أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 

الإهداءات


العودة   ملتقى أهل العلم > الملتقيات العامة > الملتقى العام

الملتقى العام المواضيع العامة التي لا يريد كاتبها أن يدرجها تحت تصنيف معين .

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: للهواتف والآيباد أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة (آخر رد :عادل محمد)       :: الى الاخ الفاضل دكتور محمد فخر الدين الرمادي (آخر رد :مهاودي سليمان)       :: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب الجزء الأول كتاب الكتروني رائع (آخر رد :عادل محمد)       :: احتفال الاذاعة المصرية بليلة النصف من شعبان من مسجد مصر بالعاصمة الادارية الخميس 14شعبان1446هـ - 13فبراير2025م (آخر رد :مهاودي سليمان)       :: المناسبات : ج: (3 ) ! (آخر رد :دكتور محمد فخر الدين الرمادي)       :: شهر القرآن.. والغفران.. شهر رمضان! (آخر رد :مهاودي سليمان)       :: [ ٩. ] الْكِتَابُ التَّاسِعُ : » الطَّهَارَةُ « ! (آخر رد :دكتور محمد فخر الدين الرمادي)       :: لغة النبات الحديث الخفي كتاب الكتروني رائع (آخر رد :عادل محمد)       :: صلاة الفجر للشيخ الوليد الشمسان 30 رجب 1446هـ بالمسجد الحرام (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة الفجر للشيخ عبدالله البعيجان 30 رجب 1446هـ من المسجد النبوي الشريف (آخر رد :شريف حمدان)      

إضافة رد
كاتب الموضوع ابو الوليد البتار مشاركات 8 المشاهدات 1521  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 07 / 02 / 2009, 56 : 10 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
ابو الوليد البتار
اللقب:
موقوف


البيانات
التسجيل: 24 / 12 / 2007
العضوية: 11
العمر: 42
المشاركات: 0 [+]
بمعدل : 0 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 40
ابو الوليد البتار is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو الوليد البتار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : الملتقى العام
إسداء المنن في ترجمة سيدنا الحسن رضي الله عنه

المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، نبينا وحبيبنا وقرة أعيننا محمدٍ بن عبد الله القائل: { أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي } وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن الله عز وجل فرض على المسلمين حب آل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وموالاتهم وتقديرهم، وقد انقسم النَّاس في ذلك إلى غالٍ فيهم رفعهم عن مكانتهم وأخرجهم من صفات البشرية إلى صفات رب البرية، وادعى أن ذلك من محبتهم، وربما أدَّاه ذلك إلى بغض غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، وإلى جافٍ أبغضهم وانتقصهم وفرَّط في حقهم؛ وهدى الله أهل السنة والجماعة إلى الأمر الوسط، فأحبوهم ووالوهم وحفظوا فيهم وصيَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يُفْرِطوا ولم يُفَرِّطوا، ولم يغلوا ولم يجفوا، وجعلوا ذلك أصلًا من أصولهم وقرروه في عقيدتهم، ومن هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القائل في عقيدته المشهورة بالواسطية: (إنَّ من أصول أهل السنة والجماعة أنهم يحبون أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم) وقد اتهم الذين غَلَوا في آل البيت كلَّ من لم يسلك مسلكهم ببغضهم وعدم محبتهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن هؤلاء الذين أكثروا التهم عليهم بالباطل أهل السنة والجماعة، فقد جردت القلم بهذا البحث للكشف عن شبهاتهم، وأثبت لكل منصف أنهم بريئون من هذه التهمة براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، فقد جمعت في هذا البحث أقوالهم التي تدل على محبتهم وموالاتهم لآل البيت وأنهم يعدون ذلك أصلًا من أصول عقيدتهم. وقد أحلت ما نقلت عنهم إلى كتبهم بالجزء والصفحة.
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفقني ويسددني. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
أولاً: التعريف اللغوي لآل:
قال الخليل: (يقال: أهل لرجل زوجه، والتأهل التزويج)، (وأهل البيت سكانه، وأهل الإسلام من يدين به)، أما الآل: فجاء في معجم قوله: (آل الرجل أهل بيته) وقال ابن منظور: (وآل الرجل أهله، وآل الله وآل رسوله أولياءه، أصلها (أهل) ثم أبدلت الهاء همزة، فصارفي التقدير (أأل) فلما توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفاً) وهو لا يضاف إلا فيما فيه شرف غالباً، فلا يقال: آل الحائك خلافاً لأهل، فيقال: أهل الحائك.وبيت الرجل داره وقصره وشرفه، وإذا قيل: البيت انصرف إلى بيت الله الكعبة، لأن قلوب المؤمنين تهفوا إليه والنفوس تسكن فيه، وهو القبلة، وإذا قيل: أهل البيت في الجاهلية، انصرف إلى سكانه من قريش خاصة، وبعد الإسلام إذا قيل: أهل البيت، فالمرد آل الرسول صلى الله عليه وسلم .
ثانياً: من هم أهل البيت:
قال الشيخ عبد المحسن العباد (حفظه الله تعالى) في كتابه فضل أهل البيت: القول الصحيح في المراد بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم هم من تحرم عليهم الصدقة، وهم أزواجه وذريته، وكل مسلم ومسلمة من نسل عبدالمطلب، وهم بنو هاشم بن عبد مناف؛ قال ابن حزم في جمهرة أنساب العرب: (ولد لهاشم بن عبد مناف: شيبة، وهو عبد المطلب، وفيه العمود الشرف، ولم يبق لهاشم عقب إلا من عبد المطلب فقط.
ويدل لدخول بني أعمامه في أهل بيته ما أخرجه مسلم (عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أنه ذهب هو والفضل بن عباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبان منه أن يوليهما على الصدقة ليصيبا من المال ما يتزوجان به، فقال لهما صلى الله عليه وسلم: { إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد، إنما هي أوساخ الناس }، ثم أمر بتزويجهما، وإصداقهما من الخمس).
وقد ألحق بعض أهل العلم منهم الشافعي وأحمد، بني المطلب بن عبد مناف ببني هاشم في تحريم الصدقة عليهم، لمشاركتهم إياهم في إعطائهم من خمس الخمس؛ وذلك للحديث الذي رواه البخاري عن جبير بن مطعم، الذي فيه أن إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم لبني هاشم وبني المطلب دون إخوانهم من بني عبد شمس ونوفل؛ لكون بني هاشم وبني المطلب شيئاً واحداً.
فأما دخول أزواجه رضي الله عنهن في آله صلى الله عليه وسلم، فيدل لذلك قول الله عز وجل: (( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً ))[الأحزاب:33-34].
فإن هذه الآية تدل على دخولهن حتماً؛ لأن سياق الآيات قبلها وبعدها خطاب لهن، ولا ينافي ذلك ما جاء في الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:{ خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مِرطٌ مُرحَّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: ((إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً))[الأحزاب:33] }لأن الآية دالة على دخولهن؛ لكون الخطاب في الآيات لهن، ودخول علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم في الآية دلت عليه السنة في هذا الحديث، وتخصيص النبي صلى الله عليه وسلم لهؤلاء الأربعة رضي الله عنهم في هذا الحديث لا يدل على قصر أهل بيته عليهم دون القرابات الأخرى، وإنما يدل على أنهم من أخص أقاربه.
ونظير دلالة هذه الآية على دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في آله، ودلالة حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم على دخول علي، وفاطمة، والحسن، والحسين رضي الله عنهم في آله، نظير ذلك دلالة قول الله عز وجل: (( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ ))[التوبة:108] على أن المراد به مسجد قباء، ودلالة السنة في الحديث الذي رواه مسلم على أن المراد بالمسجد الذي أسس على التقوى مسجده صلى الله عليه وسلم.
وقد ذكر هذا التنظير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في رسالته حيث قال: (وزوجاته صلى الله عليه وسلم داخلات تحت لفظ (الآل) ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: { إن الصدقة لا تحلُّ لمحمد ولا لآل محمد}، ويدل لذلك أنهن يعطين من الخمس، وأيضاً ما رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن أبي ملكية: [[ أن خالد بن سعيد بعث إلى عائشة ببقرة من الصدقة فردتها، وقالت: إنا آل محمد صلى الله عليه وسلم لا تحل لنا الصدقة ]].
ويا لله العجب! كيف يدخل أزواجه في قوله صلى الله عليه وسلم: { اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً }، وقوله في الأضحية: { اللهم هذا عن محمد وآل محمد }، وفي قول عائشة رضي الله عنها: [[ ما شبع آل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز بر ]]، وفي قول المصلي: (اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد)، ولا يدخلن في قوله: { إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد }، مع كونها من أوساخ الناس، فأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالصيانة عنها والبعد منها؟!
فإن قيل: لو كانت الصدقة حراماً عليهن لحرمت على مواليهن، كما أنها لما حرمت على بني هاشم حرمت على مواليهم، وقد ثبت في الصحيح أن بريرة تصدق عليها بلحم فأكلته، ولم يحرمه النبي صلى الله عليه وسلم، وهي مولاة لعائشة رضي الله عنها.
قيل: هذا هو شبهة من أباحها لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
وجواب هذه الشبهة: أن تحريم الصدقة على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليس بطريق الأصالة، وإنما هو تبع لتحريمها عليه صلى الله عليه وسلم، وإلا فالصدقة حلال لهن قبل اتصالهن به، فهن فرع في هذا التحريم، والتحريم على المولى فرع التحريم على سيده، فلما كان التحريم على بني هاشم أصلاً استتبع ذلك مواليهم، ولما كان التحريم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تبعاً لم يقوَ ذلك على استتباع مواليهن؛ لأنه فرع عن فرع.
قالوا: وقد قال الله تعالى: (( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ))[الأحزاب:30] وساق الآيات إلى قوله تعالى: (( وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ))[الأحزاب:34] ثم قال: فدخلن في أهل البيت؛ لأن هذا الخطاب كله في سياق ذكرهنَّ، فلا يجوز إخراجهنّ من شيء منه، والله أعلم) .
الفصل الأول
مكانة أهل البيت عموماً عند أهل السنة:
المبحث الأول
مكانة أهل البيت في القرآن الكريم:
1- آية التخيير:
قال الله عز وجل: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً ))[الأحزاب:28-31].
2- آية المباهلة:
قوله تعالي: (( فََمَنْ حَاجَّكَ فِيْهِ مِنَ بَِعْدِِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أبْنَاءَنا وَأبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ ... ))[آل عمران:61].
ففي هذه الآية فضيلة كبري لأصحاب الكساء، فقد جاء في الحديث عن سعد بن وقاص رضي الله عنه قال: { لما نزلت هذه الآية: (( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ ... ))[آل عمران:61] دعا رسول الله صلي الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: اللهم هؤلاء أهلي... }.
3-آية التطهير:
(( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ))[الأحزاب:33] فقوله: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ))[الأحزاب:33] دالٌ على فضل قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الذين تحرم عليهم الصدقة، ومن أخصِّهم أزواجه وذريته، كما سبق.
وأما قوله عز وجل: (( قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّالْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ))[الشورى:23] فالصحيح في معناها أن المراد بذلك بطون قريش، كما جاء بيان ذلك في الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : أنه سئل عن قوله: (( إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ))[الشورى:23] فقال سعيد بن جبير: قربى آل محمد صلى الله عليه وسلم، فقال ابن عباس: عجلت؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة فقال: صلى الله عليه وسلم: { إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من قرابة }.
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: (أي: قل يا محمد! لهؤلاء المشركين من كفار قريش: لا أسألكم على هذا البلاغ والنصح لكم مالاً تعطونه، وإنما أطلب منكم أن تكفوا شركم عني وتذروني أبلغ رسالات ربي، إن لم تنصروني فلا تؤذوني بما بيني وبينكم من القرابة)، ثم أورد أثر ابن عباس المذكور.
وأما تخصيص بعض أهل الأهواء (الْقُرْبَى) في الآية بفاطمة وعلي رضي الله عنهما وذريتهما فهو غير صحيح؛ لأن الآية مكية، وزواج علي بفاطمة رضي الله عنهما إنما كان بالمدينة، قال ابن كثير رحمه الله: وذكر نزول الآية بالمدينة بعيد، فإنها مكية، ولم يكن إذ ذاك لفاطمة رضي الله عنها أولاد بالكلية؛ فإنها لم تتزوج بعلي رضي الله عنه إلا بعد بدر من السنة الثانية من الهجرة.
والحق في تفسير هذه الآية بما فسرها به حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، كما رواه البخاري.

