الإهداءات | |
ملتقى السيرة النبويه ملتقى خاص بسيرته ... سنته ... آل بيته ... أصحابه ... نصرته والدفاع عنه . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | أبو عادل | مشاركات | 8 | المشاهدات | 1711 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
16 / 01 / 2010, 16 : 07 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : ملتقى السيرة النبويه إن السيرة النبوية تعتبر من أجلِّ العلوم وأفضلها بالنسبة للمسلم؛ فهي تدرس سيرة رجل هو أعظم رجل خلقه الله U، فقد وصفه رب العزة بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]. وإذا كانت دراسة السيرة مهمة في زمن من الأزمان فهي في زماننا أهم؛ لأن واقع الأمة الآن متأخر في كل المجالات؛ تأخر عسكري واقتصادي واجتماعي وأخلاقي. ولا ريب أن الأمل معقود في الله U لإعادة البناء، بَيْدَ أن النهوض يحتاج إلى أمرين مهمين: يقين بضرورة بناء الأمة من جديد، ودور عملي لكل منا؛ فاليقين أن نوقن في كلام رسول الله r، فقد بشَّر الصحابة في غزوة الخندق بفتوح الشام وفارس واليمن وغيرها، وألاَّ نعتمد اعتمادًا كُليًّا على الحسابات المادية، رغم أهميتها، فالأحزاب قد اعتمدوا على الجانب المادي لكنهم لم ينجحوا، وأن يكون لنا دور لإعادة إعمار الكون، قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]. عشنا طويلاً في ظل مجموعة من الأيديولوجيات والأفكار المختلفة التي تحكم المجتمع والدولة، وكلها باءت بالفشل مثل الاشتراكية والرأسمالية وغيرها، ندور حول هذه الأفكار متناسين سيرة نبينا وأصوليتنا الدينية التي أدارت المجتمعات الإسلامية القديمة بخلافاتها ودولها، ومع هذا فإننا لا ننادي باستقصاء كل وقعة وفعلة وحدث في السيرة؛ فهذا ضرب من المستحيل لكننا ننادي بدراسة الأحداث العظيمة والجليلة في هذه السيرة؛ فهي مما يتكرر يومًا بعد يوم، ندرس غزوة أُحد وبدر والخندق؛ لأن واقعنا قد وجد حدثًا مشابهًا وهو حرب أكتوبر 1973م، وهو - لا شك - من الأحداث التي يتم تحليلها منذ وقعت وحتى وقتنا الراهن. ويجب أن ندرس السيرة النبوية من جوانب عدة، وقواعد معلومة؛ ليتسنى لنا حصد ثمارها، والعمل بما فيها: (1) أن نفهم أن السيرة من المواقف التشريعية التي تدخل في إطار السنة؛ فالعلماء لهم دور كبير في استنباط الأحكام منها. (2) ندرك أن رسول الله r لا يخطو خطوة إلا بوحي من الله أو تعديل من الوحي. (3) أن نتعلم كيف نحب رسول الله r من كل موقف من مواقف حياته r. (4) أن نتعلم الحكمة في اختياره للآراء، وفي اختياره للأفعال في أثناء السيرة النبوية من أوَّلها إلى آخرها. وسيتركز جُلّ اهتمامنا على استنباط القواعد المهمة في بناء الأمة الإسلامية، ونهتم بالأحداث التي تشبه واقعنا المعاصر، ولا يكون اهتمامنا منصبًّا على الأحداث الشائقة، وإنما على ما يفيد واقعنا المعاصر. يتبع... tjp odfv > | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
16 / 01 / 2010, 18 : 07 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه بعد أن قام النبي صلى الله عليه وسلم بمراسلة قادة وزعماء العالم، وإعلان العالم كله بهذا الدين الجديد، بعد ذلك قام الرسول صلى الله عليه وسلم بفتح ملف خيبر، وخيبر كما نعلم جميعا هي من أكبر التجمعات اليهودية في الجزيرة العربية، وملف اليهود مع الرسول صلى الله عليه وسلم بصفة عامة أسود، بل شديد السواد، وهذا السمة قد شمت كل فترات المعاملات سواء في السلم أو في الحرب، وكانت هناك معاهدة مع يهود المدينة المنورة يهود بني قينقاع وبني نضير وبني قريظة، ولكن اليهود كان دأبهم الخيانة، وكان الأصل في الأمور والأصل في التعامل هو خيانة اليهود المتكررة، والتشكيك المستمر في دين الإسلام، ومحاولة إثارة الفتنة على الدوام، ثم تطور الأمر كما تعلمون إلى معارك حقيقية بين المسلمين ويهود القبائل الثلاثة، وانتهى الأمر بإجلاء قبيلتي بني قينقاع وبني نضير، وقتل رجال القبيلة الثالثة بني قريظة، ولم يبق من تجمعات اليهود الكبرى في الجزيرة إلا تجمع خيبر، وما حولها من تجمعات أصغر منها مثل تجمع تيماء وتجمع فدك ووادي القرى، ولكن التجمع الرئيس كان تجمع خيبر، وهذا التجمع الكبير كان من أكبر التجمعات اليهودية مطلقا والذي ازداد قوة بعد إجلاء يهود بني النضير لأنهم انضموا بكل طاقتهم إلى يهود خيبر، وإذا كنا قد رأينا من قبل أن كل التعاملات اليهودية مع الرسول صلى الله عليه وسلم، بلا استثناء كان فيها خيانة وغدر وكيد وتدبير مؤامرات تلو المؤامرات، فإن يهود خيبر لم يخالفوا هذه القاعدة مع أن علاقة يهود خيبر بالرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن مباشرة كالقبائل اليهودية الثلاث، إلا أنهم لم يكفوا عن محاولتهم بالكيد للدولة الإسلامية الموجودة في المدينة المنورة. وكان من أخطر محاولات ومؤامرات خيبر مؤامرة جمع القبائل العربية المختلفة لحرب المسلمين في المدينة المنورة، فيما عرف بغزوة الأحزاب، وكوّن يهود خيبر وفدا كبيرا جدا مكونا من عشرين زعيما من زعماء خيبر بالاشتراك مع بعض زعماء بني النضير، وبدءوا يجمعون القبائل العربية الكبرى مثل قريش وغطفان وغيرها لتحفيز هذه القبائل لحرب المسلمين، مع أنه لم تكن هناك علاقة مباشرة بين يهود خيبر ورسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكتف يهود خيبر بدور التنسيق بين الأحزاب بل بذلوا المال أيضًا، فقد اتفقوا مع قبائل غطفان على أن يدفعوا لهم نصف ثمار خيبر، وذلك حتى يدفعوها دفعا لاستئصال المسلمين، ونحن نعلم أن قبائل غطفان مثل المرتزقة يحاربون بالمال، لقد ضحت خيبر بنصف ثمارها حتى تدفع غطفان لحرب المسلمين، وكان لهم دور كبير جدا في إقناع بني قريظة بخيانة عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأوشك