الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | طويلب علم مبتدئ | مشاركات | 0 | المشاهدات | 585 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
26 / 09 / 2015, 18 : 03 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح - قال الموفق ابن قدامة المقدسي (تاريخ 620 هـ): قال في لمعة الاعتقاد: "ومن السنة الترضي عن أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمهات المؤمنين المطهرات المبرءات من كل سوء، أفضلهم خديجة بنت خويلد، وعائشة الصدّيقة بنت الصدّيق التي برأها الله في كتابه، زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة، فمن قذفها بما برأها الله منه فهو كافر بالله العظيم". بيان فضائل أمهات المؤمنين: قال تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: 6]. قال ابن كثير: "وقوله: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب:6] أي: في الحرمة والاحترام، والإكرام والتوقير والإعظام، ولكن لا تجوز الخلوة بهن، ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع" [تفسير ابن كثير: 6/ 380-381]. قال ابن العربي: "ولسن لهم بأمهات، ولكن أنزلن منزلتهن في الحرمة، وكلّ ذلك تكرمة للنبي صلى الله عليه وسلم وحفظاً لقلبه من التأذي بالغيْرة، وذلك من خصوصياته صلى الله عليه وسلم". قال القرطبي: "شرف الله تعالى أزواج نبيه صلى الله عليه و سلم بأن جعلهن أمهات المؤمنين أي في وجوب التعظيم والمبرة والإجلال وحرمة النكاح على الرجال وحجبهن رضي الله تعالى عنهن بخلاف الأمهات وقيل: لما كانت شفقتهن عليهم كشفقة الأمهات أنزلن منزلة الأمهات" [تفسير القرطبي: 14/ 110]. وقال تعالى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ [الأحزاب:34]. قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى: "وعني بقوله: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ﴾ [الأحزاب:34]، واذكرن ما يقرأ في بيوتكن من آيات كتاب الله والحكمة ويعني: بالحكمة ما أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحكام دين الله ولم ينزل به قرآن، وذلك السنة. وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً﴾ [الأحزاب:34] يقول تعالى ذكره: إن الله كان ذا لطف بكن إذ جعلكن في البيوت التي تتلى فيها آياته والحكمة، خبيراً بكن إذ اختاركن لرسوله أزواجاً". وقال الحافظ ابن كثير: "وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً﴾ [الأحزاب:34] أي: بلطفه بكن بلغتن هذه المنزلة بخبرته بكن وأنكن أهل لذلك أعطاكن ذلك، وخصكن بذلك" [تفسير القرآن العظيم: 5/ 459]. فالآية تضمنت مكانة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كلهن جميعاً حيث شرفهن الله بتلاوة آيات الله والحكمة في مساكنهن؛ وذلك دليل على أنهن جليلات القدر رفيعات المنزلة. قال العلماء: "وفي هذا تزكية لهن بأن يبلغن ما يشاهدنه في بيت النبوة من العلم والحكمة. 3- وقال تعالى: ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء﴾ [الأحزاب:32]. "فقد بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه لا يلحقهن أحد من نساء الناس في الشرف والفضل كما بين أن هذا الفضل إنما يتم لهن بشرط التقوى لما منحهن الله من صحبة الرسول وعظيم المحل منه ونزول القرآن في حقهن" [انظر الجامع لأحكام القرآن: 14/ 177]. ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء﴾ [الأحزاب:32]، قال عبد الله بن عباس: يريد ليس قدركن عندي مثل قدر غيركن من النساء الصالحات. أنتن أكرم علي وثوابكن أعظم لدي. وقال أبو بكر بن العربي: "قوله: ﴿لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [الأحزاب:32] يعني: في الفضل والشرف، فإنهن وإن كن من الآدميات فلسن كإحداهن، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان من البشر جبلة، فليس منهم فضيلة ومنزلة، وشرف المنزلة لا يحتمل العثرات، فإن من يقتدى به، وترفع منزلته على المنازل جدير بأن يرتفع فعله على الأفعال ويربو حاله على الأحوال" أ.