجب مسح جميع الرأس،وهذا مذهب مالك وأحمد،وقيل للتبعيض وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي،فيكفي مسح بعض الرأس،واختلف في البعض المجزيء ،فقيل ربعه وهو مذهب أبي حنيفة،وقيل ثلثه وهو قول لبعض المالكية،وقال الشافعية أقل ما يطلق عليه المسح ولو شعرات.ومن قال بالبعض يرى أن تعميم الرأس أفضل. وأتم هيئة للمسح ما قال به الإمام مالك رحمه الله:يبدأ بمقدم الرأس،ثم يذهب بيديه إلى مؤخره ،ثم يردهما إلى مقدمه [15]. وندب إلى إطالة الغرّة لمن كان له شعر يتعاهده .روى البخاري عن أبي هريرة t قال ] سَمِعْتُ النَّبِيَّ r يَقُولُ: إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ[[16].وأخرج مسلم عنه t :]سَمِعْتُ خَلِيلِي r يَقُولُ تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنْ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوَضُوءُ[[17].وكان أبو هريرة t يبلغ بالوضوء إلى الآباط أخذا بهذا الحديث. قوله تعالى:]وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ[ قرأ الجمهور بنصب أرجلكم،وعليه يكون التقدير واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين، وجماهير الفقهاء على أن فرض الرجلين الغسل،الذي بلغ النقل عن النبي r مبلغ التواتر[18].ومما ورد من الأمر بإسباغ الوضوء وغسل القدمين أخرج البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال:] تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ r فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا[[19].والإجماع على أن فرض القدمين الغسل[20]. وقريء بجرِّ أرجلكم ،عطفا على مسح الرأس،ولذا ذهب جماعة إلى أن فرض القدمين المسح واستدلوا بآثار لا تقوى على معارضة ما استدل به الجمهور,وتأول الجمهور رواية الجرِّ على معنيين: الأول:أن الجرَّ للمجاورة،وهذا شائع في اللغة،كقولهم :جحر ضبٍ خربٍٍ،وحقُّه أن يقال:خربٌ بالرفع. الثاني:يحمل على المسح على الخفين. والكعبان هما العظمان الناتئان على جنب القدم،والقول فيهما كالقول في المرافق. هذه المذكورات في النداء الربانيّ فرائض الوضوء المتفق عليها عند جميع المذاهب،واستنبط الشافعية والحنابلة ركنين، النيَّةِ من قوله تعالى(إذا قمتم) أي أردتم القيام.والترتيب من نسق الأركان إذ جعل ممسوحا بين مغسولين،وزاد المالكية الموالاة والدلك،بينما اقتصر الحنفية على ما ورد ففي الآية،وتفصيل المسألة في كتب الفقه. ومما ورد في فضل الوضوء ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة t :]أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُؤْمِنُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنْ الذُّنُوبِ[[21].وأخر الترمذي عن أبي مالك الأشعري t قال:] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r الْوُضُوءُ شَطْرُ الْإِيمَانِ[[22].وأخرج مسلم عن عقبة بن عامر t قال:]كَانَتْ عَلَيْنَا رِعَايَةُ الْإِبِلِ فَجَاءَتْ نَوْبَتِي فَرَوَّحْتُهَا بِعَشِيٍّ فَأَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ r قَائِمًا يُحَدِّثُ النَّاسَ فَأَدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ إِلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ قَالَ فَقُلْتُ مَا أَجْوَدَ هَذِهِ فَإِذَا قَائِلٌ بَيْنَ يَدَيَّ يَقُولُ الَّتِي قَبْلَهَا أَجْوَدُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا عُمَرُ قَالَ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُكَ جِئْتَ آنِفًا قَالَ مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ[[23]. قوله تعالى:]وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا[ إذا أصابتكم الجنابة قبل الصلاة،فتطهروا بالاغتسال. (وإن كنتم مرضى) مقيمون (أو على سفر )أصحاء،فقضيتم حاجتكم أو أتيتم أهليكم وأنتم مسافرون فتيمموا. قوله تعالى:] مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ [ لا يوجد في الدين عسر ولا ضيق،بل هو مبني على السماحة واليسر،وهذه الآية وما شابهها شاهدة لذلك،قال تعالى:] يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [{البققرة185}وقال تعالى:] وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [{الحج 78}.