أنت غير مسجل في ملتقى أهل العلم . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
Google
 

الإهداءات



ملتقى السيرة النبويه ملتقى خاص بسيرته ... سنته ... آل بيته ... أصحابه ... نصرته والدفاع عنه .

« آخـــر الــمــواضــيــع »
         :: اللغة العربية ويومها العالمي! (آخر رد :دكتور محمد فخر الدين الرمادي)       :: أفضل طريقة لتحويل ملفات pdf إلى word دون أخطاء (آخر رد :عادل محمد)       :: 161 تَسمية يَثْرِب طابة! (آخر رد :دكتور محمد فخر الدين الرمادي)       :: صلاة الفجر للشيخ أحمد بن طالب 8 جمادى الآخرة 1446هـ من المسجد النبوي الشريف (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ عبدالله القرافي 7 جمادى الآخرة 1446هـ من المسجد النبوي الشريف (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ محمد برهجي 7 جمادى الآخرة 1446هـ من المسجد النبوي الشريف (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة الفجر للشيخ بدر التركي 8 جمادى الآخرة 1446هـ بالمسجد الحرام (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة العشاء للشيخ عبدالرحمن السديس 7 جمادى الآخرة 1446هـ بالمسجد الحرام (آخر رد :شريف حمدان)       :: صلاة المغرب للشيخ الوليد الشمسان 7 جمادى الآخرة 1446هـ بالمسجد الحرام (آخر رد :شريف حمدان)       :: وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (آخر رد :عادل محمد)      

إضافة رد
كاتب الموضوع دكتور محمد فخر الدين الرمادي مشاركات 426 المشاهدات 115581  مشاهدة صفحة طباعة الموضوع | أرسل هذا الموضوع إلى صديق | الاشتراك انشر الموضوع
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
قديم 14 / 10 / 2020, 40 : 06 PM   المشاركة رقم: 341
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,359 [+]
بمعدل : 0.53 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 221
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
٥ . ]الحالة الدينية في بلاد العرب قبل الإسلام! [(41)]

٥. ١ . ]« ديانات العـرب »:

في العصر الجاهلي كانت هناك العديد من الأديان التي يتبعها العرب وغيرهم، ولكن معظمهم كانوا من عبدة الأصنام والأوثان، فقَبلَ ظهورِ الإسلامِ كانَ العرب يعبدونَ الأوثان بشكلٍ رئيسيّ[(42)]، ومن أهم الأوثان التي عرفها العرب وعبدوها في الجاهليّة.. فأشهر أصنامهم التي عبدوها:

- اللّات، و
- هُبَل، و
- العُزّى[(43)]،و
- مناة، فقد كانوا يقدّمون الذبائح لها، وفي بعض المناطق كان العرب يعبدون :
- القمر[(44)]،كما كانَ جزءٌ منهم يعبدُ :
- الشمسَ[(45)]. إضافة إلى أنّ القليل منهم اعتنقَ الديانة اليهوديّة، والمسيحيّة[(46)]، إذ قد كانت هنالك ديانات أخرى في الجاهلية كاليهودية، والحنفية التي يعبد أتباعها الله وحده، وغيرها العديد من المذاهب والديانات المختلفة[(47)]، وقد وُجِد أنّ مِن العرب أيضاً مَن يتبعُ ديانة إبراهيم -عليه السَّلام-[(48)]. و


يوجد رأي يقول بأنه كان معظم العرب يدينون بدين إبرهيم -عليه السلام- منذ أن نشأت ذريته في مكة وانتشرت في جزيرة العرب، فكانوا يعبدون الله -سبحانه وتعالى- ويوحدونه ويلتزمون بشعائر دينه الحنيف، حتى طال عليهم الأمد ونسوا حظًا مما ذكروا به، إلا أنهم بقى فيهم التوحيد وعدة شعائر من هذا الدين.

٥ . ٢ . ] إنَّ مما لاشك فيه أنَّ هاجر المِصرية؛ أم إسماعيل بن إبراهيم الخليل كانت مسلمة، وأن ولدها إسماعيل كان مسلماً كأبيه إبراهيم وأمه هاجر، وأن الله -تعالىٰ- نبّأه وأرسله رسولاً إلىٰ أهل بيته من زوجة وولد، وإلىٰ أخواله وجيرانه من قبيلة جُرهُم اليمانيَّة، وأن دين الله -وهو الإسلام بمفهومه الواسع- قد عَمَّهم وانتظمت حياتهم به زمناً طويلاً لا يُعُرف منتهاه. وكما هي سنة الله -سبحانه- في الناس إذا انقطع الوحي عليهم، جهلوا واصبحوا كالأرض إذا انقطع عنها الغيث -مطر السماء- أمحلت وأجدبت، وتحولت خضرتُها ونضارتُها إلىٰ فترة وظلام يجهل فيه الإنسان ذاته ويتنكر فيه لعقله[(49)].

٥ . ٣ . ] وأول ما بدأ الشركُ في العرب المستعربة من ولد إسماعيل أنهم كانوا إذا خرجوا من الحرم لطلب الرزق، أخذوا معهم حجارةً من الحرم، فإذا نزلوا منزلاً وضعوها عندهم، وطافوا بها طوافهم بالبيت، ودعوا الله عندها، وإذا رحلوا أخذوها معهم، وهكذا. وبموت من أحدث لهم هذا الحدث، ومع مرور الزمان، نشأ جيلٌ جاهلٌ ينظر إلىٰ تلك الأوثان من الحجارة أنها آلهة يتقرب بها إلىٰ الله -تعالى- رب البيت والحرم وخالق الناس والمخلوقات.

فكان هذا مبدأ الوثنية في أولاد إسماعيل من العدنانيين[(50)].

٥ . ٤ . ] حتى جاء عمرو بن لُحَيٍّ رئيس خزاعة، وكان قد نشأ على أمر عظيم من المعروف والصدقة والحرص على أمور الدين، فأحبه الناس ودانوا له، ظنًا منهم أنه من الأكابر. ".

٥ . ٤ . ١. ] بداية الخلل جاء عن طريق العلماء وأفاضل الأوليـاء‏:
ثم إنه سافر إلى الشام، فرآهم يعبدون الأوثان، فاستحسن ذلك وظنه حقًا؛ لأن الشام محل الرسل والكتب، فقدم معه بـ « هُبَل » وجعله في جوف الكعبة، ودعا أهل مكة إلى الشرك بالله فأجابوه، ثم لم يلبث أهل الحجاز أن تبعوا أهل مكة؛ لأنهم ولاة البيت وأهل الحرم‏.‏‏ ثم كثر فيهم الشرك، وكثرت الأوثان في كل بُقعة‏.‏"
٥ . ٤ . ٢ . ] أما فكرة الشرك وعبادة الأصنام فقد نشأت فيهم على أساس أنهم لما رأوا الملائكة والرسل والنبيين وعباد الله الصالحين من الأولياء والأتقياء والقائمين بأعمال الخير ـ لما رأوهم أنهم أقرب خلق الله إليه، وأكرمهم درجة وأعظمهم منزلة عنده، وأنهم قد ظهرت على أيديهم بعض الخوارق(!!!) والكرامات، ظنوا أن الله أعطاهم شيئًا من القدرة والتصرف في بعض الأمور التي تختص بالله -سبحانه وتعالى-، وأنهم لأجل تصرفهم هذا ولأجل جاههم ومنزلتهم عند الله يستحقون أن يكونوا وسطاء بين الله -جلَّ وعلا- وبين عامة عباده، فلا ينبغى لأحد أن يعرض حاجته على الله إلا بواسطة هؤلاء؛ لأنهم يشفعون له عند الله، وأن الله لا يرد شفاعتهم لأجل جاههم، كذلك لا ينبغى القيام بعبادة الله إلا بواسطة هؤلاء؛ لأنهم بفضل مرتبتهم سوف يقربونه إلى الله زلفي‏.‏
٥ . ٤ . ٣ . ] ولما تمكن منهم هذا الظن ورسخ فيهم هذا الاعتقاد اتخذوهم أولياء، وجعلوهم وسيلة فيما بينهم وبين الله -علا في سماه وتقدست اسماه وجلَّ عن الشريك والشبيه-، وحاولوا التقرب إليهم بكل ما رأوه من أسباب التقرب؛ فنحتوا لمعظمهم صورًا وتماثيل .. وهذه الصور والتماثيل هي التي تسمى بالأصنام‏.‏
٥ . ٤ . ٤ . ] وربما لم ينحتوا لهم صورًا ولا تماثيل، بل جعلوا قبورهم وأضرحتهم وبعض مقراتهم ومواضع نزولهم واستراحتهم أماكن مقدسة، وقدموا إليها النذور والقرابين، وأتوا لها بأعمال الخضوع والطاعات، وهذه الأضرحة والمقرات والمواضع هي التي تسمى بالأوثان‏.
٥ . ٥ . ] قلتُ: أن الأصنام والتماثيل أول من أتىٰ بها من الشام إلىٰ الديار الحجازية « عمرو بن لُحي الخُزاعيٌّ »[(51)]،
ونكمل هذه المسألة : إذ أنه سافر ذات مرة من مكة إلىٰ الشام فرأى أهلَ الشام يعبدون الأصنام، فسألهم قائلاً: ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ ،
قالوا: نعبدها نستمطرها فتمطرنا، ونستنصرها فتنصرنا.
فقال لهم: أفلا تعطوني منها صنماً فأذهب به إلىٰ بلاد العرب فيعبدوه؟
فأعطوه صنماً يقال له: «هُبل»[(52)]، وهو الذي نصبوه حول الكعبة وبقي حولها إلىٰ يوم الفتح الإسلامي حيث حُطَّم مع ثلاثمائة وستين [360] صنماً، وأبعدت،فطُهِّر البيت الحرام، وطهرت مكة والحرم منها، والحمد لله رب العالمين.

وكان « عمروبن لُحي » محترماً في مكة عند أهلها، يشرع لهم فيقبلون شرعه، ويبتدع لهم فيُحَسِّنون بدعتَهُ، فكان أول من بدَّل دينَ إبراهيمَ وإسماعيلَ في الحجاز، ويشهد لهذا قولُ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وسَلَّمَ- في حديثه الصَّحيح: "رأيت عمرو بن لُحي يجرٌّ قُصبَهُ في النار .. إنه كان أول من غَيَّر دين إسماعيل، فنصب الأوثان، وبحَّر البحيرة، وسيَّب السَّائبة، ووصل الوصيلة، وحمىٰ الحامي[(53)]،[(54)].
وبمقتضىٰ بدعة «عمرو بن لُحي» في جَلبِ الأصنام إلىٰ الحجاز من الشام انتشرت الأصنامُ في بلاد العرب، وهذا بيانُ أسمائها ومواقعها، والقبائل التي كانت تعبدها، كما ذكر ذلك ابنُ إسحاق وغيرُه من المؤرِّخين:
١ . ] سُواع: بِـ :" رُهَاط بساحل ينبع، تعبده قبيلةُ هذيل المُضرية" .
٢. ] ود: بـ :" دُومة الجندل شمال المدينة قريباً من الشام، تعبده كَلبٌ القضاعيةُ".
٣. ] يغوث: بـ :"جُر ". [(55)].

٥ . ٥ . ١ . ] تحقيق هذه المسألة :"

جاء تحت عنوان :« أَوَّلُ عِبَادَةِ الْحِجَارَةِ كَانَتْ فِي بَنِي إسْمَاعِيلَ »
فـ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: - وَيَزْعُمُونَ - أَنَّ أَوَّلَ مَا كَانَتْ عِبَادَةُ الْحِجَارَةِ فِي بَنِي إسْمَاعِيلَ ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَظْعَنُ مِنْ مَكَّةَ ظَاعِنٌ مِنْهُمْ ، حِينَ ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ ، وَالْتَمَسُوا الفَسَحَ فِي الْبِلَادِ ، إلَّا حَمَلَ مَعَهُ حَجَرًا مِنْ حِجَارَةِ الْحَرَمِ تَعْظِيمًا لِلْحَرَمِ ، فَحَيْثُمَا نَزَلُوا وَضَعُوهُ فَطَافُوا بِهِ كَطَوَافِهِمْ بِالْكَعْبَةِ ، حَتَّى سَلَخَ ذَلِكَ بِهِمْ إلَى أَنْ كَانُوا يَعْبُدُونَ مَا اسْتَحْسَنُوا مِنْ الْحِجَارَةِ ، وَأَعْجَبَهُمْ ؛ حَتَّى خَلَفَ الْخُلُوفُ ، وَنَسُوا مَا كَانُوا عَلَيْهِ ، وَاسْتَبْدَلُوا بِدِينِ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ غَيْرَهُ ، فَعَبَدُوا الْأَوْثَانَ ، وَصَارُوا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْأُمَمُ قَبْلَهُمْ مِنْ الضَّلَالَاتِ ؛ وَفِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ بَقَايَا مِنْ عَهْدِ إبْرَاهِيمَ يَتَمَسَّكُونَ بِهَا ، مِنْ تَعْظِيمِ الْبَيْتِ، وَالطَّوَافِ بِهِ ، وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، وَالْوُقُوفِ عَلَى عَرَفَةَ وَالْمُزْدَلِفَةِ ، وَهَدْيِ الْبُدْنِ ، وَالْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، مَعَ إدْخَالِهِمْ فِيهِمَا لَيْسَ مِنْهُ . فَكَانَتْ كِنَانَةُ وَقُرَيْشٌ إذَا أَهَلُّوا قَالُوا : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، إلَّا شَرِيكٌ هُوَ لَكَ ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ . فَيُوَحِّدُونَهُ بِالتَّلْبِيَةِ ، ثُمَّ يُدْخِلُونَ مَعَهُ أَصْنَامَهُمْ ، وَيَجْعَلُونَ مِلْكَهَا بِيَدِهِ . يَقُولُ الحقُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِنبيه ورسوله وخاتم رسله مُحَمَّدِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ ﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [(56)]، أَيْ مَا يُوَحِّدُونَنِي لِمَعْرِفَةِ حَقِّي إلَّا جَعَلُوا مَعِي شَرِيكًا مِنْ خَلْقِي.[(57)].

٥ . ٥ . ٢ . ] « جَلَبُ الْأَصْنَامِ مِنْ الشَّامِ إلَى مَكَّةَ »

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : أَنَّ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى الشَّامِ فِي بَعْضِ أُمُورِهِ ، فَلَمَّا قَدِمَ مَآبَ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ، وَبِهَا يَوْمَئِذٍ الْعَمَالِيقُ - وَهُمْ وَلَدُ عِمْلَاقٍ . وَيُقَالُ عِمْلِيقُ بْنُ لَاوِذْ بْنِ سَامَ بْنِ نُوحٍ - رَآهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ ، فَقَالَ لَهُمْ : مَا هَذِهِ الْأَصْنَامُ الَّتِي أَرَاكُمْ تَعْبُدُونَ ؟ قَالُوا لَهُ : هَذِهِ أَصْنَامٌ نَعْبُدُهَا ، فَنَسْتَمْطِرُهَا فَتُمْطِرُنَا ، ونَسْتَنْصِرُهَا فَتَنْصُرُنَا ، فَقَالَ لَهُمْ : أَفَلَا تُعْطُونَنِي مِنْهَا صَنَمًا ، فَأَسِيرَ بِهِ إلَى أَرْضِ الْعَرَبِ ، فَيَعْبُدُوهُ ؟ فَأَعْطَوْهُ صَنَمًا يُقَالُ لَهُ هُبَلُ ، فَقَدِمَ بِهِ مَكَّةَ ، فَنَصَبَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِعِبَادَتِهِ وَتَعْظِيمِهِ.[(58)].

٥ . ٥ . ٣ . ] « قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ لُحَيٍّ وَذِكْرُ أَصْنَامِ الْعَرَبِ» ؛ « رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرُّ قَصَبَهُ فِي النَّارِ »[(59)]

" قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : حُدِّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « „ رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ ، فَسَأَلْتُهُ عَمَّنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مِنْ النَّاسِ ، فَقَالَ : هَلَكُوا »[(60)].
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ السَّمَّانَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَاسْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ : عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَامِرٍ ،وَيُقَالُ اسْمُهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِأَكْثَمَ بْنِ الْجَوْنِ الْخُزَاعِيِّ : « يَا أَكْثَمُ ، رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَشْبَهَ بِرَجُلٍ مِنْكَ بِهِ ، وَلَا بِكَ مِنْهُ : فَقَالَ أَكْثَمُ: عَسَى أَنْ يَضُرَّنِي شَبَهُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لَا ، إنَّكَ مُؤْمِنٌ وَهُوَ كَافِرٌ ، إنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إسْمَاعِيلَ ، فَنَصَبَ الْأَوْثَانَ ، وَبَحَرَ الْبَحِيرَةَ[(61)] ، وَسَيَّبَ السَّائِبَةَ[(62)] ، وَوَصَلَ الْوَصِيلَةَ[(63)] ، وَحَمَى الْحَامِي[(64)] » [(65)].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

(يُتْبَعُ بإذْنِهِ تَعَالىٰ)
﴿ سُنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء؛ وأحاديث الأحكام من سنة آخر المرسلين ومتمم المبتعثين والأنبياء
بحوث السيرة النبوية؛ على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام.







المجلدالثالث :" حصوله -صلىٰ الله عليه وآله وسلم- علىٰ بعثة خاتم الأنبياء..وتكليفه برسالة آخر المرسلين.. وارتقاءه منصب نبوة متمم المبتعثين".
نال شرف قراءة المراجع ومراجعة المصادر وكتابة هذا البحث:
مُحَمَّدُفَخْرُالدينِ الرَّمَادِيُّ بِثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِمِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى
حُرِّر َفي يوم الإربعاء ٢٧ صفر ١٤٤٢ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ومتمم المبتعثين ~ الموافق ١٤ من شهر أكتوبر عام ٢٠٢٠ من الميلاد العجيب للسيد الجليل والنبي النبيل المسيح عيسى ابن مريم النذيرة العذراء الزهراء البتول عليهما السلام.










عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 17 / 10 / 2020, 49 : 11 AM   المشاركة رقم: 342
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,359 [+]
بمعدل : 0.53 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 221
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road
معلوماتي ومن مواضيعي
رقم العضوية : 54443
عدد المشاركات : 1,359
بمعدل : 0.53 يوميا
عدد المواضيع : 80
عدد الردود : 1279
الجنس : الجنس : ذكر
الدولة : الدولة : saudi arabia


التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
6 . ] « الجانب ..الاجتماعي..في العصر الجاهلي»
١ . ] كانت في عرب الجاهلية أوساطٌ متنوعة تختلف أحوال بعضها عن بعض، كما في أي مجتمع في أي مكان مِن العالم.. فقد كانَ العرب يعيشونَ - بصفة عامة - كــ :" بَدوٍ " في شبه الجزيرة العربيّة ، وكانوا يُقيمون فيها كقبائل تنقسمُ إلى ٣ طبقاتٍ [(66)]، وهي:
[ أ . ] أبناءِ القبيلة الذينَ ينتمونَ إلى أهلِها بالدَّم [(67)]، و
[ ب . ] الموالي الذين يُعَدّونَ أقلَّ منزلةً من أبناءِ القبيلة [(68)]، و
[ ج . ] العبيد الذينَ أَسَرَتهم القبيلة عن طريق الحروب ، علماً بأنّ البيئة الاجتماعيّة كانت تحملُ مختلفَ الصِّفاتِ الكريمة، والسيِّئة، كــ

- الشجاعة، و
- الكَرَمِ،
أو
- العَصَبيّة، و
- السَّلْب [(69)].
بيدأنه بدقة النظر في مظاهر الحياة في العصر الجاهلي؛ خاصة « „ الجانب ..الاجتماعي..» نجد أنه ينقسم العرب في الجاهليّة إلى قسمين رئيسيين [(70)]:







القسم الأول :
سكان البدو: وكانت هذه الفئة هي الفئة الغالبة ، واعتمد عيش هذه الفئة على التنقّل خلف مصادر الماء والعشب، كما أنهم اتخذوا الخيام مساكن لهم، وتميزوا بقدراتهم الشعرية الفريدة، وكان طعام أهل البادية عبارة عن الحليب والتمر، فقد كانت الإبل عماد حياتهم، فقد كانوا يأكلون لحومها، ويشربون حليبها، ويلبسون من وبرها، ويُحمّلونها أثقالهم، وكانوا أيضاً يفتدون بها أسراهم ويحررونهم، وكانوا أيضاً يُقوّمون بها الأشياء، فتُقدّر أثمان السلع بالإبل أو المواشي [(71)]. أما





القسم الثاني :
سكان الحضر: وهم مَن سكن المدن، وعاشوا في الدور والقصور، وأصبحوا أقل شجاعة ومروءة ،كما أنهم عرفوا بحب المال، وتفاخروا بجمال الثياب، وأطباق الفضة والذهب التي يأكلون بها، وتزيين القصور والمنازل التي سكنوها، وقد عملوا في التجارة والزراعة، ومن أشهر الأمثلة على الحضر سكان الحجاز [(72)].
٢ . ] حال العرب قبل الإسلام ونظرتهم إلى المرأة [(73)]:
كانت في العرب أوساط متنوعة تختلف أحوال بعضها عن بعض، فكانت
٢ . ١ . ] علاقة الرجل مع أهله مِن الأشراف على درجة كبيرة من الرقى والتقدم، وكان لها من حرية الإرادة ونفاذ القول القسط الأوفر، وكانت محترمة مصونة ؛ و

آتي بمثال :
" هند بنت عتبة العبشمية القرشية الكنانية، أبوها عتبة بن ربيعة سيد من سادات قريش وبني كنانة، عُرِف بحكمته وسداد رأيه. وهي إحدى نساء العرب اللاتي كانت لهن شهرة عالية قبل الإسلام وبعده. زوجة أبي سفيان بن حرب، وأم الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان. وكانت امرأةً لها نَفسٌ وأنفة، ورأي وعقل. "... والمرأة تُسَلُّ دونها السيوف، وتراق الدماء، ولـــ
نراجع قصة :" مقتل ملك العرب عمرو بن المنذر بن امرئ القيس بن النعمان اللخمي.. المشهور بـ عمرو ابن هند على يد عمرو بن كلثوم [(74)] فــ
ذكروا أن عمرو ابن هند، وأمه هند بنت الحارث بن حجر بن آكل المرار الكندي وأبوه المنذر بن ماء السماء اللخمي، هذا نسب أهل اليمن.
قال الملك عمرو ابن هند ذات يوم لجلسائه:

" هل تعلمون أن أحداً من أهل مملكتي يأنف أن تخدم أمه أمي؟ "
فقالوا :" لا ما خلا عمرو بن كلثوم فإن أمه ليلى بنت المهلهل أخي الملك كليب، وعمها الملك كليب، وهو وائل بن ربيعة وزوجها كلثوم ". فــ

سكت عمرو على ما في نفسه.
ثم
بعث عمرو ابن هند إلى عمرو بن كلثوم يستزيره وأن تزور ليلى هنداً. فــ
قدم عمرو من البحرين في فرسان تغلب، و
معه أمه ليلى، فــ
نزل شاطئ الفرات و
بلغ عمرو ابن هند قدومه. فــ
أمر بخيمة فضربت بين الحيرة والفرات و
أرسل إلى وجوه مملكته فـــ
صنع لهم طعاماً
ثم دعا الناس إليه فــ
قرب إليهم الطعام على باب السرادق وهو وعمرو بن كلثوم وخواص من الناس في السرادق، و
لــ
أمه هند في جانب السرادق قبة .. وأم عمرو بن كلثوم معها في القبة.
وقد قال عمرو ابن هند لأمه: " إذا فرغ الناس من الطعام فلم يبق إلا الطُرَف فنحّي خدمك عنك، فإذا دعوت بالطرف، فاستخدمي ليلى ومريها فلتناولك الشيء بعد الشيء "
يريد طرف الفواكه وغير ذلك من الطعام. فـــ
فعلت هند ما أمرها ابنها حتى إذا دعا بالطرف
قالت هند لـليلى: "ناوليني ذلك الطبق ".
قالت: "لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها". فــ
قالت: "ناوليني" وألحت عليها.
فقالت ليلى: " واذلاه.... يا لتغلب". فــ
سمعها ابنها عمرو بن كلثوم فثار الدم في وجهه والقوم يشربون. ونظر عمرو ابن هند إلى عمرو بن كلثوم، فعرف الشر في وجهه، و
قد سمع قول أمه: "واذلاه ... يا لتغلب"، و
نظر إلى سيف عمرو ابن هند ، وهو معلق بالسُّرادق ولم يكن بالسرادق سيفٍ غيره فثار إلى السيف مصلتاً فضرب به رأس عمرو ابن هند فقتله
ثم
خرج فنادى :" يا لتغلب". فــ
انتهبوا :
- ماله و
- خيله و
سبوا النساء و
لحقوا بالجزيرة. و




قد كان المهلهل بن ربيعة وكلثوم بن عتاب أبو عمرو بن كلثوم اجتمعوا في بيت كلثوم على شراب، قال وعمرو يومئذ غلام وليلى أم عمرو تسقيهم فبدأت بأبيها مهلهل ثم سقت زوجها كلثوم بن عتاب ثم ردت الكأس على أبيها وابنها عمرو عن يمينها فغضب عمرو من صنيعها وقال:

صَبَنْتِ الكَأْسَ عَنَّا أُمَّ عَمْرٍو * وَكَانَ الكَأْسُ مَجْرَاهَا اليَمِيْنَا
وَمَا شَرُّ الثَّلاَثَةِ أُمَّ عَمْـرٍو * بِصَاحِبِكِ الذِي لاَ تَصْبَحِيْنَا
فلطمه أبوه
وقال: "يا لكع (أي يا أحمق)، بلى والله شر الثلاثة. أتجتري أن تتكلم بهذا الكلام بين يديّ؟". فــ
لما قتل عمرو ابن هند قالت له أمه: " بأبي أنت وأمي، أنت والله خيرُ الثلاثة اليوم ". [(75)] و
كان الرجل إذا أراد أن يمتدح بما له في نظر العرب المقام السامي من الكرم والشجاعة لم يكن يخاطب في معظم أوقاته إلا المرأة، وربما كانت المرأة إذا شاءت جمعت القبائل للسلام، وإن شاءت أشعلت بينهم نار الحرب والقتال، و
مع هذا كله فقد كان الرجل يعتبر بلا نزاع رئيس الأسرة وصاحب الكلمة فيها، وكان ارتباط الرجل بالمرأة بعقد الزواج تحت إشراف أوليائها، ولم يكن من حقها أن تفتات عليهم‏.‏
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
(*) قارن -اليوم- حالةَ أمةٍ يصل تعدادها إلى أكثر من مليار وسبع مائة مليون(!)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ


بينما هذه حال الأشراف، كان هناك في
٢ . ٢ . ] الأوساط الأخرى : مَن لم يحترم العرب المرأة في الجاهليّة بل عاملوها كما يعامل متاع الرّجل، فهي عندهم لا ترث، وإذا مات عنها زوجها أهملت نفسها ومرّغت نفسها بالتّراب [(76)]، وكان أولياء الرّجل أحقّ أحيانًا بها من أهلها [(77)] ، وهناك أنواع من الاختلاط بين الرجل والمرأة، لا نستطيع أن نعبر عنه إلا بالدعارة والمجون والسفاح والفاحشة‏.‏
٢ . ٢ . ١. ] روى البخاري - في صحيحه - وغيره عن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها‏ - إن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء‏:

‏فــ
١. ] نكاح منها نكاح الناس اليوم؛ يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها ثم ينكحها،

ونكاح آخر‏:‏
٢. ] كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرتْ من طمثها‏:‏ أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبدًا حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه، فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب، وإنما يفعل ذلك رغبة في نَجَابة الـولد، فكان هـذا النكاح ‏‏يسمى‏‏ نكاح الاستبضاع،

ونكاح آخر‏:‏
٣. ] يجتمع الرهط دون العشرة، فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها، فإذا حملت، ووضعت ومر‏‏ت ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم، فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها، ‏فـ‏تقول لهم‏:‏ قد عرفتم الذي كان من أمركم، وقد ولدت، فهو ابنك يا فلان فـ‏تسمى من أحبت منهم‏ باسمه، فيلحق به ولدها‏.‏ لا يستطيع أن يمتنع منه الرجل

ونكاح رابع :‏
٤. ] يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها، وهن البغايا،كن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علمًا، فمن أرادهن دخل عليهن، فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا لها، ودعوا لهم القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون، فالتاطته به، ودعى ابنه، لا يمتنع من ذلك، فلما بعث‏ الله‏ محمدًا -صلى الله عليه وآله وسلم- بالحق هدم نكاح أهل‏ الجاهلية كله إلا نكاح الإسلام اليوم‏.‏



و
٢ . ٣ . ] كانت عندهم اجتماعات بين الرجل والمرأة تعقدها شفار السيوف، وأسنة الرماح، فكان المتغلب في حروب القبائل يسبي نساء المقهور فيستحلها، ولكن الأولاد الذين تكون هذه أمهم يلحقهم العار مدة حياتهم‏.‏

و
٢ . ٤ . ] كان من المعروف في أهل الجاهلية أنهم كانوا يعددون بين الزوجات من غير حد معروف ينتهي إليه، حتى حددها القرآن في أربع‏.‏

و
٢ . ٥ . ] كانوا يجمعون بين الأختين، وكانوا يتزوجون بزوجة آبائهم إذا طلقوها أو ماتوا عنها حتى نهى عنهما القرآن ‏{ ‏وَلاَتَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلاً حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إَلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ‏} [(78)] ‏وكان الطلاق والرجعة بيد الرجال، ولم يكن لهما حد معين حتى حددهما الإسلام‏.















٢ . ٦ . ] وكانت علاقة الرجل مع أولاده على أنواع شتى، فمنهم مَن كان
٢ . ٦ . ١ . ] يئد البنات خشية العار والإنفاق، كما كان أحدهم يكره أن يرزقه الله ببنت، وإذا رزق ببنتٍ تشاءم لذلك واسودّ وجهه وسارع إلى وأدها ودفنها في التّراب وهي حيّة خوفًا من الفقر والعار [(79)].

و

٢ . ٦ . ٢ . ] يقتل الأولاد خشية الفقر والإملاق‏:‏‏ { ‏قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْالْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏ }‏[(80)] .
٢ . ٦ . ٢ . ١ .] ولكن لا يمكن لنا أن نعد هذا من الأخلاق المنتشرة السائدة، فقد كانوا أشد الناس احتياجًا إلى البنين ليتقوا بهم العدو‏.‏

أما

٢ . ٧ . ] معاملة الرجل مع أخيه وأبناء عمه وعشيرته فقد كانت موطدة قوية، فقد كانوا يحيون للعصبية القبلية ويموتون لها، وكانت روح الاجتماع سائدة بين القبيلة الواحدة تزيدها العصبية، وكان أساس النظام الاجتماعي هو العصبية الجنسية والرحم، وكانوا يسيرون على المثل السائر‏:‏ ‏

(‏ انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا ‏)‏
على المعنى الحقيقي من غير التعديل الذي جاء به الإسلام؛ من أن نصر الظالم كفه عن ظلمه، إلا أن التنافس في الشرف والسؤدد كثيرًا ما كان يفضى إلى الحروب بين القبائل التي كان يجمعها أب واحد، كما نرى ذلك بين :
- الأوس والخزرج، و
- عَبْس وذُبْيان، و
- بَكْر وتَغْلِب .. وغيرها‏.
أما العلاقة بين
٢ . ٨ . ] القبائل المختلفة فقد كانت مفككة الأوصال تمامًا وكانت الأشهر الحرم رحمة وعونًا لهم على حياتهم وحصول معايشهم‏. ‏فقد كانوا يأمنون فيها تمام الأمن؛ لشدة التزامهم بحرمتها ..
و

قصارى الكلام أن الحالة الاجتماعية كانت في الحضيض من الضعف والعماية، فـ يُغیر بعضھم على بعض فیقتلون ويسبون، ويخوضون الحروب الطاحنة لأتفه الأسباب، والخرافات لها جولة وصولة، والجهل ضارب أطنابه ويستمرئونه ، ويُحَكِّمون العادات.، والناس يعيشون كالأنعام، والمرأة تباع وتشترى وتعامل كالجمادات أحيانا، والعلاقة بين الأمة واهية مبتوتة، وما كان من الحكومات فجُلُّ همتها ملء الخزائن من رعيتها أو جر الحروب على مناوئيها‏.
فلما جاء الإسلام بتباشير النّور ليبدّد ظلمات السّلوك الإنساني التي سادت لفتراتٍ طويلة، وليأصّل أخلاقيّات التّعامل الإنساني، وتسود شريعة كاملة شاملة تحكم سلوك الأفراد وعلاقاتهم مع بعضهم البعض [(81)].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
فخرالدين محمد بن إبراهيم الرمادي
01 ربيع أول 1442 ه~ 17 أكتوبر 2020م
يتبع بإذنه تعالى









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 20 / 10 / 2020, 25 : 12 AM   المشاركة رقم: 343
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,359 [+]
بمعدل : 0.53 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 221
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
[ ٧ . ] العصر الجاهلي ... الجانب الإخلاقي..

بحث عن العرب في جاهليتهم!..


* . ] لعل هذا الجانب الأخلاقي من حياة الناس في العصر الجاهلي قبل بزوغ نور الإسلام؛ وإضاءة الدنيا بشمس الهَدي القرآني الكريم؛ وسطوع أنوار السراج المنير المحمدي ... إذ هو خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المبتعثين ... الذي -صلى الله عليه وآله وسلم - يحمل آخر رسالة تشريعية منهاجية تعبدية أخلاقية علوية إلهية ربانية للبشرية ... فرسالته - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - طراز خاص من العيش؛ وطريقة معينة في الحياة؛ وكيفية فريدة في معالجات مسائل وقضايا وحاجات ومتطلبات الإنسان لم يأتِ على منوالها مثال سابق؛ ولم تلحقها بعديد من السنين والأعوام ما يشابهها أو يقترب منها .. أينما وجد وفي أي زمان كان... حتى يرث الله تعالىٰ الأرض ومن وما عليها .

اقول [(الرمادي)] : هذا الجانب من جوانب الحياة الإجتماعية مِن اعقد بحوث حياة الإنسان في تاريخه القديم والحديث.. لما يحمل مِن المتناقضات.. والمتعارضات.. والمختلفات في كيان فرد ونفسيته أو تجمع بشري في مجموعه أو قبيلة وما يعلوها من أفكار ومفاهيم أو عشيرة أو دولة ما يسيطر عليها من قيم وقناعات ... وما تمليه النفس الإنسانية لحظة الإشباع علىٰ المرء من رغبات.. وميول.. ونزعات.. وشهوات تتفق - أحيانا - مع صفته الآدمية النقية الصافية الراقية العلية ... أو تهبط به كثيراً من خلال وساوس الشيطان الإنسي أو الآخر الجني الرجيم الملعون ... تهبط به إلىٰ دركات بهيمية.. ومنزلقات غير إنسانية... مع وجود العقل والإدراك والفهم.. ويستغرب المرء أن يتم تشريع فساد خُلقي وإنحلال أخلاقي من خلال برلمان دولة أو نظام حكومة أو قانون يسن لإشباغ رغبات ساقطة .

* . ] العرب في الغرب :

تظهر صورة العرب - بصورة نمطية تكاد لا تتغير - في الإعلام الغربي ومنذ زمن وما تقدمه الشاشة الفضية وما يتفوه به ساسة تلك البلاد لكسب قطيع من الجمهور وتعاطف فريق من المؤيدين لهذا الحزب الشعبوي أو ذاك ... ويضاف بجوارها تصوّر في الذهن الجمعي عند مَن يسكن القارة الأوروبية أو الأمريكتين أو كندا عن المسلم ... تظهرا - الصورة النمطية والتصور الذهني الخاطئ - العربي/ المسلم بألوان قاتمة السّواد ، تجلّلها مزاعم الإرهاب والتّخلف والرّجعيّة والجهل والسذاجة - وقد يساعد بعض الجهلة في تثبيت هذه الصورة النمطية وذلك التصور الذهني ؛ كما حدث في بارس- فرنسا خلال جمعتين متتاليتين -، والحقيقة المُرة وأنّه علىٰ الرّغم مِن أنّ العرب تأخّروا عن ركب الحضارة وتخلفوا عن التّطور والتقدم العلمي حينما أصبحوا تبعًا للغرب يسيرون خلف ركابه في التّكنولوجيا والحداثة ، إلاّ - أنه من نافلة القول ؛ إذ يحلو عند البعض التغني بأمجاد الأجداد والتباهي بما قام به الأباء والاعتماد على فتاوى صدرت منذ أكثر من 500 عام والتفاخر بما كان عليه مَن سبقنا دون النظر إلىٰ حالة - المتحدث - اليوم أو محاولة تغيير ذلك الواقع إلى الأفضل - .. نعم وصحيح أنّ الفضل يعود إليهم... وخاصّة في عصور النّهضة حينما كان الغرب يحرص علىٰ تعلّم لغتهم - العربية - حتّى ينهل مِن علمهم ومعارفهم ، وما العلماء المسلمون الذي تميّزوا في كلّ ميادين العلم قديمًا إلاّ مثالاً علىٰ هذا التّطور وتلك النّهضة العلميّة والثّقافيّة الإسلامية[(83)]...

والعام الدراسي : 2019م ~ 1440 هـ - تُدخل وزارة التعليم للمملكة العربية السعودية اللُغة الصينية في مناهجها مع أنها تحمل أكثر من ٠٠٠ ,٢٠ رمزا ... وليس لها ابجدية... تدخلها في برنامج تعلم اللغات الأجنبية باعتبارها لغة الاقتصاد العالمي... ولغة المستقبل...!!!.

كما تعتمد جمهورية مِصر العربية نظام التعليم الياباني؛ وترسل مدرسين للحصول على دورات تدريبية...!!!. وهذه القضية ليست سلبية؛ ولكنها تحتاج إلى تقييم من رجال التعليم وأهل التربية التخصصية !!!.










أعود لابحث الجانب الإخلاقي.. عند العرب في جاهليتهم!..

*. ] العرب قبل الإسلام:

يُطلَق وصف العرب علىٰ الأشخاص الذين يتحدّثونَ باللغة العربيّة - الفصحى؛ وليس اللهجة العامية لكل منطقة أو الدارجة لكل مقاطعة - باعتبارها لُغتهم الأمّ ، وقد بَيَّن باحثو التاريخ أنّ العرب ذوو أَصْلٍ ساميّ ؛ فهم ينحدرون من نَسْل سام بن نوح ، ويقطنونَ منطقة شبه الجزيرة العربيّة ...

*. ] العرب في الجاهليّة:

هم أولئك الذين عاشوا في الفترة التي سَبَقت ظهور الإسلام ، كما أنّ :



لفظة الجاهليّة تعني لغةً: ضدّ العِلم، و
الجاهليّة كمصطلح تعني: الفترة التي كانَ فيها العرب يجهلونَ وجودَ الله ، ورسوله ، وشرائع الدِّين ؛ إذ كانوا يعكفونَ علىٰ عبادة الأصنام ... و
أدق تعبير يمكنني أن استحضره كمثال ما قاله :"...جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ للــ نجاشي؛ ملك الحبشة ، فَقَالَ لَهُ : أَيُّهَا الْمَلِكُ ! كُنَّا قَوْمًا:
- أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ
- نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَ
- نَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَ
- نَأْتِي الْفَوَاحِشَ ، وَ
- نَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَ
- نُسِيءُ الْجِوَارَ ،
- يَأْكُل ُالْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، فَـــ
- كُنَّا عَلَىٰ ذَلِكَ حَتَّىٰ بَعَثَ اللَّهُ - عَزَّوَجَلَّ - إِلَيْنَا نَبِيًّا وَرَسُولًا مِنَّا ، نَعْرِفُ :
- نَسَبَهُ وَ
- صِدْقَهُ وَ
- أَمَانَتَهُ وَ
- عَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَىٰ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا بِــــ:
- صِدْقِ الْحَدِيثِ، وَ
- أَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَ
- صِلَةِ الرَّحِمِ ، وَ
- حُسْنِ الْجِوَارِ ، وَ
- الْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ ، وَ
- الدِّمَاءِ ، وَ
- نَهَانَا عَنِ الْفَوَاحِشِ ، وَ
- قَوْلِ الزُّورِ ، وَ
- أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ وَ
- قَذْفِ الْمُحْصَنَةِ ، وَ
أَمَرَنَا:
- أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ لَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، وَ
أَمَرَنَا:
- بِالصَّلَاةِ وَ
- الزَّكَاةِ وَ
- الصِّيَامِ وَ
- الْحَجِّ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ...




قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ ، فَصَدَّقْنَاهُ ، وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَىٰ مَا جَاءَبِهِ ، فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ ، وَلَمْ نُشْرِكْ بِهِشَيْئًا ، وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا ، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحَلَّ لَنَا، فَعَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا ، فَعَذَّبُونَا وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا ، لِيَرُدُّونَا إِلَىٰ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ - عَزَّوَجَلَّ - ، وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنَ الْخَبَائِثِ ، فَلَمَّا قَهَرُونَا وَظَلَمُونَا وَشَقُّوا عَلَيْنَا ، وَحَالُوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ دِينِنَا خَرَجْنَا إِلَىٰ بَلَدِكَ ، وَاخْتَرْنَاكَ عَلَىٰ مَنْ سِوَاكَ ، وَرَغِبْنَا فِي جِوَارِكَ ، وَرَجَوْنَا أَنْ لَا نُظْلَمَ عِنْدَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ .." [(84)] ...

نقل إلينا الصحابي الجليل والخطيب البليغ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ واقع مكة - وإن كُرمت بالبيت العتيق وشرفت بالكعبة المشرفة - ، نقلاً بليغاً كاملاً لكافة مناح الحياة الجاهلية ..

وقال آخرون : إنّ اسم الجاهليّة يعني: حالة من التباهي بالأحساب ، والمُفاخَرة بالأنساب...

أمّا في القرآن الكريم فتعني لفظة الجاهليّة: الحِميّة، والطَّيْش، والغضب، كما تشير أيضاً إلىٰ أفعال العرب في تلك الفترة[(85)].

وَ

الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَىٰ : هِيَ الْقَدِيمَةُ الَّتِييُ قَالُ لَهَا :
" الْجَاهِلِيَّةُالْجَهْلَاءُ " ، وَ
هِيَ الزَّمَنُ الَّذِي وُلِدَ فيهِ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : كَانَتِ الْمَرْأَةُ تَلْبَسُ الدِّرْعَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ فَتَمَشِي وَسَطَ الطَّرِيقِ تَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَىٰ الرِّجَالِ ، وَ




قِيلَ: مَا بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ. وَ






قِيلَ: بَيْنَ إِدْرِيسَ وَنُوحٍ. وَ






قِيلَ: زَمَنُ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ ، وَ

الْجَاهِلِيَّةُ الْأُخْرَىٰ : مَا بَيْنَ عِيسَىٰ - ابن مريم - وَمُحَمَّدٍ بن عبدالله بن عبدالمطلب - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - . وَ

يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجَاهِلِيَّةُ الْأُولَى : جَاهِلِيَّةُ الْكُفْرِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ . وَ

الْجَاهِلِيَّةُ الْأُخْرَىٰ : " جَاهِلِيَّةُ الْفُسُوقِ وَالْفُجُورِ في الْإِسْلَامِ " ، فَكَأَنَّ

الْمَعْنَىٰ في تأويل الآية :
" ... وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَىٰ ... ". :
أي وَلَا تُحْدِثْنَ بِالتَّبَرُّجِ جَاهِلِيَّةً في الْإِسْلَامِ تَتَشَبَّهْنَ بِهَا بِأَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْكُفْرِ . وَ
يُعَضِّدُهُ مَا رُوِيَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - :
" إِنَّ فيكَ جَاهِلِيَّةً " ؛
قَالَ: " جَاهِلِيَّةُ كُفْرٍ أَمْ إِسْلَامٍ ؟ "..
فَقَالَ : "بَلْ جَاهِلِيَّةُ كُفْرٍ " .[(86)].

من المفيد من باب المقارنة أن نلقي نظرة سريعة علىٰ :

* . ] الجانب الأخلاقي: في العالم قبل الإسلام: [(87)].

كان العالم قبل الإسلام بَعيدًا عن القِيم والأخلاق التي تحكم سلوك النّاس ومعاملاتهم، فقد استحوذ الشّيطان علىٰ نفوس النّاس... والهوي علىٰ قلوبهم... فأضلّهم الأول عن شريعة الله... والثاني عن أخلاقيّات الدّين ومنهاجه ؛ فشاعت فيهم مساوئ الأخلاق ومسترذلات المنكرات كــ : الزّنا.. والبغي.. والسّرقة.. والعدوان.. والرّبا.. وشرب الخمر.... وغير ذلك الكثير. [(88)]... وهذا بصفة عامة... أما

* . ] حال العرب قبل الإسلام من ناحية الأخلاق[(89)]:

صفات العرب في الجاهليّة[(90)]..

ممّا لا شكّ فيه أنّ العرب كان لهم صفاتهم وخصائصهم الإجتماعيّة والأخلاقيّة عبر التّاريخ التي تميّزوا بها بين الحضارات وبقية الأمم[(91)]:

أخلاق العربي في الجاهلية[(92)]:

لاشك في أنّ العربي في الجاهليّة عُرف بالعديد من الأخلاق التي ميّزته عن غيره ، وبالرغم من أن بعض هذه الصفات هي من الصفات الدنيئة وبعضها من الرذائل التي ينكرها عقل الإنسان السليم ، فقد انتشر بين العرب في الجاهلية المنكرات.. والبغي.. وشتّى صنوف المعاصي والآثام ، فكانت للزّانيات دورٌ لها وتعلق راياتٍ يعرفون بها ، كما شرب العرب الخمر وتغنّوا بها ، ولكنه تميز بالعديد من المزايا والأخلاق الفاضلة، و

من أهم هذه الأخلاق[(93)] والتي صارت من :

*. ] عادات العرب قبل الإسلام[(94)]:

امتلكَ العرب قبل الإسلام مجموعة من العادات والتقاليد السلبيّة التي حرص الإسلام علىٰ إلغائها ، واستبدالها بالعادات الحسنة والنافعة[(95)] ، فمن أهمّ هذه التقاليد والعادات[(96)]:

*. ] الغزو والثأر:

وهيَ عادةٌ كانت تُؤدّي إلىٰ حروبٍ تستمرُّ لسنواتٍ طويلةٍ بين القبائلِ والعائلاتِ البدويّة ، وكانت أسباب الحروب تتمثّل أساساً بصعوبة الحياة في الصحراء ؛ فقد كانَوا يقتتلون لأبسط الأسباب ، كــ الخلاف علىٰ المراعي ؛ وذلك بسبب الجوع ، وشُحّ الامطار في المنطقة[(97)].

*. ] التعصُّب:

إذ كانَ العربيّ يفتخر بانتمائه إلىٰ قبيلته ، فيمدحها ، ويدافع عنها ، حيث كانوا مُتفرِّقين ، لا تجمعهم سُلطة عُليا مُحدَّدة ، إذ كانت القبيلة هيَ الحاكمة لكلِّ فئة من الناس؛ ممّا وَلَّد لديهم التعصُّب، والهمجيّة[(98)].

*. ] شُرب الخمر ... ولعب المَيسِر:

بالغَ العرب قبلَ الإسلامِ في شُربِ الخمرِ حتىٰ اتَّخذوا لهم " ساقياً " ، كما كانوا يمارسون لعب المَيسِرَ ، وما يتبعه من شرور ، وقد أنكرَ بعض العرب عادة شُرب الخمرِ ؛ لما يُحدِثه من ذهابٍ للعقلِ ، وخَدْشٍ للمروءة[(99)].

وعلىٰ الرّغم من تلك الصّفات الذّميمة ، إلاّ أنّ العرب كانت لهم بعض الخصال الحسنة مثل :

«النّخوة»
و
«الجود»
و
«الكرم».

تميَّز العرب منذ زمنٍ طويلٍ بمجموعةٍ مِن العادات والتقاليد ، التي تُشكل الموروث العربي الأصيل ، والمتمثل بالقيم والمبادئ السامية ، التي كانت تتجلىٰ في حياة العرب ،وخلال تعاملهم مع الآخرين ، ورغم أنّ هناك بعض العادات المُشينة ، التي بددها ظهور الإسلام في شبه جزيرتهم العربية قبل آلاف السنين ، بيد أن هناك بعض الشيم والعادات المُشرفة التي عزّزها الإسلام لدىٰ العربي ، و

من هذه الصفات تلك المتعلقة بالرجال العرب ...

صِفات العرب قَبْل الإسلام[(100)]:

اتَّصفَ العرب قَبل مجيء الإسلام بمجموعةٍ من الصِّفاتِ الحسنةِ، منها: [(101)]

صفات الرجال عند العرب[(102)]

*. ] الفَخْر:

وذلك نظراً لوقوعِ المسجدِ الحرامِ في شبة جزيرتهم... جزيرةِ العربِ ، حيث كانوا يَعتزّونَ بأنفسهم ، ويفتخرون بذلك ، حتىٰ وصل بهم الأمر إلىٰ أن يتكبَّروا به علىٰ الناسِ[(103)]

*. ] الشّهامة والنّخوة[(104)]:

فالعربي يتحلّىٰ بصفات الشّهامة والنّخوة التي تأبىٰ عليه إلاّ نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف[(105)] ... فتمثلت هاتان الصفتان بنجدة الملهوف ، وإغاثة المنكوب ، وإعانة المحتاج ، فمن استجار بالرجل العربي لم يمسه ظلم ، ولم يقربه أذىٰ ، كما أنّ الرجل العربي لا يقبل أنّ يرىٰ محتاجاً لمالٍ ، أو طعامٍ ، أو كساءٍ ، ويقف مكتوف الأيدي دون مدّ يد المساعدة.

* . ] الكرم والجود[(106)] :

وهما من الصفات المُتأصِّلة في العرب قَبل الإسلام ،



فـــــ


من عادات العرب الأصيلة إكرام الضيف ؛ باستقباله حسن استقبال ، والترحيب به بأجمل الكلام والودّ ، بالإضافة إلىٰ عمل ولائم الطعام التي تليق بالضيف ، وتُعبّر عن كرم المُستقبِل له ، وقد كانوا يُوقِدونَ النار في الليل ؛ حتىٰ يستدلَّ المسافرونَ علىٰ بيوتهم ، علماً بأنّهم كانَوا يطلقون عليها اسم «نار الضيافة» ، و

من أشهر الشخصيّات العربيّة التي ارتبطَ اسمها بالكرم «حاتم الطائيّ». [(107)]، فـــ



لاشتهار العرب قديمًا بالكرم والسّخاء رويت في ذلك القصص والحكايات الكثيرة ، فقد كان «حاتم الطائي» أحد من تميّزوا بالكرم والسّخاء الشّديد قديماً ، وممّا يروى عنه أنّه كان إذا أتاه عبده بضيفٍ من الأضياف أعتقه مكافأةً له علىٰ ذلك ، كما أنّه ذبح يومًا خيله النّفيسة وقدّمها طعامًا لضيوفه حينما لم يجد ما يضيّفهم به ،


و

من الشّخصيات التي اشتهرت بالكرم أيضًا من العرب «عقبة ابن أبي معيط» الذي يعتبر أحد وجهاء قريش وألدّ أعداء الدّعوة الإسلاميّة ؛ حيث كان يولم لكبراء قريش في كلّ مرّة يرجع فيها من أسفاره . [(108)] وقد

عُرف عن العرب قديماً عدم سؤالهم عن حاجة الضيف إلا بعد مرور ثلاثة أيام... فــ

الكرم [(109)]: ‏إذاً من الصفات التي كان العربي يتباهىٰ بها بل ويتبارز أيضاً، كما أن العديد من الأشعار العربية كانت تحكي عن الكرم التي تميز به العربي[(110)]‏.

*. ] العِزّة:

فقد كانَ العرب قبلَ الإسلام يرفضونَ العيش بذلّ ، ويعتزّون بحرّيتهم، ويرفضون الظُّلمَ[(111)].

*. ] العِفّة:

علىٰ الرغم من اتِّصاف جزءٍ من العرب بعدم اهتمامهم بالعِفّة ، وانشغالهم بالشُّرب ، ولعب المَيسِر ، إلّا أنّ فريقاً من العربِ كانوا أشدّ غيرةً علىٰ النساءِ من غيرهم من الشعوب ، وكانوا يحافظونَ علىٰ عِرْضهم ، وشَرَفهم ، حتى وصلت فيهم الغيرة إلىٰ وَأْد البنات ؛ حتىٰ لا يلحق بهم العار ، أمّا

المرأة، فقد كانت تحافظ علىٰ نفسها ، كما كانت تتَّصف بعِزّة النفس[(112)].

ويصح لي الاستدلال بــ

:"
حَدِيثِ هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ فِي الْبَيْعَةِ ؛ حين قالت : {أَوَتَزْنِي الْحُرَّةُ ؟ ، }
فــ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي قِصَّةِ مُبَايَعَةِ هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ ، وَفِيهِ : { فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: :" وَلَا يَزْنِينَ "...

قَالَتْ : أَوَ تَزْنِي الْحُرَّةُ ؟ ، [والاستدلال عندي لقولها ]
لَقَدْ كُنَّا نَسْتَحِي مِنْ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ : فَكَيْفَ فِي الْإِسْلَامِ ؟ }.".







* . ] الفطنة ورجاحة العقل:

كان العربي يستبصر صفات الناس ومقاصدهم ، مِن الشكل الخارجي ، وطريقة الكلام والتصرف ، وكان قادراً علىٰ الحكم بالعدل بين الناس ، وتوظيف الحكمة بالقضاء العشائري.

* . ] طلاقة اللسان فصاحته... ومِن ثم الخطابة[(113)]:

فهذه من الصّفات التي ميّزت العرب بلا شك حتّىٰ اشتهروا بالفصاحة والبيان شهرةً بلغت الآفاق، وقد كانوا يجتمعون في أسواق ومجالس أدبيّة يتبادلون فيها القصائد والشّعر والخطابة ويتنافسون علىٰ ذلك ، وما المعلّقات السّبع [ والمذهبيات ] التي كانت تعلّق علىٰ أستار الكعبة إلاّ مثالًا علىٰ هذه الصّفة المتأصّلة فيهم[(114)]، فكان الرجل العربي مفوّهاً ، طليق اللسان ، بليغ الكلمة ، وفصيح المعنىٰ ؛ فإذا ما تحدث أصاب ، وإذا ما صمت كان ذلكٍ لحكمةٍ حقيقية ، وكان فرسان القوم من العرب شعراء يُجيدون النظم والتصور ، وكثيراً ما كانت تُقام التعاليل من أجل الاستماع لشاعر القبيلة وفارسها .

* . ] العفو عن المُخطئ:

رغم قدرة العرب علىٰ معاقبة المُخطئ ، فقد كان العفو سيّد الموقف ، في حين اشتهرت بلاد العرب بعادة :" الدخيل " الذي يقصد شيخاً أو وجيهاً من وجوه العشيرة ؛ ليحتمي به من شر ما فعل ، أو شرّ ما تم اتهامه به ، وعليه كان يحصل علىٰ العفو في أغلب المرات ، بسبب كفالته من أحد الأطراف ، وعفو الطرف الآخر عنه.

*. ] الصّدق[(115)]:

فالعربي الأصيل ... وحتّىٰ قبل الجاهليّة كان يحرص علىٰ الصّدق حتّىٰ لا يقال بين العرب أنّه كاذب ، فلقد اجتمع «أبو سفيان» وقت كان كافراً وقُبيل إسلامه – يومًا - بـ «هرقل» عظيم الرّوم فسأله بعض الأسئلة عن الرّسول - عليه الصّلاة والسلّام - فصدقه القول ولم يكذب في ذلك علىٰ الرّغم من عدواته للإسلام حتّىٰ لا يؤثر عنه الكذب بين العرب[(116)] ...

فتميَّز العرب قبلَ الإسلام بالصدق ، ونفورهم من الكذب ، وقد كانت هذه إحدىٰ أهمّ الصفات التي تميَّز بها الرسول الأعظم - عليه الصلاة والسلام -، وصاحبه «أبا بكر»الصديق[(117)].

* . ] تجنب الغدر أو الخيانة:

من صفات العربي الأصيل أنّه لا يغدر حتىٰ بعدوّه ، ولا يلجأ للخديعة ، بل يواجه الطرف الآخر بكلّ بسالة ، وإذا ما ناله ظلم وسُلب منه حق ، وما كان بالمقدور تحصيله باليد ، راعىٰ أصول ذلك بالتشكي لدىٰ رأس القبيلة ، أو قاضياً من قضاة البادية المعروفين بنزاهتهم وإنصافهم للمظلوم.