يتبع ....

Ys]hx hglkk td jv[lm sd]kh hgpsk vqd hggi uki










عرض البوم صور ابو الوليد البتار   رد مع اقتباس
قديم 07 / 02 / 2009, 57 : 10 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
ابو الوليد البتار
اللقب:
موقوف


البيانات
التسجيل: 24 / 12 / 2007
العضوية: 11
العمر: 42
المشاركات: 0 [+]
بمعدل : 0 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 40
ابو الوليد البتار is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو الوليد البتار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى العام
افتراضي

المبحث الثاني
مكانة أهل البيت في السنة المطهر:
1- حديث الاصطفاء:
روى مسلم في صحيحه عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم }.
2- حديث الكساء:
وروى مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: {خرج النبي صلى الله عليه وسلم غداة وعليه مِرطٌ مُرحَّل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً))[الأحزاب:33] }.
3- حديث المباهلة:
وروى مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: { لما نزلت هذه الآية ((فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ))[آل عمران:61] دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي }.
4- حديث الغدير:
وروى مسلم في صحيحه بإسناده عن يزيد بن حيان قال: { انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه، قال له حصين: لقد لقيت -يا زيد!- خيراً كثيراً، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يا ابن أخي! والله! لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حدثتكم فاقبلوا، وما لا فلا تكلفونيه، ثم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خمّاً، بين مكة و المدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم! }.
وفي لفظ: { فقلنا: من أهل بيته، نساؤه؟ قال: لا. وأيم الله! إن المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر، ثم يطلقها، فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده }.
وهنا ننبه على أمور:
الأول: أن ذكر علي وفاطمة وابنيهما رضي الله عنهم في حديث الكساء وحديث المباهلة المتقدمين لا يدل على قصر أهل البيت عليهم، وإنما يدل على أنهم من أخص أهل بيته، وأنهم من أولى من يدخل تحت لفظ (أهل البيت) ، وتقدمت الإشارة إلى ذلك.
الثاني: أن ذكر زيد رضي الله عنه آل عقيل وآل علي وآل جعفر وآل العباس لا يدل على أنهم هم الذين تحرم عليهم الصدقة دون سواهم، بل هي تحرم على كل مسلم ومسلمة من نسل عبد المطلب، وقد مر حديث عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب في صحيح مسلم، وفيه شمول ذلك لأولاد ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.
الثالث: تقدم الاستدلال من الكتاب والسنة على كون زوجات النبي صلى الله عليه وسلم آل بيته، وبيان أنهن ممن تحرم عليه الصدقة، وأما ما جاء في كلام زيد المتقدم من دخولهن في الآل في الرواية الأولى، وعدم دخولهن في الرواية الثانية، فالمعتبر الرواية الأولى، وما ذكره من عدم الدخول إنما ينطبق على سائر الزوجات سوى زوجاته صلى الله عليه وسلم.أما زوجاته رضي الله عنهن، فاتصالهن به شبيه بالنسب؛ لأن اتصالهن به غير مرتفع، وهن زوجاته في الدنيا والآخرة، كما مر توضيح ذلك في كلام ابن القيم رحمه الله.
الرابع: وحديث: { كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي }، أورده الشيخ الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة وعزاه إلى ابن عباس، وعمر، وابن عمر، والمسور بن مخرمة رضي الله عنهم، وذكر من خرجه عنهم، وقال: (وجملة القول أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح، والله أعلم).
5- حديث الصلاة الإبراهيمية:
وروى الإمام أحمد في مسنده عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: { اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته، وعلى أزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى أهل بيته، وعلى أزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد } قال ابن طاوس: وكان أبي يقول مثل ذلك.
ورجال الإسناد دون الصحابي خرج لهم البخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، وقال الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم: (رواه أحمد والطحاوي بسند صحيح) .
وأما ذكر الصلاة على الأزواج والذرية، فهو ثابت في الصحيحين أيضاً من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه.
لكن ذلك لا يدل على اختصاص آل البيت بالأزواج والذرية، وإنما يدل على تأكد دخولهم وعدم خروجهم، وعطف الأزواج والذرية على أهل بيته في الحديث المتقدم من عطف الخاص على العام.
قال ابن القيم بعد حديث فيه ذكر أهل البيت والأزواج والذرية وإسناده فيه مقال: (فجمع بين الأزواج والذرية والأهل، وإنما نص عليهم بتعيينهم؛ ليبين أنهم حقيقون بالدخول في الآل، وأنهم ليسوا بخارجين منه، بل هم أحق من دخل فيه، وهذا كنظائره من عطف الخاص على العام وعكسه، تنبيهاً على شرفه، وتخصيصاً له بالذكر من بين النوع؛ لأنه أحق أفراد النوع بالدخول فيه).
المبحث الثالث
علو مكانة أهل البيت عند الصحابة وتابعيهم بإحسان:
أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
روى البخاري في صحيحه أن أبا بكر رضي الله عنه قال لعلي رضي الله عنه: { والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله أحب إلي من أن أصل قرابتي }.
وروى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنه، عن أبي بكر رضي الله عنه قال: { ارقبوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته }.
قال الحافظ رحمه الله ابن حجر في شرحه: (يخاطب بذلك الناس ويوصيهم به، والمراقبة للشيء: المحافظة عليه، يقول: احفظوه فيهم، فلا تؤذوهم ولا تسيئوا إليهم).
وفي صحيح البخاري عن عقبة بن الحارث رضي الله عنه قال: { صلى أبو بكر رضي الله عنه العصر، ثم خرج يمشي، فرأى الحسن رضي الله عنه يلعب مع الصبيان، فحمله على عاتقه، وقال: بأبي شبيه بالنبي لا شبيه بعلي، وعلي يضحك }.
قال الحافظ رحمه الله في شرحه: (قوله: (بأبي) فيه حذف تقديره أفديه بأبي) ، وقال أيضاً: (وفي الحديث فضل أبي بكر ومحبته لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم) .
عمر بن الحطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما:
روى البخاري في صحيحه عن أنس رضي الله عنه: { أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وسلم فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيسقون }.
والمراد بتوسل عمر رضي الله عنه بالعباس رضي الله عنه التوسل بدعائه كما جاء مبيناً في بعض الروايات، وقد ذكرها الحافظ في شرح الحديث واختيار عمر رضي الله عنه للعباس رضي الله عنه للتوسل بدعائه إنما هو لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال رضي الله عنه في توسله: { وإنا نتوسل إليك بعم نبينا } ولم يقل: بالعباس. ومن المعلوم أن علياً رضي الله عنه أفضل من العباس، وهو من قرابة الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن العباس أقرب، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يورث عنه المال لكان العباس هو المقدم في ذلك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: { ألحقوا الفرائض بأهلها، فما أبقت الفرائض فلأولى رجل ذكر } وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر عن عمه العباس: { أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه }.
وفي كتاب اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما وضع ديوان العطاء كتب الناس على قدر أنسابهم، فبدأ بأقربهم فأقربهم نسباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انقضت العرب ذكر العجم، هكذا كان الديوان على عهد الخلفاء الراشدين وسائر الخلفاء من بني أمية وولد العباس إلى أن تغير الأمر بعد ذلك).
وقال أيضاً: (وانظر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين وضع الديوان، وقالوا له: يبدأ أمير المؤمنين بنفسه، فقال: لا. ولكن ضعوا عمر حيث وضعه الله، فبدأ بأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم من يليهم، حتى جاءت نوبته في بني عدي، وهم متأخرون عن أكثر بطون قريش) .
وتقدَّم في فضائل أهل البيت من السنة حديث: { كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي } وأن هذا هو الذي دفع عمر رضي الله عنه إلى خطبة أم كلثوم بنت علي، وقد ذكر الألباني في السلسلة الصحيحة طرق هذا الحديث عن عمر رضي الله عنه.
ومن المعلوم أن الخلفاء الراشدين الأربعة رضي الله عنهم هم أصهار لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبو بكر وعمر رضي الله عنهما حصل لهما زيادة الشرف بزواج النبي صلى الله عليه وسلم من بنتيهما: عائشة وحفصة، وعثمان وعلي رضي الله عنهما حصل لهما زيادة الشرف بزواجهما من بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتزوج عثمان رضي الله عنه رقية، وبعد موتها تزوج أختها أم كلثوم، ولهذا يقال له: ذو النورين، وتزوج علي رضي الله عنه فاطمة الزهراء رضي الله عنها .
وفي سير أعلام النبلاء للذهبي وتهذيب التهذيب لابن حجر في ترجمة العباس: [[ كان العباس إذا مر بعمر أو بعثمان، وهما راكبان، نزلا حتى يجاوزهما إجلالاً لعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ]].
عمر بن عبد العزيز رحمه الله:
في طبقات ابن سعد بإسناده إلى فاطمة بنت علي بن أبي طالب أن عمر بن عبد العزيز قال لها: [[ يا ابنة علي! والله ما على ظهر الأرض أهل بيت أحب إليّ منكم، ولأنتم أحب إليّ من أهل بيتي ]].
أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله:
في تهذيب الكمال للمزي في ترجمة علي بن الحسين، قال أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله: (أصح الأسانيد كلها: الزهري عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي).
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
قال ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية: (ويحبون -يعني: أهل السنة والجماعة- أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم، ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم: { أذكركم الله في أهل بيتي } وقال أيضاً للعباس عمه -وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم- فقال: { والذي نفسي بيده، لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي } وقال: { إن الله اصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم } ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة، خصوصاً خديجة رضي الله عنها، أم أكثر أولاده، وأول من آمن به وعاضده على أمره، وكان لها منه المنزلة العالية، والصديقة بنت الصديق رضي الله عنها، التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: { فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام } ويتبرَّؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل).
وقال أيضاً في الوصية الكبرى: (وكذلك آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم من الحقوق ما يجب رعايتها؛ فإن الله جعل لهم حقاً في الخمس والفيء، وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لنا: { قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد}.
وآل محمد هم الذين حرمت عليهم الصدقة، هكذا قال الشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهما من العلماء رحمهم الله؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: { إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد }، وقد قال الله تعالى في كتابه: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ))[الأحزاب:33] وحرم الله عليهم الصدقة؛ لأنها أوساخ الناس.
وقال أيضاً: (وكذلك أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تجب محبتهم وموالاتهم ورعاية حقهم).
الإمام ابن القيم رحمه الله:
قال ابن القيم في بيان أسباب قبول التأويل الفاسد: (السبب الثالث: أن يعزو المتأول تأويله إلى جليل القدر نبيل الذكر، من العقلاء، أو من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، أو من حصل له في الأمة ثناء جميل ولسان صدق؛ ليحليه بذلك في قلوب الجهال، فإنه من شأن الناس تعظيم كلام من يعظم قدره في نفوسهم، حتى إنهم ليقدمون كلامه على كلام الله ورسوله، ويقولون: هو أعلم بالله منا!
وبهذا الطريق توصل الرافضة والباطنية والإسماعيلية والنصيرية إلى تنفيق باطلهم وتأويلاتهم حين أضافوها إلى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لما علموا أن المسلمين متفقون على محبتهم وتعظيمهم، فانتموا إليهم وأظهروا من محبتهم وإجلالهم وذكر مناقبهم ما خيل إلى السامع أنهم أولياؤهم، ثم نفقوا باطلهم بنسبته إليهم.
فلا إله إلا الله! كم من زندقة وإلحاد وبدعة قد نفقت في الوجود بسبب ذلك، وهم برآء منها،
وإذا تأملت هذا السبب رأيته هو الغالب على أكثر النفوس، فليس معهم سوى إحسان الظن بالقائل، بلا برهان من الله قادهم إلى ذلك، وهذا ميراث بالتعصيب من الذين عارضوا دين الرسل مما كان عليه الآباء والأسلاف، وهذا شأن كل مقلِّد لمن يعظمه فيما خالف في الحق إلى يوم القيامة.
الحافظ ابن كثير رحمه الله:
قال ابن كثير في تفسيره لآية الشورى بعد أن بين أن الصحيح تفسيرها بأن المراد بـ (القُرْبَى) بطون قريش، كما جاء ذلك في تفسير ابن عباس للآية في صحيح البخاري، قال رحمه الله: (ولا ننكر الوصاة بأهل البيت والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم؛ فإنهم من ذرية طاهرة، من أشرف بيت وجد على وجه الأرض، فخراً وحسباً ونسباً، ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية، كما كان سلفهم، كالعباس وبنيه، و علي وأهل بيته وذريته، رضي الله عنهم أجمعين).
وبعد أن أورد أثرين عن أبي بكر رضي الله عنه، وأثراً عن عمر رضي الله عنه في توقير أهل البيت وبيان علو مكانتهم، قال: (فحال الشيخين رضي الله عنهما، هو الواجب على كل أحد أن يكون كذلك، ولهذا كانا أفضل المؤمنين بعد النبيين والمرسلين، رضي الله عنهما وعن سائر الصحابة أجمعين).
الحافظ ابن حجر رحمه الله:
قال ابن حجر في فتح الباري في حديث في إسناده علي بن حسين، عن حسين بن علي، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، قال: (وهذا من أصح الأسانيد، ومن أشرف التراجم الواردة فيمن روى عن أبيه، عن جده).
شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:
يقول رحمه الله في رسالته: (والواجب على الكل منا ومنكم أنه يقصد بعلمه وجه الله ونصر رسوله كما قال تعالى: (( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ))[آل عمران:81] فإذا كان سبحانه قد أخذ الميثاق على الأنبياء إن أدركوا محمدًا صلى الله عليه وسلم على الإيمان به ونصرته فكيف بنا يا أمته؟ فلا بد من الإيمان به ولا بد من نصرته، لا يكفي أحدهما عن الآخر، وأحق الناس بذلك وأولاهم به أهل البيت الذي بعثه الله منهم وشرَّفهم على أهل الأرض، وأحق أهل البيت بذلك من كان من ذريته صلى الله عليه وسلم. والسلام).
فهو هنا رحمه الله يبين أن الله بعث رسوله صلى الله عليه وسلم الذي هو أساس أهل البيت منهم، وأنه شرَّف أهل بيته على أهل الأرض أجمعين. وفيه أنه رحمه الله يُثبت وجود فئة من أهل بيت النبوة في عصره حيث يخاطبهم في هذه الرسالة، لا كما يزعم خصومه أنه يُنكر وجودهم، ويقول بانقطاع نسبه صلى الله عليه وسلم.
وأيضاً كان لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ستة بنين وبنت واحدة، وهم: عبد الله، وعلي، وحسن، وحسين، وإبراهيم، وعبد العزيز، وفاطمة، وكلهم بأسماء أهل البيت ما عدا عبد العزيز، فعبد الله و إبراهيم ابنا النبي صلى الله عليه وسلم، والباقون علي وفاطمة وحسن وحسين، صهره وبنته صلى الله عليه وسلم وسبطاه، واختياره تسمية أولاده بأسماء هؤلاء يدل على محبته لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وتقديره لهم، وقد تكررت هذه الأسماء في أحفاده.
وقد اكتفيت بذكر بعض أقوال أئمة الأعلام خشية الإطالة.