هذا الأمر أن يؤدي إلى كارثة حقيقية؛ لولا أن الله عز وجل لطف بعباده المؤمنين، ورغم فشل الأحزاب في غزو المدينة إلا أن يهود خيبر لم يكفوا أبدا عن محاولاتهم المضنية لإيذاء المسلمين، وثبت أنهم قاموا بالتخابر مع المنافقين في المدينة المنورة حتى يدبروا مؤامرات كيدية بالمسلمين، ووصل الأمر إلى محاولة اغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا التاريخ الطويل من الكيد والدس والمؤامرات كان يحتاج إلى وقفة من المسلمين، وكان من الأفضل أن تكون الوقفة بعد غزوة الأحزاب مباشرة، ولكن هذا لم يكن متيسرا في ذلك الوقت؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخشى أن تباغت قريش المدينة المنورة في أي لحظة، فمن الممكن أن تجمع العرب من جديد وتحاصر المدينة المنورة وتقتحمها، بالإضافة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يريد أن يترك المدينة المنورة بدون جند، وخاصة أن حصون خيبر كانت شديدة الحصانة والقوة، وأعداد اليهود كانت كبيرة، والرسول صلى الله عليه وسلم كان متوقعا أن فتح خيبر سوف يأخذ وقتا طويلا، لذلك لم يكن يريد أن يترك المدينة، حتى يأمن جانب قريش؛ ولذلك أَجّل قضية يهود خيبر حتى تأتي الفرصة المناسبة. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
16 / 01 / 2010, 24 : 07 PM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه اقترب الرسول صلى الله عليه وسلم من خيبر، وكان هذا الاقتراب في الليل، والرسول صلى الله عليه وسلم كان من عادته ألا يقاتل بالليل، فكان ينتظر حتى يأتي الفجر، ثم يقاتل بعد الفجر صلى الله عليه وسلم، فاختار مكانا قريبا من خيبر وعسكر فيه، وكان هذا المكان قريبا من مجموعة حصون موجودة في خيبر اسمها حصون النطاة، ولكن جاء إليه الحباب بن المنذر رضي الله عنه وأرضاه، وقال له إن هذا المنزل قريب من حصن النطاة، وهم يدرون أحوالنا ونحن لا ندري أحوالهم، وسهامهم تصل إلينا، وسهامنا لا تصل إليهم، ولا نأمن من بَيَاتهم، وأيضا هذا المكان بين النخلات وهو غائر وأرض وخيمة، ومن الممكن أن يتسلل اليهود من خلال النخيل ولا يدرك المسلمون هذا التسلل، ولو أمرت بمكان خال عن هذه المفاسد نتخذه معسكرا. فقال صلى الله عليه وسلم: أَشَرْتَ بِالرَّأْيِ. وغيّر المسلمون المكان إلى المكان الذي أشار به الحباب بن المنذر رضي الله عنه وأرضاه، وهو نفس الموقف الذي قام به الحباب قبل ذلك في موقعة بدر، وبذلك نرى عظمة النبي صلى الله عليه وسلم في الأخذ بمبدأ الشورى، وأخذ الرأي، وكيف كان ذلك سببا في النصر، وبالفعل استقر الرسول صلى الله عليه وسلم وجيشه في المكان الجديد. الرسول صلى الله عليه وسلم يعطي الراية لعلي بن أبي طالب قام الرسول صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم وخطب في الناس، وقال لهم: لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا لَرَجُلٍ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. إن الرجل الذي يفتح الله على يديه البلاد، ويمكن له في الأرض، وينصره على أعدائه، لا بد لهذه الشخصية أن تكون مُحبِّة لله عز وجل، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يأتي إلا بموافقة تامة للشرع، وبصدق كامل؛ لأن الله عز وجل مُطّلع على القلوب، ولا يعطي نصره إلا لمن أحب، وهذا يحدث في كل مراحل التمكين في حياه الأمة الإسلامية، وفي كل انتصارات الأمة الإسلامية، فإذا رأيت أن الله عز وجل نصر خالد رضي الله عنه وأرضاه، أو نصر عمرو بن العاص، أو نصر صلاح الدين الأيوبي، أو نصر سيف الدين قطز، أو يوسف بن تاشفين، أو أي إنسان مُكّن له في الأرض، فاعلم أن هذه علامة من علامات حب الله عز وجل لهذا العبد، وأن الله سيفتح على يديه، وإذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا فلا راد لفضله، فعندما قال الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات، وأصبح في اليوم الثاني حتى يعطي الراية لمن وعد، قام كل الصحابة رضوان الله عليهم ومتشوقون لحمل هذه الراية فقال صلى الله عليه وسلم: أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟ فقال الناس: يا رسول الله، هو يشتكي عينيه. فأرسل رسول الله إلي علي بن أبى طالب، وكان عنده رمد في عينيه، وكان لا يرى إلا بصعوبة، وقال الناس: يا رسول الله، إنه مريض في عينيه. وأصر الرسول صلى الله عليه وسلم مع ذلك على الإتيان بعلي رضي الله عنه وأرضاه، ووضع الرسول صلى الله عليه وسلم على عينيه من ريقه، وسبحان الله، برئ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأصبح يرى كأن لم يكن به أي مرض، وأعطاه صلى الله عليه وسلم الراية، وكان الجميع يرون أن ظروف علي بن أبي طالب لا تسمح له بالقيادة، ولكن الله عز وجل يسّر له ذلك الأمر، فلو كان الإنسان صادقا فسوف يفتح الله له أبواب العمل، وإن كان الظاهر هو وجود المعوقات الكثيرة يقول تعالى: [وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ] {العنكبوت:69}. الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر علي بن أبي طالب بدعوة اليهود إلى الإسلام مع كل الجرائم التي فعلها اليهود، وذلك التاريخ الأسود لهم مع المسلمين، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان حريصا علي هدايتهم، ودخولهم في نور الإسلام...قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا. ولننظر إلى عظمة الإسلام، ورحمة الإسلام، وحرصه على هداية كل البشر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب موضحا الغاية من الحرب في الإسلام قال صلى الله عليه وسلم: انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتَهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُّ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِي اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ. رواه مسلم. وهنا الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا أن إسلام هؤلاء اليهود أحب إلينا من أموالهم ومن ديارهم، وأحب إلينا من سلطانهم، وأحب إلينا من كل شيء، فمع كل التاريخ الأسود لليهود، ومع كل المحاولات المضنية التي بذلوها لاستئصال المدينة المنورة، إلا أن الرسول صلى الله عليه كان حريصا أكبر الحرص على إسلامهم وعلى هدايتهم إلى رب العالمين سبحانه وتعالى، واقترب الجيش الإسلامي من لحظة البداية، وصلى المسلمون الصبح، وبدأ بعدها الجيش الإسلامي في التحرك في اتجاه خيبر، وكان اليهود حول حصون خيبر يزرعون في المزارع، فرأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم والجيش معه، فقالوا: محمد والله محمد والخميس. يعني الجيش الكبير ورجعوا هاربين إلى مدينتهم، وأغلقوا الأبواب عليهم... وصاح الرسول صلى الله عليه وسلم صيحة عالية سمعها الجيش بكامله، وسمعها كذلك اليهود فقال: اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، اللََّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ. قالها ثلاثا صلى الله عليه وسلم، ثم قال: إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ. وهذه الكلمات كانت تلقي بظلال هامة على الجيشيْن الإسلامي واليهودي؛ لأنه يُذَكّر المسلمين بأن النصر من عند الله عز وجل، ويذكرهم بالله عز وجل قبل أن يبدءوا القتال ثم إنه يقول لهم إن الله عز وجل هو الناصر وهو أكبر من أي عدو، وإن كنتم ترون حصون خيبر وسلاح خيبر وأعداد خيبر أكثر بكثير من المسلمين، فإن الله عز وجل معنا، وهو ناصرنا عليهم إن شاء الله، وهذا الأمر قد رفع الروح المعنوية عند المسلمين، وذكرهم بأيام الله عز وجل وبانتصارهم في بدر والأحزاب، أما اليهود فقد ألقت هذه الكلمات الرعب في قلوبهم. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
16 / 01 / 2010, 27 : 07 PM | المشاركة رقم: 4 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه وصل الصحابة رضوان الله عليهم إلى خيبر، وبدأ الرسولصلى الله عليه وسلم يدرس الموقف، فمن أي الحصون يدخل خيبر؟ فخيبر عبارة عن منطقة ذات حصون كثيرة، وفيها الحصون الكبيرة والحصون الصغيرة، والحصون الكبيرة ثمانية حصون رئيسية، فخمسة من هذه الحصون في منطقة، وثلاثة في منطقة أخرى، والخمسة حصون الأولى هي خط الدفاع الإستراتيجي الأول لليهود وينقسمون إلي: ثلاثة في منطقة تسمى النطاة، واثنين في منطقة تسمى الشق، أما حصون النطاة فكانوا بالترتيب الآتي: ناعم، ثم الصعب بن معاذ، ثم قلعة الزبير، وكان حصن ناعم من الحصون القوية في خيبر، واقترب الرسول صلى الله عليه وسلم من هذا الحصن، وأرسل علي بن أبي طالب ليدعوهم إلى الإسلام، وهنا لا يجب أن يقول قائل إنه لا إكراه في الدين لماذا يدعوهم إلى الإسلام، ثم إذا رفضوا حاربهم، إن الحرب هنا ليست عقابا لليهود على تركهم للإسلام، وليست عقابا لهم على رفض الدعوة الإسلامية، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم جاء من المدينة المنورة إلى خيبر ليعاقب اليهود على جرائمهم المتعددة السابقة وعلى تحزيبهم الأحزاب، وحصارهم للمدينة المنورة وعلى تخابرهم مع المنافقين في داخل المدينة المنورة، وعلى محاولتهم اغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى تحفيزهم لغطفان أكثر من مرة على حرب المسلمين، فلذلك قرر أن يقاتلهم وأن يعاقبهم، ولكنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يعطيهم فرصة أخيرة ليرفعوا عن أنفسهم العقاب الذي يستحقونه، فقال: إن أسلمتم رفعنا عنكم العقاب، ونسينا كل ما سبق، وهذه سعة صدر ورحمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن اليهود رفضوا هذه الدعوة، ورفضوا دعوة علي بن أبي طالب رضي الله عنه لدخولهم في الإسلام، وقرروا الحرب واغتروا بقوتهم وأعدادهم وحصونهم. المبارزة بين عامر بن الأكوع رضي الله عنه ومرحب اليهودي لم يستجب اليهود لدعوة المسلمين لهم بالدخول في الإسلام، وأصروا على القتال، بل أخرجوا أحد قادتهم الكبار ليحارب المسلمين، وكانت عادة الحروب القديمة، أن يبدأ القتال بمبارزة بين فارسين من كلا الجيشين، والمنتصر في هذه المبارزة يعطى دفعة معنوية كبيرة لفريقه إن انتصر في هذه اللحظات الأولى من القتال، أخرج اليهود أحد أبطالهم، وكان من أشد الفرسان في تاريخ العرب بصفة عامة، وهذا الرجل كان اسمه مرحب وكان رجلا عملاقا ضخم الجثة، وخرج للقتال وطلب المبارزة فخرج له عامر بن الأكوع رضي الله عنه وأرضاه وسرعان ما دارت المبارزة بين الاثنين، وضرب عامر بن الأكوع رضي الله عنه مرحبا اليهودي ضربة كبيرة، ولكن الضربة طاشت ولم تصل إلى مرحب، وأكملت الطريق إلي رُكبة عامر فَقُتل بسيفه، فاستشهد رضي الله عنه وأرضاه، فقال الصحابة قد قتل نفسه، وتأثر الصحابة رضوان الله عليهم من هذا الموقف، بل وصل الأمر أن بعض الصحابة قالوا حبط عمله وكأنه قتل نفسه بإرادته، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم علق بعد ذلك على هذه الحادثة وأثنى على عامر بن الأكوع رضي الله عنه وأرضاه وقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ. وجمع بين إصبعيه صلى الله عليه وسلم، ثم قال: إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ- أي أنه مجتهد في العلم والعبادة والعمل- قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلُهُ. يعنى أي نادرا من العرب الذي مشى في أرض المعركة مثل عامر بن الأكوع رضي الله عنه وأرضاه، ولكن ما حدث كان في الحقيقة أزمة، وحدث نوع من الهزة عند المسلمين، ورفع الروح المعنوية