*. ] الفروسيّة والشّجاعة[(118)]:

فقد اتّسم العرب بصفات البطولة والشّجاعة حتّىٰ إنّهم كانوا يعيبون علىٰ بعضهم الفرار من المعارك ويعتبرونها سُبَّة وبالتالي سبتة علىٰ المرء لا تزول بزوال الأيّام ، وقد كان الرّجل منهم يتمنّىٰ الموت في خضم المعارك وفي ساحات الوغىٰ حيث مظنّة التحام الصّفوف وضرب الأسنة والرّماح[(119)] ... فـكانت الشجاعة صِفة غريزيّة في كلّ عربيّ ، إذ كانَ العربيّ يمتلك قوّةً تدفعُه إلىٰ القتالِ دون خوف ، ونصرة المظلومِ دونَ تردُّد، وقد ساعدَت ظروف حياتهم البدويّة علىٰ التأهُّب لأيّ خطرٍ قد يصيبهم ، فلمّا جاءَ الإسلام ، قوَّم هذه الصِّفة ؛ فأمرَ بكَفّ الأيدي عن الاعتداء علىٰ الآخرينَ دونَ وجودِ سببٍ للقتال[(120)].

*. ] عزة النفس والإباء وعدم قبول الضيم[(121)]:‏
وهذه الصفات نتيجة لفرط شجاعة العربي ، ولشدة غيرته ، وسرعة انفعاله[(122)].



* . ] تحدي المخاطر:

فها هو «الزير سالم» قد أرسلته الجليلة ، زوجة أخيه «كُليب وائل التغلبي»، إلىٰ وادي السباع ، لإحضار حليب إناثها ، سعياً منها للتخلّص من الزير للأبد ، لكنه خيّب ظنها وعاد بالفعل ، مُحضراً حليب السباع ، بمساعدة أخيه «همام» وصديقه «امرؤ القيس».

* . ] صفات أخرى:

*. ] الذود عن الحمىٰ:

حيثُ لا يقوىٰ علىٰ غزو عشيرته أحد ، وإن حصل بالفعل لقي المُعتدين ردّاً قاسياً ، تحكي فيه القبائل ، وتتباهىٰ فيه ألسن الشعراء.

*. ] حُسن الجِوار:

كانَ العرب يُؤدّونَ حقّ الجار كجزءٍ من خِصالهم النبيلة التي كانوا يحرصونَ عليها، فكانوا يُقدِّمون الحماية ، والإغاثة لجيرانهم ، ويَعدّونه جزءاً من شَرَفهم[(123)].

*. ] الصَّبر:

تُعَدّ الظروف المعيشيّة للعرب في شبه الجزيرة العربيّة ظروفاً قاسيةً، وهذا ما وَلَّد فيهم قوّةً وصَبْراً علىٰ تحمُّلِ مختلفِ المصاعبِ التي قد يواجهونها، كالجوع، والسفر ِالطويل، وغيرها[(124)].

*. ] المضي في العزائم[(125)].

*. ] الحلم، والأناة، والتؤدة[(126)].

*. ] الصدق البدوي،

وعدم التلوث بملوثات الحضارة ومكائدها‏، فقد عُرف العربي بصدقه ونقائه[(127)]

*. ] الوفاء:

وهو عكس الغَدْر ، والكذب، حيث كانَ العرب يُحافظونَ علىٰ عهودهم، ويُثنونَ علىٰ الوفيّ، ويُشهِرونه، ويرفضون الغدر، وخيانة الوعود[(128)].

* . ] الوفاء بالعهود[(129)]:

عُرف العربي بوفائه بالعهود مهما كانت ، فقد كان العهد مثل الدين الذي يتمسكون به ، وهنالك العديد من القصص الشهيرة التي تناقلتها المصادر التاريخية[(130)].

فـ إذا ما قطع علىٰ نفسه عهداً التزم به ، وكان أعزّ عليه أنّ يُجزّ رأسه عوضاً عن عدم وفائه بها.

-*-*-*

* . ] أحوالھم الخُلقیة:

كان فیھم - العرب - من الدنايا والرذائل ما ينكره العقل السلیم ، لكنھم حافظوا علىٰ جملة من الأخلاق تمیزوا بھا عن سائر الأمم حینئذ والشعوب ، كــ :

- الوفاء بالعھد.. و
- عزةالنفس.. و
- مضاء العزيمة.. و
- إباء الضیم.. و
- النخوة.. و
- المروءة.. و
- الشجاعة.. و
- الكرم . . و
- حميد الصفات التي شاع الفخر بھا في أشعارھم.

والمتأمل لحالة العرب قبل الإسلام ، وحالة الأمم الأخرىٰ من غیرھم يمكن أن يستنتج بعض الحكم التي كانت سببا في تشريفھم بحمل عبء الرسالة العامة ، وقیادة الأمة الإنسانیة والمجتمع البشري إلىٰ أعظم الرشد وأبین الھدىٰ.

- فمن حكمة اختیار العرب لھذه المھمة أنھم أقل الأمم حینئذ حضارة وأبعدھم عن المدنیة، فھم قوم أمیون كما وصفھم الله:

{ ھُوَ الَّذِي بعَثَ فِي الْأُمِّیِّینَ رَسُولاً مِنْھُم } [(131)].

إذ لو كانوا متحضرين كأھل المدنیات المجاورة من فرس وروم ويونان لربما قال قائل :«أنه انفعال حضاري وارتقاء مدني» ، بل شاء الله أيضاً ان يكون رسول ھذه الأمة أمیاً كذلك تأكیداً لذات المعنى

{ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِیَمِینِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ }[(132)].

لقد شاء الله أن تكون معجزة النبوة والشريعة واضحة في الأذھان لا لبس فیھا.

- ومن حكمة اختیار العرب لمھمة قیادة البشرية حفاظھم علىٰ الأخلاق التي لم تعرف لغیرھم علىٰ ھذا النحو ، خصوصاً :

- الوفاء بالعھد، و
- عزة النفس، و
- مضاء العزم، إذ لايمكن لأي أمة بدون ھذه الصفات أن تحمل أمانة ، أو تتحمل مسؤولیة ولا يمكن قمع الشر والفساد ، وإقامة العدل والخیر إلا بھذه القوة القاھرة وبھذا العزم الصمیم والذي خلت منه الأمم الأخرىٰ.

وقد ظھر ھذا البرھان العملي من خلال المواجھات التي ثبتوا فیھا أمام العالم أجمع وتحدوا فیھا أرقىٰ الأمم حضارة ، وأكثرھا عددا وأمضاھا سلاحاً لذلك أظھر النبي - صلى الله علیه وسلم * اعتزازه بالمشاركة في تعزيز مبادئ الحق وإقرار مكارم الأخلاق .

وقد شھد النبي - صلى الله علیه وآله وسلم - حلف «الفضول» وكان في العشرين من عمره، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :

« لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ وَلَوْ أُدْعَىٰ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ لَأَجَبْتُ »[(133)]. و
قد كانت رجولته - صلى الله علیه وسلم - في القمة، بَیْدَ أن قواه الروحیة وصفاءه النفسي جعلا ھذه الرجولة تزداد بمحامد الأدب والاستقامة والقنوع ؛ فلم تُؤثرَ عنه شھوة عارضة ، أو نزوة خادشة ، ولم تحكَ عنه مغامرة لنیل جاه أو اصطیاد ثروة ، بل علىٰ العكس بدأت سیرته تومض في أنحاء مكة بما امتاز به عن أقرانه - إن صحت الإضافة؟- - من خِلالِ شمائلَ كريمةٍ، وفكرٍ راجحٍ، ومنطقٍ صادقٍ ونھجٍ أمینٍ ... و








بعد زواج خديجة - رضي الله عنھا - تابع النبي - صلى الله علیه وسلم - حیاة العزلة وھجر ما كان علیه العرب من خمر ولغو وقمار وأوثان... وإن لم يقطعه ذلك عن إدارة تجارته وتدبیر معاشه والضرب في الأرض والمشي في الأسواق... و

تأتي حادثة تجديد بناء الكعبة قبل البعثة بخمس سنین لتكشف عما وصل إلیه النبي - صلى الله علیه وسلم - من مكانة أدبیة بین قومه... فقد اختلفت قريش فیمن يستأثر بشرف وضع الحجر الأسود في مكانه فاتفقوا علىٰ تحكیم أول داخل من بني شیبة ، فدخل رسول الله - صلى الله علیه وسلم - ، فلما دخل ھتفوا جمیعاً: ھذا «الأمین» ارتضیناه حكماً، فأمر بثوب فأخذ الحجر ووضعه في وسطه، ثم أمرھم برفعه جمیعاً، ثم أخذه بیده الشريفة فوضعه مكانه! ... و

تتابعت إرھاصات نبوته - صلى الله علیه وسلم - ، وقد أخذ يقترب من الأربعین فكان يسمع تسلیم الحجر علیه ، وكان لا يرىٰ رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وقد حُبب إلیه العزلة والتعبد في غار حراء... حتىٰ جاء الیوم المشھود، أسعد يوم في تاريخ البشرية كلھا، لقد بُعث رسول الله - صلى الله علیه وسلم - .
{ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿ 1﴾ خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿2﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿ 3﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿ 4﴾ عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم (5) }[(134)].

-*-*-*-*-*

أقول ([(الرَّمَادِيُّ)]) : أكتفي بهذا القول عن حياة العرب قبل الإسلام .. وقبل البعثة المحمدية وقبل الرسالة الخاتمة لسيد ولد آدم أجمعين... ومِن يريد الزيادة فالرجاء العودة إلىٰ كتب التخصص عن تاريخ العرب قبل الإسلام ؛ ولعل ما يحضرني الأن ما كتبه الأستاذ :

- الدكتور: شوقي ضيف في موسوعته «العصر الجاهلي؛ تاريخ الأدب العربي»... علىٰ سبيل المثال وليس الحصر...


-*-*-*

سلسلة بحوث:
﴿ سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء
(يُتْبَعُ بإذنه تعالى )
نال شرف قراءة المصادر ومراجعتها وكتابة البحث:
د. مُحَمَّدُفَخْرُالدينِ الرَّمَادِيُّ بِثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِمِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَىٰ
حُرِّرَفي يوم الاثنين ٢ ربيع الأول ١٤٤٢ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~الموافق ١٩ من شهر أكتوبر عام ٢٠٢٠ من الميلاد العجيب للسيد المسيح ابن مريمالعذراء الزهراء البتول عليهما السلام.





-*-*-*-*









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 21 / 10 / 2020, 22 : 10 PM   المشاركة رقم: 344
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,359 [+]
بمعدل : 0.53 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 221
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
[ ٤ ] مقدمة المجلد الرابع




..زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ..》 -صلى الله عليه وآله وسلم-







لا يوجدُ أدنىٰ شك أو لحيظة ارتياب في أن أوان مبعث نبي آخر الزمان كان قد أوشك علىٰ الظهور؛ وقد أزف وقت مجئ الرسالة الخالدة لآخر المرسلين؛ وستهبط شريعة الخالق الواجد المبدع المصور الرازق الكاملة ...


فقد وجبت أن تنزل من السماء بلا ريب للتقييد بالتنفيذ والتطبيق؛ وصار منهاج متمم المبتعثين يلزم البشر أجمعين أن يتقيدوا به؛ فجاءت الأدلة القطعية الثبوت؛ القطعية الدلالة من نصوص وحي السماء سواء العهد العتيق [التوراة]؛ أو العهد الجديد [الأنجيل]؛ والعهد الحديث [القرآن] تثبت هذا، وتخبر كل الأتباع بالأدلة العقلية والنقلية فتؤكد على هذا ؛ كما تضافرت :
١ . ] إخْبَارُ الْكُهَّانِ مِنْ الْعَرَبِ، فَقد أَتَتْهُمْ بِهِ الشَّيَاطِينُ مِنْ الْجِنِّ فِيمَا تَسْتَرِقُ مِنْ السَّمْعِ، إذْ كَانَتْ وَهِيَ لَا تُحْجَبُ عَنْ ذَلِكَ بِالْقَذْفِ بِالنُّجُومِ. وَ
كَانَ الْكَاهِنُ وَالْكَاهِنَةُ لَا يَزَالُ يَقَعُ مِنْهُمَا ذِكْرُ بَعْضِ أُمُورِهِ، لَا تُلْقِي الْعَرَبُ لِذَلِكَ فِيهِ بَالًا، حَتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ -تَعَالَى ذكره وتقدس سره-، وَوَقَعَتْ تِلْكَ الْأُمُورُ الَّتِي كَانُوا يَذْكُرُونَ، فَعَرَفُوهَا[(1)].







١ . ١ . ] قَذْفُ الْجِنِّ بِالشُّهُبِ ، وَآيَةُ ذَلِكَ عَلَى مَبْعَثِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :





فَلَمَّا تَقَارَبَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحَضَرَ مَبْعَثُهُ، حُجِبَتْ الشَّيَاطِينُ عَنْ السَّمْعِ، وَحِيلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَقَاعِدِ الَّتِي كَانَتْ تَقْعُدُ لِاسْتِرَاقِ السَّمْعِ فِيهَا، فَرُمُوا بِالنُّجُومِ، فَعَرَفَتْ الْجِنُّ أَنَّ ذَلِكَ لِأَمْرٍ حَدَثَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فِي الْعِبَادِ؛ يَقُولُ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَيْنَ بَعَثَهُ، وَهُوَ يَقُصُّ عَلَيْهِ خَبَرَ الْجِنِّ إذْ حُجِبُوا عَنْ السَّمْعِ، فَعَرَفُوا مَا عَرَفُوا، وَمَا أَنْكَرُوا مِنْ ذَلِكَ حَيْنَ رَأَوْا مَا رَأَوْا:
{ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا }... إلَى قَوْلِهِ : {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا }[(2)].





فَلَمَّا سَمِعَتْ الْجِنُّ الْقُرْآنَ عَرَفَتْ أَنَّهَا إنَّمَا مُنِعَتْ مِنْ السَّمْعِ قَبْلَ ذَلِكَ، لِئَلَّا يُشْكِلَ الْوَحْيُ بِشَيْءٍ مِنْ خَبَرِ السَّمَاءِ فَيَلْتَبِسُ عَلَى أَهْل ِالْأَرْضِ مَا جَاءَهُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ، لِوُقُوعِ الْحُجَّةِ، وَقَطْعِ الشُّبْهَةِ. فَآمَنُوا وَصَدَّقُوا، ثُمَّ وَلَّوْا إلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ : { قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ } الْآيَةَ .







١ . ٢ . ] وتوجد رواية عن ابن هشام في السيرة النبويةتقول :
" قَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- :" ... قَدْ كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ ... نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَعْتَنِقُ الْأَوْثَانَ، حَتَّى أَكْرَمْنَا اللَّهُ بِرَسُولِهِ وَبِالْإِسْلَامِ[(3)] .هذه شهادة صدق...







١ . ٣ . ] وأما الرواية الثانية فنجدها في حديث ابن عم رسول الله[(4)] مع ملك الحبشة[(5)] وقت هجرته إليها روته أُمُّ سَلَمَةَ[(6)] بِنْتِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَتْ: قَالَ " جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ[(7)]- عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ : أَيُّهَا الْمَلِكُ[(8)] ،كُنَّا قَوْمًا : [ وأخذت أمنا؛ أم المؤمنين أم سلمة تعدد ما قاله سيدنا جعفر...فــ
قال: كُنَّا قَوْمًا :
1 . ] أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ
2. ] نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَ
3. ] نَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَ
4 . ] نَأْتِي الْفَوَاحِشَ ، وَ
5 . ] نَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَ
6 . ] نُسِيءُ الْجِوَارَ ، وَ
7 . ] يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ...
فَـــــ
كُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ :
- نَسَبَهُ وَ
- صِدْقَهُ وَ
- أَمَانَتَهُ وَ
- عَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى :
1 . ] اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لِـ
2 . ] نُوَحِّدَهُ، وَ
3 . ] نَعْبُدَهُ، وَ
4 . ] نَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَ


أَمَرَنَا




بِـ
1 . ] صِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَ
2 . ] أَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَ
3 . ] صِلَةِ الرَّحِمِ ، وَ
4 . ] حُسْنِ الْجِوَارِ وَ
5 . ] الْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ،وَ




نَهَانَا عَنِ :
1 . ] الْفَوَاحِشِ ، وَ
2. ] شَهَادَةِ الزُّورِ ، وَ
3 . ] أَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ وَ
4 . ] يقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ، وَ
أَمَرَنَا




أَنْ :
- نَعْبُدَ اللَّهَ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَ
- إِقَامَ الصَّلَاةِ، وَ
- إِيتَاءَ الزَّكَاةِ[(9)]. –
قَالَتْ [أم سلمة] : فَعَدَّدَ عَلَيْهِ أُمُورَ الْإِسْلَامِ - فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ وَاتَّبَعْنَاهُ عَلَى مَاجَاءَ بِهِ، فَعَبَدْنَا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَحَرَّمْنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا، وَأَحْلَلْنَا مَا أَحِلَّ لَنَا، فَغَدَا عَلَيْنَا قَوْمُنَا فَعَذَّبُونَا، وَفَتَنُونَا عَنْ دِينِنَا؛ لِيَرُدُّونَا إِلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْ نَسْتَحِلَّ مَا كُنَّا نَسْتَحِلُّ مِنَ الْخَبَائِثِ[(10)]
و








هذه أروع شهادة صدق من جعفر بن أبي طالب أمام ملك الحبشة اصحمة النجاشي وقت الهجرة الأولى إليها وأمام أثنين من وفد قريش للوشاية بالمسلمين..
ولم يكذبه أحد منهما!!!!
وَ
تضافرت روايات :
٢ . ] الْأَحْبَارِ مِنْ يَهُودَ وَ
٣ . ] الرُّهْبَانِ مِنْ النَّصَارَى[(11)] بـمُعْرِفَةِ مَبْعَثِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فـقَدْ تَحَدَّثُوا بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبْلَ مَبْعَثِهِ، لَمَّا تَقَارَبَ مِنْ زَمَانِهِ.
أَمَّا




الْأَحْبَارُ مِنْ يَهُودَ،وَالرُّهْبَانُ مِنْ النَّصَارَى، فَعَمَّا وَجَدُوا فِي كُتُبِهِمْ مِنْ صِفَتِهِ وَصِفَةِ زَمَانِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ عَهْدِ أَنْبِيَائِهِمْ إلَيْهِمْ فِيهِ.
و


هذه أدلة قد تعرضت لها في بحوث المجلد الأول؛ وأذكر القارئــ(ــ)ــة الكريمــ(ــ)ــة بما جاء :
* . ] عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله ﷺ» :
كنتُ „ أَوَّلَ ‟ الأنبياء خلقا
و „ آخِرَهم ‟ بعثا [(12)]
** . ] وجاء في مسند الإمام أحمد؛ مسند الشاميين،حديث عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
« إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ " مكتوبٌ "لَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ وَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَام لَمُنْجَدِلٌ فِي طِينَتِهِ؛ وَسَأُنَبِّئُكُمْ بِأَوَّلِ ذَلِكَ [أمري] دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ؛ وَبِشَارَةُ عِيسَىٰ بِي؛ وَرُؤْيَا أُمِّي الَّتِي رَأَتْ"حين وضعَتني" وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّينَ تَرَيْنَ ».
و
لنا أن نسمع القول الصريح في سورة الصف؛ إذ نطق القرآن الكريم بالقول :
﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِين ﴾[(13)ٍ.
وعَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:« إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ ». فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَ
زَادَ فِيهِ :« إِنَّ أُمَّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَتْ حِينَ وَضَعَتْهُ نُورًا أَضَاءَتْ مِنْهُ قُصُورُ الشَّامِ »[(14)].
وتحدثتُ من قبل عن :" بَدْءِ الْوَحْيِ„" مَبْعَثُهُ " ‟ [صلى الله عليه وآله وسلم] وجرى الحديث عن" الرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ "... " الحَسَنَةِ ".
ثم كان الحديث عن :" مرحلة النبوة؛ وتحدثتُ عن إرهاصات نبوة محمد بن عبدالله عند أهل الكتاب وكهان العرب عندما قارب زمن بعثة الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-.. بيد أنني فضلت وضعها ضمن ملاحق بحوث السيرة. وفي بحوث سابقة تحدثت عن إرهاصات النبوة قبيل البعثة فالرجاء مراجعة ما سبق وكتبته.





قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالُوا : إِنَّ مِمَّا دَعَانَا إِلَى الْإِسْلَامِ - مَعَ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى-، وَهَدَاهُ لَنَا -أَنْ كُنَّا نَسْمَعُ مِنْ رَجُلٍ مَنْ يَهُودَ، وَكُنَّا أَهْلَ شِرْكٍ أَصْحَابَ أَوْثَانٍ؛ وكَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ عِنْدَهُمْ عِلْمٌ لَيْسَ لَنَا، وَكَانَتْ لَا يَزَالُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ شُرُورٌ فَإِذَا نِلْنَا مِنْهُمْ بَعْضَ مَا يَكْرَهُونَ قَالُوا لَنَا : إِنَّهُ قَدْ تَقَارَبَ زَمَانُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ الْآنَ نَقْتُلُكُمْ مَعَهُ قَتْلَ عَادٍ وَإِرَمَ فَكُّنَا كَثِيرًا مَا نَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَجَبْنَاهُ حِينَ دَعَانَا إِلَى اللَّهِ، وَعَرَفْنَا مَا كَانُوا يَتَوَعَّدُونَنَا بِهِ فَبَادَرْنَاهُمْ إِلَيْهِ فَآمَنَّا بِهِ وَكَفَرُوا بِهِ فَفِينَا وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ :" وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ[(15)] .
وَ




قَالَ وَرْقَاءُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ: كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ : اللَّهُمَّ ابْعَثْ لَنَا هَذَا النَّبِيَّ يَحْكُمُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ النَّاسِ يَسْتَفْتِحُونَ بِهِ أَيْ يَسْتَنْصِرُونَ بِهِ
[رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ][(16)].



ثُمَّ
رُوِيَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِالْمَلِكِ بْنِ هَارُونَ بْنِ عَنْتَرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَتِ الْيَهُودُ بِخَيْبَرَ تُقَاتِلُ غَطَفَانَ فَكُلَّمَا الْتَقَوْا هُزِمَتْ يَهُودُ خَيْبَرَ فَعَاذَتِ الْيَهُودُ بِهَذَا الدُّعَاءِ فَقَالُوا : اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي وَعَدْتَنَا أَنَّ تُخْرِجَهُ لَنَا فِي آخِرِ الزَّمَانِ إِلَّا نَصَرْتَنَا عَلَيْهِمْ .





قَالَ : فَكَانُوا إِذَا الْتَقَوْا دَعَوْا بِهَذَا الدُّعَاءِ فَهَزَمُوا غَطَفَانَ فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَفَرُوا بِهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ الْآيَةَ[(17)].
وَ


رَوَى عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ ، وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ مِنْ قَوْلِهِ نَحْوُ ذَلِكَ أَيْضًا .
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ- وَكَانَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ- قَالَ كَانَ لَنَا جَارٌ مَنْ يَهُودَ فِي بَنِي عَبْدِالْأَشْهَلِ قَالَ: فَخَرَجَ عَلَيْنَا يَوْمًا مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى بَنِي عَبْدِالْأَشْهَلِ قَالَ سَلَمَةُ: وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَحْدَثُ مَنْ فِيهِ سِنًّا عَلَيَّ بُرْدَةٌ لِي مُضْطَجِعٌ فِيهَا بِفِنَاءِ أَهْلِي فَذَكَرَ الْقِيَامَةَ[(18)] وَالْبَعْثَ وَالْحِسَابَ وَالْمِيزَانَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ، قَالَ : فَقَالَ ذَلِكَ لِقَوْمٍ أَهْلِ شِرْكٍ أَصْحَابِ أَوْثَانٍ لَا يَرَوْنَ أَنَّ بَعْثًا كَائِنٌ بَعْدَ الْمَوْتِ فَقَالُوا لَهُ : وَيْحَكَ يَا فُلَانُ أَوَ تَرَى هَذَا كَائِنًا أَنَّ النَّاسَ يُبْعَثُونَ بَعْدَ مَوْتِهِمْ إِلَى دَارٍ فِيهَا جَنَّةٌ وَنَارٌ، يُجْزَوْنَ فِيهَا بِأَعْمَالِهِمْ؟
قَالَ : نَعَمْ وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ، وَيَوَدُّ أَنَّ لَهُ بِحَظِّهِ مِنْ تِلْكَ النَّارِ أَعْظَمَ تَنُّورٍ فِي الدَّارِ يَحْمُونَهُ ثُمَّ يُدْخِلُونَهُ إِيَّاهُ فَيُطَيِّنُونَهُ عَلَيْهِ، بِأَنْ يَنْجُوَ مِنْ تِلْكَ النَّارِ غَدًا
قَالُوا لَهُ : وَيْحَكَ يَا فُلَانُ فَمَا آيَةُ ذَلِكَ ؟
قَالَ : نَبِيٌّ مَبْعُوثٌ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْبِلَادِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى نَحْوِ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ
قَالُوا : وَمَتَى تُرَاهُ ؟
قَالَ : فَنَظَرَ إِلَيَّ وَأَنَا مِنْ أَحْدَثِهِمْ سِنًّا
فَقَالَ : إِنْ يَسْتَنْفِدَ هَذَا الْغُلَامُ عُمُرَهُ يُدْرِكْهُ
قَالَ سَلَمَةُ: فَوَاللَّهِ مَا ذَهَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَآمَنَّا بِهِ وَكَفَرَ بِهِ بَغْيًا، وَحَسَدًا
قَالَ : فَقُلْنَا لَهُ : وَيْحَكَ يَا فُلَانُ أَلَسْتَ بِالَّذِي قُلْتَ لَنَا فِيهِ مَا قُلْتَ ؟
قَالَ : بَلَى، وَلَكِنْ لَيْسَ بِهِ.
[رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَاكِمِ]. [(19)]
وَ




رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ : لَمْ يَكُنْ فِي بَنِي عَبْدِالْأَشْهَلِ إِلَّا يَهُودِيٌّ وَاحِدٌ يُقَالَ لَهُ : يُوشَعُ فَسَمِعْتُهُ
يَقُولُ : - وَإِنِّي لَغُلَامٌ فِي إِزَارٍ - قَدْ أَظَلَّكُمْ خُرُوجُ نَبِيٍّ يُبْعَثُ مِنْ نَحْوِ هَذَا الْبَيْتِ- ثُمَّ أَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ- فَمَنْ أَدْرَكَهُ فَلْيُصَدِّقْهُ. فَبُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمْنَا وَهُوَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا لَمْ يُسْلِمْ حَسَدًا وَبَغْيًا. وَ




قَدْ قَدَّمْنَا حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ فِي إِخْبَارِ يُوشَعَ هَذَا عَنْ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصِفَتِهِ وَنَعْتِهِ، وَإِخْبَارِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَاطَا عَنْ ظُهُورِ كَوْكَبِ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .







قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ
قَالَ لِي : هَلْ تَدْرِي عَمَّ كَانَ إِسْلَامُ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْيَةَ وَأُسَيْدِ بْنِ سَعْيَةَ وَأَسَدِ بْنِ عُبَيْدٍ، نَفَرٍ مِنْ بَنِي هَدْلٍ إِخْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ كَانُوا مَعَهُمْ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ، ثُمَّ كَانُوا سَادَتَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ ؟
قَالَ : قُلْتُ : لَا .
قَالَ : فَإِنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ يُقَالَ لَهُ : ابْنُ الْهَيِّبَانِ قَدِمَ عَلَيْنَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِسِنِينَ فَحَلَّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا لَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا قَطُّ لَا يُصَلِّي الْخَمْسَ أَفْضَلَ مِنْهُ فَأَقَامَ عِنْدَنَا فَكُنَّا إِذَا قَحَطَ عَنَّا الْمَطَرُ
قُلْنَا لَهُ : اخْرُجْ يَا ابْنَ الْهَيِّبَانِ فَاسْتَسْقِ لَنَا.
فَيَقُولُ : لَا وَاللَّهِ حَتَّى تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ مَخْرِجِكُمْ صَدَقَةً
فَنَقُولُ[(20)] لَهُ : كَمْ ؟
فَيَقُولُ : صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ مُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ
قَالَ : فَنُخْرِجُهَا،
ثُمَّ يَخْرُجُ بِنَا إِلَى ظَاهِرِ حَرَّتِنَا فَيَسْتَسْقِي لَنَا فَوَاللَّهِ مَا يَبْرَحُ مَجْلِسَهُ حَتَّى يَمُرَّ السَّحَابُ، وَنُسْقَى قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ وَلَا ثَلَاثٍ،
قَالَ : ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ عِنْدَنَا
فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ مَيِّتٌ
قَالَ : يَا مَعْشَرَ يَهُودَ مَاتَرَوْنَهُ أَخْرَجَنِي مِنْ أَرْضِ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ إِلَى أَرْضِ الْبُؤْسِ وَالْجُوعِ ؟
قَالَ : قُلْنَا : أَنْتَ أَعْلَمُ
قَالَ : فَإِنِّي إِنَّمَا قَدِمْتُ هَذِهِ الْبَلْدَةَ أَتَوَكَّفُ خُرُوجَ نَبِيٍّ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ، هَذِهِ الْبَلْدَةُ مُهَاجَرُهُ فَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ يُبْعَثَ فَأَتَّبِعَهُ وَقَدْ أَظَلَّكُمْ زَمَانُهُ فَلَا تُسْبَقْنَ إِلَيْهِ يَا مَعْشَرَ يَهُودَ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ بِسَفْكِ الدِّمَاءِ، وَسَبْيِ الذَّرَارِيِّ مِمَّنْ خَالَفَهُ فَلَا يَمْنَعَنَّكُمْ ذَلِكَ مِنْهُ ...... فَـــ




لَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَحَاصَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ
قَالَ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةُ - وَكَانُوا شَبَابًا أَحْدَاثًا - : يَا بَنِي قُرَيْظَةَ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الَّذِي عَهِدَ إِلَيْكُمْ فِيهِ ابْنُ الْهَيِّبَانِ!
قَالُوا : لَيْسَ بِهِ
قَالُوا : بَلَى وَاللَّهِ إِنَّهُ لَهُوَ بِصِفَتِهِ فَنَزَلُوا فَأَسْلَمُوا فَأَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ .





قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَهَذَا مَا بَلَغَنَا عَنْ أَخْبَارِ يَهُودَ[(21)]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
نال شرف قراءة النصوص ومراجعة المصادر وكتابة مقدمة المجلد الرابع من السيرة المحمدية العطرة : على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام :
د. محمدفخرالدين بن إبراهيم الرمادي
4 ربيع أول 1442 هـ ~ 21 أكتوبر 2020م.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
الهوامش تجدها في نهاية البحوث -عن شاء الله تعالى-
". *****
(الدكتور: مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِمِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ)









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 31 / 10 / 2020, 16 : 07 AM   المشاركة رقم: 345
المعلومات
الكاتب:
شريف حمدان
اللقب:
مدير عام الملتقى والمشرف العام
الرتبة
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية شريف حمدان

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
شريف حمدان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
جزاك الله خيرا









عرض البوم صور شريف حمدان   رد مع اقتباس
قديم 23 / 11 / 2020, 53 : 12 PM   المشاركة رقم: 346
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,359 [+]
بمعدل : 0.53 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 221
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
《... سِنُّ الْكَمَالِ ...》
٤. بحوث المجلد الرابع:

《...زَمَانُ آخِرِ نَبِيٍّ يُبْعَثُ..》-صلى الله عليه وآله وسلم-
فصل:

سنُهُ -عليه الصلاة والسلام- حين التبليغ [(22)]
ــــــــــــــــــ
مدخل:
السيرةُ المحمديّة هي المدخل الطبيعي لمعرفة صاحب الرسالة الأخيرة العصماء ؛ والسيرةُ في الأصل : الكتاب الكريم والسنة العطرة ؛ كما أن الأصل في المسلم أن يعرف جيداً - حقا وصدقا ؛ بما لا يدع مجالا للشك أو الريبة -: النبي الذي يتبعه ، والرسول الذي يسير على خطاه ويلتزم هديه ويتقيد بطريقته ، وإنك لا تعرف رسول الله الخاتم -عليه السلام- إلا إذا عرفت الكتاب -القرآن الكريم والذكر الحكيم- الذي أُنزل عليه وحياً من ربه وبلغنا من خالقنا دون تحريف أو تعديل ، فهو المصدر الأول من المنهاج الرباني ؛ والمصدر الأول في التشريع الإلهي، فهو يعطي الخطوط الأساسية الواضحة كطريقة خاصة في حياة الإنسان وطراز خاص من عيش المرء ؛ أينما كان وفي أي زمان وعلى أي حال ، فهذه هي المعرفة الأولى ، أما الثانية فهي معرفة سنته -صلى الله عليه وآله وسلم- إذ أن السنة النبوية؛ وهي المصدر الثاني من مصدري الوحي السماوي المُنزل بواسطة أمين السماء المَلَكِ جبريل -عليه السلام- على قلبِ أمينِ السماء والأرض محمد بن عبدالله؛ فهي المصدر الثاني من التشريع الرباني والمنهاج الإلهي ، فـالسنةُ النبويّة هي مجموع أقواله وأفعاله وصفاته وتقريراته ، وهي أيضا الخطوط الأساسية العريضة لمنهاج المسلم في الحياة .
والسيرة المحمدية تُمهد -وثائقياً- للإيمان بنبوته؛ فينعقد الإيمان في قلب من يؤمن به خاتما للأنبياء ويعتقد اعتقادا جازما برسالة آخر المبتعثين ويصدق تصديقا لا شك فيه بكل ما آتى به متمم المرسلين ؛ فيصير التعريف بالرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- مقدم على التعريف بالرسالة ، ولأن الإيمان بالرسول -عليه السلام- هو المقدمة الموطئة لتلقي هديه وسماع أمره وفهم طريقته ؛ وإذا لم يكن الأمر هكذا اضطرب الفهم وتعطل الإدراك فدخل الغريب في صلب عقيدةٍ الأصلُ فيها أن تكون بيضاء نقية لا لبس فيها ولا إيهام. ولا ابهام.. فالعقيدةُ لا تحتاج إلى كبير تأويل والإيمان لا يحتاج إلى عناء تفسير بل يجب أن تكون سهلة يدركها الجميع ويفهمها العامة قبل الخاصة صافية من الشوائب توافق الفطرة السوية البشرية وتتفق مع النزعة الأصلية الفطرية الآدمية فتقنع العقل تماما فيطمئن إليها القلب تصديقا وترتاح إليها النفس البشرية فتهدأ
[(23)] .

مَبْعَثُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا-



واختلفَ السَّلَفُ في سنِّ رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- حين نُبئ كم كانت ؟ .

فقال بعضهم: نُبئَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ما بنتْ قريش الكعبة بخمس سنين، وبعد ما تمت له من مولده أربعون سنة.
[(24)] .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا بَلَغَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرْبَعِينَ سَنَةً بَعَثَهُ اللَّهُ -تَعَالَى- رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ، وَكَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا[(25)] بجنة عرضها السموات والأرض اعدت للمتقين المؤمنين... وهاديا للطائعين الذين يبحثون عن العقيدة الصحيحة... ونذيرا للعاصين والمنافقين والكافرين الذين يخالفون أمره ويعارضون ما ثبت عقلا ونقلا.
وابن القيم يوافق ابن إسحاق فيقول:" فِي مَبْعَثِهِ
[(26)] -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :" بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ[(27)] وَهِيَ سِنُّ الْكَمَالِ (!).
بيد أنه تم اعتماد هذه السن دون تأكيد لمصدرها فــ قِيلَ : وَلَهَا تُبْعَثُ الرُّسُلُ[(28)] .

قول العلماء :
لكن أثبت محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه
[(29)] :" عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ : « أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ „أَرْبَعِينَ”» ...
فـ التقط خيط الصحة للحديث وأحسن لضمه فقال العسقلاني في شرحه على البخاري :" وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ".
[(30)] .
ثم ذكر :" فِي صِفَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثُ أَنَسٍ بن مالك «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُعِثَ عَلَى رَأْسِ „أَرْبَعِينَ”» ؛ كما ذكر الترمذي[(31)] .
حديث البخاري عن ابن عباس:" في سننه :" عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَمِعَ أنَسًا يَقُولُ ﴿... بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ „أَرْبَعِينَ” سَنَةً ﴾...
وقال أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ؛ ورواه مسلم في صحيحه ؛ باب المناقب فنصه :" بَعَثَهُ اللَّهُ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً "
[(32)] .
فهذا ما قال به عبدالله بن عباس ؛ وأنس بن مالك وعُروة بن الزُّبَير.

وهناك عند الطبري يوجد حديث موضوع أعرضتُ عنه فلم اذكره.
[(34)] .
وشرحَ صاحب الأحوذي في :" ( بَابِ مَا جَاءَ فِي مَبْعَثِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَابْنُ كَمْ كَانَ حِينَ بُعِثَ )... ففصَّل فقال:" الْمَبْعَثُ : مِنَ الْبَعْثِ ، وَأَصْلُهُ الْإِثَارَةُ وَيُطْلَقُ عَلَى التَّوْجِيهِ فِي أَمْرٍ مَا رِسَالَةً ، أَوْ حَاجَةً "...
ثم يأتي بمثالٍ فيقول :" وَمِنْهُ بَعَثْتُ الْبَعِيرَ إِذَا أَثَرْتُهُ مِنْ مَكَانِهِ " ؛ ويكمل بمثال ثان:" وَبَعَثْتُ الْعَسْكَرَ إِذَا وَجَّهْتُهُمْ لِلْقِتَالِ " ، ويزيد المسألة وضوحاً وتبياناً فيقول :" وَبَعَثْتُ النَّائِمَ مِنْ نَوْمِهِ إِذَا أَيْقَظْتُهُ " ، ويختم صاحب الأحوذي مقالته :" وَالْمُرَادُ هُنَا الْإِرْسَالُ ".
[(35)] .
ثم يؤكد صاحب الأحوذي وينهي البحث ؛ فيقول:" وَقَدْ أَطْبَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ حِيْنَ بُعِثَ ابْنَ „أَرْبَعِينَ” سَنَةً" .
ويوضح قَوْلَهُ : ( أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ) أَيِ : الْوَحْيُ ؛ ( وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ ) أَيْ : سَنَةً ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ وَحْيِ الْيَقَظَةِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ
[(36)].
وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَقَامَ بِمَكَّةَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا -يعني صاحب الأحوذي- أَنَّهُ بُعِثَ عَلَى رَأْسِ أَرْبَعِينَ سَنَةً هُوَ الصَّوَابُ الْمَشْهُورُ الَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ[(37)] ...
ولإكمال البحث مع التحقيق والتدقيق...
قَالَ آخَرُونَ: بَلْ نُبِّئَ حِينَ نُبِّئَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاثٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً.
[(38)]
وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ رِوَايَةً شَاذَّةً أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بُعِثَ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً .
وَالصَّوَابُ أَرْبَعُونَ سَنَة كَمَا سَبَقَ ، وهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ؛ وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ
[(39)] .
وأنهي -بعد تفضله سبحانه وتعالى عليَّ وكرمه- هذا الفصل من المجلد الرابع بما ذهب إليه العسقلاني حين يقول في الفتح :" فَعَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ أَنَّ مَوْلِدَهُ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ يَكُونُ حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ ابْنَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ ".[(40)]
ويوجد استدرك عند ابن القيم الجوزية لهذا السن مقارنة بالسيد المسيح ابن مريم العذراء الزهراء البتول فيقول:" وَأَمَّا مَا يُذْكَرُ عَنِ الْمَسِيحِ أَنَّهُ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ وَلَهُ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ[(41)] سَنَةً فَهَذَا لَا يُعْرَفُ لَهُ أَثَرٌ مُتَّصِلٌ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ . "...
فتوقفتُ عن البحث إذ ليس وراء التحديد فائدة شرعية ترتجى!..
تنبيه :
تتداول بعض العامة -جهلاً- مقولة أن المرء يفعل ما يشاء إلى أن يصل إلى سن الأربعين... ثم بعدها يتوب ويقلع عن ما اقترفه ؛ وهذه لا أصل لها معلوم في دين أو رأي ينسب إلى عالِم راسخ في العلم؛ فسن التكليف هو سن بلوغ الذكر مبلغ الرجال ؛ وسن التكليف للإناث إذا وصلن إلى مبلغ النساء. والإعتماد على قوله تعالى حين نطق القرآن الكريم بالقول :" {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ} وَ" الشاهد :{ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً}..{ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِين}
[(42)] لا دليل عليه .
كَانَ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- قَدْ أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَى كُلِّ نَبِيٍّ بَعَثَهُ قَبْلَهُ -صلوات الله وسلامه وتبريكاته عليهم أجمعين- بِالْإِيمَانِ بِهِ ، وَالتَّصْدِيقِ لَهُ ، وَالنَّصْرِ لَهُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ ، وَأَخَذَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤَدُّوا ذَلِكَ إلَى كُلِّ مَنْ آمَنْ بِهِمْ وَصَدَّقَهُمْ ، فَأَدَّوْا مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْحَقِّ فِيهِ
[(43)] .
يَقُولُ اللَّهُ -تَعَالَى- لِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ- ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّـهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ﴾ [ أَيْ ثِقَلَ مَا حَمَّلْتُكُمْ مِنْ عَهْدِي ] ... ﴿ قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ﴾[(44)] ... فَأَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ جَمِيعًا بِالتَّصْدِيقِ لَهُ ، وَالنَّصْرِ لَهُ مِمَّنْ خَالَفَهُ ، وَأَدَّوْا ذَلِكَ إلَى مَنْ آمَنْ بِهِمْ وَصَدَّقَهُمْ مِنْ أَهْلِ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ[(45)]









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 23 / 11 / 2020, 11 : 01 PM   المشاركة رقم: 347
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,359 [+]
بمعدل : 0.53 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 221
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
《 يوم „ مبعثه ‟ 》
بحوث الفصل الرابع:

《...زَمَانِ آخِرِ نَبِيٍّ يُبْعَثُ..》-صلى الله عليه وآله وسلم-
فصل:
يوم بعثته
تمهيد :
أركان الإسلام أو أعمدته التي يبنىٰ عليها كيان الدين الحنيف يجب أن تكون قطعية الثبوت ؛ ويجب -أيضا- أن تكون قطعية الدلالة ؛ فيجب أن تثبت هذه الأركان عند تلقيها والحديث عنها بطريق لا يتطرق إليه إرتياب أو شك ؛ وهذا ما سماه السادة العلماء قطعية الثبوت ؛ أي أنه وحي من قِبل الحاكم... أي صاحب الآمر ... ومالك النهي -سبحانه وتعالى- وتم التبليغ لكافة البشر -العامة من الناس قَبل أهل التخصص وأصحاب العلم الراسخ- بطريقة لا يتطرق إليه الشك أو الإرتياب ؛ إذ هي -أركان الإسلام ؛ وعقائده- الأساس الذي سيبنىٰ عليه الأحكام الشرعية العملية التفصيلية اليومية المتعلقة بالحياة الدنيا ، والتي قد لا يدرك كنهها العقل البشري المحدود والقاصر ولكن قد يسعىٰ العالِم لشرح حكمتها واستنباط دلالتها ، وتلك الأحكام المتعلقة بالحياة الآخرة ، بجانب القَصص القرآني ؛ فجميع قضايا الإيمان وكل مسائل العقيدة يجب أن تكون قطعية الثبوت... كما يجب أن تكون كل قضية بمفردها أو مسألة بعينها قطعية الدلالة... بمعنى أنها تدل علىٰ معنىٰ واحد لا يتعداه إلىٰ آخر ولا يصح أن يفهم أمر آخر ؛ أو أمر ثان... فيحدث التباس في الذهن أو تشويش في الفهم ؛ أو تداخل بين فهمين في قضية واحدة فتضيع عقيدة أو يهتز إيمان...
لذا فــ قضايا العقيدة أو موضوعات الإيمان يجب أن تكون قطعية الثبوت وقطعية الدلالة.
أما مسائل الأحكام الشرعية العملية اليومية التفصيلية للمسلم فيكفي فيها غلبة الظن ؛ أو ما يطلق عليه العلماء شبهة دليل ؛ فــ كثير من النصوص الشرعية -سواء آيات من الذكر الحكيم أو أحاديث نبوية- قد تحتمل آكثر من معنى-كــ آية :"أو لامستم (وفي قراءة :"لمستم") النساء"- وهنا يأتي صاحب العلم الراسخ في العلوم اللُغوية والعلوم الشرعية ليستنبط حكما شرعيا في المسألة المبحوثة... ويذهب إلى ما لم يذهب إليه العالِم الآخر الراسخ في العلوم الشرعية واللُغوية... والممارس لتبيين الأحكام الشرعية العملية يجد فناً فقهيا تحت مسمىٰ "الفقه المقارن" ، كما نجد بحوث "آيات الأحكام" وبحوث "أحاديث الأحكام" ؛ فالواقع الفقهي يُظهر بوضوح وجود مذاهب... مثل مذهب النعمان بن ثابت -أبي حنيفة- ؛ ومذهب مالك بن أنس ؛ ومذهب محمد بن إدريس الشافعي ؛ ومذهب أحمد بن حنبل... وعلماء كثر -رحمهم الله تعالى جميعاً-... فهم بحثوا في المسائل الفقهية العملية .
إذاً هناك مسألتان لكل منهما أدلتها... فــ
أولاً : مسائل العقيدة وقضايا الإيمان... وهذه أدلتها قطعية الثبوت قطعية الدلالة... و
ثانياً : مسائل الأحكام الشرعية العملية اليومية التفصيلية في حياة المسلم...
**
عزيزيــ(ــتي) القارئــ(ـة) !
مازلتُ أبحث مقدمات النبوة الخاتمة لرسالة السماء الآخيرة... والحديث مازال متصل عن ارهاصات نبوة خاتم المرسلين وآخر المبتعثين وإمام الأنبياء والمتقين محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب صلى الله عليه وآله وسلم.
والثابت بعثة الرسول محمد... سواء جاء الإخبار عنها علىٰ لسان السادة الأنبياء ؛ مثل :
- دعاء أبي الأنبياء الخليل إبراهيم وابنه -الذبيح ابن هاجر المصرية- النبي إسماعيل أو
- بشارة ابن العذراء البتول الزهراء مريم بنت عمران -المعجزة في الخلق والتكوين والإيجاد والتصوير: عيسى ابن مريم- ؛ أو من خلال بشارات :
- الكتب السماوية السابقة أو كما ذكرتُ من بعض
- الكتب الدينية عند بعض الأقوام...
و
الثابت -أيضا- أنه -صلى الله عليه وآله وسلم- بُعث بكتاب سماوي (كلام الله تعالىٰ) تحدىٰ به الإنس والجن أن يأتوا بمثله ، فما استطاعوا ومازال التحدي قائم حتىٰ يرث الله -تعالى- الأرض ومن عليها... و
الثابت أنه -عليه السلام- أوتي القرآن ومثله معه ؛ فصار المسلم لديه بين يديه قرآنا يتلىٰ وهو منهاج حياة ؛ وطريقة معينة في العيش بغض النظر عن مكان الإنسان وزمانه وأيضا لديه سنة -طريقة- نبوية عطره وهي سلوك عملي وكيفية معينة في الحياة... وهما -القرآن الحكيم والسنة النبوية المحمدية- مصدرا التشريع لحياة المسلم ومصدرا المنهجية الحياتية...
**
والحديث عن بحوث《...زَمَانِ آخِرِ نَبِيٍّ يُبْعَثُ..》-صلى الله عليه وآله وسلم- وبعض المسائل ؛ مثل:《...الدين الذي كان عليه قبل الرسالة..》و《...بدء الوحي..》و《...سنه عند التبليغ..》و《...يوم بعثته..》تجد فيها أقوال متقاربة وليست متعارضة ؛ وهذا يحتاج مني- بحسن معونته سبحانه وتعالى وتمام توفيقه وكامله – أن أفرد في نهاية البحوث فصول حول الشبهات التي اثارها البعض ؛ إما طعناً في الدين وبعض إحكامه -ومازالت تتردد على ألسنة النقلة وأقلام الجهلة- أو طعنا بمن أرسل به للعالمين بشيرا وهاديا ونذيراً ، ويكفي الرد على تلك الخزعبلات والأوهام قوله تعالىٰ علوا كبيرا حين نطق القرآن يقول :" . أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا
[(48)] "... والمعنىٰ صريح في كل النصوص القرآنية والآيات الرحمانية ؛ فيتبقىٰ أحاديث المصطفىٰ وأقوال المجتبىٰ المحتبىٰ المرتضىٰ فنطق القرآن قائلاً وإننا نسمع تمام الآيات تقول : ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَىٰ * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَىٰ * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ * فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ * لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ ﴾ [(49)].
بيد أنه توجد بعض تفصيلات... كما جاء في حديث عند مسلم في صحيحه : " وَ... عَنْ عَمَّارٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ « كَمْ أَتَى لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ مَاتَ ». فَـ
قَالَ « مَا كُنْتُ أَحْسِبُ مِثْلَكَ مِنْ قَوْمِهِ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَاكَ
».[(50)]
والشاهد من الحديث في بعض الأمور الفرعية والنقاط التفصيلية القول :
قَالَ قُلْتُ « إِنِّي قَدْ سَأَلْتُ النَّاسَ فَــ :„ اخْتَلَفُوا ‟ عَلَيَّ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَعْلَمَ قَوْلَكَ فِيهِ »
[(51)] .
**
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ قَالَ : « إِنَّ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي وُلِدْتُ فِيهِ »
والشاهد من الحديث: « وَأُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ »
[(52)].
وبوَّب ابن خزيمة في صحيحه : كتاب الصوم؛ جماع أبواب صوم التطوع؛ بَابُ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ إِذِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وُلِدَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ ، وَفِيهِ أُوحِيَ إِلَيْهِ ، وَفِيهِ مَاتَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " [(53)]. فجعل يوم المولد مثل يوم أوحي إليه فيه واليوم الذي مات فيه صلوات الله تعالى عليه وسلاماته وبركاته وتنعيماته.
والحديث مروي مرة عن عمر-رضي الله عنه ومرة عن رجل دون ذكر اسمه :
" عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْبَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ ، فَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، صَوْمُ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ؟ قَالَ : « يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ ، وَيَوْمٌ أَمُوتُ فِيهِ
» [(54)] هَذَا حَدِيثُ قَتَادَةَ.
وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُذْكَرْ عُمَرَ ، وَقَالَ : « فِيهِ وُلِدْتُ ، وَفِيهِ أُوحِيَ إِلَيَّ »
[(55)].
وذكر ابن كثير في البداية :" وَقَدْ كَانَ نُزُولُ صَدْرِ هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ ، وَهِيَ : ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ وَهِيَ أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ كَمَا قَرَّرْنَا [ابن كثير في البداية] ذَلِكَ فِي " التَّفْسِيرِ " ، وَكَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ، كَمَا ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ" عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ، فَقَالَ : « ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ » .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " وُلِدَ نَبِيُّكُمْ مُحَمَّدٌ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَنُبِّئَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ".
[(56)] وَهَكَذَا قَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، أُوحِيَ إِلَيْهِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَهُمْ .[(57)].
ثُمَّ قِيلَ :
كَانَ ذَلِكَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ أَنَّهُ وُلِدَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي الثَّانِي عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، وَفِيهِ بُعِثَ ، وَفِيهِ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ . وَ
الْمَشْهُورُ [ كما قال صاحب البداية] :" أَنَّهُ بُعِثَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمَا
[(58)].
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ مُسْتَدِلًّا عَلَى ذَلِكَ بِمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ ﴾ [(59)] فَقِيلَ : فِي ثَانِي عَشْرِهِ . وَ
رَوَى الْوَاقِدِيُّ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ ابْتِدَاءُ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ، لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ
. [(60)]
وَقِيلَ : فِي الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ .
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لَسْتٍ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَ الْقُرْآنُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ . وَ
رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي " تَفْسِيرِهِ " عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ ، وَلِهَذَا ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ إِلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ
[(61)]
قَالَ [(62)]: قَوْلُ الْبُخَارِيِّ هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَكَانَ النُّزُولُ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَ
قِيلَ: لِتِسْعٍ، وَ
قِيلَ: لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً فِيمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَ
عَنْ أَبِي قِلَابَةَ: نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ لِثَمَانِ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ،
وَ
عِنْدَ الْمَسْعُودِيِّ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَ
عِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ: ابْتِدَاءُ التَّنْزِيلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ رَمَضَانَ وَعُمْرُهُ أَرْبَعُونَ سَنَةً وَعِشْرُونَ يَوْمًا، وَهُوَ تَاسِعُ شُبَاطَ لِسَبْعِ مِائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ عَامًا مِنْ سِنِي ذِي الْقَرْنَيْنِ،
ونقرأ :" فجاء أمينُ الوحي الرسولَ -صلى الله عليه وآله وسلم- لأول مرة في يوم الإثنين ؛ الحادي والعشرين [٢١] من شهر رمضان من العام الأربعين لميلاده بينما كان يتحنث بغار حراء ".
واختلف العلماء في تحديد تاريخ ذلك اليوم ، ورحج المباركفوري في الرحيق أنه اليوم الحادي والعشرون ... وهو ما لم يقل به غيره ؛ حسب علمي المحدود."[(
63)] وَ
قَالَ ابْنُ عَبْدِالْبَرِّ : يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ مِنَ الْفِيلِ، وَ
قِيلَ: فِي أَوَّلِ رَبِيعٍ، وَ
فِي (تَارِيخِ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ الْفَسَوِيِّ): عَلَى رَأْسِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ بُنْيَانِ الْكَعْبَةِ، وَ
عَنْ مَكْحُولٍ: أُوحِيَ إِلَيْهِ بَعْدَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَ
قَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، وَالدُّولَابِيُّ فِي (تَارِيخِهِ): نَزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً لِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَجَبٍ، قَالَهُ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، وَ
عِنْدَ الْحَاكِمِ مُصَحَّحًا: إِنَّ إِسْرَافِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وُكِّلَ بِهِ أَوَّلًا ثَلَاثَ سِنِينَ قَبْلَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْوَاقِدِيُّ وَقَالَ: أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا يُنْكِرُونَ أَنْ يَكُونَ وُكِّلَ بِهِ غَيْرُ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَزَعَمَ السُّهَيْلِيُّ أَنَّ إِسْرَافِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وُكِّلَ بِهِ تَدَرُّبًا وَتَدْرِيجًا لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَمَا كَانَ أَوَّلَ نُبُوَّتِهِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ.
[(64)]
والأمانةُ العلمية الزمتني عرض ما قيل!!.. أما



* . ] خلاصة البحث:

فـ أعتمد أن أولَ ما بدء به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ؛ فعلى رأس الأربعين
[(65)] في اليوم الموفي الثاني عشر من ربيع الأول يوم الإثنين [(66)] بينما هو نائم إذ اتاه جبريل بنمط من ديباج مكتوب فيه { اقرأ باسم ربك الذي خلق } إلى قوله {ما لم يعلم} .
ونكمل هذه المسألة في فصل مستقل تحت عنوان:" أول ما نزل من القرآن الكريم علىٰ قلب النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.

(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
٤. ] بحوث المجلد الرابع: 《...زَمَانُ آخِرِ نَبِيٍّ يُبْعَثُ..》-صلى الله عليه وآله وسلم-
مقدمة الرسالة المحمَّدية وارهاصات البعثة الأحمَّدية.
تشرف بمراجعة وقراءة وكتابة هذا الفصل من المجلد الرابع :
د. مُحَمَّدٌ الرَّمَادِيُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 09 / 12 / 2020, 30 : 08 PM   المشاركة رقم: 348
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,359 [+]
بمعدل : 0.53 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 221
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
أَوَّلِ « مَا نَزَلَ عَلَيْه »
-صلى الله عليه وسلم-





تمهيدٌ لـــ معرفة أول ما نزل...

