أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 

الإهداءات



الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين .

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: خطبة الجمعة للشيخ خالد المهنا 15 ذو الحجة 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: خطبة الجمعة للشيخ ياسر الدوسري 15 ذو الحجة 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان العشاء للمؤذن أحمد نحاس الجمعة 15 ذو الحجة 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان العشاء للمؤذن عبدالرحمن خاشقجي الجمعة 15 ذو الحجة 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان المغرب للمؤذن عبدالرحمن خاشقجي الجمعة 15 ذو الحجة 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان المغرب للمؤذن حمد دغريري الجمعة 15 ذو الحجة 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان الجمعة الثاني للمؤذن أشرف عفيفي 15 ذو الحجة 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان الجمعة الثاني للمؤذن أحمد نحاس 15 ذو الحجة 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان الجمعة الأول للمؤذن محمد العمري 15 ذو الحجة 1445هـ من بيت الله الحرام بمكة المكرمة (آخر رد :شريف حمدان)       :: أذان الجمعة الأول للمؤذن عبدالله حطاب الحنيني 15 ذو الحجة 1445هـ من الحرم النبوي الشريف بالمدينة المنورة (آخر رد :شريف حمدان)      

إضافة رد
كاتب الموضوع طويلب علم مبتدئ مشاركات 3 المشاهدات 905  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 30 / 06 / 2008, 00 : 07 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
طويلب علم مبتدئ
اللقب:
عضو ملتقى ماسي


البيانات
التسجيل: 21 / 01 / 2008
العضوية: 19
المشاركات: 30,241 [+]
بمعدل : 5.04 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 295
طويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the roughطويلب علم مبتدئ is a jewel in the rough

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
طويلب علم مبتدئ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
هادع خطبة جمعة لشيخ الشيخ صالح آل طالب 23 - 6 - 1429ﻫ
حفظه الله
حِفْظُ الله
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، عزَّ عن الشَّبيه وعن النِّدِّ وعن النَّظير، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله السراج المنير والبشير النذير، صَلَّى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم البعث والنشور.

أما بعد:
فإن وصية الله تعالى هي التَّقوى، خير الزاد وهي الأبقى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الحشر: 18].

عباد الله:
رَوَى لنا الصحابي الجليل أبو هريرة - رضي الله عنه - حادثةً وقعت له في إحدى الليالي؛ فقال: وكلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ، فجعل يحثو من الطعام؛ فأخذته وقلت: والله لأرفعنَّك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم. فقال: إني محتاج، وعليَّ عيال، ولي حاجة شديدة! قال: فخلَّيْتُ عنه، فأصبحت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما فعل أسيرُكَ البارحة؟!))؛ قال: قلتُ: يا رسول الله، شكا حاجةً شديدةً وعيالاً؛ فرحمته فخلَّيْتُ سبيلَه. قال: ((أما إنه قد كَذَبَك، وسيعود))؛ فعرفتُ أنه سيعود لقول رسول الله - صَلَّى الله عليه وَسَلَّم - إنه سيعود، فرصدته، فجاء يحثو منَ الطعام، فأخذته فقلتُ: لأرفعنَّكَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: دعني؛ فإني محتاج، وعليَّ عيال، لا أعود، فرحمته فخلَّيْتُ سبيلَه، فأصبحت، فقال لي رسول الله - صَلَّى الله عليه وَسَلَّم -: ((ما فعل أسيرُكَ؟))؛ قلتُ: يا رسول الله، شكا حاجةً شديدةً وعيالاً؛ فرحمته فخلَّيْتُ سبيلَه. قال: ((أما إنه قد كَذَبَكَ، وسيعود))، فرصدتُه الثالثة، فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلتُ: لأرفعنك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا آخر ثلاث مرات تزعم أنَّك لا تعود ثم تعود! قال: دعني أعلِّمك كلماتٍ ينفعك الله بها؛ قلتُ: ما هو؟ قال: إذا أَوَيْتَ إلى فراشكَ فاقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ... } [البقرة: 255] حتى تختم الآية؛ فإنه لن يزال عليك منَ الله حافظ، ولا يَقْرَبَنَّكَ شيطانٌ حتى تُصبِح. فخلَّيْتُ سبيلَه، فأصبحت، فقال لي رسول الله - صَلَّى الله عليه وَسَلَّم -: ((ما فعل أسيرُكَ البارحة؟))؛ قلتُ: يا رسول الله، زعم أنه يعلِّمني كلماتٍ ينفعني الله بها فخلَّيْتُ سبيلَه؛ قال: ((ما هي؟))؛ قلتُ: قال لي: إذا أَوَيْتَ إلى فراشكَ فاقرأ آية الكرسي من أوَّلِها حتى تختم: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ... }، وقال لي: لن يزال عليكَ من الله حافظ، ولا يَقْرَبَنَّكَ شيطانٌ حتى تُصبِح - وكانوا أحرص شيءٍ على الخير - فقال النبي - صَلَّى الله عليه وَسَلَّم -: ((أما إنه قد صَدَقَكَ وهو كَذوب، تَعْلَمُ مَنْ تخاطب منذ ثلاث ليالٍ يا أبا هريرة؟!))؛ قال: لا؛ قال: ((ذاك شيطانٌ))؛ رواه البخاري.

