-كوكو.. كوكو..
فتح الحمار عينيه الكبيرتين، ضرب الأرض بحافره، وقال غاضباً:
-اخرس أيّها الدّيك، ما هذه العادة؟ كلّ صباح توقظ الحيوانات بصوتك البشع، لقد قطعت مناماً جميلاً كنت أراه.
تضايق الدّيك، فصار لون عرفه كالدّم، لكنّه ضبط نفسه، وقال:
-وماذا رأيت، يا حمار؟
-رأيت بيدرنا مزّيناً بالمصابيح، الحيوانات تجلس حوله بشكل دائري، البطة، الكلب، المعزاة، أنت ودجاجاتك، إضافة إلى ابني الصّغير (جحّوش) أمّا أنا- الحمار- فكنت أقف على ظهر البيدر، واضعاً في عنقي طوقاً من الورد كنت أغنّي، بمناسبة عيد الحصاد، بينما كانت الحيوانات تتمايل طرباً.
ضحك الدّيك حتّى كاد يقع من فوق الخم، وقال:
-حمار.. ما هذا الكلام، كيف تسمح لك الحيوانات بالغناء، وصوتك من أنكر الأصوات.؟ على كل حال إنّه حلم لا أكثر.
غضب الحمار، نصب أذنيه على شكل رقم 11- وقال:
-ديك.. الزم حدودك، واعرف مع من تتكلّم، أنا مطرب، أباً عن جد، صوتي جميل ومؤثّر، حتى أنّني أستطيع أن أجعل كل من يسمعني يرقص فرحاً.
ابتسم الدّيك ابتسامة خفية، قال:
-طيّب.. إذا كنت صادقاً، أسمعنا صوتك، وسنرى.
هزّ الحمار رأسه، فتحرّكت أذناه الطّويلتان كمروحتين، أغمض عينيه، أخذ نفساً عميقاً، وراح ينهق.
سمعت الحيوانات نهيق الحمار، فراحت تفكّر في طريقة للخلاص.
البطّة.. ركضت إلى المستنقع، وغطست تحت الماء كي لا تسمع شيئاً.
الكلب.. ترك بيت الحراسة، وجرى إلى مسكبة البصل، قلع بصلتين، وأدخلهما في أذنيه.
المعزاة.. أمسكت أذنيها الطوّيلتين بأظلافها، وربطتهما تحت ذقنها كي لا يتسرّب إليهما الصّوت.
أمّا الدّيك، فقد دخل القن، مغلقاً الباب خلفه.
فجأة.. خرج صاحب المزرعة من بيته، ركض صوب حماره صائحاً:
-هش.. هش، صرعتنا.