عرض البوم صور ابو الوليد البتار   رد مع اقتباس
قديم 07 / 02 / 2009, 58 : 10 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
ابو الوليد البتار
اللقب:
موقوف


البيانات
التسجيل: 24 / 12 / 2007
العضوية: 11
العمر: 42
المشاركات: 0 [+]
بمعدل : 0 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 40
ابو الوليد البتار is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو الوليد البتار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى العام
افتراضي

والحمد لله الذي أنعم علينا بمحبة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته، وأسأل الله أن يديم علينا هذه النعمة، وأن يحفظ قلوبنا من الغل على أحد منهم، وألسنتا من ذكرهم بما لا ينبغي.
(( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ))[الحشر:10].
الفصل الثاني
الحقوق الشرعية التي أقرها الإسلام لهم:
لآل البيت عليهم السلام عند أهل السنة والجماعة حقوق وواجبات:
منها: حق الموالاة والمحبة:
فتجب محبتهم لإيمانهم، وتجب محبتهم لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: { أذكركم الله في أهل بيتي... } والحديث: { والذي نفسي بيدي ...} كما تقدم.
ولقوله تعالى: (( قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْرًا إلّا المَْوَدَةَ فِي الْقُربى))[الشورى:23]، وقد تقدم معنى الآية عن ابن كثير.
ومنها: حق الدفاع والذب عنهم:
فيجب منع ما يؤذيهم ورفعه عند وقوعه، وأن من عقيدة أهل السنة والجماعة في آل البيت تحريم إيذائهم أو الإساءة إليهم بقول أو فعل، فقد روى مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: [[ والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ: أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق ]].
وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: (أنه اشتكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن بعض قريش يجفو بني هاشم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: { والذي نفسي بيدي لا يؤمن حتى يحبوكم لله ولقرابتي }.
ومنها: حق تبرئة ساحتهم مما ينسب إليهم كذباً وزوراً، وهذا من المطالب العالية:
فإن الدفاع عنهم لا يعني مجرد الرد على من يسبهم وتعزيره وتأديبه، بل شمل ذلك، وشمل الرد على من غلا فيهم، وأنزلهم فوق منزلتهم، فإن ذلك يؤذيهم، وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كتابه الكبير منهاج السنة في الرد على من غلا فيهم.
ومما يؤكد أن الغلو فيهم يؤذيهم، ما جاء في رجال الكشي عن الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام حيث قال: [[ إن اليهود أحبوا عزيراً حتى قالوا فيه ما قالوا، فلا عزير منهم ولا هم من عزير، وإن النصارى أحبوا عيسى حتى قالوا فيه ما قالوا، فلا عيسى منهم ولاهم من عيسى، وإنا على سنة من ذلك، إن قوماً من شيعتنا سيحبوننا حتى يقولوا فينا ما قالت اليهود في عزير، وما قالت النصارى في عيسى ابن مريم، فلا هم منا ولا نحن منهم ]] .
- وقد أنكر جمع من علماء الشيعة على الغلاة منهم، وذكروا أشياء كثيرة من الغلو، لكن مع مضي القرون أصبح هذا الغلو من ضروريات مذهب الشيعة وعقائدهم، حتى قال أحد كبار علمائهم عبد الله المامقاني أكبر شيوخهم في علم الرجال في هذا العصر: (إن القدماء -يعني من الشيعة- كانوا يعدون ما نعده اليوم من ضروريات مذهب الشيعة غلواً وارتفاعاً، يرمون بذلك أوثق الرجال كما لا يخفى على من أحاط خبراً بكلماتهم).
ومنها: مشروعية الصلاة عليهم:
وذلك عقب الأذان، وفي التشهد آخر الصلاة، وعند الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم... فقد جاء في هذا عدة نصوص؛ كقوله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))[الأحزاب:56] وكما جاء في الحديث لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية الصلاة عليه في الصلاة؛ قال: { قولوا: اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم } فالصلاة على آله من تمام الصلاة عليه وتوابعها؛ لأن ذلك مما تقر به عينه، ويزيده الله به شرفاً وعلواً.
وقد ألف ابن القيم رحمه الله كتاباً مستقلاً في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم سماه: (جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام)، وقد بين فيه أن الصلاة على آل البيت حق لهم دون سائر الأمة بغير خلاف بين الأئمة.
لكن قد يورد البعض مسألتين:
الأولى: أن أهل السنة كثيراً ما يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم بدون ذكر (الآل) فيقولون: صلى الله عليه وسلم.
والثانية: أن أهل السنة إذا صلوا على النبي في بداية الكلام يضيفون مع الآل الأصحاب، فيقولون: صلى الله عليه و على آله وصحبه وسلم.
والجواب عن المسألة الأولى أن يقال:
الأمر في ذلك واسع، فقد أمر الله في القرآن بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر الآل؛ كما قال سبحانه: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ))[الأحزاب:56] فإن ذكر الآل فأمر حسن، وإن لم يذكروا فالأمر فيه سعة.
وأما الجواب عن المسألة الثانية:
فإن الله أمر نبيه بالصلاة على أصحابه في قوله: (( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ))[التوبة:103].
ونحن مأمورون بالاقتداء به صلى الله عليه وسلم، فذكرهم في الصلاة مع النبي صلى اله عليه وسلم فيه سعة، وهو من الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
من حقوق آل البيت عليهم السلام عند أهل السنة، حقهم من الخمس:
لقوله تعالى: (( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ))[الأنفال:41] وقوله تعالى: (( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ))[الحشر:7] وثبت في السنة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت علياً يقول: [[ ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس الخمس، فوضعته مواضعه حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحياة أبي بكر، وحياة عمر، فأتي بمال فدعاني، فقال: خذه، فقلت: لا أريده، قال: خذه؛ فأنتم أحق به، قلت: قد استغنينا عنه. فجعله في بيت المال ]]. ففي الخمس سهم خاص بذي القربى، وهو ثابت لهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قول جمهور العلماء، وهو الصحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فآل بيت النبي صلى الله عليه و سلم لهم من الحقوق ما يجب رعايتها، فإن الله جعل لهم حقاً في الخمس والفيء. وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم) لكن أهل السنة -بخلاف الشيعة- يقولون: إنهم يعطون من خمس الغنائم، وليس من خمس الأموال، فليس في الإرث خمس، وكذا في المسكن والسيارة وغيرها، لأن الله يقول: (( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ))[الأنفال:41] فقال: (( أَنَّمَا غَنِمْتُمْ )) ولم يقل: من أموالكم وقد اضطربت الشيعة بعد غيبة الإمام الثاني عشر اضطراباً كبيراً بسبب الخمس، حيث ظهرت مشكلة: إلى من يسلم الخمس، وماذا يصنع به؟
يبين هذا الاضطراب الشيخ المفيد حيث يقول: (قد اختلف قوم من أصحابنا في ذلك –أي: الخمس- عند الغيبة، وذهب كل فريق إلى مقال: فمنهم من يسقط إخراجه لغيبة الإمام، وما تقدم من الرخص فيه وبعضهم يوجب كنزه -أي: دفنه- ويتأول خبراً ورد: إن الأرض تظهر كنوزها عند ظهور الإمام، وأنه (ع) إذا قام دلّه الله على الكنوز فيأخذها من كل مكان ...) .
ومنها: اليقين الجازم بأن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذريته هو أشرف أنساب العرب قاطبة:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: { إن الله اصطفى بني إسماعيل .. }.
ومنها: تحريم الزكاة والصدقة عليهم؛ وذلك لكرامتهم وتنزيههم عن الأوساخ؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس ... }.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وأما تحريم الصدقة فحرمها عليه وعلى أهل بيته تكميلاً لتطهيرهم، ودفعاً للتهمة عنه، كما لم يورث، فلا يأخذ ورثته درهما ولا ديناراً).
هذه هي أهم الحقوق التي أوجبها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لآل بيت النبي عيهم السلام، اقتصرنا فيها على ما اشتهر نصه وذاع أمره، خشية الإطالة وحرصاً على الاختصار، فالواجب على كل مسلم مراعاتها ومعرفتها، واتباع ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم تجاهها، فضلا عن محبتهم وتوقيرهم.
الفصل الثالث
مجمل عقيدة أهل السنة والجماعة في أهل البيت:
عقيدة أهل السنة والجماعة وسط بين الإفراط والتفريط، والغلو والجفاء في جميع مسائل الاعتقاد، ومن ذلك عقيدتهم في آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنهم يتولَّون كل مسلم ومسلمة من نسل عبد المطلب، وكذلك زوجات النبي صلى الله عليه وسلم جميعاً، فيحبون الجميع، ويثنون عليهم، وينزلونهم منازلهم التي يستحقونها بالعدل والإنصاف، لا بالهوى والتعسف، وتعرفون الفضل لمن جمع الله له بين شرف الإيمان وشرف النسب، فمن كان من أهل البيت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم يحبونه لإيمانه وتقواه، ولصحبته إيَّاه، ولقرابته منه صلى الله عليه وسلم.
ومن لم يكن منهم صحابياً، فإنهم يحبونه لإيمانه وتقواه، ولقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويرون أن شرف النسب تابع لشرف الإيمان، ومن جمع الله له بينهما فقد جمع له بين الحسنيين، ومن لم يوفق للإيمان، فإن شرف النسب لا يفيده شيئاً، وقد قال الله عز وجل: (( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ))[الحجرات:13] وقال صلى الله عليه وسلم في آخر حديث طويل رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: { ومن بطأ به عمله لم يُسرع به نسبُه }.
وقد قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في شرح هذا الحديث: (معناه أن العمل هو الذي يبلغ بالعبد درجات الآخرة، كما قال تعالى: (( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ))[الأنعام:132] فمن بطأ به عمله أن يبلغ به المنازل العالية عند الله تعالى لم يسرع به نسبه، فيبلغه تلك الدرجات؛ فإن الله رتب الجزاء على الأعمال لا على الأنساب، كما قال تعالى: (( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ))[المؤمنون:101] وقد أمر الله تعالى بالمسارعة إلى مغفرته ورحمته بالأعمال، كما قال: (( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ))[آل عمران:133-134] وقال: (( إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ))[المؤمنون:57-61].
ثم ذكر نصوصاً في الحث على الأعمال الصالحة، وأن ولاية الرسول صلى الله عليه وسلم إنما تنال بالتقوى والعمل الصالح، ثم ختمها بحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه فقال: (ويشهد لهذا كله ما في الصحيحين عن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، وإنما وليي الله وصالح المؤمنين}، يشير إلى أن ولايته لا تنال بالنسب وإن قرب، وإنما تنال بالإيمان والعمل الصالح، فمن كان أكمل إيماناً وعملاً فهو أعظم ولاية له، سواء كان له منه نسب قريب أو لم يكن، وفي هذا المعنى يقول بعضهم:
لعمرك ما الإنسان إلا بدينه لقد رفع الإسلام سلمان فارس
فلا تترك التقوى اتكالا على النسب وقد وضع الشرك النسيب أبالهب









عرض البوم صور ابو الوليد البتار   رد مع اقتباس
قديم 07 / 02 / 2009, 01 : 11 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
ابو الوليد البتار
اللقب:
موقوف


البيانات
التسجيل: 24 / 12 / 2007
العضوية: 11
العمر: 42
المشاركات: 0 [+]
بمعدل : 0 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 40
ابو الوليد البتار is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو الوليد البتار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى العام
افتراضي

