اسم على مسمى " قصة قصيرة "
دقت السابعة صباحاً وضرب المنبه فمدّ سعيد يده اليسرى ودفعه إلى الأرض قائلاً: أفٍ لك من جهاز لعين أيقظتني من حلم جميل، وعند ذلك استيقظت سعيدة زوجته و قالت له: ويحك قد انكسر المنبه، فقال لها: الحمد لله فبذلك لن يزعجني ثانية، قالت: المهم احكِ لي هذا الحلم الجميل الذي كسرت المنبه من أجله، فقال لها وهو يرتدي نعله استعداداً للقيام: كل ما أتذكره من هذا الحلم أني كنت في سعادة غامرة ولكني سريعاً ما أنسى الأحلام الجميلة.
قام سعيد فاغتسل وخرج متوجهاً إلى عمله، وعندما دخل سيارته أدار المحرك عدة مرات فلم يستجب فنزل بكل سهولة من سيارته فقد أيقن أنه يوم عادي من أيامه التعيسة وأوقف سيارة أجرة وركب بها فأدار السائق المذياع فإذا بأغنية تحوي كلمات تعني " ما رأيت كتابا مثل كتاب حياتي.. يحوي سطرين من الفرح، أما بقيته عذاب.. عذاب.. عذاب" فازداد سعيد ضيقاً واكتئاباً.
وعندما دخل إلى عمله وجد مديره ينتظره على الباب وعلى وجهه علامات الغضب حتى كاد يشتعل وجهه من شدة غضبه، قال له سعيد: صباح الخير، فقال: ومن أين يأتي الخير وقد أخطأت خطأً تسبب في خسارتنا عشرة آلاف جنيه سوف نقوم بخصمهم من راتبك الشهري أدخل إلى عملك وإياك أن يتكرر منك خطأ كهذا، فانكب سعيد على عمله وقضى يوماً شديد الصعوبة، وحينما دقت الثالثة خرج وبداخله شوق شديد إلى فراشه وقضى في طريق عودته إلى المنزل ساعتين من الضوضاء والحرّ والاكتئاب.
وحينما دق جرس الباب استقبلته امرأته بوجه شديد الفزع وقالت بلهجة ثائرة: ولدك مريض حرارته كالجمر ووجهه أصفر اطلب لنا طبيباً بسرعة، فنزل سعيد مسرعا يبحث عن طبيب لولده فأحضر الطبيب وطمأنهم على حالة ولده، فقال سعيد: الحمد لله حان وقت النوم.
وما أن وضع رأسه على وسادته حتى طاف به فكره ولم يزل يفكر في ما يحدث له من مشاكل وما يشعر به من اكتئاب وضيق وأنه لابد له من شيء ما يفرج عنه همه ولكن ما هو؟ هل يجلس مع أصدقائه في إحدى المقاهي يتسامرون ويضحكون؟ ولكنه ملّ هذا الأمر أيضاً، هل يخرج للتنزه مع عائلته؟ ولكنه عانى من مشاكل زوجته وأولاده ويريد أن يرتاح بعيداً عنهم، فماذا يفعل؟
أخذت تجول هذه الأفكار برأس سعيد فمنعته من النوم فقرر أخيراً أن ينزل إلى الشارع ويتمشى وحده لعل هذا يفرج عنه بعض همه، وعندما فعل ذلك تكالبت عليه الأفكار فزاد ضيقه فقرر أن يعود إلى البيت ويوقف عقله عن التفكير حتى يخلد إلى النوم.
وأثناء نومه رأى ذلك الحلم الجميل فاستيقظ فجأة قبل طلوع الفجر بساعة أو ساعتين ولكنه في هذه المرة تذكر حلمه الجميل وقال في نفسه: الحمد لله الذي هداني لما يفرج الكروب ويكشف الهموم ويسعد الإنسان إنها الصلاة وخير صلاة المرء بعد الفريضة قيام الليل، فقام سعيد وتوضأ وانتصب واقفاً متوجهاً بجسده نحو القبلة وبقلبه نحو الله فارج الهمِّ وقابل التوب وسامع الصوت الحي القيوم فقرأ ما تيسر من القرآن ثم ركع، وحينما سجد انهمرت دموعه حتى بلّت سجادته فغسلت ذنوبه وهمومه، فاستراحت نفسه واتسع صدره التي ضاق سنين يصلي ويدعوا ويبكي حتى رُفع أذان الفجر فقرر أن يصليها بالمسجد الذي لم يتعود أن يدخله كثيراً إلا في الجمع والأعياد فسمع الإمام يقرأ قوله - تعالى -"ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضما" فقال في نفسه باكياً كيف غابت عني هذه الآيات وهذه الحياة من قبل، وما أن سجد حتى تجددت دموعه وفي هذه المرة فاضت روحه إلى الله فلم يرفع رأسه من السجود حتى رفعوه على أكتافهم.
وهكذا مات سعيد في أول يوم يشعر فيه أنه اسمَ على مسمّى ...
hsl ugn lsln " rwm rwdvm "