هـ [أحكام القرآن لابن العربي: 3/ 1534-1535]. قال الحافظ ابن كثير: "عند قوله تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ﴾ [الأحزاب:32]. قال تعالى مخاطباً لنساء النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن إذا اتقين الله عز وجل كما أمرهن فإنه لا يشبههن أحد من النساء، ولا يلحقهن في الفضيلة والمنزلة" [تفسير القرآن العظيم: 5/ 451]. 4- قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب:33] إن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم من آل البيت. قال القرطبي رحمه الله تعالى: "وقد اختلف أهل العلم في أهل البيت، من هم؟" فقال عطاء وعكرمة وابن عباس: "هم زوجاته خاصة، لا رجل معهن". وذهبوا إلى أن البيت أريد به مسكن النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ﴾ [الأحزاب:34]. وقالت فرقة منهم الكلبي: "هم علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة، وفي هذا أحاديث. عن النبي عليه السلام، واحتجوا بقوله تعالى: ﴿لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب:33] بالميم ولو كان للنساء خاصة لكان "عنكن ويطهركن"، إلا أنه يحتمل أن يكون خرج على لفظ الأهل، كما يقول الرجل لصاحبه: كيف أهلك، أي امرأتك ونساؤك، فيقول: هم بخير، قال الله تعالى: ﴿قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ [هود:73] والذي يظهر من الآية أنها عامة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم. وإنما قال: "ويطهركم" لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلياً وحسناً وحسيناً كان فيهم، وإذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر، فاقتضت الآية أن الزوجات من أهل البيت، لأن الآية فيهن، والمخاطبة لهن يدل عليه سياق الكلام. والله أعلم. وأما دخول علي وفاطمة والحسن والحسين فلكونهم قرابته وأهل بيته في النسب، ويؤيد ذلك ما ورد من الأحاديث المصرحة بأنهم من أهل بيته، ومن تلك الأحاديث ما رواه مسلم بإسناده إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرط مرحّل من شعر أسود، فجاء الحسن ابن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب:33]» [صحيح مسلم: 4/ 1883]. قال القرطبي: "فهذه دعوة من النبي صلى الله عليه وسلم لهم بعد نزول الآية أحب أن يدخلهم في الآية التي خوطب بها الأزواج" [الجامع لأحكام القرآن: 14/ 184]. أما أن أم سلمة قالت: "نزلت هذه الآية في بيتي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فدخل معهم تحت كساء خيبري، وقال: «هؤلاء أهل بيتي» وقرأ الآية: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب:33] فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: «أنت على مكانك وأنت على خير» [أخرجه الترمذي وغيره، وقال: هذا حديث غريب]. وقال القشيري: وقالت أم سلمة: أدخلت رأسي في الكساء وقلت: «أنا منهم يا رسول الله؟ قال: نعم». وقال الثعالبي: هم بنو هاشم، فهذا يدل على أن البيت يراد به بيت النسب، فيكون العباس وأعمامه وبنو أعمامه منهم. وروي نحوه عن زيد بن أرقم رضي الله عنهم أجمعين، وعلى قول الكلبي يكون قوله" [تفسير القرطبي: 14/ 183]. هذه الآية شاملة لجميع أهل بيته عليه الصلاة والسلام من الصحابة ذكوراً وإناثاً، ولا يخرج عنها فرد منهم، وكلهم أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم منه تطهيراً، وقد اختلف المفسرون في معنى "الرجس" على أربعة أقوال: فقيل: الإثم. وقيل: الشرك. وقيل: الشيطان. وقيل: الأفعال الخبيثة والأخلاق الذميمة، فالأفعال الخبيثة: كالفواحش ما ظهر منها وما بطن، والأخلاق الذميمة: كالشح والبخل والحسد وقطع الرحم" [أحكام القرآن لابن العربي: 3/ 1537، زاد المسير لابن الجوزي 6/ 381]. وقال البغوي رحمه الله تعالى: "أراد بالرجس: الإثم الذي نهى الله النساء عنه قال مقاتل: وقال ابن عباس: يعني عمل الشيطان وما ليس لله فيه رضاً" وقال قتادة: "يعني السوء". وقال مجاهد: "الرجس الشك وأراد بأهل البيت نساء النبي صلى الله عليه وسلم لأنهن في بيته، وهو رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس" [معالم التنزيل على تفسير الخازن: 5/ 212]. 5- قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً﴾ [الأحزاب:28- 29]. هذا أمر من الله تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يخير نساءه بين أن يفارقهن فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال، ولهن عند الله تعالى في ذلك الثواب الجزيل فاخترن رضي الله عنهن وأرضاهن الله ورسوله والدار الآخرة، فجمع الله تعالى لهن بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الآخرة". وقد روى البخاري بإسناده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: «إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك، قالت: وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه، ثم قال: إن الله جل ثناؤه قال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا﴾ [الأحزاب:28] إلى ﴿أَجْراً عَظِيماً﴾ [الأحزاب:29] فقلت: ففي أي هذا ستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت». 6- قال تعالى: ﴿وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا﴾ [الأحزاب:31]. قال الإمام البغوي رحمه الله تعالى: "عند قوله تعالى: ﴿وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ﴾ [الأحزاب:31] أي: مثل أجر غيرها قال مقاتل: مكان كل حسنة عشرين حسنة". وقال الحافظ ابن كثير: "عند قوله تعالى: ﴿نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً﴾ [الأحزاب:31] أي: في الجنة فإنهن في منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم في أعلى عليين فوق منازل جميع الخلائق في الوسيلة التي هي أقرب منازل الجنة إلى العرش". وقال أبو بكر بن العربي رحمه الله تعالى: "قوله: ﴿أَجْراً عَظِيماً﴾ [الأحزاب:31] المعنى: أعطاهن الله بذلك ثواباً متكاثر الكيفية والكمية في الدنيا والآخرة وذلك بين في قوله: ﴿نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ﴾ [الأحزاب:31] وزيادة رزق كريم معد لهن، أما ثوابهن في الآخرة فكونهن مع النبي صلى الله عليه وسلم في درجته في الجنة ولا غاية بعدها ولا مزية فوقها، وفي ذلك من زيادة النعيم والثواب على غيرهن، فإن الثواب والنعيم على قدر المنزلة وأما في الدنيا فبثلاثة أوجه: أحدها: أنه جعلهن أمهات المؤمنين تعظيماً لحقهن، وتأكيداً لحرمتهن وتشريفاً لمنزلتهن. الثاني: أنه حظر عليه طلاقهن ومنعه من الاستبدال بهن فقال: ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ﴾ [الأحزاب:52] والحكمة أنهن لما لم يخترن عليه غيره أمر بمكافأتهن في التمسك بنكاحهن. الثالث: أن من قذفهن حد حدين كما قال مسروق والصحيح أنه حد واحد، فالآية تضمنت بيان منزلة نساء النبي صلى الله عليه وسلم وشرفهن على سائر نساء الناس. خصائص أمهات المؤمنين: 1- أن أزواجه أمهات المؤمنين. لقوله عز وجل: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب:6]، وهل هن أمهات للمؤمنات قولان لأهل العلم، أرجحهما أنهن أمهات للمؤمنات كذلك.وهذه الأمومة تكون في الآتي: - وجوب التعظيم والإجلال والمبرة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومن أصول أهل السنة والجماعة أنهم يتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة، خصوصاً خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده، وأول من آمن به وعاضده على أمره وكان له منها المنزلة العالية. والصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما، التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» [مجموع الفتاوى: 3/ 154] ولا تذكر أحداً من أمهات المؤمنين إلا بخير" [شرح السنة للبربهاري: 1/ 52]. - حرمة النكاح على الرجال. وتختلف عن حق الأم من النسب في الآتي: - الاحتجاب عنهن. مسألة: اختلف العلماء في كونهن كالأمهات في المَحْرَم وإباحة النظر على قولين: - هن مَحْرَم، لا يحرم النظر إليهن. - النظر إليهن محرم، لأن تحريم نكاحهن