الإهداءات | |
ملتقى السيرة النبويه ملتقى خاص بسيرته ... سنته ... آل بيته ... أصحابه ... نصرته والدفاع عنه . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | أبو عادل | مشاركات | 12 | المشاهدات | 3935 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
13 / 02 / 2010, 24 : 06 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : ملتقى السيرة النبويه إنه الصحابي الجليل سعد بن معاذ -رضي الله عنه-، سيد الأوس، أسلم بعد بيعة العقبة الأولى، وحضر بيعة العقبة الثانية. ولإسلام سعد قصة طريفة، فقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير -رضي الله عنه- ليدعو أهل المدينة إلى الإسلام، ويُعلِّم من أسلم منهم القرآن وأحكام الدين، وجلس مصعب ومعه الصحابي أسعد بن زرارة في حديقة بالمدينة، وحضر معهما رجال ممن أسلموا، فلما سمع بذلك سعد بن معاذ وأسيد بن حضير، وكانا سيديّ قومهما، ولم يكونا أسلما بعد، قال سعد لأسيد بن حضير: انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد أتيا ديارنا ليسفها ضعفاءنا، فازجرهما، وانههما عن أن يأتيا ديارنا، فأخذ أسيد حربته ثم أقبل عليهما، فلما رآه أسعد بن زراة قال لمصعب: هذا سيد قومه قد جاءك، فاصدق الله فيه. ووقف أسيد يسبهما، فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرًا قبلته، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره، فجلس أسيد، واستمع إلى مصعب، واقتنع بإسلامه، فأسلم، ثم قال لهما: إن ورائي رجلاً إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ، ثم أخذ أسيد حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس، فقال له: إن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه، وكان أسعد ابن خالة سعد، فقام سعد غاضبًا فأسرع وأخذ الحربة في يده. فلما رآهما جالسين مطمئنين، عرف أن أسيدًا إنما قال له ذلك ليأتي به إلى هذا المكان، فأخذ يشتمهما، فقال أسعد لمصعب: أي مصعب، جاءك والله سيدٌ من ورائه قومه إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم أحد. فقال مصعب لسعد: أو تقعد فتسمع؟ فإن رضيت أمرًا، ورغبت فيه قبلته، وإن كرهته، عزلنا عنك ما تكره. قال سعد: أنصفت، ثم وضع الحربة، وجلس. فعرض عليه الإسلام، وقرأ عليه القرآن كما فعل مع أسيد، فلمح مصعب وأسعد الإسلام في وجه سعد بن معاذ قبل أن يتكلم؛ فقد أشرق وجهه وتهلل، ثم قال لهما: كيف تصنعون إذا أسلمتم ودخلتم في هذا الدين؟ قال: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك، ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلى ركعتين. ففعل سعد ذلك، ثم أخذ حربته ورجع إلى قومه، فلما رآه قومه قالوا: نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به، فقال لهم سعد: يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا وأفضلنا رأيًّا. قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام، حتى تؤمنوا بالله وبرسوله، فما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا ودخل في الإسلام. وبعد انتشار الإسلام في ربوع المدينة، أذن الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة، فكان سعد خير معين لإخوانه المهاجرين إلى المدينة. وجاءت السنة الثانية من الهجرة، والتي شهدت أحداث غزوة بدر، وطلب النبي صلى الله عليه وسلم المشورة قبل الحرب، فقام أبو بكر وتحدث ثم قام، فتحدث عمر، ثم قام المقداد بن عمرو، وقالوا وأحسنوا الكلام، ولكنهم من المهاجرين، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (أشيروا علي أيها الناس)، فقال سعد بن معاذ زعيم الأنصار: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: (: أجل)، فقال سعد: لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر، فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصُبُر في الحرب، صُدُق في اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقرَّ به عينك، فسر بنا على بركة الله. فسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سمع كلام سعد، ثم قال: (سيروا وأبشروا، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم) [ابن هشام]. وقبل أن تبدأ المعركة قال سعد بن معاذ: يا نبي الله، ألا نبني لك عريشًا تكون فيه، ونعد عندك ركائبك، ثم نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا؛ كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى، جلست على ركائبك، فلحقت بمن وراءنا، فأثنى عليه رسول الله ( خيرًا، ودعا له بخير، ثم بني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشًا، فجلس فيه يدعو الله أن ينصر الإسلام. [ابن هشام]. وأبلى المسلمون في غزوة بدر بلاء حسنًا، وكان لهم النصر. ويروى أن سعد بن معاذ كان يقول: ثلاث أنا فيهن رجل كما ينبغي، وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس، ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا قط إلا علمت أنه حق من الله عز وجل، ولا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بغيرها حتى أقضيها، ولا كنت في جنازة قط، فحدثت نفسي بغير ما تقول، ويقال لها، حتى أنصرف عنها. وكان سعيد بن المسيب يقول: هذه الخصال ما كنت أحسبها إلا في نبي. وتأتى غزوة أحد، ويظهر سعد فيها حماسة شديدة وشجاعة عظيمة، وظل يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى عاد المشركون إلى مكة. وفي غزوة الخندق، تحالف المشركون وتجمعوا من كل مكان يحاصرون المدينة، واستغلَّ بنو غطفان الموقف، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابًا يعرضون فيه أن يتركوا القتال في مقابل أن يحصلوا على ثلث ثمار المدينة، فاستشار الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته في هذا. فقال سعد: يا رسول الله، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك، وكانوا لا يطمعون أن يأكلوا منا ثمرة واحدة، أفحين أكرمنا الله بالإسلام، نعطيهم أموالنا! والله ما لنا بهذه من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فرضي الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة بذلك. وأصيب سعد بن معاذ في غزوة الخندق بسهم حين رماه ابن العرقة وقال: خذها وأنا ابن العرقة، فقال سعد: عرق الله وجهك في النار. ثم دعا سعد ربه فقال: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئًا، فأبقني لها، فإنه لا قوم أحب إلى من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك، وكذبوه وأخرجوه. اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعلها لي شهادة، ولا تمتني حتى تقر عيني من قريظة. [أحمد وابن هشام]. وانتهت غزوة الخندق بهزيمة المشركين، وبعد الغزوة ذهب الرسول ( هو وصحابته لحصار بني قريظة الذين تآمروا مع المشركين على المسلمين، وخانوا عهد الرسول (، وغدروا بالمسلمين، وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ هو الذي يحكم فيهم، فأقبل سعد يحملونه وهو مصاب، وقال: لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم. ثم التفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: إني أحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتقسم الأموال، وتسبى ذراريهم ونساؤهم، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (لقد حكمت فيهم بحكم الله) [ابن عبدالبر]. ثم يموت سعد بن معاذ -رضي الله عنه-، ويلقى ربه شهيدًا من أثر السهم، وأخبر الرسول صلى الله عليه و سلم صحابته أن عرش الرحمن قد اهتز لموت سعد، وجاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له: من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واستبشر به أهلها؟ وأسرع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى بيت سعد ليغسلوه ويكفنوه، فلما فرغوا من تجهيزه والصلاة عليه، حمله الصحابة فوجدوه خفيفًا جدًّا، مع أنه كان ضخمًا طويلاً، ولما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك قال: (إن الملائكة كانت تحمله) [ابن عبد البر]، وقال صلى الله عليه وسلم : (شهده سبعون ألفًا من الملائكة) [ابن عبد البر]. وجلس الرسول صلى الله عليه وسلم على قبره، فقال: (سبحان الله) مرتين، فسبح القوم ثم قال: (الله أكبر) فكبروا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لو نجا أحد من ضغطة القبر، لنجا منها سعد بن معاذ) [ابن عبد البر]. وكانت وفاته -رضي الله عنه- سنة (5هـ)، وهو ابن سبع وثلاثين سنة، ودفن بالبقيع. su] fk luh` J vqd hggi uki J> | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
