الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | ابو الوليد البتار | مشاركات | 23 | المشاهدات | 2115 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
04 / 05 / 2009, 36 : 08 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح التحفة السنية شرح منظومة أبن أبي داود الحائية للشيخ عبدالرزاق بن عبد المحسن العباد البدر بسم الله الرحمن الرحيم مُقدمة : الحمد لله رب العالمين , والعاقبة للمتقين , والصلاة والسلام على إمام المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد .. فهذا شرح مختصر للقصيدة السنية والمنظومة البهية المشهورة بـ ( الحائية) لناظمها الإمام المحقق والحافظ المتقن شيخ بغداد أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني ابن صاحب السنن الإمام المعروف رحمهما الله . وهي منظومة شائعة الذكر , رفيعة الشأن , عذبة الألفاظ , سهلة الحفظ , لها مكانة عالية ومنزلة رفيعة عند أهل العلم في قديم الزمان وحديثه , تواتر نقلها عن ابن أبي داود رحمه الله فقد رواها عنه غير واحد من أهل العلك كالآجري , وابن بطة , وابن شاهين وغيرهم , وثلاثتهم من تلاميذ الناظم , وتنازلها غير واحد من أهل العلم بالشرح . قال الذهبي رحمه الله منوهاً بهذه المنظومة مبيناً لأهميتها ( هذه القصيدة متواترة عن ناظمها رواها الآجري وصنف لها شرحاً , وأبو عبدالله ابن بطة في الإبانة (1) , ومِمن شرحها ابن البناء )(2) , وشروحاتهم لا أعلم لها وجوداً , وممن شرحها أيضا الإمام السفاريني وشرحه لها مطبوع في مجلدين بعنوان ( لوائح الأنوار السنية ولواقح الأفكار السُّنية شرح قصيدة ابن أبي داود الحائية في عقيدة أهل الآثار السلفية ) وقد سميت هذا الشرح ( التحفة السنية شرح قصدية أبي داود الحائية) وأصله دروس ألقيتها في مسجد الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1417هـ كتبه عني أحد طلاب العلم فيها وهو الأخ الفاضل يحيي بن علي بن يحيي , ثم قمت , بمراجعته والإضافة عليه وتنقيحه حسب الاستطاعة , وهو جهد المُقل وبضاعة الضعيف المقصر , فما كان فيه من حق وصواب فهو من الله وحده , وما كان من خطأ ونقص فهو بسبب ضعفي وقصوري وقلة علمي , ولا يفوتني هنا أن أشكر كل من قدم أي نوع من أنواع المساعدة والتعاون في سبيل إحراج هذا الكتاب سواء في صفه وتنضيده , أو مراجعته وتصحيحه , أو طباعته ونشره , وأسأل الله أن يجزي الجميع خير الجزاء , كما أسأله أن ينفع به ويتقبله بقبول حسن ويجعله لوجهه خالصاً ولعباده نافعاً إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه . *ترجمة موجزة للناظم ابن أبي داود (3) *اسمه ونسبه وكنيته : هو الإمام العلامة الحافظ شيخ بغداد , عبدالله بن الإمام أبي داود سليمان ابن الأشعث , أبوبكر السجستاني . *ولادته : ولد الإمام أبوبكر بن أبي داود بسجستان في سنة ثلاثين ومائتين (230هـ ) *نشأته وطلبه للعلم : سافر به أبوه وهو صغيرٌ من سجستان يطوف به شرقاً وغرباً بخراسان وأصبهان وبغداد والكوفة ومكة والمدينة والشام ومصر وغيرها يسمع ويكتب , واستوطن بغداد وكان أول شيخٍ سمع منه محمد بن اسلم الطوسي , وسُر أبوه بذلك , لجلالة محمد بن اسلم . وكان ذا همة عليه منذ صغره في التحصيل والطلب , ومن دلائل هذه الهمة قوله رحمه الله ( دخلت الكوفة ومعي درهم واحد , فأخذت به ثلاثين مد باقلا , فكنت آكل منه , وأكتب عن أبي سعيد الأشج , فما فرغ الباقلا حتى كتبت عنه ثلاثين ألف حديث ما بين مقطع ومرسل )(4) وكان حافظا متقنا قال رحمه الله ( حدثت من حفظي في أصبهان بستة وثلاثين ألف حديث , ألزموني فيها سبعة أحاديث فلما انصرفت وجدت في كتابي خمسة منها على ما كتبت حدثتهم به )(5) ويقول تلميذه أبو حفص ابن شاهين مبيناً قوة حفظه ( أملى علينا بن أبي داود سنتين وما رأيت بيده كتاباً , إنما كان يملي حفظاً فكان يقعد على المنبر بعدما كبر ويقعد دونه بدرجة ابنه أبو معمر بيده كتاب فيقول حديث كذا فيسرده من حفظه حتى يأتي على المجلس ) *بعض شيوخه : روى عن أبيه , وأحمد بن صالح , ومحمد بن بشار , وعمرو بن عثمان الحمصي , وإسحاق الكوسج , وعمرو بن علي الفلاس , ومحمد بن يحيي الذهلي . *بعض تلاميذه : حدث عنه خلق كثيرون منهم ابن حبان صاحب الصحيح , وأبوالحسن الدارقطني , وأبوحفص بن شاهين و أبومحمد أحمد الحاكم , وابن بطة , ومحمد بن عم زنبور الوراق , وأبومسلم محمد بن أحمد الكاتب , ونصف بن علي الوزير , وأبوالقاسم بن حبابة . *مكانته العلمية وثناء العلماء عليه : قال الحافظ أبومحمد الخلال ( كان ابن أبي داود إمام أهل العراق ومن نصب له السلطان المنبر , وقد كان في وقته بالعراق أسند منه , ولم يبلغوا في الآلة والإتقان ما بلغ هو ) وقال الخطيب البغدادي ( كان فقيهاً عالماً حافظاً )(6) وقال ابن خلكان ( كان أبوبكر ابن لأبي داود من أكابر الحفاظ ببغداد , عالماً متفقهاً عليه إماما ) وقال الذهبي ( وكان من بحور العلم بحيث إن بعضهم فضله على أبيه ) وقال أيضا ( كان أبوبكر من الحافظ المبرزين ما هو بدون أبيه , صنف التصانيف وانتهت إليه رئاسة الحنابة ببغداد ) وقال أيضا ( والرجل من كبار علماء المسلمين ومن أوثق الحفاظ ) *عقيدته : كان رحمه على عقيدة السلف أصحاب الحديث , وليس أدل على ذلك من منظومته الحائية هذه , فإنه قرر فيها – على وجازتها – مجمل الاعتقاد على طريقة أهل السنة والجماعة . وقد ثبت عنه أنه قال عقب هذه المنظومة ( هذا قولي , وقول أبي , وقل شيوخنا , وقل العلماء ممن لم نرهم كما بلغنا عنهم , فمن قال علي غير ذلك فقد كذب ) وهي منظومة عظيمة في تقرير المعتقد الحق الذي كان عليه أهل السنة والجماعة تدل على مكانة ناظمها وسعة باعه , وحسن معتقده وطيب نصحه . وعلى كلٍّ فإمامة ناظمها ومكانته معروفة بين أهل العلم , فهو من أئمة السلف , وأوعية السنة , وحافظ الحديث , ودعاة الحق والهدى , متفقٌ على إمامته وفضله رحمه الله وغفر له ولجميع أئمة المسلمين . *مؤلفاته : وصفه الذهبي بأنه صاحب التصانيف , فمن جملة تلك التصانيف : السنن , والبعث , والمصاحف , وشرعة المقارئ , والناسخ والمنسوخ . *وفاته : توفي رحمه الله ببغداد في شهر ذي الحجة سنة ست عشرة وثلاثمائة 316هـ , عن سبعة وثمانين عاماً , وقيل صلى عليه زهاء ثلاثمائة ألف إنسان وأكثر , وخلف ثلاثة بنين : عبدالأعلى , ومحمداً وأبا معمر عبيد الله , خمس بنات . المنظومة : 1- تمسك بحبلِ الله وأتبعِ الهُدى * * * ولا تكُ بدعيا لعلك تُفلحُ 2- ودنْ بكتابِ الله والسننِ التي *** أتت عنْ رسول الله تنجو وتربحُ 3- وقل غيرُ مخلوقٍ كلام مليكنا *** بذلك دان الـأتقياء , وأفصحوا 4- ولا تكُ في القرآن بالوقف قائلاً *** كما قال أتْباعٌ لجمٍ وأسححُوا 5- ولا تقل القرآن حلْقٌ قرأْتُهُ **** فإن كلام اللهِ باللفظ يُوضحُ 6- وقل يتجلى الله للخلقِ جهرةً *** كما البدر لا يخفى وربك أوضحُ 7- وليس بمولدٍ وليس بوالدٍ **** وليس له شِبْهٌ تعالى المُسبحُ 8- وقد يُنكِر الجهمي هذا عندنا *** بمصداقِ ما قلنا حديثٌ مصرحُ 9- رواه جريرٌ عم مقالِ مُحمدٍ --- فقلُ مِثل ما قد قال ذاك تنْجحُ 10- وقد ينكرُ الجهمي أيضاً يمينهُ --- وكِلتا يديه بالفواضلِ تنْفحُ 11- وقل ينزلُ الجبارُ في كلِّ ليلةٍ --- بر كيفَ جلَّ الواحدُ المُتمَدحُ 12- إلى طبقِ الدنيا يمُنُّ بفضلهِ --- فتفرجُ أبواب السماءِ وتُفتحُ 13- يقولُ أَلا مُستغفرٌ يَلقَ غافراً --- ومُستمنحٌ خيراً ورِزْقاً فُمنحُ 14- روى ذاك قومٌ لا يردُّ حديثُهم -- ألا خابَ قومٌ كذبوهم وقُبِّحوا 15- وقل: إنَّ خير النَّاسِ بعد محمَّدٍ -- وزيراهُ قدَماً ثم عثمانُ الارجَحُ 16- ورابعهُمْ خيرُ البريَّة بعدهُم --- عليٌّ حليفُ الخيرِ بالخيرِ مُنْجِحُ 17- وإنَّهم للرَّهطُ لا ريبَ فيهمُ -- على نُجبِ الفردوسِ بالنُّور تَسرحُ 18- سعيدٌ وسعدٌ وابن عوفٍ وطلحةُ --- وعامرُ فهرٍ والزبيرُ الممدَّح 19- وقل خيرض قولٍ في الصحابة كلِّهم - ولا تك طعَّاناً تعيبُ وتجرحُ 20- فقد نطقَ الوحيُ المبينث بفضلِهم-- وفي الفتح آيٌ للصَّحابةِ تمدحُ 21- وبالقدرِ المقدورِ أيقِن فإنَّه -- - دعامةُ عقدِ الدِّين ، والدِّينُ أفيحُ 22- ولا تُنكِرَنْ جهلاً نكيراً ومُنكراً - ولا الحوْضَ والِميزانَ انك تُنصحُ 23- وقُلْ يُخرجُ اللهُ الْعظيمُ بِفَضلِهِ - مِنَ النارِ أجْساداً مِنَ الفَحْمِ تُطرحُ 24- عَلى النهرِ في الفِرْدوسِ تَحْيَا بِمَائِهِ -كَحِبِّ حَمِيلِ السَّيْلِ إذْ جَاءَ يَطْفَحُ 25- وإن رَسُولَ اللهِ للخَلْقِ شَافِعٌ --- وقُلْ في عَذابِ القَبْرِ حَقّ موَُضحُ 26- ولاَ تُكْفِرنْ أَهلَ الصلاةِ وإِنْ عَصَوْا -فَكُلهُمُ يَعْصِي وذُو العَرشِ يَصفَحُ 27- ولَا تَعتقِدْ رأيَ الْخَوَارجِ إِنهُ --- مقَالٌ لَمنْ يَهواهُ يُردي ويَفْضَحُ 28- ولا تكُ مُرْجيًّا لَعُوبا بدينهِ --- ألاَ إِنمَا المُرْجِي بِالدينِ يَمْزحُ 29- وقلْ : إنمَا الإِيمانُ : قولٌ ونِيةٌ--- وفعلٌ عَلَى قولِ النبِي مُصَرحُ - ويَنْقُصُ طوراً بالمَعَاصِي وتَارةً --- بِطَاعَتِهِ يَمْنَي وفي الوَزْنِ يَرْجَحُ 31- ودعْ عَنْكَ آراءَ الرجالِ وقَوْلَهُمْ - فقولُ رسولِ اللهِ أزكَى وأَشْرحُ 32- ولا تَكُ مِن قوْمٍ تلهوْا بدينِهِمْ --- فَتَطْعَنَ في أهلِ الحَديثِ وتقدحُ 33- إِذَا مَا اعْتقدْت الدهْرَ يا صَاحِ هذهِ -فأَنْت عَلَى خَيْرٍ تبيتُ وتُصْبِحُ ـــــــــ 1-العلو 2/1223 2-ذكر ذلك ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة 1/35 3- يراجع في ترجمته سير أعلام النبلاء 13/221 وما بعدها 4-تاريخ بغداد 9/466-467 5-تايرخ بغداد 9/466 6-تاريخ بغداد 9/464 hgjptm hgskdm avp lk/,lm Hfk Hfd ]h,] hgphzdm | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04 / 05 / 2009, 37 : 08 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح - تمسـك بحبـلِ الله وأتبـعِ الهُـدى ولا تـكُ بدعيـا لعلـك تُفـلـحُ بدأ الناظم منظومتَه في الاعتقاد بهذين البيتين العظيمين , وهذان البيتان فيهما الدعوة إلى الاعتصام بالكتاب والسنة والتحذير من البدع , وقد بدأ بهما قبل بيان الاعتقاد ومسائله على طريقة أهل السنة في كتب الاعتقاد وقد جرت عادتهم في الغالب على البدء بهذا الأمر , وهذا منهم تحديدٌ لمصدر التلقي في أصول الدين وفروعه ليكون بناء المعتقد وقيامه على أسس سليمة وأصول صحيحة قويمة , وعندما يُحدد العبد مصدره في التلقي , ويكون مصدره من المنبع الأساس وهو الكتاب والسنة , فإنه يرى ما سواه من المنابع مدراً , فلا يأخذ منها شيئاً ولا يجعلها مصدراً له في دينه وعقيدته , وإنما يتلقى من المنبع الصافي والمعين النقي الذي لا شائبة فيه ولا كدر , فيسلم له بذلك معتقده ويصح إيمانه . وأهل السنة مصدرهم في التلقي هو : الكتاب والسنة , بهما يأخذون , وعنهما يتلقون , وعليهما يُعولون , لا يحيدون عنهما قيد اُنملةٍ بل هم كما قال الأوزاعي ( ندور مع الكتاب والسنة حيث دارا ) لا يُحدثون شيئاً من قِبل أنفسهم . يقول شيخ الإسلام رحمه الله ( ليس الاعتقاد لي ولا لمن هم أكبر مني , الاعتقاد لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ) . فمن الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التصديق والتسليم . ولذا نجد كتب أهل السنة تبدأ بتحديد المصدر قبل بسط الاعتقاد , وهذا نستفيده مما كان يداوم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة , فكان دائما يقول في مقدمتها ( أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله , وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها ... )(1) الحديث . وتكراره صلى الله عليه وسلم لذلك كل جمعة فيه تأكيد على أهمية العناية بهذا المصدر وضرورة رعايته والمحافظة عليه . قوله : ( تسمك ) التمسك في اللغة الأخذ بالشيء والاعتصام به , وهذا مأخوذ من قوله تعالى ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )( آل عمران 103) وقوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ )( الأعراف 170) ( حبل الله ) للعلماء فيه أقوال وأكثرها عند المفسرين : القرآن كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله , وهو مراد الناظم هنا , لأنه ذكر السنة بعده , والناظم رحمه الله بقوله ( تمسك بحبل الله ) يخاطب السُّنِّيَّ ويقول له : ليكن مرجعك دائماً وأبداً كتاب الله , ومع تسمك به . ( اتبع الهدى ) أي : السنة . والهدى في الكتاب والسنة يطلق على أمرين : 1- التوفيق والإلهام 2- الدلالة والبيان والإرشاد ومن خلال السياق يمكن معرفة المراد . فقوله تعالى ( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )( القصص56) وقوله تعالى ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ )( البقرة272) وقوله تعالى ( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ )( الأعراف178) وقوله تعالى ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ )( الفاتحة6 ) كل هذه الآيات في هداية التوفيق , وليست لأحد غير الله تعالى وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستهدي ربه فيقول في دعائه ( اللهم إني أسألك الهدى والسداد) (2) فالذي يشرح الصدر ويوفق ويهدي هو الله ولذلك قال سبحانه مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم ( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ )( القصص56) والأخرى هداية الدلالة والبيان . قال تعالى ( وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )( فصلت17 ) ولو كان من باب هداية التوفيق لما استحبوا العمى على الهدى . وقال تعالى ( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ )( البلد10 ) وهذه الهداية تكون كذلك للأنبياء والصالحين والعلماء ومن ذلك قوله تعالى في حق رسوله صلى الله عليه وسلم ( ..وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ( الشورى52 ) وقوله تعالى ( وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ) ( السجدة24 ) ( اتبع الهدى ) أي ألزم طريق الهدى والرشاد الذي بينه ودل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو خير هديٍ وأكلمه وفي الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( وخير الهدي هدي محمد )(3) وفي رواية ( وخير الهدي ) الهُدي : الدلالة والإرشاد , والهدي : الطريق , وهديه صلى الله عليه وسلم ما بينه للناس ودلهم عليه مما أوحى إليه ربه , فهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى , وهديه صلى الله عليه وسلم خير زاد ليوم المعاد , والوقوف بين يدي رب العباد . وفي حثه رحمه الله على التمسك بالسنة إبطال لقول الطائفة الضالة يتسمون بـ ( القرآنين ) الذين يقولون : نحن لا نأخذ إلا بالقرآن , ومن كان كذلك فهو ليس بآخذٍ حتى بالقرآن , لأن الله قد أمر في كتابه في آيات عديدة بالأخذ بالسنة والتسمك بها, ولذا لا يكون العبد متمسكاً بالقرآن إلا إذا أخذ بالسنة , فلا بد من الأخذ بالأمرين معاً . قال تعالى آمراً أمهات المؤمنين ( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا )( الأحزاب34 ) وقال سبحانه ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) ( الحشر7 ) . الشطر الأول من البيت وهو قوله ( تمسك بحبل الله وأتبع الهدى ) فيه تحديدٌ للمصدر في التلقي , ولما حدده حذر من مخالفته فقال ( ولا تك بدعياً ). وهو بهذا السياق يشير إلى أصل مهم وهو : أن من تخلى عن حبل الله وتخلى عن السنة فهو آخذ بسبيل بدعة وضلالة , ولذا عرف بعض أهل العلم البدعة : فالناظم رحمه الله يقول : ولا تك بدعياً بترك الكتاب والسنة , وهو بهذا يشير إلى الهُوة العميقة التي سقط فيها المبتدعة جميعاً , وهي تركهم للكتاب والسنة , وإلا كانوا أهل سنة وجماعة , ولما كانوا أهل أهواء وبدع . فالبدعي هو : من ترك الكتاب والسنة ولم يتلق عنهما , ولم يأخذ دينه منهما . ومن نَظَر إلى عامة أهل البدع وجد أن منشأ ضلالهم هو عدم التمسك بالكتاب والسنة إما بالاعتماد على العقول والآراء , أو المنامات , أو الحكايات , أو غير ذلك مما جعله أهل الأهواء مصدراً لهم في الاستدلال . وقوله ( لعلك تفلح ) هذه نتيجة التمسك بالكتاب والسنة , واجتناب البدع . والفلاح كلمة جامعة لخيري الدنيا والآخرة , وقد قيل لا كلمة في اللغة أجمع للخيرات من كلمة الفلاح , والفلاح لا يكون إلا بالتمسك بالكتب والسنة والإبتعاد عن البدع , ومن لم يتمسك بالكتاب والسنة , وذهب إلى شيء من تلك المصادر لم يفلح , ولهذا جاء عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال ( ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح ) وعندما ناظر الشافعي بِشراً فتغلب عليه وخرج بشرٌ قال الشافعي ( لا يفلح ) . وهذا المعنى دل عليه القرآن الكريم كما في أول سورة البقرة في قلوه تعالى ( الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ( البقرة1-5 ) و ( لعل ) عند الناظم هنا ليست للترجي , لأن من اعتصم بالكتاب والسنة ففلاحه متحقق , إلا إن قُصِد فعلُ العبد بتحقيقه لهذا المقام وتتميمه لهذا الاعتصام ــــــــــــ 1- اخرجه مسلم برقم 867 من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه 2- أخرجه مسلم برقم 2725 من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه 3-اخرجه مسلم برقم 867 من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه 2- ودنْ بكتابِ الله والسننِ التي** أتـت عـنْ رسـول الله تنجـو وتربـحُ ( دن ) فعل أمر من الفعل دان يدين ديناً والمعنى : أقم دينك على الكتاب والسنة وآمن وأطع وامتثل ما جاء فيهما , بتصديق الأخبار وفعل الأوامر وترك النواهي . وقوله ( والسنن التي أتت عن رسول الله ) السُّنن : جمع سنة , والمراد الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه , فقوله ( أتت عن رسول الله ) هذا تقييد وإرشاد إلى أن السنن لا بد أن تصحح حتى يؤخذ بها وتكون مقبولة , فإن صحت سواء بطريق التواتر أو الآحاد فهي حجة وعمدة في أمور الدين كلها العقيدةِ وغيرها . قوله : ( تنجو ) لم يذكر من أي شيء , ليعم النجاة من كل شر وبلاء في الدنيا والآخرة , وقوله ( وتربح ) هذا زيادة على النجاة , فالنجاة رأس المال وفوقه أرباح متعددة بسحب قوة اعتصام المرء بالكتاب والسنة أرباح دنيوية وأرباح أخروية . قال الله تعالى ( قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )( البقرة38 ) وقال تعالى ( ...فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ) ( طه123 ) جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في معنى هذه الآية ( تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04 / 05 / 2009, 38 : 08 PM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح 3- وقل غيرُ مخلوقٍ كـلام مليكنـا *** بذلـك دان الأتقيـاء , وأفصحـوا لعل الناظم بهذه الصفة قبل غيرها من الصفات , لمناسبة السياق , وذلك أنه بدأ في البيتين الأولين بذكر التمسك بالكتاب والسنة , فلما ذكر وجوب التسمك بالقرآن , بدأ بذكر أبيات فيها ذكر عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن والرد على الذين خالفوا الحق وباينوه وجانبوا معتقد أهل السنة فيه , فهذه الأبيات فيهابيانٌ موجز لمعتقد أهل السنة في هذه المسألة , وردٌّ على أصناف من أهل البدع , وهم طوائف عديدة , أشار المصنف إلى بعضهم فبدأ رحمه الله بالكلام في هذه المسألى بقوله ( وقل غيرُ مخلوقٍ كـلام مليكنـا ) ( قْل ) الخطاب لصاحب السنة المتمسك بالكتاب والسنة , أي : قل معتقداً مؤمناً بهذا الأمر غير شاك فيه ولا متردد ,, لأن القول إذا أُطلق فإنه يشمل قول القلب واللسان , ومن ذلك قوله تعالى ( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ ... )( البقرة136 ) أي : قولوا ذلك بقلوبكم إيماناً واعتقاداً وبألسنتكم نطقاً وتلفظا . ( غير مخلوق كلام مليكنا ) وهذا فيه إثبات أمرين يتعلقان بصفة الكلام : الأمر الأول : أن الكلام صفة الله , فالقرآن كلام الله وليس كلام أحد من المخلوقين , وإضافته إلأى الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف , بخلاف المعتزلة الذين قالوا هو من باب إضافة المخلوق إلى الخالق . والمضافات إلى الله تعالى على نوعين : مضاف إلى الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف مثل سمع الله وبصر الله وقدرة الله وكلام الله وعلم الله , وضابطه ما إذا كان المضاف وصفاً لا يقوم إلا بموصوف , ومضاف إلى الله من باب إضافة المخلوق إلى الخالق مثل عبدالله وأمة الله وناقة الله وبيت الله , وضباطه ما إإذا كان المضاف عيناً قائما بنفسه . وهكذا الشأن فيما يقال فيه ( من الله ) فقد يكون منه وصفاً , وقد يكون منه خلقاً . فقوله تعالى ( ... وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ )( السجدة13 ) . القول وصفللرب سبحانه ونعت من نعوته . وقوله ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ... )( الجاثية13 ) مافي السماوات ومافي الأرض جميعاً هو من الله خقلاً وإيجاداً . وفي هذا الباب ضل طائفتان : المعتزلة حيث جعلوا الجميع إضافته إلى الله إضافة خلق وغيجاد , ليصلوا إلى مبتغاهم وهو القول بأن كلام الله مخلوق , وغلاة الصوفية حيث جعلوا الجميع إضافته إلى الله إضافة وصف , ليصلوا إلى متغاهم وهو القول بالحلول ووحدة الوجود تعالى الله عما يصفون . والحق وسط بين ذلك , والحاصل أن إضافة الكلام إلى الله عزوجل من باب إضافة الصفة إلى الموصوف . وعندما يقال كلام مليكنا يتضمن الأصل في الصفات , وهو ا، ما يضاف إلى الله من الصفات يثبت له على وجه يليق به , وهذا تضمنه قوله ( كلام مليكنا ) أي هي صفة لله تليق به لا تشبه صفات المخلوقين , فهو سبحانه له الكمال في ذاته وصفاته . ولذا قال بعض السلف ( إذا أردت أن تتعرف الفرق بين كلام الله وكلام المخلوقين فهو كالفرق بين الخالق والمخلوق ) والقاعدة عند أهل العلم : أن الإضافة تقتضي التخصيص , فعندما يضاف الكلام إلى الله فإنه يخصه ويليق بجلاله وكماله , وعندما يضاف الكلام إلى المخلوق فيخصه ويليق بعجزه ونقصه , ولا يلزم من اتفاق الشيئين في الاسم أن يتفقا في الحقيقة والمسمة . هذا بين المخلوق والمخلوق , فيكف بين المخلوق والخالق . الأمر الثاني : قوله ( غير مخلوق ) وهذا فيه رد وإبطال لقول من قال إن كلام الله مخلوق من المخلوقات التي أوجدها الله بقدرته , فالناظم بين بطلان هذا المعتقد بقوله ( غير مخلوق ) والقول بخلق القرآن هو معتقد الجهمية والمعتزلة وغيرهم . والجهمية يصرحون بهذه ويقولون : القرآن مخلوق والكلام مخلوق ولا يقولون هو كلام الله , ولهذا حاول شيخهم تحريف قوله تعالى ( ...وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) ( النساء164 ) إلى نصب لفظ الجلالة فراراً من إضافة الكلام إلى الله . وأما المعتزلة فيضيفون الكلام إلى الله ولكنهم يجعلونه من باب إضافة المخلوق إلى الخالق. والاشاعرة والكلابية أيضا يقولون بخلق القرآن , ولكن لا يصرحون بذلك , ويقولون : الكلام نوعان كلام نفسي ليس بحرف ولا صوت وهذا يضيفونه إلى الله , أم الكلام اللفظي الذي يشتمل على الحرق والصوت والذي هو القرآن افهو مخلوق , وهو عبارة أو حكاية عن كلام الله وليس كلام الله بل هو مخلوقٌ من جملة سائر المخلوقات , وبذلك يلتقون مع الجهمية . فالمصنف بقوله ( غير مخلوق ) أبطل جميع هذه المقالات . فالقرآن كلام الله حقيقة وهو بحرف وصت سمعه جبريل من الله عزوجل وألفاظه ومعانيه كلام الله , ليس كلام الله ألفاظه دون معانيه , ولا معانيه دون ألفاظه . وقوله ( مليكنا ) فيه إثبات صفة الملك لله . فالله مالك الملك , والملك كله لله . قال الله تعالة ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( آل عمران26 ) . والمخلوق إذا ملك شيئاً فإنما هو بتمليك الله له , فالله مالك الدنيا والآخرة , والملك من معاني الربوبية , لأن الربوبية لها معانٍ منها : االسيد والمطاع والملك . قوله رحمه الله ( بذلك ) الأشارة هنا إلى ما تقدم في الشطر الأول من بيان المعتقد الحق في كلام الله . ( دان الأتقياء ) أي : آنوا واعتقدوا ذلك , والأتقياء : دانوا بأن القرآن كلام الله غيرُ مخلوق , فهذا معتقدهم الذي لا يحيدون عنه , والنقول عنهم في ذلك كثيرة , فاللالكائي رحمه الله عقد فصلاً في ( شرح الاعتقاد ) في بيان أن كلام الله غير مخلوق وسكى أكثر من خمسمائة نفس من هؤلاء , وبعضهم يروي عنه بالإسناد , كلهم يقرر أن القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال إنه مخلوق فهو كافرٌ والنقول عنهم في هذا المعني كثيرة جدا . وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله : ولقد تقلد كفرهم خمسون في عشر من العلماء في البلدان واللالكائي الإمام حكاه عنهم بل قد حكاه قبله الطبراني قوله ( الأتقياء ) اختيار هذه الصفة لأهل السنة في غاية الجودة والدقة , فالتقوى : هي الوقاية بأن يجعل بينه وبين ما يخشاه وقاية تقييه , فتقوى الله عزوجل أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضب الله وسخطه وقاية تقيه بفعل الأوامر وترك النواهي , ولهذا أفضل ما فسرت به التقوى قول طلق بن حبيب رحمه الله: { التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجوا ثواب الله , وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله} قال ابن القيم رحمه الله ( وهذا من أحسن ما عرفت به التقوى ) وقال الذهبي في ترجمته ( وقد أحسن وأجاد ) وكذلك شيخ الإسلام أشاد بهذا التعريف , وكذا ان رجب . فهؤلاء الأعلام - أعني أئمة أهل السنة - اتقوا الله بلزوم السنن والطاعات وبترك النواهي والمحدثات , وأعظم ما تركوه وابتعدوا عنه الكفر والبدع والمحدثات والتي منها القول بخلق القرآن وإضافةً إلى ما فيه من كفر وضلال فقد ترتب عليه من المفاسد والأخطار عند من قال به شيء كثيراً ولذلك ترتب على قول الجهمية امتهان لكلام الله , وعدم مبالاة به , لأنه بزعمهم مخلوق من المخلوقات . ( وأفصحوا ) أي : إضافة إلى أنهم دانوا بذلك واعتقدوه بقلوبهم فقد أفصحوا به وصرحوا به وأبانوه وقرروه في المجالس ووضحوه , وانتصورا له , ولا سيما عندما يعلن أهل الباطل باطلهم ويصرحون بضلالهم . ولهذا يُنقل عن أبي إسحاق الإسفراييني أنه كان كل جمعة يقف ويقول ( القرآن كلام الله غير مخلوق خرقاً لقول الباقلاني , وذلك حتى لا يظن من يأتي بعدنا أننا علة معتقده ) , وذلك لأنه كان في عصره , نقل ذلك عنه شيخ الإسلام ( شرح العقيدة الأصفهانية ) وهذا أي الإفصاح قد مضى عليه أهل السنة في تآليفهم , فما تجد كتاباً مؤلفاً في الاعتقاد إلا وفيه التصريح بذلك والإفصاح به , بل أفردوا في ذلك كتباً ومصنفات . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04 / 05 / 2009, 40 : 08 PM | المشاركة رقم: 4 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح - ولا تكُ في القرآن بالوقف قائلاً*** كمـا قـال أتْبـاعٌ لجـمٍ وأسححُـوا بعد أن أنهى الناظم الكلام علىالمسألة الأولى بدأ يرد على طائفة من طوائف الجهمية , وهو الواقفة . معلوم أن مذهب أهل السنة هو أنهم يفصحون ويصرحون بأن القرآن كلام غير مخلوق , ومذهب الجهمية يصرحون فيه بضد ذلك , وهو أن القرآن مخلوق , ونشأ على إثر عقيدة الجهمية هذه بدعة الواقفة , فنشؤوا متأثرين ببدعة الجهمية الذين قالوا القرآن مخلوق , وبدؤوا ينشرون ذلك بين الناس , وأخذوا يثيرون الشبه , وأهل السنة يردون عليهم , ففي هذه الأجواء نشأ الوافقة الذين تأثروا بالجهمية - وهو قوم شكاك - فقالوا القرآن كلام الله ولا يقال مخلوق ولا غير مخلوق , وإنما قالوا ذلك لتأثرهم ببدعة الجهمية ودخولها في نفوسهم , ولذلك لم يستطيعوا الإفصاح بالمعتقد الحق وهو أن القرآن غير مخلوق , ولذا قال الإمام ( الواقفة جهمية ) والناظم أيضا يقول ذلك فقد وصفهم بأنهم ( اتباع الجهمية ) وبعض أهل العلم قال ( هم شر من الجهمية ) , ووجه : أن معتقد الجهمية مصرح فيه بالباطل , وهو وهو أن القرآن مخلوق , فنقده وبيان فساده للناس بالحجج والبراهين سهل , ولكن لما يأتي الواقفة ويقررون مذهبهم على أنه من باب الورع ويقفون في هذه الصفة , فهذا أخطر ما يكون على العوام , فيظنون أن في قولهم شيئاً من الوسطية والاعتدال , والواجب الإفصاح بالمعتقد الحق الذي دل عليه الكتاب والسنة . وعدم الإيمان به أو التوقف والتردد كله زيغٌ وضلال , والله يقول ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ... )(الحجرات15) والتوقف عن الإيمان بالحق نوعٌ من الشك والريْب . ( جهم ) هو ابن صفوان , رأس من رؤوس الجهمية , وقد ذكر أهل العلم منشأ هذا التعطيل : أن الجهم أخذه عن الجعد بن درهم عن ابان بن سمعان عن طالوت ابن أهت لبيد عن لبيد بن الأعصم اليهودي وهو أخذ ذلك عن يهود اليمن , هذه سلسلة هذا الضلال متصلةٌ باليهود , ومن هذا يعلم أن أساس التعطيل هم اليهود كما أنهم هم أساس الرافضة . ( أسجحوا ) أسجح بالشيء أي لانت به نفسه , فأتباع جهم لانت نفوسهم ومالت قلوبهم إلى هذا المعتقد , وفي نسخة ( أسمحوا ) وهو بمعناه أي : سمحت نفوسهم باعتقاد هذا القول وتقريره رغم فساده وبطلانه . 