الفصل الربع
التعريف بالحسن رضي الله عنه من كتب السنة:
قال الطبراني رحمه الله تعالى في الكبير: حسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يكنى أبا محمد ثم أورد فيه رواية فقال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يقول: الحسن بن علي يكنى أبا محمد .
الفصل الخامس
ذكر المرويات التي رويت فيه أو رويت عنه:
كانت بشرى رسول الله بمولد الحسن عظيمة وكان يحمله ويداعبه ويدعوه ليتسلق صدره ويلعب معه، وترعرع الحسن في حجر النبوة ولاحظته عليه الرعاية النبوية والعناية المصطفوية من ولادته حتى يفاعته لاسيما شبهه با النبي ظاهر في محياه وأساريره، وقد تمتع الحسن بمكانة كبيرة وتقدير عال من جده، وهذا ليس لكونه سبطه فحسب بل لما تحمله نفس الحسن من صفات طيبة وخلق عال وتواضع كريم، وهذه بعض الأحاديث التي رويت فيه:
أولاً:ذكر المرويات التي رويت فيه:
1- وأخرج الشيخان عن البراء قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن على عاتقه، وهو ينظر إلى الناس مرة و إليه مرة يقول: { إن ابني هذا سيد و لعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين }.
2- وأخرج البخاري عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: { هما ريحانتاي من الدنيا } يعني الحسن و الحسين.
3- وأخرج الترمذي والحاكم عن أبي سعيد الخدري قال: قال: رسول الله صلى الله عليه و سلم { الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة }.
4- وأخرج الترمذي عن أسامة بن زيد قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين على وركيه فقال: { هذان ابناي وابنا ابنتي اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما}.
5- عن علي بن أبي طالب أن رسول الله أخذ بيد حسن وحسين فقال: {من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة }.
6- عن يعلى العامري أنه قال: جاء الحسن والحسين يستبقان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فضمهما إليه ثم قال: { إن الولد مبخلة مجبنة }.
7- عن عبد الله قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي والحسن والحسين يثبان على ظهره فيباعدهما الناس فقال صلى الله عليه وسلم: { دعوهما بأبي هما وأمي من أحبني فليحب هذين}.
8- وأخرج عن أنس قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم:أي أهل بيتك أحب إليك؟ قال: { الحسن والحسين }.
9- وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم وقد حمل الحسن على رقبته فلقيه رجل فقال: نعم المركب ركبت يا غلام، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: { ونعم الراكب هو }.
10- وأخرج الحاكم عن زهير بن الأرقم قال: قام الحسن بن علي يخطب فقام رجل من أزد شنوءة فقال: أشهد لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعه في حبوته وهو يقول: { من أحبني فليحبه وليبلغ الشاهد الغائب ولولا كرامة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدثت به}.
12- عن ابن عباس: { أن رسول الله عق عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً }.
وفي رواية: { كبشين كبشين }.
13- عن جابر { أن النبي عق عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام }.
14- عن أبي هريرة أنه لقي الحسن بن علي فقال: { رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بطنك، فاكشف الموضع الذي قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبله وكشف له الحسن فقبله }.
15- عن أسامة بن زيد قال: { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن بن علي على فخذه الأخرى ثم يقول: اللهم إني أرحمهما فارحمهما}.
16- عن أبي هريرة قال: { خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من النهار لا يكلمني ولا أكلمه حتى جاء سوق بني قينقاع، ثم انصرف حتى أتى خباء فاطمة فقال: أثم لكع؟ أثم لكع؟ -يعني حسناً- فظننا أنه إنما تحبسه أمه لأن تغسله وتلبسه سخاباً فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أحبه فأحبه وأحبب من يحبه }.
17- عن إياس عن أبيه قال: { لقد قدت بنبي الله صلى الله عليه وسلم والحسن والحسين بغلته الشهباء حتى أدخلتهم حجرة }.
ثانياً:المرويات التي جاءت عن طريقه:
فقد حفظ الحسن رضي الله عنه عن جده أحاديث مع صغر سنه، فروى له بقي بن مخلد في مسنده عن رسول الله ثلاثة عشر حديثاً، وروى له أحمد في مسنده عشرة أحاديث، وله في السنن الأربعة ستة أحاديث، وهذه الأحاديث منها:
1- حدثنا ربيعة بن شيبان أنه قال للحسن بن علي رضي الله عنه:
ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أدخلني غرفة الصدقة، فأخذت منها تمرة فألقيتها في فمي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { ألقها فإنها لا تحل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأحد من أهل بيته صلى الله عليه وسلم }.
2- عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر: { اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت }.
3- عن هبيرة خطبنا الحسن بن علي رضي الله عنه فقال: [[ لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه بالراية جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله لا ينصرف حتى يفتح له ]].
4- عن عمرو بن حبشي قال: خطبنا الحسن بن علي بعد مقتل علي رضي الله عنهما فقال: [[ لقد فارقكم رجل بالأمس ما سبقه الأولون بعلم ولا أدركه الآخرون، إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبعثه ويعطيه الراية فلا ينصرف حتى يفتح له، وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم لأهله ]] .
5- عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه أن يقول في الوتر فذكر مثل حديث يونس.
6- عن محمد بن علي عن الحسن بن علي أنه: [[ مر بهم جنازة فقام القوم ولم يقم فقال الحسن: ما صنعتم إنما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم تأذياً بريح اليهودي ]] .
7- عن أبي الحوراء السعدي قال: قلت للحسن بن علي رضي الله عنه: ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: { أذكر أني أخذت تمرة من تمر الصدقة فألقيتها في فمي فانتزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعابها فألقاها في التمر، فقال له رجل: ما عليك لو أكل هذه التمرة؟ قال صلى الله عليه وسلم: إنا لا نأكل الصدقة. قال: وكان يقول: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة، قال: وكان يعلمنا هذا الدعاء: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنه لا يذل من واليت، وربما قال: تباركت ربنا وتعاليت }.
8- عن أيوب عن محمد أن: [[ الحسن بن علي رضي الله عنهوابن عباس رضي الله عنهرأيا جنازة فقام أحدهما وقعد الآخر، فقال الذي قام: ألم يقم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقال الذي قعد: بلى وقعد ]].
9- عن أبي الحوراء قال: كنا عند حسن بن علي فسئل: { ما عقلت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كنت أمشي معه فمر على جرين من تمر الصدقة فأخذت تمرة، فألقيتها في فمي، فأخذها بلعابي، فقال بعض القوم: وما عليك لو تركتها؟ قال: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة، قال: وعقلت منه الصلوات الخمس }.
10- عن أيوب عن ابن سيرين [[ أن ابن عباس والحسن بن علي رضي الله عنهمرت بهما جنازة فقام أحدهما وجلس الآخر فقال الذي قام: أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام؟ قال: بلى وقعد ]].
ذكر سيرته وخصاله:
أولاً:اسمه ونسبه وكنيته:
هو أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب ابن عبد المطلب بن هاشم عبد مناف الهاشمي القرشي المدني الشهيد ، فهو سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته من الدنيا وهو سيد شباب أهل الجنة، فهو ابن سيدة نساء العالمين فاطمة بنت رسول الله حفيد أم المؤمنين خديجة وخامس الخلفاء الراشدين.
ثانياً:مولده وتسميته ولقبه:
ولد رضي الله عنه في رمضان سنة ثلاث من الهجرة النبوية على الصحيح، وقيل: ولد في شعبان، وقيل: ولد بعد ذلك.
قال الليث بن سعد: ولدت فاطمة بنت رسول الله الحسن بن علي في شهر رمضان من ثلاث . وقال البرقي أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم: ولد الحسن في نصف من رمضان سنة ثلاث من الهجرة النبوية، وقال علي رضي الله عنه: { ولد الحسن سميته حرباً، فجاء نبي الله فقال: أروني ابني ما سميتموه؟ قلنا: حرباً، قال: لا، بل هو حسن، فلما ولد حسين سميته حرباً، فجاء النبي فقال: أروني ابني ما سميتموه؟ قلنا: حرباً، فقال: بل هو حسين } .
وروي له عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث وروت عنه عائشة رضي الله عنها وخلائق من التابعين: منهم ابنه الحسن وأبو الحوراء ربيعة بن سنان والشعبي وأبو وائل وابن سيرين، وكان شبيهاً للنبي صلى الله عليه وسلم، سماه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن، وعق عنه يوم سابعه وحلق شعره وأمر أن يتصدق بزنة شعر رأسه فضة، هو خامس أهل الكساء، وأخرج البخاري عن أنس قال: [[ لم يكن أحد أشبه النبي صلى الله عليه وسلم من الحسن بن علي ]].
رابعاً:زواجه وزوجاته:
وقد ذكر المؤرخون أن من زوجاته: خولة الفزارية وجعدة بنت الأشعث وعائشة الخثعمية وأم إسحاق بنت طلحة بنت عبد الله التميمي، وأم بشر بنت أبي المسعود الأنصاري، وهند بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، وأم عبد الله وهي بنت الشليل بن عبد الله أخي الجرير البجلي.
خامساً:أولاده:
وأما ذريته الشريفة فهم: الحسن وزيد وطلحة والقاسم وأبو بكر وعبد الله، وقتل هؤلاء مع عمهم الحسين الشهيد بكربلاء، وعمرو وعبد الرحمن والحسين ومحمد ويعقوب وإسماعيل وحمزة وجعفر وعقيل وأم الحسين، ولم يعقب من ذريته إلا الحسن وزيد، فللحسن المثنى خمسة أولاد أعقبوا، وفيه العدد والبيت، وأمه خولة بنت منظور الفزارية، ولزيد ابن هو الحسن بن زيد فلا عقب له إلا منه، وأم زيد أم بشر بنت أبي مسعود الأنصارى، وقد ولى إمرة المدينة لأبي جعفر المنصور وهو والد الستّ النفيسة، وله القاسم وإسماعيل وعبد الله وإبراهيم وزيد وإسحاق وعلي.