أيها المسلمون:
مَنْ حفظه الله فلن يضيع، ومَنْ أحاطه برعايته وحماه وحرسه فهو في غاية الأمن والأمان، تلك هي عناية الله وعِيَاذه وجِوَاره. حين تلجأ إلى الله وتتلو آياته وكلماته التامَّات، ومنها هذه الآية - آية الكرسي - سيدة آي القرآن، وأعظم آية في كتاب الله.

عن أُبَيّ بن كعب - رَضيَ الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى الله عليه وَسَلَّم -: ((يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معكَ أعظم؟))؛ قال: قلتُ: الله ورسوله أعلم؛ قال: ((يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟))؛ قلتُ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ... }، قال: فضرب في صدري وقال: ((واللَّه لِيَهْنِكَ العِلمُ أبا المنذر))؛ رواه مسلم.

آية الكرسي:
آية شريفة نزلت ليلاً، ودعا النبي - صَلَّى الله عليه وَسَلَّم - زيدًا فكتبها، تواترت النصوص والآثار على فضلها، وفضل قراءتها في الصباح والمساء وقبل النوم وبعد الصلوات، اشتملت على توحيد الإلهيَّة والرُّبوبيَّة والأسماء والصفات، تَكَرَّرَ فيها اسم الله تعالى بين مجمل وظاهر ثماني عشرة مَرَّة، افتُتِحَتْ باسم الله، العَلَم الأعظم الجامع لكل معاني الأسماء الحسنى.

{اللَّهُ...}: اسمٌ دالٌّ على الله وحده، لا ينصرف لغيره مجازًا ولا معنى.

{لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ...}: كلمة التوحيد الخالصة؛ فهو المألوه المحبوب سبحانه، وهو الوحيد المستحِقّ للعبادة، فلا معبود بحقٍّ إلا الله.

وهذا التوحيد الخالص هو القاعدة التي يقوم عليها منهج الإسلام؛ فلا عبادة إلاَّ لله، ولا طاعة مطلقة إلاَّ له سبحانه، ومنه التشريع، وله الحكم، وله الاستسلام في كل القضايا والتصوُّرات، ولا اعتبار لقيمةٍ من قِيَم الحياة إذا لم تُقبل في ميزان الله.

{الْحَيُّ...}: فالله تعالى له الحياة التَّامَّة الكاملة، التي ليس لها ابتداء ولا انتهاء: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3].
وفي "صحيح مسلم" من رواية جرير، عن سهل عن أبي صالح: ((اللهم أنت الأوَّل فليس قبلك شيء، وأنت الآخِر فليس بعدك شيء... )) الحديث، وكان يرويه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النَّبي - صَلَّى الله عليه وَسَلَّم.
فالحياة أزلاً وأبدًا لله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58].

{الْقَيُّومُ...}: القائم بنفسه سبحانه، لا يحتاج لغيره، ويقوم به كل موجود؛ فكل مخلوق لا يقوم إلا بالله، وهو سبحانه القائم على كل شيء، لا يحول ولا يزول، قامت به السماوات والأرض وما فيها منَ المخلوقات، فالكل مُفتَقِرٌ إلى الله في كل شيءٍ؛ منَ البدء والإيجاد، والحفظ والإمداد، وفي كل حال، والله سبحانه هو الغني وله القيُّوميَّة التامَّة، وإذا آمن المسلم بذلكَ، وعلم أنَّ التدبير والتَّصريف لله سبحانه - أَسْلَمَ أمره لله، والتزم في حياته بالمنهج المرسوم القائم على الحكمة والتدبير، يستمد منه قِيَمَه وموازينه، ولا يعارِض أمره وشرعه.