13 / 02 / 2010, 26 : 06 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه سعد بن معاذ - هنيئا لك يا أبا عمرو في العام الواحد والثلاثين من عمره، أسلم.. وفي السابع والثلاثين مات شهيدا.. وبين يوم اسلامه، ويوم وفاته، قضى سعد بن معاذ رضي الله عنه أياما شاهقة في خدمة الله ورسوله.. ** انظروا.. أترون هذا الرجل الوسيم، الجليل، الفارع الطول، المشرق الوجه، الجسيم، الجزل.؟؟ انه هو.. يقطع الأرض وثبا وركضا الى دار أسعد بن زرارة بيرى هذا الرجل الوافد من مكة مصعب بن عمير الذي بعث به محمدا عليه الصلاة والسلام الى المدينة يبشّر فيها بالتوحيد والاسلام.. أجل.. هو ذاهب الى هناك ليدفع بهذا الغريب خارج حدود المدينة، حاملا معه دينه.. وتاركا للمدينة دينها..!! ** ولكنه لا يكاد يقترب من مجلس مصعب في دار ابن خالته أسيد بن زرارة، حتى ينتعش فؤاده بنسمات حلوة هبّت عليه هبوب العافية.. ولا يكاد يبلغ الجالسين، ويأخذ مكانه بينهم، ملقيا سمعه لكلمات مصعب حتى تكون هداية الله قد أضاءت نفسه وروحه.. وفي احدى مفاجآت القدر الباهرة المذهلة، يلقي زعيم الأنصار حبته بعيدا، ويبسط يمينه مبايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وباسلام سعد بن معاذ تشرق في المدينة شمس جديدة، ستدور في فلكها قلوب كثيرة تسلم مع حمد لله رب العالمين..!! أسلم سعد.. وحمل تبعات اسلامه في بطولة وعظمة.. وعندما هاجر رسول الله وصحبه الى المدينة كانت دور بني عبد الأشهل قبيلة سعد مفتحة الأبواب للمهاجرين، وكانت أموالهم كلها تحت تصرّفهم في غير منّ، ولا أذى.. ولا حساب..!! ** وتجيء غزوة بدر.. ويجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين والأنصار، ليشاورهم في الأمر. وييمّم وجهه الكريم شطر الأنصار ويقول: " أشيروا عليّ أيها الناس.." ونهض سعد بن معاذ قائما كالعلم.. يقول: " يا رسول الله.. لقد آمنا بك، وصدّقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا.. فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك.. ووالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، وما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا.. انا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء.. ولعلّ الله يريك ما تقرّ به عينك... فسر بنا على بركة الله"... ** أهلت كلمات سعد كالبشريات، وتألق وجه الرسول رضا وسعادة وغبطة، فقال للمسلمين: " سيروا وأبشروا، فان الله وعدني احدى الطائفتين.. والله لكأني أنظر الى مصرع القوم".. وفي غزوة أحد، وعندما تشتت المسلمون تحت وقع الباغتة الداهمة التي فاجأهم بها جيش المشركين، لم تكن العين لتخطئ مكان سعد بن معاذ.. لقد سمّر قدميه في الأرض بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذود عنه ويدافع في استبسال هو له أهل وبه جدير.. ** وجاءت غزوة الخندق، لتتجلى رجولة سعد وبطولته تجليا باهرا ومجيدا.. وغزوة الخندق هذه، آية بينة على المكايدة المريرة الغادرة التي كان المسلمون يطاردون بها في غير هوادة، من خصوم لا يعرفون في خصومتهم عدلا ولا ذمّة.. فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يحيون بالمدينة في سلام يعبدون ربهم، ويتواصون بطاعته، ويرجون أن تكف قريش عن اغارتها وحروبها، اذا فريق من زعماء اليهود يخرجون خلسة الى مكة محرّضين قريشا على رسول الله، وباذلين لها الوعود والعهود أن يقفوا بجانب القرشيين اذا هم خرجوا لقتال المسلمين.. واتفقوا مع المشركين فعلا، ووضعوا معا خطة القتال والغزو.. وفي طريقهم وهم راجعون الى المدينة حرّضوا قبيلة من أكبر قبائل العرب، هي قبيلة غطفان واتفقوا مع زعمائها على الانضمام لجيش قريش.. وضعت خطة الحرب، ووظعت أدوارها.. فقريش وغطفان يهاجمان المدينة بجيش عرمرم كبير.. واليهود يقومون بدور تخريبي داخل المدينة وحولها في الوقت الذي يباغتها فيه الجيش المهاجم.. ولما علم النبي عليه الصلاة والسلام بالمؤامرة الغادرة راح يعدّ لها العدّة.. فأمر بحفر خندق حول المدينة ليعوق زحف المهاجمين. وأرسل سعد بن معاذ وسعد بن عبادة الى كعب بن أسد زعيم يهود بني قريظة، ليتبيّنا حقيقة موقف هؤلاء من الحرب المرتقبة، وكان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يهود بني قريظة عهود ومواثيق.. فلما التقى مبعوثا الرسول بزعيم بني قريظة فوجئا يقول لكم: " ليس بيننا وبين محمد عهد ولا عقد"..!! ** عز على الرسول عليه الصلاة والسلام أن يتعرض أهل المدينة لهذا الغزو المدمدم والحصار المنهك، ففكر في أن يعزل غطفان عن قريش، فينقض الجيش المهاجم بنصف عدده، ونصف قوته، وراح بالفعل يفاوض زعماء غطفان على أن ينفضوا أيديهم عن هذه الحرب، ولهم لقاء ذلك ثلث ثمار المدينة، ورضي قادة غطفان، ولم يبق الا أن يسجل الاتفاق في وثيقة ممهورة.. وعند هذا المدى من المحاولة، وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ لم ير من حقه أن ينفرد بالأمر، فدعا اليه أصحابه رضي الله عنهم ليشاورهم.. واهتم عليه الصلاة والسلام اهتماما خاصا برأي سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة.. فهما زعيما المدينة، وهما بهذا أصحاب حق أول في مناقشة هذا الأمر، واختيار موقف تجاهه.. ** قصّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما حديث التفاوض الذي جرى بينه وبين زعماء غطفان.. وأنبأهما أنه انما لجأ الى هذه المحاولة، رغبة منه في أن يبعد عن المدينة وأهلها هذا الهجوم الخطير، والحصار الرهيب.. وتقدم السعدان الى رسول الله بهذا السؤال: " يا رسول الله.. أهذا رأي تختاره، أم وحي أمرك الله به"؟؟ قال الرسول: " بل أمر أختاره لكم.. والله ما أصنع ذلك الا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم شوكتهم الى أمر ما".. وأحسّ سعد بن معاذ أن أقدارهم كرجال ومؤمنين تواجه امتحانا، أي امتحان.. هنالك قال: " يا رسول الله.. قد كنا وهؤلاء على الشرك وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا من مدينتنا تمرة، الا قرى، أي كرما وضيفة، أ، بيعا.. أفحين أكرمنا الله بالاسلام، وهدانا له، وأعزنا بك وبه، نعطيهم أموالنا..؟؟ والله ما لنا بهذا من حاجة.. ووالله لا نعطيهم الا السيف.. حتى يحكم الله بيننا وبينهم"..!! وعلى الفور عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رأيه، وأنبأ زعماء غطفان أن أصحابه رفضوا مشروع المفاوضة، وأنه أقرّ رأيهم والتزم به.. ** وبعد أيام شهدت المدينة حصارا رهيبا.. والحق أنه حصار اختارته هي لنفسها أكثر مما كان مفروضا عليها، وذلك بسبب الخندق الذي حفر حولها ليكون جنّة لها ووقاية.. ولبس المسلمون لباس الحرب. وخرج سعد بن معاذ حاملا سيفه ورمحه وهو ينشد ويقول: لبث قليلا يشهد الهيجا الجمل ما أجمل الموت اذا حان الأجل وفي احدى الجولات تلقت ذراع سعد سهما وبيلا، قذفه به أحد المشركين.. وتفجّر الدم من وريده وأسعف سريعا اسعافا مؤقتا يرقأ به دمه، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يحمل الى المسجد، وأن تنصب له به خيمة حتى يكون على قرب منه دائما أثناء تمريضه.. وحمل المسلمون فتاهم العظيم الى مكانه في مسجد الرسول.. ورفع سعد بصره الى السماء وقال: " اللهم ان كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها... فانه لا قوم أحب اليّ أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك، وكذبوه، وأخرجوه.. وان كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فاجعل ما أصابني اليوم طريقا للشهادة.. ولا تمتني حتى تقرّ عيني من بني قريظة"..! ** لك الله يا سعد بن معاذ..! فمن ذا الذي يستطيع أن يقول مثل هذا القول، في مثل هذا الموقف سواك..؟؟ ولقد استجاب الله دعاءه.. فكانت اصابته هذه طريقه الى الشهادة، اذ لقي ربه بعد شهر، متأثرا بجراحه.. ولكنه لم يمت حتى شفي صدرا من بني قريظة.. ذلك أنه بعد أن يئست قريش من اقتحام المدينة، ودبّ في صفوف جيشها الهلع، حمل الجميع متاعهم وسلاحهم، وعادوا مخذولين الى مكة.. ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ترك بني قريظة، يفرضون على المدينة غدرهم كما شاؤوا، أمر لم يعد من حقه أن يتسامح تجاهه.. هنالك أمر أصحابه بالسير الى بني قريظة. وهناك حاصروهم خمسة وعشرين يوما.. ولما رأى هؤلاء ألا منجى لهم من المسلمين، استسلموا، وتقدموا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجاء أجابهم اليه، وهو أن يحكم فيهم سعد بن معاذ.. وكان سعد حليفهم في الجاهلية.. ** أرسل النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه من جاؤوا بسعد بن معاذ من مخيمه الذي كان يمرّض فيه بالمسجد.. جاء محمولا على دابة، وقد نال منه الاعياء والمرض.. وقال له الرسول: " يا سعد احكم في بني قريظة". وراح سعد يستعيد محاولات الغدر التي كان آخرها غزوة الخندق والتي كادت لبمدينة تهلك فيها بأهلها.. وقال سعد: " اني أرى أن يقتل مقاتلوهم.. وتسبى ذراريهم.. وتقسّم أموالهم.." وهكذا لم يمت سعد حتى شفي صدره من بني قريظة.. ** كان جرح سعد يزداد خطرا كل يوم، بل كل ساعة.. وذات يوم ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعيادته، فألفاه يعيش في لحظات الوداع فأخذ عليه الصلاة والسلام رأسه ووضعه في حجره، وابتهل الى الله قائلا: " اللهم ان سعدا قد جاهد في سبيلك، وصدّق رسولك وقضى الذي عليه، فتقبّل روحه بخير ما تقبّلت به روحا"..! وهطلت كلمات النبي صلى الله عليه وسلم على الروح المودّعة بردا وسلاما.. فحاول في جهد، وفتح عينيه راجيا أن يكون وجه رسول الله آخر ما تبصرانه في الحياة وقال: " السلام عليك يا رسول الله.. أما اني لأشهد أنك رسول الله".. وتملى وجه النبي وجه سعد آن ذاك وقال: " هنيئا لك يا أبا عمرو". ** يقول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: " كنت ممن حفروا لسعد قبره.. وكنا كلما حفرنا طبقة من تراب، شممنا ريح المسك.. حتى انتهينا الى اللحد".. وكان مصاب المسلمين في سعد عظيما.. ولكن عزاءهم كان جليلا، حين سمعوا رسولهم الكريم يقول: " لقد اهتز عرش الرحمن لموت يعد بن معاذ".. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