سادساً:خصاله:
إن خصلة الحسن بن علي رضي الله عنه تعتبر خصلة قيادية، وقد اتصف بصفات القائد الرباني، فمن أهم هذه الصفات إيمانه العظيم بالله واليوم الآخر والعلم الشرعي والثقة بالله والصدق والكفاءة والشجاعة والمروءة والزهد وحب التضحية والتواضع وقبول النصيحة والصبر وعلو الهمة والحزم والإرادة القوية والعدل والقدرة على المشكلات وغير ذلك من الصفات، ولسبب ما أودع الله فيه من صفات القيادة الربانية فاستطاع أن يقدم مشروع الإصلاحي مع قدرته على التنفيذ والتغلب على العوائق في الطريق وتوجهت جهوده الفذة لوحدة الأمة.
ومن بركات الله على الحسن رضي الله عنه أنه كان أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم.
من أهم تلك الصفات التي نحاول تسليط الضوء عليها هي:
1- علمه:
تربى الحسن رضي الله عنه في بيت النبوة فتأثر بجده صلي الله عليه وسلم ووالدته السيدة فاطمة رضي الله عنها في طفولته، واستفاد من والده العلم الغزير، فقد اهتم به اهتماماً كبيراً، وكان أمير المؤمنين علي رضي الله عنه يعلم الناس كتاب الله ومن بينهم أبناءه ومنهم أمير المؤمنين الحسن، فتعلم منه منهجه لبيان الحكم الشرعي وطريقته في الاستنباط، والتي كانت ملامحها الالتزام بظاهر القرآن، وكان القرن الكريم لذلك الجيل ومنهم الحسن هو المنهج التربوي مع هدي النبي، فكانت للآيات القرآنية التي سمعها من والده علي رضي الله عنه أثرها في علمه وصياغة شخصيته.
وتظهر غزارة علمه ودقة فقهه في علم المصالح والمفاسد، ومعرفته العميقة بمقاصد الشريعة في تقديمه وحدة الأمة وحفظ الدماء على المصلحة الخاصة من ملك الدنيا عندما تنازل لمعاوية رضي الله عنه.
2- عبادته:
كان الحسن من المجتهدين في العبادة، ومارس مفهوم العبادة الشامل في حياته فقد رضع لبان العبادة مع ما رضعه من معدن النبوة وتربية الزهراء التي جاءت إلى أبيها لتطلب خادماً فدلها على ما هو أفضل من ذلك، ألا وهو التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، فأطل على الحياة من بيت الزهد والعبادة والورع والتقى والحلم والصبر، وانغمس في هذه المفاهيم والمبادئ والمثل حتى غدا مثالاً يضرب به ويشهد له بذلك معاصروه من الصحابة الأبرار، ولهذا كان إذا توضأ وفرغ من الوضوء تغير لونه ...، وكان الحسن بن علي كثير الحج فقد قال عبد الله بن عباس: [[ ما ندمت على شيء فاتني في شبابي إلا أني لم أحج ماشياً، ولقد حج الحسن بن علي خمساً وعشرين حجة ماشياً، وإن النجائب لتقاد معه ]].
3- زهده:
وقد تأثر أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنهما بالتربية القرآنية والنبوية، فكان من أصدق النماذج الإسلامية في الزهد، فقد ضرب لنا أمثلة رائعة في الزهد ولذلك ترك الملك والسلطان رغبة فيما عند الله وحقناً لدماء المسلمين، فقد تركه وهو في قوة ومنعة، فقد قال رضي الله عنه: [[ قد كانت جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت ويسالمون من سالمت، فتركتها ابتغاء وجه الله وحقن دماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ابتزها بأتياس أهل الحجاز ]].
وأخرج الحاكم عن جبير بن نفير قال: قلت للحسن: [[ إن الناس يقولون: إنك تريد الخلافة؟ فقال: قد كانت جماجم العرب في يدي يحاربون من حاربت ويسالمون من سالمت فتركتها ابتغاء وجه الله وحقن دماء أمة محمد صلى الله عليه وسلم ثم أبتزها بأتياس أهل الحجاز ]].
قال ابن عساكر: ثم بايع الحسن بن علي بعد وفاة علي تسعون ألفاً، فزهد في الخلافة فلم يردها، وسلمها لمعاوية وقال: [[ لا يهراق على يديه محجمة من دم ]].
4- إنفاقه وكرمه وجوده:
وقد تأثر أمير المؤمنين الحسن بن علي بالقيم القرآنية والنبوية والتربية العلمية في حضن أمير المؤمنين علي، وانعكس ذلك على نفسيتهوضرب لنا أروع أمثلة في الجود والكرم منها ما يلى:
عن سعيد بن عبد العزيز أن الحسن بن علي سمع رجلاً إلى جنبه يسأل الله أن يرزقه عشرة آلاف فانصرف فبعث بها إليه، وعن ابن سيرين أن الحسن بن علي كان يجيز الرجل الواحد بمائة ألف، وذكروا أن الحسن رأى غلاما أسوداً يأكل من رغيف لقمة ويطعم كلباً هناك لقمة فقال له: [[ ما حملك على هذا؟! فقال إني أستحي منه أن آكل ولا أطعمه. فقال له الحسن: لا تبرح من مكانك حتى آتيك. فذهب إلى سيده فاشتراه واشترى الحائط الذي هو فيه، فأعتقه وملكه الحائط فقال الغلام: يا مولاي! قد وهبت الحائط للذي وهبتني له ]].
ومن أخبار جوده: أن معاوية بن أبي سفيان بعث إليه بمائة ألف فقسمها بين جلسائه، فأصاب كل واحد منهم عشرة آلاف.
5- حلمه:
وكان رضي الله عنه حليماً ورعاً فاضلاً، ومن أمثلة ذلك هي: كان بين الحسن وبين مروان كلام، فأقبل عليه مروان فجعل يغلظ له -والحسن ساكت- فامتخط مروان بيمينه فقال له الحسن: [[ ويحك! أما علمت أن اليمين للوجه و الشمال للفرج؟ أف لك! فسكت مروانعن جويرية بنت أسماء قالت: لما مات الحسن بكى مروان في جنازته فقال له الحسين: أتبكيه و قد كنت تجرعه ما تجرعه؟ فقال: إني كنت أفعل ذلك إلى أحلم من هذا وأشار بيده إلى الجبل.
6- تواضعه:
مر الحسن بن علي على جماعة من الفقراء قد وضعوا على وجه الأرض كسيرات من الخبز كانو قد التقطوها من الطريق وهم يأكلون منها، فدعوه إلى مشاركتهم، فأجابهم إلى ذالك وهو يقول: [[ إن الله لا يحب المتكبرين، ولما فرغوا من تناول الطعام دعاهم إلى ضيافتهم فأطعمهم وكساهم وأغدق عليهم من إحسانه ]] .
ومن مواقف تواضعه أنه مر على صبيان يتناولون الطعام فدعوه لمشاركتهم، فأجابهم إلى ذالك ثم حملهم إلى منزله فمنحهم من بره ومعروفه وقال لهم: [[ أنهم لم يجدوا غير ما أطعموني ونحن نجد مما أعطيناهم ]].
7-سيادته:
ولقد أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانة هذا الإمام وسيادة وجلالة قدره على مرأى ومسمع من الناس من غير مرة، وقد تواترت الروايات بقوله صلى الله عليه وسلم للحسن: { إن ابني هذا سيد }، وقال ابن عبد البر: وتواترت الآثار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحسن: { إن ابني هذا سيد }.
وجاء من حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الحسن: { إن ابني هذا سيد... }.
سابعاً:صِفَاتُه الخََلْقِيْة:
كان الحسن بن علي سيداً وسيماً جميلاً أبيض اللون مشرباً بحمرة أدعج العينين سهل الخدين كث اللحية، كأن عنقه إبريق فضة، عظيم الكراديس، بعيد ما بين المنكبين، ليس بالطويل ولا بالقصير، من أحسن الناس وجهاً، جعد الشعر، حسن البدن.
ثامناً:خلافته وتنازله عنها:
قال السيوطي رحمه الله : ولي الحسن رضي الله عنه الخلافة بعد قتل أبيه بمبايعته أهل الكوفة، فأقام فيها ستة أشهر وأياماً، ثم سار إليه معاوية -والأمر إلى الله- فأرسل إليه الحسن يبذل له تسليم الأمر إليه على أن تكون له الخلافة من بعده وعلى أن لا يطالب أحداً من أهل المدينة والحجاز والعراق بشيء مما كان أيام أبيه، وعلى أن يقضي عنه ديونه، فأجابه معاوية إلى ما طلب، فاصطلحا على ذلك، فظهرت المعجزة النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم: { يصلح الله به بين فئتين من المسلمين } ونزل له عن الخلافة، وقد استدل البلقيني بنزوله عن الخلافة -التي هي أعظم المناصب- على جواز النزول عن الوظائف، وكان نزوله عنها في سنة إحدى وأربعين في شهر ربيع الأول -وقيل: الآخر، وقيل: في جمادى الأولى- فكان أصحابه يقولون له: يا عار المؤمنين! فيقول: [[ العار خير من النار ]].
وقال له رجل: السلام عليك يا مذل المؤمنين! فقال: [[ لست بمذل المؤمنين ولكني كرهت أن أقتلكم على الملك ]]. ثم ارتحل الحسن عن الكوفة إلى المدينة فأقام بها.
تاسعاً:سبب وفاته:
توفي الحسن رضي الله عنه بالمدينة مسموماً، وقيل: سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس، دس إليها يزيد بن معاوية أن تسمه فيتزوجها ففعلت، فلما مات الحسن بعثت إلى يزيد تسأله الوفاء بما وعدها فقال: إنا لم نرضك للحسن أفنرضاك لأنفسنا؟ وهذا ليس بصحيح قال بن كثير رحمه الله: (وروى بعضهم أن يزيد بن معاوية بعث إلى جعدة بنت الأشعث أن سُمّيِ الحسن وأنا أتزوجك بعده ففعلت، فلما مات الحسن بعثت إليه فقال: إنا والله لم نرضك للحسن أفنرضاك لأنفسنا. وعندي أن هذا ليس بصحيح وعدم صحته عن أبيه معاوية بطريق الأولى والأحرى) .
وقال ابن خلدون رحمه الله: (وما ينقل من أن معاوية دس إليهم السم مع زوجه جعدة بنت الأشعث فهو من أحاديث الشيعة وحاشا لمعاوية من ذلك) .
وكانت وفاته سنة تسع وأربعين وقيل: في خامس ربيع الأول سنة خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين وجهد به أخوه أن يخبره بمن سقاه فلم يخبره، وقال: [[ الله أشد نقمة إن كان الذي أظن وإلا فلا يقتل بي والله بريء ]]
عاشراً:وفاته:
قال السيوطي رحمه الله : وفي الطيوريات عن سليم بن عيسى قارئ أهل الكوفة قال: لما حضرت الحسن الوفاة جزع فقال له الحسين: [[ يا أخي ما هذا الجزع؟ إنك ترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى علي وهما أبواك وعلى خديجة وفاطمة وهما أماك، وعلى القاسم والطاهر وهما خالاك، وعلى حمزة وجعفر وهما عماك. فقال له الحسن: أي أخي! إني داخل في أمر من أمر الله تعالى لم أدخل في مثله، و أرى خلقاً من خلق الله لم أر مثله قط ]].
قال ابن عبد البر: وروينا من و جوه أنه لما احتضر قال لأخيه: [[ يا أخي! إن أباك استشرف لهذا الأمر فصرفه الله عنه، ووليها أبو بكر ثم استشرف لها وصرفت عنه إلى عمر ثم لم يشك وقت الشورى أنها لا تعدوه، فصرفت عنه إلى عثمان، فلما قتل عثمان بويع علي، ثم نوزع حتى جرد السيف فما صفت له، وإني والله ما أرى أن يجمع الله فينا النبوة والخلافة فلا أعرفن ما استخلفك سفهاء الكوفة فأخرجوك وقد كنت طلبت من عائشة رضي الله عنها أن أدفن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: نعم، فإذا مت فاطلب ذلك إليها، وما أظن القوم إلا سيمنعوك فإن فعلوا فلا تراجعهم، فلما مات أتى الحسين إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت: نعم وكرامة، فمنعهم مروان فلبس الحسين ومن معه السلاح حتى رده أبو هريرة، ثم دفن بالبقيع إلى جنب أمه ]].









