12 / 03 / 2010, 48 : 11 AM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ملتقى ماسي | الرتبة | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | 09 / 08 / 2009 | العضوية: | 26028 | العمر: | 69 | المشاركات: | 10,740 [+] | بمعدل : | 1.93 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 1261 | نقاط التقييم: | 24 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد - الشبهة الأولى: إن القول بأن الله لا جهة له، وأنه ليس فوقاً، ولا تحتاً، ولا يميناً ولا شمالاً يستلزم أن الله غير معبود؛ لأن هذه من صفات المعدوم؛ وإن التجرد من الإتصاف بهذه المتقابلات جملة أمر لا يوسم به إلا المعدوم، ومَن لم يتشرف بشرف الوجود. تفنيد هذه الشبهة: أولاً: من الخطأ الفادح أن يشبّه الله بمخلوقاته، وأن يوضع موضع المخلوق من حيث النسبة. فالله تعالى لا يشبه خلقه حتى نحكم عليه بما نحكم على مخلوقاته في وجوب أن تكون له جهات ما دام موجوداً. فوجود الله غير وجود المخلوق. فالله ليس مجسماً، وليس مادياً. ومن الخطأ أن يقاس المجرد عن المادة بما هو مادي. فالمادي هو الذي يجب أن يتصف بشيء من هذه المتقابلات بأن تكون له جهات ست أو جهة منها. أما غير المادي فترتفع عنه مثل هذه الصفات، ولا يمكن أن تكون له جهة من هذه الجهات. فالخالق لا يستوي أبداً مع خلقه في جريان أحكام الخلق على الخالق. ونظير ذلك يمكننا القول: إذا صح، واتصف إنسان بأنه عالم أو جاهل، فإن الجماد كالجبل مثلاً لا يصح أن يتصف بالعلم أو الجهل، وهما مرتفعان عنه، بل وممتنعان عليه؛ لأن طبيعته تختلف عن طبيعة الإنسان. وكذلك لا يصح وصف الأرض بأنها بكر، أو متزوجة، أو أرملة؛ وكذلك لا يصح وصف السماء بأنها سميعة أو بصيرة، أو خرساء؛ وكذلك لا يصح وصف البحر بأنه بالغ أو راشد، أو محلاف. وهكذا تنتفي المتقابلات كلها بانتفاء قابلية المحل لها أياً كانت هذه المتقابلات. وهكذا فإن لكل محل، ولكل مخلوق طبيعة خاصة به تتصف بصفات خاصة، ولائقة بها. وهذه مخلوقة، ومادية فما بالك لو كان الأمر يتعلق بما هو خالق، وغير مخلوق، وغير مادي، وهو الله تعالى، فقياس الغائب على الشاهد فاسد، ومغلوط. ثانياً: إذا كان أنصار هذه الشبهة يقررون ضرورة أن يكون لله جهات حتى يكون معبوداً، فإن السؤال الذي يطرح ذاته هذا: أين كان الله قبل أن يخلق العرش، والكرسي، والسماء، والأرض، وقبل أن يخلق الزمان، والمكان، وقبل أن تكون هناك جهات؟. فإن قالوا: لم يكن له جهة، ولا مكان، فقد اعترفوا بخطأ ادعائهم، وناقضوا أنفسهم، واعترفوا بحقيقة أن الله لا تحده جهة، ولا مكان، ولا زمان، وهو حي باق موجود يدبر أمور الحياة في السماء، والأرض. وإن قالوا: إن العالم قديم بقدم الله تعالى، فقد ناقضوا أنفسهم، واستجاروا من الرمضاء بالنار، وهنا يقتضي الحال الانتقال بهم إلى إثبات حدوث العالم. ثالثاً: لا يجوز الأخذ بظواهر النصوص على حقيقتها كما يبدو عند أنصار هذه الشبهة مما أوقعهم في لبس، تناقض غريب. فهم لا يستطيعون أن يوفقوا بين قوله تعالى: (أأمنتم