كان لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهن. أما الحجاب وعدم مصافحة الأجانب فليسا من خصائص نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو عام لجميع النساء، وإنما كان نساء النبي صلى الله عليه وسلم هن القدوة في ذلك، فآية الحجاب في سورة الأحزاب فصلت وعمت: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب:59]. قال الشنقيطي: "وما ذكر من أن المراد بكون أزواجه صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين هو حرمتهن عليهم، كحرمة الأم، واحترامهم لهن كاحترام الأم.. الخ. واضح لا إشكال فيه، ويدل له قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ﴾ [الأحزاب:53] لأن الإنسان لا يسأل أمه الحقيقية من وراء حجاب. وقوله تعالى: ﴿إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ﴾ [المجادلة:2]، ومعلوم أنهن رضي الله عنهن، لم يلدن جميع المؤمنين الذين هن أمهاتهم، ويفهم من قوله تعالى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب:6] أنه هو صلى الله عليه وسلم أب لهم. وقد روي عن أبي بن كعب، وابن عباس، أنهما قرآ: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب:6] وهو أب لهم، وهذه الأبوة أبوة دينية، وهو صلى الله عليه وسلم أرأف بأمته من الوالد الشفيق بأولاده، وقد قال جل وعلا في رأفته ورحمته بهم: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [التوبة:128]" [أضواء البيان: 6/ 232]. - عدم الإرث. - أزواجه في الدنيا وهن أزواجه في الآخرة: لقوله صلى الله عليه وسلم: «أزواجي في الدنيا هن أزواجي في الآخرة»، ولهذا حرم على أحد زواجهن، وهذه من خصائصه التي لا ينبغي أن يشاركه فيها أحد، وما يفعله بعض أتباع المشايخ الطرقية من تحريم زواج من طلقها أحد المشايخ أو مات عنها لا أصل له ولا دليل، وكذلك الترخص في الدخول عليهن والانبساط معهن. قال الطحاوي: "ومن أحسن القول في أصحاب النبي وأزواجه الطاهرات من كل دنس وذرياته المقدسين من كل رجس فقد برئ من النفاق". قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا﴾ [الأحزاب: 53]، فقضى الله تعالى أنهن أزواجه من بعده. 3- تضعيف الأجر والثواب لهن: لقوله تعالى: ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا﴾ [الأحزاب:30-31]. 4- تجب محبتهن وإجلالهن وتقديرهن: - قول شيخ الإسلام ابن تيمية "تاريخ: 728 هـ" في العقيدة الواسطية: "ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويتولونهم، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال يوم غدير خم: أُذكّركم الله في أهل بيتي، وقال للعباس عمه وقد اشتكى إليه أنّ بعض قريش يجفو بني هاشم فقال: «والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي» وقال: «إنّ الله اصطفى بني إسماعيل، واصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم»". وقال رحمه الله: "ولا ريب أنّ لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم حقاً على الأمة لا يشركهم فيه غيرهم، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر بطون قريش، كما أنّ قريشاً يستحقون المحبة والموالاة ما لا يستحقه غير قريش من القبائل". - قول الحافظ ابن كثير "تاريخ 774 هـ" في التفسير: "ولا ننكر الوصاة بأهل البيت، والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم، فإنهم من ذرية طاهرة من أشرف بيت وُجد على وجه الأرض فخراً وحسباً ونسباً، ولاسيما إذا كانوا متّبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية، كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه، وعلي وأهل ذريته رضي الله عنهم أجمعين". - قول محمد بن إبراهيم الوزير اليماني "تاريخ 840 هـ": "وقد دلت النصوص الجمة المتواترة على وجوب محبتهم وموالاتهم، وأن يكون معهم، ففي الصحيح: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا» وفيه «المرء مع من أحب»، ومما يخص أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب:33]. فيجب لذلك حبهم وتعظيمهم وتوقيرهم واحترامهم والاعتراف بمناقبهم، فإنهم أهل آيات المباهلة والمودة والتطهير، وأهل المناقب الجمّة والفضل الشهير". - قول العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي "تاريخ 1376هـ" في كتابه التنبيهات اللطيفة: "فمحبة أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم واجبة من وجوه، منها: أولاً: لإسلامهم وفضلهم وسوابقهم. ومنها: لما يتميّزوا به من قرب النبي صلى الله عليه وآله وسلم واتصالهم بنسبه.