الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | طويلب علم مبتدئ | مشاركات | 0 | المشاهدات | 638 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
07 / 05 / 2018, 48 : 12 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح نشأة خير الدين لم يكن خير الدين أصيل البلاد التونسيَّة، بل اعتبر نفسه -مثلما يقول في مذكراته- تونسيًّا لحمًا ودمًا بالتبنِّي؛ فقد وُلِد في سنة (1225هـ=1810م) في بلاد الشركس، جنوب شرق جبال القوقاز، وبسبب الكثير من الاضطرابات والحروب التي وقعت بالمنطقة اختُطِف من أهله وهو صغير السن، واقتيد إلى إستانبول حيث اشتراه تحسين بك في سوق الرقيق، وعند بلوغه السابعة عشرة من العمر سنة 1837م، اشتراه مبعوث حاكم تونس أحمد باي الأول (1253-1271هـ= 1837-1855م) حاكم الأسرة الحسينيَّة، و***ه معه إلى تونس ليُعزِّز به صفوف المماليك الموجودين في سرايا الباي. دراسة خير الدين ومعارفه لم يُزاول خير الدين دراسته على غرار غيره من المماليك في المدرسة الحربيَّة، التي أنشأها الباي المذكور لإصلاح الجيش والإدارة وتمكين البلاد من أسس التحديث، غير أنَّ هذا لم يمنع خير الدين من الانكباب بمفرده على الدراسة، فتلقَّى العلوم الدينيَّة، وأصبح يُتقن التركيَّة، فضلًا عن اللغة العربيَّة واللغة الفرنسيَّة، وهذا الأمر كان مألوفًا لدى غالبيَّة علماء ذلك العهد. أعمال خير الدين ومناصبه بتونس وما لبث بعدها أن انخرط في خدمة الأسرة الحسينيَّة، متنقِّلًا بين العديد من المناصب، حيث ارتقى بسرعة -بحكم ثقة الباي أحمد فيه وفراسته- في سُلَّم الرتب العسكريَّة، من رتبة بمباشي -أي قائد الخيَّالة- سنة 1840م إلى رتبة أمير الأمراء -أي جنرال- سنة 1852م. وبحكم علاقات خير الدين التونسي الوطيدة بالباي أحمد اصطحبه في رحلته إلى باريس سنة 1846م، وهو ممَّا جعله يكتشف عن كثب العالم الغربي ومؤسَّساته، وتيسَّر له فيما بعد العودة إلى العاصمة الفرنسيَّة للمكوث بها مدَّةً أطول فيما بين 1853 و1856م؛ لمتابعة القضيَّة المرفوعة لدى المحاكم الفرنسيَّة ضدَّ ابن عيَّاد، وفي الوقت نفسه يبيع بعض مجوهرات الباي قصد توفير الأموال الكافية لتجهيز العسكر الموجَّه إلى تركيا لمساندة الدولة العثمانية في صراعها مع روسيا في حرب القرم. لقد استفاد خير الدين من هذه الإقامة الباريسيَّة؛ وذلك بأن تعرَّف إلى أسس الحضارة الغربيَّة الحديثة وخاصَّةً قيام النظام السياسي على المؤسَّسات الدستوريَّة والتنظيم الإداري المحكم، ولم تنقطع صلته بهذه الشواغل الفكريَّة على الرغم من تعيينه سنة (1274هـ=1857م) وزيرًا للحربيَّة، كما شارك في أعمال لجنة شرح قانون عهد الأمان، الذي أصدره محمد باي (1271-1276هـ= 1855-1859م) في سبتمبر من السنة نفسها، وهو أوَّل دستورٍ في العالم الإسلامي، ثم تولَّى خير الدين رئاسة المجلس الكبير، وهو بمنزلة البرلمان الذي أقرَّه محمَّد الصادق باي (1276-1299هـ= 1859-1882م) في أوَّل دستورٍ صدر بتونس والعالم العربي والإسلامي سنة 1861م، ولكن رفضه لسياسة التداين والاقتراض التي سلكها الوزير الأكبر مصطفى باشا الخازندار، ممَّا جعله يستقيل من مناصبه، مفضلًا العناية بشئونه الخاصَّة فيما بين 1862 و1869م، بعد مصاهرته له بزواجه من ابنته جنيْنة. الوزير الأكبر بتونس وفي