5- ولا تقـل القـرآن حلْـقٌ قرأْتُـهُ --- فـإن كـلام اللهِ باللفـظ يُوضـحُ ثم قال ( ولا تقل القرآن خلق قرأته ... ) أي لا تقل قراءتي بالقرآن مخلوقة , وهذا فيه الرد على بدعة أخرى غير بدعة الواقفة , ألا وهي بدعة اللفظية الذين يقولون لفظي بالقرآن مخلوق , أو تلاوتي بالقرآن مخلوقة أو قراءتي بالقرآن مخلوقة . ومنشأ هذه البدعة هي بدعة الجهمية نفسها , وشبهتهم هي شبهة الجهمية , لأن اللفظ والتلاوة والقرءة كلها مصادر تحتمل أحد أمرين : تحتمل الملفوظ والمتلو والمقروء وهو كلام الله وهذا غير مخلوق , وتحتمل حركة اللسان والشافه والحنجرة وصوت الإنسان وهي مخلوقة , فعندما يقال ( لفظي بالقرآن مخلوق ) يحتمل أحد هذين . فاللفظية هم - كما قرر أهل العلم - جهمية , وإنشاؤهم لهذه البدعة إنما كان لتقرير مذهب الجهم من طريق آخر وشبهة أخرى , للتلبيس على الناس , فهو عندما يقول ( لفظي بالقرآن مخلوق ) إلى قول الجهمية القائلين بخلق القرآن , ولذا قال الإمام أحمد رحمه الله وغيره ( اللفظية جهمية ) . أي : من قال اللفظ بالقرآن مخلوق فهو قائل بقول الجهم . قال الإمام أحمد رحمه الله ( من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي , ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع ) لأن قوله ( لفظي بالقرآن مخلوق ) يحتمل أمرين أحدهما مخلوق وهو حركة اللسان والآخر غير مخلوق وهو كلام الله , وباطل أن يقال إن كلامه سبحانه مخلوقٌ . وعندما يقول ( لفظي بالقرآن غير مخلوق ) يحتمل أمرين أحدهما حركة اللسان وباطل أن يُقال هذا غير مخلوق , والآخر المتلو المقروء وهذا غير مخلوق , ولذا كان الصواب التفصيل , فإن قصد به الملفوظ فهو كلام الله غير مخلوق , وإن أراد حركة اللسان والحنجرة وصوت العبد فهو مخلوق , فالصوت صوت القاري والكلام كلام الباري , الكلام إنما يضاف إلى من قال ابتداءً لا إلى من قال إبلاغاً وأداءً , ولذا قال الإمام أحمد ( القرآن كلام الله حيثما توجه ) أي سواءً حُفظ في الصدور , أو كُتب في السطور , أو تُلي بالألسن , أو سُمع بالآذان . والعلة في نهي الناظم عن قول اللفظية هي المُبَينة في قوله ( فإن كلام الله باللفظ يوضح ) وهذا معنى قول أهل السنة والجماعة ( القرآن كلام الله ألفاظه ومعانيه ليس كلام الله دون المعنى ولا المعنى دون اللفظ , واللفظ به يُوضِّح المعنى , ويُبين المراد , ويجلي المقصود ) . 6- وقل يتجلى الله للخلقِ جهرةً -- كما البـدر لا يخفـى وربـك أوضـحُ الرؤية حق دل عليها الكتاب والسنة المتوارتة , وأجمع عليها المسلمون , ولا ينكر الرؤية إلا الجهمية الضُّلال ومَنْ تأثر بهم , وقد قال بعض السلف مثل الشافعي رحمه الله ( من أنكر رؤية الله حري أن يحرم منها ) ( وقل ) الخطاب مُوجه لصلحب السنة ومن يريد اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولزوم أمره واقتفاء أثره , وأما صاحب الهوى والآراء والمنطق وغير ذلك فإنه لا يقيم للسنة وزناً ولا يرفع بها رأساً ولا يعبأ بها . ثل يا صاحب السنة غير متردد ولا شاك ( يتجلى ) التجلي هو الظهور والبيان أي يظهر ( الله للخلق ) والمراد بالخلق المؤمنون , فهم الذين ينعم عليهم سبحانه يوم القيامة برؤيته ويكرمهم بالظنر إليه , بل إن رؤيتهم له سبحانه هي أجلُّ مقاصدهم وأعظم غاياتهم وأهدافهم , ومن دعائهم ( اللهم إنا نسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ) وهو من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه . أما الكفار فلا يرونه , كما في قوله تعالى ( كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ) ( المطففين15 ) ولئن كان حجبُ الكفار عن رؤية الرب العظيم نوعاً من العقوبة , فإن تمكين المؤمنين منها أجلُّ هبة وأعظم عطية. ( جهرة ) أي عياناً جهاراً ليس بينهم وبين الله ما يحجبهم ( كما البدر لا يخفى ) البدر : هو القمر ليلة الرابع عشر عندما يمتلئ نوراً , | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04 / 05 / 2009, 42 : 08 PM | المشاركة رقم: 5 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح وعندما لا يكون بيننا وبينه سحاي , فإن المؤمنين يرونه جميعاً ولا يحتاجون إلأى تضام وتزاحم لرؤيته ساأن الأشياء الدقيقة , وكذلك لا يتضارُّون في رؤيته فلا يحصل لأحد ضرر في رؤيته , وكل ذلك يؤكد أن الرؤية تكون حقيقة وبيسر وسهولة , فإن الشمس والقمر يراهما الناس بأبصارهم رؤية حقيقية دون عنت أو مشقة والنبي صلى الله عليه وسلم قال ( إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ... )(2) , والكاف للتشبيه هنا للرب بالقمر أو الشمس - تعالى الله عن ذلك - وإنما التشبيه هنا للرؤية بالرؤية , وليس للمرئي بالمرئي , أي كما أن رؤية القمر تكون للناس حقيقةً عياناً بأبصارهم , فكذلك رؤية الله تكون حقيقةً عياناً بأبصارهم . ( كما ) الكاف للتشبيه , و ( ما ) زائدة , أي كالبدر . ( وربك أوضح ) القمر من مخلوقات الله ومع ذلك يراه الناس ليلة البدر عياناً بدون ضيم وضرر ونحو ذلك , فكيف بالرب الخالق تعالى ؟! فإنه أوضح من كل شيء سيراه المؤمنون بأبصارهم هياناً على الحقيقة . قوله ( وربك ) أي : أيها المخاطًب بهذا النظم , وهو رب الخلائق أجمعين , رباهم بنعمه لا ربًّ لهم سواه ولا خالق لهم غيره . وربوبيته لخلق نوعان :عامة و خاصة , فأما العامة بالخلق والرزق والإنعام والصحة ونحو ذلك من الأمور التي هي عام في المؤمن والكافر والبر والفاجر , وأما الخاصة فهي التربية على الإيمان والهداية للطاعة والتوفيق للعبادة وهذه مختصة للمؤمنين . ___________ 1- أخرجه النسائي في سننه برقم 1305 , وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي برقم 1304 2- أخرجه البخاري برقم 554 , ومسام برقم 633 7- وليـس بمولـدٍ وليـس بوالـدٍ --- وليـس لـه شِبْـهٌ تعالـى المُسبـحُ هذا البيت ذكره الناظم بعد إثبات الرية لله , ليبين به أن إثباتها حقيقةً لا يستلزم تشبيه الله بالمولود أو بالولد , ولا يستلزم التشبيه , لأن أهل السنة يثبتون الصفات على وجه يليق بالله تعالى , والإضافة تقتضي إلى المخلوق , فعندما تضاف الصفة إلى الله فإنها تليق بكمال الله , وإذا أضيفت إلى المخلوق فإنها تليق بضعفه ونقصه. ومن هنا يعلم أن مقالة التعطيل أساسها التثميل , فالمعطل بلغ درجة التعطيل لما مثل , فلم يفهم من الصفة التي أضيفت إلى الله إلا عين الصفة التي يعلمها من المخلوق , فكل معطل سائر تحت هذا الوهم الفاسد كما قال أحد هؤلاء يصف المتكلمين ( أناس مضوا تحت التوهم يظنون أن الحق معهم ولكن الحق وراءهم ) , هذا ذكره الهبي عن أبي حيان في التوحيدي , ثم قال ( وأنت حامل لوئهم ) . يقولون : لو أثبتنا الرؤية لله حقيقةً , لأثبتنا له الجسمية ولشبهناه بالمخلوق الحادث , لأن الرؤية لا تقع إلا على ذي جسم , وهذا قياس فاسد , حيث قاسوا الله بالمخلوق , ولهذا قال السلف ( ولا يقاس بخلقه ) , فالناظم جاء بهذا البيت ليزيل التوهم الذي قد يأتي , وهذا التوهم جاء بعد مقالة الجهمية , وأما قبلها فلا وهم , فإن الصحابة لم يخطر ببالهم شيء من ذلك . أي مع أنه يُرى يوم القيامة حقيقةً بالأبصار . ( ليس بمولود وليس بوالد ) أي لم يتفرع عن غيره ولم يتفرع عنه غيره , وهذا مأخوذ من قوله تعالى ( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) ( الإخلاص 3-4 ) ( وليس له شبه ) أي : الله سبحانه وتعالى , والشبه هو المثيل والنظير , والله لا شبيه له ولا مثيل ولا نظير لا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله . قال الله تعالى ( ...لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )( الشورى11 ) وقال تعالى ( ... هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا )( مريم65 ) وقال ( وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ )( الإخلاص4 ) وقال ( فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )( البقرة22 ) ويؤخذ من هذا أن إثبات الصفات لا يقتضي التمثيل فإن التمثيل أمر آخر غير إثبات الصفات . يقول الإمام أحمد رحمه الله ( المشبه يقول يدي كيدي وسمع كسمعي ... والله يقول ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) , فالذي يثبت الصفات لله على الوجه الذي يليق به ليس بمشبهة , وإنما الشمبه الذي يشبه صفات الله بصفات خلقه , وأهل السنة مطبقون على ذم هؤلاء المشبهة , وأن مقالتهم كفر وضلال . والمعطلة يرمون اهل السنة بالتشبيه , إما لأنهم لم يفهموا مقالتهم , لأو أنهم أصحاب أغراض سيئة وقصد فاسد . ( تعالى ) أي عن الشبيه والنظير أي ارتفع قدره وجل شأنه وتعاظم أن يكون له شبيه أو نظير فهو ينزه الله عن ذلك . والتعالي من العول وهو الرفعة , وهو ثابت لله ذاتاً وقدراً وقهراً . ( المسبح ) أي المنزَّه , لأن التسبيح في اللغة التزيه , وهذا التسبيح عبادة مقربة لله ورد الأمر بها في مواطن كثيرة , بل جاء الترغيب والحث على الإكثار من الستبيح في الأوقات المختلفة , ورُتِّب على القيام به في الأجور العظيمة والثواب الجزيل وفي الحديث ( من قال حين يصبح سبحان الله وبجمده مائة مرة غفرت له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر )(1) , وهو كلام ****** إلى الرحمن