الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | صقر الاسلام | مشاركات | 3 | المشاهدات | 2052 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
13 / 07 / 2009, 50 : 04 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح من معين القرآن ((مفاتيح الغيب )) بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وأشهدُ أن لا إله ألا الله وحده لا شريك له رب الأرض والسموات ، وأشهدُ أن سيدنا ونبينا محمداً عبدهُ ورسولهُ ، نبيٌ ختم الله به الرُسل وأنار الله به السُبُل ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من أقتفى آثره وأتبع منهجهُ بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد: فهذا بحمد الله وتوفيقه وفضله أولى اللقاءات في برنامجً يفيءُ إلى قرآن الله جلّ وعلا ، إلى كتاب الله الأكرم ومعجزة نبينا صلى الله عليه وسلم الخالدة . جاء النبيون بالآيات فانصرمت ** وجئتنا بحكيم غير منصرم آياته كلما طال المدى جدد ** يزينهن جلال العتق والقدم وكما أن الله جلّ وعلا من قبلُ قد خصّ أنبياءهُ ورسله بالمعجزات الظاهرة والبراهين القاهرة وأنزل على بعضهم كُتباً من السماء فقد خصّ الله نبينا صلى الله عليه وسلم بهذا القرآن العظيم الذي جعله الله جلّ وعلا تذكرةً للعباد ومناراً للحاضر والباد . أيها المؤمنون .. هذه اللقاءات متعددة متتابعة – بإذن الله جلّ وعلا – وكل حلقةً ..كل لقاء يحمل عنوانً خاصاً به ، ألا أنها جميعاً تقتبسُ من القرآن ، تفيءُ إلى القرآن .. إلى دوحة القرآن إلى هذا الكتاب العزيز الذي (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)[1]. عناوين اللقاءات يؤخذ من نفس الآية التي سنتأملها أو من مجموع الآيات التي سنتدبرها ، كُلُ ذلك – بإذن الله تعالى – يأتي في حينه ويُعرف عنوانه منه . لقاء هذا اليوم عنوانه – بإذن الله تعالى – ((مفاتيح الغيب )). بدايةً نقول: العلم من أعظم صفات الله جل وعلا العُليا التي جاء بها الكتاب وجاءت بها سنةُ نبينا صلى الله عليه وسلم ، ولقد حكا الله في المحاورة والمناظرة التي تمت ما بين فرعون وموسى أن فرعون سأل موسى (قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى)[2] ، فأجابهُ موسى كما حكا الله : (قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ) [3]، فأخذ العلماء من هذه الآية (لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ) أنهم عرفوا علم الله جلّ وعلا بقولهم : "أن لله جلّ وعلا علماً لم يسبقهُ جهلٌ ولا يلحقهُ نسيان" ، لم يسبقه جهلٌ أخذوه من قوله (لَا يَضِلُّ ) (وَلَا يَنْسَى) أخذوا منها قولهم: ولا يلحقهُ نسيان . والعلم يمكنُ تقسيمهُ تقسيماتً عديدة لكن من ضمن تقسيمات العلم أن يقسم : 1.إلى علم غيب، 2. وعلم شهادة . فالشهادة: ما نشهده ما نراه ما نشهدُ على وجوده ، رأيناه بأعيننا ولمسناه بأي حواسنا الخمس . ويبقى بعد ذلك علم لم نطلع عليه ، والله جلّ وعلا وحدهُ هو عالم الغيبِ والشهادة وقد أخبر الله تبارك وتعالى أنهُ يعلمُ كل شيء قال الله تبارك وتعالى قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) [4]، وقال جلّ ذكره يبين أن للغيب مفاتح فقال في الأنعام جملةً وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ ) [5]، وتقديم الظرف أي الجار