مَن في السماء) مع قوله: (وهو الله في السموات وفي الأرض). فهل هو في السماء حقيقة، أم في الأرض حقيقة، أم فيهما معاً حقيقة؟!. فإن قالوا: إنه في الأرض وحدها حقيقة، فكيف تكون له جهة فوق؟! وإذا كان في السماء وحدها حقيقة، فكيف تكون له جهة تحت؟! وإن قالوا: إنه في السماء، والأرض معاً حقيقة، فلماذا يقال: إن له جهة فوق، ولا يقال له جهة تهت؟! ولماذا يشار إليه فوق، ولا يشار إليه تحت؟! ناهيك عن التذكير بأن الجهات أمور نسبية، فما هو فوق بالنسبة إلينا قد يكون تحت بالنسبة لغيرنا. رابعاً: إن الأخذ بظواهر النصوص على حقيقتها أعجز أنصار هذه الشبهة عن تفسير كثير من التساؤلات. فإذا كان الله تعالى يقول: (يد الله فوق أيديهم) بإفرادها، ويقول: (لما خلقت بيدي) بتثنيتها، ويقول: (والسماء بنيناها بأييد) بجمعها، فهم يعجزون عن الإجابة على ما يوجه إليهم من التساؤلات، والتي منها: هل له يد واحدة بناءً على الآية الأولى؟! أم له يدان اثنتان بناء على الآية الثانية؟! أم له أيد كثيرة بناء على الآية الثالثة؟! خامساً: إن الأخذ بظواهر النصوص على حقيقتها أعجز أنصار هذه الشبهة عن تفسير كثير من الوقائع، والظواهر، وأدى بهم إلى شواهد البلبلة، والتناقض. فقد روى البخاري، ومسلم، وغيرهما أن رسول الله (ص) قال: ((ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: مَن يدعوني؟ فأستجيب له؟ مَن يسألني، فأعطيه؟ مَن يستغفرني، فأغفر له؟)). فكيف يؤخذ بظاهر هذا الخبر مع أن الليل مختلف في البلاد باختلاف المشارق، والمغارب؟! وإذا كان الله ينزل لأهل كل أفق نزولاً حقيقياً في ثلث ليلهم الأخير فمتى يستوي على عرشه حقيقة كما يقولون؟! ومتى يكون في السماء حقيقة كما يقولون؟! مع أن الأرض لا تخلو من الليل في وقت من الأوقات، ولا ساعة من الساعات كما هو ثابت، وأكيد. سادساً: يرد على أنصار هذه الشبهة بما قاله حجة الاسلام أبو حامد الغزالي: ((نقول للمتشبث بظواهر الألفاظ: إن كان نزوله من السماء الدنيا ليسمعنا نداءه، فأي فائدة في نزوله؟! ولقد كان يمكنه أن ينادينا كذلك، وهو على العرش أو على السماء العليا. فلابد أن يكون ظاهر النزول غير مراد، وأن المراد به شيء آخر غير ظاهره. وهل هذا إلا مثل مَن يريد، وهو بالمشرق، إسماع شخص في المغرب، فتقدم إلى المغرب بخطوات معدودة، وأخذ يناديه، وهو يعلم أنه لا يسمع نداءه، فيكون نقله الأقدام عملاً باطلاً، وسعيه نحو المغرب عبثاً صرفاً فلا فائدة فيه، وكيف يستقر مثل هذا في قلب عاقل)). - الشبهة الثانية: إن القول بالمتشابه يؤدي إلى الترجيح بين الآيات القرآنية ترجيحاً مذهبياً يشوبه التعصب، وينتابه الضعف، والخفاء. نقل السيوطي عن الإمام فخر الدين الرازي أنه قال: ((من الملحدة من طعن في القرآن لأجل اشتماله على المتشابهات))، وقال: إنكم تقولون: إن تكاليف الخلق مرتبطة بهذا القرآن إلى قيام الساعة، ثم إنا نراه بحيث يتمسك به صاحب كل مذهب على مذهبه. فالجبري متمسك بآيات الجبر، كقوله تعالى: (إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً) الكهف/ 