كما في الحديث ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن : سبحان الله بحمده , سبحان الله العظيم )(2) وفي الحديث ( أحب الكلام إلى الله : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر )(3) . وتسبيح الله يكون عما لا يليق به . وأما المعطلة فيفهمون من التسبيح تنزيه الله عن الصفات , ولذا يقولون : سبحان الله المنزه عن الصفات , قال أحد أهل العلم ( فانظروا إلى تسبيح الجهمية كيف أدى بهم إلى التعطيل ) , فهذ التسبيح أدى بهم إلى هذا الزيغ والضلال . ولا يجوز لمسلم أن يسبح الله عما جاءت به المرسلون , وإنما يجب تسبيح الله عما جاء به أعداء الرسل المخالوفن لهم , ولذن قال تعالى ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ) أي : أعداء الرسل ( وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ )( الصافات180-181 ) نزه نفسه عما يصفه به أعداء الرسل لأنه يتضمن الشتبيه والتعطيل , وسلم على المرسلين , لسلامة ما قالوه في حق الله من النقص والعيب . ومن أسماء الله ( القدوس والسلام ) وهما من أسماء التنزيه فيُنزه الله عن أن يوصف بصفات نقص أو أن يوصف بالنقص , ويُنزه سبحانه عن أن يُشبه أحداً من خلقه أو يُشبه أحدٌ من خلقه , يُنزه سبحانه عن أن يوسف بما لا يليق به , أمَّا أوصافه سبحانه اللائقة بجلاله وكماله فليس من الستبيح في شيء نفيها وتعطيلها . ــــــــــــ (1) أخرجه البخاري برقم6405 , ومسلم برقم2691 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . (2) أخرجه البخاري برقم6406 , ومسلم برقم2694 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . (3) أخرجه مسلم برقم2137 من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه . 8- وقد يُنكِر الجهمي هذا عندنا -- بمصـداقِ مـا قلنـا حديـثٌ مصـرحُ وقال: ( وقد ينكر الجهمي ... ) ( وقد ) عندما تدخل على المضارع فإن لها أحوالاً بحسب السياق , أحياناً تكون للتقليل , وأحياناً للتكثير , وأحياناً للتحقيق والتأكيد , وهنا المراد التحقيق والتأكيد , فيقول : حقيقة مقال الجهمية إنكار رؤية الله , ولذا يقول الإمام أحمد رحمه الله ( من ينكر الرؤية جهمي ) ( والجهمي ) أي المتأثر بالجهم بن صفوان شيخ الطريقة وأستاذ القوم . ( هذا ) أي رؤية الله , ولما ذَكَرَ مقال الجهمي بدأ بالرد عليهم فقال ( وعندنا ) أي نحن معاشر أهل السنة والجماعة ( بمصداق ما قلناه ) أي بتصديق الذي قلناه وهو إثباتنا للرؤية ( حديث مصرح ) ليس بالتخرصات والآراء بل بالنصوص من الكتاب أو السنة. ( مصرح ) أي صريح الدلالة على إثبات الرؤية , وفي نسخة أخرى ( حديث مُصَحح ) أي صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , والمعنيان يكمل أحدهما الآخر , فالحديث في الرؤية مُصحح من قبل الأئمة , بل هو متواتر , نص على ذلك غير واحد من أهل العلم , قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( وهذا الحديث من أصح الأحاديث على وجه الأرض المتلقاة بالقبول المُجْمِع عليها العلماء بالحديث وسائر أهل السنة )(1) . ومُصَرح بإثبات الرؤية لله سبحانه ’ فلم يبق لمبطلٍ متعلق . ــــــــــــــــــ (1) مجموع الفتاوى 6/421 9- رواه جريرٌ عم مقالِ مُحمـدٍ --- فقـلُ مِثـل مـا قـد قـال ذاك تنْجـحُ ( رواه جرير عم مقال محمد ) أي رواه الصحابي جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه عن قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصحيحن وغيرهما من كتب السنة . روى البخاري ومسلم عن جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه قال : كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر , فقال ( أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ليلة البدر لا تُضامون فيرؤيته , فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا )(1) يعني الفجر والعصر . هذا ما أشار إليه الناظم هنا , وحديث الرؤية حديث متواتر رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم غري واحد نت الصحابة منهم : أبوهريرة وأبوموسى الاشعري وجارب بن عبدالله وغيرهم رضي الله عنهم , والواجب الوقوف عند الأحاديث الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء منها المتواتر أو الآحاد , لكا أهل التعطيل لا يقيمون لها وزناً ولا يرفعون لها رأساً , بل يشمئزون من ذكرها ويتكلفون في دفعها وردها . وبعد أن رد الناظم على الجهمية قال ( فقل ) أي يا صاحب السنة ( مثل ما قال ) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مثل ما يقوله الجهمية المعلطة النفاة . ( في ذاك ) أي في الرؤية , أو في صفات الله عموماً , فكأن الناظم هنا يعطي منهجاً دقيقاً هو سبيل النجاة , أن يقول السني في صفات الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وهذا معنى ما قاله الإمام أحمد رحمه الله ( نصف الله بما وصف به نفسه , وبما وصفه به نبيه صلى الله عليه وسلم لا نتجاوز القرآن والحديث ) ( تنجح ) أي بذلك يكون نجاحك , والنجاح هو الظفر وميل المقصود وهو هنا الظفر بفضل الله , وتحقيق المعتقد الحق , والفوز بسعادة الدنيا والآخرة . ـــــــــــ (1)أخرجه البخاري برقم554 ومسلم برقم633 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04 / 05 / 2009, 43 : 08 PM | المشاركة رقم: 6 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح 10- وقد ينكرُ الجهمي أيضاً يمينهُ --- وكِلتا يديه بالفواضلِ تنْفحُ هذا البيت عُقد لإثبات هذه الصفة العظيمة صفة اليدين لله على وجه يليق بجلاله , وأهل السنة يثبتون اليدين لله حقيقة على الوجه اللائق بكمال الله وجلاله دون تشبيهٍ بيدي المخلوق , بل يقولون : لله يدان حقيقيتان لا تشبهان يدي المخلوق , وهذا شأنهم في إثبات جميع الصفات , فهم عند الإثبات يحذرون من منزلقين خطيرين هما : التعطيل والتمثيل, فمنهجهم في الصفات يقوم على أصلين هما : الإثبات بلا تمثيل , والتنزيه بلا تعطيل, فأهل السنة يثبتون اليد لله بلا تمثيل لها بصفة المخلوق وينزهون الله عن النقص , ولكن دون تعطيل له عن إثبات اليد الحقيقية اللائقة بجلاله وكماله . ويضاد هذا المنهج الذي يقوم عليه مسلك أهل السنة في إثبات الصفات منهجان منحرفان : الأول : إثباتٌ بمتثيلٍ , وهم المشبهة الذين يمثلون صفات الله بصفات خلقه وأهل السنة ليسوا مشبهةً إذ الشتبيه ضلال وكفر , لأن من يقول عن ربه إن يده كيده وسمعه كمسعه وبصره كبصره فهو إنما يعبد صنماً ووثناً من الأوثان . الثاني : تنزيه بتعطيل , وهم المعطلة الذين يجحدون صفات الله وينفونها بحجة تنزيه الله عن مماثلة خلقه , وهم أقسام كثيرة : منهم من يعطل الأسماء والصفات , ومنهم من يعطل الصفات دون الأسماء , ومنهم من يعطل بعض الصفات دون بعض , ومعطِّل الصفات عابد للعدم , ولذا قيل : المشبه بعدا صنماً , والمعطل يعبد عدماً . وهذان المنهجان وما تفرع عنهما يجمعهما وصف جامع وهو الإلحاد في أسماء الله وصفاته , وقد أمرنا الله تعالى أن نذر هذا المنهج وتوعد أهله باشد الوعيد في قوله ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) الأعراف180 . الممثلة يقولون في اليد : كأيدينا فلم يثبتوا لله يده التي تليق به , والمعطلة يقولون : يلزم من إثباتها التمثيل فلا نثبت لله بدا حقيقةً . ولهذا ( فكل معطل ممثل وكل ممثل معطل ) . ( كل معطل ممثل ) لأن تعطيله للصفات إنما قام على ساق التمثيل , فما جحد اليد إلا لأنه توهم أول الأمر أن إثباتها لله حقيقة يلزم منه التشبيه فنفى عن الله اليد , فهو لما يقرأ قوله تعالى ( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَأَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ العالين ) ص75 / لا يفهم منه إلا يد المخلوق وهذا يدفعه إلى تنزيه الله , ولا سبيل عنده إلا تنزيه الله إلا بنفي اليد عن الله , وعلى هذا مضى عامة معطلة الصفات يعطلونها , لأنهم لا يفهمون من المضاف إلى الله إلا عين ما يرونه ويشاهدونه في المخلوق . ولهذا يصرح بعضهم بهذا فيقولون ( لا نعقل يداً إلا عين ما نراه في الشاهد ) فهم فرو من شر ووقعوا في شر أخبث منه , ثم إنهم لما عطلوا صفة الله نتيجة للتمثيل الذي هم مرضى به انتقلوا منه إلى تمثيل آخر , فمثلوا الله إما بالمعدومات أو الجمادات أو الممتنعات بحسب نوع تعطيلهم , ويظهر من هذا أن كل معطل ممثل مرتين مرة قبل التعطيل ومره بعده , فكل تعطيل محفوف بتمثيل . ( وكل ممثل معطل ) من يمثل صفة الله بصفة خلقه فهو معطل وليس معطلاً مرة واحدة بل معطل ثلاث مرات , فالذي يقرأ قوله تعالى ( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ .. )ص75 / ثم يفهم منها يد كأيديهم وقع في التعطيل ثلاث مرات : 1- كونه عطل الله عن صفة اليد الحقيقية اللائقة به التي لا تشبه يد المخلوقين . 2- كونه عطل هذا النص وهو قوله تعالى ( ( مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ .. )ص75 / عن مدلوله , ومدلوله إثبات يد حقيقة تليق بالله , وصَرَفَه إلى إثبات يد تشبه يد المخلوقين . 