والمجرور هنا ، تقديم الظرف هنا دلالة حصر ، لكن الله لم يذكر هنا ما هنّ مفاتح الغيب ، وهذا الإجمالُ في سورة الأنعام فصلتهُ خاتمةُ سورة لقمان قال صلى الله عليه وسلم كما روى الأمام أحمد بسنداً صحيح " إذ قال أحمد – رحمه الله – حدثني وكيع حدثني سفيان عن عبدالله ابن دينار عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مفاتح الغيب خمسٌ لا يعلمهنّ ألا الله ثم تلا: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) [6]، فهذه الخمس – أيها الأخ والأخت المباركة – هنّ مفاتح الغيب التي أخبر عنهنّ الله وبين أنهنّ مفاتح تفصيلا نبينا صلى الله عليه وسلم ، هذا الغيب ذكر الله جلّ وعلا أنّ له مفاتح خمس ، ما هنّ هذه المفاتح الخمس ؟ قال الله: (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ ) وما يقال في الظرف هنا هو الذي قد قيل من قبل في الأول في قوله جلّ وعلا: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ) لأن التقديم هنا أحد أنواع الحصر في اللغة. (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) علم الساعة أي وقت وقوعها ، وهذا غيبٌ لا يعلمهُ ألا الله لا ملكٌ مقرب ولا نبيٌ مرسل ، وقد سأل خير الملائكة جبريل سؤالاً تعليمياً لا تعريفياً ، سؤالاً لا ليعرف وإنما ليعلم غيره ، سأل خير البشر وسيد الخلق صلى الله عليه وسلم (قال: أخبرني عن الساعة ؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل ) أي أن علمي وعلمك فيها سواء ، وهذا الحوار الذي دار بين جبريل وبين نبينا عليهما السلام بينه الله جلّ وعلا أوضح في قوله تبارك وتعالى (لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [7] ، ومما أخبر الله عنه عن الساعة أنها تأتي بغتة لا يمكن أن تأتي تدريجياً قال الله جلّ وعلا لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [8]، والساعة إحدى القضايا الكبرى التي ناقشها النبي صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش ، إذ أنهم كفروا بالساعة والبعث والنشور وكفروا بتوحيد الألوهية وكفروا ببعثة نبينا صلى الله عليه وسلم ، وهذه القضايا الثلاث متعلقة بالساعة جُملةً مما أمر الله به جلّ وعلا نبيهُ أن يحلف من أجله ، وقد أمر الله نبيه أن يحلف بربه في ثلاث مواضع في القرآن في يونس وفي سبأ وفي التغابن وفي كل هذه الثلاث كانت القضية قضية البعث والنشور وقيام الساعة ، إلا أن الله تبارك وتعالى جعل للساعة أشراطا ، جعل لها علامات وهذا لا ينافي أنها تقع بغتة ألا أننا نعلم من السُنة الصحيحة أن الساعة تكون في يوم جمعة ، وقد جعل الله لها أشراطا قسمها العلماء إلى علامات كبرى وعلامات صغرى وليس هذا موطن الحديث عنها ، لأن الحديث هنا عن الساعة ، إنما هو جزءٌ من خمسة عناوين كما بينا ، هذا معنى قول الله جلّ وعلا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) ثم قال تبارك اسمه وجلّ ثناوه وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) الغيث المطر ، لكن لم يرد في القرآن تسمية الغيث بالمطر في حال الرحمة ، لم يرد في القرآن تسميةٌ ما ينزلُ من السماء مطراً في حال الرحمة ، وإنما في حال الرحمة يسمى غيثا قال الله جلّ وعلا وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)[9]وإنزال الغيث مما أختص الله بعلمه وقد يقول قائل: ألا ترى إلى السُحب إذا تراكمت وهذه المصالح للأرصاد والبيئة وغيرها التي تتنبأ ؟ نقول: كل ذلك يدخل تحت المشيئة والتنبؤ والخرص الذي توافرت أسبابه وجاز شرعاُ أن يُتنبأ به ، لكن لا يمكن لأحد أن يجزم بنزول الغيث ، فكم من سحابةً أظلت قوما ثم مرت دون أن تمطر ؟ وكم من قزعاً قليل أظل قوماً ثم ما لبث أن أمطر وأغاثهم الله جلّ وعلا برحمته . ثمة ملحظ هنا ينبغي أن يُعلم أن الله جلّ وعلا جعل من الماء كل شيء حيّ ، وهذا لا أظنّ أحد يجهله ، لكن ما الذي يجهله الناس هنا ؟ الناس إذا أجدبُوا ولم ينزل المطر لا يدركون أن الله يريد بذلك أن يبين لهم فقرهم وحاجتهم إليه ومن أخطاء الأئمة الفضلاء والخطباء الذين يتصدرون لصلاة الاستسقاء - أخطاء بعضهم - أنهم إذا أرادوا أن يخطبُ عن الاستسقاء خطبُوا عن قضية أسباب القحط ، أسباب جدب الديار ، وأفرطُ في الحديث عن هذا ، ودخلوا في كل صغيرةً وكبيرة وربما نزل أحدهم من المنبر ولم يستسقي الله ألا قليلا ، وهذا عدم فقهً لمعنى الاستسقاء ، الجدب في الديار وقلة الأمطار حدث في عصر النبوة وحدث في القرون الأولى في عهد عمر – رضي الله عنه – وفي عهد غيره من الخلفاء ، فالغايةُ الأولى من جدب الديار هي قضية ، أن يلجأ الناس إلى ربهم ، أن يفيء إلى الله أن يظهروا المسكنة ، أن يظهروا إلى الله فقرهم وحاجتهم ومسكنتهم وابتهالهم إلى الله ، فلا ينبغي للخطيب الموفق ولا للإمام المتصدر أن يهمل هذا الأمر ويقع مع الناس في خطاباً حول المعاصي والفضائيات والقنوات وإخراج الزكاة هذا كله حق ، لكن الأولى منه أن يريهم كيف يستسقي ؟ أن يريهم كيف تستجدى رحمة الله جلّ وعلا ؟ العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم لما أجدب الناس في عهد عمر وكان العباس قد أسن ، وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم و(عم الرجل صنو أبيه ) ولم يكن لأحدً من أهل الأرض حقٌّ يمشي على الأرض له حق على النبي صلى الله عليه وسلم ألا العباس ، لأنه أكبر منه سناً وعمهُ ، ومع ذلك لما استسقى العباس – رضي الله عنه وأرضاه – قال فيما نُقل ألينا من استسقاه : "اللهم ارتفعت أليك الشكوى ، وأنت تعلم السر وأخفى ، اللهم صرخ الصغير ورق الكبير ، اللهم لا تجعلنا بدار مضيعه .. " إلى غير ذلك من العبارات التي تستجدا بها رحمة الله ، وعمر كان إذا استسقى يكثر من الاستغفار ويقول: لقد استسقيت لكم بمجاديف السماء – أي الأشياء التي ت*** غوث الله جلّ وعلا ورحمته – هذه قضية مهمة ينبغي أن يتنبه لها لكل من يستسقي أو لكل من يصدره الناس لأن يستسقي بهم في حال الجدب وقلة الأمطار . قال الله جلّ وعلا : (وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ) الرحم : جعلهُ الله قراراً مكين تستقر فيه النطفة ، ثم يكون بعد ذلك تتابع الحمل والولادة إذا شاء الله وأراده، و(مَا) في لغة العرب موصولة ، وهي إحدى ألفاظ العموم ، فمعنى قول الله جلّ وعلا : (وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ) أي مما أستأثر الله بعلمه أن أحدً لا يمكن أن يدري عن هذا الذي في الرحم ، هل سيولد أو لا يولد ؟ هل سيولد كاملاً أو يولد خديجا ؟ هل يكون شقياً أو يكون سعيدا ؟ هل يكون ذا غنن أو يكون ذا فقر ؟ هل يُهدى أو يُضل ؟ هل يكون ذكراً أو أنثى ؟ كل ذلك وغيره مما أختص الله جلّ وعلا بعلمه(وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ) فإن قال قائل: أن الطب الحديث أظهر الجنين في بطن أمه هل يكون ذكراً أو يكون أنثى ؟ ونقول: ليس في هذا ما ينافي الآية ، لأن الطب الحديث يعتمد على الأشعة ،و الأشعةُ تظهر ذلك الأمر مشاهداً فأنتقل الأمرُ من كونه غيباً إلى كونه شهادة ، ولذلك العجوز الأمية التي لا تقرأ لو نظرت إلى تلك الصورة لفقهت من العضو وجوده أو عدمه أن كان الجنين ذكراً أو أنثى ، وهذا قطعاً لم يرده الله ولم يعنيه الله لأن الله ذكر هذه الآية في قضية مدحه جلّ وعلا والثناء عليه فالسياق في الآية سياق تعظيم للربّ تبارك وتعالى ، فلا يمكن أن يهدم هذا السياق بهذه الواقعة البسيطة ، لكن الأمر أكبر من ذلك (وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ) كل ما يتعلق بهذا الجنين مولداً ونشأةً،شقاءً وسعادة،حياةً ومماتاً،رزقناً وفقرا،كل ذلك لا يعلمه ألا الله تبارك وتعالى (وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ) . ثم قال جلّ وعلا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا) لاحظ التعبير القرآني أن الله لم يقل ولا تدري نفس ماذا ستصنع غدا ، لأن الإنسان قد يكون لديه جدول سنوي أو يومي يصنع هذا آحاد الناس من الكُبرى وغيرهم ، لكن الذي أراده الله جلّ وعلا هل هذه المدونات والأجندة التي ندونها ونكتبها هل ستحقق؟ هل ستقع؟ هل ستنجز؟ هذا لا يعلمه ألا الله جلّ وعلا ، هل يحول الموت بيننا وبينه؟ هل يحول تغير الفكرة؟ هل يحول المرض؟ هل يحول بعض الصوارف؟ والصوارف لا يمكن إحصائها ولا تعدادها ، هذا كُلهُ ما لا يعلمهُ ألا الله قال سبحانه: (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا) فكم ممن يعرضُ بضاعتهُ ويخشى عليها الكساد فتنفق بأمر الله وتباع، وكم ممن يعرضُ بضاعتهُ وهو واثق أنها لن تبقى بين يديه فيصيبها الكساد، هذه أمور لا يعلمها ألا الله جلّ وعلا ، وسنبين في خاتمة الدرس ثمرات العلم هذا ، خامسة الأمور: قال الله جلّ وعلا (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) الموت حق ، وحقيقتهُ انفصال الروح عن الجسد ، فإذا انفصلت الروح عن الجسد بقي الموت أو كان الموت أو وقع الموت ، ومعنى وقع الموت أن الجسد يصبح بلا حراك و الروح تنتقل إلى عليين إذا كانت أرواح مؤمنين ، وإما إلى سجين إذا كانت أرواح كافرين ، الذي يعنينا قول الله : (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) المكان الموطأ الذي يموت فيه الإنسان لا يعلمه ، لأنه قطعاً لو علم أنه سيموت في هذا المكان جزماً وقطعاً لما توجه إليه في الغالب ، هذا الأمر نستفيد منه قضيةً أساسيه وهو: أن الإنسان لم يتعبده الله بأن يدفع الموت عن نفسه ولا أن ي*** الموت لنفسه ، لا أن يدفع الموت عن نفسه ولا أن ي*** الموت لنفسه أما دليل الثانية فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (سلوا الله العافية) فأما دليل الأولى فإن الإنسان لم يتعبداً الله ب*** الموت لأنفسنا ، فإن الإنسان لا يدري متى سيموت ، وبالطبع محال بأن ي*** الموت لنفسه لأن الموت لا يستأذن أحداً إذا قدم ، وقد جاء في الأثر الصحيح أن داود عليه الصلاة والسلام كان رجلاً شديد الغيرة ، فكان إذا خرج يغلق بابه بالمفتاح خوفاً على نسائه من بعده ، فإذا عاد من موطن حكمه ولقاءه بالناس إلى بيته فتح الدار ، فذات يوماً خرج كعادته وأغلق الدار فلما أغلق الدار إذا برجلً في صحن الدار فأطلت امرأة من زوجات داود فلما رأت هذا الرجل صرخت في الناس في أهل داود في آله في أبناءه في بناته قالت: من هذا الذي في صحن الدار؟ والله لتفتننا اليوم بداود – أي ليجعلنها هذا الأمر وبالاً عليكم سيسألكم كيف دخل؟- فلما قدم داود عليه السلام ودخل الدار إذا بهذا الرجل واقف ، فسأله داود من أنت؟ قال: أنا الذي لا أستأذن أحداً ولا يمتنعُ عني الملوك ، ففهم عليه السلام أن هذا ملك الموت ، فقال: مرحباً وأهلاً بلقاء ربي ، ثم بعد ذلك أسلم الروح وتوفاه ملك الموت كما قال الله : (قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ)[10] موضع الشاهد الأرض التي نموت فيها تعبدنا الله بالعمل الصالح حتى أننا إذا قُبضنا نقبض على خيراً عظيماً نلقى به الله جلّ وعلا . مما يُذكر ويستحسن ذكره في هذا المقام ، أن عُمر ابن الخطاب – رضي الله تعالى عنه – في عام ثمانية عشر أصاب الشام ما يسمى (بطاعون عمواس) وعمواس: هذه قرية قبل بيت المقدس ما بين الرملة وما بين القدس ، كانت تسمى كَوره - يعني قرية صغيره آنذاك - فيها جُند المسلمين بقيادة أبو عُبيدة - رضي الله عنه وأرضاه - بلغ عُمر وهو في المدينة أن الطاعون استشرى أو بدا قريباً من عمواس هذه القرية ، وكان عُمر مجلاً معظماً لأبي عُبيدة فخاف عليه من الطاعون فبعث أليه كتاباً يدعوه إليه أن يأتي إلى المدينة ، وأخبره أنه يريدهُ في أمراً هام ، فلما بلغ كتابُ عُمرا إلى أبا عُبيدة وقرأهُ فهم أبو عُبيدة مراد عُمر ، وأن عُمر أنما طلبه شفقةً وظناً به فلما فعل ذلك كتب أبا عُبيدة إلى عُمر يعتذر إليه عن المجيء ويطلبُ منهُ أن يتحلل في خطابه وقال لهُ:" يا أمير المؤمنين إنما أنا جُندٌ من جنود المسلمين ، ولا أجدُ في نفسي رغبةً عنهم ويقضي الله لنا بما شاء "، فلما وصل خطابُ أبي عُبيدة إلى عُمر رقّ عُمر وبكى فقال لهُ الناس: يا أمير المؤمنين أمات أبو عُبيدة؟ قال: وكأن قدِ وكأن قدِ - هذه وكأن قدِ يعني اعتبروه في عداد الموتى - وهو أسلوب عربي وارد في شعر العرب كما في شعر الجاهليين وغيرهم . موضع الشاهد بقي أبو عُبيدة ، فلما دنى الطاعون من عمواس ، طُعن أبو عُبيدة – طعن بمعنى أصابهُ الطاعون – فقال – رضي الله عنه – وقف خطيباً في الناس في جُند المسلمين آنذاك جُند الشام ، قال: " إن هذا الوجع رحمةً من ربكم ، ودعوةٌ نبيكم ، وموت الصالحين من قبلكم " ، ثم مات بعدها بليال ، ممن أستخلفهم أبو عُبيدة على الناس في الشام معاذ ابن جبل – رضي الله عنه وأرضاه – صنيعُ أبو عُبيدة صنعهُ معاذٌ إذ أنهُ – رضي الله عنه – قال: خطب في الناس كما خطب أبو عُبيدة قال: " إن هذا الوجع رحمةً من ربكم ، ودعوةُ نبيكم ، وموت الصالحين من قبلكم - وزاد قليلاً قال: وأني لأرجو الله أن يقسم لآل معاذً منه ، فطُعن عبد الرحمن ابن معاذ قبل أبيه - طُعن كما قُلت أصابهُ الطاعون – فمات ، ثُم طُعن معاذٌ في يده – يعني أول ما أصابه الجرح أصابه في يده – فأخذ ينظر إلى يديه – رضي الله عنه وأرضاه – وهو يشتاق إلى لقاء الله ، وقد وقع البلاء الآن ، يشتاق إلى لقاء الله يقلب يديه ويقول: ما يسُرني أن ليّ ملك الدنيا وما فيها ، لأنها سببٌ في تكفيرِ ذنوبه ورفعِ درجاته