التعبير عن تلقي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للقرآن بنزوله عليه.. يشعر بقوة يلمسها المرء في تصور كل هبوط من أعلىٰ . ذٰلك لعلو منزلة القرآن وعظمة تعاليمه التي حولت مجرىٰ حياة البشرية وأحدثت فيها تغيرا ربط السماء بالأرض ، ووصل الدنيا بالآخرة ، ومعرفة تاريخ التشريع الإسلامي من مصدره الأول والأصيل -وهو القرآن الكريم.. الذكر الحكيم- تعطي الدارس صورة عن الانتقال [وليس التدرج؛ كما يقرأ في أدبيات بعضهم(!)] في الأحكام ومناسبة كل حكم للحالة التي نزل فيها دون تعارض بين السابق واللاحق ، وقد تناول هذا أول ما نزل من القرآن على الإطلاق وآخر ما نزل على الإطلاق ، كما تناول أول ما نزل وآخر ما نزل في كل تشريع من تعاليم الإسلام ، كالأطعمة ، والأشربة ، والقتال... ونحو ذلك . وللعلماء في أول ما نزل من القرآن على الإطلاق ، وآخر ما نزل كذلك أقوال ...". [(67)]
ومبحث :" نزول القرآن:" مهم في علوم القرآن بل هو أهم مباحثه جميعاً لأن العلم بنزول القرآن أساس للإيمان بالقرآن وأنه كلام الله وأساس للتصديق بنبوة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأن الإسلامَ حقٌ ثم هو أصل لسائر المباحث في علوم القرآن.. فلا جرم أن يتصدرها جمعاء ليكون مِن تقريره وتحقيقه سبيل إلىٰ تقريرها وتحقيقها.. وإلا فكيف يقوم البناء علىٰ غير أساس ودعائم ولأجل الإحاطة بهذا المطلب العزيز يجب الــ -تكلم- إن شاء الله علىٰ معنىٰ نزول القرآن ثم علىٰ مرات هذا النزول ودليل كل نزول وكيفيته وحكمته ثم علىٰ الوحي وأدلته العقلية والعلمية مع دفع الشبهات الواردة في ذلك المقام"...
... هذا ما خطه بيمينه الشيخ الأستاذ المعلم محمد عبدالعظيم الزُرقاني في عام 1943م...
و
قلتُ (الرمادي) :وهذه البحوث -على أهميتها- ستخرجنا إلىٰ بحوث علوم القرآن ؛ الحديث هنا عن فرع واحد فقط منها لذا أحيلُ القارئ -تفضلا وتكرماً- إلىٰ مصادر هامة -لمن أراد المزيد- إلىٰ ما كتبه الزركشي أو السيوطي.
-*-*-
مبحث فِي مَبْعَثِهِ[(68)] -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ - وَأَوَّلِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ:
بَعَثَهُ اللَّهُ -سبحانه في علاه وعلا في سماه وتقدست اسماه- عَلَىٰ رَأْسِ أَرْبَعِينَ[(69)]وَهِيَ سِنُّ الْكَمَالِ(!) . وَ
أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ أَمْرِ النُّبُوَّةِ :" الرُّؤْيَا " ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ. [(70)]



قِيلَ : وَكَانَ ذَلِكَ سِتَّةَ[(71)] أَشْهُرٍ ، وَمُدَّةُ النُّبُوَّةِ[(72)] ثَلَاثٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً[(73)]، فَهَذِهِ الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقلت (الرمادي) هذه المسألة تحتاج إلى إعادة نظر وبحث!!.



ثُمَّ
أَكْرَمَهُ اللَّهُ -تَعَالَى- بِالنُّبُوَّةِ ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ وَهُوَ بِغَارِ حِرَاءٍ، وَكَانَ يُحِبُّ الْخَلْوَةَ فِيهِ...
وأتوقف قليلاً لإثبات حال يحتاج إلىٰ إلقاء اضواء عليه :
١ .] الحال الأول :" قَدْ كَانَ نَبِيُّنَا- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ يَرَى ضَوْءًا وَيَسْمَعُ صَوْتًا ، وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ الْحَجَرُ وَالشَّجَرُ وَتُنَادِيهِ بِالنُّبُوَّةِ ، وَهَذِهِ أُمُورٌ ابْتُدِئَ بِهَا تَدْرِيجِيًّا لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْكَرَامَةِ وَالنُّبُوَّةِ ، وَاسْتِلْطَافًا لَهُ ؛ لِئَلَّا يَفْجَأَهُ صَرِيحُ الْوَحْيِ ،وَيَبْغَتَهُ الْمَلَكُ ، فَلَا تَحْتَمِلُ ذَلِكَ قُوَّتُهُ الْبَشَرِيَّةُ ."[(74)]
٢ . ] الحال الثاني :" السُّوَرُ الْمَكِّيَّةُ أَكْثَرُ إِيجَازًا ؛ لِأَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِهَا هُمْ أَبْلَغُ الْعَرَبِ وَأَفْصَحُهُمْ ، وَعَلَىٰ الْإِيجَازِ مَدَارُ الْبَلَاغَةِ عِنْدَهُمْ ، ثُمَّ إِنَّ مُعْظَمَهَا تَنْبِيهَاتٌ وَزَوَاجِرُ وَبَيَانٌ لِأُصُولِ الدِّينِ بِالْإِجْمَالِ .
٢ . ١. ] أُسْلُوبُ السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ: إِنَّ أَكْثَرَ السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ - لَا سِيَّمَا - الْمُنَزَّلَةُ فِي أَوَائِلِ الْبِعْثَةِ قَوَارِعُ تَصُخُّ الْجَنَانَ ، وَتَصْدَعُ الْوِجْدَانَ ، وَتُفْزِعُ الْقُلُوبَ إِلَىٰ اسْتِشْعَارِ الْخَوْفِ ،وَتَدُعُّ الْعُقُولَ إِلَىٰ إِطَالَةِ الْفِكْرِ فِي الْخَطْبَيْنِ الْغَائِبِ وَالْعَتِيدِ ، وَالْخَطَرَيْنِ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ ، وَهُمَا عَذَابُ الدُّنْيَا بِالْإِبَادَةِ وَالِاسْتِئْصَالِ ، أَوِ الْفَتْحُ الذَّاهِبُ بِالِاسْتِقْلَالِ ، وَعَذَابُ الْآخِرَةِ وَهُوَ أَشَدُّ وَأَقْوَىٰ ، وَأَنْكَىٰ وَأَخْزَىٰ - بِكُلٍّ مِنْ هَذَا وَذَاكَ أَنْذَرَتِ السُّوَرُ الْمَكِّيَّةُ أُولَئِكَ الْمُخَاطَبِينَ إِذْ أَصَرُّوا عَلَىٰ شِرْكِهِمْ ، وَلَمْ يَرْجِعُوا بِدَعْوَةِ الْإِسْلَامِ عَنْ ضَلَالِهِمْ وَإِفْكِهِمْ ، وَيَأْخُذُوا بِتِلْكَ الْأُصُولِ الْمُجْمَلَةِ ، الَّتِي هِيَ الْحَنِيفِيَّةُ السَّمْحَةُ السَّهْلَةُ، وَلَيْسَتْ بِالشَّيْءِ الَّذِي يُنْكِرُهُ الْعَقْلُ ، أَوْ يَسْتَثْقِلُهُ الطَّبْعُ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ تَقْلِيدُ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ ، يَصْرِفُ النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ الْهُدَى وَالرَّشَادِ . رَاجِعْ تِلْكَ السُّوَرَ الْعَزِيزَةَ ، وَلَا سِيَّمَا قِصَارُ الْمُفَصَّلِ مِنْهَا كَـ
( الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) ، وَ
( الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ ) ، وَ
( إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ) ، وَ
( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ) ، وَ
( إِذَا السَّمَاءُانْفَطَرَتْ ) ، وَ ( إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ) ، وَ
( إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ) ،
( وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا) ، ( وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا ) ، ( وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا ) .[(75)]
تِلْكَ السُّوَرُ الَّتِي كَانَتْ بِنَذْرِهَا ، وَفَهْمِ الْقَوْمِ لِبَلَاغَتِهَا وَعِبَرِهَا ، وَتَفَزُّعِهِمْ مِنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ، حَتَّىٰ يَفِرُّوا مِنَ الدَّاعِي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَكَانٍ إِلَىٰ مَكَانٍ ( كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ)[(76)]- ( أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَايُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ )[(77)] ثُمَّ إِلَىٰ السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ الطِّوَالِ ، فَلَا نَجِدُهَا تَخْرُجُ فِي الْأَوَامِرِوَالنَّوَاهِي عَنْ حَدِّ الْإِجْمَالِ ، كَقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ - : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) [(78)] ، وَقَوْلِهِ بَعْدَ إِبَاحَةِ الزِّينَةِ وَإِنْكَارِ تَحْرِيمِ الطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَىٰ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) "[(79)]
... فَأَوَّلُ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) [(80)] هَذَا قَوْلُ -أم المؤمنين ؛ زوج النبي؛ بنت أبي بكر الصديق- عائشة[(81)] وَالْجُمْهُورِ[(82)] .
وَهَذَا أَوَّلُ مُصْحَفِ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- جَعَلَ فِي أَوَّلِهِ : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ).[(83)]
بيد أنه قَدْ جَاءَ مَا يُعَارِضُ هَذَا ، فَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ جَابِرٍ -بن عبدالله- : أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ... ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ )[(84)]
وَ
الصَّحِيحُ قَوْلُ عائشة لِوُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ قَوْلَهُ :مَا أَنَا بِقَارِئٍ ، صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَقْرَأْ قَبْلَ ذَلِكَ شَيْئًا .
الثَّانِي : الْأَمْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي التَّرْتِيبِ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْإِنْذَارِ ، فَإِنَّهُ إِذَا قَرَأَ فِي نَفْسِهِ أُنْذِرَ بِمَا قَرَأَهُ ، فَأَمَرَهُ بِالْقِرَاءَةِ أَوَّلًا ، ثُمَّ بِالْإِنْذَارِ بِمَا قَرَأَهُ ثَانِيًا[(85)].
الثَّالِثُ : أَنَّ حَدِيثَ جابر[(86)]، وَقَوْلَهُ : أَوَّلُ مَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ)[(87)]-هذا- قَوْلُ جابر[(88)] ، وعائشة أَخْبَرَتْ عَنْ خَبَرِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ نَفْسِهِ بِذَلِكَ[(89)]
الرَّابِعُ : أَنَّ حَدِيثَ جابر الَّذِي احْتَجَّ بِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ نُزُولُ الْمَلَكِ عَلَيْهِ أَوَّلًا قَبْلَ نُزُولِ ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ )[(90)] فَإِنَّهُ قَالَ :فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ ، فَرَجَعْتُ إِلَىٰ أَهْلِي فَقُلْتُ : " زَمِّلُونِي... دَثِّرُونِي " ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ الْمَلَكَ الَّذِي جَاءَهُ بِحِرَاءٍ أَنْزَلَ عَلَيْهِ ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) فَدَلَّ حَدِيثُ جابر عَلَىٰ تَأَخُّرِ نُزُولِ ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) وَالْحُجَّةُ فِي رِوَايَتِهِ لَا فِي رَأْيِهِ[(91)] ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ".
و
نتمم البحث بما :"ذَكَرَه الْحَافِظُ السَّيُوطِيُّ فِي الْإِتْقَانِ... إذ ذَكَرَ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ فِي أَوَّلِ مَا أُنْزِلَ:
أَحَدُهَا : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ( 96 ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.
ثَانِيهَا: ( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ( 74 ) رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ.
وَجَمَعُوا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ أَوَّلُ مَا نَزَلَ عَلَىٰ الْإِطْلَاقِ ،وَهُوَ صَدْرُ سُورَةِ اقْرَأْ . وَالثَّانِي أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بِتَمَامِهَا ،
أَوِ
الثَّانِي أَوَّلُ مَا نَزَلَ بَعْدَ فَتْرَةِ الْوَحْيِ آمِرًا بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ . وَقِيلَ فِي الْجَمْعِ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا فِي" الْإِتْقَانِ".
ثَالِثُهَا : سُورَةُالْفَاتِحَةِ ، قَالَ فِي الْكَشَّافِ : ذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ إِلَىٰ أَنَّ أَوَّلَ سُورَةٍ نَزَلَتْ ( اقْرَأْ ) وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَىٰ أَنَّ أَوَّلَ سُورَةٍ نَزَلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ ( قَالَ السُّيُوطِيُّ ) : وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ هُوَ الْأَوَّلُ . وَأَمَّا الَّذِي نَسَبَهُ إِلَىٰ الْأَكْثَرِ فَلَمْ يَقُلْ بِهِ إِلَّا عَدَدٌ أَقَلُّ مِنَ الْقَلِيلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَىٰ مَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ . وَحُجَّتُهُ مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الدَّلَائِلِ " وَالْوَاحِدِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِخَدِيجَةَ:" إِنِّي إِذَا خَلَوْتُ وَحْدِي سَمِعْتُ نِدَاءً ، فَقَدْ وَاللَّهِ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَمْرًا " .
فَقَالَتْ : " مَعَاذَ اللَّهِ ، مَا كَانَ اللَّهُ لِيَفْعَلَ بِكَ ، فَوَاللَّهِ إِنَّكَ لَتُؤَدِّي الْأَمَانَةَ ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ" - ...
وَ
فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَخْبَرَ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ بِذَلِكَ ، وَأَنَّ وَرَقَةً أَشَارَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَثْبُتَ وَيَسْمَعَ النِّدَاءَ ، وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا خَلَا نَادَاهُ - أَيِ الْمَلَكُ - " يَا مُحَمَّدُ قُلْ : ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)- حَتَّى بَلَغَ - ( وَلَا الضَّالِّينَ ) ... قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي الْحَدِيثِ : " هَذَا مُرْسَلٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ ، وَنَقَلَ عَنِ الْبَيْهَقِيِّ احْتِمَالَ أَنَّ هَذَا بَعْدَ نُزُولِ صَدْرِ ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ).



هَذَا - وَأَمَّا الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ -محمد عبده- فَقَدْ رَجَّحَ أَنَّهَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ عَلَىٰ الْإِطْلَاقِ ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ قَوْلَهُ تَعَالَى : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ )... واستدرك صاحب المنار بالقول :" وَنَزَعَ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَىٰ ذَلِكَ مَنْزَعًا غَرِيبًا فِي حِكْمَةِ الْقُرْآنِ وَفِقْهِ الدِّينِ فَقَالَ مَا مِثَالُهُ ... ".[(92)]
وقد بحثتُ المسألة هذه في فصل:" مرحلة النبوة ".[علىٰ صفحات موقع :" أهل العلم " فالرجاء مع الشكر مراجعته]. فالرجاء يراجع في موضعه.. والحمد لله رب العالمين!. "
-*-*-
ثم
وجدتُ مَن حاول -يائسا- أن يطعن في المسألة؛ ويبخر حولها ؛ لذا رايتُ -ومِن الله تعالىٰ ذكره- التوفيق والصلاح أن أجعل هذه المسألة ضمن شبهات حول القرآن العظيم والذكر الحكيم ؛ وهو ملحق في نهاية البحوث... فاللهم نرجو منك في علاك التوفيق والهداية.
-*-*-
وثبت في صحيح الإمامين البخاري ومسلم “ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْوَحْيِ : الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ . ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ ، فَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ يَتَحَنَّثُ فِيهِ -وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ أُولَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا ...حَتَّى فَجِئَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ ،فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ : اقْرَأْ ، قَالَ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ . قَالَ :فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي ،فَقَالَ : اقْرَأْ . فَقُلْتُ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ . قَالَ : فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي ،فَقَالَ : اقْرَأْ ، فَقُلْتُ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ . قَالَ : فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي ، فَقَالَ : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [(93)] . فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ ، فَقَالَ : زَمِّلُونِي ، زَمِّلُونِي . فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ ، ثُمَّ قَالَ لِخَدِيجَةَ : أَيْ خَدِيجَةُ ! مَا لِي ؟ .. وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ ، فَقَالَ :لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ : كَلَّا ! أَبْشِرْ ، فَوَاللَّهِ ! لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا . وَاللَّهِ ! إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ .فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى- وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا ، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ ، وَيَكْتُبُ مِنَ الْإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ - ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ : أَيْ عَمِّ ! اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ . قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ : يَا ابْنَ أَخِي! مَاذَا تَرَى ؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرَ مَا رَآهُ ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ : هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى ، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا ، يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ ؟ قَالَ وَرَقَةُ : نَعَمْ ! لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا[(94)] .
وَفِي رِوَايَةٍ : فَوَاللَّهِ! لَا يُحْزِنُكَ اللَّهُ أَبَدًا. ”
وعليه فـــ :" أَصَحُّ الْأَقْوَالِ أَنَّ أَوَّلَ مَا نَزَلَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ )، وَيَدُلُّ عَلَيْهِمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا"[(94)].وقد ذكرتُ قولها قريباً...
و
أختم هذا البحث بمقدمات في مسائل أول ما نزل من القرآن
قاعدة البحث في مسائل أوّل مانزل:
فقال محمد بن عبدالعظيم الزُرقاني (ت: 1367هـ): ( مدار هذا المبحث علىٰ النقل والتوقيف. ولا مجال للعقل فيه إلا بالترجيح بين الأدلة أو الجمع بينها فيما ظاهره التعارض منها[(95)]
وذكر الإمام عبدالله بن محمد بن أبي شيبة: في مصنفه قولاً واحداً " عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ : هِيَ أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ :" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك الَّذِي خَلَقَ " ، ثُمَّ نُونٌ .
كما ذكر ابن أبي شيبة قولا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ : سَمِعْت عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ : أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك الَّذِي خَلَقَ ثُمَّ نُونٌ.
وذكر عَنْ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ: أَخَذْت مِنْ أَبِي مُوسَى اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك الَّذِي خَلَقَ وَهِيَ أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . [(96)] ".
-*-*-*-*-*-*-
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
ــــــــــــــــــــــــــــــ
مقدمة الرسالة المحمَّدية وارهاصات البعثةالأحمَّدية :
٤. ] بحوث المجلد الرابع: ...زَمَانُ آخِرِ نَبِيٍّ يُبْعَثُ..-صلى الله عليه وآله وسلم -
تشرف بمراجعة وقراءة وكتابة هذا الفصل من المجلد الرابع :
(د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
المراجع والمصادر والهوامش تجدها في نهاية البحوث؛ إن شاء الله تعالىٰ











عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 29 / 12 / 2020, 31 : 08 PM   المشاركة رقم: 349
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,359 [+]
بمعدل : 0.53 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 221
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه

  • [ ٧٣ ] : " بدايات ﴿ البعثة المحمدية
    تمهيد :
    بعد أن عشنا - سوياً : أنت كمتابع وناقد ؛ وأنا كباحث وكاتب - في الصفحات النيرات السابقات عن بدايات السيرة المحمدية العطرة منذ أن حُرِّرَت في يوم الإثنين ١٨ ربيع الأول ١٤٣٩ من هجرة سيدنا محمد رسول الله وخاتم النبيين ~ الموافق ٦ من شهر ديسمبر عام ٢٠١٧ من الميلاد العجيب للسيد المسيح عيسى ابن مريم العذراء الزهراء البتول -عليهما السلام- [(97)]. فنشرت علىٰ موقع أهل العلم...
خلال تلك الفترة الزمنية عشنا مع تلك الصفحات التي كتبت بحروف مِن ذهب علىٰ صفائح من الفضة : عشنا مع :
- مقدمات ؛ و
- ارهاصات مجئ خاتم الأنبياء ؛ و
- قدوم آخر المرسلين منذ عهد أبي البشر وأول الأنبياء سيدنا آدم -عليه السلام- مروراً بأبي الأنبياء الخليل وصولا إلىٰ الرسول المعجزة ابن مريم العذراء الزهراء البتول -عليهم الصلاة والسلام-...
ثم
- تحقيق نسب هذا النبي المنتظر ، فــ
- ميلاده الكريم المرتقب ، فــ
- أخبار زمن طفولته ، فــ
- أحداث أيام شبابه ... فــ
- سنوات حياته قبل البعثة الهادية لأفضل السبل والرسالة الخالدة لإصلاح حال البشرية ؛ والتي نوَّر الله -تعالى في سماه وتقدست اسماه- بمنهاجها الصالح دروب الإنسانية في كل زمان ومكان ، وتأصيل طراز حياتها الموافق لبني آدم وبناته عبر الدهور والأزمان ...

-**-
وما نُشِرَ هي قراءتي الأولىٰ لجزء تمهيدي أساسي مع تلك الرحلة الضرورية ، وهي فصلٌ أصيل جوهري من السيرة المحمدية العطرة -وبالقطع - يحتاج هذا الفصل لإعادة مراجعة مع تدقيق وتحقيق ؛ ولربما إضافة وإعادة تحرير مع توثيق ؛ فكما جرىٰ العرف عند الكُتَّاب - وإني دونهم - فهم يقولون عن باكورة عملهم أنه (الطبعة الأولىٰ) ؛ وفي حالتنا : (النَشر الأول ) لبحوث السيرة النبوية العطرة ؛ وقد تكرم مدير (موقع أهل العلم ) بتثبيت الصفحة ... فجزاه الله -تعالى- عني كل الخير الجزيل وحفظه وأهله من الوباء اللعين وأطال في عمره لنفع الأمة الإسلامية...
والغالب.. إذا أُكرمت ببعض الوقت في عمري -رغبة مني- فالأجل بيده وحده -سبحانه وتعالى- ... أقول : الغالب أن يتم إعادة قراءة ما خطته يميني ، إما لتصحيح أخطاء في الفهم أو سوء إدراك لحدث أو عدم دقة في ترتيب الأبواب وحسن السرد أو حجبت معلومة أو فكرة غابت عند النظر والإستدلال أو خلط في إعمال الفكر إثناء التحضير الأول ... أو أخطاء في كتابة الجملة أو خطأ في النحو أو فساد في البلاغة ، ثم تأتي خطوة هامة - أريدها - وهي القيام بترجمة البحوث للُغة دولة جمهورية الالب التي يرويها الدانوب الأزرق نهار مساء والتي بدأت منها بذور كتابة السيرة النبوية العطرة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ ،أَزْكَى صَلَوَاتِهِ ، وَأَفْضَلَ سَلَامِهِ ، وَأَتَمَّ تَحِيَّاتِهِوَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلِّمَ تَسْلِيمًا كَثِيراً- ...
*-*--
قلتُ(الرمادي) عشنا مع مقدمات وارهاصات مجئ نبي آخر الزمان .. وسوف نتعايش - منذ الأن وصاعدا - مقدمات وبدايات أحداث البعثة المحمدية الخاتمة لرسالة السماء إلىٰ البشرية جمعاء ... .
ثم ... سنتواجد تعايشا وعلما وارجو أن يكون سلوكا وتطبيقا مع مراحل البعثة المحمدية الأساسية والمحورية أو ما أُطلق عليه :
- بـ العهد المكي ومفاصله المتممة له وإنتقاله من دور إلى دور آخر ؛ ومن محور إلى محور و
- العهد المدنية وأحداثه ؛ ثم
- مرحلة إنشاء الكيان - المجتمع - الإسلامي الأول و
- كيفية الإنتقال بين مفاصل المرحلة الأولى إلى الثانية فالثالثة إنتقالا سلسا مع إلقاء اضواء على المحاور ثم
- إحكام الروابط المفصلية خلال كل فترة إنزال الوحي وحياة وعمر البعثة المحمدية وسنين الرسالة الأحمدية لننتقل إلى كيفية بناء صرح الكيان - المجتمع - الإسلامي الأول بمدينته المنورة ...
وهذه المراحل وتلك المحاور والمفاصل غابت أو كادت تغيب عن مَن تقدم ببرنامج إصلاح إما سهوا وإما جهلا ... وصار الإسلام عند الغالبية طقوسا كهنوتية وشعائر روحية ومناسبات سنوية!!.



تنبيه:

وهنا ينبغي أن اركز على ملاحظة ألا وهي :
مرت الأمة الإسلامية في كافة عصورها بمراحل ضعف وفي بعض أزمانها بفترات إنكسار ولكنها ظلت باقية لأنها كانت واعية وعيا إدراكيا كاملا ومتمسكة بـ ﴿ „ أساس ”﴾ وجودها و ﴿ „ جوهر ”﴾ قيامها و ﴿ „ عماد ”﴾ كيانها و ﴿ „ عمود ”﴾ حامل فسطاطها ألا وهو الكلمة التي رفضت صناديد قريش وكبراؤها- في بدايات مرحلة الفترة المكية من الرسالة المحمدية والبعثة الأحمدية - أمام أبي طالب في بيته وهو على فراش مرضه أن يتفوهوا بها ؛ وهي الكلمة التي عبَّر عنها الرسول الكريم بقوله ﴿ „ تدين بها العرب لقريش ”﴾ و ﴿ „ بها تدفع العجم الجزية لهم”﴾ [(98)] ... وهذا تعبير محمدي بليغ يضرب على وتر حساس عند القوم يخاطب به ما تَمَلَك في صميم قلب قبيلة قريش من حب السيادة ... فهم سادة مكة وكبراؤها والتي قابع في حضنها البيت الحرام ... وهم - وهي الثانية - يخاطب الذين يملكون المال برحلة الشتاء ورحلة الصيف والتي ذكرهما القرآن الكريم ؛ فهم رفضوا قول ﴿ „ لا إله الا الله ”﴾ [(99)] وهي توأم كلمة الشهادة ... بمعنى أن الآمر -سبحانه-والناهي -تعالى- هو منزل وحي السماء إذ يأتي بعدها ﴿ „ محمد رسول الله ”﴾ [(100)] .... فتمتزجا معا بقوله : ﴿ „يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ”﴾ ﴿ „ أَطِيعُواْ اللّهَ ”﴾ ﴿ „ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ ... ”﴾ [(101)] خاطب الرسول الكريم مَن استحوذ على المُلك وبيده السيادة كما خاطب النبي الأعظم مَن يملكون المال وبأيديهم الجاه... فرفضوا ﴿ „وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ ”﴾ ﴿ „ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّاب ”﴾ ... ثم تساءلوا فقالوا : ﴿ „ أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا ”﴾ ثم تعجبوا فنظر بعضهم لبعض وهم يقولون ﴿ „ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَاب ”﴾ [(102)]







... ندخل العام الثاني عشر[(103)] ١٢ ق. هـ. قبل الهجرة المباركة ليثرب والتي سُميت بمدينته المنورة التي طيَّب الله - تعالى - ثراها بمرقده في غرفة السيدة صاحبة الفقة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر بجوار صاحبيه ؛ وزيره الأول - الصديق - عبدالله بن ابي قحافة .. والثاني - الفاروق - عمر بن الخطاب العدوي في الأرض[(104)] ؛ وخليفته الأول والثاني[(105)] رضي الله تعالى عنهم أجمعين- في إدارة إصلاح الأمة وصلاح شؤون الكيان - المجتمع - الإسلامي الثاني[(106)] بعد إنتقاله [ﷺ] إلى الرفيق الأعلى وهو العام الموافق ٦١٠ من الميلاد العجيب للسيد المسيح عيسى ابن العذراء الزهراء البتول مريم أبنت عمران -عليهما السلام [(107)]





-*-*-









(*) منذ أكثر من [1440*١٤٤٠] عاماً حان قدوم بعثة رسول ومجئ رسالة نبي هو دعوة[(108)] أبي الأنبياء الخليل إبراهيم وابنه الذبيح إسماعيل مِن هاجر[(109)]-عليهم سلام الله وبركاته ورحماته- المِصرية ابنة سلالة الملوك...
(*) وآن مجئ رسول عَلمَ أهل الكتاب مِن أحبار اليهود[(110)] بقرب بزوغ فجر رسالته ... وكانوا ينتظرونه ...
(*) وبشر[(111)]برسالته كلمةُ الله وروح منه ورسوله المعجزة 《 المسيح عيسى ابن مريم أبنت عمران الزهراء العذراء البتول -عليهما من الله تعالى السلام- ؛ فقال رهبان النصارى[(112)] بما قال به سيدهم ... 《 .. ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد وتقرأ هذا في مواضع[(113)] متعددة ومتفرقة من اسفار الإنجيل ؛ العهد الجديد ؛ وخاصة في إنجيل برنابا[(114)] ؛ وهو غير معترف به.
(*) وأخبر كهان العرب[(115)] بما لديهم من قرين ينقل لهم أخبار ؛ كما جاء في العديد من المصادر الدينية السماوية أو الوضعية الأرضية[(116)]...
(*) في هذا المناخ العام بما فيه ؛ وفي هذا الوسط العقائدي والديني والفكري والإجتماعي والسياسي والاقتصادي انتظر الناس قدومه 《 صلى الله عليه وآله وسلم؛ بيد أنه لم يكن التهيؤ لرسالته ؛ والاستعداد لنبوته ؛ والتأهيل لبعثته بالقدر الكافي الذي سيسهل مهمته السماوية...
(*) فعرب الجزيرة ركنوا لعبادة الأوثان .. واسترحام الأصنام ؛ وإن كانوا يدعون أنهم على بقايا دين الخليل إبراهيم - عليه السلام -؛ وقد يبدو المشهد العام كأنه خليط من العادات المتوارثة والأفكار الفاسدة والتقاليد البالية مُزجت برغبات دونية لبشر أهمهم إشباع جوعة البطن وجوعة الفرج وإشباع حاجاتهم الغريزية...
(*) واليهود- خاصةً أحبارهم - صدموا بأن الذي جاء ليس من نسل موسىٰ فضاعت عليهم النبوة ؛ كما أنه ليس من نسل أخيه هارون فضاع عليهم المُلك[(117)] ، وهما - النبوة والمُلك -لهما بريق الذهب الخالص في أعين الناس فيقتل الأخ أخاه ويستولي الابن على ميراث ابيه...
(*) علماء النصارى وأحبارهم علموا بمجيئه ؛ فتسمع ما حدث في الحبشة زمن حكم النجاشي[(118)]... ثم تسمع ما قاله القس ورقة بن نوفل[(119)]...
(*) مايهم هنا شهادة أهل العلم ورجال التخصص :
(*) فقد تكلم مَن تبحر في النصرانية وعلم بكتابها فتمكن من ترجمة النص من لغته الأم إلى لغة العرب[(120)]...
استمع إليه 《 ورقة بن نوفل ماذا قال!!؟.
(*) بيد أن هذا المشهد يتطلب مقدمة:
(*) فـمِنْ مُعْجِزَاتِهِ 《 * الْأُوَلِ "..نقرأ حين يخبرنا أنه [ﷺ] كان الحجر والشجر يسلم عليه ...
- قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: " عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَرَادَهُ اللَّهُ بِكَرَامَتِهِ ، وَابْتَدَأَهُ بِالنُّبُوَّةِ ، كَانَ إذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ أَبْعَدَ حَتَّى تَحَسَّرَ عَنْهُ الْبُيُوتُ وَيُفْضِي إلَى شِعَابِ مَكَّةَ وَبُطُونِ أَوْدِيَتِهَا ، فَلَا يَمُرُّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِحَجَرٍ وَلَا شَجَرٍ إلَّا قَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَيَلْتَفِتُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-حَوْلَهُ و َعَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَخَلْفِهِ ، فَلَا يَرَى إلَّا الشَّجَرَ وَالْحِجَارَةَ . فَمَكَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-كَذَلِكَ يَرَى وَيَسْمَعُ ، مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ ، ثُمَّ جَاءَهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِمَا جَاءَهُ مِنْ كَرَامَةِ اللَّهِ ، وَهُوَ بِحِرَاءٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ [(121)]. "
و
مِنْ مُعْجِزَاتِهِ الْأُوَلِ :"
- عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ أَرَادَ اللَّهُ كَرَامَتَهُ وَابْتَدَأَهُ بِالنُّبُوَّةِ ، كَانَ لَا يَمُرُّ بِحَجَرٍ وَلَا شَجَرٍ إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ وَسَمِعَ مِنْهُ ، وَكَانَ يَخْرُجُ إِلَى حِرَاءٍ فِي كُلِّ عَامٍ شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ يَنْسَكُ فِيهِ .
- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنِّي لَأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبْعَث َ . [(122)].
- وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَكَّةَ ،فَخَرَجَ فِي بَعْضِ نَوَاحِيهَا ، فَمَا اسْتَقْبَلَهُ شَجَرٌ وَلَا جَبَلٌ إِلَّا قَالَ :السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ [(123)].
و مِنْ مُعْجِزَاتِهِ الْأُوَلِ :"
-
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ مَكَّةَ ، قَدْ خَضَّبَهُ أَهْلُ مَكَّةَ بِالدِّمَاءِ ،

