15 / 09 / 2011, 39 : 03 PM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ملتقى ماسي | البيانات | التسجيل: | 21 / 01 / 2008 | العضوية: | 19 | المشاركات: | 30,241 [+] | بمعدل : | 4.92 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 0 | نقاط التقييم: | 295 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : الملتقى العام قال الشيخ محمد الحمد حفظه الله : [لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا] الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد. فإن الحديث ههنا سيدور حول هداية قول الله -تعالى-: ( ليحزن الذين امنوا ). فأنت إذا تأملتَ هذه الآية وجَدْتَ أن من أعظم مقاصدِ الشيطانِ إدخالَ الحزنِ على المؤمن، وأدركت أن من أعظم مقاصد الشريعة إسعادَ المؤمن، وطَرْدَ الحزنِ عنه. قال الله -عز وجل- إنما النجوى من الشيطن ليحزن الذين ءامنوا وليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) المجادلة:10. وفي هذا إشارة إلى أن الشيطانَ لا يَقِفُ ولا يُقْصِر عن محاولة تكدير صفو المؤمن، وإزعاجه في كل حال؛ فتراه يذكِّره بما يسوؤه، ويمنيه بالأماني الباطلة التي ت*** له الشقاء. وتراه يُخْطِر بباله الذكرياتِ الأليمةَ والاحتمالاتِ السيئةَ، والخيالاتِ المثبطةَ عن العمل. فإذا استجاب الإنسان لذلك؛ فصار يستدعي تلك الخواطر، ويجتر تلك المآسي، ويسترسل مع الاحتمالات الرديئة، والظنون السيئة - عاش في ألم، وضِيْق، وحَصْر، وصار يأكل بعضُه بعضاً، ويعذب نَفْسَه بنفسه. أما إذا قطع تلك الواردات، ودرأها عن نفسه ما استطاع، واشتغل بما يعنيه، ونظر إلى الجوانب المشرقة في الحياة، وفي سيرته، واستعاذ من الشيطان ووساوسه - كَبُرَتْ نَفْسُه، وعَلَتْ هِمَّتُه، وزاد نشاطه وإقباله على الجد، وانشرح صدره، وعظم إنتاجه. وهذا مما يفسر لنا سرَّ النجاح عند بعض الناس، وسرَّ الإخفاق عند آخرين؛ فالنجاح يَكْمُنُ في كون الناجحين يتوكلون على الله، ويستحضرون أن كيد الشيطان ضعيف، وأنه ليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله. والإخفاق يكمن في كون المخفقين يسترسلون مع الأوهام، ويَدَعُون كيد الشيطان يستحوذ على أفكارهم، ويأخذ بمجامع قلوبهم، فيقعدهم عن العمل، ويُفْضي بهم إلى البطالة والكسل. فالآية الكريمة تشير إلى أنه ينبغي للمؤمن أن يكون مشرق النفس، مبتهجاً بالحياة، مطمئن الخاطر، بعيداً عن كلِّ ما يكدر عليه صفوه؛ فذلك مما يبعثه إلى قوة الإقبال على الله، والحرصِ على ما ينفعه في أمور دينه ودنياه؛ ذلك أن المبتهج بالحياة يزيده ابتهاجه قوةً إلى قوته، فيكون أقدر على الجد، وحسن الإنتاج، ومقابلة الصعاب من الرجل المنقبض الصدر، الممتلئ بالهم والغم. والتجربة شاهد على أن المستبشرين الباسمين للحياة خير الناس صحة، وأقدرهم على الجد والنشاط، وأقربهم إلى النجاح والفلاح، وأكثرهم سعادة واستفادة مما في أيديهم ولو كان قليلاً. فالابتسام للحياة يضيؤها، ويعين على احتمال متاعبها؛ فالعمل الشاق العسير يَخِفُّ حمله بالنفس المشرقة المتفائلة؛ لذا كان من النعم الكبرى على الإنسان أن يعتاد النظر إلى الجانب المشرق في الحياة لا المظلم منها، وأن يُمْنَحَ القدرةَ على السرور يستمتع به متى وُجِدَتْ أسبابُه، فإن لم تكن كذلك سعى سعيه في إيجادها. ويخطئ كثير من الناس حين يظن أن أسباب السرور كلها في الظروف الخارجية، فيشترط؛ لِيُسَرَّ مالاً، وبنين، وصحة ونحو ذلك؛ فالسرور يعتمد على النفس أكثر مما يعتمد على الظروف الخارجية، وفي الناس من يش��ى في النعيم، وفيهم من ينعم في الشقاء، وفيهم من لا يستطيع التبسم بكل ماله، وفيهم من يتبسم دائماً من أعماقه بأتفه ثمن وبلا ثمن. وهناك نفوس تستطيع أن تجعل من كل شيء شقاءً ونكداً، وهناك نفوس تستطيع أن تُوْجِدَ من كل شيء سعادةً وأنساً. وهناك من ينغص على نفسه وعلى مَنْ حوله مِنْ كلمة يسمعها، أو يؤوِّلها تأويلاً سيئاً، أو من عملٍ تافه حدث له أو منه، أو من مالٍ خسره، أو من ربحٍ كان ينتظره فلم يحدث، أو نحو ذلك، فتراه بعد ذلك وقد اسودت الدنيا في نظره، ثم هو يُسَوِّدُهَا على مَنْ حوله. وهؤلاء عندهم قدرة على المبالغة في الشر، فيجعلون من الحبة قُبَّةً، ومن البذرة شجرة، وليس عندهم قدرة على الخير؛ فلا يفرحون بما أوتوا ولو كان كثيراً، ولا ينعمون بما نالوا ولو كان عظيماً. فالمبتسمون للحياة ليسوا أسعد الناس حالاً لأنفسهم ومن حولهم فحسب، بل هم مع ذلك أقدر على العمل، وأكثر احتمالاً للمسؤولية، وأصلح لمواجهة الشدائد ومعالجة الصعاب، وأجدر بالإتيان بعظائم الأمور التي تنفعهم وتنفع الناس. ولهذا إذا أراد الأدباء أن يبالغوا في الثناء على الممدوح، ويبينوا عظم همته، واستسهاله للصعاب - وَصَفُوْهُ بأنه يبتسم في أحلك المواقف وأشدها خطراً، قال أبو الطيب المتنبي يمدح سيف الدولة: تمر بك الأبطال كلمى هزيمة * ووجهك وضاح وثغرك باسم ويُقال: إن أحكم بيت قالته العرب: ولربما ابتسم الكريم من الأذى * وفؤاده من حرِّه يتأوَّه فذو النفس الباسمة المشرقة يرى الصعاب، فَيَلَذُّ له التغلبُ عليها؛ ينظرها فيبسم، ويعالجها فيبسم، وينجح فيبسم، ويخفق فيبسم. وذو النفسِ العابسةِ المتجهمةِ لا يرى صعاباً فيوجدها، وإذا رآها أكبرها، واستصغر همته بجانبها، فهرب منها، وطفق يسب الدهر، ويعاتب القدر، ويتعلل بـ( لو وإذا وإن). وهكذا ترشد تلك الآية العظيمة وهي قوله -تعالى-: ( ليحزن الذين ءامنوا ) إلى تلك المعاني السامية الكفيلة بطرد الهم، و*** السعادة، وتَحَمُّلِ المصاعب.
dh Yo,m hp`v,h hgad'hk tYki dulg [hi]h (gAdQpX.EkQ hg~Q`AdkQ NlQkE,h ) dEo'Av `;vdhj Hgdlm ,hpjlhghj sdzm >>
|
| |