عرض البوم صور ابو الوليد البتار   رد مع اقتباس
قديم 07 / 02 / 2009, 02 : 11 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
ابو الوليد البتار
اللقب:
موقوف


البيانات
التسجيل: 24 / 12 / 2007
العضوية: 11
العمر: 42
المشاركات: 0 [+]
بمعدل : 0 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 40
ابو الوليد البتار is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو الوليد البتار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى العام
افتراضي

الفصل السادس
مقارنة محبة الحسن بين الحقيقة والادعاء:
تبين مما تقدم أن عقيدة أهل السنة والجماعة في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وسط بين الإفراط والتفريط، والغلوِّ والجفاء، وأنهم يحبُّونهم جميعاً، ويتولونهم، ولا يجفون أحداً منهم، ولا يغلون في أحد، كما أنهم يحبون الصحابة جميعاً ويتولونهم، فيجمعون بين محبة الصحابة والقرابة، وهذا بخلاف غيرهم من أهل الأهواء، الذين يغلون في بعض أهل البيت، ويجفون في الكثير منهم وفي الصحابة رضي الله عنهم.
إن أهل السنة والجماعة هم أسعد الناس بتنفيذ وصية النبي صلى الله عليه وسلم في أهل بيته التي جاءت في الحديث؛ لأنهم يحبونهم جميعاً ويتولونهم، وينزلونهم منازلهم التي يستحقونها بالعدل والإنصاف، وأما غيرهم فقد قال ابن تيمية: (وأبعد الناس عن هذه الوصية الرافضة، فإنهم يعادون العباس وذريته، بل يعادون جمهور أهل البيت ويعينون الكفار عليهم).
ونورد هنا بعض الأقوال من الطرفين لنقارن بين أهل الحقيقة والأدعياء:
وإليك بعض أقوالهم في سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما:
من أقوال أهل السنة:
- قال ابن عبد البر رحمه الله: وتواترت الآثار الصحاح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال في الحسن بن علي: { إن ابني هذا سيد، وعسى الله أن يبقيه حتى يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين }، رواه جماعة من الصحابة، وفي حديث أبي بكرة في ذلك: { وأنه ريحانتي من الدنيا }.
ولا أسْوَد ممن سمَّاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيداً، وكان رحمة الله عليه حليماً ورعاً فاضلاً، دعاه ورعه وفضله إلى أن ترك الملك والدنيا رغبة فيما عند الله، وقال: [[ والله ما أحببت -منذ علمت ما ينفعي ويضرني- أن ألِيَ أمرَ أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أن يهراق في ذلك محجمة دم ]]، وكان من المبادرين إلى نصر عثمان رحمه الله والذابين عنه.
وقال فيه الذهبي: (الإمام السيد، ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبطه، وسيد شباب أهل الجنة، أبو محمد القرشي الهاشمي المدني الشهيد) .
وقال أيضاً: (وقد كان هذا الإمام سيداً، وسيماً، جميلاً، عاقلاً، رزيناً، جواداً، ممدَّحاً، خيَّراً، ديِّناً، ورعاً، محتشِماً، كبير الشأن).
وقال فيه ابن كثير: (وقد كان الصديق يجله ويعظمه ويكرمه ويتفداه، وكذلك عمر بن الخطاب) إلى أن قال: (وكذلك كان عثمان بن عفان يكرم الحسن و الحسين ويحبهما، وقد كان الحسن بن علي يوم الدار - و عثمان بن عفان محصور- عنده ومعه السيف متقلِّداً به يجاحف عن عثمان، فخشي عثمان عليه، فأقسم عليه لترجعن إلى منزلهم؛ تطييباً لقلب علي وخوفاً عليه، رضي الله عنهم).
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في رسالته في ذم من أنكر نسب آل البيت من جهة الحسن رضي الله عنه ووصفُهُم بأنهم أعداء لآل البيت عليهم السلام: (ومنها قولهم: إن الحسن بن علي لم يعقب وأن عقبه انقرض وأنه لم يبق من نسله الذكور أحد، وهذا القول شائع فيهم، وهم مجمعون عليه ولا يحتاج إلى إثباته كذا قيل، ومنهم من يدعي أن الجاج -هكذا- مثلهم كلهم وتوصلوا بذلك إلى أن يحصروا الإمامة في أولاد الحسين، ومنهم في اثني عشر وأن يبطلوا إمامة من قام بالدعوة من آل الحسن مع فضلهم وجلالتهم واتفاقهم بشروط الإمامة، ومبايعة الناس لهم وصحة نسبتهم ووفور علمهم بحيث أنهم كلهم بلغوا درجة الاجتهاد المطلق.. فقاتلهم الله أنى يؤفكون! انظر إلى هؤلاء الأعداء لآل البيت المؤذين رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاطمة بإنكار نسب من يثبت نسبه قطعًا أنه من ذرية الحسن رضي الله عنه. وثبوت نسب ذريته متواتر لا يخفى على ذي بصيرة، وقد عدَّ صلى الله عليه وسلم الطعن في الأنساب من أفعال الجاهلية، وقد ورد ما يدل على أن المهدي من ذرية الحسن رضي الله عنه كما رواه أبو داود وغيره).
هكذا يعتقد رحمه الله خطأ من أنكر عقب الحسن رضي الله عنه ونفي الإمامة في ولده، وأن القائل بهذا القول يبطل إمامة من قام بالدعوة من آل الحسن رضي الله عنهم مع فضلهم وجلالتهم وتحليهم بشروط الإمامة ومبايعة الناس لهم وصحة نسبهم ووفور علمهم.. وهذا الإنكار لنسب أبناء الحسن رضي الله عنه فيه إيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة رضي الله عنهما.
أقوال مخالفيهم:
قال إحسان إلهي ظهير (رحمه الله): وأما الحسن رضي الله عنه فلم يهن أحد مثل ما أهين هو من قبل الروافض، فإنهم بعد وفاة أبيه جعلوه خليفته وإماماً لهم، ولكنهم لم يلبثوا إلا يسيراً حتى خذلوه مثل ما خذلوا أباه، وخانوه أكثر مما خانوا علياً رضي الله عنه.
يقول المؤرخ الشيعي اليعقوبي: (وأقام الحسن بعد أبيه شهرين وقيل: أربعة أشهر ووجه بعبيد الله بن عباس في اثني عشر ألفاً لقتال معاوية ... أرسل معاوية إلى عبيد الله بن عباس فجعل له ألف ألف درهم فسار إليه في ثمانية آلاف من أصحابه ..... ووجه معاوية إلى الحسن المغيرة بن شعبة وعبد الله بن شعبة وعبد الله بن عامر وعبد الله بن أم حكم، وأتوه وهو بالمدائن نازل في مضاربه ثم خرجوا من عنده وهم يقولون ويسمعون الناس: إن الله قد حقن بابن رسول الله الدماء وسكن به الفتنة وأجاب إلى الصلح. فاضطرب العسكر ولم يشك الناس في صدقهم. فوثبوا بالحسن فانتهبوا مضاربه وما فيها. فركب الحسن عليه السلام فرساً له، ومضى في مظلم ساباط، وقد كمن الجراح بن سنان الأسدي فجرحه بمعول في فخذه، وقبض على لحية الجراح ثم لواها فدق عنقه وحمل الحسن إلى المدائن وقد نزف نزفاً شديداً، واشتدت به العلة، فافترق عنه الناس، وقدم معاوية العراق فغلب على الأمر والحسن عليه السلام عليل شديد العلة، فلما رأى الحسن عليه السلام أن لا قوة به وأن أصحابه قد افترقوا عنه فلم يقوموا له، صالح معاوية.
وقد قال المسعودي الشيعي: (وأن الحسن عليه السلام لما خطب بعد اتفاقه مع معاوية قال: [[ يا أهل الكوفة! لو لم تذهل نفسي منكم إلا لثلاث خصال لذهلت، مقتلكم لأبي، وسلبكم ثقلي، وطعنكم في بطني، وإني قد بايعت معاوية فاسمعوا وأطيعوا، وقد كان أهل الكوفة انتهبوا سرادق الحسن ورحله، وطعنو بالخنجر في جوفه، فلما تيقن ما نزل به، انقاد إلى الصلح ]].
وأهانوه إلى أن قالوا: شدوا على فسطاطه وانتهبوا حتى أخذوا مصلاه من تحته، ثم شد عليه عبد الرحمن بن عبد الله الأزدي، فنزع مطرفه عن عاتقه، فبقي جالساً متقلداً لسيف بغير رداء.
وطعنه رجل من بني أسد الجراح بن سنان في فخذه، فشقه حتى بلغ العظم ..... وحمل الحسن على سرير إلى المدائن... اشتغل بمعالجة جرحه. وكتب جماعة، من رؤساء القبائل إلى معاوية بالطاعة سرًا، واستحثوه على سرعة المسير نحوهم وضمنوا له تسليم الحسن، بخذلانهم له وفساد نيات المحكمة فيه، وما أظهروا له من سبه وتكفيره واستحلال دمه ونهب أمواله.
هذا وكانوا يهينونه بلسانهم كما كانوا يؤذونه بأيديهم، ولقد ذكر الكشي عن أبي جعفر أنه قال: [[ جاء رجل من أصحاب الحسن بن علي يقال له: سفيان بن أبي ليلى وهو على راحلة له، فدخل على الحسن بن علي وهو مختب في فناء داره، فقال له: السلام عليك يا مذل المؤمنين!قال: وما علمك بذلك؟ قال: عمدت إلى أمر الأمة فخلعته من عنقك وقلدته هذه الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله ]].