13 / 02 / 2010, 32 : 06 PM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه سعد بن معاذ- رضي الله عنه - اسمه وكنيته: سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن النبيت بن مالك بن الأوس الأنصاري الأشهلي، سيد الأوس. وأمه: كبشة بنت رافع لها صحبة. ويكنى: أبا عمرو. بعض أخباره وفضائله: وقال ابن إسحاق: " لما أسلم وقف على قومه فقال: يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم قالوا سيدنا فضلاً وأيمننا نقيبة، قال: فإن كلامكم علي حرام رجالكم ونساؤكم حتى تؤمنوا بالله ورسوله، قال: فوالله ما بقي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا وأسلموا ". وقد شهد بدراً باتفاق، ورمي بسهم يوم الخندق، فعاش بعد ذلك شهراً، حتى حكم في بني قريظة، وأجيبت دعوته في ذلك، ثم انتقض جرحه فمات. أخرج ذلك البخاري وذلك سنة خمس. وقال المنافقون: لما خرجت جنازته ما أخفها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الملائكة حملته ). وفي الصحيحين وغيرهما من طرق أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (اهتز العرش لموت سعد بن معاذ). وعن عائشة قالت: كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن أحد أفضل منهم سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وعباد بن بشر. وروى البخاري من حديث أبي سعيد الخدري أن بني قريظة لما نزلوا على حكم سعد وجاء على حمار، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ( قوموا إلى سيدكم ). وعن عائشة قالت: أقبلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قافلين من مكة حتى إذا كنا بذي الحليفة وأسيد بن حضير بيني وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيلقى غلمان بني عبد الأشهل من الأنصار فسألهم أسيد، فنعوا له امرأته، فتقنع يبكي، قلت له: غفر الله لك أتبكي على امرأة وأنت صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد قدم الله لك من السابقة ما قدم؟! . فقال: ليحق لي أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ، وقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ما يقول، قال قلت: وما سمعت؟ قال: قال لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ). وهذا الحديث متواتر . ومعنى " اهتز " كما قال النضر، وهو إمام أهل اللغة: فََرح. وعن واقد بن عمرو بن سعد قال: دخلت على أنس بن مالك، وكان واقد من أعظم الناس وأطولهم، فقال لي: من أنت؟ قلت: أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، قال: إنك بسعد لشبيه، ثم بكى فأكثر البكاء، ثم قال: يرحم الله سعداً كان من أعظم الناس وأطولهم بعث رسول الله جيشاً إلى أكيدر دومة، فبعث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بجبة من ديباج منسوج فيها الذهب فلبسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعلوا يمسحونها وينظرون إليها، فقال: (أتعجبون من هذه الجبة؟). قالوا: يا رسول الله ما رأينا ثوباً قط أحسن منه، قال: (فوالله لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون). وأخبار سعد بن معاذ - رضي الله عنه- وفضائله كثيرة جداً. وفاته: رمي يوم الخندق سنة خمس منالهجرة فمات من رميته تلك وهو يومئذ ابن سبع وثلاثين سنة فصلى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ودفن بالبقيع. فائدة قيمة: عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه قال: لما انتهوا إلى قبر سعد نزل فيه أربعة الحارث بن أوس، وأسيد بن الحضير، وأبو نائلة سلكان، وسلمة بن سلامة بن وقش، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- واقف، فلما وضع في قبره، تغير وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وسبح ثلاثاً، فسبح المسلمون، حتى ارتج البقيع، ثم كبر ثلاثاً، وكبر المسلمون، فسئل عن ذلك فقالتضايق على صاحبكم القبر، وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا هو، ثم فرج الله عنه). قال الذهبي – رحمه الله – معلقاً على هذه الضمة التي تكون في القبر-: قلت هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء، بل هو أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا، وكما يجد من ألم مرضه، وألم خروج نفسه، وألم سؤاله في قبره وامتحانه، وألم تأثره ببكاء أهله عليه، وألم قيامه من قبره، وألم الموقف وهوله، وألم الورود على النار، ونحو ذلك، فهذه الأراجيف كلها قد تنال العبد، وما هي من عذاب القبر، ولا من عذاب جهنم قط، ولكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله، ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه، قال الله تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} (39) سورة مريم . وقال: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} (18) سورة غافر . فنسأل الله تعالى العفو واللطف الخفي. ومع هذه الهزات، فسعدٌ ممن نعلم أنه من أهل الجنة، وأنهمن أرفع الشهداء - رضي الله عنه-. كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا ينالُه هول في الدارين، ولا روع، ولا ألم، ولا خوف. سلْ ربك العافية، وأن يحشُرنا في زمرة سعد. من مصادر الترجمة: السير (1/279). والإصابة (2/37 – 38). وأسد الغابة (2/ 373 – 377). وشذرات الذهب (1/11). | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
13 / 02 / 2010, 35 : 06 PM | المشاركة رقم: 4 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه · عن سعد بن معاذ ، أنه كان صديقا لأمية بن خلف ، وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد بن معاذ ، وكان سعد إذا مر بمكة نزل على أمية . فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انطلق سعد بن معاذ معتمراً فنزل على أمية بمكة ، قال سعد لأمية : أنظر لي ساعة خلوة لعلي أطوف بالبيت ، فخرج به قريبا من نصف النهار ، فلقيهما أبو جهل ، فقال : يا أبا صفوان من هذا معك ؟ قال : هذا سعد . قال له أبو جهل : ألا أراك تطوف بمكة آمنا وقد أويتم الصبأة وزعمتم أنكم تتصرونهم وتعينونهم ، أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما . فقال له سعد ، ورفع صوته عليه : أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه : طريقك على المدينة . فقال له أمية : لا ترفع صوتك ياسعد على أبي الحكم ، فإنه سيد أهل الوادي . قال سعد : دعنا عنك يا أمية ، فوالله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إنهم قاتلوك )) قال : بمكة ؟ قال : لاأدري . ففزع لذلك أمية فزعاً شديداً . فلما رجع إلى أهله قال : ياأم صفوان ألم تر ما قال لي سعد ؟ قالت : وما قال لك ؟ قال : زعم أن محمد أخبرهم أنهم قاتلي : فقلت له : بمكة ؟قال : لا أدري فقال أمية: والله لاأخرج من مكة . فلما كان يوم بدر ، استنفر أبو جهل الناس ، فقال : أدركوا عيركم . فكره أمية أن يخرج ، فأتاه أبو جهل فقال : يا أبو صفوان ، إنك متى يراك الناس قد تخلفت ، وأنت سيد أهل الوادي ، تخلفوا معك . فلم يزل به أبو جهل حتى قال : أما إذا غلبتني فوالله لأشترين أجود بعير بمكة . ثم قال أمية : يا أم صفوان جهزيني . فقالت له:يا أبو صفوان وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي ؟ قال : لا ، وما أريد أن أجور معهم إلا قريبا . فلما خرج أمية أخذ لا ينزل منزلا إلا عقل بعيره ، فلم يزل كذلك حتى قتله الله ببدر . غريب القصة : ـ الصُباة : جمع صابي وهو الذي يتنقل من دين إلى دين . ـ فزع : أي خاف وفي رواية إسرائيل ( قال أمية ) : " قال فوالله ما يكذب محمد إذا حدث " ( 7 / 283 الفتح) . ـ أم صفوان : هي كنيتها واسمها صفية ، ويقال كريمة بنت معمر بن حبيب ، وقبل أسمها فاختة بنت الأسود . ـ اليثربي : نسبة إلى يثرب اسم المدينة قبل الإسلام ، والمراد بالاخوة هنا المعاهد والموالاة ـ استغفر :أي طلب خروج الناس . ـ عيركم :أي الإبل والقافلة التي كانت تحمل الميرة والزاد مع أبي سفيان . الفوائد والعبر : 1- شجاعة المسلم ولو كان بين الكفار وحده . 2- الإنباء بمصرع أمية من البشائر المثبتة للمؤمنين . 3- من علامات النبوة ذكر من يقتل ببدر . 4- المبطلون يعدون الأسباب للنجاة عند الخطر . 5- ما كان عليه سعد بن معاذ من قوة النفس واليقين بالله سبحانه . 6- إن للعمرة شأن قديم . 7- إن الصحابة كان مأذون لهم في الاعتمار من قبل أن يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف الحج . ( الفقرة ـ 6-7 من الفتح 7/ 284) . 8- " أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة " [ النساء : 78] . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
13 / 02 / 2010, 36 : 06 PM | المشاركة رقم: 5 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه قد تقدم: أن حبان بن العرقة لعنه الله، رماه بسهم فأصاب أكحله فحسمه رسول الله كيا بالنار فاستمسك الجرح، وكان سعد قد دعا الله أن لا يميته حتى يقر عينه من بني قريظة، وذلك حين نقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله من العهود، والمواثيق، والذمام، ومالوا عليه مع الأحزاب. فلما ذهب الأحزاب وانقشعوا عن المدينة، وباءت بنو قريظة بسواد الوجه، والصفقة الخاسرة في الدنيا والآخرة، وسار إليهم رسول الله ليحاصرهم كما تقدم، فلما ضيق عليهم وأخذهم من كل جانب، أنابوا أن ينزلوا على حكم رسول الله فيحكم فيهم بما أراد الله، فرد الحكم فيهم إلى رئيس الأوس. وكانوا حلفاءهم في الجاهلية وهو: سعد بن معاذ، فرضوا بذلك، ويقال: بل نزلوا ابتداءً على حكم سعد، لما يرجون من حنوه عليهم، وإحسانه وميله إليهم، ولم يعلموا بأنهم أبغض إليه من أعدادهم من القردة والخنازير، لشدة إيمانه وصديقيته رضي الله عنه وأرضاه. فبعث إليه رسول الله وكان في خيمة في المسجد النبوي، فجيء به على حمار تحته إكاف قد وطئ تحته لمرضه، ولما قارب خيمة الرسول أمر عليه السلام من هناك بالقيام له. قيل: لينزل من شدة مرضه، وقيل: توقيرا له بحضرة المحكوم عليهم، ليكون أبلغ في نفوذ حكمه، والله أعلم. فلما حكم فيهم بالقتل، والسبي، وأقر الله عينه، وشفى صدره منهم، وعاد إلى خيمته من المسجد النبوي صحبه رسول الله ، دعا الله عز وجل أن تكون له شهادة، واختار الله له ما عنده، فانفجر جرحه من الليل، فلم يزل يخرج منه الدم حتى مات رضي الله عنه. قال ابن إسحاق: فلما انقضى شأن بني قريظة انفجر بسعد بن معاذ جرحه، فمات منه شهيدا. قال ابن إسحاق: حدثني معاذ بن رفاهة الزرقي قال: حدثني من شئت من رجال قومي: أن جبريل أتى رسول الله حين قبض سعد بن معاذ من جوف الليل معتجرا بعمامة من استبرق، فقال: يا محمد من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء، واهتز له العرش؟ قال: فقام رسول الله سريعا يجر ثوبه إلى سعد، فوجده قد مات رضي الله عنه. هكذا ذكره ابن إسحاق رحمه الله. وقد قال الحافظ البيهقي في (الدلائل): حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، حدثنا أبي وشعيب بن الليث قالا: حدثنا الليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، عن معاذ بن رفاعة، عن جابر بن عبد الله قال: جاء جبريل إلى رسول الله فقال: من هذا العبد الصالح الذي مات، فتحت له أبواب السماء، وتحرك له العرش؟ قال: فخرج رسول الله فإذا سعد بن معاذ. قال: فجلس رسول الله على قبره وهو يدفن، فبينما هو جالس إذ قال: «سبحان الله» مرتين، فسبَّح القوم، ثم قال: «الله أكبر، الله أكبر» فكبر القوم، ثم قال رسول الله : «عجبت لهذا العبد الصالح، شُدد عليه في قبره، حتى كان هذا حين فرِّج له». وروى الإمام أحمد والنسائي: من طريق يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، ويحيى بن سعيد، عن معاذ بن رفاعة، عن جابر قال: قال رسول الله لسعد يوم مات وهو يدفن: «سبحان الله لهذا الصالح الذي تحرك له عرش الرحمن، وفتحت له أبواب السماء، شُدِّد عليه، ثم فرج الله عنه». وقال محمد بن إسحاق: حدثني معاذ بن رفاعة، عن محمود بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجموح، عن جابر بن عبد الله قال: لما دفن سعد ونحن مع رسول الله ، سبَّح رسول الله فسبح الناس معه، ثم كبر فكبر الناس معه، فقالوا: يا رسول الله ممَّ سبحت؟: «قال لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرج الله عنه». وهكذا رواه الإمام أحمد عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن ابن إسحاق به. قال ابن هشام: ومجاز هذا الحديث قول عائشة، قال رسول الله : «إن للقبر ضمة، لو كان أحد منها ناجيا لكان سعد بن معاذ». قلت: وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد: حدثنا يحيى، عن شعبة، عن سعد ابن إبراهيم، عن نافع، عن عائشة، عن النبي قال: «إن للقبر ضغطة، ولو كان أحد ناجيا منها لنجا سعد بن معاذ». وهذا الحديث سنده على شرط الصحيحين، إلا أن الإمام أحمد رواه عن غندر عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن إنسان، عن عائشة به. ورواه الحافظ البزار عن نافع، عن ابن عمر قال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد، حدثنا داود، عن عبد الرحمن، حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله : «لقد هبط يوم مات سعد بن معاذ سبعون ألف ملك إلى الأرض لم يهبطوا قبل ذلك، ولقد ضمه القبر ضمة» ثم بكى نافع. وهذا إسناد جيد، لكن قال البزار: رواه غيره عن عبيد الله عن نافع مرسلا. ثم رواه البزار عن سليمان بن سيف، عن أبي عتاب، عن سكين بن عبد الله بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله : «لقد نزل لموت سعد بن معاذ سبعون ألف ملك ما وطئوا الأرض قبلها» وقال حين دفن: «سبحان الله لو انفلت أحد من ضغطة القبر لانفلت منها سعد». وقال البزار: حدثنا إسماعيل بن حفص، عن محمد بن فضيل، حدثنا عطاء بن السائب، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: اهتز العرش لحب لقاء الله سعد بن معاذ. فقيل: إنما يعني: السرير، ورفع أبويه على العرش. قال: تفتحت أعواده. قال: ودخل رسول الله قبره، فاحتبس فلما خرج قيل له: يا رسول الله ما حبسك؟ قال: «ضم سعد في القبر ضمة، فدعوت الله فكشف عنه». قال البزار: تفرد به عطاء بن السائب. قلت: وهو متكلم فيه. وقد ذكر البيهقي رحمه الله بعد روايته ضمة سعد رضي الله عنه في القبر أثرا غريبا فقال: حدثنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس، حدثنا أحمد ابن عبد الجبار، حدثنا يونس، عن ابن إسحاق، حدثني أمية بن عبد الله أنه سأل بعض أهل سعد: ما بلغكم من قول رسول الله في هذا؟ فقالوا: ذُكر لنا أن رسول الله سُئل عن ذلك فقال: كان يقصر في بعض الطهور من البول. وقال البخاري: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا الفضل بن مساور، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: سمعت النبي يقول: «اهتز العرش لموت سعد بن معاذ». وعن الأعمش: حدثنا أبو صالح، عن جابر، عن النبي مثله فقال رجل لجابر: فإن البراء بن عازب يقول: اهتز السرير. فقال: إنه كان بين هذين الحيين ضغائن، سمعت النبي يقول: «اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ». ورواه مسلم عن عمرو الناقد، عن عبد الله بن إدريس، وابن ماجه، عن علي بن محمد، عن أبي معاوية كلاهما، عن الأعمش به، وليس عندهما زيادة قول الأعمش، عن أبي صالح، عن جابر. وقال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: سمعت رسول الله يقول - وجنازة سعد بن معاذ بين أيديهم -: «اهتز لها عرش الرحمن». ورواه مسلم عن عبد بن حميد، والترمذي عن محمود بن غيلان كلاهما عن عبد الرزاق به. وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عوف، حدثنا أبو نضرة، سمعت أبا سعيد عن النبي : «اهتز العرش لموت سعد بن معاذ». ورواه النسائي عن يعقوب بن إبراهيم، عن يحيى به. وقال أحمد: حدثنا عبد الوهاب عن سعيد، قال قتادة: حدثنا أنس بن مالك أن رسول الله قال: «وجنازته موضوعة اهتز لها عرش الرحمن». ورواه مسلم عن محمد بن عبد الله الأزدي، عن عبد الوهاب به. وقد روى البيهقي من حديث المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحسن البصري قال: اهتز عرش الرحمن فرحا بروحه. وقال الحافظ البزار: حدثنا زهير بن محمد، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن قتادة، عن أنس قال: لما حملت جنازة سعد قال المنافقون: ما أخف جنازته وذلك لحكمه في بني قريظة، فسئل رسول الله فقال: لا ولكن الملائكة تحملته. إسناد جيد. وقال البخاري: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، سمعت البراء بن عازب يقول: أهديت للنبي حلة حرير، فجعل أصحابه يمسونها ويعجبون من لينها، فقال: «أتعجبون من لين هذه، لمناديل سعد بن معاذ خير منها أو ألين». ثم قال: رواه قتادة والزهري، سمعنا أنسا عن النبي . وقال أحمد: حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد - هو ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس بن مالك: أن أكيدر دومة أهدى إلى رسول الله جبة، وذلك قبل أن ينهى عن الحرير، فلبسها فعجب الناس منها فقال: «والذي نفسي بيده لمناديل سعد في الجنة أحسن من هذه». وهذا إسناد على شرط الشيخين ولم يخرجوه، وإنما ذكره البخاري تعليقا. وقال أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا محمد بن عمرو، حدثني واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، قال محمد: وكان واقد من أحسن الناس وأعظمهم وأطولهم قال: دخلت على أنس بن مالك فقال لي: من أنت؟ قلت: أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ. فقال: إنك بسعد لشبيه، ثم بكى وأكثر البكاء، وقال: رحمة الله على سعد كان من أعظم الناس وأطولهم. ثم قال: بعث رسول الله جيشا إلى أكيدر دومة، فأرسل إلى رسول الله بجبة من ديباج منسوج فيها الذهب، فلبسها رسول الله فقام على المنبر، وجلس فلم يتكلم، ثم نزل فجعل الناس يلمسون الجبة وينظرون إليها. فقال رسول الله : «أتعجبون منها، لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون». وهكذا رواه الترمذي، والنسائي، من حديث محمد بن عمرو به. وقال الترمذي: حسن صحيح. قال ابن إسحاق: بعد ذكر اهتزاز العرش لموت سعد بن معاذ، وفي ذلك يقول رجل من الأنصار: وما اهتز عرش الله من موت هالك * سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو قال: وقالت أمه يعني كبيشسة بنت رافع بن معاوية بن عبيد بن ثعلبة الخدرية الخزرجية حين احتمل سعد على نعشه تندبه: ويل أم سعد سعدا * صرامة وحدّا وسؤددا ومجدا * وفارسا معدا سد به مسدا * يقدّها ما قدّا قال: يقول رسول الله : «كل نائحة تكذب إلا نائحة سعد بن معاذ». قلت: كانت وفاته بعد انصراف الأحزاب بنحو من خمس وعشرين ليلة، إذ كان قدوم الأحزاب في شوال سنة خمس كما تقدم، فأقاموا قريبا من شهر، ثم خرج رسول الله لحصار بني قريظة، فأقام عليهم خمسا وعشرين ليلة. ثم نزلوا على حكم سعد، فمات بعد حكمه عليهم بقليل، فيكون ذلك في أواخر ذي القعدة، أو أوائل ذي الحجة من سنة الحجة من سنة خمس، والله أعلم. وهكذا قال محمد بن إسحاق: إن فتح بنى قريظة كان في ذي القعدة وصدر ذي الحجة. قال: وولي تلك الحجة المشركون. قال ابن إسحاق: وقال حسان بن ثابت يرثي سعد بن معاذ رضي الله عنه: لقد سجمت من دمع عيني عبرة * وحق لعيني أن تفيض على سعد قتيل ثوى في معرك فجعت به * عيون ذواري الدمع دائمة الوجد على ملة الرحمن وارث جنَّة * مع الشهداء وفدها أكرم الوفد فإن تك قد وعدتنا وتركتنا * وأمسيت في غبراء مظلمة اللحد فأنت الذي يا سعد أبت بمشهد * كريم وأثواب المكارم والمجد بحكمك في حيي قريظة بالذي * قضى الله فيهم ما قضيت على عمد فوافق حكم الله حكمك فيهم * ولم تعف إذ ذكرت ما كان من عهد فإن كان ريب الدهر أمضاك في الألى * شروا هذه الدنيا بجناتها الخلد فنعم مصير الصادقين إذا دعوا * إلى الله يوما للوجاهة والقصد. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