سنة 1869م عاد خير الدين إلى النشاط السياسي بإلحاح من محمد الصادق باي، الذي كلَّفه برئاسة اللجنة الماليَّة الدوليَّة المفروضة من القوى الأوربِّيَّة، وخاصَّةً من فرنسا وإنجلترا وإيطاليا بعد عجز البلاد عن إرجاع ديونها للخارج، وبوفاة زوجته سنة 1870م وانفصام الروابط العائليَّة مع مصطفى الخازندار (خزنه دار)، دخل في صراعٍ معه بسبب محاسبته على الأموال التي اختلسها من الدولة، وانتهى هذا الصراع بتعينه وزيرًا أكبر سنة (1290هـ=1873م) خلفًا لمصطفى باشا الخازندار، خاصَّةً أنَّه نجح في تمكين الباي سنة 1871م من فرمان تعترف بمقتضاه الدولة العثمانيَّة بالحكم الوراثي للعائلة الحسينيَّة على إيالة تونس. عندما تولَّى خير الدين مهام الوزير الأكبر وجد البلاد على قاب قوسين أو أدنى من الانهيار التام، نتيجة لمخلفات الانتفاضة الشعبيَّة بقيادة علي بن غذاهم سنة (1281هـ=1864م)، وقد تجسَّدت في كثرة الديون المخلدة بذمَّتها وللنقص الفادح في الموارد البشرية لتسيير شئونها، فبادر بإعادة تنظيم الإدارة وإصدار عدَّة قوانين كفيلة بوضع لبنة متينة لمشروع إصلاحي، ومن هذه القوانين: قانون تنظيم إدارة الأوقاف، وإصلاح التعليم الزيتوني، وبعث مدرسة عصريَّة هي المدرسة الصادقية، وقانون الفلاحة لتنظيم الفلاحة، وبعث مؤسَّسة الأرشيف لحفظ وثائق الدولة، وقانون عدول الأشهاد لضمان الملكيَّات. كلُّ هذه القوانين التنظيميَّة صدرت في سنة (1292هـ=1875م)، وعمل -أيضًا- على نشر الأمن والاستقرار داخل البلاد، إلى درجة أنَّ المرأة -حسب ما أورده في مذكراته- أصبحت تتجوَّل في الأرياف بكامل الحريَّة والأمان، واهتمَّ -أيضًا- بالتهيئة العمرانيَّة للعاصمة، فبلَّط بعض الأنهج، وأنار بعض الشوارع، ووضع مخطَّطًا لمدينةٍ حديثةٍ ستعمل فرنسا فيما بعد على إنجازها في فترة الحماية. ولكن الدسائس المتواصلة التي كان مصطفى الخازندار ومصطفى بن إسماعيل -الذي سيخلفه- يُحيكانها ضدَّه بإعانة قناصل الدول الأوربِّيَّة، جعلت محمد الصادق باي يُقدِم سنة (1294هـ=1877م) على عزل خير الدين التونسي، حارمًا بذلك البلاد من إصلاحٍ حقيقي، خاصَّةً أنَّ خير الدين استطاع في فترةٍ وجيزةٍ من مباشرته الوزارة الكبرى احترام تعهُّدات تونس الماليَّة إزاء الخارج ووضع ميزانيَّة للتصرُّف متوازنة ودفع عجلة النمو الاقتصادي. رائد النهضة التونسية سافر إلى كثيرٍ من الدول الأوربِّيَّة، موفدًا وسفيرًا من لدن الباي محمد الصادق، فأُتيحت له بذلك فرصة الاطِّلاع على الحالة التي وصلتها تلك البلاد من الرُّقي والتقدُّم، وما تحقَّق في العديد من الميادين، وأثَّرت فيه تلك الأوضاع، فكان ذلك كلُّه حافزًا للتفكير بمستقبل أمَّته، والطرق التي يُمكنها سلوكها وصولًا لمعارج الرقي والتطوُّر، أسوةً بباقي الأمم والشعوب، وهذا الأمر شجَّعه على القيام بالكثير من الإصلاحات التي كان يرى أنَّها بداية الطريق الموصل للفلاح. شملت تلك الإصلاحات الجوانب الإداريَّة والتعليميَّة، فأوجد الكليَّة الصادقيَّة المماثلة لجامع الزيتونة، وعمل جاهدًا لإعلان الدستور التونسي وتم ذلك سنة (1284هـ=1867م)، واعترف فيه باستقلاليَّة القضاء، إلَّا أنَّ هذا الدستور لم يُقيَّض له أن يجد طريقةً للتنفيذ؛ بسبب العراقيل التي وُضعت في طريق تنفيذه، بالإضافة إلى هذا، كان يتوق