عند اليهود، ووقف مرحب القائد اليهودي يطلب القتال من جديد بعد أن ارتفعت معنوياته في هذه اللحظات الأولى من القتال، فخرج له البطل الإسلامي علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه حامل راية المسلمين في موقعة خيبر، ودار بينهما قتال شديد عنيف ثم مَنّ الله عز وجل على علي بن أبي طالب بالنصر، كما تنبأ بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، وقتل علي بن أبي طالب مرحبا، وكان قتله إشارة كبيرة إلى أن النصر سيكون للمسلمين إن شاء الله؛ لأن هذا الرجل كان أقوى رجل في اليهود، وكان اليهود لا يتخيلون أبدا أن يقتله أحد المسلمين، وخرج أخو مرحب وكان اسمه ياسر وكان يريد الثأر لأخيه، وكان من عمالقة اليهود أيضا، خرج يطلب القتال فخرج له الزبير بن العوام رضي الله عنه، واستطاع الزبير بن العوام رضي الله عنه وأرضاه أن يقتل ياسرا أخا مرحب وكان ذلك بداية الانتصار للمسلمين. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
16 / 01 / 2010, 29 : 07 PM | المشاركة رقم: 5 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه احتدم اللقاء بين الصحابة رضوان الله عليهم وبين اليهود، فهذا اللقاء لم يكن ساعة أو ساعتين، ولكنه استمر لعدة أيام متصلة، وهذا غريب في عرف القتال، فكما رأينا قبل ذلك في بدر وفي أحد وفي غيرها كان اللقاء يوما واحدا، ولكن في هذا اللقاء الشديد دارت المعركة أكثر من يوم حتى تسلل اليهود من حصن ناعم وتركوه فارغا للمسلمين، وكان هذا التسلل ليلا، وانتقلوا إلى الحصن الذي وراءه وتحصنوا في حصن الصعب بن معاذ، واحتل المسلمون حصن ناعم وكانت هذه إضافة كبيرة للجيش الإسلامي في موقعة خيبر، فهل اكتفى صلى الله عليه وسلم بهذا النصر في هذه المعركة؟ لا لأن الرؤية عند الرسول صلى الله عليه وسلم واضحة تماما، فقد جاء لينتقم من أفعال اليهود وخياناتهم المتكررة للمسلمين، وليخرج اليهود من خيبر كما أخرج قبل ذلك يهود بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة من المدينة المنورة، وتوجه الرسول صلى الله عليه وسلم إلي حصن الصعب، وحاصر الحصن حصارا شديدا، وكان حصن الصعب بن معاذ أشد خطورة وصعوبة من حصن ناعم، وأحكم المسلمون الحصار على حصن الصعب بن معاذ. تحريم الحُمُر الأهلية في خيبر ومع أن الحصار كان شديدا، ومع أن فتنة الحرب كانت كبيرة، إلا أن الله عز وجل أراد أن يبتلي المؤمنين، فأوقعهم في أمر صعب إلى جوار صعوبة الحرب وهو أمر الجوع، حيث دخل المسلمون في جوع شديد جدا لدرجة أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم قالوا: لقد جهدنا وما بأيدينا من شيء فالموقف أصبح حرجا للغاية. وعندما ازداد الجوع علي المسلمين قام بعض رجال الجيش الإسلامي بذبح بعض الحمير للأكل، والحقيقة أن العرب كانت تأكل الحمير في ظروف معينة، ولم يكن الأمر محرما على المسلمين في ذلك الوقت، ونصبوا القدور، ولم يكن هذا بعلم الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم النيران مشتعلة قال: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ؟ فهو صلى الله عليه وسلم يعلم أنه ليس مع الجيش لحم يطبخ ولا شيء يوقد عليه نار، فقالوا: يا رسول الله نوقد هذه النيران على لحم. فقال: أَيُّ لَحْمٍ؟ فقالوا: لحوم الحُمُر. يعني لحوم الحمر التي تستخدم في النقل، وهذه الحمير لم تكن محرمة على المسلمين حتى هذه اللحظة، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف الصعب قام ونهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية، وقال: إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِرَجُلٍ مُسْلِمٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وإنه لموقف صعب حقا، فالصحابة رضي الله عنهم في ضائقة وجوع شديد، وبدأت اللحوم تنضج ورائحة اللحوم بدأت تظهر، والصحابة متشوقون للأكل، ثم أتى النهي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا النهي لا ينصاع له إلا مؤمن كامل الإيمان، وبفضل الله فإن كامل الجيش بلا استثناء قد نجح في هذا الاختبار، ولم يأكل أحد من هذه اللحوم، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكتف بتحريم الأكل من لحوم الحمر الإنسية وإنما قال: أَرِيقُوهَا. يعنى أريقوا كل القدور وبكل ما فيها من مرق اللحوم واكْسِرُوهَا؛ ليختفي كل أثر لهذه اللحوم فسأل بعض الصحابة أنريقها ونغسلها يعني بدل الكسر نغسل القدور فقال صلى الله عليه وسلم: أَوْ ذَاكَ. وقبل صلى الله عليه وسلم بغسل القدور، إن هذا التحريم جاء في وقت يحتاج فيه الجيش إلى هذا الأكل، ومن الواضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرى أن موقف الصحابة لم يصل بعد إلى موقف الاضطرار، أي ما زالت هناك فرصة أن يعيشوا بدون طعام فترة من الزمان، وإلا اضطر المسلمون لأكل أي شيء حتى الميتة وهذا مباح في أوقات الضرورة فقط، إنها التربية الإيمانية العالية، وهذه من أعظم أسباب النصر. السنة النبوية الشريفة هي المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم إن هذا التحريم الذي جاء على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يأت في القرآن الكريم؛ فالله عز وجل ذكر في القرآن الكريم أنواعا كثيرة من المحرمات على المسلمين قال تعالى: [حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالمُنْخَنِقَةُ وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلَامِ] {المائدة:3}. وغير ذلك من المحرمات التي ذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم، وتحريم الحمر الأهلية لم يأت في كتاب الله عز وجل، وجاء فقط في السنة النبوية، وفى ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم حديثا من الواضح أنه