13 / 02 / 2010, 36 : 06 PM | المشاركة رقم: 6 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه بسم الله الرحمن الرحيم سعد بن معاذ هو أبو عمرو سعد بن معاذ بن النعمان بن امريء القيس بن زيد بن عبدالاشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن النبيت بن مالك بن الاوس الأنصاري الاشهلي سيد الأوس ، وأمه كبشة بنت رافع ، لها صحبة ، أسلم رضي الله عنه بالمدينة بين العقبة الأولى والثانية على يدي مصعب بن عمير ، ثم كان سبباً في إسلام قومه كلهم ،شهد بدراً ،وأحداً ،والخندق ، ورمي يوم الخندق بسهم فعاش بعد ذلك شهراً حتي حكم في بني قريظة حكمه المشهور الذي وافق فيه حكم الله من فوق سبع سماوات وبعد ذلك مات بسبب انتقاض جرحه وذلك سنة خمس . وقد أخبر صلى الله عليه وسلم ببعض ما أعد الله له في الجنة من النعيم ، فقد روى الشيخان من حديث البراء رضي الله عنه قال: أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم حلة حرير ،فجعل أصحابه يمسونها ويعجبون من لينها ،فقال ( تعجبون من لين هذه؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين )) (1) . وروياً أيضاً من حديث أنس رضي الله عنه ،قال: أهدي للنبى صلى الله عليه وسلم جبة سندس وكان ينهى عن الحرير فعجب الناس منها فقال : (( والذي نفس محمد بيده إن مناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هدذا )) (2) ففي هذين الحديثين :إشارة إلى عظيم منزلة سعد في الجنة ،وأن أدنى ثيابه فيها التي هو المناديل خير من تلك الجبة التي أثارت العجب في نفوس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ،لانه المنديل أدنى الثياب ، فغيره أفضل ، وفيهما إثبات الجنة لسعد بن معاذ رضي الله عنه .(3) ................. (1) صحيح البخاري : 95/2 ، صحيح مسلم 1916/4 وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 158/3 . (2) صحيح البخاري : 95/2 ، صحيح مسلم 1916/4 وانظر اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان 158/3 (3) انظر شرح النووي على صحيح مسلم :23/16 . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
13 / 02 / 2010, 38 : 06 PM | المشاركة رقم: 7 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد: فهذه مقتطفاتٌ من سيرة عَلَمٍ من أعلام هذه الأُمَّة؛ وبطلٍ من أبطالها، وفارسٍ من فُرْسانِها، صحابيٌّ جليلٌ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - نَقْتَبِسُ من سِيرته العَطِرَة الدُّروسَ والعِبَرَ. هذا الصحابيُّ شهد بدرًا وأُحُدًا والخندق، وكان ممَّن لا تأخذه في الله لومةَ لائمٍ، وقد أخبر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أنه من أهل الجنة، وأن عرش الرَّحمن قد اهتزَّ لموته، أسلم بالمدينة على يد مصعب بن عمير. قال ابنُ حجر: "فكان من أعظم النَّاس بركةً في الإسلام، وله مناقِبُ كثيرةٌ"[1]. قال الذهبيُّ في ترجمته: "السيد الكبير الشهيد، أبو عمرو سعد بنُ معاذ بن النعمان الأنصاري الأَوْسِيُّ الأَشْهَلِيُّ، كان رجلاً أبيضَ طوالاً جميلاً، حسن الوجه، حسن اللِّحية"[2]. قالت عائشة: "كان في بني عبدالأشهل ثلاثةٌ، لم يكن أَحَدٌ أفضل منهم: سعد بن معاذ، وأُسَيْد بن حُضَيْر، وعبَّاد بن بِشْر"[3]. قال ابن إسحاق: "لمَّا أسلم، وقف على قومه فقال: "يا بني عبد الأَشْهَل، كيف تعلمون أمري فيكم؟"، قالوا: "سيدنا وأفضلنا نَقِيبَةً"، قال: "فإنَّ كلامكم عليَّ حرامٌ، رجالكم ونساؤكم؛ حتى تؤمنوا بالله ورسوله"، قال: "فوالله ما بقيَ في دار بني عبد الأَشْهَل رجلٌ ولا امرأةٌ إلا أسلموا"[4]. وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: "انطلق سعد بن معاذ معتَمِرًا، قال: فنزل على أُمَيَّةَ بن خَلَف، وكان أُمَيَّةُ إذا انطلق إلى الشام فمرَّ بالمدينة نزل على سعد، فقال أُمَيَّةُ لسعد: انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس، انطلقتَ فطفتَ، فبينا سعدٌ يطوفُ، إذا أبو جهل، فقال: مَنْ هذا الذي يطوف بالكعبة؟ فقال سعد: أنا سعدٌ؛ فقال أبو جهل: تطوف بالكعبة آمِنًا، وقد آوَيْتُم محمدًا وأصحابه؟! فقال: نعم، فتَلاحَيَا بينهما، فقال أُمَيَّةُ لسعد: لا ترفع صوتكَ على أبي الحَكَم؛ فإنه سيِّدُ أهل الوادي، ثم قال سعد: والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت، لأَقْطَعَنَّ مَتْجَرَكَ بالشَّام، قال: فجعل أُمَيَّةُ يقول لسعد: لا ترفع صوتكَ، وجعل يمسكه، فغضب سعدٌ، فقال: دعنا عنكَ، فإني سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُخبِرُ أنه قاتِلُكَ، قال: إيَّايَ؟! قال: نعم، قال: والله ما يكذب محمدٌ إذا حَدَّثَ، فرجع إلى امرأته فقال: أما تعلمين ما قال لي أخي اليَثْرِبِيُّ؟ قالت: وما قال؟ قال: زعم أنَّه سمع محمدًا يزعم أنه قاتِلي، قالت: فوالله ما يكذب محمد، قال: فلما خرجوا إلى بدرٍ، وجاء الصَّريخ، قالت امرأته: ما ذكرتَ ما قال لكَ أخوك اليَثْرِبِيّ! قال: فأراد ألاَّ يخرج، فقال له أبو جهل: إنك من أشراف الوادي، فَسِرْ يومًا أو يومين، فسار معهم يومين، فقتله الله"[5]. ويظهر في الموقف السابق شجاعة سعد، وشدَّته على الكافرين، واعتزازه بدينه؛ فمع أنه بمكة وحده، إلا أنه كان يهدِّد سادات قريش في عُقْر دارهم. وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه من أهل الجنَّة؛ فعن أنسٍ - رضي الله عنه - أنه: "أُهدِيَ لِرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جُبةٌ من سُنْدُسٍ، وكان ينهَى عن الحرير، فعجب الناس منها"، فقال: ((والذي نفسُ محمدٍ بيده، إنَّ مناديلَ سعد بن معاذ في الجنَّة أحسن من هذا))[6]. ومن مواقِفِه العظيمة: ما روتْهُ عائشة - رضي الله عنها - قالت: "أصيب سعدٌ يومَ الخندق، رماه رجلٌ من قريش يُقال له ابن العَرِقَة، رماه في الأَكْحَلِ[7]، فضرب عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيمةً في المسجد؛ يَعُودُهُ من قريبٍ، فلما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الخندق، وضع السلاح فاغتسل، فأتاه جبريل، وهو ينفض رأسه من الغبار، فقال: "وضعتَ السلاح؟! والله ما وضعناه، اخرج إليهم"، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فأين؟))، فأشار إلى بني قُرَيْظَةَ، فقاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلوا على حُكْم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فردَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحُكْمَ فيهم إلى سعد - رضي الله عنه - قال: "فإني أَحْكُمُ فيهم أن تُقْتَلَ المُقاتِلَة، وأن تُسْبَى الذُّرِّيَّة والنِّساء، وتُقْسَمَ أموالهم". قال هشام: قال أبي: "فأُخبرتُ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لقد حَكَمَ فيهم بحُكْم الله - عزَّ وجلَّ)). ثم إن سعدًا قال - وتحجَّر كَلْمُه للبَرْءِ -[8]: "اللهمَّ إنكَ تعلمُ: أَنْ ليس أحدٌ أحبّ إليَّ أن أُجاهد فيك من قومٍ كذبوا رسولكَ - صلى الله عليه وسلم – وأخرجوه، اللَّهمَّ فإن كان بقيَ من حرب قريشٍ شيءٌ فأبقني؛ أجاهدهم فيكَ، اللَّهمَّ فإني أظنُّ أنكَ قد وضعتَ الحربَ بيننا وبينهم، فإن كنتَ وضعتَ الحرب بيننا وبينهم، فافْجُرْها، واجعل موتي فيها"، فانفجرت من لَبَّتِه[9]، فلم يَرُعْهُم - وفي المسجد معه خيمةٌ من بني غِفار - إلا والدم يسيل إليهم، فقالوا: "يا أهل الخيمة، ما هذا الذي يأتينا من قِبَلِكُم؟!"، فإذا سعدٌ جَرْحُهُ يَغْذو دمًا[10]، فمات"[11]. وقد حزن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لفراق سعدٍ كثيرًا، وأخبر أن عرش الرَّحمن قد اهتزَّ لموته؛ عن جابرٍ - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((اهتزَّ عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ))[12]. ومع هذه المنزلة العظيمة لسعدٍ، إلا أنه لم يَسْلَم من ضمَّة القبر؛ فعن عائشة - رضي الله عنها -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ للقبر ضغطةً، لو كان أحدٌ ناجيًا منها، نجا سعد بن معاذ))[13]، قال الذهبي: "وهذه الضمَّةُ ليست من عذاب القبر في شيءٍ؛ بل هو أمرٌ يجده المؤمن كما يجد ألم فَقْدِ ولده وحميمه في الدنيا، وكما يجد من ألم مرضه وألم خروج نَفَسِه، وألم سؤاله في قبره وامتحانه، وألم تأثُّره ببكاء أهله عليه، وألم قيامه من قبره، وألم الموقف وهوله، وألم الورود على النار ونحو ذلك؛ فهذه الأراجيفُ كلُّها قد تنال العبدَ، وما هي من عذاب القبر، ولا من عذاب جهنمَ قط، ولكنَّ العبد التقيَّ يرفق الله به في بعض ذلك أو كُلِّه، ولا راحةَ للمؤمن دون لقاء ربِّه؛ قال تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَة} [مريم: 39]، وقال: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ} [غافر: 18]، فنسأل الله تعالى العفو واللطف. ومع هذه الهِزَّات؛ فسعدٌ ممَّن نعلم أنه من أهل الجنَّة، وأنه من أرفع الشهداء - رضي الله عنه - كأنَّك يا هذا تظنُّ أنَّ الفائزَ لا يناله هولٌ في الدارَيْن، ولا رَوْعٌ ولا ألمٌ ولا خوفٌ!! سَلْ رَبَّكَ العافية، وأن يحشرنا في زُمْرَةِ سعدٍ". أ هـ [14]. وكانت وفاته سنة خمسٍ من الهجرة، وهو في ريعان شبابه؛ عمره سبعٌ وثلاثون سنة، صلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ودفن بالبَقيع، رضي الله عن سعدٍ، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وجمعنا به في دار كرامته. والحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] "الإصابة في تمييز الصحابة" (3/86). [2] "سير أعلام النبلاء" (11/279). [3] "سير أعلام النبلاء" (11/279). [4] "سيرة ابن هشام" (2/40). [5] صحيح البخاري (2/536). [6] صحيح البخاري (3/43) برقم (3802)، وصحيح مسلم (4/1916) برقم (2469). [7] عرق في وسط الذراع، إذا قطع لم يرقأ الدم. [8] أي يبس جرحه وكاد أن يبرأ. [9] أي: نحره. [10] يغذ دمًا أي يسيل، يقال غذَّ الجرح يغذ إذا دام سيلانه. [11] صحيح البخاري (3/119)، وصحيح مسلم (3/1389-1390) برقم (1769). [12] صحيح البخاري (3/43) برقم (3803)، وصحيح مسلم (4/1915) برقم (2466). [13] مسند الإمام أحمد (6/98). [14] سير أعلام النبلاء (1/290-291). | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