قَالَ : " مَا لَكَ؟ ".
قَالَ : « خَضَبَنِي هَؤُلَاءِ بِالدِّمَاءِ وَفَعَلُوا وَفَعَلُوا »،
قَالَ :" تُرِيدُ أَنْ أُرِيَكَ آيَةً ؟ ".
قَالَ : « نَعَمْ » .
قَالَ: " ادْعُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ " . فَدَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، فَجَاءَتْ تَخُطُّ الْأَرْضَ حَتَّى قَامَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ ،
قَالَ : " مُرْهَا فَلْتَرْجِعْ إِلَى مَكَانِهَا " .
قَالَ: « ارْجِعِي إِلَى مَكَانِكِ »... فَرَجَعَتْ ،
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : « حَسْبِي » [(124)]





(*)فحين سمع محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب القرشي العدناني المكي مَن يخاطبه من السماء يقول له :" أنت رسول الله وأنا المَلَك جبريل"
قال ابن إسحاق :"قَالَ : « فَخَرَجْتُ [مِن حِرَاءٍ] حَتَّى إذَا كُنْتُ فِي وَسَطٍ مِنْ الْجَبَلِ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ يَقُولُ : " يَا مُحَمَّدُ ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا جِبْرِيلُ "؛
قَالَ : « فَرَفَعْتُ رَأْسِي إلَى السَّمَاءِ أَنْظُرُ ، فَإِذَا جِبْرِيلُ فِي صُورَةِ رَجُلٍ صَافٍّ قَدَمَيْهِ فِي أُفُقِ السَّمَاءِ يَقُولُ : " يَا مُحَمَّدُ ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَا جِبْرِيلُ." ».
قَالَ : « فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ إلَيْهِ فَمَا أَتَقَدَّمُ وَمَا أَتَأَخَّرُ ، وَجَعَلْتُ أَصْرِفُ وَجْهِي عَنْهُ فِي آفَاقِ السَّمَاءِ ، قَالَ : فَلَا أَنْظُرُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا إلَّا رَأَيْتُهُ كَذَلِكَ ، فَمَا زِلْتُ وَاقِفًا مَا أَتَقَدَّمُ أَمَامِي وَمَا أَرْجِعُ وَرَائِي حَتَّى بَعَثَتْ خَدِيجَةُ رُسُلَهَا فِي طَلَبِي ، فَبَلَغُوا أَعْلَى مَكَّةَ وَرَجَعُوا إلَيْهَا وَأَنَا وَاقِفٌ فِي مَكَانِي ذَلِكَ ؛ ثُمَّ انْصَرَفَ عَنِّي ». [(125)]
(*) ... نزل عليه المَلك في غار حراء حينها ...
فنتساءل : " أين ذهب !؟"...
(*) ذهب إلى صاحبة العقل الراجح والفكر المستنير ... ذهب إلى خاصةِ أهلة ﴿ „ الزوج ”﴾ ﴿ „ خديجة ”﴾ وهي المرأةُ الأولى والوحيدة في شبابه وكهولته ... وهو الذي سيصبح رسول رب العالمين للثقلين مجتمعين... وخاتم السادة النجباء المرسلين من خالق السموات والأرضين والخلائق أجمعين ومتمم المبتعثين ...
ونلاحظ في هذه الجزئية الهامة واللحظة الأولى من المخاطبة المباشرة بين إنسان وبين مَلَك تمثل له بصورة يتمكن الإنسان من رؤيته وهذه لا تحدث إلا فقط للأنبياء والرسل ... وهنا ينبغي ملاحظة أن هناك من الكائنات المخلوقة ذات طبيعة خاصة تختلف عن الطبيعة البشرية الآدمية كالملآئكة والجن والشياطين لا يتمثلون إلا مَن أذن له الرحمن كقصة سيدنا سليمان مع بلقيس ...
نكمل فهو [ﷺ] لم يذهب في هذه الحالة الحرجة إلى عمه الذي رباه سنوات مِن بعد موت جده عبدالمطلب ؛ كما لم يذهب إلى صديقه أبي بكر ... بل ذهب لامرأته...

واتساءل: اين نساء الأمة الإسلامية !.؟.؟.


﴿ تنبيه
- ويجب أن أنبه هنا إلى مسألة يعاني منها الكثير :
ففي الطبيعة البشرية : يوجد حاجات عضوية [مثل: التنفس ؛ والنوم ؛ وإخراج الفضلات] تتطلب إشباعا حتميا وإلا مات الإنسان ، وهناك مظاهر للغريزة تتطلب إشباع غير حتمي [مثل : ميل الذكر للأنثى والعكس...الأمومة... الأبوة.. ] ... إذاً الذكر يحتاج إلى أنثى ؛ ولكن يجب أن يكون هذا الذكر رجلاً ،فإذا كان - فقط - ذكر دون رجولة ... إذاً فحديثي عن اهتمامات ذكر ضئيلة ورغبات تؤرقه ... بيد أن الرجل والذي يملك فحولة الرجولة يحتاج إلى امرأة تمتلك أنوثة كاملة وعقل وفهم إدراك وليس موضع يهدئه للحظات ... والفارق بين أنثى وامرأة كبير كما أن الفارق أيضا كبير بين ذكر ورجل!!. والقراءة التشريعية والقراءة المنهجية والفهم المستنير السلوكي لقوله تعالى : ﴿ „ وَمِنْ آيَاتِهِ ”﴾ أي من علامات وبراهين ودلائل وجوده الأبدي الأزلي ؛ فيأتي بمثال : ﴿ „ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ”﴾ ثم يبين مستوى العلاقة ﴿ „ لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم ”﴾ وهذا أولاً ؛ ﴿ „ مَّوَدَّةً ”﴾ وهذا ثانياً ؛ وَ ﴿ „رَحْمَةً ”﴾ وهذا ثالثا ﴿ „ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ ”﴾ ثم يعود النص القرآني الكريم للتذكير بدلائل وبراهين الخلق والإبداع والتصوير ﴿ „ يَتَفَكَّرُون”﴾ فينهي النص القرآني الآية الكريمة بالقوى العاقلة عند الإنسان [(126)] .
(*) وننتقل إلى الموقف الثاني في بدايات البعثة ؛ فــ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُصُّ عَلَى خَدِيجَةَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ جِبْرِيلَ مَعَهُ [(127)]
... « وَانْصَرَفْتُ [ الحديث عن رسول الله محمد ] رَاجِعًا إلَى أَهْلِي حَتَّى أَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَجَلَسْتُ إلَى فَخِذِهَا مُضِيفًا إلَيْهَا : فَقَالَتْ : يَا أَبَا الْقَاسِمِ ، أَيْنَ كُنْتَ؟ فَوَاَللَّهِ لَقَدْ بَعَثَتْ رُسُلِي فِي طَلَبكَ حَتَّى بَلَغُوا مَكَّةَ ؛ وَرَجَعُوا لِي »...
ثم يكمل صلوات الله وسلامه عليه : ثُمَّ «حَدَّثْتهَا بِاَلَّذِي رَأَيْتُ »، فَقَالَتْ : أَبْشِرْ يَا ابْنَ عَمِّ وَاثْبُتْ ، فَوَاَلَّذِي نَفْسُ خَدِيجَةَ بِيَدِهِ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ نَبِيَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ ". [(128)]
(*) هنا في هذه الرواية تخبرنا أم المؤمنين السيدة خديجة بما كنتُ تحدثتُ عنه في مسألة رغبتها في الزواج من الشاب الصادق الأمين محمد [(129)]
(*) فإلى أين ذهبت - رضي الله عنها - به -صلى الله عليه وآله وسلم - !!؟..
(*) ذهبت- رضي الله عنها - به إلى أهل العلم ورجل التخصص : ابن عم خديجة ورقة بن نوفل؛ ونعتبره:" أحد قلائل مفكري العرب الجاهليين في القرن السابع الميلادي؛ ويمكننا وصفه بأنه :" تخصص في تاريخ الأديان وعلم اللاهوت " [(130)] .
وأعود وأنبه أنه مِن مستلزمات اتمام هذه البحوث في السيرة المحمدية ملاحق متعلقة بالشخصيات المحورية [(131)] في حياة الرسول والني محمد خاصة في الأربعين عاما الأولى من حياته!!
ومن تلك الشخصيات المحورية... على سبيل المثال وليس الحصر :
(*) العم شقيق أبيه أبوطالب
(*) الزوج خديجة بنت خويلد
(*) ورقة بن نوفل
وتلك الشخصيات تتطلب دراسة مستفيضة حولها ؛ وقد أُكرمتُ بالإنتهاء من بحث عن أم المؤمنين خديجة بنت خويلد... وعندي بعض أوراق حول بقية الشخصيات المحورية...
(*) أعود لتلك المحادثة بين نبي آخر الزمان ورسول خاتم الرسالات وبين الزوج خديجة بنت خويلد ومن ثم ابن عمها ورقة بن نوفل:
- خَدِيجَةُ بَيْنَ يَدَيْ وَرَقَةَ تُحَدِّثُهُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
ثُمَّ “ قَامَتْ [خديجة بنت خويلد؛ زوج محمد] فَجَمَعَتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا،
ثُمَّ “ انْطَلَقَتْ إلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا،
وَكَانَ وَرَقَةُ قَدْ تَنَصَّرَ وَقَرَأَ الْكُتُبَ ، وَسَمِعَ مِنْ أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ،
فَــ “ أَخْبَرْتُهُ بِمَا أَخْبَرَهَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، أَنَّهُ رَأَى وَسَمِعَ ”؛
فَقَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ :"قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ ، وَاَلَّذِي نَفْسُ وَرَقَةَ بِيَدِهِ ، لَئِنْ كُنْتِ صَدَّقْتِينِي يَا خَدِيجَةُ لَقَدْ جَاءَهُ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى ، وَإِنَّهُ لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ " ، فَـ
قُولِي لَهُ :" فَلْيَثْبُتْ ".
فَــ رَجَعَتْ خَدِيجَةُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ،





واستشهدُ بفقرة ستصاحبنا طول فترة البعثة وزمن الرسالة وجميع مراحلها:
لنسمع معاً:
فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ -اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جِوَارَهُ وَانْصَرَفَ ، صَنَعَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ بَدَأَ بِالْكَعْبَةِ فَطَافَ بِهَا ،
فَــ
لَقِيَهُ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ فَقَالَ : “ يَا ابْنَ أَخِي أَخْبِرْنِي بِمَا رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ،
« فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- »؛ فَــ
قَالَ لَهُ وَرَقَةُ : “ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إنَّكَ لَنَبِيُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَلَقَدْ جَاءَكَ النَّامُوسُ الْأَكْبَرُ الَّذِي جَاءَ مُوسَى وَ



[١ .] لَتُكَذَّبَنَّهُ
وَ
[٢ . ] لَتُؤْذَيَنَّهُ
وَ
[٣ . ] لَتُخْرَجَنَّهُ
وَ
[٤ .] لَتُقَاتَلَنَّهُ ،
ثم قال القس ورقة بن نوفل :" وَلَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَأَنْصُرَنَّ اللَّهَ نَصْرًا يَعْلَمُهُ "،
ثُمَّ أَدْنَى رَأْسَهُ مِنْهُ ،
ثم أظهر ورقة - رضي الله تعالى عنه - للنبي -عليه السلام - علامة قبوله لقوله بما يوافق ما في الكتب ؛ واعترافه بنبوته فَــ
قَبَّلَ يَافُوخَهُ ”، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلَى مَنْزِلِهِ . "[(132)]
(*) وأثبتُ هذه المفاصل الأربعة من مراحل البعثة من قول ابن نوفل: قَالَ وَرَقَةُ :
" وَ « لَتُكَذَّبَنَّهُ »
وَ « لَتُؤْذَيَنَّهُ »
وَ « لَتُخْرَجَنَّهُ »
وَ « لَتُقَاتَلَنَّهُ » ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
نال شرف مراجعة وقراءة وكتابة هذا الفصل :" بدايات ﴿ „ البعثة المحمدية".
محمد الرمادي
الثلاثاء : ١٤ جمادى الأولى ١٤٤٢ هـ ~ ٢٩ ديسمبر ٢٠٢ م

(د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
《 * 》 في خطة البحث والتحضير وبإذنه تعالى تخصيص مجلد كامل عن معجزاته -صلى الله عليه وآله وسلم- فارجو منه سبحانه وتعالى التوفيق والسداد لاتمام ما أرغب فيه من خدمة موضوع السيرة النبوية .. فهو على كل شيء قدير وبالإجابة قدير سميع!









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
قديم 31 / 12 / 2020, 09 : 05 PM   المشاركة رقم: 350
المعلومات
الكاتب:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي
اللقب:
عضو ملتقى ذهبي
الرتبة


البيانات
التسجيل: 06 / 12 / 2017
العضوية: 54443
المشاركات: 1,359 [+]
بمعدل : 0.53 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 221
نقاط التقييم: 12
دكتور محمد فخر الدين الرمادي is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
دكتور محمد فخر الدين الرمادي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : ملتقى السيرة النبويه
[ ٧٤ ]:لَتُكَذَّبَنَّهُ... عناد « الجهل «



الْمُقَدِّمَةُ :
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ،حَمْدًا كَثِيرًا [طيباً مباركاً] عَلَى مَا خَصَّ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ [المرحومة] بِالْأَئِمَّةِ الْأَعْلَامِ [أهل الأفهام] حُمَاةِ الدِّينِ ، الَّذِينَ صَرَفُوا عِنَانَ فِكْرِهِمْ [وقدحوا زناد عقلهم] فِي الذَّبِّ عَنْهُ مِنْ تَضْلِيلِ الْمُخَرِّفِينَ وَالْمُهَرَّفِينَ ، فَبَيَّنُوا لِلْعَامَّةِ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ وَالْغَثَّ مِنَ السَّمِينِ . وَ
أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ شَهَادَةَ الْمُؤْمِنِينَ الْمُوقِنِينَ . وَ
أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ الصَّادِقُ الْوَعْدِ الْأَمِينُ ، أَدَّى الرِّسَالَةَ وَبَلَّغَ الْأَمَانَةَ ،فَكَانَ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ، وَرَضِيَ اللَّهُ عَنِ الصَّحَابَةِ الطَّيِّبِينَ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ[(134)]
وَبَعْدُ
... مازلنا نتعايش بدايات العهد الأول - العهد المَكْيَّ – ومرحلة مِن مراحل الدعوة الإسلامية - والتي نحتاج لدراستها اليوم دراسة فقهية فهمية إدراكية تشريعية منهاجية لإنزالها علىٰ واقعنا الحالي المعاش بالفعل ؛ وما أشبه تلك المرحلة بحياتنا اليوم ؛ فيجب دراستها بعد الفشل الذريع والمحبط لما قامت به بعض الحركات ذات الوشاح الإسلامي خلال السنوات الماضيات علىٰ الساحة العربية والمتواجدة في المناطق التي تسكنها غالبية[(135)] إسلامية أو الآخرىٰ - ما يطلق عليها - ذات أقلية[(136)] إسلامية(!) ؛ وأن كنتُ لا استسيغ استخدام هذا المصطلح -الأقلية- المتداول عند الكثير ؛ وخاصة مَن هم مِن السكان الأصليين - المسلمين - مع ما يعانون أو الذين يحملون جنسية الدولة التي يقيمون بها منذ سنوات - تزيد عن الخمسين - أو تحصل علىٰ أوراق ثبوتية رسمية لإقامة صحيحة -سواء أكان لاجئ أو دارس أو عامل -... تلك الجماعات التي تحمل.. وتلك الحركات التي ترفع شعارات عنوانها إسلامي لكنها جوفاء لا يتمكن حاملها مِن تطبيقها أو إنزالها علىٰ أرض الواقع ؛ وهذا في بلاد العرب والمسلمين ؛ مع ملاحظة غياب مشروع إسلامي أو تقديم نموذج صالح في ذهنية المسلم الذي تجنس بجنسية غربية ؛ وعاش في دول الغرب منذ أكثر من أربعين عاما ويزيد فالعبرة ليس ببناء وزخرفة المساجد... لكن الأصل بناء عقل ونفسية الساجد...









أقول(الرمادي) : ما زلنا في المجتمع المَكي - عهد النبوة ؛ في سنواتها الأُول - نتعايش أحداثه ومجريات أموره... بما فيه ؛ وما عنده ؛ وما عليه ؛ وما يتميز به ؛ وايضاً بما فيه من مثالب وعيوب ؛ و
أحاول... بل أريد أن أحدد الصورة الحقيقية له والتيارات الفكرية والتربية العقدية والمفاصل الإجتماعية لهذا المجتمع ؛ إذ فيه - بما فيه – ستغرس البذرة -النبتة- الإسلامية الأولىٰ :





" الدعوة إلىٰ الإسلام "






كـ عقيدة وأحكام... وكمنهاج وتشريع... وطريقة معينة في الحياة وطراز خاص من العيش... وظن أنها - أيْ مَكة - ستكون أيضا بها النبتة الإسلامية ؛ لكن ما شاء الله - تعالىٰ ذكره - كان... و


لا يفهم من هذا الطرح إنني أدعو إلىٰ الإنغلاق علىٰ الذات أو التقوقع داخل حويصلة مذهب بعينه أو التوقف عند أراء وفتاوىٰ السادة العلماء مِن السلف الصالح دون مراعاة مستجدات الأمور ومستحدثات الأحوال والتمسك بأقوالهم مع فارق الزمان مِن جهة أو اختلاف الكيان السياسي- في السابق أو اليوم - مِن جهة آخر... والمناخ العام ؛ أو يفهم البعض خطأً إني أدعو إلىٰ السكنىٰ في حارةٍ ضيقة [ غيتو ] مسدود طرفها الآخر فيدعي البعض :" مَن دخلها منا ومَن خارجها ضدنا وعلينا "...
إذ الأصل فينا التواصل مع الآخر والتقارب معه وإظهار ما لدينا فكرا وسلوكا...
لذا علينا مدارسة هذه المرحلة بعناية فائقة ثم تتلوها مرحلة ثانية مع الربط المحكم بين مفصل مرحلة والرابط إلىٰ التي تليها فنحتاج لدراسة عميقة إدراكية تفصيلية لجزئيات عدة تكون منها هذا التجمع الإسلامي الأول في مكة ومِن ثم - بعد سنوات – تكون المجتمع الإسلامي الأَول في المدينة ، وكيف قَبَلَت ثُلةٌ التواجد داخل تجمع إسلامي هش ضعيف قليل العدد عديم العداد يقوده النبي محمد والرسول المبتعث والمصطفى المختار ؛ ومَن هؤلاء!... أو ما أطلق عليهم أوائل المؤمنين من النساء والغلمان والرجال ؛ وكيف تعايشوا مع مجتمع يرفضهم فيستنكر عليهم ما هم عليه من إيمان وما يقومون به مِن أعمال وما يتلفظون به مِن أقوال فيعذبهم مَن كان بالأمس صديق ويقتل بعضهم مَن كان بالأمس رفيق طريق...
كما يجب علينا دراسة – جوانب شخصيات ومفتاح نفسيات - مَن رفض الإسلام اسما وموضوعا؛ وشكلا وتفصيلا ؛ وفكرا وأحكاما ؛ وعقيدة وأفعالا ؛ ومَن هم! ؛
يرافق هذه وتلك دراسة نفسية وعقلية والدافع عند الفريق - الأول - الذي سما في الدنيا ونجىٰ في الآخرة، وبالتوازي والفارق بعيد : ما هي الدوافع عند الفريق - الثاني - الذي خسر الدارين فرفض فكرَ رجلٍ يقول : « أنه مُرسل مِن السماء ليصحح افكار ومفاهيم وقيم وقناعات ومقاييس مَن تنكبوا الطريق المستقيم بفكر جديد ».. كما حاربوا مَن وافقوه علىٰ فكره الجديد وإن نادىٰ به مِن قبله السادة المرسلين وجم غفير من السادة الأنبياء -صلوات الله تعالىٰ عليهم أجمعين - ؛ فــ
عُذِب أهل التوحيد ؛ وقُتِل مَن وضع قدماه علىٰ بداية صراط الرب الواحد الأحد المجيد ؛وشُردَ مَن قال عنه -سبحانه- بأنه فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد ،
أو
كيف حُوربت الدعوة الجديدة!؛ ولماذا حاربها الرافضون!. بيد أنه هناك فريق ثالث وقف في منتصف الطريق ونحتاج لتسليط الضوء عليه لنعلم - ايضاً - دوافعه.















دراسة مراحل الدعوة المحمَّدية ومفاصلها والروابط بينها - علىٰ صاحبها الصلاة والسلام والتبريكات والرحمات ومع تبعه بإحسان - دراستها تجب وجوب تعلم أحكام العقيدة ومبادئ الإيمان وأركان الإسلام وآيات الأحكام وأحاديث الأحكام... فالجميع وحي مِن عند الله - تعالىٰ في سماه وتقدست اسماه – كي نتمكن من استئناف الحياة الإسلامية بدلا من البقاء في طقوس كهنوتية ومواسم دينية وشعائر موسمية وتقاليد الآخرين.. خاصة هذا اليوم نهاية عام 20 20.










المرحلةُ -العهد- المَكْيَّة بسنواتها[(137)] تحدد لنا عدة معالم ؛ نحتاج إلىٰ إعادة طرحها علىٰ طاولة البحث وتفصيل جزئياتها علىٰ مائدة التقصي باسلوب يتناسب مع العصر الحالي ،كما نحتاج إلىٰ بلورتها بطريقة علمية عملية مستنيرة وليست تقليدية كما عودتنا مرتزقة المنابر ومَن يتمقعد علىٰ فضائيات أو مَن يقدمها بعتبارها تاريخ مضىٰ وانتهىٰ؛ فدراستها بطريقة تطبيقية ؛ وخاصة مَن يعيش في دول الغرب - الذي تعلوه أجراس الكنائس وتوجد فيه صوامع الرهبان وبجوارهم مصليات في منازل وغرف عبادة للمسلمين ؛ عدا مأذنة يتيمة تطل علىٰ الدانوب الأزرق – والتفقه في كيفية تعامل النبي المصطفىٰ والرسول المجتبىٰ والــحــبــيـــب المرتضىٰ والخليل المحتبىٰ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-مع غير المسلمين كمقابلته أولا في اللحظات الأولىٰ من البعثة مع مَن تبحر في النصرانية القس « ورقة بن نوفل » ثم مقابلته الثانية وهو يطوف بالكعبة -البيت الأول للعبادة علىٰ المعمورة - ثم إخباره بالمحور الأول من عنوان هذا الفصل من سيرته العطرة ؛ وكهجرة بعضهم إلىٰ الحبشة سواء الأولى أو الثانية ؛ وما قاله عن«النجاشي» ؛ وتأثر رهبان الحبشة حين سمعوا القرآن يتلىٰ علىٰ مسامعهم من فم جعفر بن أبي طالب... فبكوا حتىٰ اخضلت لحاهم ؛ وخروج النبي... صاحب الدعوة إلىٰ الطائف ؛ وقول عداس له ؛ ثم نسرع الخطى لنشهد أحداث في المرحلة المدنية فنقرأ وثيقة المدينة المنورة ونشهد أحداث مجئ وفد نصارى نجران إلىٰ مسجده الشريف وسمح لهم بالصلاة فيه.
معالم المرحلة -العهد- المكية إجمالاً:
(١ . ) المَعْلمُ الأول : اختيار المكان :
نقطة البدء[(138)]... مركز الإبتداء لإنطلاق الدعوة.
(٢ . ) المَعْلمُ الثاني : اختيار الزمان :
توقيت بدء البعثة... وزمن بدء الرسالة ، مركز الإنطلاق لنشر الدعوة ؛ وقول السيد
المسيح عيسى ابن العذراء الزهراء البتول - عليهما السلام - :
« .. وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ.... يَأْتِي مِن بَعْدِي.... اسْمُهُ أَحْمَدُ ..»[(139)].
(٣ . ) المَعْلمُ الثالث : اصطفاء[(140)] حامل الدعوة... احتباء خاتم الأنبياء ؛ واختيار آخر المرسلين واجتباء وارتضاء متمم المبتعثين... «
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} [*] {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا}»[(141)]
(٤ . ) المَعْلمُ الثالث : ثلة من الأولين...
اجتباء صحابته «{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ }»[(142)]
(٤ . ) المَعْلمُ الرابع : اختيار لُغة[(143)] الخطاب.
وأريد أن اربط هذا الفصل بما قاله القس ورقة بن نوفل[(144)] في الفصل السابق إذ قد أتبتُ قوله -رضي الله عنه- في تلك المفاصل الأربعة من مراحل البعثة ؛ فقد قَالَ وَرَقَةُ:
(١. ) لَتُكَذَّبَنَّهُ
وَ
(٢. ) لَتُؤْذَيَنَّهُ
وَ
(٣ . ) لَتُخْرَجَنَّهُ
وَ
(٤ . ) لَتُقَاتَلَنَّهُ[(145)]
وهذه محاور أربعة كبرىٰ تحتاج إلىٰ تفصيل منهجي وترتيب تشريعي وتوثيق إدراكي وتحقيق ذهني كامل وإعمال عقل مستنير في دعوة الإسلام بشقيها:
الأول : الذاتي مع النفس والجوارح والأعمال والأقوال والتصرفات والسلوك والأخلاق علىٰ المستوىٰ الفردي ؛
و
الثاني : علىٰ المستوىٰ الجمعي ؛ أي مع الآخر كعلاقة الإنسان بغيره من بني الإنسان أو ما حوله مِن كائنات وموجودات... ثم أهم علاقة وعلىٰ رأس العلاقات جميعاً كيفية تنظيم علاقة الإنسان بخالقه...
إذ أنه قد حدثت هذه المحاور الأربعة علىٰ امتداد تاريخ الإسلام الطويل - القديم منه والحديث - مِن لدن نبي المرحمة ؛ ورسول السلام صاحب الرسالة الخالدة -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-...وما جرىٰ مع السلف الصالح الكريم والخلف المبتلىٰ العظيم ، ونربط هذه المحاور بالمراحل مع روابطها ومفاصلها ربطاً محكماً مع ما جرىٰ في زمن الرسالة ووقت البعثة وإعادة قراءة لردود افعال وأقوال وتصرفات المعسكر المناوئ لنبي الهدى ورسول التقوىٰ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-واتباعه؛ ومَن جاء مِن بعده - عليه السلام -.