قاله بعد أحداث غزوة خيبر، قال في خطبة ذات يوم للصحابة، ومن الواضح أن بعض المنافقين كان قد ادعى أنه يكتفي فقط بالقرآن الكريم، أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد تنبأ بأنه سيأتي زمان على المسلمين يدعي فيه بعضهم أن القرآن الكريم يكفيهم دون سنة النبي صلى الله عليه وسلم يقول صلى الله عليه وسلم فيما روى أبو داود عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشْكُ رَجُلٌ شَبْعَانُ عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْقُرْآنِ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ، أَلَا لَا يَحِلُّ لَكُمْ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ وَلَا كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ.... وذكر أنواعا أخرى من المحرمات والذي يجمع كل هذه المحرمات، يجد أنها لم تأت في كتاب الله سبحانه وتعالى، ومع ذلك فهي محرمة على المسلمين بتحريم الرسول صلى الله عليه وسلم لها فثبت الحكم عند المسلمين وهذه من أبلغ الأدلة لكون السنة النبوية مصدرا هاما من مصادر التشريع الإسلامي. الرسول صلى الله عليه وسلم يتوجه بالدعاء إلى الله عز وجل في هذه الأزمة الكبيرة وبعد استجابة الصحابة رضوان الله عليهم لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم، لجأ المسلمون لجوءا كاملا إلى الله عز وجل، وهذه من أبلغ الفوائد في الأزمات، لجوء المسلمين الصادقين إلى الله عز وجل؛ ليفتح لهم أبواب الرحمة، ووقف المسلمون يدعون مع الرسول صلى الله عليه وسلم هو يدعو وهم يؤمّنون فقال صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ عَرَفْتَ حَالَهُمْ وَأَنْ لَيْسَتْ بِهِمْ قُوَّةً، وَأَنْ لَيْسَ بِيَدِي شَيْءٌ أُعْطِيهِمْ إِيَّاهُ، فَافْتَحْ عَلَيْهِمْ أَعْظَمَ حُصُونَهَا عَنْهُمْ غِنَاءً وَأَكْثَرَهَا طَعَامًا وَوَدِكًا. هو اللحم السمين وانتهى صلى الله عليه وسلم من دعائه. سقوط حصن الصعب وقلعة الزبير في يد المسلمين وبفضل لجوء المسلمين إلى الله عز وجل، جاء النصر من السماء، ففي اليوم التالي فتح الله عليهم حصن الصعب بن معاذ، وهذا من أغنى حصون خيبر بالطعام والشراب، وما لذ من ألوان الطعام المختلفة، ووجدوا فيه الطعام والودك كما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكل الناس وشبعوا واستكملوا الحرب، ثم انتقلوا بعد ذلك إلى حصن قلعة الزبير وهو الحصن الثالث في المنطقة، وحصن قلعة الزبير من أمنع الحصون أيضا في هذه المنطقة وكما يقول الرواة لا تقدر عليه الخيل والرجال؛ لأنه فوق قمة جبل ومن الصعب الوصول إليه، وفرض الرسول صلى الله عليه وسلم عليه الحصار، وظل الحصار ثلاثة أيام، ثم ألقى الله عز وجل الرعب في قلب رجل من اليهود فأتى وتسلل من الحصن، وجاء إلي الرسول صلى الله عليه وسلم وطلب الأمان، وقال له: يا أبا القاسم، إنك لو أقمت شهرا ما بالوا، إن لهم شرابا وعيونا تحت الأرض يخرجون بالليل ويشربون منها ثم يرجعون إلى قلعتهم دون أن يشعر المسلمون بهم. وقال اليهودي: فإن قطعت مشربهم عليهم خرجوا لك. لأنهم لا يستطيعون أن يعيشوا من غير ماء فوصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذه المياه وقطعها عن اليهود، فخرجوا إليه وقاتلوا قتالا شديدا، واستمر القتال حتى انتصر المسلمون وافتتحت قلعة الزبير، وكان القتال في منتهى الضراوة، فكما نرى كل حصن عليه حصار عدة أيام ثم هربٌ من حصن إلى الحصن الذي بعده، والحقيقة أن هذه الحصون كانت مبنية بمهارة عجيبة، فكل حصن يسلم إلي الحصن التالي، وبذلك فتح الرسول صلى الله عليه وسلم الثلاثة حصون الأولى، وهي حصن ناعم والصعب بن معاذ والزبير، وكانوا في منطقة تسمى النطاة، وبهذا نرى أن نصر الله عز وجل يأتي بعد أن يستنفد المسلمون كل أسباب العمل، وقد لا تؤدي هذه الأسباب إلى النصر بذاتها، بل كثيرا ما يحدث ذلك الأمر عندما يعجز المسلمون تماما، كما فعل الله عز وجل في بدر والأحزاب، وجنود الله عز وجل كثيرة كما قال سبحانه: [وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ] {المدَّثر:31}. وكان أحد جنود الرحمن في موقعة خيبر ذلك اليهودي، وهو ما زال يهوديا، ولا نعلم أنه قد أسلم، ولكنه على يهوديته أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكشف سر قلعة الزبير، [وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ] {آل عمران:126}. اليهود ينتقلون إلى حصون منطقة الشق وبعد هذه الفتوح انتقل اليهود إلى الحصن الذي يليه، وهو حصن قلعة أُبَي أحد حصون منطقة الشق، ونحن نعلم أن منطقة النطاة، قد فتحت كلها، وبقي منطقة الشق وكان فيها حصنان هما أُبَي والنزار، ودار قتال عنيف أيضا حول قلعة أُبَي وبنفس الطريقة حصار ثم قتال ثم هرب لليهود إلى داخل الحصن الذي يليه، وهو حصن النزار وهذا هو الحصن الخامس، ووقف الرسول صلى الله عليه وسلم محاصرا لهذا الحصن عدة أيام، ولكن هذا الحصن كان أمنع حصون هذا الشطر مطلقا؛ لذلك وضع اليهود في هذا الحصن أطفالهم ونساءهم وأموالهم، و ظن اليهود أنه من المستحيل أن يفتح، وبالفعل استمر الحصار فترة طويلة من الزمان بالقياس بالحصون التي من قبله، وما استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يفتح الحصن وهنا لجأ الرسول صلى الله عليه وسلم إلى طريقة جديدة في الحرب فقد أخرج المنجنيق، وكان المسلمون قد استولوا على المنجنيق من بعض الحصون اليهودية السابقة، ويقال إنها كانت في حصن الصعب بن معاذ، ونصب الرسول صلى الله عليه وسلم المنجنيق وبدأ يضرب حصن نزار، حتى أحدث المسلمون خللا في داخل بعض الجدارن في هذا الحصن، ومن هذا الخلل تسلل المسلمون إلى داخل الحصن، ودار قتال من أعنف أنواع القتال في معركة خيبر الرهيبة، وكما ترون