للقيام بعددٍ من الإصلاحات الاجتماعيَّة التي تنسجم والتقاليد المحلِّيَّة، وقد حاق بتلك المحاولات الإخفاق؛ لأنَّها كانت تتطلَّب تكاليف ماليَّة كبيرة، وهو ما لم يكن متوافرًا وقتذاك في الخزينة، لذا كان لا بُدَّ لإنجاز تلك الإصلاحات المختلفة من استدانة مبالغ كبيرة، ويترتَّب على ذلك فرض ضرائب جديدة على المواطنين، أسهمت فرنسا في إحباط المحاولات الإصلاحيَّة للحيلولة دون تطوُّر وتطوير المجتمع التونسي، وهي تَعدُّ العدَّة لاحتلال تلك البلاد بعد احتلالها الجزائر، من هنا عجَّلت كلَّ هذه الأمور بصرفه عن الوزارة. أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك وضع خير الدين التونسي عددًا من الدراسات، إلَّا أنَّ أهمَّها كان كتابه الذي وضعه بعد جولاته في الدول الأوربِّيَّة وقبل تسلُّمه مهامَّ الوزارة في تونس، وأسماه، "أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك"، أنجزه عام (1284هـ=1867م)، وقد بيَّن الغرض منه؛ وهو الإشارة إلى الوسائل التي أوصلت الممالك الأوربِّيَّة إلى ما هي عليه من المنعة والسلطة الدنيويَّة "وعلينا أن نتخيَّر منها ما يكون بحالنا لائقًا، ولنصوص شريعتنا مساعدًا وموافقًا". وكان قصده من تأليف الكتاب أوَّلًا: حضُّ ذوي الغيرة والحزم من رجال السياسة والعلم على التماس ما يُمكنهم من الوسائل الموصِّلة إلى تحسين حال الأمَّة الإسلاميَّة، وتنمية أسباب تمدُّنها بتوسيع دوائر العلوم والعرفان، وتمهيد طريق الثروة من الزراعة والتجارة، وترويج سائر الصناعات، ونفي أسباب البطالة. وهدفه الثاني: تحذير ذوي الغفلات من عوام المسلمين عن تماديهم في الإعراض عمَّا يُحمد من سيرة الآخرين. وقد ضمَّن خير الدين الونسي كتابه الكثير من أفكاره الاصلاحيَّة، إلى درجة أنَّه اعتُبر بمثابة منزلة برنامج إصلاحي للنهوض بالعالم العربي الإسلامي كلِّه، وتهيئته لدخول الحداثة دون التخلِّي عن مقوِّماته الذاتيَّة وهويَّته وعقيدته؛ ففي هذا الكتاب ذهب خير الدين إلى أنَّه لا ضير على البلدان العربيَّة الإسلاميَّة من الاقتباس عن الغرب ودخول عالم الحداثة مع التمسُّك بمقوِّمات الدين الإسلامي الحنيف، وذلك لأنَّ التَّقدُّم وحبَّ الخير للمجموعة والاحتكام إلى العقل هي من المبادئ الأوَّليَّة للإسلام فلا تتناقض معه، ولأنَّ الإسلام في نظره يتأسَّس على العقيدة والعقل معًا. الصدر الأعظم في الدولة العثمانية كانت أفكار خير الدين باشا التونسي في أقوم المسالك معروفة شرقًا وغربًا، فقد كلَّف -قبل تولِّيه الوزارة الكبرى- صديقه أمير الأمراء حسين بترجمة كتابه إلى الفرنسيَّة والإنجليزيَّة، وسعى إلى توزيعه أحسن توزيع، فوجد رواجًا منقطع النظير إلى درجة أنَّ مكتبة الإسكندريَّة اقتنت منه خمسين نسخة، ونُشِر مسلسلًا في جريدة "الجوائب" لصاحبها أحمد فارس الشدياق، وقد ترجمه سعادي أفندي إلى الفارسيَّة، وشرع في نشر أجزاء منه في جريدته الصادرة بلندن باللغات العربيَّة والتركيَّة والفارسيَّة، كما كان محلَّ اهتمام من رفاعة رافع الطهطاوي والمصلح العثماني مدحت باشا. وحاز هذا الكتاب -أيضًا- اهتمام السلطان عبد الحميد الثاني، وهو ما جعله يأمر باي تونس بتركه يُغادر البلاد للالتحاق على الفور بإستانبول وذلك عندما علم بعزله، مقتنعًا بأنَّ الرجل يستحق الإسهام في الحياة السياسيَّة