وصفة الحياة والقيُّوميَّة تستلزم كل صفات الكمال والجلال لله وحده تعالى، ومن هنا قال بعض المحقِّقين إن {الْحَيُّ الْقَيُّومُ}: "هو اسم الله الأعظم، الذي إذا دُعِيَ به أجاب، وإذا سُئل به أعطى"؛ كما ورد في "السنن"، وعند الإمام أحمد.

ولتمام الحياة والقيُّوميَّة فإنه:
{لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ... }: والسِّنَة: هي النُّعاس، وقيل: بل هو بدء النعاس، وهو الفتور والكسل، والنَّوم والنُّعاس والكَسَل كلها صفات نقصٍ تَعتَرِي المخلوقينَ، وقد تَنَزَّه عنها الخالق جلَّ في عُلاه.

{لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ...}: فالمُلك كله لله، لا شريكَ له ولا منازع، يعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، كل الأكوان له خاضعة، والخلائق له ذليلة خاشعة، السماوات والأفلاك، والأرض والأملاك، والملائكة الكرام، والإنس والجانّ، والطير والحيوان، وكل ما تعجُّ به الأكوان، كله لله وحده، له الملك والخَلْق والتَّدبير".

وإذا علم الإنسان هذه الحقيقة؛ أدركَ أنَّ كلَّ ما في يده عطاءٌ منَ الله مستخلَفٌ فيه ليعمل بأمر الله، فلا بُدَّ منَ الخُضُوع لله في كل التَّصَرُّفات، وإن ذلك من حقيقة التوحيد، كما أن استقرار هذه الحقيقة في الضمير، واستشعار الملكية الحقيقية لله، وأن ما في يد الإنسان عارية مؤقتة لا تلبث أن تُسْتَرَدَّ بموتٍ أو افتقار - إن ذلك كله كفيلٌ بأن يطامن من حدَّة الشَّرَه والطمع والشُّحِّ والحرص والتكالب المسؤول على حُطَام الدنيا وفتاتها.
كما أنه كفيلٌ بأن يسكب في النفس القناعة والرضا بما يحصل منَ الرِّزق، واليقين بما عند الله، والثقة بوعده ونصره ورزقه وحفظه؛ لأنه الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض.

{مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ...}: لا مَلَك مقرَّب، ولا نبي مُرْسَل، كلهم عبيدٌ لله، فمقام العبوديَّة لا يتطاول لمقام الألوهيَّة، ومهما كان حال الرسل والأنبياء والصالحين والأولياء فإن الشفاعة لا تكون إلاَّ بإذن الله، ولمن رضي الله: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: 28].

إن أصل الشفاعة ثابتٌ معلومٌ؛ لكنَّه للمؤمنين الموحِّدين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ مستَجَابَةٌ، فتَعَجَّل كلُّ نبيٍّ دعوته، وإني اختبأتُ دعوتي شفاعةً لأمتي يوم القيامة؛ فهي نائلةٌ - إن شاء الله - مَنْ مات من أمتي لا يشرك بالله شيئًا))؛ رواه مسلم، وأخرجه البخاري.

فمَن توسَّل إلى الشفاعة بالشرك فقد ضلَّ السبيل، قال الله - عزَّ وجل -: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18].

ومن هنا تظهر مناسبة ذكر الشفاعة في مقام التوحيد، وبعد تقرير المُلْك وحده؛ فلا شفاعة إلاَّ بإذنه، ولمَنْ رضي عنه، وكان موحِّدًا بعيدًا عن الشرك صغيره وكبيره.

أيها المسلمون:
ثم ذكر الله تعالى في هذه الآية العظيمة عِلْمَه المحيط بكل شيء...
{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ...}: إنه العلم التام بكل دقائق الأمور وتفصيلاتها، عالمٌ بكل أحوال الناس مما بين أيديهم وما خلفهم، منَ الدنيا والآخرة، منَ الماضي والحاضر والمستقبل: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ} [غافر: 19]، {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طه: 7]، {وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59].

إنَّ الإيمانَ بذلكَ يبعث على التَّقوى، ويحدو بالمؤمن أن يخشى الله في السرِّ والنَّجوى؛ لأنه سبحانه لا تخفى عليه خافية، يعلم ويطَّلع ويحصي، ثم يحاسب ويجزي، فأين المهرب وأين المفرّ وأنت في مُلْك الله، وتحت قهره وسلطانه وعلمه وقدرته، ولا شفاعة إلاَّ بإذنه ورضاه؟!

إن ذلك باعثٌ على كمال الإيمان والتوحيد، والالتزام بالأمر والنهي، وطاعة الله حقًّا.