استمر اللقاء فترة من الزمان، وكتب الله عز وجل النصر للمسلمين للمرة الخامسة، وفتح المسلمون الحصن العظيم حصن النزار. سقوط حصون الكتيبة في يد المسلمين هرب اليهود إلى حصون المنطقة الأخرى، وكان اسمها حصون الكتيبة، وتركوا خلفهم النساء والأطفال وكل شيء، وانتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى منطقة الكتيبة، وهي منطقة واسعة وفيها ثلاثة حصون كبيرة، وهي القموص وحصن الوطيح وحصن السلالم، وكانت هذه الحصون من الحصون المنيعة، وتحصن فيها اليهود، ولكن اليهود كانت قد أصابتهم هزيمة نفسية كبيرة؛ نتيجة للهزيمة في أكثر من موقعة في خيبر، لأن خيبر لم تكن مجرد لقاء عابر، فقد دار القتال في عدة مواقع متتالية في مكان واحد حصن تلو الحصن كما نرى، حتى فتح المسلمون خمسة حصون صعبة دون هزيمة واحدة، لذلك فإن خيبر محفورة في أذهان اليهود، وفى أذهان المسلمين على السواء ومن أعظم انتصارات المسلمين مطلقا، وسماها الله عز وجل في كتابه الكريم بالفتح القريب قال الله تعالى: [وَفَتْحٌ قَرِيبٌ] {الصَّف:13}. وبدأ المسلمون في حصار أول الحصون، وهو حصن القموص، واستمر الحصار أربعة عشر يوما متصلة، واختلف الرواة فيما حدث في هذا الحصن هل دار قتال بعد هذا الحصار أم سلم اليهود بدون قتال؟ والثابت أن الحصنين التاليين، وهما حصن الوطيح و حصن السلالم قد سَلّما دون قتال. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
16 / 01 / 2010, 30 : 07 PM | المشاركة رقم: 6 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه طلب اليهود بعد عدة أيام أن ينزلوا على الصلح، وأن يدخلوا في نوع من المفاوضات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبل صلى الله عليه وسلم أن يتفاوضوا في هذا الأمر، وكان الذي نزل للتفاوض هو كنانة بن أبي الحُقيق أخو سلام بن أبي الحقيق الذي قتله المسلمون قبل ذلك، وقال كنانة بن أبى الحقيق أنزل فأكلمك، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: نعم. فنزل ودار بينهما حوار طويل، وكانت خلاصة المفاوضات في صالح المسلمين مائة في المائة، فقد صالح اليهود الرسول صلى الله عليه وسلم على حقن دمائهم، ودماء كل من في الحصون من المقاتلة و الذرية والنساء على أن يتركوا خلفهم الديار والسلاح والأموال والذهب والفضة، ويخرجوا فقط بملابسهم في أكبر هزيمة من هزائم اليهود مطلقا، والحقيقة أن الانتصار كان كبيرا بالنسبة للمسلمين، وشرط الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه المعاهدة عليهم شرطا هاما فقال: وَبَرِأَتْ مِنْكُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللًَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنْ كَتَمْتُونِي شَيْئًا. أي لو أن اليهود أخفوا أي شيء من الأموال أو من الذهب أو الفضة، فيجوز للرسول صلى الله عليه وسلم أن يقتلهم بهذا الإخفاء للمال أو للذهب أو للفضة، وبالفعل قبلوا هذا الأمر، وبدأ اليهود بالخروج من خيبر. كنانة بن أبي الحُقَيْق يخفي أمواله عن الرسول صلى الله عليه وسلم اكتشف الرسول صلى الله عليه وسلم أن كنانة بن أبي الحقيق قد أخفى مالا، وذكر له ذلك أحد اليهود، فأتى بكنانة بن أبي الحقيق... وقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: هَلْ أَخْفَيْتَ مَالًا؟ فقال: لا. فقال صلى الله عليه وسلم: أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْنَاهُ عِنْدَكَ أَأَقْتُلُكَ؟ قال: نعم. فأمر صلى الله عليه وسلم بالبحث في أرضه، وكان أحد اليهود قد عين مكانا معينا، وقال إن كنانة أخفى المال في ذلك المكان، سبحان الله وبحثوا في هذا المكان فوجدوا كنزا كبيرا من المال، وقتل كنانة بن أبي الحقيق نتيجة مخالفته للمعاهدة التي كانت مع المسلمين، وسبيت امرأة كنانة بن أبي الحقيق. الرسول يتزوج صفية بنت حيي بن أخطب وكانت امرأة كنانة بن أبي الحقيق هي صفية بنت حيي بن أخطب، وتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصبحت من أمهات المؤمنين، ولنا وقفة مع زواج الرسول صلى الله عليه وسلم من السيدة صفية رضي الله عنها وأرضاها، وبداية الأمر أن السيدة صفية عندما أخذت في السبي، أخذها أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو دحية الكلبي رضي الله عنه وأرضاه، فأتى إليه أحد الصحابة وقال له: إن هذه بنت ملك ولا يجوز أن تكون إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، والحقيقة أن في زواج الرسول من السيدة صفية حكمة كبيرة، ومن هذه الحكمة أنه صلى الله عليه وسلم رفع درجة السيدة صفية، فهذه بنت ملك أو بنت زعيم من زعماء اليهود، وزوجة زعيم من زعمائهم، فلا يجب أن تعطى هكذا إلى أي إنسان من المسلمين، فرفع قدرها وعظم من شأنها وتزوجها هو صلى الله عليه وسلم، بعد أن أعلنت إسلامها، ثم إن هذا استمالة لقلوب اليهود عندما يكون بينهم وبين زعيم الدولة الإسلامية أو نبي هذه الأمة علاقة نسب، فهذه قد ترقق قلوب اليهود وتفتح قلوبهم للإسلام، ثم إنه بذلك الزواج سيمنع الخلاف بين الصحابة لأن أحد الصحابة جاء إليه وقال: أعطيت دحية الكلبي هذه، فقد ينظر أحد الصحابة إلى أنه قد أعطى أحد الصحابة شيئا قد يناسب غيره أو غيره من عموم الصحابة، وبذلك قطع الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين، وهذه كانت بداية خير كبير للسيدة صفية، وأصبحت أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وروت الكثير و الكثير عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. التعديل الأخير تم بواسطة أبو عادل ; 16 / 01 / 2010 الساعة 32 : 07 PM | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