ثم بيّن الحسن ما فعلت به شيعته وشيعة أبيه وما قدمت إليه من الإساءات والإهانات، وأظهر القول وجهر به فقال: [[ أرى والله معاوية خير لي من هؤلاء، يزعمون أنهم لي شيعة، ابتغوا قتلي وأخذوا مالي، والله! لأن آخذ من معاوية عهداً أحقن به دمي وآمن به أهلي خير من أن يقتلوني فيضيع أهل بيتي وأهلي، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوا بي إليه سلماً، والله لئن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير ويمن عليّ فيكون سنة على بني هاشم آخر الدهر ولمعاوية لا يزال يمن بنا وعقبه على الحي منا والميت ]].
وأهانوه أشد الإهانة حيث قطعوا الإمامة من عقبه وأولاده، بل أفتوا بكفر كل من يدعي الإمامة من ولده من بعده، وهذا كان جانباً من جفائهم، وأما غلوهم في الأئمة عموماً، فحدث ولا حرج.
وحتى يعلم القارئ الكريم حقيقة هذا الغلو في الأئمة الإثني عشر من أهل البيت وهم علي والحسن والحسين رضي الله عنهم، وتسعة من أولاد الحسين نذكر بعض الأبواب التي وردت في أصح كتابهم الأصول من الكافي للكليني:
منها ما يلي:
- باب: (أن الأئمة عليهم السلام يعلمون جميع العلوم التي خرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل عليهم السلام).
- باب: (أن الأئمة عليهم السلام يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيارٍ منهم).
- باب: (أن الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون، وأنه لا يخفى عليهم الشيء صلوات الله عليهم).
- باب: (أن الله عز وجل لم يُعلِّم نبيه علماً إلا أمره أن يعلمه أمير المؤمنين عليه السلام، وأنه كان شريكه في العلم).
- باب: (أنه ليس شيء من الحق في يد الناس إلا ما خرج من عند الأئمة عليهم السلام، وأن كل شيء لم يخرج من عندهم فهو باطل).
وهذه الأبواب تشتمل على أحاديث من أحاديثهم، وهي منقولة من طبعة الكتاب، نشر مكتبة الصدوق بطهران، سنة (1381 هـ) .
هذا نماذج من غلو المتقدم الرافضة في الأئمة.
أما غلو المتأخرين فيهم، فيتضح من قول أحد كبرائهم المعاصرين الخميني في كتابه (الحكومة الإسلامية) (ص:52) من منشورات المكتبة الإسلامية الكبرى - طهران -: (وثبوث الولاية والحاكمية للإمام (ع) لا تعني تجرده عن منزلته التي هي له عند الله، ولا تجعله مثل من عداه من الحكام، فإن للإمام مقاماً محموداً، ودرجة سامية، وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون، وإن من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرَّب ولا نبيٌ مرسل، وبموجب ما لدينا من الروايات والأحاديث فإن الرسول الأعظم (ص) والأئمة (ع) كانوا قبل هذا العالم أنواراً، فجعلهم الله بعرشه محدقين، وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله، وقد قال جبرائيل كما ورد في روايات المعراج: لو دنوت أنملة لاحترقت، وقد ورد عنهم (ع) : [[ إن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل!!! ]].
وكل من له أدنى بصيرة يجزم أن ما تقدم نقله عنهم، وما يشبهه؛ كذب وافتراء على الأئمة، وأنهم برآء من الغلاة فيهم وغلوِّهم. ولا يملك المرء وهو يرى أو يسمع مثل هذا الكلام إلا أن يقول: (( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ))[آل عمران:8].
الخاتمة
لا شك أن أهل السنة قد أصابوا في موقفهم من أهل البيت عليهم السلام؛ حيث أحبوهم واحترموهم ووقروهم وعرفوا منزلتهم التي جعلها الله لهم، فهم بشر اصطفاهم الله بقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، منهم من نبغ في العبادة والعلم والشجاعة والورع، وحاز قصبات السبق في الخير، ومنهم من هو دون ذلك.
وهذه المحبة -محبة أهل السنة لآل البيت- محبة حقيقة، فقد أحبوهم على طبيعتهم البشرية، وأنهم يصيبون ويخطئون، مثالهم في ذلك مثل سائر الصالحين، حاشا رسول الله؛ فهو المعصوم صلوات الله وسلامه عليه.
أما غير أهل السنة فأحبوا بعض آل البيت بسبب الحالات العظمية التي جعلوها لهم؛ لذا لا يمكن أن تقبل عقول كثير منهم محبتهم على صفتهم وطبيعتهم من غير غلو!
وقد قال لي كثير ممن حصل بيني وبينهم نقاش: كيف تريد مني أن أحبهم، وهم مثل سائر البشر؟! فلا معاجز لهم ولا عصمة!! فقط لأجل قربهم من الرسول الله صلى الله عليه وسلم.
نقول: نعم فإن ذرية الحسن والحسين وجعفر وعقيل والعباس كلهم يشتركون في قربهم من الرسول صلى الله عليه وسلم. فهم في منزلة واحدة؛ فلماذا تفرقون بينهم وتفضلون ذرية الحسين على وجه الخصوص؟!
وهنا يظهر الفرق بين محبة أهل السنة لآل البيت ومحبة غيرهم. حيث إن محبة غيرهم إنما هي لهذا الغلو الذي جعلوه للأئمة، وعامته من خصائص المولى سبحانه وتعالى وليست محبة لذات الأئمة، فتأمل ذلك! وانظر من الصادق في المحبة: الذي أحب الحقيقة أم الذي أحب لخيال!!
أخي الكريم! هذا المبحث المختصر هو لب رسالتنا هذه؛ فأمعن نظرك فيه، وليكن ذهنك حاضراً فإنك بمنزلة القاضي الذي يحكم على صحة الدعوى أو بطلانها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال دماء رجال وأموالهم، ولكن البينة على المدعي } نعم! لابد من الأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة على صدق المحبة. فقول القائل: أنا من شيعة آل البيت وأحب آل البيت، ومن أتباع آل البيت..كل هذا لا يكفي بل يبقى أين الأدلة على صحة كلامه إن الانتساب إلى آل البيت شرف وسؤدد ورفعة ومنزلة وحتى إن المنتسب إليهم صار يجد لنفسه منافع ومكاسب كثيرة لا تخفى، لذا كل يدعي محبتهم وتوقيرهم فمثلاً:
- الزيدية أتباع زيد بن علي بن الحسين هم الذين قالوا بإمامته بعد أخيه الباقر يرون أن الحق معهم وهم الذين فازوا بشرف حب آل البيت واتباعهم.
- الإسماعيلية وهم الذين رأوا إمامة إسماعيل بن جعفر الصادق (الابن الأكبر لجعفر) وبقوا على ذلك بعد وفاته، ورفضوا القول بأن الإمامة انتقلت إلى أخيه موسى...هم على اختلاف فرقهم يرون أنهم هم الشيعة أتباع الأئمة دون غيرهم الإثنا عشرية الذين قصروا الإمامة على اثني عشر إماماً يرون أنهم أتباع آل البيت وينبزون غيرهم بأنهم نواصب فمن نصدق؟ وما هي براهين هؤلاء وأولئك؟؟
أما أهل السنة فعلى اختلاف مذاهبهم يرون أنهم أصابوا الحق في آل البيت من حيث تعميم معنى آل البيت، فإنهم لم يحصروه في أفراد معدودين، بل إن حمزة والعباس وجعفر الطيار عندهم من آل البيت وكذالك ذرية الحسن وقد سبق بيان ذالك، وهذا القول هو القول الوسط.
ومن براهين أهل السنة على ذالك: أن الكمال في رسول الله ومحبة أهل بيته لأجل ذاته وبركاته، وقد نال آل البيت المنزلة بسبب قرابتهم من رسول الله وكذالك أصحابه فإن صحبة رسول الله شرف لذاتها ولها منزلة خاصة، وهي تاج على رءوس الأصحاب واعلم رحمك الله أن دستور أهل السنة هو محبة آل البيت والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين والاقتداء بسيد آل البيت وسيد المرسلين عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين. فعليك أن تلحق بركب الرسول لتنجو في الآخرة، فإن سئلت يوم القيامة فإن الحجة بين يديك رسول الله فهو إمامك وقدوتك وشفيعك يوم لاينفع مال ولابنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
اللهم إنا نسألك أن تجمعنا ب****** في جنات النعيم.
وإلى هنا انتهى هذا البحث المختصر في ترجمة أمير المؤمنين سيدنا الحسن بن علي، وأسأل الله التوفيق لما فيه رضاه، والفقه في دينه، والثبات على الحق إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.