ومع علم الله التامِّ المطلَق؛ فإن الخَلْق لا يحيطون بهذا العلم، ولا يدركون منه إلا ما أَذِنَ سبحانه.

{وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ... }: إن الله تعالى أعطى الإنسان شيئًا قليلاً من المعرفة، وكشف له أسرارًا منَ الكون؛ لكنه له أسرارًا أخرى، ومهما ترقَّى الإنسان في جانب العلم والمعرفة - فإن ذلك لا يعدو شيئًا يسيرًا في علم الله، لم يَنَلْهُ الإنسان أصلاً إلاَّ بإذن الله.

ولا زالت الخفايا أكثر منَ الظواهر، حتى إنَّ الإنسان لا يعلم أَجَلَ نفسه، ومع ذلك قد يُفتن الإنسان بذلك الطرف منَ العلم الذي حصَّله؛ فيحسب نفسه في الأرض إلهًا، ويكفر ويَتَجَبَّر، ويقول: {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً}! {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} [فصلت: 15].

يا لله، ما أعظم هذه الآية، وما أجلها، وما أسمى مراميها، وما أغزر معانيها!!

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255].

بارَكَ الله لي ولكم في الكتاب والسنَّة، ونفعنا بما فيهما من الآيات والحكمة.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم.


الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا دائمًا يتوالى، أحمده تعالى وأشكره، وأثني عليه وأستغفره؛ إخباتًا له وإجلالاً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه والتَّابعين، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد؛ أيها المسلمون:
ففي ختام هذه الآية العظيمة - ذَكَرَ الله تعالى خَلْقًا من أعظم مخلوقاته؛ تنبيهًا لعظمته وجلاله:
{وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ... }؛ أي: شمل وأحاط كرسيُّه - والكرسي: هو موضع قَدَمَي الربِّ جلََّ وَعَلا - وهو بين يَدَي العرش كالمقدمة له، كما صحَّت بذلك النُّقُول".
قال القاضي: "والذي تقتضيه الأحاديث: أنَّ الكُرسي مخلوقٌ عظيمٌ بين يَدَي العرش، والعرش أعظم منه".
وقد أخرج البَيهَقي وابن أبي شيبة بإسنادٍ صحيح، أنَّ النَّبي - صَلَّى الله عليه وَسَلَّم - قال: ((ما السموات السبع والأرضون السبع بالنسبة للكرسي - إلا كحَلقَةٍ أُلقِيَت في فَلاةٍ من الأرض، وإن فضل العرش على الكرسي كفضل الفَلاة على هذه الحَلْقَة)).
إنَّ في ذلكَ دليلاً على عظمة الأكوان واتِّساعها، وأنَّ الكرسي قد وَسِعَ السماوات والأرض، وأنه أعظم خَلْقًا منها، فكيف بالله خالِقها والمتصرِّف فيها - جلَّ في علاه؟!!

ومع كل هذه العظمة فإنَّه:
{وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا... }: أي: لا يُثْقِلُه ولا يُعْجِزُه، والأَوْد: هو الجهد والمشقَّة؛ لكنه الله تعالى لا يثقله ذلك ولا يشقُّ عليه حفظ هذه العوالم الهائلة، ولا يثقله حفظ السماوات والأرض ومَنْ فيها، كلُّ شيءٍ حقيرٌ بين يديه، متواضعٌ ذليلٌ بالنسبة إليه، كل شيءٍ محتاجٌ إليه.

ومما يشمله الحفظ: حفظه لجميع خلقه بهدايتهم، وتيسيرهم لمصالحهم وأمور معاشهم، ودفع ما يضرهم، فهو الذي يحفظ جميع خَلْقِه بنِعَمه، ويخصّ عباده الصالحين بحفظٍ خاصٍّ، فيدفع عنهم ما يضرهم في دينهم ودنياهم.
وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ النَّبي - صَلَّى الله عليه وَسَلَّم - قال له: ((احفظِ الله يحفظْكَ)).

{وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ... }: إنه العلوُّ بكل معانيه السامية، علوُّ الذَّات، وعلو القَدْر، وعلوُّ القهر، وعلو الأسماء والصفات: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].

إن الله تعالى هو المتفرِّد بالعلوِّ المطلَق، المتفرِّد بالعظمة، وما يتطاول أحدٌ من العبيد إلى هذا المقام إلا ويردّه الله إلى الحطِّ والذلة، والهوان والقلة: {تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا} [القصص: 83]. وقد أهلك الله فرعون لأنه كان عاليًا متعاليًا.

