الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | طويلب علم مبتدئ | مشاركات | 0 | المشاهدات | 1327 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
04 / 03 / 2018, 24 : 03 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح الحمدُ للهِ الكريمِ المنان، العزيزِ ذي السلطان، يُعطي ويَمنع، ويَخفضُ ويرفع، ويَصِلُ ويقطع، ويُشتِّتُ ويَجمع، ﴿ يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾ [الرحمن: 29]، ﴿ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ﴾ [النمل: 62]، ويَغفرُ للمسيءِ إذا تابَ ما أتاه، ويَجبرُ المنكسرَ إذا لاذَ بحماه، يَنْزلُ كُلَّ ليلةٍ إلى سماءِ الدُّنيا حينَ يبقى ثلث الليل الآخِرِ (فيقُولُ: هَلْ من مُستَغْفِرٍ؟ هلْ من تائبٍ؟ هل من سائلٍ؟ هلْ من داعٍ؟) رواه مسلم، أحمده سبحانه على نعمه التي من أجلها نعمة الإسلام، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا وَلَدَ ولا أعوان، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه سيِّدِ ولدِ عدنان، بعَثَهُ رحمةً لأهلِ الإيمان، وحُجَّةً على أهل الظلمِ والطغيان، نبيٌّ رَجَفَت لهيبته قلوبُ الجبابرة، فكُسِر كسرى، وقُصِرَ قيصر، وقال: سيملكُ هذا النبيُّ موضعَ قدميَّ هاتان، اللهمَّ صلِّ على عبدك ورسولك محمدٍ وعلى آله وأصحابه عددَ ما أضمَرَهُ الْجَنَان، ونطقَ به اللسان، وتحرَّكت به الأركان، وما هو في علمِ اللهِ كائنٌ أوْ قدْ كان، وسلَّم تسليماً كثيراً. أمَّا بعد: فيا أيها الناس اتقوا الله حقَّ التقوى، واعرفوا ما دلَّت عليه هذه الكلمة من الحقيقة والمعنى، وتفطَّنُوا لتفاصيلِ ذلكَ على القلوبِ والأعضاء، ﴿ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]. أيها المسلمون: لقد تحدثنا في الجمعة الماضية عن كبيرةٍ من أعظم الكبائر وهي الأمن من مكرِ الله، وفي هذه الجمعة سنتحدث إن شاء الله عن كبيرةٍ من أكبر الكبائر وهي: القنوطُ من رحمةِ الله، فما معنى القنوط من رحمة الله، وما حُكمه، وما أسبابُه، وما مظاهرُه، وما علاجه في ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة. أما معنى القنوط: قال الشوكاني: (القُنوط: الإياسُ من الرَّحمة، كذا قال الجمهور) انتهى. وقال المجدِّد الثاني لدعوة التوحيد في البلاد النجدية الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله: (القنوط: استبعاد الفَرَجِ واليأسُ منه، وهو يُقابلُ الأمنَ من مكرِ الله، وكلاهما ذنبٌ عظيمٌ) انتهى، والقُنوط واليأس يفترقان إذا اجتمعا، ويجتمعان إذا افترقا، قال تعالى: ﴿ لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ ﴾ [فصلت: 49]، قال ابن جرير: ( ﴿ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ ﴾ يقولُ: وإنْ نالَهُ ضُرٌّ في نفسهِ من سَقَمٍ أو جَهْدٍ في مَعيشتِهِ، أوِ احتِباسٍ من رِزْقِهِ، ﴿ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ ﴾ يقولُ: فإنهُ ذُو يَأسٍ من رَوْحِ اللهِ وفَرَجِهِ، قنُوطٌ من رحمتِهِ، ومن أَنْ يَكْشِفَ ذلكَ الشَّرَّ النازِلَ بهِ عنهُ) انتهى. وقال الشيخ ابنُ عثيمين رحمه الله: (المرادُ باليأس هُنا أن يستبعد رحمة الله ويستبعد حصول المطلوب، والمرادُ باليأس هُنا أن يستبعد الإنسان زوال المكروه) انتهى. أيها المسلمون: لقد حذَّرَ الله من اليأس والقُنوط من رحمته، فقال تعالى: ﴿ قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، قال ابنُ كثير: (هذهِ الآيةُ الكريمةُ دَعْوَةٌ لجميعِ العُصاةِ منَ الكَفَرَةِ وغيرِهم إلى التوبةِ والإنابةِ، وإخبارٌ بأنَّ اللهَ يَغفِرُ الذُّنوبَ جميعاً لمنْ تابَ منها ورَجَعَ عنها، وإنْ كانت مَهْما كانت، وإنْ كَثُرَت وكانت مِثْلَ زَبَدِ البَحرِ، ولا يَصِحُّ حَمْلُ هذهِ على غيرِ تَوبَةٍ؛ لأنَّ الشِّركَ لا يُغفَرُ لمن لَم يَتُب منهُ) انتهى. وذكَرَ الألوسيُّ في الآية سبعةَ عشرَ أمراً كُلُّها تُؤكِّدُ سَعَةَ رحمةِ الله وعظيمِ فضلهِ وإنعامه. وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ﴾ [الروم: 36]، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾ [الحجر: 56]، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]، قال شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: فيه (شدَّةُ الوعيد في القُنوط) انتهى. أيها المسلمون: ولقد حذَّرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلَّم من القُنوط من رحمة الله، وأوجبَ صلى الله عليه وسلم أن يكون المؤمنُ راجياً رحمةَ اللهِ خائفاً من عذابهِ. قال صلى الله عليه وسلم: (لوْ يَعلَمُ المؤمنُ ما عندَ اللهِ من العُقُوبةِ ما طَمِعَ بجنَّتِهِ أَحَدٌ، ولو يَعلَمُ الكافرُ ما عندَ اللهِ منَ الرَّحمةِ ما قَنَطَ من جنَّتِهِ أحَدٌ) رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلَّم: (ثلاثةٌ لا تَسأَلْ عنهُم: رَجُلٌ نازَعَ اللهَ رِداءَهُ، فإنَّ رِداءَهُ الكِبرِيَاءُ وإِزارَهُ العِزَّةُ، ورَجُلٌ شكَّ في أَمْرِ اللهِ، والقُنوطُ من رحمةِ اللهِ) رواه الإمامُ أحمد وصحَّحه الألباني. فقد وصلوا في الهَلاكِ والبُعد درجة لا يُسأل معها عن مصيرهم وعاقبتهم. وعن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما (أنَّ رجُلاً قالَ: يا رسُولَ اللهِ ما الكبائِرُ؟ قالَ صلى الله عليه وسلَّمَ: الشِّركُ باللهِ، والإِياسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ، والقُنُوطُ من رحمةِ اللهِ) رواه البزَّار وحسنه العراقي. وقالَ ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: (الكبائِرُ: الشِّركُ باللهِ، واليَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ، والقنُوطُ من رحمةِ اللهِ، والأمنُ من مَكْرِ اللهِ) رواه الطبرانيُّ في الكبير وصحَّحه ابنُ كثيرٍ. أيها المسلمون: ولقد اتفق أهل السنة والجماعة على أنه يجب أن يجمع العبد بين الخوف والرجاء في حياته، فلا يأمن مكر الله، ولا ييأس من رحمته، قال الشيخ عبدالرحمن بن قاسم رحمه الله: (إنَّ المؤمنَ يَسيرُ إلى الله بين الخوف والرَّجاء، كما دلَّ عليه الكتابُ والسنةُ، وأجمعَ عليه سلَفُ الأمةِ، فلا يُغلِّب جانبَ الرَّجاءِ فيأمَنُ مكرَ الله، ولا يُغلِّب جانبَ الخوفِ فييأس من رَوْحِ الله) انتهى. وقال الله تعالى في صفة أوليائه من الملائكة والأنبياء والصالحين: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ [الإسراء: 57]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 90]. أيها المسلمون: للقُنوطِ من رحمة الله أسباب من أهمِّها: الإسراف في المعاصي، والجهل بسعة رحمة الله سبحانه وتعالى، وعدم العلم بها، قال صلى الله عليه وسلَّم: (إنَّ اللهَ خلَقَ الرحمةَ يوْمَ خلَقَها مائةَ رحمةٍ، فَأَمْسَكَ عندَهُ تسعاً وتسعينَ رحمةً، وأَرسلَ في خلقِهِ كُلِّهِم رحمةً واحدةً، فلَوْ يَعْلَمُ الكافرُ بكُلِّ الذي عندَ اللهِ من الرحمةِ لَم يَيْئَسْ من الجنةِ، ولو يَعلَمُ المؤمنُ بكلِّ الذي عندَ اللهِ من العذابِ لم يَأْمَنْ من النارِ) رواه البخاري، ومنها: الظن