أبدءُ بما ثبت في الصحائف التي كُتبت بحروف مِن فضة وعلامات مِن ورِق علىٰ ألواح من ذهب خالص مرصعة بنجوم السماء:
يتحدث -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-عن نفسه الذكية فيقول:
* ] كُنْتَ عِنْدَهُمُ الصَّادِقَ 》 《 الْأَمِينَ .[(146)]
ثم يزيد - عليه السلام- المسألة وضوحاً فيقول :-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- :
* ] وَاللَّهِ إِنِّي لَأَمِينٌ فِي السَّمَاءِ 》 《 أَمِينٌ فِي الْأَرْضِ .[(147)]
وخلال الأربعين عاما الأُول من عمره الشريف ؛والتي عاشها مع أهل مكة وعشيرته قريش :
* ] كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-أَصْدَقَ النَّاسِ لَهْجَةً مُنْذُ كَانَ... اعْتَرَفْ لَهُ بِذَلِكَ مُحَادُّوهُ ، وَعِدَاهُ . وَكَانَ يُسَمَّى قَبْلَ نَبُّوتِهِ الْأَمِينَ .[(148)]
* ] قَال َابْنُ إِسْحَاقَ : كَانَ يُسَمَّىٰ الْأَمِينَ بِمَا جَمَعَ اللَّهُ فِيهِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الصَّالِحَةِ[(149)] .
* ] وَعَنِ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ[(150)] : « كَانَ يَتَحَاكَمُ إِلَىٰ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-فِي الْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ ».[(151)]
* ] عَنْ مُجَاهِدٍ[(151)]: قَالَ مَوْلَايَ السَّائِبُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ: " كُنْتُ فِيمَنْ بَنَى الْبَيْتَ ، وَأَنَّ قُرَيْشًا اخْتَلَفُوا فِي الْحَجَرِ حِينَ أَرَادُوا أَنْ يَضَعُوهُ ، حَتَّى كَادُوا يَقَعُ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ بِالسُّيُوفِ ، فَــ
قَالَ : " اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ أَوَّلَ رَجُلٍ يَدْخُلُ مِنَ الْبَابِ "،
فَــ " دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- وَكَانُوا يُسَمُّونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْأَمِينَ ". فَقَالُوا : " يَا مُحَمَّدُ ، قَدْ رَضِينَا بِكَ "[(152)].
* ] وَقَالَ - تَعَالَى » :{مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ} »[(153)] ...
أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَىٰ أَنَّهُ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-[(154)].
* ] وَعَنْ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: " جَاءَتْ قُرَيْشٌ إِلَىٰ أَبِي طَالِبٍ " ؛ فَقَالُوا لَهُ : " إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ يَأْتِينَا فِي كَعْبَتِنَا وَنَادِينَا وَيُسْمِعُنَا مَا يُؤْذِينَا ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَكُفَّهُ عَنَّا فَافْعَلْ " . قَالَ : فَــ
قَالَ لِي : " يَا عَقِيلُ الْتَمِسِ ابْنَ عَمِّكَ " .
قَالَ : " فَأَخْرَجْتُهُ مِنْ كِبْسٍ مِنْ أَكْبَاسِ شِعْبِ أَبِي طَالِبٍ ، فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّىٰ انْتَهَىٰ إِلَىٰ أَبِي طَالِبٍ " ، فَــ
قَالَ لَهُ : " يَا ابْنَ أَخِي ، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنْ كُنْتَ لِي مُطِيعًا ، وَقَدْ جَاءَنِي قَوْمُكَ - يَزْعُمُونَ - أَنَّكَ تَأْتِيهِمْ فِي كَعْبَتِهِمْ وَنَادِيهِمْ فَتُسْمِعُهُمْ مَا يُؤْذِيهِمْ ،فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَكُفَّ عَنْهُمْ !؟ " ؛
قَالَ : فَحَلَّقَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ ، فَــ
قَالَ : " وَاللَّهِ مَا أَنَا بِأَقْدَرَ عَلَى أَنْ أَدَعَ مَا بُعِثْتُ بِهِ مِنْ أَنْ يُشْعِلَ أَحَدُكُمْ مِنْ هَذِهِ الشَّمْسِ شُعْلَةً مِنَ النَّارِ " ، فَــ
قَالَ أَبُو طَالِبٍ: إِنَّهُ - وَاللَّهِ - مَا كَذَبَ قَطُّ " فَارْجِعُوا رَاشِدِينَ ".[(155)]
* ] عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ أَبَا جَهْلٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:« إِنَّا لَا نُكَذِّبُكَ ، وَلَكِنْ نُكَذِّبُ بِمَا جِئْتَ بِهِ » ، فَــ
أَنْزَلَ اللَّهُ -تَعَالَى ذكره- » {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} »[(156)]الْآيَةَ . وَ
رَوَى غَيْرُهُ : « لَا نُكَذِّبُكَ ، وَمَا أَنْتَ فِينَا بِمُكَذَّبٍ. « [(157)]
* ] وَقِيلَ : إِنَّ الْأَخْنَسَ بْنَ شُرَيْقٍ[(158)] لَقِيَ أَبَا جَهْلٍ[(159)] يَوْمَ بَدْرٍ[(160)] ، فَــ
قَالَ لَهُ : " يَا أَبَا الْحَكَمِ لَيْسَ هُنَا غَيْرِي ، وَغَيْرُكَ يَسْمَعُ كَلَامَنَا ، تُخْبِرُنِي عَنْ مُحَمَّدٍ ، « صَادِقٌ » .. هُوَ أَوْ « كَاذِبٌ » ؟ ". فَــ
قَالَ أَبُو جَهْلٍ: " وَاللَّهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَــ « صَادِقٌ »، وَ « مَا كَذَبَ » مُحَمَّدٌ قَطُّ ".[(161)]
وَقَدْ ذَكَرْنَا[(162)] أَنَّ قَوْمَهُ الْمُعَادِينَ لَهُ غَايَةَ الْعَدَاوَةِ مَا زَالُوا مُعْتَرِفِينَ بِصِدْقِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَّهُمْ لَمْ يُجَرِّبُوا عَلَيْهِ كَذِبًا ، بَلْ وَمُعْتَرِفِينَ بِأَنَّ مَا يَقُولُهُ لَيْسَ بِشِعْرٍ وَلَا كِهَانَةٍ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِسَاحِرٍ ، وَكَانُوا فِي أَوَّلِ أَمْرِهِ يُرْسِلُونَ إِلَى الْبِلَادِ الَّتِي فِيهَا عُلَمَاءُ أَهْلِ الْكِتَابِ يَسْأَلُونَهُمْ عَنْهُ ؛ لِأَنَّ مَكَّةَ لَمْ يَكُنْ بِهَا ذَلِكَ .
-**-
وأنتقل بحضراتكم إلىٰ خارج مكة المكرمة ؛ بل نذهب خارج جزيرة العرب كلها :
* ] فَفِي الصَّحِيحَيْنِ[(163)] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ[(164)] أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ[(165)] حَدَّثَهُ ،
قَالَ : " انْطَلَقْتُ إِلَى الشَّامِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-
قَالَ : " فَبَيْنَمَا أَنَا بِالشَّامِ إِذْ جِيءَ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- إِلَى هِرَقْلَ[(166)] ،
قَالَ : " وَكَانَ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ[(167)] جَاءَ بِهِ ، فَدَفَعَهُ إِلَىٰ عَظِيمِ بُصْرَى ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَىٰ هِرَقْلَ " ، فَــ
قَالَ هِرَقْلُ : " هَلْ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ؟ " ،
قَالُوا : " نَعَمْ " ،
قَالَ : " فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَدَخَلْنَا عَلَىٰ هِرَقْلَ ، فَأَجْلَسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ " ،فَــ
قَالَ : " أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ " ،
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: " فَقُلْتُ أَنَا" . فَــ
أَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي . فَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ ، فَــ
قَالَ : " قُلْ لَهُمْ : إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ " .
قَالَ : فَقَالَ : " وَايْمِ اللَّهِ ! .. لَوْلَا مَخَافَةُ أَنْ يُؤْثَرَ عَلَيَّ كَذِبٌ لَكَذَبْتُ عَلَيْهِ " . ثُمَّ
قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ : " سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ ؟ ".
قَالَ : قُلْتُ : " هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ " .
قَالَ : " فَهَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَنْ مَلَكَ " ،
قُلْتُ : " لَا " .
قَالَ : " فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِــ « الْكَذِبِ » قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ ".
قُلْتُ : " لَا "[(168)]، وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ ...







وهذا ما أكده صاحب الشفا ؛ القاضي عياض:"وَسَأَلَ هِرَقْلُ عَنْهُ أَبَا سُفْيَانَ فَــ
قَالَ : " هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ ؟ "،
قَالَ أَبَو سُفْيَانَ : " لَا".[(169)]
* . ] قَالَ مُقَاتِلٌ: " طَافَ أَبِوجَهْلٍ بِالْبَيْتِ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَمَعَهُ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ؛ وَكَانَ يُقَالُ لِلْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ[(170)] « رَيْحَانَةُ »قُرَيْشٍ[(171)] ، وكَانَ يُسَمَّى الْوَحِيدُ فِي قَوْمِهِ[(172)] ...فَقد رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يُلَقَّبُ بِــ « الْوَحِيدِ »، أَيْ : لِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ فِي مَالِهِ وَشَرَفِهِ فِي بَيْتِهِ[(173)]]... فَتَحَدَّثَا [أي : أَبِو جَهْلٍ و الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ] فِي شَأْنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ، فَــ
قَالَ أَبُو جَهْلٍ: " وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ إِنَّهُ لَــ صَادِقٌ!"
فَقَالَ ابْنُ الْمُغِيرَةِ لَهُ :"مَهْ! وَمَا دَلَّكَ عَلَى ذَلِكَ ؟ ! ".
قَالَ أَبِو جَهْلٍ : " يَا أَبَا عَبْدِشَمْسٍ ، كُنَّا نُسَمِّيهِ فِي صِبَاهُ الصَّادِقَ 》 《 الْأَمِينَ ، فَلَمَّا تَمَّ عَقْلُهُ وَكَمُلَ رُشْدُهُ ، نُسَمِّيهِ : « الْكَذَّابَ » «الْخَائِنَ»!! وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ إِنَّهُ لَــ « صَادِقٌ »! ".[[(174)]
قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ : "فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَدِّقَهُ وَتُؤْمِنَ بِهِ !!؟ ".



اقول (الرمادي) : هنا تأتي الإجابة الواضحة التي لا لبس فيها من فم أبي جهل إذ رد فــ :



قَالَ : " تَتَحَدَّثُ عَنِّي بَنَاتُ قُرَيْشٍ أَنِّي قَدِ اتَّبَعْتُ « يَتِيمَ » أَبِي طَالِبٍ مِنْ أَجْلِ كِسْرَةٍ، وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى إِنِ اتَّبَعْتُهُ أَبَدًا.[(175)]
يوضح لنا حقيقة أبي جهل؛ عمرو بن هشام أبو زهرة في خاتم الأنبياء -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- فكتب يقول:
" أن أشد الناس طغيانا علىٰ النبي -صلىٰ الله تعالىٰ عليه وسلم- عمرو بن هشام الذي سماه التاريخ الإسلامي بحق " أبا جهل " فقد كان فاجرا، لا شرف في القول يقيده، ولا خلق كريم يمنعه، بل كان الحقد الدفين يدفعه، وكان النبي - عليه الصلاة والسلام - يصابره ليثير عطف الناس علىٰ الدعوة المحمدية، يترك هذا الطاغوت فى اندفاعه إلىٰ الشر وصبره له[(176)]











أما مَا رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ[(177)] فـــَقِيلَ:
أَنَّهُ اجْتِمَاعُ نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ :
- أَبُو لَهَبٍ[(178)] ، وَ
- أَبُو سُفْيَانَ ، وَ
- الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، وَ
- النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ[(179)] ، وَ
- أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ[(180)] ، وَ
- الْعَاصِي بْنُ وَائِلٍ[(181)] ، و
- َالْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ[(182)]... اجْتَمَعُوا... وَقَالُوا : قَدِ اجْتَمَعَتْ وُفُودُ الْعَرَبِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ ، وَهُمْ يَتَسَاءَلُونَ عَنْ أَمْرِ مُحَمَّدٍ ،[(183)] ...



هنا يلتقط خيط الرواية ابن كثير الدمشقي فيقول: زَعَمَ السُّدّيُّ[(184)] أَنَّهُمْ لَمَّا اجْتَمَعُوا فِي دَارِ النَّدْوَةِ لِيُجْمِعُوا رَأْيَهُمْ عَلَىٰ قَوْلٍ يَقُولُونَهُ فِيهِ [أي في النبي محمد -عليه السلام-] ، قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِمْ وُفُودُ الْعَرَبِ لِلْحَجِّ لِيَصُدُّوهُمْ عَنْهُ[(185)] وَقَدِ [ قال قائل منهم][(186)] اخْتَلَفْتُمْ فِي الْإِخْبَارِ عَنْهُ ؛ فَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ [ وتوجد رواية :"
فَقَالَ قَائِلُونَ " :] [(187)]مَجْنُونٌ (!)،
وَ
آخَرُ يَقُولُ [فَقَالَ قَائِلُونَ :][(188)]كَاهِنٌ (!)،
وَ
آخَرُ يَقُولُ [فَقَالَ قَائِلُونَ :][(189)]شَاعِرٌ (!)،
[وَقَالَ آخَرُونَ : ] [(190)] [فَقَالُوا :" سَاحِرٌ (!)" ،
فرد عليهم الْوَلِيدُ فــ قَالَ:
" لَقَدْ رَأَيْنَا السُّحَّارَوَسِحْرَهُمْ فَمَا هُوَ بِنَفْثِهِ وَلَا عَقْدِهِ " .... وَ
انْصَرَفَ الْوَلِيدُ إِلَىٰ بَيْتِهِ... فَــ
دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ :
" مَا لَكَ يَا أَبَا عَبْدِشَمْسٍ أَصَبَأْتَ ؟ " ؛[و
هذه رواية وهناك آخرى أغضبته سأذكرها ]
فَــ
قَالَ الْوَلِيدُ: " فَكَّرْتُ فِي أَمْرِ مُحَمَّدٍ ، وَإِنَّ أَقْرَبَ الْقَوْلِ فِيهِ أَنْ تَقُولُوا : « سَاحِرٌ»... جَاءَ بِقَوْلٍ هُوَ سِحْرٌ ، يُفَرِّقُ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَأَبِيهِ وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَأَخِيهِ ، وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجَتِهِ ، وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَعَشِيرَتِهِ ،][(191)]
وتفصيل قولهم :
" أَنَّهُمْ لَمَّا اجْتَمَعُوا فِي دَارِ النَّدْوَةِ لِيُجْمِعُوا رَأْيَهُمْ عَلَىٰ قَوْلٍ يَقُولُونَهُ فِي النبي محمد عليه السلام ، قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهِمْ وُفُودُ الْعَرَبِ لِلْحَجِّ لِيَصُدُّوهُمْ عَنْهُ " :
فــَ
تَعْلَمُ الْعَرَبُ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ [مَجْنُونٌ ، كَاهِنٌ ، شَاعِرٌ ، سَاحِرٌ ] لَا يَجْتَمِعُ فِي رَجُلٍ وَاحِدٍ ،فَسَمُّوا مُحَمَّدًا بِاسْمٍ وَاحِدٍ يَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ ، وَتُسَمِّيهِ الْعَرَبُ بِهِ "...





ونعود لما قاله الوليد بن المغيرة المخزومي ردا علىٰ أقوالهم جميعاً :
" فَقَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ فَقَالَ :" شَاعِرٌ (!) " ؛
فنسمع رد الوليد إذ : قَالَ : سَمِعْتُ كَلَامَ ابْنِ الْأَبْرَصِ [- يَعْنِي عَبِيدَ بْنَ الْأَبْرَصِ][(192)] ،وَأُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ[(193)] [وَعَرَفْتُ الشِّعْرَ كُلَّهُ] [(194)]، وَمَا يُشْبِهُ كَلَامُ مُحَمَّدٍ كَلَامَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا [ أي ليس كَلَامَ شَاعِرٍ ،] ؛ فَــ
قَالُوا : " كَاهِنٌ "(!).
فَقَالَ الْوَلِيدُ: " مَا هُوَ بِزَمْزَمَةِ الْكَاهِنِ وَلَا بِسَجْعِهِ "[(195)] و
اردف فَقَالَ : الْكَاهِنُ يَصْدُقُ وَيَكْذِبُ وَمَا كَذَبَ مُحَمَّدٌ قَطُّ ؛ فَــ
قَامَ آخَرُ فَقَالَ : " مَجْنُونٌ"(!)؛
فَقَالَ الْوَلِيدُ: [لَقَدْ عَرَفْنَا الْجُنُونَ فَإِنَّ الْمَجْنُونَ يُخْنَقُ فَمَا هُوَ بِخَنْقِهِ وَلَا تَخَالُجِهِ وَلَا وَسْوَسَتِهِ][(196)] فــ الْمَجْنُونُ يَخْنُقُ النَّاسَ وَمَاخَنَقَ مُحَمَّدٌ قَطُّ . وَ
انْصَرَفَ الْوَلِيدُ إِلَى بَيْتِهِ ، فَــ
قَالُوا : صَبَأَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ؛
[هذه هي الرواية الآخرى] فَــ
دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو جَهْلٍ وَقَالَ : مَالَكَ يَا أَبَا عَبْدِشَمْسٍ ! هَذِهِ قُرَيْشٌ تَجْمَعُ لَكَ شَيْئًا يُعْطُونَكَهُ[(197)] ، زَعَمُوا أَنَّكَ قَدِ احْتَجْتَ وَصَبَأْتَ .
فقد قيل كان ماله : أَرْبَعَةُ آلَافِ دِينَارٍ؛
وَ
قَالَ آخَرُونَ : كَانَ مَالُهُ أَرْضًا؛كَانَ ذَلِكَ غَلَّةَ شَهْرٍ بِشَهْرٍ .
وَ
الصَّوَابُ [كما قال الطبري؛ أبو جعفر] مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ كَمَا قَالَ اللَّهُ -تعالى ذكره - » وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا » وَهُوَ الْكَثِيرُ الْمَمْدُودُ ، عَدَدُهُ أَوْ مَسَاحَتُهُ[(198)].
و
قِيلَ : هُوَ مَا يُمَدُّ بِالنَّمَاءِ كَالزَّرْعِ وَالضَّرْعِ وَالتِّجَارَةِ . ".[(199)]
فَقَالَ الْوَلِيدُ: " مَا لِي إِلَى ذَلِكَ حَاجَةٌ ، وَلَكِنِّي فَكَّرْتُ فِي مُحَمَّدٍ " ، فَــ
قُلْتُ [ يتساءل الوليد ] : " مَا يَكُونُ مِنَ السَّاحِرِ ؟ " . فَــ
قِيلَ : " يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ ، وَبَيْنَ الْأَخِ وَأَخِيهِ ، وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا" ، فَـ
قُلْتُ [أي الوليد... بعد تفكره وتقديره -اخزاه الله تعالى -] : إِنَّهُ سَاحِرٌ . شَاعَ هَذَا فِي النَّاسِ وَصَاحُوا يَقُولُونَ : إِنَّ مُحَمَّدًا سَاحِرٌ .[(200)] وَ
فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى توضح حال توترهم :
"
أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ اجْتَمَعَ، وَنَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَكَانَ ذَا سِنٍّ فِيهِمْ ، وَقَدْ حَضَرَ الْمَوْسِمَ فَقَالَ : إِنَّ وُفُودَ الْعَرَبِ سَتُقْدِمُ عَلَيْكُمْ فِيهِ ،وَقَدْ سَمِعُوا بِأَمْرِ صَاحِبِكُمْ هَذَا ، فَأَجْمِعُوا فِيهِ رَأْيًا وَاحِدًا وَلَا تَخْتَلِفُوا ، فَيُكَذِّبُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ، وَيَرُدُّ بَعْضُكُمْ قَوْلَ بَعْضٍ ، فَــ

قَالُوا : " فَأَنْتَ يَا أَبَا عَبْدِشَمْسٍ فَقُلْ ، وَأَقِمْ لَنَا رَأْيًا نَقُومُ بِهِ " . فَــ
قَالَ : " بَلْ أَنْتُمْ فَقُولُوا وَأَنَا أَسْمَعُ " ، فَــ
قَالُوا : " نَقُولُ كَاهِنٌ ، فَــ
قَالَ : " مَا هُوَ بِكَاهِنٍ ، لَقَدْ رَأَيْتُ الْكُهَّانَ فَمَا هُوَ بِزَمْزَمَةِ الْكُهَّانِ " . فَــ
قَالُوا : " نَقُولُ مَجْنُونٌ " ،فَــ
قَالَ : " مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ ، لَقَدْ رَأَيْنَا الْمَجْنُونَ وَعَرَفْنَاهُ فَمَا هُوَ بِخَنَقِهِ وَلَا تَخَالُجِهِ وَلَا وَسْوَسَتِهِ " .
قَالُوا : " فَنَقُولُ شَاعِرٌ " ،فَــ
قَالَ : " مَا هُوَ بِشَاعِرٍ ، قَدْ عَرَفْنَا الشِّعْرَ بِرَجَزِهِ وَهَزَجِهِ وَقَرِيظِهِ وَمَقْبُوضِهِ وَمَبْسُوطِهِ فَمَا هُوَ بِالشِّعْرِ " .
قَالُوا : " فَنَقُولُ سَاحِرٌ " ،
قَالَ : " فَمَا هُوَ بِسَاحِرٍ ، قَدْ رَأَيْنَا السُّحَّارَ وَسِحْرَهُمْ ، فَمَا هُوَ بِنَفْثِهِ وَلَا عَقْدِهِ" . فَــ
قَالُوا : " مَا نَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِشَمْسٍ ؟ " .
قَالَ : " وَاللَّهِ إِنْ لِقَوْلِهِ حَلَاوَةً ، وَإِنَّ أَصْلَهُ لَغَدِقٌ ، وَإِنَّ فَرْعَهُ لَجَنَى ، فَمَا أَنْتُمْ بِقَائِلِينَ مِنْ هَذَا شَيْئًا إِلَّا عُرِفَ أَنَّهُ بَاطِلٌ ، وَإِنَّ أَقْرَبَ الْقَوْلِ أَنْ تَقُولُوا : « سَاحِرٌ » يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ أَبِيهِ ، وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ أَخِيهِ ، وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجَتِهِ ، وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَعَشِيرَتِهِ . فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ ، فَجَعَلُوا يَجْلِسُونَ لِلنَّاسِ حِينَ قَدِمُوا الْمَوْسِمَ لَا يَمُرُّ بِهِمْ أَحَدٌ إِلَّا حَذَّرُوهُ إِيَّاهُ ، وَذَكَرُوا لَهُ أَمْرَهُ ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ : « ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا » . إِلَىٰ قَوْلِهِ : « سَأُصْلِيهِ سَقَرَ.«
وَ
أَنْزَلَ فِي النَّفَرِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ : « الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ » . أَيْ أَصْنَافًا .[(201)]

