الإهداءات | |
ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب ملتقى يختص بوضع الكتب المفيده وملخصاتها ونشر المختصرات التحليلية أو النقدية أو الموضوعية لأهم الكتب المنشورة . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | زياد محمد حميدان | مشاركات | 2 | المشاهدات | 1354 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
10 / 02 / 2012, 55 : 07 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب سـادسـاً: منهجـه فـي العبـادة: العبادة: هي امتثال أوامر الحق سبحانه مقروناً بالحب والإجلال والتعظيم. وللعبادة مفهومان خاص وعام: فالمفهوم الخاص: جاء نتيجة تقسيم العلماء للعلوم الشرعية، حتى يسهل تدريسها، فجعلوا العبادات في الشعائر المعروفة، وجعلوا قسماً للمعاملات، وآخر للأحوال الشخصية وآخر للعقوبات وآخر للأخلاق وهكذا. أما المفهوم العام للعبادات: فهو يشمل كل ذلك، بل كُلّ عملٍ مقرونٍ بِنِيَّةِ التقرب إلى الله وإن كان من المباحات، كالأكل للتقوي على طاعة الله، وعشرة الرجل لأهله ليكُفَّ نفسه عن الحرام، وإدخال السرور على العيال، والسعي لكسب الرزق، والترفيه عن النفس لتجديد النشاط. وإذا نظرنا في حياة فضيلة الشيخ رأيناها عبادةً متواصلةً لا فراغ ولا عبث ولا لهو فيها، وإنما هي جدٌّ واجتهادٌ وارتقاءٌ، فهو يتقلب في طاعة؛ من قيام الليل والتجهد، إلى صلاة الجماعة ودروس الفجر، إلى طلوع الشمس ومذاكرة العلم والبحث ،وقضاء حوائج الناس، ثم عودة إلى مجالس الصالحين والدروس العامة بعد صلاة المغرب إلى ما بعد صلاة العشاء. يتخلل ذلك مشاركات في المناسبات تُسْتَثْمَرُ للدلالة على الله وإرشاد العباد ودعوتهم، وإني لمست من صحبته إلى العزاء أن أهل الميت ليفرحون بزيارته وتوجيهه فرحاً يكاد ينسيهم مُصَابهم، يبعث في نفوسهم الأمل برحمة الله ومغفرته، ويدعو لهم بالدعاء الطيب المبارك. وكذلك صلته لأرحامه، وما كان من بره لوالديه رحمهما الله تعالى ما يمثل أسوةً حسنةً، ولا يزال يحض الناس على بر الوالدين ويذكرهم أن بر الوالدين باب العطاء الإلهي، وأن بر الوالدين من أوجب الواجبات. وقد حباه الحق سبحانه بحبه لطلاب العلم الشرعي، فهو ينفق عليهم بسخاءٍ وطيبِ نفسٍ، مع الإكرام والإجلال وإدخال السرور على نفوسهم وتشجيعهم. ويرى فيهم أمل الأمة، ويرى أن أمل الأمة في دعاةٍ هُداةٍ يحملون مشعل الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، في زمان قلَّ الإقبال فيه على العلم الشرعي سعياً وراء الكسب المادي، ولما يشاهد من تقصير الناس في حق علمائهم. وأما عبادته الخاصة من ذكرٍ وصلاةٍ وصدقاتٍ مع تَحَرُّجِهِ الشديد في ذكرها لأنها سِرٌّ بين العبد وخالقه فنتركه ليتحدث لنا عنها بنفسه بأبلغِ عبارةٍ وأتم حالٍ، وقبل أن نعود إلى الحوار نقتبس من كتاب فضيلته (وصايا الهدى) أو (وصيتي) وصفاً لصلاة الليل يقول: ((ثم اليقظة في أول الثلث الأخير حيث يبدأ وردي معا لله بالتجهد ست ركعاتٍ، خَصَّصْتُ فيها الركعتين الأوليين للثناء على الله