وهذه الآيات وغيرها من الهدي النبوي أصل لقاعدة عظيمة من قواعد الفقه وهي قاعدة(رفع الحرج).ومن رفع الحرج عن هذه الأمة إباحة التيمم للمريض الذي لا يستطيع استعمال الماء،وكذلك لفاقد الماء في السفر. قوله تعالى:]وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ[ اختلف في الشيء الذي يريد الحق سبحانه طهارة الخلق منه.فقيل من الذنوب والخطايا ،كما مرَّ في فضل الوضوء،وقيل من الأحداث والجنابة[24]. وقيل كطهارة القلب من التمرد على الله تعالى،قال الفخر الرازي لأن الكفر والمعاصي نجاسة للأرواح،وكما أن النجاسات الجسمانية تسمى طهارة،فكذلك إزالة هذه العقائد الفاسدة،والأخلاق الباطلة تسمى طهارة،ولهذا التأويل قال تعالى :)إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ( (التوبة 28)فجعل رأيهم نجاسة)[25]. قوله تعالى:]وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ[اختلف في تمام المنّة على أقوال: الأول:غفران الذنوب والمعاصي. الثاني:الرخصة في التيمم في السفر والمرض. الثالث:الهداية إلى الإيمان وإكمال الدين. الرابع:بيان الشرائع. روى الترمذي عن معاذ بن جبل t قال:]سَمِعَ النَّبِيُّ r رَجُلًا يَدْعُو يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَمَامَ النِّعْمَةِ فَقَالَ أَيُّ شَيْءٍ تَمَامُ النِّعْمَةِ ؟قَالَ دَعْوَةٌ دَعَوْتُ بِهَا أَرْجُو بِهَا الْخَيْرَ قَالَ فَإِنَّ مِنْ تَمَامِ النِّعْمَةِ دُخُولَ الْجَنَّةِ وَالْفَوْزَ مِنْ النَّارِ وَسَمِعَ رَجُلًا وَهُوَ يَقُولُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ فَقَالَ قَدْ اسْتُجِيبَ لَكَ فَسَلْ وَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الصَّبْرَ فَقَالَ سَأَلْتَ اللَّهَ الْبَلَاءَ فَسَلْهُ الْعَافِيَةَ[[26].قال سعيد بن جبيرتمام المنَّة دخول الجنَّة،لم تتم نعمة على عبد لم يدخل الجنَّة)[27]. قوله تعالى:]لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[ الله تعالى على ما أولاكم من سماحة الدين ويسره،ورفعه عنكم الضيق والحرج،وهذه نعم تستوجب الشكر عليها. فائدة:الرخص الشرعية أسبابها وأنواعها. تقاربت عبارات الأصوليين في تعريف الرخصة،فعرفها الغزاليعبارة عما وسّع للمكلف فعله لعذر وعجز عنه مع قيام السبب المحرِّم)[28].وقيل في تعريفها الحكم الشرعي إن تغيّر إلى سهولة لعذر مع قيام السبب للحكم الأصلي)[29].وقيل اسم لما تغير عن الأمر الأصلي لعارض،إلى تخفيف وتيسير،ترفيها وتوسعة على أصحاب الأعذار)[30].وعرّفها الشاطبيما شرع لعذر شاق،استثناء من أصل كلي يقتضي المنع مع الاقتصار على موضع الحاجة فيه)[31].وهناك تعريفات أخرى للرخصة[32]. فمبنى الرخص الشرعية التخفيف على المكلفين،وأسباب الرخص سبعة[33]: الأول: السفر،من رخصه إذا بلغ مسافة القصر أو جاوزها،قصر الصلاة الرباعية،والمسح على الخفين أكثر من يوم وليلة،والفطر للصائم. الثاني:المرض،من رخصه ،التيمم عند المشقة في استعمال الماء،والصلاة قاعدا،لمن عجز عن القيام،والفطر في رمضان. الثالث: الإكراه. الرابع: النسيان. الخامس:الجهل،فيما يعذر به. السادس:العسر وعموم البلوى،كالصلاة مع النجاسة المعفو عنها،كدم القروح والدمامل والبراغيث،وقليل دم الأجنبي،وطين الشارع،وأثر نجاسة عسر زوالها،وذرق الطيور إذا عمّ في المساجد والمطاف،وما يصيب الحبّ في الدرس من روث البقر وبوله. السابع:النقص،وهو مناسبة بعض جوانب النقص في النفس البشرية،منها عدم تكليف الصبي،والمجنون،وعدم