بأن الله تعالى لا يغفر له، قال ابن كثير: (لا يَقْنَطَنَّ عبدٌ من رحمةِ اللهِ وإنْ عظُمَت ذُنوبُهُ وكَثُرَت؛ فإنَّ بابَ التوبةِ والرحمةِ واسعٌ، قالَ اللهُ تعالى: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ﴾ [التوبة: 104].. وقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ﴾ [البروج: 10]، قالَ الحَسَنُ البصريُّ: انظُر إلى هذا الكَرَمِ والجُودِ، قَتَلُوا أولياءَهُ وهو يَدعُوهُم إلى التوبةِ والمغفرةِ) انتهى، ومنها: نسيان قدرة الله وأنه سبحانه لو أرادَ لانتقمَ منه حالَ عصيانه، وأنَّ إمهالَهُ سبحانه لعبده لعلَّه أن يتوب، وإلا فيُخشى أن يكون ممن قال الله فيهم: ﴿ بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾ [الأنبياء: 44]، ومنها: مجالسة المقنِّطين من رحمة الله، قال الإمامُ ابن تيمية: (الفقيهُ كُلُّ الفقيهِ هو الذي لا يُؤَيِّسُ الناسَ من رحمةِ اللهِ، ولا يُجرِّئُهُم على معاصي اللهِ) انتهى. رزَقَنا اللهُ ووالدينا وأهلينا حُسنَ الظِّنِّ به، وأعاذنا من مَكْرِه ومن القُنوطِ من رحمته، آمين. إِنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّداً عبدُه ورسولُه. أمَّا بعدُ: فمن مظاهر القُنوط من رحمة الله: القُنوط من قبول الله للتوبة، قال الإمام ابنُ تيمية: (والقُنُوطُ يَكُونُ بأنْ يَعتقِدَ أنَّ اللهَ لا يَغفرُ لهُ، إما لكونهِ إذا تابَ لا يَقبلُ اللهُ توبَتَهُ ويَغفرُ ذُنوبَهُ، وإما بأنْ يقولَ: نفْسُهُ لا تُطاوِعُهُ على التوبةِ؛ بلْ هو مَغلُوبٌ معَها والشيطانُ قد استَحْوَذَ عليهِ فهوَ يَيْأَسُ من توبةِ نفْسِهِ وإنْ كانَ يَعلَمُ أنهُ إذا تابَ غفَرَ اللهُ له، وهذا يَعتَرِي كثيراً من الناسِ. والقُنوطُ يَحصُلُ بهذا تارةً وبهذا تارةً: فالأوَّلُ كالرَّاهبِ الذي أَفتَى قاتلَ تِسعةٍ وتسعينَ أنَّ اللهَ لا يَغفرُ لهُ فقَتَلَهُ وكَمَّلَ بهِ مِائةً، ثُمَّ دُلَّ على عالمٍ فأتاهُ فسألهُ فأفتاهُ بأنَّ اللهَ يَقبلُ توبَتَهُ والحديثُ في الصحيحينِ، والثاني كالذي يَرَى للتوبةِ شُرُوطاً كثيرةً ويُقالُ لهُ لَها شُرُوطٌ كثيرةٌ يَتعذَّرُ عليهِ فِعلُها فيَيْأَسُ من أن يَتُوبَ) انتهى، ومن مظاهر القُنوط من رحمة الله: القنوط عند تأخُّر نزول الغيث، (عن قتادةَ قالَ: ذُكِرَ لنا أنَّ رَجُلاً أتى عُمَرَ بنَ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهُ فقالَ: يا أميرَ المؤمنينَ قَحَطَ الْمَطَرُ، وقَنَطَ النَّاسُ، قالَ: مُطِرْتُمْ، ﴿ وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [الشورى: 28]) رواه ابن جرير، وعن أبي رَزِينٍ قالَ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: («ضَحِكَ ربُّنا من قُنُوطِ عبادِهِ وقُرْبِ غِيَرِهِ»، قالَ: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، أَوَ يَضحَكُ الرَّبُّ، قالَ: «نعم»، قُلتُ: لَنْ نَعْدَمَ من رَبٍّ يَضحَكُ خيراً) رواه ابن ماجه وحسَّنه ابن تيمية، ومنها: القنوط عند حصول البلاء والفقر والمرض، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا ﴾ [الروم: 36] قال ابن سعدي: (فرحوا بذلك فرَحَ بَطَرٍ لا فَرَحَ شُكرٍ، وتبجُّحٍ بنعمةِ الله)، ﴿ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ ﴾ [الروم: 36] (ييأسون من زوال ذلك الفقر والمرض ونحوه) انتهى، ومنها: استعجال إجابة الدعاء، وعدم الصبر، قال صلى الله عليه وسلم: (يُستجابُ لأحَدِكُم ما لم يَعْجَل، فيقولُ: قدْ دعَوْتُ ربِّي فلم يَسْتَجِب لي) رواه البخاري ومسلم، ومنها: رؤية النعيم على بعض أهل الفسق والكفر فيقنط من فضل الله، ومنها: تأخُّر الإنجاب، وكلَّما تقدَّم العُمُر وهو لم يُنجب ازداد قُنوطه، والله قد بشَّرَ إبراهيم عليه السلام بالولد على كِبَر، قال تعالى: ﴿ قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ * قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ * قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ * قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ﴾ [الحجر: 53 - 56]، ومنها: القُنوط عند تسلُّط الأعداء على الإسلام والمسلمين، وما سَبَبُ تسلُّطهم إلاَّ بما كسبت أيدي المسلمين، قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية: (فلَمَّا ظَهَرَ النِّفاقُ والبدَعُ والفُجُورُ المُخالفُ لدينِ الرسولِ صلى الله عليه وسلم سُلِّطَت عليهِم الأعداءُ) إلى أن قال: (والمقصُودُ هُنا أنَّ دَولةَ بني أُميَّةَ كانَ انقِراضُها بسَبَبِ هذا الجَعْدِ المُعطِّلِ وغيرِهِ من الأسبابِ التي أَوْجَبَت إدبارَها، وفي آخرِ دولتِهِم ظهَرَ الجَهْمُ بنُ صَفْوانَ بخُراسانَ) انتهى. ومنها: قنوط بعض الآباء من صلاح أبنائهم وبناتهم، فيقفون عن نصيحتهم والصبر عليهم وعن الدُّعاء لهم بالهداية. أيها المسلمون: ومن أهمِّ الأمور لمعالجة القنوط بعد توفيق الله ورحمته: المبادرة بالإقلاع عن الذنوب إلى التوبة، وحُسن الظنِّ بالله، فعن جابِرٍ رضي الله عنه قالَ: (سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قبلَ وفاتهِ بثلاثٍ يَقُولُ: «لا يَمُوتَنَّ أحَدُكُم إلا وهوَ يُحسِنُ باللهِ الظَّنَّ») رواه مسلم، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (فالقنوط من رحمة الله واستبعاد الرحمة: من كبائر الذنوب، والواجب على الإنسان أن يُحسن الظن بربِّه، إنْ دعاهُ أحسنَ الظنَّ به بأنه سيُجيبُه، وإنْ تعبَّدَ له بمقتضى شرعه فليُحسن الظنَّ بأن الله سوف يَقبلُ منه، وإنْ وَقَعَت به شدَّة فليُحسن الظنَّ بأن الله سوف يُزيلها، لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «واعلمْ أن النصرَ معَ الصبرِ، وأن الفَرَجَ مع الكربِ، وأن مع العُسرِ يُسراً») انتهى. ومن علاج القنوط: النظر إلى سعة رحمة الله عز وجل ومغفرته، قال تعالى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156]. ومنها: أخذ النفس بالرجاء المحمود الذي يحثّ على العمل، وإظهار العبودية والفاقة والحاجة إلى ما يرجوه من ربه، ومعرفة أسماء الله وصفاته. ومنها: أن تأخر الغيث واحتباس المطر له ضرر على البلاد والعباد، ولكن النظر في المصالح المتحققة من وراء ذلك يدفع القنوط، ويُبعد اليأس، ويحل الأمل والرجاء بدلاً عنهما، ومن تلك المصالح صدق اللجوء إلى الله، والعودة إليه، والتوبة الصادقة، والبعد عن الذنوب والمعاصي، ولزوم الاستغفار، والتحلُّل من المظالم، والإكثار من الصدقات، والعطف على الأرامل والأيتام وغير ذلك من المصالح التي لولا احتباس المطر لَما حصل كثير منها، بل هي من أعظم الأسباب التي تُست*** بها رحمة الله عز وجل، قال الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله: (كيف يقنطون ورحمته وسعت كلَّ شيء، والأسباب لحصولها قد توفَّرت؟!) انتهى، إلى غير ذلك من علاج القنوط من رحمة الله. اللهُمَّ أعذنا من القنوط من رحمتك يا أرحم الراحمين، آمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري lk H;fv hg;fhzv: hgrk,' lk vplm hggi | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018