57. والقدري يقول: هذا مذهب الكفار بدليل أنه تعالى حكى عنهم ذلك في معرض الذم في قوله تعالى: (وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر). وفي موضع آخر: (وقالوا قلوبنا غلف) البقرة/ 88. ومنكر الرؤية متمسك بقوله تعالى: (لا تدركه الأبصار) الأنعام/ 103. ومثبت الجهة متمسك بقوله تعالى: (يخافون ربهم من فوقهم) النحل/ 50. (الرحمن على العرش استوى) طه/ 5. والثاني متمسك بقوله تعالى: (ليس كمثله شيء) الشورى/ 11. ثم يسمي كل واحد الآيات الموافقة لمذهبه محكمة، والآيات المخالفة متشابهة، وإنما آل في ترجيح بعضها على بعض إلى ترجيحات خفية، ووجوه ضعيفة، فكيف يليق بالحكيم أن يجعل الكتاب الذي هو المرجوع إليه في كل الدين إلى يوم القيامة هكذا؟!. تفنيد هذه الشبهة: إن نسبة بعض أفعال الجوارح لله تعالى كالبصر، والإدراك، والاستواء، والرؤية، لا تعني تشبيه الله الخالق بمخلوقاته أو تجسيمه وإنما الغرض من ذلك التقريب للأفهام، والتنبيه للعقول، والتأنيس للقلوب. ويمكن تفنيد هذه الشبهة بالقول: بأن لوقوع المتشابه فوائد، منها: أنه يوجب مزيداً من المشقة في الوصول إلى المراد، وزيادة المشقة توجب مزيد الثواب. ويمكن تفنيد هذه الشبهة بما ذكره ابن اللبان في مقدمة كتابه: ((رد الآيات المتشابهات إلى الآيات المحكمات))، إذ قال ما خلاصته: ((ليس في الوجود فاعل إلا الله وأفعال العباد منسوبة الوجود إليه تعالى بلا شريك، ولا معين؛ فهي في الحقيقة فعله، وله بها عليهم الحجة مصداق قوله تعالى: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون). ومن المعلوم أن أفعال العباد لابد فيها من توسط الجوارح مع أنها منسوبة إليه تعالى، وبذلك يعلم أن لصفاته تعالى في تجلياتها مظهرين: مظهر عبادي منسوب لعباده، وهو الصور، والجوارح الجثمانية. ومظهر حقيقي منسوب إليه، وقد أجرى عليه أسماء المظاهر العبادية المنسوبة لعباده. على سبيل التقريب لأفهامهم، والتأنيس لقلوبهم. ولقد نبه في كتابه تعالى على القسمين، وأنه منزه عن الجوارح في الحالين، فنبه على الأول بقوله: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم). فهذا يفيد أن كل ما يظهر على أيدي العباد، فهو منسوب إلى الله تعالى. ونبه على الثاني بقوله فيما أخبر عنه نبيه (ص) في صحيح مسلم: ((لا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه؛ فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها)). وقد حقق الله ذلك لنبيه بقوله: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله)، وبقوله: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى). وبهذا يفهم ما جاء من الجوارح منسوباً إليه تعالى، فلا يفهم من نسبتها إليه تشبيه، ولا تجسيم؛ ولكن الغرض من ذلك التقرب للأفهام، والتأنيس للقلوب. والواجب سلوكه إنما هو رد المتشابه إلى المحكم على القواعد اللغوية، وعلى مواضعات العرب، وعلى ما كان يفهمه الصحابة، والتابعون من الكتاب والسنة. د. غازي عناية. يتبع
afihj p,g hgljahfi td hgrvNkK ,jtkd]ih >
|
| |