تكليف النساء بكثير مما يجب على الرجال،كالجماعة والجمعة،والجهاد والجزية،ولبس الذهب والحرير،وكذلك عدم تكليف الأرقاء بكثير مما كلف به الأحرار،كتنصيف الحدود والعدد. وأما أنواع التخفيف[34] ،فسبعة كذلك: أولا: تخفيف إسقاط،كإسقاط الجمعة والحج والعمرة والجهاد بالعذر. ثانيا: تخفيف تنقيص،كقصر الصلاة الرباعية. ثالثا:تخفيف إبدال،كإبدال الوضوء والغسل بالتيمم،والقيام في الصلاة بالقعود،والصيام بالإطعام. رابعا:تخفيف تقديم،كتقديم الصلوات في الجمع العصر إلى الظهر،والعشاء إلى المغرب،وتقديم الزكاة على الحول. رابعا: تخفيف تأخير،كتأخير الظهر إلى العصر،والمغرب إلى العشاء في الجمع،وتأخير رمضان للمريض والمسافر. سادسا:تخفيف ترخيص،كصلاة المستجمر مع بقاء الأثر،وشرب الخمر للغصة،والتلفظ بكلمة الكفر عند الإكراه. سابعا:تخفيف تغيير،كتغيير نظام الصلاة في حالة الخوف. الفرع الثالث: في ضبط المشاق المقتضية للتخفيف. ذكر العزّ بن عبد السلام المشاق التي يلاقيها المكلف وأنها على ضربين: أحدها:مشقة لا تنفك عن العبادة،كمشقة الوضوء والغسل في البرد،وكذلك إقامة الصلاة في الحرّ والبرد،والصيام في الحرّ مع طول النهار،فهذه المشاق لا أثر لها في التخفيف. الضرب الثاني: مشقة تنفك عن العبادة غالبا،وهي أنواع: النوع الأول:مشقة عظيمة فادحة،كالخوف على النفس والأطراف،فهذه موجبة للتخفيف والترخيص،لأن حفظ المهج والأطراف لإقامة مصالح الدارين أولى،من تعريضها للفوات. النوع الثاني:مشقة خفيفة،كأدنى وجع في إصبع، أو أدنى صداع،فأمثال هذه لا التفات إليها لأن تحصيل مصالح العبادة أولى من دفع مثل هذه المشقة،التي لا يؤبه لها. النوع الثالث:مشاق واقعة بين هاتين المشقتين،فما دنا من المشقة العليا أوجب التخفيف،وما دنا من المشقة الدنيا لم يوجب التخفيف)[35]. وقريبا من هذا التقسيم للمشاق ما ذكره الشاطبيحيث تكون المشقة الواقعة بالمكلف في التكليف خارجة عن معتاد المشقات في الأعمال العادية،حتى يحصل بها فساد ديني أو دنيوي،فمقصود الشارع فيها الرفع على الجملة،ولذلك شرعت فيها الرخص مطلقا،وأما إذا لم تكن خارجة عن المعتاد،وإنما وقعت على نحو ما تقع المشقة في مثلها،من الأعمال العادية،فالشارع وإن لم يقصد وقوعها،فليس بقاصد لرفعها أيضا)[36]. هذه المشقات المتعلقة بالتكليف،أما أن يقصد المكلف إدخال المشقة والعنت على نفسه،فهذا مما يأباه الشرع،ومما يخالف روحه،وإن ظنّ المكلّف أنه يتقرّب إلى الله بتلك المشقة،وفي ذلك يقول الشاطبيإذا كان قصد المكلف إيقاع المشقة،فقد خالف قصد الشارع،من حيث إن الشارع لايقصد بالتكليف نفس المشقة،وكل قصد يخالف قصد الشارع باطل،فالقصد إلى المشقة باطل،فهو إذا من قبيل ما ينهى عنه،وما ينهى عنه لا ثواب فيه،بل فيه الإثم إن ارتفع النهي عنه إلى درجة التحريم)[37]. وفي الشريعة شواهد كثيرة تدل على ترك المشقة التي يدخلها المكلّف على نفسه منها ،عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:} بَيْنَا النَّبِيُّ r يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ فَقَالَ النَّبِيُّ r مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ {[38].فقد نهاه النبي r عما يدخل على النفس المشقة والعنت،ولا قصد للشارع في أي منها،أما الصوم ففيه قصد صحيح،وإن كان فيه مشقة فهي محتملة،ومقاصدها تربو على تلك المشقة. والتكاليف الشرعية بعضها أكثر مشقة من بعض،فيزيد الأجر تبعا لذلك،فللمكلف أن يترك حظ نفسه ويأخذ بالأشد طلبا للثواب،كما له الأخذ بالأخف والأيسر من أمر دينه،وفي ذلك يقول الشاطبيالمشقة ليس للمكلف أن يقصدها في التكليف نظرا إلى عظم أجرها،وله أن يقصد العمل الذي يعظم أجره لعظم مشقته من حيث هو عمل)[39]. وعن جابر ين عبد الله t قال:} خَلَتْ الْبِقَاعُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ r فَقَالَ لَهُمْ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ فَقَالَ يَا بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ{[40].