09 / 04 / 2009, 35 : 05 PM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | موقوف | البيانات | التسجيل: | 24 / 12 / 2007 | العضوية: | 11 | العمر: | 41 | المشاركات: | 0 [+] | بمعدل : | 0 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 0 | نقاط التقييم: | 40 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : ملتقى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الاقتناع بمنهج الإقناع أسامة بن عبد الله خياط ملخص الخطبة 1- فريضة تبليغ رسالة الإسلام. 2- السبيل إلى تبليغ هذه الرسالة. 3- الإقناع منهج قرآني وهدي نبوي. 4- نموذج من نماذج الإقناع لدى السلف الصالح. الخطبة الأولى أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واذكروا وقوفَكم بين يدَيه في يومٍ تشخص فيه الأبصار: {يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88، 89]. أيّها المسلمون، إنَّ المسلمَ وهو يدرِك أنَّ الإكراه على الدين أمرٌ نهى الله عنه وحذَّر منه في قوله عزَّ اسمه: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256]، فإنّه ـ كما قال الإمامُ ابن كثير - رحمه الله- إنه بيّنٌ واضحٌ جليّ دلائلُه وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يُكرَه أحد على الدخول فيه، بل مَن هداه الله للإسلام وشرح صدرَه ونوَّر بصيرتَه دخل فيه على بيّنة، ومن أعمى الله قلبَه وختَم على سمعه وبصرِه فإنّه لا يفيده الدخولُ في الدين مكرَهًا مقصورًا، يدركُ أيضًا أن رسالةَ الإسلام العالميّةَ تقتضي تبليغَ دين الله إلى عمومِ الخلقِ ودعوتَهم إلى ما يُحييهم وما تكون به سعادَتُهم في حياتهم الدنيا وفوزُهم ونجاتهم في الدار الآخرة. فالسبيل إلى أداء هذه الرسالةِ والقيام بهذا الحقّ إذَن هو سبيل إقناعُ بالحجة والبرهانِ وصِدقِ وقوّة الاستدلال وسلامةِ المقدِّمات المفضيَة إلى صحّة النتائج؛ ذلك أنَّ القبول الناشئَ عن الاقتناع مُباينٌ كلَّ المباينَة للقبول الناشِئِ عن الإكراه؛ فإنَّ الأثر النفسيَّ والعقليّ الناتجَ عن الاقتناع مختلفٌ كلَّ الاختلاف عن ذلك الأثرِ الذي ينشأُ عن الإكراه، فالأوّل يثمر كمالَ الرضا وتمامَ التسليم وغايةَ الإقبال على دين الله وعلى امتثالِ أوامره والانتهاءِ عن نواهيه بدافعٍ ذاتيّ ومَيلٍ قلبيّ وحبٍّ وطاعَة، أمّا الثاني وهو الإكراه والإجبار فيثمِر قناعةً ظاهريّة لا تلامس القلب فضلا عن أن تخالطَ بشاشتَه وتتمكّن مِن أَزِمّته؛ فلا عجب إذَن أن يكونَ شأنُ صاحبها وديدَنه طلبَ التخلّصِ والحرصَ على التّهرّب والتفلُّت عند أوّل فرصةٍ تسنح أو بادرة تبدُر؛ ولذا كان انتهاجُ نهجِ الإقناع سبيل القرآن الحكيم إلى النفوس وطريقَه إلى العقولِ والقلوبِ، يأخذ بأزِمّتِها بما يُحدِث فيها من آثار وما يغرِسُه فيها من غِراس يزكو نباتُه، فيثمر إيمانا ويقينًا وتسليما. ففي مجالِ تنزيهِه - سبحانه - عن أن يكونَ معه شريكٌ في الملك والتصرّفِ والعبادَة بيَّن - تعالى - أنه لو قدِّر تعدُّد الآلهة لكان من نتيجة هذا أن ينفردَ كلُّ إلهٍ بخلقه، فلا ينتَظِم الوجودُ، بل يحدُث الفسادُ والاضطراب؛ لأنّ كلَّ إلهٍ يقصد إلى قهرِ الآخر وإلى مخالفته ومعارضَته في تدبيره وتصريفِ أمور خلقِه، فيعلو بعض هذه الآلهة على بعض، وهذا ممتنِع عَقلاً ومحالٌ واقعًا، يشهد بذلك انتظام الوجود واتساقُ الكون على صورة شاهِدة بوحدة الخالق وتفرُّدِه بالملك والتصرّف والتدبير والعبادة، فقال عز من