ومنها: لما حثّ عليه ورغّب فيه". - قال حافظ حكمي:" وأهل بيت المصطفى الأطهار *** وتابعيه السادة الأخيار فكلهم في محكم القرآن *** أثنى عليهم خالق الأكوان في الفتح والحديد والقتال *** وغيرها بأكمل الخصال كذاك في التوراة والإنجيل *** صفاتهم معلومة التفصيل وذكرهم في سنة المختار *** قد سار سير الشمس في الأقطار مطاعن الرافضة في آل البيت: - جاء في كتاب "بحوث في السيرة النبوية أزواج النبي وبناته" للمدعو نجاح الطائي عليه من الله ما يستحق "ص79-103": "كانت معظم نساء النبي من الثيبات والعجائز والدميمات المنظر، فقد كانت عائشة بنت أبي بكر سوداء دميمة، في وجهها أثر مرض الجدري، والحجاب هو الذي أنقدها، بقي رسول الله يكابد ألم النظر إليها وتحمل أخلاقها لحكمة يريدها الله تعالى". وقال عن عائشة أيضاً: "عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة، تزوجها النبي وكانت ثيباً ودخل بها بالمدينة، ثم طلقها وراجعها، وكانت خديجة البكر الوحيدة من نسائه". يعد قول هذا الدعيِّ في عائشة أنها كانت ثيباً عندما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم طعناً كبيراً بشرف وعفة أم المؤمنين رضي الله عنها، لأننا لا نعلم لعائشة زوجاً قبل النبي صلى الله عليه وسلم.. فإن لم يكن قوله هذا رمياً في عرضها وعفتها رضي الله عنها، فكيف يمكن تفسيره؟! كما ويخادع هذا الجاهل الكذاب نفسه قبل أن يخدع غيره حين يقول أن خديجة رضي الله عنها هي البكر الوحيدة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم, إذ من المعروف أنها رضي الله عنها تزوجت قبله صلى الله عليه وسلم مرتين، توفي عنها فيهما زوجاها. ومن الثابت أن لها أبناء من زيجاتها السابقة، أحدهم هو هند بن أبي هالة الذي كان من أوائل الداخلين في الإسلام.. فكيف تكون بكراً ولديها ولد وقت زواجها بالنبي صلى الله عليه وسلم؟! كما قال هذا الكذاب عليه من الله ما يستحق: "أن عائشة قتلت رسول البشرية لتهيئة الأرضية لحكومة أبيها، وأفعال حفصة أيضاً تؤيد الروايات الصحيحة في اشتراكها في قتل رسول الله فهي خشنة الطباع مع رسول الله ومع سائر الناس". ثم اقرأ ما نفثه محمد حسين الشيرازي النجفي القمي في كتابه "الأربعين في إمامة الأئمة الطاهرين: ص615": "مما يدل على إمامة أئمتنا الاثني عشر أن عائشة كافرة مستحقة للنار، وهو مستلزم لحقية مذهبنا وحقية أئمتنا الاثني عشر.. وكل من قال بإمامة الاثني عشر قال باستحقاقها اللعن والعذاب". أما يوسف البحراني فيقول في كتابه "الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب ص130": "فهل لعائشة ولمعاوية عليهما اللعنة، مزية وفضيلة.. غير ما ذكرنا من تظاهرهم زيادة على غيرهم على أهل البيت بالظلم والفجور". ويقول محمد الباقر المجلسي في كتابه "حق اليقين: ص519" بالفارسية ما ترجمته بالعربية: "وعقيدتنا في التبرؤ أننا نتبرأ من الأصنام الأربعة: أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية، والنساء الأربع: عائشة وحفصة وهند وأم الحكم، ومن جميع أتباعهم وأشياعهم، وأنهم شر خلق الله على وجه الأرض، وأنه لا يتم الإيمان بالله ورسوله والأئمة إلا بعد التبرؤ من أعدائهم. وهذا واضح في إهانة أمهات المؤمنين عائشة وحفصة زوجات النبي صلى الله عليه وسلم مع غيرهن، حيث جعلهن شر خلق الله على وجه الأرض، بما فيهم فرعون وجالوت وأبو لهب وأبو جهل.. الخ". كما يقول محمد الباقر المجلسي في كتابه "حياة القلوب: 2/ 854، وأيضاً المرجع السابق ص378" بالفارسية ما ترجمته بالعربية: "يروي ابن