وفي ذلك يقول الشاطبيوفي الشريعة ما يدل على أن قصد المكلّف إلى التشديد على نفسه في العبادة،وسائر التكاليف صحيح مثاب عليه،فإن أولئك الذين أحبوا الانتقال أمرهم عليه الصلاة والسلام بالثبوت،لأجل عظم الأجر بكثرة الخطا)[41]. وعن أبي بن كعب t قال:} كَانَ رَجُلٌ لَا أَعْلَمُ رَجُلًا أَبْعَدَ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْهُ وَكَانَ لَا تُخْطِئُهُ الصَلَاةٌ قَالَ فَقِيلَ لَهُ أَوْ قُلْتُ لَهُ لَوْ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ فِي الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ قَالَ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ {[42]. نلاحظ أن المشاق المأذون في الأخذ بها،ما كان لها أصل في الشرع،وأما ما لا أصل له في الشرع،فلا مصلحة فيه،ولذلك منع منه كما في حديث أبي إسرائيل . 1) صحيح مسلم،كتاب البر والصلة،باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره 16/337 رقم 6489 2) جامع البيان 4/452 3) جامع البيان الموضع السابق 4) جامع البيان 4/453 والجامع لأحكام القرآن 6/80 وتفسير القرآن العظيم 2/32 5) المراجع السابقة. 6) سنن الترمذي،كتاب الطهارة،باب الوضوء لكل صلاة 1/77 رقم 44 7) سنن أبي داود،كتاب الطهارة،باب الرجل يجدد الوضوء من غير حدث 1/43 رقم 62 8) الجامع لأحكام القرآن 6/82 وانظر نيل الأوطار 1/258 9) الجامع لأحكام القرآن 6/81 10) تفسير القرآن العظيم 2/33 11) سنن الترمذي،كتاب الأطعمة،باب في ترك الوضوء قبل الطعام 8/36 رقم 1852 12) انظر التفسير الكبير 11/297 13) سنن الترمذي،كتاب الطهارة،باب ما جاء في تخليل اللحية 1/48 رقم 29 14) السنن الكبرى للبيهقي 1/56 15) الجامع لأحكام القرآن 6/89 وانظر جامع البيان 4/466 16) صحيح البخاري،كتاب الوضوء،باب فضل الوضوء والغر المحجلين من الوضوء 1/63 رقم 136 17) صحيح مسلم،كتاب الطهارة،باب تبلغ الحلية حيث يبلغ الوضوء 3/133 رقم 585 18) انظر الجامع لأحكام القرآن 6/92 وتفسير القرآن العظيم 2/41 19) صحيح البخاري،كتاب العلم،باب من رفع صوته بالعلم 1/33 رقم 60 20) جامع البيان 4/467 والدر المنثور 2/465 21) صحيح مسلم،كتاب الطهارة،باب خروج الخطايا مع ماء الوضوء 3/126 رقم 576 22) سنن الترمذي،كتاب الدعوات،باب منه 3/46 رقم 3526 23) صحيح مسلم،كتاب الطهارة،باب الذكر المستحب عقب الوضوء 3/112 رقم 552 24) زاد المسير 2/304 25) التفسير الكبير 11/318 26) سنن الترمذي،كتاب الدعوات،باب منه 13/51 رقم 3536 27) الدر المنثور 2/468 28) المستصفى 1/98 29) جمع الجوامع 1/119 30) ميزان الأصول 55 31) الموافقات 1/301 32) انظر المحصول 1/1/154 والإحكام للآمدي1/122 ومختصر ابن الحاجب 2/7 وشرح تنقيح الفصول85 والتمهيد في تخريج الفروع على الأصول 70 وروضة الناظر1/174 ومختصر ابن اللحام 68وأصول البزدوي2/299 والمغني في أصول الفقه87 وشرح الكوكب المنير1/478 33) الأشباه والنظائر للسيوطي 162 ولابن نجيم 84 34) انظر قواعد الأحكام 372 والأشباه والنظائر للسيوطي 170ولابن نجيم92 35) انظر قواعد الأحكام373 والأشباه والنظائر للسيوطي168 ولابن نجيم 90 36)الموافقات 2/156 37) المرجع السابق2/129 38) صحيح البخاري،كتاب الأيمان والنذور،باب النذر فيما لا يملك وفي معصية 6/ 2465 39) الموافقات2/128 40) صحيح مسلم،كتاب المساجد ومواضع الصلاة،باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد 5/172 رقم 1517 41) الموافقات 2/130 42) صحيح مسلم،كتاب المساجد ومواضع الصلاة،باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد 5/170 رقم 1512 hgk]hx hgeghe,k ( Hv;hk hg,q,x ,fuq Hp;;hl hglarm ) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018