وشوقه إلى ربه ، ولا يعني هذا كما قُلت: أن يزدلف الإنسان إلى الموت ، وأن يُسارع إليه لأن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن هذا قال: (لا تتمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموه فاصبروا ) وقال: ( سلوا الله العافية ) وأوصى عمه العباس قال: (يا عماه سل الله العافية ) لكنّ المؤمن إذا وقع البلاء وأُبتلي وحلّ به ما كان يحذر فليعلم أن ما أخطئهُ لم يكن ليصيبه وما أصابهُ لم يكن ليخطئه فليظهر لله نفسً راضيه بقضائه قانعةً بعطائه تشتاقُ إلى لقاءه فهذا من أرفع الدرجات وأجلّ المقامات ومن أعظم منازلِ السائرين على صراط الله المستقيم ، قصةُ معاذ هذه أتينا به لقضية قول الله جلّ وعلا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[11] ما الذي ينجم عن علم الغيب هذا كله؟ ينجم عن علم الغيب هذا كله أن نعلم أن علم الغيب لا يعلمهُ ألا الربّ تبارك وتعالى ، ولهذا من أخطاء بعض الفرق أنها نسبت لمن غلت فيهم علم الغيب ، من أخطاء بعض الفرق التي تنتسبُ إلى الإسلام أنها أسندت علم الغيب لمن غالوا فيهم ، وإن كان المغالى فيهم هؤلاء أأئمة وصالحون وأخيار لا ارتياب في هذا ولا يتحملون وزر غلو الناس فيهم كما لا يتحمّلُ عيسى ولا الملائكة عبادةُ من عبدهم على هذا ربما نسمعُ أحياناً بما يُسمى علم الجفر ، الجفر الذكر من المعز والشاة إذا بلغ أربعة أشهر وهو في اللغة أعمّ من ذلك يطلقُ على كل شيء صغير ، وهذا علمٌ يقال: إن عليّ بن أبي طالب – حين ينسبُ إلى عليّ وحين ينسب إلى جعفر الصادق وحين يُنسب لبعض مريديهم أو طلابهم أنهم كتبوا في جلد جفر علم ما هو واقعٌ إلى يوم القيامة علم الحوادث ، وبعضهم يقول: لا ليس علمًا لكل ما يقع إلى يوم القيامة لكنه علم لما يقع لآل البيت ويجعلون هذا علم مكنونّا مختصًا به آل البيت ولا ريب أن هذا يُرد لسببين يرد هذا القول لسببين : السبب الأول: لا يوجدُ لهذا الكتاب عين ، أين هذا الكتاب ؟ حتى نثبت حقيقتهُ. الأمر الثاني : لا يوجد لهذا العلم سند حتى نتكئ على هذا السند وننظر فيه أن كان صحيحاً أو غير صحيح ، حتى نقول به أو لا نقول به . فكلا الأمرين عدم وجودِ عين الشيء وعدم وجود السند الموصل إلى حقيقته كافيان في رد هذا العلم ، وأنهُ لا أصل لهُ ، وقد ألمح المعري أبو العلاء إلى هذا الأمر . لقد عجبوا لأهل البيت لما *** أتاهم علمهم في مسك جفر وشبه ذلك بالتنجيم كما في البيت الذي يليه ، والغايةُ من هذا كُلهِ أن يُعلم أن الغيب من خصائص الرب تبارك وتعالى ، وما أُطلع عليه الأنبياء من علم الغيب أنما يقدر بالقدر الذي أطلعوا به قال الله جلّ وعلا : (إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ)[12]فأخبر الله جلّ وعلا إنه يُطلع أنبياءه على بعض الغيب ، وما أخبر به الرسل كما أخذنا نموذج نبينا صلى الله عليه وسلم ، لا يخلوا من ثلاثةِ أمور : 1. غيبٌ عن الماضي :كأخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن أهل الكهف وقصة يوسف ونوح هذا واحد. 2. وأخبارٌ في الحاضر: – حاضر النبي صلى الله عليه وسلم – كأخبارهِ عليه السلام أن القُرشيون سيهلكون في بدر، أخبارهِ بأن مكة ستفتح وأمثال ذلك مما وقع في حياته. 