عرض البوم صور ابو الوليد البتار   رد مع اقتباس
قديم 09 / 02 / 2009, 17 : 04 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
كريم القوصي
اللقب:
عضو ملتقى ماسي
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية كريم القوصي


البيانات
التسجيل: 13 / 02 / 2008
العضوية: 186
العمر: 39
المشاركات: 13,018 [+]
بمعدل : 2.09 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 1509
نقاط التقييم: 12
كريم القوصي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
كريم القوصي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى العام
افتراضي

بارك الله فيك اخي الكريم ابو الوليد

جزاك الله خيرا









عرض البوم صور كريم القوصي   رد مع اقتباس
قديم 11 / 02 / 2009, 06 : 06 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
ابو الوليد البتار
اللقب:
موقوف


البيانات
التسجيل: 24 / 12 / 2007
العضوية: 11
العمر: 42
المشاركات: 0 [+]
بمعدل : 0 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 40
ابو الوليد البتار is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو الوليد البتار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى العام
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .









عرض البوم صور ابو الوليد البتار   رد مع اقتباس
قديم 14 / 04 / 2009, 47 : 06 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
شريف حمدان
اللقب:
مدير عام الملتقى والمشرف العام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية شريف حمدان


البيانات
التسجيل: 26 / 01 / 2008
العضوية: 38
العمر: 66
المشاركات: 191,574 [+]
بمعدل : 30.74 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 19404
نقاط التقييم: 791
شريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to beholdشريف حمدان is a splendid one to behold

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
شريف حمدان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى العام
افتراضي

اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا كثيرا









عرض البوم صور شريف حمدان   رد مع اقتباس
قديم 14 / 04 / 2009, 08 : 07 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
ابو الوليد البتار
اللقب:
موقوف


البيانات
التسجيل: 24 / 12 / 2007
العضوية: 11
العمر: 42
المشاركات: 0 [+]
بمعدل : 0 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 40
ابو الوليد البتار is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابو الوليد البتار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى العام
افتراضي

بارك الله فيك اخي ****** شريف على زيارتك العطرة لملتقانا ******
وشكرا لرفعك المواضيع ... رفع الله قدرك









عرض البوم صور ابو الوليد البتار   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

جديد الملتقى العام


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018