بابويه في -علل الشرائع- قال الإمام محمد الباقر عليه السلام: إذا ظهر الإمام المهدي فإنه سيحيي عائشة ويقيم عليها الحد انتقاما لفاطمة". ويقول المجلسي أيضا في حياة القلوب "2/ 700" ما ترجمته: "روى العياشي بسند معتبر عن الصادق (ع) أن عائشة وحفصة لعنة الله عليهما وعلى أبويهما قتلتا رسول الله بالسم". ويقول شيخهم مقبول أحمد في ترجمته لمعاني القرآن بالأردية "ص840، سورة الأحزاب" ما ترجمته بالعربية: "إن قائدة جيوش البصرة في وقعة الجمل عائشة قد ارتكبت فاحشة مبينة حسب هذه الآية". هل يمكن أن يصف الله تعالى مرتكبة الفاحشة المبينة بلفظ "أم المؤمنين" في كتابه العزيز؟ كما ذكر أحمد بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج "1/ 240": "قال علي عليه السلام لعائشة أم المؤمنين: والله ما أراني إلا مطلقها.. قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: "يا علي أمر نسائي بيدك من بعدي". أي: أنه لعلي الحق بعد الرسول صلى الله عليه وسلم -والعياذ بالله- أن يطلق من يشاء من زوجاته صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات. لقد اخترعت الشيعة كذباً وإفكاً مثل هذه الروايات تنقيصاً لمكانة الصديقة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها خاصة ولمكانة أمهات المؤمنين زوجاته صلى الله عليه وسلم.. فعليهم من الله تعالى الحكم العدل ما يستحقون. العياشي الرافضي: يروى عن الصادق رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا﴾ [النحل:92]، قال: "التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا: عائشة هي نكثت إيمانها" [تفسير العياشي: 2/ 269 وانظر البرهان للبحراني: 2/ 383 وبحار الأنوار للمجلسي: 7/ 454]. وفي تفسير قوله تعالى حكاية عن النار: "﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ﴾ [الحجر:44] يؤتى بجهنم لها سبعة أبواب.. والباب السادس لعسكر.. الخ" [تفسير العياشي: 2/ 243 وانظر البرهان للبحراني: 2/ 345 وبحار الأنوار للمجلسي: 4/ 378، 8/ 220] وعسكر هو اسم سماها به الروافض عليهم من الله ما يستحقون. ويقول رجب البرسي: "أن عائشة جمعت أربعين ديناراً من خيانة وفرقتها على مبغضي علي" [مشارق أنوار اليقين لرجب البرسي: ص86]. ويقول الطبرسي: "أن عائشة زينت يوماً جارية، وقالت: لعلنا نصطاد شاباً من شباب قريش بأن يكون مشغوفاً بها" [احتجاج الطبرسي: ص82]. وقال الكليني: "لما احتضر الحسن بن علي عليهما السلام قال للحسين: يا أخي إني أوصيك بوصية فاحفظها، فإذا أنا مت فهيئني ثم وجهني إلى رسول الله صلى الله عليه السلم لأحدث به عهداً ثم اصرفني إلى أمي فاطمة عليها السلام ثم ردني فادفني بالبقيع، واعلم أنه يصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها وعداوتها لله ولرسوله صلى الله عليه وآله وعداوتها لنا أهل البيت: "الكافي، الأصول، باب والنص على الحسين بن علي عليهما السلام". عن أبي عبد الله: "اذهب فغير اسم ابنتك التي سميتها أمس، فإنه اسم يبغضه الله، وكان ولدت لي ابنة سميتها بالحميراء، فقال أبو عبد الله عليه السلام: انته إلى أمره ترشد، فغيرت اسمها" [الأصول من الكافي للكليني: 1/ 247]. القمي: "قال لها فلان: لا يحل لك أن تخرجي من غير محرم فزوجت نفسها من طلحة" [تفسير القمي: ص341]. حكم من طعن في عائشة أو إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم: أولاً: حكم سب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أما من سب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بما برأها الله منه، فقد أجمع العلماء أنه يكفر. قال القاضي أبو يعلي: "من قذف عائشة رضي الله عنها بما براها الله منه كفر بلا خلاف". وقد حكي الإجماع على هذا غير واحد من الأئمة لهذا الحكم فروي عن مالك: "من سب أبا بكر جلد، ومن سب عائشة قتل. قيل له: لم؟ قال: من رماها فقد خالف القرآن" [الصارم المسلول: ص566]. وقال ابن شعبان في روايته، عن مالك: "لأن الله تعالى يقول: ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا﴾ [النور:17]. قال الإمام مالك: "من سب عائشة قتل، قيل له: لم؟ قال: من رماها فقد خالف القرآن" [الشفا للقاضي عياض: 2/ 1109]. قال ابن حزم معلقاً على مقالة مالك: "قول مالك هاهنا صحيح، وهي ردة تامة، وتكذيب لله تعالى في قطعه ببراءتها" [المحلي: 11/ 15]. وذكر ابن بطة عائشة رضي الله عنها أنها: "مبرأة طاهرة خيرة فاضلة وصاحبته في الجنة، وهي أم المؤمنين في الدنيا والآخرة، فمن شك في ذلك، أو طعن فيه، أو توقف عنه، فقد كذب بكتاب الله، وشك فيما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزعم أنه من عند غير الله عز وجل، قال الله تعالى: ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [النور:17]، فمن أنكر هذا فقد برئ من الإيمان" [الإبانة الصغرى لابن بطة: 270]. والأدلة على كفر من رمى أم المؤمنين صريحة وظاهرة الدلالة، منها: أولاً: ما استدل به الإمام مالك، أن في هذا تكذيباً للقرآن الذي شهد ببراءتها، وتكذيب ما جاء به القرآن كفر. قال الإمام ابن كثير: "وقد اجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية، فإنه يكفر، لأنه معاند للقرآن" [راجع تفسير ابن كثير: 3/ 276]. يقول ابن تيمية رحمه الله: "ذكر غير واحد من العلماء اتفاق الناس على أن من قذفها بما برأها الله تعالى منه فقد كفر؛ لأنه مكذب للقرآن" [الرد على البكري: 340]. ثانياً: إن فيه إيذاء وتنقيصا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، من عدة وجوه، دل عليها القرآن الكريم، فمن ذلك: إن ابن عباس رضي الله عنهما فرق بين قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء﴾ [النور:4] وبين قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ [النور:23]، فقال عند تفسير الآية الثانية: "هذه في شأن عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وهي مبهمة ليس له توبة، ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله له توبة.. قال: فهم رجل أن يقوم فيقبل رأسه من حسن ما فسر" [انظر ابن جرير: 18/ 83، وعنه ابن كثير 3/ 277]. فقد بين ابن عباس: "أن هذه الآية إنما نزلت فيمن قذف عائشة وأمهات المؤمنين رضي الله عنهن، لما في قذفهن من الطعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيبه، فمن قذف المرأة أذى لزوجها، كما هو أذى لابنها، لأنه نسبة له إلى الدياثة وإظهار لفساد فراشه، وإن زنى امرأته يؤذيه أذى عظيماً.. ولعل ما يلحق بعض الناس من العار والخزي بقذف أهله أعظم مما يلحقه لو كان هو المقذوف" [الصارم المسلول: ص45، والقرطبي: 12/ 139]. إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر بالإجماع. ولذا قال السبكي: "وأما الوقيعة في عائشة رضي الله عنها والعياذ بالله فموجبة للقتل لأمرين: أحدهما: أن القرآن الكريم يشهد ببراءتها، فتكذيبه كفر، والوقيعة فيها تكذيب له. الثاني: أنها فراش النبي صلى الله عليه وسلم، والوقيعة فيها تنقيص له، وتنقيصه كفر" [فتاوى السبكي: 2/ 592]. قال القرطبي عند قوله تعالى: ﴿يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا﴾ [النور:17] "يعني في عائشة، لأن مثله لا يكون إلا نظير القول في المقول بعينه، أو فيمن كان في مرتبته من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، لما في ذلك من أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرضه وأهله، وذلك كفر من فاعله" [القرطبي: 12/ 136، عن ابن العربي في أحكام القرآن: 3/ 1355 - 1356]. ومما يدل على أن قذفهن أذى للنبي صلى الله عليه وسلم، ما أخرجه الشيخان في حديث الإفك عن عائشة، قالت: «فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر من عبد الله بن أبي سلول، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر: يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي» [كما جاء في الصحيحينٍ]. فقوله: «من يعذرني» أي: من ينصفني ويقيم عذري إذا انتصفت منه لما بلغني من أذاه في أهل بيتي، والله أعلم. فثبت أنه صلى الله عليه وسلم قد تأذى بذلك تأذياً استعذر منه. وقال