قائل: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون: 91]، وقال - تعالى -: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنبياء: 22]. ولما زعَم أهلُ الكتاب من اليهود والنصارى ما زعَموه في إبراهيم فادَّعت كل طائفة منهم بأنه كان على دينهم أنكر الله عليهم محاجّتَهم فيه وأبطلَ زعمهم، فبيَّن أنَّ الزمن الذي كان فيه إبراهيم - عليه السلام - كان متقدِّمًا على الزمنِ الذي أُنزِلت فيه التوراة والإنجيل، فكيف يصحّ أن يُنسَب إلى دينٍ وكتابٍ جاء بعد عصره ولم يدركه؟! {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 65]. وحين أراد أهلُ الكتاب في عصرِ النبوّة أن يجعلوا لأنفسِهم منزلةً تعلُو على كافّة الناسِ ويكون لهم بها شرفٌ واختصاصٌ وتفرُّد على غيرهم من عبادِ الله فزَعموا أنهم أبناءُ الله وأحباؤه ردَّ الله عليهم هذه المقالةَ وأبطل هذا الادعاءَ بأنهم لو كانوا كذلك لما كتَب عليهم الاصطلاءَ بالعذاب في النار يومَ القيامة لكفرهم وتكذيبيهم بالنبيِّ وبالكتاب الذي أُنزِل عليه وبسائرِ معاصيهم؛ فالمحبّ لا يعذِّب حبيبَه، فقال - سبحانه -: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [المائدة: 18]. عبادَ الله، إنَّ الإقناعَ كما هو مَنهجٌ قرآنيٌّ حكيم فإنّه كذلك هديٌ نبويٌ وطريقٌ محمّديٌّ، تظاهرَت عليه الأدلة من سنّة النبي - عليه الصلاة والسلام - الصحيحة الثابتة عنه، من ذلك ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما والإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: إنَّ رجلا من أهل البادية أتى النبيَّ فقال: إنَّ امرأتي ولدَت غلامًا أسوَد، فقال النبي: ((هل لك من إبل؟)) قال: نعم، قال: ((ما ألوانها؟)) قال: حُمر، قال: ((هل فيها من أورق؟)) ـ وهو ما فيه سواد ليس بحالك ـ، قال: نعم، قال: ((فأنى ترى ذلك؟)) قال الرجل: لعلّه نزعه عرق ـ أي: لعلّ في أصوله ما هو بهذا اللون، فاجتذبه إليه، فجاء على لونه على ما هو مقرّر في علم الوراثة ـ، فقال النبي: ((فلعل ابنَك هذا نزعه عرق)). وهذا إقناعٌ بالغ الحكمة باستعمال القياسِ بضربِ المثل وتشبيهِ المعلوم بالمجهول؛ بقصد محض الشكّ من قلب الرجل وإحلال اليقين محله. ومن ذلك ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - أنّ فتى شابًّا أتى النبي فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه مه، فقال رسول الله: ((اُدْنُه)) فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: ((أتحبه لأمك؟)) قال: لا والله جعلني الله فداءَك، قال: ((ولا الناس يحبّونه لأمّهاتهم))، قال: ((أفتحبّه لابنتك؟)) قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يحبونه لبناتهم))، قال: ((أفتحبّه لأختك؟)) قال: لا والله جعلني الله فداءَك، قال: ((ولا الناس يحبونه لأخواتهم))، قال: ((أفتُحبه لعمّتك؟)) قال: لا والله جعلني الله فداءَك، قال: ((ولا الناس يحبونه لعماتهم))، قال: ((أفتحبّه لخالتك؟)) قال: لا والله جعلني الله فداءَك، قال: ((ولا الناس يحبونه لخالاتهم))، قال: فوضع رسول الله يدَه عليه وقال: ((اللهم اغفر ذنبَه وطهّر قلبه وحصّن فرجه))، قال: فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفِت إلى شيء. أي: مما كان يسعى إليه سابقا. وهي طريقة نبويّة في الإقناع أعقبَتِ اقتناعًا ورجوعًا ذاتيًّا عن طريق الغواية، وهديٌ نبويّ ما أحكمه وما أعظمَه، وما أجدرَ أن يأخذَ به ويسيرَ عليه دعاةُ الخير وحملة مشاعل الهدايةِ للناس كافة، فالطريق أمامهم شديدةُ الوضوح بيّنة المعالم، وثمارُ انتهاجِ هذا النهج حلوةٌ طيّبة المذاق، والعاقبة فيه حسنة، والمآل رضوانُ الله بإخلاص العمل لله ومتابعةِ رسولِ الله ونفعِ عباد الله بحسن إرشادهم إلى ما يُسعدهم في العاجلة ويورثهم حسنَ العقبى في الآجلة. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125]. نفعني الله وإياكم بهديِ كتابه وبسنّة نبيّه، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية إنّ الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستغفِره، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إلهَ إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، اللّهمّ صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمّدٍ، وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أمّا بعد: فيا عبادَ الله، جاء رجلٌ إلى بعضِ السلف فقال: إني مسرفٌ على نفسي، فاعرض عليَّ ما يكون زاجرًا أو مستنقذا، فقال له: إن قبلتَ مني خمس خصال لم تضرّك معصية، قال الرجل: هاتها رحمك الله، قال: أما الأولى: فإذا أردتَ أن تعصيَ الله - عز وجل - فلا تأكُل رزقَه، قال: فمِن أين آكل وكلّ ما في الأرض مِن رزقه؟! قال - رحمه الله -: أفيَحسُن بك أن تأكل رزقه وتعصيه؟! قال: لا فهات الثانية، قال: إذا أردتَ أن تعصيه فلا تسكن شيئًا من بلادِه، قال: هذه أعظمُ من الأولى، إذا كان المشرقُ والمغربُ وما بينهما له فأين أسكن؟! قال: يا هذا، أفيليق بك أن تأكلَ رزقه وتسكنَ بلاده وتعصيه؟! قال: لا هاتِ الثالثة، قال: وإذا أردتَ أن تعصيَه فانظر موضعًا لا يراكَ فيه فاعصِه فيه، قال: ما هذا؟! أو: كيف هذا وهو يطّلع على ما في السرّ؟! قال: يا هذا، أفيحسُن بك أن تأكلَ رزقَه وتسكنَ بلادَه وتعصيَه وهو يراك ويعلَم ما تجاهِر به، قال: لا هات الرابعة، قال: إذا جاءك ملكُ الموت ليقبضَ روحَك فقل: أخّرني حتى أتوب، قال: لا يقبل مني! قال: يا هذا، إذا كنتَ لا تقدِر أن تدفعَ عنك الموتَ لتتوب وأنت تعلم أنه إذا جاءَك لم يكن له تأخيرٌ فكيف ترجو وجه الخلاص؟! قال: هات الخامسة، قال: إذا جاءك الزبانيةُ يوم القيامة ليأخذوك إلى النار فلا تذهب معهم، قال: إنهم لا يقبَلون مني! قال: فكيف ترجُو النجاةَ إذن؟! قال: حسبي حسبي، أستغفر الله وأتوب إليه. وإنه لمنهجٌ في الإقناعِ ما أحكمَه وما أعظمَه! درج عليه أولئك الأسلافُ العظام؛ وما أجدرَ دعاةَ الإسلام في كلّ زمان أن يأخذُوا به خدمةً لدين الله ونفعًا لعبادِ الله وابتغاءً لرضوان الله. فاتقوا الله عبادَ الله، واذكروا على الدوام أنَّ الله - تعالى -قد أمرَكم بالصلاة والسلام على خاتم النبيّين وإمام المرسلين ورحمة الله للعالمين، فقال - سبحانه - في الكتاب المبين: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]. اللّهمّ صلِّ على عبدك ورسولك محمّدٍ، وارض اللّهمّ عن خلفائه الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، وعن سائر الآل والصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنّا معهم بعفوِك وكرمِك وإحسانك يا أكرم الأكرمين. اللّهمّ أعزَّ الإسلام والمسلمين، واحمِ حوزةَ الدين، ودمّر أعداءَ الدين وسائرَ الطغاة والمفسدين، وألّف بين قلوبَ المسلمين، ووحد صفوفهم، وأصلح قادتهم، واجمع كلمتهم على الحقّ يا رب العالمين، اللهم انصر دينك وكتابك وسنّةَ نبيك محمدٍ وعبادك المؤمنين المجاهدين الصادقين...
hghrjkhu flki[ hgYrkhu !!!
|
| |