3. وأخبارٌ وقع بما وقع بعد حياته صلى الله عليه وسلم: كإخبارهِ عليه الصلاة والسلام بفتح بيت المقدس وإخبارهِ بقتل عُمر وعُثمان وأنهما سيموتان شهيدين وإخبارهُ بفتح القسطنطينية ، وهذا كُله وقع وهذا الذي بعد حياتهِ كذلك ينقسمُ إلى قسم آخر : 1. وهو أن منهُ ما وقع إلى يومنا هذا ،2. ومنهُ ما لم يقع كإخباره صلى الله عليه وسلم بظهور الدجال ونزول عيسى ابن مريم وخروج المهدي وأشبه ذلك ، هذا كُله من الغيب الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما علمهُ الله إياه . إذا أدركنا معشر الإخوان والأخوات المؤمنات أنهُ لا يعلمُ الغيب ألا الله لجئنا إلى هذا الرب الذي لا يعلمُ الغيب ألا هو ، وأسلمنا أمورنا كلها إليه ، وفوضنا كل حاجاتنا إليه قال الله حكايةً عن العبد الصالح : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)[13] ولا تستقر الراحة في قلب المؤمن ألا إذا أسلم أمرهُ كُلهُ لله ، ولن يسلم أمره لله حتى يعلم أن الغيب كُلهُ لله قال الله جلّ وعلا : (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ)فلما بين جلّ وعلا أن الغيب له ، وأن الأمر إليه قال بعد ذلك : (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) [14] ، فمادام الأمر لهُ فحقّ علينا أن نعبده ، وحقّ لهُ أن نعبده ، وما دام الغيب لهُ فحقّ علينا أن نتوكل عليه ، لأننا لا نعلم ما سيكون بعد ذلك في أيامنا ، فيغلبُ علينا الجهل بما نحنُ ماضُون إليه ، فنفوضُ أمرنا إلى الله ونكون على بينةً في شؤوننا ، في معاشنا ومعادنا ، في ديننا ودنيانا ، على تفويض الأمور كلها لربنا تبارك وتعالى والأخذُ بالأسباب المشروعة. وما أدري إذا يممت أرضا أريد الخير أيهما يليني أألخير الذي أنا أبتغيه أم الشر الذي هو يبتغيني وفقنا الله وإياكم لمرضاته ، وسلك الله بنا وبكم سبيل الصالحين ، وجعلنا الله وإياكم ممن يستمعُ القول فيتبعُ أحسنه . صلى الله على محمداً وعلى آله ، والحمد لله رب العالمين . [1] - فصلت:42. [2] - طه: 51 [3] - طه: 52 [4] - النمل: 65 [5] - 59 [6] - لقمان: 34 [7] - الأعراف : 187 [8] - الأعراف : 187 [9] - الشورى: 28 [10] - السجدة:11 [11] - لقمان: 34 [12] - الجن: 27 [13] - غافر: 44 [14] - هود:123 lthjdp hgydf >> ggado whgp fk u,h] hglyhlsd " pt/i hggi " | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
13 / 07 / 2009, 13 : 08 AM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : صقر الاسلام المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
13 / 07 / 2009, 27 : 10 AM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : صقر الاسلام المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
13 / 07 / 2009, 10 : 03 PM | المشاركة رقم: 4 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : صقر الاسلام المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح بارك الله فيك أخي ****** صقر الاسلام اللـهـم اغـفـر لـه ولـوالـديـه مـاتـقـدم مـن ذنـبـهـم ومـا تـأخـر.. وقـِهـم عـذاب الـقـبـر وعـذاب الـنـار.. و أدخـلـهـم الـفـردوس الأعـلـى مـع النـبـيـين والصديقين والـشـهـداء والـصـالـحـيـن .. واجـعـل دعـاءهـم مـسـتـجـابا فـي الـدنـيـا والآخـرة .. ووالدينا ومن له حق علينا الــلـهــم آمـــــــيــــــــن. . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018