المؤمنون الذين لم تأخذهم حمية: «مرنا نضرب أعناقهم، فإنا نعذرك إذا أمرتنا بضرب أعناقهم» ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على سعد استئماره في ضرب أعناقهم" [الصارم المسلول: ص47]. قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "ومن يقذف الطيبة الطاهرة أم المؤمنين زوجة رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، لما صح ذلك عنه، فهو من ضرب عبد الله بن أبي سلول رأس المنافقين. ولسان حال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا معشر المسلمين من يعذرني فيمن أذاني في أهلي". كما أن الطعن بها رضي الله عنها فيه تنقيص برسول الله صلى الله عليه وسلم من جانب آخر، حيث قال عز وجل: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ﴾ [النور:26]. قال ابن كثير: "أي ما كان الله ليجعل عائشة زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهي طيبة، لأنه أطيب من كل طيب من البشر، ولو كانت خبيثة لما صلحت له شرعاً ولا قدراً، ولهذا قال تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ﴾ [النور:26] أي: عما يقوله أهل الإفك والعدوان" [ابن كثير: 3/ 278]. ثانياً: حكم من قذف إحدى أمهات المؤمنين اختلف أهل العلم في ذلك هل يكفر من قذفهن أم لا؟ على قولين أصحهما أنه يكفر. والقول الآخر أنه لا يكفر، وقالوا: إن القرآن قد شهد ببراءة عائشة رضي الله عنها، فمن خالف ذلك وأنكره، فهو مكذب للقرآن، ومن ثم فهو كافر بالله تعالى، ولم يرد مثل هذا في بقية أمهات المؤمنين. والجواب عن ذلك أن يقال: المقذوفة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله تعالى إنما غضب لها؛ لأنها زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي وغيرها منهن سواء" [انظر البداية والنهاية لابن كثير: 8/ 92]. "كما أن جميع أمهات المؤمنين فراش للنبي صلى الله عليه وسلم، والوقيعة في أعراضهن تنقص ومسبة للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن سب المصطفى صلى الله عليه وسلم كفر وخروج عن الملة بالإجماع" [انظر فتاوى السبكي: 2/ 592]. وقد اختار القول الأول بكفر من يسب سائر أمهات المؤمنين جمع من المحققين، كابن حزم، والقاضي عياض، وابن تيمية، والسبكي وغيرهم. ويقول ابن تيمية: "والأصح أن من قذف واحدة من أمهات المؤمنين فهو كقذف عائشة رضي الله عنها؛ لأن هذا منه عار وغضاضة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأذى له أعظم من أذاه بنكاحهن" [الصارم المسلول لابن تيمية: 567]. ويدل على هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: 23]. فهذه الآية الكريمة في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة، في قول كثير من أهل العلم كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن هذه الآية إنما نزلت فيمن يقذف عائشة وأمهات المؤمنين، وكذا روي عن أبي الجوزاء، والضحاك، والكلبي وغيرهم" [تفسير الطبري: 18/ 74]. يقول ابن تيمية عن هذه الآية: "لما كان رمي أمهات المؤمنين أذى للنبي صلى الله عليه وسلم، فلعن صاحبه في الدنيا والآخرة، ولهذا قال ابن عباس: ليس له توبة؛ لأن مؤذي النبي صلى الله عليه وسلم لا تقبل توبته إذا تاب من القذف حتى يسلم إسلاماً جديداً، وعلى هذا فرميهن نفاق مبيح للدم إذا قصد به أذى النبي صلى الله عليه وسلم، أو أذاهن بعد العلم بأنهن أزواجه في الآخرة" [الصارم المسلول: 47]. وأما ما قيل من أن المراد هي الصديقة، والجمع باعتبار استتباعها للمتصفات بالصفات المذكورة من نساء الأمة، فيأباه، أن العقوبات المترتبة على رمي هؤلاء عقوبات مختصة بالكفار والمنافقين، ولا ريب في أن رمي غير أمهات المؤمنين ليس بكفر، فيجب أن يكون المراد إياهن على أحد الوجهين، فإنهن قد خصصن من بين سائر المؤمنات، فجعل رميهن كفراً إبرازاً لكرامتهن على الله عز وجل، وحماية في صاحب الرسالة من أن يحوم حوله أحد بسوء" [تفسير أبي السعود: 4/ 105-104]. ,H.,h[i Hlihjil | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018