3- كونه عطل النصوص الكثيرة في القرآن النافية للشتبيه كقوله تعالى ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى11 . ولم يسلم من التعطيل والتمثيل أحد من الطوائف برمتها غير أهل السنة والجماعة , ومن سواهم معطلة ممثلة في الوقت نفسه , وإن كان يزعم كل واحد منهم ظاهر قوله أنه غير معطل أو غير ممثل . والناظم بدأ إثبات صفة اليد بالرد على الجهمية , والجهمية أساس الشر ورأس البلاء في تعطيل الصفات , ولذا فكل معطل جهمي , وكل معطل شيخه الأول الجهم بن صفوان , لأنهم ورثوا منه تركة التعطيل ولكنهم في أخذهم عنه يتفاوتون , فبعضهم أخذ منه بحظ وافر و وبعضهم أخذ منه دون ذلك . ( وقد ينكر الجهمي ) أي يجحد السائر على منهج الجهم والمتأثر بشبهه، و ( قد ) هنا للتأكيد والتحقيق. ( أيضا ) أي مع إنكاره للصفات الأخرى. ( يمينه ) أي ثبوت اليمين واليد لله تعالى. وهنا سؤال: كيف أنكر الجهمية اليمين واليد لله مع أن اليد ثابتة في القران والسنة بمئات النصوص، ووصفت بصفات كثيرة لا تجعل من يقرأ تلك الأدلة يتردد في إثباتها لله، بل قد وصفت اليد بصفات تصل إلى مائة صفة، مثل الطي والقبض والبسط والأخذ و الإعطاء وغير ذلك من الصفات، كلها تؤكد إثبات هذه الصفة لله حقيقة على الوجه اللائق به. و إذا كان الأمر كذلك، فكيف غرس الجهم في نفوس من تأثر به عدم إثبات اليد لله؟ وقبل مقالة الجهم كان كل من يقرأ آيات الصفات في القران لا يفهم منها إلا الصفات الحقيقية اللائقة بالله، ويعلم ذلك بالنظر إلى العوام الذين لم يتلقوا بجهمي أو أي متكلم، فإذا تليت عليهم آية في الصفات لا يفهمون منها إلا الصفة الحقيقية. فدبر الجهم خطة وبدا بتعقيد القواعد الكليات لجحد الصفات، فهو لا يستطيع أن يأتي إلى الناس رأسا ويقول لهم : ليس لله يد، فجاء بألفاظ مجملة ونزه الله عنها، وجعل تنزيه الله عنها أصولا كلية عند هؤلاء، ثم توصل إلى إنكار الصفات من خلال ذلك، حيث جاء بلفظ الجسم والحيز والجهة، فقال مثلا: هل الله جسم؟ فاحذ يقرر أن الله ليس بجسم ولا يوصف بالجسمية، فلما قرر ذلك ومكنه من نفوسهم اخذ يقرر فيهم ما يريد فقال: لو أثبتنا لله اليد أثبتنا له الجسمية ولو أثبتنا له الجسمية شبهناه بخلقه ومن ثم غرس فيهم تعطي الصفات. ولكن واجهته مشكلة وهي النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة التي تصادم تقريره، فدلهم على التحريف، وبهذا توصل الجهم إلى تقرير إنكار صفات الله لدى من استهوتهم شبهته واستفزهم ضلاله و باطله من ذوي الجهل وقلة البصيرة بالدين . ( اليمين ) صفة ثابتة لله، فالله له يدان حقيقيتان، وفي رواية لمسلم إثبات يدين لله : يمين وشمال، ومن أهل العلم من صوب أن لفظ الشمال لم يثبت و إنما الثابت ( الأخرى ) بدل الشمال، وعلى كل فهذه الرواية ليست معارضة لقوله صلى الله عليه وسلم ( وكلتا يدي ربي يمين )(1) لان أهل العلم وضحوا أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم ( وكلتا يدي ربي يمين ) نفي توهم النقص ؛ لأنه قد تبادر إلى بعض الأذهان أن الشمال أو الأخرى انقص من اليمين. و اليمين ثابتة لله في القران والسنة، قال تعالى ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (الزمر67)، وفي هذه الآية رد بين على المعطلة الذين قالوا إن إثبات اليد لله يلزم منه تشبيه الله بالخلق . فيقال لهم: كيف يفهم عاقل تأمل هذه الآية انه يلزم من إثبات اليد لله حقيقة تشبيه الله بالمخلوق وقد وصف يده سبحانه بهذه العظمة والكمال . ويرد عليهم بأنه لا يلزم من اتفاق الشيئين في الاسم أن يتفقا في الحقيقة و المسمى، هذا بين المخلوق والمخلوق، فكيف بين الخالق والمخلوق ؟ ( وكلتا يديه ) وفيه إثبات اليدين لله حقيقة على الوجه اللائق به، وهذا التنصيص بأن له يدين جاء في القران والسنة، قال تعالى ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ... ) (المائدة 64) . وفي الحديث ( يمين الله ملآى لا يغيظها نفقة سحاء الليل والنهار، أ رأيتم ما انفق منذ خلق السماوات والأرض، فانه لم يغض ما في يمينه وعرشه على الماء وبيده الأخرى القسط يرفع ويخفض ). رواه البخاري ومسلم(2) . وهذه الآية والحديث من أقوى الأدلة في الرد على من قال يده قدرته، فيقال لهم: هل لله قدرتان؟ و بإجماع أهل الإسلام انه ليس لله قدرتان، وتفسيرها بالنعمة أيضا مردود؛ لأنه لا يقول أحد أن لله نعمتين بل نعمه كثيرة، وماذا يقول هؤلاء في الحديث؟ هل يقولون وبقدرته الأخرى أو بنعمته الأخرى أو ماذا يقولون؟ ولا يعارض ثبوت اليدين لله أن اليد قد جاءت في بعض النصوص بصيغة الجمع كما في قوله تعالى ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ ) (يس71) وكذلك جاءت مفردة كما في قوله تعالى ( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (الملك1). لأن لغة العرب تتسع للإخبار عن المثنى بالجمع أو المفرد، قد ورد ذلك في القران كما في قوله تعالى ( فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) (التحريم4)، ومازال العرب يقولون رأيتك بعيني، وسمعتك بأذني، والمراد عيني وأذني، فلا تعارض إذا بين الألفاظ الواردة. ومثله تماما القول في العين . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04 / 05 / 2009, 44 : 08 PM | المشاركة رقم: 7 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ( وكلتا يديه بالفواضل ) الفواضل جمع فاضلة، وهو الخير والجود والكرم والعطاء، قال الله تعالى ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ) (المائدة64) . روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ( إن المقسطين عند الله يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الحمن وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم و أهليهم وما ولوا )(3) . ( تنفح ) والنفح العطاء، وفي بعض النسخ ( تنضح )، و النضح هو الرش والسقي، والمقصود انه يعطي الجزيل ويكرم عباده ويعطيهم العطاء الواسع، كما في الحديث ( يمين الله ملآى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار... )(4) واليد من صفات الله الذاتية، والناظم عندما يذكر إنكار الجهمية لليد يشير بذلك إلى إنكارهم للصفات الذاتية الأخرى كالوجه والقدم والعين والساق ونحوها فمضمون كلامه الرد عليهم في إنكارهم بقية الصفات الذاتية؛ لان القول في الصفات واحد. وصفات الله نوعان: ذاتية و ضابطها : هي التي لا تنفك عن الذات، ولا تعلق لها بالمشيئة. وفعلية : وهي التي تتعلق بالمشيئة. ولا فرق عند أهل السنة والجماعة بين الصفات من حيث الإثبات فكلها حق تثبت لله كما وردت ويؤمن بها كما جاءت بلا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. ــــــــــــــــــ (1) أخرجه مسلم برقم1827 من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما . (2) البخاري برقم7411 ومسلم برقم993 من حديث ابي هريرة رضي الله عنه (3) بنفس تخريج (1) (4) بنفس تخريج (2) __________________ 11- وقل ينزلُ الجبارُ في كلِّ ليلةٍ --- بـر كيـفَ جـلَّ الواحـدُ المُتمَـدحُ هذه الأبيات في إثبات نزول الله في كل ليله إلى سماء الدنيا، و أهل السنة مذهبهم في النزول هو مذهبهم في بقية الصفات، فكل صفة لله ثبتت في الكتاب والسنة يمرها أهل السنة كما جاءت و يثبونها لله كما أثبتها لنفسه وكما أثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس أحد من أهل السنة يتقدم بين يدي الله ورسوله معترضا على قوله بان يقول بعد إثبات الله الصفة : هذا لا يليق بك يا الله، أو بعد إثبات الرسول صلى الله عليه وسلم لها هذا لا يليق بالله، فينفي عن الله الصفات تنزيها لله عما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم و كأنه اعلم بالله من نفسه واعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وسلم، تعالى الله عما يقولون وسبحان الله عما يصفون، ولذا أهل السنة يقولون لا بد من أصول ثلاثة لمن أراد الاشتغال بالأسماء والصفات: الأول : أن يُقر في نفسه انه لا أحد اعلم بالله من الله. ( قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ ) (البقرة140) الثاني : انه لا أحد اعلم بالله من خلق الله من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو اعلم الخلق بالله (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) (النجم 3 / 4) الثالث: أن الله بالنسبة لنا غيب لم نره، فلا مجال للإنسان أن يخوض فيما هو غائب عنه من وصف إلا بوحي. وعليه فالطريقة الحقة في باب الصفات: أن نصف الله بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله لا نتجاوز القران والحديث، كما قال رحمه الله ( ندور مع السنة حيث دارت ) أي نفياً و إثباتاً. فمن تقررت في قلبه تلك الأصول امتنع أن يخوض في الصفات بما لا يعم، وعلم فساد مذهب أهل الكلام الباطل الذين يتقدمون باراهم وعقولهم الفاسدة بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ( النزول ) قد وردت به السنة، وحديثه متواتر رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية وعشرون صحابيا، وهذا يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا القول (ينزل ربنا إلى السماء الدنيا )(1) غير مرة , ، وهو عليه الصلاة والسلام افصح الناس وابلغهم وانصحهم، وقد بلغ ما انزل إليه أتم البلاغ، وبينه احسن البيان واوضحه، وهو احسن خلق الله تنزيها لله وتعظيما له، فقال في اكثر من مرة ( ينزل ربنا ) و إثباته صلى الله عليه وسلم لربه هذه الصفة لا يتنافى مع تنزيهه له سبحانه، فماذا يقول المعطلون المعترضون على قول الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والمتقدمين بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ أما الصحابة و التابعون و أئمة السلف فلم ينقل عن أحد منهم انه قال هذا لا يليق بالله و أنها ليست على ظاهرها وهم المعطلة الجهمية ومن لف لفهم فيقولون : الله لا ينزل؛ لانا لو أتثبتنا لله النزول لأثبتنا له الحركة والمكان، وهكذا ينفون عن الله صفة النزول، وهذه التعليلات العقلية لها منشأ فاسد في قلوب هؤلاء انبثق منه إنكارهم للصفات، وهو قياس الخالق بالمخلوق، أو فهم الصفة التي تضاف إلى الخالق كما يفهمون من الصفة التي تضاف إلى المخلوق ، فقالوا : لو أتثبتنا لله النزول لاثبتنا له الحركة والانتقال والمكان، وهذه الأمور من صفات الحوادث والله منزه عن الحوادث، إذاً ما النتيجة؟ نفي هذه الصفة. يُقال لهم: إذا كانت تعليلاتكم هذه صحيحةً، فلماذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في غير مجلس ( ينزل ربنا؟ ) يجيب هؤلاء المتكلمون : النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد بقله هذا نزول الله، و إنما أراد نزول الملك. يقال لهم: إذا كان ذلك كذلك فان هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم اقرب ما يكون إلى الألغاز والتعمية منه إلى الفصاحة والبيان. و إذا كان كلام هؤلاء حقا لكان اللازم على النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: ينزل ملك ربنا صراحةً، ولكنه لم يفعل ولو مرة ، فهو في كل مرة يقول ( ينزل ربنا ) ولو كان كلامهم حقا لقال ولو في مجلس واحد: ينزل ملك ربنا؛ حتى يحمل المطلق على المقيد، ولكنه لم يفعل، وقولهم هذا بلا شك فيه طعن في علم النبي صلى الله عليه وسلم و فصاحته، وطعن في نصحه صلى الله عليه وسلم، لأنه يقال هؤلاء : هذا الذي تقولونه هل علمه النبي صلى الله عليه وسلم أم لم يعلمه ؟ فان قالوا : لم يعلمه وعلمناه دونه فهو تجهيل للرسول صلى الله عليه وسلم، وان قالوا: هذا أمر علمه النبي صلى الله عليه وسلم يقال لهم: هل هو قادر على الإفصاح عنه وبيانه للامة بوضوح أم ليس بقادر؟ فان قالوا ليس بقادر على الإفصاح عنه وافصح عنه الجهمية فهذا طعن في فصاحته وبيانه، وان قالوا قادر على الإفصاح عنه، يقال لهم: هذا فيه طعن في نصحه، لأنه عالم قادر ومع ذلك لم يفصح لأنه لم يقل ولا مرة واحدة ينزل ملك ربنا، وان قالوا هو نصح الأمة وبين، قيل لهم: أعطونا ولو حديثا واحدا قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: ينزل ملك ربنا. وهذه الأمور الثلاثة يمكن أن تقال في شان من ينفي أي صفة من الصفات. والناظم رحمه الله يثبت نزول الله على وجه يليق بالله، و أهل السنة في النزول يحترزون من أمرين: 1- تعطيل النزول ونفيه. 2- تكييف النزول. على القاعدة ( إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل ). ( قل ) الخطاب لصاحب السنة والعقيدة السلفية أي قل ذلك غير متردد ولا مرتاب , بل قله مؤمناً موقناً , لأن هذه الكلمة قالها النبي صلى الله عليه وسلم في غير مجلس , فإذا قلت ذلك لم تزد على أن قلت مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم , ولم ترد على أن آمنت بما آمن به النبي صلى الله عليه وسلم . وهذا البيت اشتمل على على الأصليين , ففي قوله ( ينزل الجبار في كل ليلة ) احتراز من التعطيل . وفي قوله ( بلا كيف جل الواحد .. ) احتراز من التكييف وفي نفيه للتكييف نفي للتمثيل , لأن الممثل مكيف , ولذا ( كل ممثل مكيف وليس كل مكيف ممثلاً ) لأن الممثل يقول ينزل الله كنزول المخلوق , وهو في الوقت نفسه كَّيف صفات الله بكيفية صفات المخلوق , وليس كل مكيف ممثلاً لأن التكييف يكون بتمثيل , وقد يكون بلا تمثيل وإنما بتخيل الذهن . ( بلا كيف ) مراد الناظم بهذا القول , أي : بلا كيف معلوم لنا , فهو نفيٌ لعلمنا بالكيفية وليس نفياً للكيفية , لأن ما لا كيفية له لا وجود له , فإن صفات الله لها كيفيةٌ اللهُ أعلم بها , ولذا قال الإمام مالك رحمه الله ( والكيف مجهول ) ولم يقل : الكيف معدوم . والعلم بكيفية الصفات فرع عن العلم بكيفية الذات , فإذا قال الجهمي كيف ينزل ربنا إلى سماء الدنيا ؟ قل كيف هو في ذاته ؟ فإذا قال أنا لا أعلم كيفيته قيل له ونحن لا نعلم كيفية نزوله إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف وهو فرع له وتابع له . فأهل السنة يقولون ينزل الله إلى السماء الدنيا كما أخبر رسول الله | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04 / 05 / 2009, 45 : 08 PM | المشاركة رقم: 8 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح صلى الله عليه وسلم ولا يكيفيون , فلا يجعلون لصفة الله كيفيةً ككيفية المخلوق , ولا كيفية يتخيلونها في الذهن , والمعطلة الذين نفوا النزول إنما نفوه بعد تكييفٍ , لأنه قد استقر في أذهانهم النزول الذي في المخلوق , وهذا الذي فهموه في عقولهم ظنوا أن أهل السنة يثبتونه فرموهم بالتشبيه . وبعضهم افترى على شيخ الإسلام أن نزل عن المنبر وقال ( ينزل الله كنزولي هذا ) ذكر ذلك ابن بطوطة في رحلته , وهذا كذب وافتراء عليه رحمه الله , لأنه كان في السجن في الوقت الذي مر فيه ابن بطوطة دمشق , والذي يريد أن يعرف عقيدة الشيخ يقرأ كتاب ( شرح حديث الزول ) وقد قرر فيه إبطال تشبيه نزول الله بنزول المخلوقين في مواضع , والذي دفع هؤلاء إلى هذا الإفتراء على شيخ الإسلام وغيره هو أنهم لم يفهموا من الزول إلا نزول المخلوق , ولما رأوا أهل السنة يثبتون هذا النزول وصفوهم بالتشبيه . وحاشاهم من التشبيه . ( الجبار ) هو الله وهو اسم من أسمائه كما في قوله تعالى ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ( الحشر23 ) . والجبر الذي في اسمه الجبار من دلالاته : الإصلاح , يقال : جبر كسره أي أصلحه , وجبر حال الفقير , أي : أصلحه . ومن مدلولاته العلو والقهر , أي العلي على خلقه والقهر فوق عباده . ( جل ) أي عظم قدره عن التكييف سواء كان مبناه الأوهام , أو القياس بصفات المخلوق , قال الله تعالى ( تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) ( الرحمن78 ) . ( الواحد ) المنفرد بصفات كماله ونعوت جلاله . ( المتمدح ) المتمدح صفة للواحد , أي الذي يمدحه المؤمنون ويثنون عليه فهو الذي أسبغ على العباد من النعم وأولاهم من العطاء ما يوجب مدحهم له , وحسن الثناء عليه وحمده , وهو جل وعلا لا يُحصي أحدٌ الثناء عليه , وهو سبحانه يُثني عليه ويُمدح على أسمائه الحسنى وصفاته العُلى , وعلى نعمه وعطاياه التي لا تُعد ولا تُحصى . 12- إلى طبقِ الدنيـا يمُـنُّ بفضلـهِ --- فتفـرجُ أبـواب السمـاءِ وتُفتـحُ هذه الجملة في هذا البيت مكملة للبيت السابق , فهذا كقوله صلى الله عليه وسلم ( ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ) , فالجار والمجرور في قوله ( إلى طبق الدنيا ) متعلق بقوله ( ينزل الجبار ) . ( طبق ) هو الغطاء , والسماء غطاءٌ للأرض , وكل سماء غطاء للسماء التي دونها , وسماء الدنيا سميت بذلك , لقربها من الأرض . ( يمن بفضله ) المن هو البذل والعطاء فينزل سبحانه ليعطي ويتفضل على العباد بالخيرات وأنواع الهبات . ( فتفرج أبواب السماء وتفتح ) , قوله ( تفرج ) أي تنشق وتنفتح والسماء لها أبواب دل على ذلك نصوص كثيرة , منها قوله تعالى ( ...لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ... ) ( الأعراف 40 ) . وقد جاء في بعض روايات حديث النزول أن أبواب السماء تفتح وقت النزول الإلهي , ففي المسند للإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إذا كان ثلث الليل الباقي يهبط الله عزوجل إلى السماء الدنيا , ثم تفتح أبواب السماء , ثم يبسط يده فيقول : هل من سائل يعطى سؤله فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر )(1) . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ (1) المسند رقم 3672 13- يقولُ أَلا مُستغفرٌ يَلـقَ غافـراً --- ومُستمنـحٌ خيـراً ورِزْقـاً فُمنـحُ ( يقول ) أي الله سبحانه عندما ينزل , فالقائل هو الله , لأنه لا يصح أن يقول المَلَك ( من يستغفرني من يسألني من يدعوني ) وهذا يبين بطلان قول الجهمية : إن الذي ينزل هو المَلَك , لأنه لو كان الذي ينزل هو المَلَك لقال : ‘ن الله يغفر الذنوب فمن يستغفره , كما في الحديث الآخر ( إذا أحب الله عبداً نادى جبريل إني أحبٌّ فلاناً فأحبه فيحبُّه جبريل وينادي أهل السماء إن الله يحب فلاناً فأحبوه ... )(1) الحديث . وجاء في بعض روايات حديث النزول أن الله يقول ( لا أسألُ عن عبادي أحداً غيري )(2) وهي مبطلة لمقالة هؤلاء , لأن هذا لا يمكن أن يقول إلا الله . ( أن مستغفرٌ ) , ( ألا ) أداة تخصيص , فهو يخص على الاستغفار والإستمناح , والمستغفر : طالب الغفران . ( يلق غافراً ) هو الله الغفور ذو الرحمة سبحانه وتعالى ( ... وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ... ) ( آل عمران135 ) . ( مستمنح ) من يطلب المنح وهو العطاء , أي يسأل الله الخيرَ والرزقَ , والخيرُ شاملٌ لأمور كثيرة . ( فيمنَح ) أي قيمنحه الله حاجته ويعطيه سؤله , فإن خزائنه ملآى لا يغسضها نفقة , يقول تعالى في الحديث القدسي ( يا عبادي لو أنَّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني وأعطيت كلَّ واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما يُنقص المخيط إذا غمس في البحر )(3) . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ (1) أخرجه البخاري برقم 6040 ومسلم برقم 2637 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . (2) أخرجه أحمد برقم 16316 (3) أخرجه مسلم برقم 2577 من حديث أبي ذر رضي الله عنه | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04 / 05 / 2009, 46 : 08 PM | المشاركة رقم: 9 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح 14- روى ذاك قومٌ لا يردُّ حديثُهم --- ألا خابَ قومٌ كذبوهم وقُبِّحوا ثم ذكر الناظم رحمه الله دليل النزول فقال : ( روى ذاك قوم لا يرد حديثهم ) الإشارة بقوله ( ذاك ) إلى النزول الإلهي الثابت , أي : الذي رووا حديث النزول ثقات أثبات لا يرد حديثهم بل يتلقى بالقبول , والحديث متواترٌ , نص على ذلك غير واحد من الأئمة منهم : شيخ الإسلام في ( شرح حديث النزول ) , وابن القيم في ( الصواعق المرسلة ) والذهبي في ( العلو ) والسيوطي في ( الأزهار المتناثرة ) , والكتاني , وقد ذكر ابن القيم في ( الصواعق ) أن ثمانية وعشرين صحابياً رووه , وذكرهم . ( ألا خاب ) ( ألا ) أداة استفتاح و تنبيه , أي خسر الذين كذبوا هؤلاء الرواة الأثبات نقلوا النزول عن النبي صلى الله عليه وسلم . وهؤلاء الذين كذبوا الصحابة في هذه الأمور قبلوا عنهم أحاديث الأحكام , فَلِم هذا التفريق ؟! قال عباد بن العوام ( قدم علينا شريك فسألته عن الحديث " إن الله ينزل ليلة النصف من شعبان (1) " قلنا : إن قوماً ينكرون هذه الأحاديث !! قال فما يقولون ؟ قلنا : يطعنون فيها , فقال : إن الذين جاءوا بهذه الأحاديث هم الذين جاءوا بالقرآن وبالصلاة والحج وبالصوم , فما يُعرف الله إلا بهذه الأحاديث ) . وهذا الضلال مبنيٌّ على القاعدة التي قعدها المعتزلة : أن خبر الآحاد لا يقبل في العقيدة , مع أن حديث النزول متواتر , فما الضابط عندهم ؟ ومن يتأمل يجد أنَّ الضابط عند هؤلاء هو : أنَّ كلَّ حديث خالف مذهبهم ردوه بحجة أنَّه خبر آحاد وإن كان متواتراً , وكل حديث وافق هواهم قبلوه ولو كان مكذوباً , ولذا اعتمدوا على الحديث المكذوب ( أو ما خلق الله العقل ) , فالقوم أصحاب أهواء . الناظم رحمه الله لم يذكر العلو والاستواء , لكن في ضمن الأبيات التي ذكرها إشارة إلى ذلك فاكتفى به , لأن في إثبات النزول إثباتاً للعلو , ولهذا أورد الإمام الذهبي رحمه الله هذه المنظومة بكاملها في كتابه ( العلو) في سياق ما نقله عن الأئمة من نقول في تقرير علو الله على خلقه , وسيأتي أيضاً قول الناظم ( وذو العرش يصفح ) وفيه إثبات العرش العظيم الذي استوى عليه الربُّ عزوجل . ـــــــــــ أخرجه الترمذي (739) وإسناده ضعيف 15- وقل: إنَّ خير النَّاسِ بعد محمَّدٍ --- وزيراهُ قدَماً ثـم عثمـانُ الارجَـحُ هذا مختصرٌ لمعتقد أهل السنة في الصحابة , ومع اقتضاء المنظومة الإختصار إلا أن الناظم قد أتى منه بالشيء الكثير , وبدأه بذكر التفاضل بينهم رضي الله عنهم أجميعن . ( قل ) أي يا صاحب السنة ويا من يريد لنفسه المعتقدَ الصحيحَ , معتقدَ أهل السنة والطائفة المنصورة والفرقة الناجية , قل وأنت منشرحُ الصدر وغيرُ شاك ولا مرتاب : ( إن خير الناس بعد محمد ) أي أفضل الناس وأزكاهم بعد محمد صلى الله عليه وسلم , والناظم هنا يقرر من هم أفضل أمة محمد صلى الله عليه وسلم , فيقول : إن خير الناس بعد محمد صلى الله عليه وسلم ( وزيراه قدماً ) وهما : أبوبكر وعمر رضي الله عنهما . و ( الوزير ) في اللغة هو العوين للملك والذي يحتمل عنه أثقاله ويشير عليه ويعينه , ولذا وصف الناظم أبابكر وعمر بأنهما وزيران له صلى الله عليه وسلم . ( قدماً ) اسم زمان من القِدَم , أي هما وزيران له منذ بداية الدعوة , لأن نصرتهم للنبي صلى الله عليه وسلم كانت قديمةً , وقد جاء في حديث يُرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم عند الترمذي والحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما من نبي إلا كان له وزيران من أهل الأرض ووزيران من أهل السماء فوزيرا أهل السماء هما جبريل وميكال ووزيرا الأرض أبوبكر وعمر )(1) ولكن الحديث ضعيف وله طريقان آخران ضعيفان , لكن ثبت في فضلهما وخيريتهما أحاديث . روى البخاري ومسلم من حديث عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه ( أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . فقلت : من الرجال ؟ قال : أبوهما , فقلت ثم من ؟ فقال عمر بن الخطاب )(2) وليسا أفضل هذه الأمة فحسب بل هما افضل الناس بعد النبيين والمرسلين كما في الحديث ( أبوبكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين ) وهو مروي عن غير واحد من الصحابة منهم علي بن أبي طالب وأنس ابن ماللك وجابر وأبوسعيد وهو حديث صحيح بمجموع طرقه (3) وثبت في صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما , أنه قال ( كنا زمن النبي لا نعدل بأبي بكر أحداً , ثم عمر ثم عثمان , ثم نترك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نفاضل بينهم )(4) وروى البخاري عن محمد بن الحنيفة قال : قلت لأبي يعن يعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ( أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : أبوبكر , قلت : ثم من ؟ قال : عمر , قال : وخشيت أن يقول عثمان , قلت ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا واحد من المسلمين )(5) . وقد تواتر هذا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بل جاء عنه أنه قال ( لا يفضلني أحد على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري )(6) , وذلك لأنه افترى الكذب عندما قدَّم عليا على الوزيرين . والنصوص الواردة في تفضيل أبي بكر وعمر كثيرة جداً , أوردها أهل العلم في الكتب التي تعتني بمناقب الصحابة , وتفضيلُ أبي بكر وعمر على الصحابة كلهم محل اتفاق بين أهل العلم , وقد ذكر القاضي أبويعلى عن الإمام أحمد أن قال ( من فضل عليا على أبي بكر وعمر أو قدمه عليهما في الفضيلة والإمامة دون النسب فهو رافضي مبتدع فاسق ) . ــــــــــ (1) الترمذي برقم3680 والحاكم في المستدرك 2/290 وقال " صحيح الإسناد ولم يخرجاه " وقد ضعفه الألباني في ضعيف سنن الترمذي برقم3680 (2) البخاري برقم3662 , ومسلم برقم2384 (3) انظر السلسلة الصحيحة برقم 824 (4) البخاري برقم 3655 (5) البخاري برقم 3671 (6) أخرجه ابن أبي عاصم في السنة 1219 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04 / 05 / 2009, 46 : 08 PM | المشاركة رقم: 10 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح - ورابعهُمْ خيرُ البريَّة بعدهُم --- علـيٌّ حليـفُ الخيـرِ بالخيـرِ مُنْجِـحُ أي رابع الصحابة في الفضل هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( خير البرية ) أي خير الناس بعد أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم . ( البرية ) من : برأ الله الخلق يبرؤهم أي خلقهم . وعليٌّ هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته وأبو السبطين صاحب المناقب الكثيرة , وقد أشار الناظم إلى بعض فضائله . ( حليف ) أي المحالف للخير الذي حليفه الخير دائماَ يحظى بالخير وينلل الخير ويحصله أي أنه دائماً ملازم للخير . ( بالخير منجح ) من النجاح , وهو تحصيل المقصود والظفر به . وفي بعض النسخ ( بالخير يمنح ) , وفي نسخة ( بالخير ممنح ) أي أنه يعطي الناس ويمنحهم , ففيه وصفه بالسخاء والجود والكرم . 17- وإنَّهم للرَّهطُ لا ريبَ فيهمُ --- على نُجـبِ الفـردوسِ بالنُّـور تَسـرحُ أي هؤلاء المذكورون من الصحابة الخلفاء الأربعة , وكذلك الذين سرد اسماءهم في البيت الآتي . ( للرهط ) وهو عشيرة الرجل , ويطلق على ما دون العشرة , وقيل ما بين الثلاثة إلى العشرة . وفي بعض النسخ ( والرهط ) ولعله الأقرب , ويكون الضمير في قوله ( وإنهم ) عائداً على الأربعة والرهط معطوف عليه , والمقصود بهم الستة المذكورون في البيت الذي بعده . ( لا ريب فيهم ) لا تهمة ولا شك فيهم وفيما سينالونه من الله من الفضل ولا شك في منزلتهم عند أهل السنة , ولا ريب في أنهم من أهل الجنة . ( على نجب ) جمع نجيب وهو أكرم المال وأنفسه , والمراد أنهم يسرحون في الجنة على نجب الفردوس وهي النوق الكريمة والخيل الكريمة يروحون عليها ويغدون في الجنة , روى مسلم عن أبي مسعود الأنصاري قال جاء رجل بناقة مخطومة فقال هذه في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة )(1) وروى الترمذي عن سليمان بن بريدة بن الحصيب عن أبيه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هل في الجنة من خيل ؟ قال ( إن أدخلك الله الجنة فلا تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء يطير بك في الجنة حيث شئت إلا فعلت ) قال : وسأله رجل فقال : يا رسول الله هل في الجنة من إبل ؟ قال : قلم يقل له مثل ما قال لصحابه , قال ( إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك )(2) , وسنده ضعيف , لكنه جاء من طريق أخرى مرسلاً بسند صحيح , وله شاهد من حديث بريدة رضي الله عنه قيرتقي بذلك إلى درجة الحسن , كما في السلسلة الصحيحة للألباني رحمه الله برقم 3001 . ويقصد الناظم رحمه الله بهذا أن هؤلاء مقطوع لهم بالجنة سهد لهم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم , سيأتي إن شاء الله ذكر بعض الأحاديث الدالة على ذلك . ( الفردوس) اسم من أسماء الجنة , وهو اسم لأعلى الجنة وأوسطها وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله , كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض , فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة )(3) ( بالنور تسرح ) اي بمن عليها من أهل النور والوضاءة والبهاء والحسن . ( تسرح ) أي تذهب حيث شاء راكبها , وفي بعض النسخ ( في الخلد تسرح ) والخلد هي الجنة , لأنها دار النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول . وفي هذا أن أهل الجنة يتزاورون فيها يغدون ويروحون لتتم لذتهم وليكمل أنسهم وسرورهم , نسأل الله الكريم من فضله . ـــــــــــــــــ (1) مسلم 1892 (2)الترمذي برقم 2543 (3) أخرجه البخاري برقم 6987 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018