بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع أعجبنى لانني وجدته يعبر عما في نفوسنا تجاه الحرم وهو خطوات عملية لتعظيم الحرم كتبتها أميرة بنت علي الصاعدي (أستاذ مساعد بجامعة أم القرى)
-------------------------------------------------------------
تجاوباً مع المشروع المتميز والفريد ، مشروع تعظيم البلد الحرام ، ينبغي على كل معني بهذا الأمر وكل ساكن لهذه الأرض المباركة ، أن يساهم في تعظيم هذا البلد بالقول والفعل ، ويسعى في نشر هذا الوعي الديني في نفوس أبناء هذا البلد ، ويذكّر به تارة بعد تارة ، لأن كثرة المساس تقل الإحساس ، ولا يعرف قدر النعمة إلا من يفقدها أو يبتعد عنها .
وإن من المؤسف حقاً ، أننا ننظر حولنا في أرجاء مكة المكرمة ، فنجد خللاً كبيراً، وقصوراً واضحاً في تعظيم هذا البلد الحرام من أهله الساكنين على أرضه ، والمتنعمين بنعمه ، وإننا لنرى صوراً من هذا الخلل أفقدت البيت مهابته ، وقللت من تعظيمه وتقديره .. من أبناءه الذين رضعوا الإسلام منذ نعومة أظفارهم ...
ولو نظرنا إلى تاريخ هذا البلد لوجدناه معظم منذ الجاهلية ، مهاب على مر الأزمان ، حيث كانت قريش تعظمه وترعى حقه ومكانته .. ثم جاء الإسلام ليؤكد للبيت حرمته، ويشرّع تعظيمه ، ويحفظ مكانته .
فضرب لنا الصحابة والتابعون ومن بعدهم أروع الأمثلة في تعظيم البيت وحفظ حرمته . وفيما يلي سأعرض صوراً من هذا التعظيم في الجاهلية والإسلام ، ويقابلها حال ساكني مكة في العصر الحاضر ، ليتعظ الجاهل ، وينتبه الغافل ، وليعاد للبيت حرمته ومكانته .
-------------------------------------------------------------
1
صورة الماضي (خل ثياب الحل ) :
كان من تعظيم قريش للبيت أنهم فرضوا على العرب قاطبة أن يطرحوا أزواد الحل إذا دخلوا الحرم ، وأن يخلوا ثياب الحل ، ويستبدلوا بها ثياب الحرم ، إما شرىً وإما عارية وإما هبة ، فإن وجدوا ذلك وإلا طافوا بالبيت عرايا .
صورة الحاضر ( البس ما شئت ) :
بنظرة سريعة في واقع من يقصد الحرم اليوم ، نرى عجباً ، فالنساء متبرجات ، يلبسن العباءات الفاتنة ، حاسرات عن وجهوهن ، مبديات زينتهن ، والرجال مسبلي ثيابهم ، إلا من رحم الله ، لم يراعوا حرمة البيت ، بل ولا حرمة الزمان ، سواء كانوا في رمضان أو في الأشهر الحرم .
في الجاهلية خلوا ثياب الحل ، لأنها ليست من كسب طيب ، أو ثياب عصوا الله فيها . وأبناء وبنات الإسلام اليوم لا يتحرجن من ثياب المعصية ، ولا من المعصية في بيت الله .
خطوة للعلاج : وعلاجاً لهذه الظاهرة لابد من الاحتساب من النساء والرجال ، وذلك بإعداد مراكز توعية حول الحرم ،توفر فيها العباءات البديلة ، وتنصح الأخت المعتمرة أو الزائرة ، بأن أهل الجاهلية كانوا يستبدلوا ثياب الحل بثياب الحرم ، وأنت أولى منهم ، ويعطى لها الحجاب البديل مع الكتاب والشريط.
-------------------------------------------------------------
2
صورة الماضي { لا للثأر في مكة ):
من تعظيم أهل الجاهلية للبيت أن الرجل يرى فيه قاتل أبيه فلا يثأر منه ولا يزعجه .
قال القرطبي :" فكانوا في الجاهلية من دخله ولجأ إليه أمن من الغارة والقتل " الجامع 4/91 .
صورة الحاضر ( لا أرضى أن ينال مني أحد ):
من العجيب أن يجهل كثير من المسلمين اليوم حقوق البلد الحرام ، ويخف تعظيمه في قلوبهم ، ويرتكب فيه ما لا يمكن أن يصدر من معظّم ومجلّ لأعظم بقعة على الأرض . فكثيراً ما نرى الخصام والتنازع والمشاجرات على أمور تافهة ربما لأجل كلمة بسيطة خرجت من شخص ، أو فعل غير مقصود ، أو سلوك غير مرضي ، فتثور الثائرة وتمتد الأيدي ، بل ربما تسقط الأعناق ، والجاهلي يرى قاتل أبيه فلا يثأر منه ولا يزعجه .