13 / 02 / 2010, 38 : 06 PM | المشاركة رقم: 8 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه سعد بن معاذ بن النعمان بن امرؤ القيس الأنصاري الأوسي الأشهلي أمه كبشة بنت رافع. صحابي من أهل المدينة، سيد الأوس. يكنى أباعمر. أسلم على يد مصعب بن عمير الذي أوفده الرسول صلى الله عليه وسلم للدعوة في المدينة قبل الهجرة، وقال لبني عبد الأشهل: «"كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا"» فأسلموا فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام وأقام مصعب بن عمير في داره يدعو الناس إلى الإسلام. كان سعد وأسيد بن الحضير يكسران الأصنام. ولما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم آخى بينه وبين سعد بن أبي وقاص. [عدل] في غزوة بدر وأحد وعندما خرج المسلمون إلى بدر لملاقاة المشركين واستشار النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار، فقال سعد: «آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ماجئت به هو الحق وأعطيناك مواثيقنا على السمع والطاعة فامض يارسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدواً غداً إنا لصبر عند الحرب صدق عند اللقاء لعل الله يريك فينا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله». فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله، وحمل سعد لواء الأوس في المعركة وأبلى بلاءً حسناً. وشهد أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وثبت معه حين ولى الناس وأبدى شجاعة فائقة.الله أكبر [عدل] غزوة الخندق وما بعدها ووفاته وشهد الخندق وروي أنه مر على أمه والسيدة عائشة بنت أبي بكر وعليه درع له خرجت منها ذراعه وفي يده حربة وهو ينشد: «لابأس بالموت إذا حان الأجل» فقالت أم سعد: «الحق يابني قد والله أخرت» فقالت عائشة: «يا أم سعد لوددت أن درع سعد أسبغ مما هي» فخافت أمه عليه فأصابه سهم في ذراعه فقطع أكحله (عرق من وسط الذراع) فقال سعد: «اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئاً فأبقني لها فإنه لاقوم أحب إلي أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لي شهادة ولاتمتني حتى تقر عيني من بني قريظة» ثم حمل إلى المسجد فأقام له النبي صلى الله عيله وسلم خيمة فيه ليعوده من قريب ثم كواه النبي صلى الله عليه وسلم بالنار مرتين فانتفخت يده ونزف الدم، فلما رأى سعد ذلك قال: «اللهم لاتخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة فما قطرعرقه قطرة بعدها» ولما حاصر النبي صلى الله عليه وسلم بني قريظة طلبوا منه أن ينزلوا على حكم سعد بن معاذ، وكانوا مواليه وحلفاءه في الجاهلية. فجاء سعد رسول الله مستنداً على حمار له، فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال: «قوموا إلى سيدكم فقاموا إليه فأنزلوه» فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «احكم فيهم» قال: «فإني أحكم أن تقتل الرجال وتقسم الأموال وتسبى الذراري». فقال صلى الله عليه وسلم: «لقد حكمت فيهم بحكم الله ورسوله فلما قتل آخر رجل منهم انفجر الدم من عرقه» واحتضنه النبي صلى الله عليه وسلم: «فجعلت الدماء تسيل على رسول الله وجعل أبو بكر وعمر يبكيان ويسترجعان» وتوفي على إثرها فاهتز له عرش الرحمن فحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم تغسيله ودفنه، ولما وضع في قبره كبر رسول الله وكبر المسلمون حتى ارتج البقيع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تضايق القبر على صاحبكم وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا سعد»، ثم فرج الله عنه، ولما انصرف من جنازته ذرفت دموعه حتى بلت لحيته. وندبته أمه فقال صلى الله عليه وسلم: «كل نادبة كاذبة إلا نادبة سعد». وأهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوب حرير جعل الصحابة يتعجبون من لينه وحسنه، فقال صلى الله عليه وسلم: «مناديل سعد في الجنة أحسن من هذا». توفي وهو ابن سبع وثلاثين سنة. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
13 / 02 / 2010, 39 : 06 PM | المشاركة رقم: 9 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه قال ابن إسحاق : فلما انقضى شأن بني قريظة انفجر بسعد بن معاذ جرحه فمات منه شهيدا . قال ابن إسحاق : حدثني معاذ بن رفاعة الزرقي ، قال حدثني من شئت من رجال قومي : أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قبض سعد بن معاذ من جوف الليل معتجرا بعمامة من إستبرق فقال يا محمد من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء واهتز له العرش ؟ قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا يجر ثوبه إلى سعد فوجده قد مات وما اهتز عرش الله من موت هالك قال ابن إسحاق : وحدثني عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت أقبلت عائشة قافلة من مكة ، ومعها أسيد بن حضير فلقيه موت امرأة له فحزن عليها بعض الحزن فقالت له عائشة يغفر الله لك يا أبا يحيى ، أتحزن على امرأة وقد أصبت بابن عمك ، وقد اهتز له العرش قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم عن الحسن البصري ، قال كان سعد رجلا بادنا ، فلما حمله الناس وجدوا له خفة فقال رجال من المنافقين والله إن كان لبادنا ، وما حملنا من جنازة أخف منه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن له حملة غيركم ، والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد واهتز له العرش . قال ابن إسحاق : وحدثني معاذ بن رفاعة عن محمود بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجموح ، عن جابر بن عبد الله ، قال لما دفن سعد ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبح الناس معه ثم كبر فكبر الناس معه فقالوا : يا رسول الله مم سبحت ؟ قال لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره ، حتى فرجه الله عنه قال ابن هشام : ومجاز هذا الحديث قول عائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للقبر لضمة لو كان أحد منها ناجيا لكان سعد بن معاذ قال ابن إسحاق : ولسعد يقول رجل من الأنصار : سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو </SPAN> وقالت أم سعد حين احتمل نعشه وهي تبكيه - قال ابن هشام - وهي كبيشة بنت رافع بن معاوية بن عبيد بن ثعلبة بن عبد بن الأبجر وهو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج : ويل أم سعد سعدا صرامة وحدا وسوددا ومجدا وفارسا معدا سد به مسدا يقد هاما قدا </SPAN> يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كل نائحة تكذب إلا نائحة سعد بن معاذ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
13 / 02 / 2010, 41 : 06 PM | المشاركة رقم: 10 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه سعد بن معاذ سعد بن معاذ ابن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل . السيد الكبير الشهيد أبو عمرو الأنصاري الأوسي الأشهلي ، البدري الذي اهتز العرش لموته . ومناقبه مشهورة في الصحاح ، وفي السيرة ، وغير ذلك . وقد أوردت جملة من ذلك في تاريخ الإسلام في سنة وفاته . نقل ابن الكلبي ، عن عبد الحميد بن أبي عيسى بن جبر ، عن أبيه أن قريشا سمعت هاتفا على أبي قبيس يقول : فإن يسلم السعدان يصبح محمد بمكـة لا يخشـى خلاف المخالف فقال أبو سفيان : من السعدان ؟ سعد بكر ، سعد تميم ؟ فسمعوا في الليل ، الهاتف يقول : أيا سعد سعد الأوس كن أنت ناصرا ويـا سـعد سعد الخزرجين الغطارف أجيبـا إلـى داعـي الهدى وتمنيـا علـى الله في الفردوس منية عـارف فـإن ثـواب اللـه للطـالب الهدى جنان مـن الفـردوس ذات رفـارف فقال أبو سفيان : هو والله سعد بن معاذ وسعد بن عبادة . أسلم سعد بن معاذ على يد مصعب بن عمير . فقال ابن إسحاق : لما أسلم وقف على قومه ، فقال : يا بني عبد الأشهل ، كيف تعلمون أمري فيكم ؟ قالوا : سيدنا فضلا ، وأيمننا نقيبة . قال : فإن كلامكم علي حرام ، رجالكم ونساؤكم ، حتى تؤمنوا بالله ورسوله . قال : فوالله ما بقي في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا وأسلموا . أبو إسحاق : عن عمرو بن ميمون ، عن ابن مسعود ، قال : انطلق سعد بن معاذ معتمرا ، فنزل على أمية بن خلف -وكان أمية إذا انطلق إلى الشام يمر بالمدينة فينزل عليه- فقال أمية له : انتظر حتى إذا انتصف النهار وغفل الناس طفت . فبينا سعد يطوف إذ أتاه أبو جهل ، فقال : من الذي يطوف آمنا ؟ قال : أنا سعد . فقال : أتطوف آمنا وقد آويتم محمدا وأصحابه ؟ قال : نعم . فتلاحيا . فقال أمية : لا ترفع صوتك على أبي الحكم ؛ فإنه سيد أهل الوادي . فقال سعد : والله لو منعتني ، لقطعت عليك متجرك بالشام . قال : فجعل أمية يقول : لا ترفع صوتك . فغضب وقال : دعنا منك ، فإني سمعت محمدا -صلى الله عليه وسلم- يقول : يزعم أنه قاتلك . قال : إياي ؟ قال : نعم . قال : والله ما يكذب محمد . فكاد يحدث فرجع إلى امرأته ، فقال : أما تعلمين ما قال لي أخي اليثربي ؟ زعم أنه سمع محمدا يزعم أنه قاتلي . قالت : والله ما يكذب محمد . فلما خرجوا لبدر قالت امرأته : ما ذكرت ما قال لك أخوك اليثربي ؟ فأراد أن لا يخرج . فقال له أبو جهل : إنك من أشراف أهل الوادي ، فسر معنا يوما أو يومين . فسار معهم ، فقتله الله . قال ابن شهاب : وشهد بدرا سعد بن معاذ . ورمي يوم الخندق . فعاش شهرا ، ثم انتقض جرحه فمات . ابن إسحاق : حدثني أبو ليلي عبد الله بن سهل أن عائشة كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق وأم سعد معها ، فعبر سعد عليه درع مقلصة قد خرجت منه ذراعه كلها وفي يده حربة يرفل بها ويقول : لبــث قلـيـلا يشهـد الهيجا حمــل لا بـأس بالمــوت إذا حـان الأجــل يعني : حمل بن بدر . فقالت له أمه : أي بني ، قد أخرت . فقلت لها : يا أم سعد ، لوددت أن درع سعد كانت أسبغ مما هي . فرمي سعد بسهم قطع منه الأكحل ، رماه ابن العرقة ، فلما أصابه قال : خذها مني وأنا ابن العرقة . فقال : عرق الله وجهك في النار . اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها ، فإنه لا قوم أحب إلي من أن أجاهدهم فيك من قوم آذوا نبيك وكذبوه وأخرجوه ، اللهم إن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم ، فاجعلها لي شهادة ، ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة . هشام : عن أبيه ، عن عائشة قالت : رمى سعدا رجل من قريش يقال له : حبان بن العرقة ، فرماه في الأكحل ، فضرب عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خيمة في المسجد ليعوده من قريب . قالت : ثم إن كلمه تحجر للبرء . قالت : فدعا سعد ، فقال في ذلك : وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها واجعل موتتي فيها . فانفجر من لبته ، فلم يرعهم إلا والدم يسيل ، فقالوا : يا أهل الخيمة ، ما هذا ؟ فإذا جرحه يغذو ، فمات منها . متفق عليه بأطول من هذا . الليث : عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : رمي سعد يوم الأحزاب ، فقطعوا أكحله ، فحسمه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنار ، فانتفخت يده فتركه ، فنزفه الدم ، فحسمه أخرى ، فانتفخت يده ، فلما رأى ذلك قال : اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة . فاستمسك عرقه ، فما قطرت منه قطرة حتى نزلوا على حكم سعد ، فأرسل إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فحكم أن يقتل رجالهم ، وتسبى نساؤهم وذراريهم ، قال : وكانوا أربع مائة ، فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه . يزيد بن عبد الله بن الهاد : عن معاذ بن رفاعة ، عن جابر ، قال : جلس النبي -صلى الله عليه وسلم- على قبر سعد وهو يدفن ، فقال : سبحان الله ، مرتين . فسبح القوم . ثم قال : الله أكبر ، الله أكبر . فكبروا ، فقال : عجبت لهذا العبد الصالح ، شدد عليه في قبره ، حتى كان هذا حين فرج له . ابن إسحاق : حدثني من لا أتهم ، عن الحسن البصري ، قال : كان سعد بادنا ، فلما حملوه ، وجدوا له خفة . فقال رجال من المنافقين : والله إن كان لبادنا ، وما حملنا أخف منه . فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : إن له حملة غيركم . والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد ، واهتز له العرش . يزيد بن هارون : أنبأنا محمد بن عمرو بن علقمة ، عن أبيه ، عن جده ، عن عائشة قالت : خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس ، فسمعت وئيد الأرض ورائي ، فإذا سعد ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنة . فجلست ، فمر سعد وعليه درع قد خرجت منه أطرافه . وكان من أطول الناس وأعظمهم ، فاقتحمت حديقة ، فإذا فيها نفر فيهم عمر ، فقال : ما جاء بك ؟ والله إنك لجريئة ! ما يؤمنك أن يكون بلاء ؟ فما زال يلومني حتى تمنيت أن الأرض اشتقت ساعتئذ ، فدخلت فيها وإذا رجل عليه مغفر ، فيرفعه عن وجهه ، فإذا هو طلحة . فقال : ويحك ! قد أكثرت ، وأين التحوز والفرار إلا إلى الله . محمد بن عمرو : عن محمد بن إبراهيم ، حدثني علقمة بن وقاص ، عن عائشة قالت : أقبلنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قافلين من مكة حتى إذا كنا بذي الحليفة وأسيد بن حضير بيني وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- . فيلقى غلمان بني عبد الأشهل من الأنصار . فسألهم أسيد ، فنعوا له امرأته . فتقنع يبكي ، قلت له : غفر الله لك ، أتبكي على امرأة وأنت صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وقد قدم الله لك من السابقة ما قدم ؟ فقال : ليحق لي أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ . وقد سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ما يقول ، قال : قلت : وما سمعت ؟ قال : قال : لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ . إسماعيل بن مسلم العبدي : حدثنا أبو المتوكل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر الحمى ، فقال : من كانت به ، فهو حظه من النار . فسألها سعد بن معاذ ربه ، فلزمته ، فلم تفارقه حتى مات . أبو الزبير : عن جابر ، قال : رمي سعد بن معاذ يوم الأحزاب ، فقطعوا أكحله ، فحسمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالنار . فانتفخت يده فنزفه ، فحسمه أخرى . أبو إسحاق : عن عمرو بن شرحبيل ، قال : لما انفجر جرح سعد ، عجل إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فأسنده إلى صدره والدماء تسيل عليه . فجاء أبو بكر ، فقال : وانكسار ظهراه على سعد ! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : مهلا أبا بكر . فجاء عمر فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون رواه شعبة عنه . محمد بن عمرو : عن أبيه ، عن جده ، عن عائشة قالت : حضر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر ، سعد بن معاذ ، وهو يموت في القبة التي ضربها عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد . قالت : والذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر ، وإني لفي حجرتي ، فكانا كما قال الله رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ قال علقمة فقلت : أي أمه ، كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصنع ؟ قالت : كان لا تدمع عينه على أحد ، ولكنه كان إذا وجد ، فإنما هو آخذ بلحيته . يزيد بن هارون : أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن رجل من الأنصار ، قال : لما قضى سعد في بني قريظة ، ثم رجع ، انفجر جرحه ، فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فأتاه فوضع رأسه في حجره ، وسجي بثوب أبيض ، وكان رجلا أبيض جسيما . فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : اللهم إن سعدا قد جاهد في سبيلك ، وصدق رسولك ، وقضى الذي عليه ، فتقبل روحه بخير ما تقبلت به روحا. فلما سمع سعد كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتح عينيه ، ثم قال : السلام عليك يا رسول الله ، إني أشهد أنك رسول الله . وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأهل البيت : استأذن الله من ملائكته عددكم في البيت ليشهدوا وفاة سعد . قال : وأمه تبكي وتقول : ويـل امـك سعـــدا حــزامـة وجــــدا فقيل لها : أتقولين الشعر على سعد ؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : دعوها فغيرها من الشعراء أكذب هذا مرسل . الواقدي : أنبأنا معاذ بن محمد ، عن عطاء بن أبي مسلم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : لما انفجرت يد سعد بالدم ، قام إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاعتنقه ، والدم ينفح من وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولحيته ، حتى قضى . عاصم بن عمر : عن محمود بن لبيد ، قال : لما أصيب أكحل سعد ، فثقل ، حولوه عند امرأة يقال لها رفيدة تداوي الجرحى . فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا مر به يقول : كيف أمسيت ، وكيف أصبحت ؟ فيخبره ، حتى كانت الليلة التي نقله قومه فيها وثقل ، فاحتملوه إلى بني عبد الأشهل إلى منازلهم ، وجاء رسول الله ، فقيل : انطلقوا به . فخرح وخرجنا معه ، وأسرع حتى تقطعت شسوع نعالنا ، وسقطت أرديتنا ، فشكا ذلك إليه أصحابه ، فقال : إني أخاف أن تسبقنا إليه الملائكة فتغسله كما غسلت حنظلة . فانتهى إلى البيت ، وهو يغسل ، وأمه تبكيه وتقول : ويل أم سعـد سعــدا حزامـــة وجــدا فقال : كل باكية تكذب إلا أم سعد. ثم خرج به ، قال : يقول له القوم : ما حملنا يا رسول الله ميتا أخف علينا منه . قال : ما يمنعه أن يخف وقد هبط من الملائكة كذا وكذا لم يهبطوا قط قبل يومهم ، قد حملوه معكم . شعبة : عن سماك ، سمع عبد الله بن شداد يقول : دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على سعد وهو يكيد نفسه ، فقال : جزاك الله خيرا من سيد قوم ، فقد أنجزت ما وعدته ، ولينجزنك الله ما وعدك . حماد بن سلمة : عن محمد بن زياد ، عن عبد الرحمن بن سعد بن معاذ أن بني قريظة نزلوا على حكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فأرسل إلى سعد ، فجيء به محمولا على حمار ، وهو مضنى من جرحه ، فقال له : أشر علي في هؤلاء. قال : إني أعلم أن الله قد أمرك فيهم بأمر أنت فاعله . قال : أجل ، ولكن أشر . قال : لو وليت أمرهم ، لقتلت مقاتلتهم ، وسبيت ذراريهم . فقال : والذي نفسي بيده لقد أشرت علي فيهم بالذي أمرني الله به . محمد بن صالح التمار : عن سعد بن إبراهيم ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه قال : لما حكم سعد في بني قريظة أن يقتل من جرت عليه المواسي قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لقد حكم فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سموات " . إسرائيل : عن أبي إسحاق ، عن أبي ميسرة ، قال : لم يرق دم سعد حتى أخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- بساعده ، فارتفع الدم إلى عضده . فكان سعد يقول : اللهم لا تمتني حتى تشفيني من بني قريظة . الواقدي : حدثني سعيد بن محمد ، عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كنت ممن حفر لسعد قبره بالبقيع ، فكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا ، حتى انتهينا إلى اللحد . ثم قال ربيح : وأخبرني محمد بن المنكدر ، عن محمد بن شرحبيل بن حسنة ، قال : أخذ إنسان قبضة من تراب قبر سعد ، فذهب بها ، ثم نظر فإذا