بما يليق بجلاله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بما يليق بجنابه منها: ((اللهم صلِّ على سيدنا محمد صلاةً تُرضيك وتُرضيه وترضى بها عني يا أرحم الراحمين، اللهم اجزِ عنا سيدنا محمداً أفضل ما جزيتَ نبياً عن أمته، اللهم أعط سيدنا محمداً الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة العالية، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته إنك لا تخلف المعياد، اللهم أكرمني بكمال محبة سيدنا محمد، ووفقني لكمال اتباع سيدنا محمد، واجمعني بروح سيدنا محمد ظاهراً وباطناً في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين))، ولِكُلِّ سَجدةٍ صيغةٌ ودعاءٌ مُخْتَصٌّ بِها ممن الثناء. وفي الركعتين الثانيتين خصصت السجدة الأولى للدعاء لشيخي ومُرَبِّيَّ الروحي صاحب المدد لقلبي بما يلهمه الله، ومنه ((اللهم أعطِ شيخي سُؤْلَهُ وبَلِّغْهُ مُنَاهُ وحَقِّقْ لَه آمالَه وأَيِّدْهُ بِروحٍ مِنْكَ، وانفحْهُ بنفحاتِ جودِك وأيِّدْهُ بإمدادك، واجعل كلامَه نافذاً في قلوب الحكام، وانصره على أعدائه، وأقرَّ عينه بأهله وأولاده وإخوانه، وارفع عندك مقامه وأعلِ درجاتِه، واجمعني به مع نبيك في أعلى درجات الجنة، واجعلني قُرَّةَ عَيْنٍ له في الدنيا والآخرة يا أرحم الراحمين)) إلى غير ذلك مما يفتح الله عَلَيَّ. والسجدة الثانية خصصتها للأحباب عامةً من أحبابي في بيروت وحلب واللاذقية ودمشق، وأينما حلوا وحيثما ارتحلوا، ثم أخصص الدعاة بأسمائهم، سائلاً لهم الثبات والصدق والإخلاص، وأن يحقق الله على أيديهم نشر الإسلام في العالم، وأن يكونوا أهلاً لصحبة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يؤلف بين قلوبهم ويُطَهِرَ أفئدَتَهُمْ. ثم أَخُصُّ من أحسن إلى بقولي: اللهم بعزتك وفضلك لكل من أسدى إِلَيَّ معروفاً، قلَّ أو جَلَّ، أن تبارك في رزقه وتُوَسِّعَ عليه في عطائه، اللهم نَوِّرْ له بصيرته واشرح بالإيمان صدره، وفقه لمرضاتك، وارزقه صحبتي في الدنيا واللقاء معي في الآخرة، على حوض نبيك المصطفى و... إلى غير ذلك. ثم خَصَّصْتُ السجود الأول من الركعة الثانية للدعاء للأولاد والذرية، بالرضا عليهم والتوفيق لهم، وأن يجعل الله الولاية والعلم والهداية في ذريتي إلى يوم الدين. ثم الدعاء للوالدين دعاءً طويلاً. ثم خصصت السجود الثاني من الركعة الثانية بالدعاء لنفسي، لا أطلب فيه إلا بعض قولي: اللهم اجعلني أذلَّ المتذللين إليك، وأفقرَ المفتقرين إليك، اللهم أنا الذليل الفقير المسكين المستجير، خضعتْ لك رقبتي، وذَلَّتْ بين يَدَيْ عظمَتِكَ نفسي، أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم. اللهم اجعلني أهلاً لنشر دينك وتبليغ شريعتك وحَقِّقْ على يدي دلالة خلقك عليك، وتوجيه عبادك إليك، واجعل على يَدَيَّ نصرةَ دينك وتبليغَ سُنَّةِ نَبيِّكَ، اللهم اجعلني لك ذاكراً، إليك خاشعاً، بين يديك ذليلاً، إليك مخبتاً، ولا تجعل لنفسي حظاً في حياتي، واجعلني من أهل القرب إليك والأنس بك... الخ. وجعلت الركعتين الأخيرتين مُخَصَّصَتَيْنِ لشكر نعم الله الظاهرة والباطنة، أقرأ فيهما سورة يس؛ أربع صحائف في الركعة الأولى واثنتين في الثانية، وأطيل بفضل الله الشكر بما يفيض الله علي ويلهمني، ولله الحمد أن ألهمني الحمد بحمده، حيث إن كل حَمْدٍ يحتاج إلى حَمْدٍ، فلله الحمدُ حمداً يضيق الدهر عن الإحاطة بحمده تعجز ملائكة الله وخلقه عن حَصْرِ عَدَّهِ، كما يليق بجلاله وسلطانه وعظمته، حمداً دائماً متصلاً إلى يوم لقائه. وبعد انتهاء التجهد قال: ((ثم أبدأ الاستغفار والتوبة سبعين مرةً، وأختمها بسبع وعشرين مرةً: اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، وما بقي من زمنٍ يُصرف بالتوجّه إلى الله والذكر القلبي حتى يُؤَذِّن الفجر. وذلك كل ليلةٍ من صيفٍ أو شتاءٍ وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)). إن ما يقوم به فضيلة الشيخ من علمٍ وتعليمٍ ودعوةٍ وعبادةٍ مشمولٌ برعاية الله وتوفيقه، وهذه المنـزلة لا يدركها كثيرٌ من الناس. والآن إلى الحوار: مقدمة من فضيلة الشيخ قبل الإجابة عن الأسئلة: هذه أمورٌ خَاصةٌ بين العبد وربه، لا أحبّ أن يطلّع عليها أحدٌ، غير أن الإجابة على السؤال واجبةٌ، وربما أنني مضطرٌّ للإجابة أقول: إني لا أذكر عباداتي من طريق الفخر ولا إظهار الجهد، لأنني لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً، والفضلُ في ذلك كلّه يعود لله وحده الملهمِ والمتفضّل والموفّق، وإن ما أذكره هو مَحْضُ نعمةِ الله عَلَيَّ، لا حول لي فيها ولا قوة، ولكن لِيَعْلمَ طلاب العلم تقصيري في طاعاتي، فُيكرموني منهم بدعوةٍ صالحة، عليها تنفعني بعد موتي، أو تدركني بتلك الدعوات رحماتُ ربي، إنه عفوٌّ غفورٌ ستارٌ للعيوب. س1 هلا ذكرتم لنا فضلة الشيخ شيئاً من ذكركم ودعائكم؟ بفضل الله وتوفيقه سلكتُ طريق الذكر عندما بلغت من العمر أربعة عشر عاماً، وأخذ الذكر مني مأخذاً جذبني عن كل ميلٍ والتفاتٍ إلى الغير، إلى سن السابعة عشر، حيث استلمت الإمامة في مسجد الصلخدية، وفي سن الثامنة عشر استأذنت شيخي بالخلوة في المسجد فأَذِنَ لي، فمكثت فيه أربعة أشهر إلا عشرة أيام، لم أقابل فيها أحداً، ولم أر فيها إنساناً، وعكفتُ على الذكر الدائم في الليل والنهار، لم أقم عنه إلا عند صلاة الفريضة، حيث أضع الغطاء على رأسي حتى أقِفَ في المحراب، فإذا أنهيت صلاتي رجعت إلى الذّكْرِ في الخلوة، ولم يكن لي طعامٌ إلا تَمْرَةً أو تمرتين في اليوم، وكان ذكري دائماً من غير نومٍ، حتى حدا بِيَ الأمرُ من لَذَّةِ الذّكر أن وضعتُ الملحَ في عيْنَيَّ حتى لا أنام، ثم وضعتُ الفلفل الأسود (وأنا لا أنصح بهذا أبداً) لكني من شغفي بالذكر نسيتُ نفسي، وبعد انتهاء الخلوة وعودتي للحياة الطبيعية بإذن شيخي كان ذكري لا يقلّ في اليوم والليلة عن عشرة ساعاتٍ، ولما قَصَّرْتُ في الذّكروكان وقت ذكري في كل يوم ثمانِ ساعاتٍ كنت أضرب رأسي بالنِّعال وأقولُ: عبدٌ يعبُدُ رَبَّهُ كيف ترجو النجاة وأنت في هذا التقصير؟ واستقمتُ على هذا بقية عُمُرِي، حتى صار الذكر دَيْدَناً من غير تَكَلُّفٍ، وكنت أشعر بما حولي من أرض وجدرانٍ أنها في ذكرٍ دائمٍ. وأما دعائي فما أدري أني خرجتُ من داري أو دخلتُ أو سلكتُ طريقاً أو مكاناً إلا والدعاء مِنْ قلبي على لِساني لا يفارقني، وكنت أشعرُ بِلَذَّةٍ في دعائي عندما أقول: يا الله يا رب، وأشعر وكأني بين يديه أناديه ويُلَبِّيني، وما وجدت بعد الذكر وتلاوةِ القرآن لذةً تعادل لذةً الدعاء، ويكفي فيه قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدعاءُ هو العبادة)) . س2 كيف كانت قراءتكم للقرآن الكريم؟ بتوفيق الله تعالى عكفتُ على حفظ القرآن الكريم وأما صغيرٌ، وأتممتُ الحفظ في الرابعة عشر من عمري، وأخذ القرآن من قلبي ولبِّي، فكنت لا أتكلم إلا بالقرآن، حتى أنني كنت أكرر قراءة القرآن في النوم؛ كما ذكرت لكم أنني ربما قرأت وأنا نائم خمسة أجزاءٍ أو أكثر، وكان هذا في كل أوقاتي، ثم قمت بتحفيظ القرآن وإقرائه حتى ختم القرآن مئاتُ الشباب والشابات بفضل الله، وأجزتهم بتحفيظه وإقرائه. وكانت لي قراءتان في اليوم؛ قراءة تكرار خشية النسيان، وقراءة تَدَبُّرٍ وتَفَكُّرٍ وتخلُّقٍ وعَمَلٍ. س3 هل لكم أن تخبرنا عن حالكم في الصلاة وقيام الليل والتجهد؟ إن حال العبد سِرٌّ بينه وبين ربه، لا يجوزُ كشفه، ولكن سوف أخبركم بظاهر الأمر، إني ما قمتُ إلى الصلاة مرةً إلا بعد أن يكون لي ذِكْرٌ لله، وحضورٌ ومجالسةٌ مع الله عملاً بقوله تعالى: }قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى{ [الأعلى: 14 -15] فإذا وقفت في صلاتي استحضرتُ عظمة الله وجلاله، فتأخذني قشعريرةٌ، ثم أذكر نعمةً مِنْ نِعَمِ الله عَلَيَّ من الإسلام والإيمان والتوحيد، وبعدها أبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأجد عند شكرِ تلك النعم عَظَمَةَ المنعم وتقصيري في طاعته، فأخْشَعُ بين يديه راكعاً، ثم أرفع شاكراً، ثم أسجد بين يديه متذللاً، وهكذا في صلاتي. وما أعظمه من طرب ونغمة في القلب عندما يشعر العبد أنه بين يدي ربه يناجيه بكلامه ويُحَلّقُ إليه بالذل والتضرع. وما صليت صلاةً إلا تمنيت أن يكون آخرُ حياتي فيها؛ عملاً بالحديث: ((صلِّ صلاة مُوَدِّعٍ)) . وأما قيام الليل بعد العشاء وقبل النوم فهي بين أربع ركعاتٍ وستِّ ركعات، أختمها بالوتر وأختم بها عملَ يومي، وذلك بعد إمضاء الثلث الأول من الليل في دراستي ومطالعتي، فإذا انتهى الثلث الأول اضطجعتُ لأسهو سهوةً لا تزيد عن الساعتين إلى الثلاث إذا استغرقتُ النوم، ثم أقوم للتهجّد حيثُ أُصَلّي سِتَّ ركعاتٍ أقرأ فيها ما تَيَسَّرَ وأختمُ الركعتين الأخيرتين بقراءة سورةِ يس، ولقد بَيَّنْتُ كيفيتها في كتاب (وصايا الهدى)، فإذا كان وقت السَّحَرِ قبل الفجر بقليل اشتغلتُ بالاستغفارِ سبعين مرةً، عملاً بقوله تعالى: }وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ{ [الذريات:18] ثم لازمت سبعاً وعشرين مرَّةً: اللهم اغفر ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، وذلك كُلَّ ليلةٍ بتوفيق الله. س4 متى تكون مطالعتكم ومدارستكم للعلم؟ لقد بَيَّنْتُ لكم أني قسمتُ ليليَ ثلاثة أقسام: الثلث الأول للمطالعة والدراسة، والثلث الثاني للنوم، والثلث الثالث للتجهد، للتقرب إلى الله. وكان لي بعد صلاة الفجر درسٌ قائمٌ في الحديث الشريف إلى طلوع الشمس، حيث أعود إلى البيت فأسهو في بعض الأحيان وقتاً قصيراً لا يبلغ أربعين دقيقةً، ثم أقوم إلى الدراسة والكتابة إلى قبيل الظهر، حيث أستقبل الأحباب لقضاء حوائجهم والرد على أسئلتهم وتوجيههم. أما في أيام الطلب فكان طريقي كلُّه في حفظ الحديث وتكرار القرآن وملازمة الدروس مع تكرارها ،وسبق أن قلت لكم: إن كل درسٍ كنتُ أقرؤه عشر مرات قبل الذهاب إلى المعلم، فإذا درسته رجعت فقرأته ثلاثين مرةً، فما مِنْ بَحْثٍ في الفقه أو غيره إلا وقد قرأته أربعين مرة. س5 كيف حَصَّلْتُم المال، وكيف تخرجون الزكاة والصدقات؟ لا أخفيك سراً، لقد أخرجني والدي من المدرسة وعمري سبع سنين، وألحقني بالعمل في معمل الحلاوة الطحينية، فعملت بها تسع سنين، وفكرت وأنا في هذا السن أني سأكبر ويكون لي بيت وزوجة وأولاد، فوضعت أمامي برنامجاً، أن أكتسب بجدي بعد توفيق الله ما أستطيع به تأمين الحياة، فأوجبت على نفسي أن لا أعمل أكثر من أربعين سنة، ثم أتفرغ بعد ذلك لعبادة ربي، وكنت أعمل طول النهار، فإذا كان المساء أخذت من المعلم خمسة إلى عشرة كيلو غرامات من الحلاوة، وذهبت لأبيعها ليلاً وأربح في كل كيلو خمسة قروش. واستمر الحال حتى جمعتُ بفضل الله مبلغاً في ذلك الحين، زاد عن المائة وعشرين ليرةً. ثم عملت بالجبن والحليب، وكنت أشتري وأبيع، وزاد المبلغ. ثم عملت في البناء، وكنت إذا أنهيت دوامي عملت على حسابي برفع الأحجار والرمل والحديد بأجر خاص. ثم اشتغلت بما جمعت، وشاركت فيما أملك، فأكثر الله عَلَيَّ المرابح. وبعد استلامي المسجد بقيت تجارتي متواصلة، وكلما توسعت مرابحي، رددتُها إلى رأس المال، حتى اشتركت مع تاجر بناء وتضاعفت المرابح، وما زلت إلى الآن أقوم بالتدريس مع استمرار التجارة بفضل الله ، وجعلت ثلث مرابح تجارتي إنفاقاً على طلاب العلم، وثلثاً إنفاقي على أهلي، والثلث الثالث أرده إلى رأس المال، }وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ{ [البقرة: 261]. وما رأيت نفقةً في حياتي أسرع عطاءً من الإنفاق على طلاب العلم الشرعي، حيث إنهم يحملون دين الله ورسالة الإسلام، والواجب أن ندفع لهم مِنْ خَالِصِ مالنا، ونُجَنِّبَهُمُ الزكاة والصدقات، لِعِزَّةِ ما يَحْمِلُونَ، ولكرامة ما يقومون به، أما في زماننا هذا فلا مانع من دفع الزكاة والصدقات لهم؛ لعدم اهتمام المسلمين بعلمائهم وطلاب شريعتهم، ألا وإن الصدقة على الفقراء بعشرٍ، أما على طلبة العلم فالصدقة بألفِ ألفٍ، أي بمليون صدقة. ذكر ذلك السيوطي في خُماسِيَّتِه. ومع هذا بفضل الله فإن للفقراء والمساكين والمحتاجين حصةً تصلهم كُلَّ حين، ويعلم ذلك الأحباب المقربون، حيث يقومون بتوزيع المؤونة كل موسم. س6 كيف تذبحون الأضحية وكيف توزعونها؟ بعد توفيق الله لي أُقَدِّمُ لله تعالى في كل عامٍ أُضْحِيَتَينِ، كنت أقوم بذبحهما وتوزيعهما على الأقارب والأرحام والجيران، ثم فكّرت بما درست من الأحكام الشرعية أن المراد من الأضحية الصدقة ونفع الفقير ودرست الحال، فرأيت أن الأضحية يذهب نصفها هدراً من غير منفعةٍ، من الرأس والكرش والأمعاء والرجلين والجلد، فيبقى من الأضحية نصفُها، وهذا هدرٌ للمال وضياعٌ مِنْ حَقِّ الفقر، في زمنٍ لا يحتاج فيه الفقير للكرش والأمعاء وغيرها، ولذلك لجأت إلى شراء اللحم مذبوحاً، وأخذت بثمن هذا النصف الضائع لحماً، رددته على الفقراء والمساكين، فكان بدل أن أعطيَ الفقيرَ قِطْعَةً من نصف كيلو أصبحت القطعةُ كيلو، ودرست في بعض السنين أن كيلو اللحم لا يكفي لطعام العيد، فلجأت إلى شراءِ الدّجاج المذبوح، فاشتريتُ بَدَلَ شاةٍ مَذْبُوحَةٍ ثمانين دجاجةً، فوزّعتُ على كل بيت دجاجتين، فكان فرح الفقراء أكثر، وهذا اجتهادٌ منِّي؛ أخذتُه فهماً عن سماحة شيخي، فإن كان فيه الخير فَمِنَ الله، وإن لم أَكُنْ أصبتُ فَمِنْ نَفْسِي وأستغفر الله. س7 كيف تَصِلُونَ أرحامكم؟ إن صلة الرحم واجبةٌ، وإني لا أعرف أحداً من أرحامي سوى إخوتي وأخواتي، فلي ثلاثة إخوة وأختان، فإذا كان يوم العيد جمعتُ أولادي وذهبت لزيارة إخوتي وأخواتي، وذلك في اليوم الأول من العيد، وبالطبع ليست الزيارة قولاً فقط، ولكن هي تَفَقّدٌ لحالة أخواتي حيث أبذلبتوفيق الله ما يجعلُني عند أخواتي أحَبَّ إليهم من أهليهم، وإنّ الصّلةَ دائمةٌ بيني وبين إخوتي وأخواتي، والرابطةُ بيننا قويةٌ، وأرجو الله أن يوفقني للمزيد من إكرامي لأرحامي. س8 كيف كان بركم بوالديكم؟ الحمد لله المنعم على عباده المتفضل على خلقه بجزيل نعمه، إني لأَحمد الله وأشكره بكل ذَرَّةٍ من وجودي أن أكرمني بِبِرِّ والديَّ منذ الصغر، فما كنتُ آكُلُ في صغري لقمةً إلا بعد أن يأكل والديَّ منها، وكنت كثير الحياء منهما، وعظيم التقدير والإجلال لهما، وما رفعت يوماً بصري إليهما غضباً، ولا رفعت صوتي أمامها تأثراً، ولا مشيت بين أيديهما أبداً، وما جلست عند دخولهما أو دخول أحدهما، بل كنت أقوم عند دخول أحدهما، ولما تفضل الله علي بجزءٍ من المال كنت أنفق عليهما وأشتهي لهما الطعام الطيِّبَ، كما كنت أشتري لأخواتي الزينة الجميلة حين أقبض أجري كل خميس. وكنت مع والدتي خاصةً أبذل جهدي وأسعى لإدخال السرور على قلبها، بشتى أنواع الممازحة لأضحكها، وكنت إذا أرادت الخروج إلى زيارة بعض الأهل والجيران قمت بسرعةٍ وأخذتُ نعلها ومسحته لأقدمه لها. ومرض والدي مرةً فمكثت في خدمته شهراً، تركت فيه زوجتي وأولادي، إلا من زيارة خاطفةٍ، حتى شُفِيَ بفضل الله. وكم كان والدي يرضى عَلَيَّ ويدعو لي بالسعادة، وكذلك الوالدة كانت تكثر من دعائها لي: جعلك الله سُكَّراً في قلوب الخلق، مع الرضا المتواصل. والحمد لله لقد وجدت أثر ذلك في أهلي وأولادي. وأسأل الله المزيد من فضله. س9 كيف كانت صلتكم بشيوخكم؟ بفضل الله وتوفيقه، قد رأيت أن شيوخي هم باب رحمة الله لي، وباب وصالي، بل هم محراب اتصالي، فقد وفقني الله لتكريم شيوخي بأنواع التكريم والملازمة على أعتابهم، والخدمة لهم مع التواضع والأدب، وما من يومٍ رددت فيه على عالِمٍ كلمةً، بل كنت إذا سمعت شيئاً تلطْفتُ في التنبيه، وتعطفت راجياً القبول، وازداد توقيري وإجلالي لشيوخ الروح وعالم القلب، صاحب الوصال، وإمام الاتصال، العارف بالله شيخي الإمام أحمد كفتارو قدس الله سره فلقد لزمته من أول عمري، ومنذ نعومة أظفاري عبر السنين التي خلت، والتي تعد إلى الآن حول سبعٍ وخمسين سنةً، ولا أزال أجد نفسي طفلاً بين يديه، أطلب منه التعطف والرضا، وأرجو العفْوَ والقبول، ولا أجد ما أقوم بحقه؛ ولو قَدَّمْتُ له الدنيا بأسرها، لأنها دار فناءٍ، وقد قدم لي حياة البقاء، وذقت في صحبته لذة الذكر والإيمان، وعرفت بمجالسته فقه السنة والقرآن، وأسأل الله أن لا يقطعني عنه في الدنيا ولا في البرزخ ولا في الآخرة، وأن يكسبني رضاه ما حييت. س10 ما عملكم في عيادة المرضى والتعازي والأفراح؟ إن هذه الأعمال مستحبات شرعاً، ويُؤْجَرُ القائم بها، وقد وردت الأحاديث الكثيرة في ذلك، والمراد من عيادة المرضى اتباع السنة في عيادتهم، وهي أن لا يطيل المجالسة عنده إلا بمقدار ما يسأله عن حاله، ويدعو له بالشفاء، ويسأله الدعاء، فهو في حال أقرب إلى الله منا، ولا يتناول عند المريض شيئاً، وتكون الزيارة خمس دقائق، يضع يده على موضع الألم، ويدعو للمريض بدعاء الشفاء. وأما التعزية فمستحبة في الأيام الثلاثة الأولى فقط، والمراد منها تسلية أهل الميت وإعلامُهم أن ((تحفةَ المؤمن الموت)) ، وأن الميت أصبح في جوار رب العالمين، مما نُغَيِّرُ أحزانهم إلى رضىً عن الله وتقديره، وكذلك الأفراح، يجب أن ندخل السرور على كل الأهل والجوار بالتهنئة وإدامة العطاء الأهلي. س11 ما مفهومكم للعبادة؟ العبادة هي امتثال أوامر الله واجتناب محارمه، حيث أنه ما أمرنا الله بأمرٍ إلا وتتحقق بامتثاله السعادة الكاملة لنا، وما من مُحَرَّمٍ حَرَّمَهُ الله تعالى إلا لتحقيق سعادتنا. والعبادة هي صلةٌ روحيةٌ بالقوى الإلهية الخفية التي تُمِدُّ العبد الفقير بقوةٍ إلهيَّةٍ خارقةٍ، يستطيع بها قهر نفسه وشهواته وشيطانه. والعبادة صفاءٌ روحيٌّ، ترتقي بالعبد إلى الفضائل وتسمو به إلى الكمالات الروحية والشفافية النفسية والنقاء القلبي، بحيث تجعل الإنسان مَلَكَاً في روحه: صَاحبُ الشهوةِ عبدٌ فإذا والعبادة حصنٌ حصينٌ من نَزَغَاتِ الشيطان ووساوسه، ومِنْ تَغَلُّبِ الهوى وسيطرته.مَلَكَ الشهوة أضحى مَلَكَا " والعبادة لذةٌ تُهَيْمِنُ على قلب العبد تنسيه آلامه وتُذْهِبُ عنه همومَه وغمومَه، كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمرٌ بادر إلى الصلاة ، وإن كثيراً من الصحابة كانتُ تُقطع أطرافهم في المعارك، وهم يبتسمون ويفرحون بما أصابهم، لذلك من لم يكن له عبادة لا كمال له ولا صفاء ولا استقامة. س12 أي جوانب العبادات تركزون عليه أكثر، أو ما أفضل العبادات في حياتكم؟ العبادة أنواعٌ عديدةٌ، كلها إذا قرنت بالإخلاص كان لها أثرها البليغ في حياة العبد، وإن أحَبَّ العبادات عندي ذِكْرُ الله بعد صلاة الفجر، يتبعها قراءة القرآن الكريم، عملاً بقوله تعالى: {إن هو إلا ذكر وقرآن مبين} (يس: 69), فإذا ارتفع النهار فطلب العلم الشرعي, ثم الصلاة على أوقاتها جماعةً, والسعي لقضاء حوائج العباد, وصيام النفل عند الاستطاعة, فإذا كان العصر فسعي إلى مجالسة الصالحين, وكسب الزمن بعد المغرب بمجالس العلم و الاغتراف منها. فإذا دخل الليل نصب قدميه بالقيام لقوله تعالى:{فإذا فرغت فانصب}[ الشرح:7] حتى يضطجع قليلاً, وبعدها يختم بصلاة التهجد, ومناجاة ودعاء واستغاثة بالله له ولجميع خلقه. هذا ما أفضله في حياتي أن تكون بين ذكر وقرآن وصلاة ومجالس علم تهجد وأقول: لولا صحبة الأخيار وكثرة الأذكار والقيام بالأسحار ما اخترت البقاء في هذه الدار. س13 هل يمكنكم وضع برنامج محدد للعبادة, أم أن كل فئة لهل برنامجها الخاص؟ وضع البرنامج يعود لهمة المؤمن واستعداده ونشاطه, بل يعود لخالص محبته لله, وكمال اتباعه لرسول الله صلى الله عليه وسلم, {قل كل يعمل على شاكلته} [ الإسراء: 84], فما يجده عبد عملاً كثيراً يمكن أن يراه آخر تقصيراً أو إهمالاً, ويمكن لآخر أن يراه فوق طاقته, لذلك مَن أحب أخلص, ومن أخلص بلغ ونال الفضل والعطاء. س14 هل لفضيلة الشيخ نشاطاتٌ اجتماعيةٌ ثقافيةٌ أدبيّةٌ رِياضيَّةٌ ترفيهيّةٌ خارج نطاق العلم والدعوة والعبادات؟ هذا أمرٌ مُسَلَّمٌ به، بل هو مستحبٌّ للإنسان عند الملل، يروِّح نفسه حتى لا ينقطع عن العبادة، فإذا وجدتُ أن نفسي قد أدركها الملل وقليلاً ما أجده لجأتُ إلى السباحة أو المشي لوقتٍ لا يتجاوز الساعة، وأنا في ذلك أكرر القرآن، أو إن كان معي أحد أُوَجِّهُهُ وأرشده إلى ما فيه الخير والسعادة، وإذا دُعِيتُ إلى أي حَفْلٍ أجبت على الأغلب، لأقوم بإرشاد الخلق ونشر الدعوة قدر المستطاع، وإني لأكره الدعوة إلى الطعام، لأنها تُذهب وقتي وتضيع من يومي ساعتين أو ثلاث، أستطيع بهما أن أكتب صفحة أو أكثر من التفسير والحديث لعلمٍ باقٍ. hgughlm hgvfhkd hgado v[f ]df ( hgpgrm hgph]dm uavm lki[i td hgufh]m ) | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
10 / 02 / 2012, 42 : 03 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : زياد محمد حميدان المنتدى : ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب ومن الكوثر سقيت كل الود لك اخي ****** زياد محمد حميدان | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
11 / 02 / 2012, 30 : 03 AM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : زياد محمد حميدان المنتدى : ملتقى قرأتُ لك لمختصرات الكتب جمعنا الله واياكم تحت لواء ****** المصطفى صلى الله عليه وسلم | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
الكلمات الدلالية (Tags) |
منهجه, الحلقة, الحادية, الرباني, الشيخ, العلامة, العبادة, يجب, رجب, عشرة, في |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018