إن استشعار المؤمن لعظمة الله وعليائه تردّه إلى التواضع والخشوع لله، والأدب مع المولى العظيم، والتحرُّج منَ الاستكبار على عباد الله، إنه اعتقادٌ وتصوُّرٌ، وعملٌ وسلوكٌ توحيه هاتان الصفتان الكريمتان، والتي ختمت بها أعظم آية في القرآن - آية الكرسي - أسبغ الله علينا من بركتها، وجعلنا ممَّن يتلوها حقَّ تلاوتها.

ثم صلُّوا وسلِّموا على الرَّحمة المُهداة، والنعمة المُسْدَاة، محمد بن عبدالله - رسول الله وخاتم أنبيائه.

اللهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدكَ ورسولكَ محمد، وعلى آله وصحبه والتابعينَ، ومَنْ تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشِّرك والمشركينَ، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًا وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهُمَّ وفِّق وليَّ أمرنا لهُداكَ، واجعل عمله في رضاكَ، اللهم أصلح بطانته، واصرف عنه بطانة السُّوء، اللهُمَّ وفقه ونائبه وإخوانهم وأعوانهم لما فيه صلاح العباد والبلاد.

اللهُمَّ أصلح أحوال المسلمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين في فِلَسطين وفي كل مكان، اللهم احقن دماءهم، وأظهِر أمنهم، وأَرْخِص أسعارهم، واجمع كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين.

اللهم انصُر المجاهدينَ في فِلَسطين، وفي كل مكان يا رب العالمين، اللهم انصر دينكَ وكتابكَ وسنَّة نبيِّكَ وعبادك المؤمنين، اللهُمَّ قاتل الكَفَرة والمشركين، الذين يصدون عن دينكَ ويعادون أولياءك.

اللهُمَّ فرِّج همَّ المهمومين منَ المسلمين، ونفِّث كرب المكروبين، وفكَّ أسر المأسورين، واقضِ الدَّيْن عن المَدينين، واشفِ برحمتكَ مرضانا ومرضى المسلمين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن منَ الخاسرين.

ربنا اغفر لنا ولوالدينا ووالديهم وذرياتهم ولجميع المسلمين.

اللهم اغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، ويَسِّر أمورنا، وبَلِّغنا فيما يرضيكَ آمالنا.

ربنا تقبَّل منَّا إنَّكَ أنتَ السَّميع العليم، وتُبْ علينا إنَّكَ أنتَ التَّوَّاب الرَّحيم، واختم لنا بخير، واجعل عواقبنا إلى خير، والحمدُ لله أولاً وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.

pt/ hggi










عرض البوم صور طويلب علم مبتدئ   رد مع اقتباس
قديم 30 / 06 / 2008, 54 : 10 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
كريم القوصي
اللقب:
عضو ملتقى ماسي
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية كريم القوصي


البيانات
التسجيل: 13 / 02 / 2008
العضوية: 186
العمر: 38
المشاركات: 13,018 [+]
بمعدل : 2.18 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 1501
نقاط التقييم: 12
كريم القوصي is on a distinguished road
معلوماتي ومن مواضيعي
رقم العضوية : 186
عدد المشاركات : 13,018
بمعدل : 2.18 يوميا
عدد المواضيع : 392
عدد الردود : 12626
الجنس : الجنس : ذكر
الدولة : الدولة : saudi arabia


التوقيت

الإتصالات
الحالة:
كريم القوصي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
افتراضي

بارك الله فيك اخي الكريم طويلب علي هذا الموضوع الرائع

جزاك الله خيرا وجعله الله في ميزان حسناتك









عرض البوم صور كريم القوصي   رد مع اقتباس
قديم 07 / 09 / 2009, 48 : 01 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
محمد نصر
اللقب:
عضو ملتقى ماسي
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية محمد نصر


البيانات
التسجيل: 24 / 12 / 2007
العضوية: 9
المشاركات: 65,283 [+]
بمعدل : 10.83 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 6737
نقاط التقييم: 164
محمد نصر has a spectacular aura aboutمحمد نصر has a spectacular aura about

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
محمد نصر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
افتراضي

بارك الله فيكم اخي ****** طويلب

اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا









عرض البوم صور محمد نصر   رد مع اقتباس
قديم 23 / 10 / 2010, 31 : 05 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
شريف حمدان
اللقب:
مدير عام الملتقى والمشرف العام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية شريف حمدان

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
شريف حمدان متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح
بارك الله فيك اخي الكريم









عرض البوم صور شريف حمدان   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

جديد الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018