هي مسك . ورواها محمد بن عمرو بن علقمة ، عن ابن المنكدر . الواقدي : أنبأنا عبيد بن جبيرة ، عن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ ، قال : كان سعد بن معاذ رجلا أبيض ، طوالا ، جميلا ، حسن الوجه ، أعين حسن اللحية ، فرمي يوم الخندق ، سنة خمس من الهجرة ، فمات من رميته تلك وهو يومئذ ابن سبع وثلاثين سنة . فصلى عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، ودفن بالبقيع . ابن سعد : أنبأنا محمد بن عمر ، حدثني إبراهيم بن الحصين ، عن داود بن الحصين ، عن عبد الرحمن بن جابر ، عن أبيه ، قال : لما انتهوا إلى قبر سعد ، نزل فيه أربعة : الحارث بن أوس ، وأسيد بن الحضير ، وأبو نائلة سلكان ، وسلمة بن سلامة بن وقش ، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- واقف . فلما وضع في قبره ، تغير وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وسبح ثلاثا ، فسبح المسلمون حتى ارتج البقيع ، ثم كبر ثلاثا ، وكبر المسلمون ، فسئل عن ذلك ، فقال : تضايق على صاحبكم القبر ، وضم ضمة لو نجا منها أحد لنجا هو ، ثم فرج الله عنه . قلت : هذه الضمة ليست من عذاب القبر في شيء ؛ بل هو أمر يجده المؤمن كما يجد ألم فقد ولده وحميمه في الدنيا ، وكما يجد من ألم مرضه ، وألم خروج نفسه ، وألم سؤاله في قبره وامتحانه ، وألم تأثره ببكاء أهله عليه ، وألم قيامه من قبره ، وألم الموقف وهوله ، وألم الورود على النار ، ونحو ذلك . فهذه الأراجيف كلها قد تنال العبد وما هي من عذاب القبر ، ولا من عذاب جهنم قط ، ولكن العبد التقي يرفق الله به في بعض ذلك أو كله ، ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه. قال الله تعالى : وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ وقال : وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ فنسأل الله -تعالى- العفو واللطف الخفي . ومع هذه الهزات ، فسعد ممن نعلم أنه من أهل الجنة ، وأنه من أرفع الشهداء -رضي الله عنه- . كأنك يا هذا تظن أن الفائز لا يناله هول في الدارين ، ولا روع ولا ألم ولا خوف ، سل ربك العافية ، وأن يحشرنا في زمرة سعد . شعبة : حدثنا سعد بن إبراهيم ، عن نافع ، عن عائشة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : إن للقبر ضغطة ، ولو كان أحد ناجيا منها ، نجا منها سعد بن معاذ إسناده قوي . عقبة بن مكرم : حدثنا ابن أبي عدي ، عن شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن نافع ، عن صفية بنت أبي عبيد ، عن عائشة ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- : لو نجا أحد من ضمة القبر ، لنجا منها سعد . يزيد بن هارون : أنبأنا محمد بن عمرو ، عن واقد بن عمرو بن سعد ، قال : دخلت على أنس بن مالك - وكان واقد من أعظم الناس وأطولهم - فقال لي : من أنت ؟ قلت : أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ . قال : إنك بسعد لشبيه ، ثم بكى ، فأكثر البكاء ، ثم قال : يرحم الله سعدا ، كان من أعظم الناس وأطولهم . بعث رسول الله جيشا إلى أكيدر دومة ، فبعث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بجبة من ديباج منسوج فيها الذهب . فلبسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فجعلوا يمسحونها وينظرون إليها . فقال : أتعجبون من هذه الجبة ؟ قالوا : يا رسول الله ، ما رأينا ثوبا قط أحسن منه . قال : فوالله لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن مما ترون . قيل : كان سعد بن معاذ وأسعد بن زرارة ابني خالة . وقال ابن إسحاق : آخى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين سعد بن معاذ وأبي عبيدة بن الجراح ، وقيل : آخى بينه وبين سعد بن أبي وقاص . وقد تواتر قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : إن العرش اهتز لموت سعد فرحا به وثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في حلة تعجبوا من حسنها : لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذه . وقال النضر بن شميل : حدثنا عوف ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : اهتز العرش لموت سعد بن معاذ ثم قال النضر ، وهو إمام أهل اللغة : اهتز : فرح . الأعمش : عن أبي سفيان ، عن جابر مرفوعا : اهتز عرش الرحمن لموت سعد . يوسف بن الماجشون ، عن أبيه ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن جدته رميثة قالت : سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول - ولو أشاء أن أقبل الخاتم الذي بين كتفيه من قربي منه لفعلت - وهو يقول : اهتز عرش الرحمن له - أي : لسعد بن معاذ إسناد صالح . وخرج النسائي من طريق معاذ بن رفاعة ، عن جابر ، قال : جاء جبريل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فقال : من هذا العبد الصالح الذي مات ؟ فتحت له أبواب السماء ، وتحرك له العرش ، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فإذا سعد . قال : فجلس على قبره الحديث . إسماعيل بن أبي خالد : عن إسحاق بن راشد ، عن أسماء بنت يزيد قالت : لما توفي سعد بن معاذ صاحت أمه ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- : ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك ؟ فإن ابنك أول من ضحك الله إليه ، واهتز له العرش هذا مرسل . ابن جريج : عن أبي الزبير ، عن جابر أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول ، وجنازة سعد بين أيديهم : اهتز لها عرش الرحمن . ابن أبي عروبة : عن قتادة ، عن أنس ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وجنازة سعد موضوعة : اهتز لها عرش الرحمن . جماعة : عن عطاء بن السائب ، عن مجاهد ، عن ابن عمر يرفعه : اهتز العرش لحب لقاء الله سعدا . يونس : عن ابن إسحاق ، عن معاذ بن رفاعة قال : حدثني من شئت من رجال قومي أن جبريل أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قبض سعد معتجرا بعمامة من إستبرق . فقال : يا محمد ، من هذا الميت الذي فتحت له أبواب السماء ، واهتز له العرش ؟ فقام سريعا يجر ثوبه إلى سعد ، فوجده قد مات . قال ابن إسحاق : عن أمية بن عبد الله ، عن بعض آل سعد ، أن رجلا قال : وما اهتز عرش الله من موت هالك سـمعنا بـه إلا لسـعد أبي عمرو عبد الله بن إدريس : حدثنا عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر -ومنهم من أرسله- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : هذا العبد الصالح الذي تحرك له العرش ، وفتحت أبواب السماء ، وشهده سبعون ألفا من الملائكة لم ينزلوا إلى الأرض قبل ذلك ، لقد ضم ضمة ثم أفرج عنه يعني سعدا . رواه محمد بن سعد ، عن إسماعيل بن مسعود ، عنه . أبو معشر : عن سعيد المقبري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا سعد ، ولقد ضم ضمة اختلفت منها أضلاعه من أثر البول هذا منقطع . ويروى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حمل جنازة سعد خطوات . ولم يصح . الواقدي : حدثني سعيد بن محمد ، عن ربيح بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن جده أبي سعيد ، قال : كنت ممن حفر لسعد قبره بالبقيع . وكان يفوح علينا المسك كلما حفرنا . قال ربيح : فأخبرني محمد بن المنكدر عن رجل ، قال : أخذ إنسان قبضة من تراب قبر سعد فذهب بها ، ثم نظر إليها بعد فإذا هي مسك . وروى نحوه محمد بن عمرو بن علقمة ، عن ابن المنكدر ، عن محمد بن شرحبيل بن حسنة . محمد بن عمرو بن علقمة : عن أبيه ، عن جده ، عن عائشة قالت : ما كان أحد أشد فقدا على المسلمين بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه أو أحدهما من سعد بن معاذ . الواقدي : أنبأنا عبيد بن جبيرة عن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ ، قال : كان سعد أبيض ، طوالا ، جميلا ، حسن الوجه ، أعين ، حسن اللحية ، عاش سبعا وثلاثين سنة . أبو إسحاق السبيعي : عن رجل ، عن حذيفة ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اهتز العرش لروح سعد بن معاذ . وروى سليمان التيمي ، عن الحسن ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : اهتز عرش الرحمن لوفاة سعد . ابن سعد : أنبأنا محمد بن فضيل ، عن عطاء بن السائب ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : اهتز العرش لحب لقاء الله سعدا . قال : إنما يعني السرير . وقرأ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ قال : إنما تفسحت أعواده . قال : ودخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبره ، فاحتبس ، فلما خرج ، قيل يا رسول الله ، ما حبسك ؟ قال : ضم سعد في القبر ضمة ، فدعوت الله أن يكشف عنه قلت : تفسيره بالسرير ما أدري أهو من قول ابن عمر ، أو من قول مجاهد . وهذا تأويل لا يفيد . فقد جاء ثابتا عرش الرحمن وعرش الله ، والعرش خلق لله مسخر إذا شاء أن يهتز اهتز بمشيئة الله ، وجعل فيه شعورا لحب سعد ، كما جعل تعالى شعورا في جبل أحد بحبه النبي -صلى الله عليه وسلم- . وقال تعالى : يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وقال تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ . ثم عمم ، فقال : وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وهذا حق . وفي صحيح البخاري قول ابن مسعود : كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل . وهذا باب واسع سبيله الإيمان . أبو نعيم : حدثنا إسماعيل بن مسلم العبدي ، عن أبي المتوكل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر الحمى ، فقال : من كانت به ، فهي حظه من النار . فسألها سعد بن معاذ ربه ، فلزمته حتى فارق الدنيا . كان لسعد من الولد : عبد الله ، وعمرو ، فكان لعمرو تسعة أولاد . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018