02 / 04 / 2009, 37 : 10 AM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ملتقى ماسي | الرتبة | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | 29 / 12 / 2008 | العضوية: | 18488 | المشاركات: | 20,729 [+] | بمعدل : | 3.57 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 2270 | نقاط التقييم: | 83 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح [FONT="Arial Black"][التوازن في الوقت .. الشيخ سلمان بن فهد العودة الوصول لنقطة التوازن لا يتم غالباً إلاّ بتدرّج وتكرار، مع إرادة التصحيح والوصول للأفضل والأحسن، وهذا يقع ضمن إطار الشريعة، بالإسلام، ثم الإيمان، ثم الإحسان، مع مدرك أن الإحسان نفسه رتب ومقامات؛ فأهله يتفاضلون، وفي الصحيح : "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". من التوازن في الوقت رعاية التوسط بين الجد الدائم والعمل الدؤوب، وبين الفراغ وقلة الشغل؛ فالإنسان يكتسب أهميته بالإنجاز، وإذا مر عليه ساعة أنجز فيها اتصالاً مهماً، وكتب مقالة، وعقد صفقة، وحل مشكلة، وزار ذا حق.. شعر بالفرح والغبطة. بينما ساعة تمضي دون عمل أو إنجاز يتلوها أخرى فإنك تشعر بالمهانة وضعف الأهمية، وضياع الوقت والفرصة، إلاّ أن تكون هذه الساعة مبرمجة ضمن جدول مقصود معتمد. إذا تكررت الأيام وهي متشابهة لا حياة فيها ولا تجديد، ملّها الإنسان، وضجر بها ومنها، وقديماً كان الشيوخ يعلنون ذلك: قالوا أنينُكَ طولَ الليلِ يقلقُنا *** فما الذي تشتكي؟ قلتُ: الثمانينا ويقول زهير بن أبي سلمى: سَئِمتُ تَكاليفَ الحَياةِ وَمَن يَعِشْ *** ثَمانينَ حَولاً لا أَبا لَكَ يَسأَمِ ذلك الأسبوع الذي مرَّ هادئاً رخواً لا إنجاز فيه، ولا عمل مجدياً، يصيب النفس بالعلل، ويحدث للقلب انتكاسة، لكن في الأسبوع الذي يليه تُفاجَأ بكم كبير من الأعمال التي هجمت عليك، ولا تدري من أين جاءت؟ أفراد عديدون يطلبونك للاتصال، وارتباطات ملزمة حلّت عليك دفعةً واحدة، ومواعيد عائلية، وبرنامج شخصي، وسفر طارئ، وأحد الأطفال يحتاج المستشفى، ركام من الانشغالات، منها العاجل، ومنها الضروري، ومنها المهم، ومنها الأقل أهمية. يتحدث علماء العصر عن رباعية هي كالتالي: 1- عاجل ومهم 2- عاجل غير مهم 3- مهم غير عاجل 4- غير مهم وغير عاجل وقد وجدت في كلام ابن القيم -رحمه الله- نصاً على هذه الأربع، بيد أن الحياة وسياقها ليست عملاً رياضياً. هي خليط من الهمة العالية التي تسترخي حيناً، ومن العادة المؤثرة التي يتميز بها فرد اعتاد على الجد، وآخر لا يحب الجد ولا يحتمله إلاّ لماماً، ومن المزاج النفسي الذي يؤثر في الاختيار، فالإنسان المجامل يفضل أن يعمل الأشياء التي يلح عليها من حوله، ولو كانت أقل ضرورة، وآخر يفضل الأشياء العلمية المعرفية التي لها بقاء وخلود طويل، وثالث يميل إلى الأعمال التي فيها نفع للناس، كالشفاعات وتقديم النصح والمشورة، ورابع يكرس وقته وجهده لكل ما يخص العائلة ثم الأسرة. يجب أن يكون للإنسان هدف يسعى إليه، فمن دون هدف تضيع الحياة، وتفقد وهجها، ولا يدري المرء: أمتحرك هو أم واقف؟ مفيد أم عديم الفائدة؟ فالهدف هو المقصد الذي تتحرك إليه، وتبحث عن أفضل وأسرع السبل لتحقيقه. وعليه أن يقيس حياته بحجم الإنجاز والأثر الذي يتركه على ما حوله، ومن حوله، فإنما يُرجى الفتى كيما يضر، وينفع. فتى تمَّ فيه ما يسرُّ صديقَه *** على أنّ فيه ما يسوءُ الأعاديا لا يكفي شعورك بأنك مشغول فقط، فقد تكون مشغولاً بالفراغ والجعجعة والهذر الذي تردده وتكرره، والمعارك الهوائية التي تفرغ من واحدة منها لتنهمك بأخرى، وفي انتظار الأزمات الغريبة أو البعيدة حتى تبلي فيها بلاءً حسناً، وحينئذٍ فأنت جزء من الأزمة؛ لأنك تضخ فيها أكثر مما يجب، وكأنك تنتقم لنفسك ومن نفسك، وتعوّض عن العجز، والفراغ، وقلة الفاعلية، وقلة الإنتاجية التي تطوّق حياتك وتستنزف عمرك. هذه هي "البطالة المقنعة"، حين تشعر أنك مشغول لا وقت لديك لتحكّ رأسك، بينما لم تجد وقتاً لتفكر في شغلك: أحقيقة هو أم وهم؟ جد أم هزل؟ هل يستحق هذا الوقت وهذا الجهد؟ يقول الله جل وعلا: (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً).[فاطر:8]، ويقول سبحانه: (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ).[النمل:4]، ويقول تعالى: (كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ).[الأنعام:108]. يبقى أن المهم هو البرنامج العام الذي يحكم وقت المكلف وحياته ويُسيّرها، وما يجب أن يكون عليه من التوازن بين الشغل الدائب والاسترخاء، وما بين الإنجاز والاستراحة، أما مفردات الحياة اليومية فكأنها غير قابلة للانضباط في غالب الأحوال، وقد تتزاحم الأشغال حيناً حتى تحدث التوتر، وتقلّ حيناً حتى يضيق المرء بالوقت.. وإن كان من الناس من استطاع أن ينظم وقته بدقة تامة، وأن يحدد لكل ساعة عملها، ولكل عمل بدْءه ونهايته، وأن يلتزم بذلك، وهذا يمكن تسميته بـ "الساعة"، بخلاف "البوصلة" التي هدفها الوصول إلى المقصد.. وإن لم ينضبط الوقت. ويلحق بهذا التوازنُ بين الإتقان والكثرة، أوالكم والكيف، وفي محكم التنزيل: (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً).[الملك:2]. فقدم الجودة والإتقان والإحسان، واعتبرها المعيار، وهذا ما انتهى إليه العلم الحديث. بيد أن هذا لا يعني إلغاء الكم، فإذا أمكن تحقيق الجودة مع كم أكبر من الإنتاج والإنجاز كان خيراً وأفضل، وإلاّ فالجودة مقدمة، والله أعلم. /FONT]
hgj,h.k td hg,rj
|
| |