16 / 01 / 2010, 40 : 07 PM | المشاركة رقم: 7 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه اليهود يدبرون مؤامرة لقتل الرسول صلى الله عليه وسل هل امتنع كيد اليهود بعد هذه الغزوة وبعد هذا القتال المرير الذي دار على عدة أيام والذي بلغ شهرا أو أكثر من شهر؟ لم يكف اليهود عن ذلك، بل استمروا في المؤامرات والكيد والدس إلى درجة أنهم فكروا في قتل الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يغادر خيبر، فقد اجتمع اليهود ودبروا محاولة لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، والجميع يعلمون قصة الشاة المسمومة، ونحتاج هنا إلى أن نقف وقفة مع هذه الشاه لنرى رد فعل الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الأمر، فاليهود قد اجتمعوا على محاولة اغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتصار خيبر، وكان هذا اجتماع من اليهود، وليس تفكيرا من امرأة واحدة كما تروي بعض الروايات، والحقيقة أن الروايات كلها صحيحة ولا بد من الجمع بينها، فهناك رواية في صحيح البخاري تقول: إن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها الرسول صلى الله عليه وسلم فجيء بهذه المرأة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلك. فقال: ما كان الله ليسلطك علي، وفي بعض الروايات أن هذه المرأة هي زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم الذي قتله المسلمون قبل ذلك، فأرادت أن تنتقم لزوجها القتيل ولقومها بصفة عامة، وفي رواية أخرى في صحيح البخاري أيضا ومسلم، ويروي هذه الرواية أبو هريرة رضي الله عنه ويقول: لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجْمَعُوا لِي مَنْ كَانَ هَاهُنَا مِنَ الْيَهُودِ. فجُمعوا له فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنِّي سَائِلُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقُونِي عَنْهُ؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَبُوكُمْ. قالوا: أبونا فلان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كَذَبْتُمْ بَلْ أَبُوكُمْ فُلَانٌ. فقالوا: صدقت وبررت. فقال: هَلْ أَنْتُمْ صَادِقِي عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ؟ فقالوا: نعم يا أبا القاسم، وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا. قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَهْلُ النَّارِ؟ فقالوا: نكون فيها يسيرا ثم تخلفوننا فيها. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: اخْسَئُوا فِيهَا وَاللَّهِ لَا نَخْلُفُكُمْ فِيهَا أَبَدًا. ثم قال لهم: فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقِي عَنْ شَيْءٍ إِنْ سَأَلْتُكُمْ عَنْهُ؟ قالوا: نعم. فقال: هَلْ جَعَلْتُمْ فِي هَذِهِ الشَّاةِ سُمًّا. فقالوا: نعم. فقال: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ. فقالوا: أردنا إن كنت كذابا نستريح منك، وإن كنت نبيا لم يضرك. فقد اجتمع اليهود على جعل السم في الشاه ليقتلوا الرسول صلى الله عليه وسلم ثم أعطوا هذه الشاة لامرأة سلام بن مشكم لتعطيها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا دائما دأب اليهود الخيانة والغدر، فهل نتعلم من تاريخهم مع المسلمين في العهد النبوي، [إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ] {ق:37}. الرسول يعفو عن اليهود الذين دبروا مؤامرة لاغتياله الرسول صلى الله عليه وسلم بعد هذا الموقف واعتراف اليهود اعترافا صريحا بأنهم دبروا محاولة لقتله صلى الله عليه وسلم عفا عنهم جميعا، وهذا من أبلغ مواطن الرحمة في حياته صلى الله عليه وسلم، بل إنه عفا عن المرأة التي قدمت له الشاة، وسئل مباشرة صلى الله عليه وسلم ألا تقتلها؟ قال لا، ولم يقتل المرأة، وكان أحد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وهو بشر بن البراء بن معرور رضي الله عنه قد أكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت أكله من الشاه المسمومة، وكما هو مشهور أن الشاة المسمومة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا تأكل مني فإني مسمومة، فالرسول صلى الله عليه وسلم لَفَظَ الشاة وأمر الصحابة ألا يأكلوا، ولكن هذا الصحابي بشر بن البراء بن معرور رضي الله عنه كان قد ابتلع قطعة من اللحم من هذه الشاه المسمومة فمات بها، فلما مات بشر بن البراء بن معرور رضي الله عنه أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم الحد على المرأة التي قدمت الشاه فقتلها به، وبالجمع بين الروايات نجد أنه من كل أرض خيبر لم تقتل إلا امرأة واحدة؛ لأنها قتلت رجلا من المسلمين أكل من الشاة المسمومة. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
16 / 01 / 2010, 41 : 07 PM | المشاركة رقم: 8 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه موقعة خيبر في الميزان النقدي والرد على المستشرقين عند مقارنة هذه المعركة العظيمة بكل معارك الأرض، يتبين لنا أنها من أرحم المعارك وأقلها في الخسائر البشرية، وفي نظرة سريعة إلي الحرب العالمية الثانية نجد أن ألمانيا قد قتل منها عشرون مليون معظمهم من المدنيين تسعة عشر مليون مدني، ونجد أن هذا تكرر في معظم المعارك الأخرى، فقد قتل في هيروشيما ونجازاكي ربع مليون وكلهم من المدنيين، رجال ونساء وأطفال، لكن شتان بين حروب المسلمين وحروب غير المسلمين. ولعل هذه فرصة نعرض عدد من قتل في هذه المعركة من اليهود، فقد قتل ثلاثة وتسعون من اليهود، ففي هذا اللقاء الشديد والحروب المستمرة قتل من اليهود ثلاثة وتسعون، واستشهد من المسلمين ستة عشر إلي ثمانية عشر حسب اختلاف الروايات، وترك اليهود غنائم ضخمة، وتركوا أموالهم وديارهم، وتركوا أراض كبيرة من النخيل، وقد كانت خيبر بلادا غنية