للإمبراطوريَّة العثمانيَّة، وبأنَّه قادرٌ على إنجاز بعض الإصلاحات وحلِّ بعض المشكلات التي كانت تتخبَّط فيها الدولة العثمانيَّة نتيجة الحرب العثمانيَّة الروسيَّة، ومخلَّفاتها التي تمخَّضت عنها سنة 1878م في مؤتمر برلين. فدعا السلطان عبد الحميد الثاني خير الدين فأسند إليه رئاسة لجنة الإصلاحات الماليَّة، ثم رئيسًا لمجلس الدولة، وأخيرًا منصب الصدارة العظمى عام (1295هـ=1878م) إلى منتصف السنة الموالية، وعلى الرغم من قصر هذه الفترة، فقد تمكَّن من حلِّ الكثير من النزاعات الحدوديَّة مع روسيا واليونان وغيرها من الملفَّات؛ فقد كان تولِّيه لهذا المنصب -إبَّان حقبة عصيبة من حياة الدولة العثمانية- إثر الهزيمة التي مُنِيَت بها تركيا في حربها مع روسيا. ومع أنَّه لم يبقَ في منصبه أكثر من عام فقد حاول بعث مشاريعه الإصلاحيَّة مجدَّدًا في حاضرة الدولة، ومنها سعيه لتعزيز مكانة الصدر الأعظم، بعيدًا عن كونه مجرَّد وسيلة لتنفيذ أوامر السلطان، إلَّا أنَّه أخفق مجدَّدًا في مسعاه، وإذا لم يُعمَّر طويلًا في الصدارة العظمى فإنَّ السبب الرئيس -ربَّما- إلى اختلافه مع السلطان حول بعض التنظيمات الإداريَّة الداخليَّة، التي ربَّما رأى فيها عبد الحميد مؤشِّرًا مستترًا لإعادة العمل بمشروطيَّة 1876م المجمَّدة آنذاك، فاستقال من منصبه عام (1296هـ=1879م. وفاة خير الدين باشا وقد أسهم خير الدين التونسي بعد استقالته من الصدارة العظمى في إبداء الرأي في عدَّة قضايا تخصُّ مصر والبلقان عندما دُعي إلى ذلك، ثم عُيِّن عضوًا في مجلس الأعيان، واستمرَّ فيه حتى وفاته بالأستانة عن عمر يُناهز الثمانين عامًا، ودُفِن هناك. ولئن تُوفِّي خير الدين بإستانبول، فإنَّ ذكراه في تونس بقيت راسخة إلى يومنا هذا، بل ظلَّ لدى كلِّ المصلحين والمناضلين ضدَّ الاستعمار الفرنسي وضدَّ التخلُّف رمزًا للإصلاح والتطوُّر السليم القائم على الجمع بين الاقتباس من الغرب والحفاظ على الهويَّة الإسلاميَّة، وهذا ما جعل كلُّ من أتى من بعده ينهل من أفكاره وتجربته في إدارة شئون البلاد. وتكريمًا له ***ت في نهاية الستينيَّات من القرن العشرين رفاته من تركيا ودُفِن بتونس، كما طُبِعت صورته على ورقةٍ نقديَّةٍ من فئة العشرين دينارًا، وأيضًا أصدر البريد عدَّة طوابع موشَّحة بصورته. لقد كان خير الدين علمًا من أعلام الإصلاح في القرن التاسع عشر، ومن أبرز رجالات تونس في عهد البايات، أهلًا للثِّقة، جريئًا، حرَّ التفكير، حازمًا، ومن أبرز من تولَّى الصدارة العظمى في الدولة العثمانيَّة. _________________________ المراجع: - خير الدين التونسي، أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك، تحقيق: خالد زيادة، دار الطليعة، 1978م. - الزركلي، الأعلام، الناشر: دار العلم للملايين، الطبعة: الخامسة عشر - أيار/ مايو 2002م. - أمين أحمد، زعماء الإصلاح في العصر الحديث، دار الكتاب العربي، بيروت، دت. - محمد كامل الخطيب، الإصلاح والنهضة، القسم الأول، قضايا وحوارات النهضة العربية، وزارة الثقافة، دمشق 1992م. - خير الدين التونسي، الموسوعة العربية العالمية، المجلد السابع، ص205. - خير الدين التونسي، الوسوعة التونسية الرقمية. odv hg]dk fhah hgj,ksd | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018