النداء الرابع : (التحذير من ترك القيام بأمر الله تعالى )

[زياد محمد حميدان]

النداء الرابع :] التحذير من ترك القيام بأمر الدين [
]إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً[{النساء 133}.
الأمر بتقوى الله تعالى وارد في كل الشرائع،يقول الحق سبحانه] وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ [ ثم أعقب الحق التهديد والتحذير لمن يعرض عن التقوى ويتبع الهوى بأنه قادر على اجتثاثه وسحقه واستبداله، بغيره ممن هو أطوع وأتقى لله منكم أيها المعرضون، وما ذلك على القوي بعزيز،وإن أعرضتم فإن له ما في السماوات والأرض من مخلوقات غيركم تعبده وتوحده،وهو مستغن عن عبادتكم وطاعتكم،لأن طاعتكم لا تنفعه ومعصيتكم لا تضره.وهذا خطاب عام وقد سبق معناه تهديد الحق للمؤمنين إن ارتدوا عن دينهم في النداء الخامس والثلاثين لأهل الإيمان{المائدة 54}.
وقد ورد التهديد بالاستئصال والاستبدال في كثير من الآيات منها قوله تعالى ]إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ مَا يَشَاءُ[ {الأنعام133}.وقال تعالى]إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ[ {ابراهيم19 فاطر16}.وقال أيضا] وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ[ {محمد38}.فالحق سبحانه قادر على إزالة المعرضين وما هم بمعجزين أن يستبدلهم بالمؤمنين.
وقد ورد عن النبي r أنها لما نزلت ضرب النبي r بيده على ظهر سلمان t فقال:هم قوم هذا)[1].
وقد أهلك الله أقواما ودمرها لما أعرضت عن هداه،وهو قادر على إبادة من يخالف أمره وفق إرادته وحكمته.وعن قتادة قالقادر والله ربنا على ذلك أن يهلك من يشاء من خلقه ويأت بآخرين من بعدهم)[2].قال بعض السلفما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره)[3].
وأما إذا أطاعوه فامتثلوا أمره فإنه يباهي بهم ملائكته كما ورد في فضل يوم عرفة،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما: ] أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ U يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا[[4] .وكذلك ما ورد في فضل الذكر،عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ:] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : يَقُولُ اللَّهُ U أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً[[5].
قوله تعالى:] وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً[ قال الفخر الرازيالمراد منه أنه تعالى قادر على الإفناء والإيجاد،فإن عصيتموه فهو قادر على إعدامكم وإفنائكم بالكلية،وعلى أن يوجد قوما آخرين،يشتغلون بعبوديته وتعظيمه،فالغرض ها هنا تقدير كونه سبحانه قادرا على جميع المقدورات)[6].
والمتتبع للتاريخ يجد أن سنَّة الله تعالى لا تتخلف،فالأقوام التي سادت ثم بادت،إنما كان هلاكها لمخالفتها للقيم السامية التي قامت عليها،وقد قصَّ الحق سبحانه قصَّ من أخبار تلك الأمم، قال تعالى]كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ[{ق 12-15}.
والاستبدال يشمل الجماعات والأفراد،فكل من أوتي خيراً ولم يقم برعايته،فهو مهدد بزوال ذلك الخير .

1) جامع البيان 4/318 والقرطبي5/409

2) جامع البيان 4/318 والدر المنثور 2/413 .

3) ابن كثير 1/751 وزاد المسير2/221

4) مسند أحمد 2/224

5) صحيح مسلم ،كتاب الذكر والدعاء،باب فضل الذكر والدعاء 17/15 رقم 6773

6) التفسير الكبير 11/239

---

hgk]hx hgvhfu : (hgjp`dv lk jv; hgrdhl fHlv hggi juhgn )

[محمد نصر]

[زياد محمد حميدان]

جعلك الله من أهل السعادة في الدارين

[شريف حمدان]