بالزراعة، فتركوا كل هذا وراءهم وبدءوا في عملية الخروج، ثم إن اليهود بعد قرار المعاهدة، وقرار الخروج من خيبر، قدموا عرضا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: يا محمد - صلى الله عليه وسلم - دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها فنحن أعلم بها منكم، فالأرض كبيرة، والصحابة لم يكن لهم علم كبير بالزراعة، وهذه أراضي بعيدة عن المدينة المنورة، واليهود يستطيعون أن يزرعوا هذه الأرض، وأن يخرجوا منها إنتاجا وفيرا، فقالوا: دعنا نقوم على إصلاح هذه الأرض ثم نقيم معاهدة بيننا وبينكم على اقتسام هذا المزروع. وفكر الرسول صلى الله عليه وسلم فوجد أن هذا العرض مناسب للمسلمين، فأقر اليهود على ذلك على أن يعطيهم الشطر من كل زرع ومن كل ثمر ما بدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم، أي يظلوا في خيبر بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أمر صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام بخروج اليهود من خيبر فعليهم أن يخرجوا، وهو ما تم بعد ذلك في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وانتهت المعركة بهذا الأمر وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يقسم غنائم خيبر الكثيرة على المسلمين، لدرجة أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول كما روى البخاري: ما شبعنا حتى فتحنا خيبر. وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها كما جاء أيضا في البخاري: لما فتحت خيبر قلنا الآن نشبع من التمر. فكان فتح خيبر نصرا عظيما حققه المسلمون. وغنم الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر صحائف التوراة، ومع أنه صلى الله عليه وسلم يعلم أنها محرفة تمام التحريف وأنها قد أزيلت منها البشارات التي تبشر به صلى الله عليه وسلم، وأنه قد اعتدى اليهود فيها كثيرا على حرمات الله عز وجل؛ إلا أنه سلم هذه الصحائف كاملة لليهود عندما طلبوها منه، ولم يحرق هذه الصحف، وسمح لهم بالمعتقد الذي يعتقدونه، وإن كان يعلم أنه معتقد فاسد تماما، وهذا من سعة الصدر عند المؤمنين والله عز وجل قال في كتابه الكريم: [لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ] {البقرة:256}. وهذه القصة واردة وثابتة وشهد بها الجميع، بل وشهد بها المستشرقون أيضًا. ويجب ألا ينسى المحلل لهذه الغزوة أنها من أولها إلى آخرها جاءت عقابا لليهود على خياناتهم المتكررة، وتأليبهم لجميع القبائل العربية على حرب المدينة المنورة، ومحاولاتهم المستمرة لاستئصال أهل المدينة المنورة، واغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم، أي أن هذه الموقعة كانت عقابا لليهود على جرائم سابقة فعلها اليهود، وقبول الرسول صلى الله عليه وسلم بخروجهم أحياء هذا تفضل منه صلى الله عليه وسلم، وكان من حقه أن يعاملهم بالمثل ويعاملهم بالقصاص، ويقتل الرجال الذين يقاتلون منهم، ولكن أقيمت المعاهدة على هذا المعنى، والمستشرقون في الغرب يقولون ويعلقون علي موقعة خبير أن اليهود قد ظلموا فيها، وإن هذا من الشر في الحروب ومن التجاوز في المعاملة، ولكن هذه طبيعة الحروب، فاليهود كانوا منذ لحظات حريصون تمام الحرص على قتل المسلمين، والناظر إلى تاريخ الحروب في الأرض يجد أن حروب الرسول صلى الله عليه وسلم هي من أرحم الحروب مطلقا في تاريخ الإنسانية، ولننظر إلي عدد القتلى في الحرب العالمية الثانية، وأعدادهم التي تقدر بالملايين، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قتل مدنيا أبدا في حياته صلى الله عليه وسلم، بل كان يأمر الناس أن يغزو في سبيل الله على بركة الله لا يقتلوا شيخا كبيرا، ولا طفلا صغيرا ولا امرأة ولا منعزلا بصومعة ولا من لم يقاتل المسلمين، وكان يفرق صلى الله عليه وسلم بين الكافر الذي يقاتل المسلمين وبين الكافر الذي لا يقاتل المسلمين، بل أمر الله عز وجل أن يبلغ الكافر الذي لا يقاتل المسلمين مأمنه ويعلّم الدين. اليهود بعد خيبر عندما سمع اليهود الذين هم في أماكن أخرى بعيدة أو قريبة من خيبر بأنباء خيبر، بدءوا يفكرون تفكيرا جديا في التسليم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هؤلاء اليهود يهود فدك الذين قبلوا أن ينزلوا على نفس الصلح الذي نزلت عليه يهود خيبر على أن يكون لهم النصف من الثمار على نفس المعاهدة التي تمت في خيبر، وكذلك اليهود في وادي القرى قاوموا في البداية بعض المقاومة، ثم إنهم بعد ذلك قبلوا بنفس الصلح، وكذلك يهود تيماء، وبذلك حيد المسلمون جانب اليهود تماما في الجزيرة العربية، ورجع الرسول صلى الله عليه وسلم بعد هذه الغزوة إلى المدينة المنورة في أواخر صفر أو أوائل ربيع أول سنة 7 هـ أي أنه ظل أكثر من شهر في منطقة خيبر، كما توقع أن يقضي صلى الله عليه وسلم وقتا طويلا في خيبر، وبذلك تخلص المسلمون نهائيا من خطر اليهود. فإذا أضفنا إلى هذا التخلص ما حدث في صلح الحديبية من تحييد جانب قريش؛ نجد أن معظم القوى الموجودة في الجزيرة قد تعامل معها الرسول صلى الله عليه وسلم. ولم يبق من قوة في الجزيرة إلا قوة غطفان، والتي وإن وجه إليها الرسول صلى الله عليه وسلم بعض السرايا إلا أنها تحتاج هي الأخرى إلى وقفة جادة وتصرف حكيم وسريع من رسول الله صلى الله عليه وسلم. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
05 / 05 / 2011, 59 : 07 AM | المشاركة رقم: 9 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : أبو عادل المنتدى : ملتقى السيرة النبويه وباسط الأرض مسير السحاب و هازم الأحزاب اللهم من عليه بالعفو والمغفرة واجعل السعي لطاعتك غايته والجنة مسكنه واكفله برحمتك وجميع المسلمين | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018