خطوة للعلاج :
أن تكتب إرشادات جميلة على الشاشات الإعلانية في الشوارع حول الحرم وفي أنحاء مكة ، تذّكر وترشد وتعظ . مثال : انتبه أنت في مكة ... لا للشجار ولا للنزاع في مكة ... فالجاهلي يرى قاتل أبيه فلا يزعجه ... وهذا أخوك المسلم فأعفوا واصفح وتجاوز .
-------------------------------------------------------------
3
صورة الماضي ( لا لسكنى مكة ) :
كان السلف الصالح يقدرون حرمة البيت ويعظمونه في نفوسهم تعظيماً عجيباً ، حتى إن منهم من تحرج من سكنى مكة خشية الوقوع في المعاصي .
قال ابن رجب :" وكان جماعة من الصحابة يتقون سكنى الحرم خشية ارتكاب الذنوب " وقال :
" روي عن عمر بن الخطاب قال : لأن أخطئ سبعين خطيئة يعني بغير مكة أحب إليّ من أن أخطئ واحدة بمكة ."
صورة الحاضر ( اسكن لا حرج ولا بأس ):
اليوم يتهافت المسلمون على مكة تعبداً وتقرباً ، ويبذلون الغالي والنفيس من أجل أن يجاور بمكة أياماً أو ساعات . وللأسف أن بعض من يسكن حول الحرم ، ويدفع أموالاً طائلة لذلك ، يعصي الله ولا يبالي إن كان في مكة أو في الصين ، فلباسه لباس الإحرام وبيده الدخان ، وهناك من يسكن حول الحرم ومعه أشرطة الغناء والمعازف ، والنساء حول الحرم يتسوقن في الأسواق متبرجات متعطرات ، ناهيك عما يحصل بين الفتيات والشباب من غزل وإعجاب ، فوا لله إنها لمصيبة أن ندفع أموالاً لنعصى الله عند الحرم !!
خطوة للعلاج :
الاحتساب في الأسواق والطرقات من الرجال والنساء ، ووضع الملصقات على السيارات والمحلات والجدر ، فيها ذكر مختصر لتعظيم السلف للبيت ، ووضع عبارات أفعل كذا ولا تفعل كذا فأنت في مكة ..
-------------------------------------------------------------
4
صورة الماضي ( لا عتاب ولا عقاب في مكة ) :
عن مجاهد – رحمه الله تعالى – قال : كان لعبد الله بن عمرو بن العاص فسطاطان أحدهما في الحل والآخر في الحرم ، فإذا أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الحل ، وإذا أراد أن يصلي صلى في الحرم ، فقيل له في ذلك فقال : كنا نتحدث أن من الإلحاد أن يقول : كلا والله ، وبلى والله . أخبار مكة للأزر قي 2/131-132
صورة الحاضر ( العقاب لابد منه والضرب لا حد له ) نحن في زمن قلّ فيه أن تجد من لديه ورع كورع عبد الله بن عمرو بن العاص ، وخوف وخشية كخشية ابن عباس ، من حق الرجل أن يعاتب وأن يؤدب أهله بما يراه مناسباً ، ولكن ليس من حقه أن يظلم ويتجاوز الحد في البلد الحرام ، فهناك من يعاقب بلا ذنب ، ومن يضرب بلا حساب ، زوجات مظلومات مضروبات ، وأبناء مضطهدين معذبين ، عنف أسري ، وشتات عائلي .. لم يراعوا للزوجة حقاً ... ولا للبيت حرمة .
خطوة للعلاج : نشر الوعي الديني من خلال جميع وسائل الإعلام .. وإقامة الدورات والندوات والمحاضرات في الأماكن العامة وفي مقر الأعمال ، للحث على نبذ العنف والوصية بالأهل خيراً ... فأهل مكة ليس كغيرهم ... والذنب في مكة ليس كذنب في غيرها ... والظلم في مكة عظيم ، عرفه أهل الجاهلية قبل أهل الإسلام ... فهذه امرأة في الجاهلية توصي ابنها قائلة :
أبُني لا تظلم بمكة *** لا الصغير ولا الكبير
أبُني من يظلم بمكة *** يلق آفات الشــــرور
أبُني قد جربتها **** فوجدت ظالمها يبور
المصدر: صيد الفوائد
o',hj ulgdm gju/dl hgpvl