الموقف الثالث: زاد الداعية

[زياد محمد حميدان]

الموقف الثالث : ] زاد الداعية [
] اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى[ رباه صغيرا،وطارده شابا عندما قتل القبطي،واضطر للخروج بعدما تمالأ عليه فرعون وملؤه ليقتلوه.ولما استشعر موسى u عِظم المسؤولية،طلب المعونة في مواجهة الطاغية،وكانت مطالبه:
الأول:] اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي [ قال الطبريأعي عنك ما تودعه من وحيك، وأجترئ به على خطاب فرعون)[1].وكان يهاب أن يضيق صدره،فلا يستطيع الإبانة،وإقامة الحجة (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ) (الشعراء12-13).
الثاني: ] وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي [ سهِّل لي سبيل الدعوة إليك،حتى أستطيع تبليغ دعوتك،فلا يتمَّ عمل إلا بإرادتك ومعونتك.
الثالث:] وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي [ هب لي من البلاغة والبيان،بما أوصله إلى أذهانهم وعقولهم،فيعوا ما أقول،وذلك أدعى لقبول الدعوة،وقد يكون ذلك لما أصاب لسانه كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهماكانت في لسانه رتَّة[2]. وذلك أنه كان في حجر فرعون ذات يوم وهو طفل فلطمه لطمة، وأخذ بلحيته فنتفها فقال فرعون لآسية: هذا عدوي فهات الذباحين. فقالت آسية: على رسلك فإنه صبي لا يفرق بين الأشياء. ثم أتت بطستين فجعلت في أحدهما جمرا وفي الآخر جوهرا فأخذ جبريل بيد موسى فوضعها على النار حتى رفع جمرة ووضعها في فيه على لسانه، فكانت الرتَّة)[3]، أو لمطلق التسهيل.
الرابع:] وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي [ الوزير من الوزر،والوزر الثقل تشبيها بوزر الجبل،ويعبَّر به عن الإثم ،والوزير :المتحمل ثقل أميره وشغله[4].
يأتي طلب موسى u لأن الدعوة إلى الله تعالى لا تكون بجهد فردي،وقد رأينا ما للسيدة خديجة رضي الله عنها من أثر في مؤازرة النبي r في بداية الدعوة،وكذلك مساندة الصدِّيق t .
عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ :سَمِعْتُ عَمَّتِي تَقُولُ:] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r مَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ عَمَلًا فَأَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا، جَعَلَ لَهُ وَزِيرًا صَالِحًا، إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ[[5].
وعن عائشة رضي الله عنها أنها خرجت فيما كانت تعتمر فنزلت ببعض الأعراب فسمعت رجلا يقول: أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه؟ قالوا: لا ندري، قال: أنا والله أدري. قال :فقلت في نفسي في حلفه لا يستثني، إنه ليعلم أي أخ كان في الدنيا أنفع لأخيه. قال: موسى حين سأل لأخيه النبوة فقلت :صدق والله)[6].
قوله تعالى:] اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي [ الأَزر:القوة والشِّدة.وآزره :أعانه وقوَّاه،وأصله من شدَّ الإزار[7]. فهو يرد أخاه وزيرا ليتقوى به على تحمُّل أعباء الدعوة.وفي موضع آخر بيَّن وجه استعانته بأخيه وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ)(القصص:34).والردء المعين ،وهذا يؤكد ضرورة التآخي في الله ،لأن المسلم يشد عضده بأخيه،فيذكره إذا نسي،ويعينه إذا ذكر،فالمسلميْن كاليديْن تغسل إحداهما الأخرى.
قوله تعالى :] وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى[ قد استجبت لطلبك،فليست هذه أول بركاتي عليك،فقد أنجيتك من بطش فرعون،عند ولادتك،إذ أوحيت إلى أمك أن تجعلك في تابوت،فالتقطك لتعيش في كنفه،حتى بلغت أشدَّك،ثم نجاك من بطشه شابا قبيل خروجك إلى مدين،وأنعم عليك بالنبوة والرسالة.

1) جامع البيان 8/410

2) الرُّتَةُ حُبْسَة في لِسَانِ الرَّجُلِ وعَجَلَة في كلامِه

3) الجامع لأحكام القرآن 11/192

1) انظر المفردات 521

2) سنن النسائي ،كتاب البيعة،باب وزير الإمام 7/179 رقم 4215

3) تفسير القرآن العظيم 3/199

4) المفردات 17

---

hgl,rt hgehge: .h] hg]hudm

[أبوفاطمه]

[شريف حمدان]