-**-
وأنتقل بحضراتكم إلى ما حدث مباشرة بين النبي المصطفى عليه السلام وبين الوليد بن المغيرة
فَعَنْ عِكْرِمَةَ[(202)] ، أَنْ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ جَاءَ إِلَىٰ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ[(203)]
وعند البغوي في رواية آخرى :" (غَافِرٍ : 1 - 3 ) قَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-فِي الْمَسْجِدِ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَرِيبٌ مِنْهُ يَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ ، فَلَمَّا فَطِنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-لِاسْتِمَاعِهِ لِقِرَاءَتِهِ [الْقُرْآنَ] أَعَادَ قِرَاءَةَ الْآيَةِ ، فَانْطَلَقَ الْوَلِيدُ حَتَّىٰ أَتَىٰ مَجْلِسَ قَوْمِهِ بَنِي مَخْزُومٍ ، فَقَالَ : [ وَاللَّهِ ] لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ مُحَمَّدٍ آنِفًا كَلَامًا مَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الْإِنْسِ وَلَا مِنْ كَلَامِ الْجِنِّ.[(204)]
ونسمع قول الْوَلِيد حين :" نَزَلَ :»{ حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} »... إِلَىٰ قَوْلِهِ : »{ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ } » سَمِعَهُ يَقْرَؤُهَا ؛ فَــ
كَأَنَّهُ رَقَّ لَهُ[(205)]]فَــ
قَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلَامًا مَا هُوَ مِنْ كَلَامِ الْإِنْسِ وَلَا مِنْ كَلَامِ الْجِنِّ ، وَإِنَّ لَهُ لَحَلَاوَةً ، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً ، وَإِنَّ أَعْلَاهُ لَمُثْمِرٌ، وَإِنَّ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ ، وَإِنَّهُ لَيَعْلُوُ وَلَا يُعْلَىٰ عَلَيْهِ، وَمَا يَقُولُ هَذَا بَشَرٌ[(206)]
ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ.
فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: " سَحَرَهُ مُحَمَّدٌ"... صَبَأَ وَاللَّهِ الْوَلِيدُ ، وَاللَّهِ لَتَصْبُوَنَّ قُرَيْشٌ كُلُّهُمْ[(207)] .
فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ[(208)]
ونتتبع الرواية من بدايتها :
رُوِيَ أَنَّ الْوَلِيدَ سَمِعَ مِنَ الْقُرْآنِ مَا أَعْجَبَهُ وَمَدَحَهُ ، ثُمَّ سَمِعَ كَذَلِكَ مِرَارًا حَتَّى كَادَ أَنْ يُقَارِبَ الْإِسْلَامَ. وَدَخَلَ إِلَىٰ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَىٰ عَنْهُ -مِرَارًا ، فَــ
جَاءَهُ أَبُو جَهْلٍ ، فَــ
قَالَ : " يَا وَلِيدُ! ... أَشَعَرْتَ أَنَّ قُرَيْشًا قَدْ ذَمَّتْكَ بِدُخُولِكَ إِلَىٰ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ ، وَزَعَمَتْ أَنَّكَ إِنَّمَا تَقْصِدُ أَنْ تَأْكُلَ طَعَامَهُ ؟ وَقَدْ أَبْغَضَتْكَ لِمُقَارَبَتِكَ أَمْرَ مُحَمَّدٍ ، وَمَا يُخَلِّصُكَ عِنْدَهُمْ إِلَّا أَنْ تَقُولَ فِي هَذَا الْكَلَامِ قَوْلًا يُرْضِيهِمْ ، فَــ
فَتَنَهُ أَبُو جَهْلٍ فَافْتَتَنَ ، وَقَالَ: " أَفْعَلُ " [(209)].
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَوْلُهُ : « { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ } » إِلَىٰ « { ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ } ».
قَالَ : دَخَلَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَلَىٰ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي قُحَافَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، يَسْأَلُهُ عَنِ الْقُرْآنِ ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُ خَرَجَ عَلَىٰ قُرَيْشٍ فَقَالَ : "يَا عَجَبًا لِمَا يَقُولُ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ ، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ بِشِعْرٍ، وَلَا بِسَحْرٍ ، وَلَا بِهَذْيٍ مِنَ الْجُنُونِ ، وَإِنَّ قَوْلَهُ لَمِنْ كَلَامِ اللَّهِ " ، فَــ
لَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ النَّفَرُ مِنْ قُرَيْشٍ ائْتَمَرُوا ؛ وَ
قَالُوا : " وَاللَّهِ لَئِنْ صَبَأَ الْوَلِيدُ لَتَصْبَأَنَّ قُرَيْشٌ " ، فَــ
لَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ أَبُو جَهْلٍ قَالَ :" أَنَا وَاللَّهِ أَكْفِيكُمْ شَأْنَهُ[(210)].
ونسمع رواية الطبري تقول : " فَــ
قَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: "يَتَحَدَّثُونَ أَنَّكَ إِنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ لِتُصِيبَ مِنْ طَعَامِهِ " ،
قَالَ الْوَلِيدُ : " أَقَدْ تَحَدَّثَتْ بِهِ عَشِيرَتِي(!؟) ، فَلَا يَقْصُرُ عَنْ سَائِرِ بَنِي قَصِيٍّ ، لَا أَقْرَبُ أَبَا بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا ابْنَ أَبِي كَبْشَةَ (!)"...
ثم يخلص إلىٰ القول :" وَمَا قَوْلُهُ إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ "[(211)]
نكمل الرواية لتوضح لنا المناخ العام والصورة التي كان عليها أهل مكة عند البعثة المحمدية:
فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: أَنَا أَكْفِيكُمُوهُ .فَمَضَىٰ إِلَيْهِ حَزِينًا ؟ ؛ فَانْطَلَقَ حَتَّىٰ دَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَهُ[(212)] ، فَأَتَاهُ فَــ
قَالَ : أَيْ عَمُّ[(213)] فَــ
قَالَ ابن المغيرة لَهُ : " مَا لِي أَرَاكَ حَزِينًا ". فَــ
قَالَ : [ إِنَّ قَوْمَكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَجْمَعُوا لَكَ مَالًا(!!!)[(214)] . وَقَالَ لِلْوَلِيدِ: أَلَمْ تَرَ قَوْمَكَ قَدْ جَمَعُوا لَكَ الصَّدَقَةَ[(215)].
أوضح الرواية بقول:
أَبُي جَهْلٍ لَهُ : " وَمَا لِي لَا أَحْزَنُ وَهَذِهِ قُرَيْشٌ يَجْمَعُونَ لَكَ نَفَقَةً يُعِينُونَكَ بِهَا عَلَىٰ كِبَرِ سِنِّكَ وَ -يَزْعُمُونَ- أَنَّكَ زَيَّنْتَ كَلَامَ مُحَمَّدٍ ، وَتَدْخُلُ عَلَىٰ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ وَابْنِ أَبِي قُحَافَةَ لِتَنَالَ مِنْ فَضْلِ طَعَامِهِمَا ؛
[قَالَ : " لِمَ ؟ ". [يَجْمَعُونَ المَال!؟ ]
قَالَ : يُعْطُونَكَهُ ، فَإِنَّكَ أَتَيْتَ مُحَمَّدًا تَتَعَرَّضُ لِمَا قِبَلَهُ[(216)]
فَــ « غَضِبَ » الْوَلِيدُ وَ « تَكَبَّرَ »،
قلتُ(الرمادي):وهذا ما اراده عمرو بن هشام ؛ أبو جهل من إثارة النعرة الجاهلية في نفس ابن المغيرة !!.
فرد مسرعاً
وَقَالَ : أَنَا أَحْتَاجُ إِلَىٰ كِسَرِ مُحَمَّدٍ وَصَاحِبِهِ ، فَأَنْتُمْ تَعْرِفُونَ قَدْرَ مَالِي ، وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى مَا بِي حَاجَةٌ إِلَىٰ ذَلِكَ ،
قلت(الرمادي) : وهذا ما اراده أبو جهل من حديثه مع الوليد... إثارة الحمية الجاهلية...
قَالَ الْوَلِيدُ : قَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنِّي أَكْثَرُهَا مَالًا[(217)]
ثم قَالَ : أَلَسْتُ أَكْثَرَهُمْ مَالًا وَوَلَدًا ؟[(218)]
قَالَ أَبِو جَهْلٍ: " فَقُلْ فِيهِ قَوْلًا يُعْلِمُ قَوْمَكَ أَنَّكَ مُنْكِرٌ لِمَا قَالَ ، وَأَنَّكَ كَارِهٌ لَهُ[(219)]
ثُمَّ قَامَ مَعَ أَبِي جَهْلٍ حَتَّى أَتَى مَجْلِسَ قَوْمِهِ ، فَــ
قَالَ لَهُمْ[(220)] : إِنَّمَا أَنْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ ، وتَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَاهِنٌ وَتَزْعُمُونَ أَنَّهُ شَاعِرٌ ، تَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَذَّابٌ وهم يقولون : لَا -وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- يُسَمَّى الْأَمِينُ قَبْلَ النُّبُوَّةِ ، مِنْ صِدْقِهِ – فَــ
قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلْوَلِيدِ : فَمَا هُوَ؟[(221)] .
قَالَ : " فَمَاذَا أَقُولُ فِيهِ ؟ "، فَوَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ رَجُلٌ أَعْلَمُ بِالْأَشْعَارِ مِنِّي ، وَلَا أَعْلَمُ بِرَجْزِهِ وَلَا بِقَصِيدِهِ وَلَا بِأَشْعَارِ الْجِنِّ ، وَاللَّهِ مَا يُشْبِهُ الَّذِي يَقُولُهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ[(222)]
قَالُوا : " لَا وَاللَّهِ " .
قَالَ : " فَتَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَذَّابٌ فَهَلْ جَرَّبْتُمْ عَلَيْهِ كَذِبًا قَطُّ ؟ "،
قَالُوا : " لَا وَاللَّهِ " .
قَالَ : " فَتَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَاهِنٌ فَهَلْ رَأَيْتُمُوهُ تَكَهَّنَ قَطُّ "، وَلَقَدْ رَأَيْنَا لِلْكَهَنَةِ أَسْجَاعًا وَتَخَالُجًا فَهَلْ رَأَيْتُمُوهُ كَذَلِكَ ؟ ".
قَالُوا : " لَا وَاللَّهِ " .
وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-يُسَمَّى الصَّادِقَ الْأَمِينَ مِنْ كَثْرَةِ صِدْقِهِ . فَــ
قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلْوَلِيدِ: " فَمَا هُوَ ؟ " ؛ فَــ
فَكَّرَ فِي نَفْسِهِ ، ثُمَّ نَظَرَ ، ثُمَّ عَبَسَ ، فَــ قَالَ : " مَا هُوَ إِلَّا سَاحِرٌ ! أَمَا رَأَيْتُمُوهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَمَوَالِيهِ ؟ " [(223)]
مع اعترافه الكامل في عدة روايات أنه قال:" وَاللَّهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي يَقُولُ لَحَلَاوَةً ، وَإِنَّهُ لَيُحَطِّمُ مَا تَحْتَهُ ، وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَمَا يَعْلَىٰ . وَ
قَالَ أَبِوجَهْلٍ: " وَاللَّهِ لَا يَرْضَى قَوْمُكَ حَتَّىٰ تَقُولَ فِيهِ ".قَالَ الوليد : " فَدَعْنِي حَتَّىٰ أُفَكِّرَ فِيهِ " ، فَلَمَّا فَكَّرَ قَالَ : " إِنَّ هَذَا سِحْرٌ يَأْثِرُهُ عَنْ غَيْرِهِ ". [(224)][(225)]
إلا أن
النعرة الجاهلية
و
عناد الجهل
سيطر على قلوب وأفئدة وعقول القوم فصاروا لا يبصرون !.

وعند الطبري وأثيرالدين الأندلسي رواية ؛ أذكرها كي تكتمل الصورة الذهنية لحال أهل مكة !: "
عَنْ قَتَادَةَ[(226)] قَوْلُهُ : « {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ} » ، ( زَعَمُوا ) :فقد " رُوِيَ أَنَّ الْوَلِيدَ حَاجَّ [اللفظ لأثير الدين] أَبَا جَهْلٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فِيأَمْرِ الْقُرْآنِ ،[(227)] أَنَّهُ قَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ نَظَرْتُ فِيمَا قَالَ هَذَا الرَّجُلُ ، فَإِذَا هُوَ لَيْسَ لَهُ بِشِعْرٍ ، وَإِنَّ لَهُ لَحَلَاوَةً ، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً ،[ وَإِنَّ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ ،وَإِنَّ فَرْعَهُ لَجَنَاةٌ ، وَإِنَّهُ لَيَحْطِمُ مَا تَحْتَهُ][(228)]وَإِنَّهُ لَيَعْلُو وَمَا يُعْلَىٰ[(229)] ، وَنَحْوُ هَذَا مِنَ الْكَلَامِ ،فَـــ
خَالَفُوهُ وَ
قَالُوا : " هُوَ شِعْرٌ " ، فَــ
قَالَ : " وَاللَّهِ مَا هُوَ بِشِعْرٍ ،قَدْ عَرَفْنَا الشِّعْرَ هَزَجَهُ وَبَسِيطَهُ " ،
قَالُوا : " فَهُوَ كَاهِنٌ "،
قَالَ : " وَاللَّهِ مَا هُوَ بِكَاهِنٍ، لَقَدْ رَأَيْنَا الْكُهَّانَ " ،
قَالُوا : " هُوَ مَجْنُونٌ " ،
قَالَ : " وَاللَّهِ مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ ،
لَقَدْ رَأَيْنَا الْمَجْنُونَ وَخَنْقَهُ "،
قَالُوا : " هُوَ سِحْرٌ " ،
قَالَ : " أَمَّا هَذَا فَيُشْبِهُ أَنَّهُ سِحْرٌ ، وَيَقُولُ أَقْوَالَ نَفْسِهِ " .
... كُلُّ هَذَا وَالْوَلِيدُ يُفَكِّرُ فِيمَا يَقُولُهُ فِيهِ ، فَفَكَّرَ وَقَدَّرَ ، وَنَظَرَ وَعَبَسَ وَبَسَرَ ،فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ " [(230)]

-**-

وذكرتُ الروايات عمداً لنتحسس ما حدث بالتمام مع أول لحظات غرس بذرة الإسلام في المجتمع المكي فــ
قد رُوِيَ هَذَا بِأَلْفَاظٍ غَيْرِ هَذِهِ وَيَقْرُبُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ، وَفِيهِ : "وَتَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَذِبٌ ، فَهَلْ جَرَّبْتُمْ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الْكَذِبِ ؟ " ؛ فَــ
قَالُوا : " فِي كُلِّ ذَلِكَ اللَّهُمَّ لَا "، ثُمَّ
قَالُوا : " فَمَا هُوَ ؟ ". فَــ
فَكَّرَ ثُمَّ قَالَ: " مَا هُوَ إِلَّا سَاحِرٌ . أَمَا رَأَيْتُمُوهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَأَهْلِهِ ، وَوَلَدِهِ وَمَوَالِيهِ ؟ وَمَا الَّذِي يَقُولُهُ إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثِرُهُ عَنْ مِثْلِ مُسَيْلِمَةَ وَعَنْ أَهْلِ بَابِلَ ، فَارْتَجَّ النَّادِي فَرَحًا وَتَفَرَّقُوا مُتَعَجِّبِينَ مِنْهُ "[(231)].
ثم أكد الوليد ما فكر فيه بقوله : "وَمَا أَشُكُّ أَنَّهُ سَحْرٌ ".[(232)]
-**-
إذاً الخلاصة من هذه الروايات وتتبعها الوصول إلى القصد منها وهو :
الدعاية المغرضة وإشاعتها بين الناس خاصة لقرب قدوم موسم الحج ومجئ القبائل العربية من كل حدب وصوب لمكة فتستقبلهم وشاية أن بمكة ساحر يسحر الناس لينفضوا من حوله!...

وعند الطبري أيضا :" قَالَ ابْنُ زَيْدٍ[(233)] فِي قَوْلِهِ : » ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا » إِلَىٰ قَوْلِهِ : » إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ » ، قَالَ : هَذَا الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ... ثم
قَالَ : " سَأَبْتَارُ لَكُمْ هَذَا الرَّجُلَ اللَّيْلَةَ " ، فَأَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، فَوَجَدَهُ قَائِمًا يُصَلِّي وَيَقْتَرِئُ ، وَأَتَاهُمْ فَقَالُوا : " مَهْ ! ".
قَالَ : " سَمِعْتُ قَوْلًا حُلْوًا أَخْضَرَ مُثْمِرًا يَأْخُذُ بِالْقُلُوبِ " ، فَــ
قَالُوا : " هُوَ شِعْرٌ !؟ " .فَـ
قَالَ : " لَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِالشِّعْرِ ، لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالشِّعْرِ مِنِّي ، أَلَيْسَ قَدْ عَرَضَتْ عَلَيَّ الشُّعَرَاءُ شِعْرَهُمْ نَابِغَةُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ ؟
قَالُوا : " فَهُوَ كَاهِنٌ " ،فَــ
قَالَ : " لَا وَاللَّهِ مَا هُوَ بِكَاهِنٍ ، قَدْ عَرَضَتْ عَلَيَّ الْكَهَانَةُ " ،
قَالُوا : " فَهَذَا سِحْرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهُ "،
قَالَ : " لَا أَدْرِي إِنْ كَانَ شَيْئًا فَعَسَى هُوَ إِذًا سَحْرٌ يُؤْثَرُ "[(234)].



رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَامَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَالَ : " يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، وَاللَّهِ لَقَدْ نَزَلَ بِكُمْ أَمْرٌ مَا ابْتُلِيتُمْ بِمِثْلِهِ ، لَقَدْ .... [(235)] و
أكمل الرواية من الشفا بتعريف حقوق المصطفىٰ للقاضي عياض:
كَانَ مُحَمَّدٌ فِيكُمْ غُلَامًا حَدَثًا أَرْضَاكُمْ فِيكُمْ ، وَأَصْدَقَكُمْ حَدِيثًا ، وَأَعْظَمَكُمْ أَمَانَةً حَتَّى إِذَا رَأَيْتُمْ فِي صُدْغَيْهِ الشَّيْبَ ، وَجَاءَكُمْ بِمَا جَاءَكُمْ بِهِقُلْتُمْ : سَاحِرٌ ! لَا وَاللَّهِ ، مَا هُوَ بِسَاحِرٍ.[(236)]...



يلتقط خيط الرواية ابن تيمية:



" قُلْتُمْ : " سَاحِرٌ "..." لَا - وَاللَّهِ - مَا هُوَ بِسِحْرٍ ، قَدْ رَأَيْنَا السَّحَرَةَ وَنَفْثَهُمْ وَعَقْدَهُمْ "، وَ
قُلْتُمْ : " كَاهِنٌ "... "لَا - وَاللَّهِ - مَا هُوَ بِكَاهِنٍ ، قَدْ رَأَيْنَا الْكَهَنَةَ وَسَمِعْنَا سَجْعَهُمْ "، وَ
قُلْتُمْ : " شَاعِرٌ "... "لَا - وَاللَّهِ - مَا هُوَ بِشَاعِرٍ ، لَقَدْ رَوَيْنَا الشِّعْرَ ، وَسَمِعْنَا أَصْنَافَهُ كُلَّهَا ؛ هَزَجَهُ وَرَجَزَهُ وَقَرِيظَهُ "، وَ
قُلْتُمْ : " مَجْنُونٌ "..."وَلَا - وَاللَّهِ - مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ ، لَقَدْ رَأَيْنَا الْمَجْنُونَ فَمَا هُوَ بِخَنْقِهِ ، وَلَا تَخْلِيطِهِ "...
ثم يخاطبكم قائلاً: " يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ :" انْظُرُوا فِي شَأْنِكُمْ فَإِنَّهُ - وَاللَّهِ - لَقَدْ نَزَلَ بِكُمْ أَمْرٌ عَظِيمٌ " . وَ
كَانَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ مِنْ شَيَاطِينِ قُرَيْشٍ ، وَمِمَّنْ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ، وَيَنْصِبُ لَهُ الْعَدَاوَةَ . ".[(237)]
فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فِي وَصْفِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-:« أَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً.« [(238)]
والمعنى قريب من سابقه لكن مع شخصيات آخرىٰ :
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْن ِالصَّامِتِ قَالَ : " قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَرَجْنَا مِنْ قَوْمِنَا غِفَارٍ ، وَكَانُوا يُحِلُّونَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَأَخِي أُنَيْسٌ وَأُمُّنَا ، فَنَزَلْنَا عَلَىٰ خَالٍ لَنَا فَأَكْرَمَنَا ، وَأَحْسَنَ إِلَيْنَا فَحَسَدَنَا قَوْمُهُ "، فَــ
قَالُوا : " إِنَّكَ إِذَا خَرَجْتَ عَنْ أَهْلِكَ خَالَفَ إِلَيْهِمْ أُنَيْسٌ ". فَجَاءَ خَالُنَا فَثَنَا عَلَيْنَا الَّذِي قِيلَ لَهُ ، فَــ
قُلْتُ لَهُ : " أَمَّا مَا مَضَى مِنْ مَعْرُوفِكَ فَقَدْ كَدَّرْتَهُ ، وَلَا جِمَاعَ لَكَ فِيمَا بَعْدُ . فَقَرَّبْنَا صِرْمَتَنَا ، فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا ، وَتَغَطَّى خَالُنَا بِثَوْبِهِ يَبْكِي ، وَانْطَلَقْنَا حَتَّى نَزَلْنَا بِحَضْرَةِ مَكَّةَ.
فَنَافَرَ أُنَيْسٌ رَجُلًا عَنْ صِرْمَتِنَا وَعَنْ مِثْلِهَا فَأَتَيْنَا الْكَاهِنَ فَخَيَّرَ أُنَيْسًا فَأَتَى بِصِرْمَتِنَا وَمِثْلِهَا مَعَهَا . قَالَ : وَقَدْ صَلَّيْتُ يَا ابْنَ أَخِي قَبْلَ أَنْ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-بِثَلَاثِ سِنِينَ ،
قُلْتُ : لِمَنْ ؟
قَالَ : لِلَّهِ ،
قُلْتُ : فَأَيْنَ تَوَجَّهُ ؟
قَالَ : أَتَوَجَّهُ حَيْثُ يُوَجِّهُنِي رَبِّي ، أُصَلِّي عِشَاءً ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أُلْقِيتُ كَأَنِّي خِفَاءٌ ، حَتَّى تَعْلُوَنِي الشَّمْسُ ، فَــ
قَالَ أُنَيْسٌ: إِنَّ لِي حَاجَةً بِمَكَّةَ فَاكْفِنِي . فَانْطَلَقَ أُنَيْسٌ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَرَاثَ عَلَيَّ ، ثُمَّ جَاءَ فَــ
قُلْتُ : مَا صَنَعْتَ ؟
قَالَ : لَقِيتُ رَجُلًا بِمَكَّةَ عَلَى دِينِكَ يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ ،
قُلْتُ : فَمَا يَقُولُ النَّاسُ ؟
قَالَ : يَقُولُونَ : شَاعِرٌ ، كَاهِنٌ ، سَاحِرٌ . وَكَانَ أُنَيْسٌ أَحَدَ الشُّعَرَاءِ ،
قَالَ أُنَيْسٌ: لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ ، فَمَا هُوَ بِقَوْلِهِمْ ، وَلَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشُّعَرَاءِ فَمَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ يُقْرِي بَعْدِي أَنَّهُ شِعْرٌ ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لِــ صَادِقٌ ،وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ .
قَالَ : قُلْتُ : " فَاكْفِنِي حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ "،
قَالَ : " فَأَتَيْتُ مَكَّةَ فَضَعَّفْتُ رَجُلًا مِنْهُمْ "، فَــ
قُلْتُ : " أَيْنَ هَذَا الَّذِي تَدْعُونَهُ الصَّابِئَ ؟ ". فَــ
أَشَارَ إِلَيَّ فَقَالَ : الصَّابِئَ ، فَمَالَ عَلَيَّ أَهْلُ الْوَادِي بِكُلِّ مَدَرَةٍ وَعَظْمٍ حَتَّى خَرَرْتُ مَغْشِيًّا عَلَيَّ . . . " ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَصِفَةَ إِسْلَامِهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- بِلَفْظِ مُسْلِمٍ[(239)].
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ جَاءَ إِلَىٰ النَّبِيِّ ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ : » { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} » .
قَالَ : " أَعِدْ "، فَــ
أَعَادَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-فَـ
قَالَ : " وَاللَّهِ إِنَّ لَهُ لَحَلَاوَةً ، وَإِنَّ عَلَيْهِ لِطَلَاوَةً ، وَإِنَّ أَعْلَاهُ لِمُثْمِرٌ ، وَإِنَّ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ ، وَمَا يَقُولُ هَذَا الْبَشَرُ[(240)]
قَالَ الزُّهْرِيُّ : " حُدِّثْتُ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ وَأَبَا سُفْيَانَ ، وَالْأَخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ ، خَرَجُوا لَيْلَةً لِيَسْمَعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وَهُوَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فِي بَيْتِهِ ، وَأَخَذَكُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَجْلِسًا لِيَسْتَمِعَ فِيهِ ، وَكُلٌّ لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِ صَاحِبِهِ ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ حَتَّى إِذَا أَصْبَحُوا ، وَطَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا ، فَجَمَعَتْهُمُ الطَّرِيقُ فَتَلَاوَمُوا ، وَ
قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : " لَا تَعُودُوا ، فَلَوْ رَآكُمْ بَعْضُ سُفَهَائِكُمْ لَأَوْقَعْتُمْ فِي - نَفْسِهِ شَيْئًا "،
ثُمَّ انْصَرَفُوا ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ ، عَادَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَىٰ مَجْلِسِهِ فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ ، حَتَّىٰ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا فَجَمَعَتْهُمُ الطَّرِيقُ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مِثْلَ مَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، ثُمَّ انْصَرَفُوا ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّالِثَةُ، فَعَلُوا كَذَلِكَ ، ثُمَّ جَمَعَتْهُمُ الطَّرِيقُ فَتَعَاهَدُوا أَنْ لَايَعُودُوا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ أَخَذَ عَصَاهُ ، ثُمَّ أَتَى أَبَا سُفْيَانَ فِي بَيْتِهِ فَــ
قَالَ : " أَخْبِرْنِي يَا أَبَاحَنْظَلَةَ عَنْ رَأْيِكَ فِيمَا سَمِعْتَ مِنْ مُحَمَّدٍ (!!؟). فَــ
قَالَ : " يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ ، وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ أَشْيَاءَ أَعْرِفُهَا ، وَأَعْرِفُ مَا يُرَادُ بِهَا" ، فَــ
قَالَ الْأَخْنَسُ: " وَأَنَا ، وَالَّذِي حَلَفْتَ بِهِ " ،
ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى أَتَىٰ أَبَا جَهْلٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَهُ ، فَــ
قَالَ : " يَا أَبَا الْحَكَمِ مَا رَأْيُكَ فِيمَا سَمِعْتَ مِنْ مُحَمَّدٍ _!!؟). فَــ
قَالَ : " مَاذَا سَمِعْتُ "، تَنَازَعْنَا نَحْنُ وَبَنُو عَبْدِمُنَافٍ الشَّرَفَ ؛
- أَطْعَمُوا فَأَطْعَمْنَا، وَ
- حَمَلُوا فَحَمَلْنَا ، وَ
- أَعْطَوْا فَأَعْطَيْنَا ،
ثُمَّ
إِذَا تَجَاثَيْنَا عَلَىٰ الرُّكَبِ ، وَكُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ ،
قَالُوا :
- مِنَّا نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ ، فَــ
مَتَى نُدْرِكُ هَذِهِ ؟ وَاللَّهِ لَانُؤْمِنُ بِهِ وَلَا نُصَدِّقُهُ أَبَدًا [(241)]
قلت(الرمادي):" قول صريح ليس ما بعده من تصريح وتبيان ووضوح !!!







" نذهب لأبي زهرة إذ كتب يقول :"العصبية العربية الجاهلية التي كانت مستمكنة فى النفس العربية يتوارثونها جيلا بعد يل، فالعرب تنفس علىٰ قريش مكانتها، وقريش تنفس علىٰ بنى قصى ما لهم من مكانة، بنو قصي وغيرهم ينفسون علىٰ بنى عبدمناف، وبنو أمية ينفسون علىٰ بنى هاشم رياستهم لعرب، وكونهم فى المكانة العليا من سدانة البيت والقيام عليه، فهاشم ورث الرياسةمن عبدمناف، وعبدالمطلب أخذها عن هاشم، وأبو طالب ورثها عن عبدالمطلب.
فالدعوة الإسلامية تعرضت لعداوة من عادوا قصيا وتعرضت لمن عادوا عبدمناف، ثم تعرضت لمن كانوا أعداء لبنى هاشم،


ومن كل هؤلاءتكونت المقاومة، ولعل أمثل صورة لهذه العداوات مجتمعة هو عمرو بن هشام الذي اشتهرفى الإسلام باسم أبي جهل - وهو به جدير -. فقد كان فرعون هذه الأمة، وإن لم يكن فرعون فى مثل سفهه وحنقه ورعونته.
نسمع من عند أبي زهرة :





فناداه رسول الله-صَلَّى للَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بكنيته :" أبا الحكم ". [(242)]:" كَذَلِكَ رُوِيَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، أَنَّ أَبَا جَهْلٍقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَقَالَ : إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ مَا يَقُولُ حَقٌّ، وَلَكِنَّ بَنِي قُصَيٍّ قَالُوا : فِينَا النَّدْوَةُ


فَقُلْنَا : نَعَمْ ،


فِينَا الْحِجَابَةُ،


فَقُلْنَا : نَعَمْ ،


فِينَا السِّقَايَةُ،


فَقُلْنَا : نَعَمْ .وَذَكَرَ نَحْوَهُ[(243)] .


والرواية بتمامها «عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، قَالَ : إِنَّ أَوَّلَ يَوْمٍ عَرَفْتُ رَسُولَاللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-أَنِّي كُنْتُ أَمْشِي أَنَا وَأَبُو جَهْلِ بْنِهِشَامٍ فِي بَعْضِ أَزِقَّةِ مَكَّةَ ، إِذَا لَقِينَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِوَسَلَّمَ-، فَقَالَ رَسُولُاللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَآلِهِ وَسَلَّمَ- لأَبِيجَهْلٍ : " يَا أَبَا الْحَكَمِ ، هَلُمَّ إِلَىٰ اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ ، وَإِلَىٰ رَسُولِهِأَدْعُوكَ إِلَىٰ اللَّهِ ،


قَالَ أَبُو جَهْلٍ :يَا مُحَمَّدُ ، هَلْ أَنْتَ مُنْتَهٍ عَنْ سَبِّ آلِهَتِنَا؟


هَلْ تُرِيدُ إِلاأَنْ نَشْهَدَ أَنْ قَدْ بَلَّغْتَ ، فَنَحْنُ نَشْهَدُ أَنْ قَدْ بَلَّغْتَ ،


فَوَاللَّهِ لَوْأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ مَا تَقُولُ حَقٌّ مَا اتَّبَعْتُكَ ،


فَانْصَرَفَ رَسُولُاللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ ،


فَقَالَ :فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّ مَا يَقُولُ حَقًّا ، وَ


لَكِنَّ بَنِيقُصَيٍّ ، قَالُوا : فِينَ االْحِجَابَةُ ،


فَقُلْنَا : نَعَمْ ،


فَقَالُوا : فِينَاالنَّدْوَةُ ،


فَقُلْنَا: نَعَمْ ،


ثُمَّ قَالُوا :فِينَا اللِّوَاءُ ،


فَقُلْنَا : نَعَمْ ،


قَالُوا :فِينَاالسِّقَايَةُ ،


فَقُلْنَا : نَعَمْ ،


ثُمَّ أَطْعَمُواوَأَطْعَمْنَا حَتَّى إِذَا تَحَاكَّتِ الرُّكَبُ ،


قَالُوا : مِنَّانَبِيٌّ وَاللَّهِ لا أَفْعَلُ " .[(244)]


وَفِي صَحِيحِمُسْلِمٍ[(245)] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَدِمَ ضِمَادٌ[(246)] مَكَّةَوَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ ، وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ ، فَسَمِعَسُفَهَاءَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ : " إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ" ، فَــ


قَالَ : " لَوْأَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَشْفِيَهُ عَلَىٰ يَدِي" ،


قَالَ : "فَلَقِيتُ مُحَمَّدًا " ،فَــ


قُلْتُ : "إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ ، وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَىٰ يَدِي مَنْشَاءَ ، فَهَلُمَّ " ،فَــ


قَالَ مُحَمَّدٌ:" إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ ، مَنْ يَهْدِاللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ، أَشْهَدُأَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًاعَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَمَّا بَعْدُ " قَالَ : فَــ


قَالَ : "أَعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ ". فَــ


أَعَادَهُنَّعَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِوَسَلَّمَ- ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ،فَــ


قَالَ : "وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ ، وَقَوْلَ السَّحَرَةِ ، وَقَوْلَالشُّعَرَاءِ ، فَمَا سَمِعْتُ بِمِثْلِ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ ، وَلَقَدْبَلَغْنَ نَاعُوسَ[(247)]الْبَحْرِ". فَــ


قَالَ : " هَاتِيَدَكَ أُبَايِعُكَ عَلَىٰ الْإِسْلَامِ " ،


قَالَ : فَبَايَعَهُرَسُولُ اللَّهِ --صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِوَسَلَّمَ-فَــ


قَالَ : "وَعَلَىٰ قَوْمِكَ " ،فَــ


قَالَ : وَعَلَىٰقَوْمِي".[(248)]الْحَدِيثَ





ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)
نال شرف مراجعة وقراءة وكتابة هذاالفصل :" بدايات ﴿ „ البعثة المحمدية".
د. محمد الرمادي
الخميس ١٧ جمادى الأولى ١٤٤٢ هـ ~ ٣١ديسمبر ٢٠ ٢ م


(د.مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ ِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ)









عرض البوم صور دكتور محمد فخر الدين الرمادي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

جديد ملتقى السيرة النبويه


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

Loading...

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
الحقوق محفوظة لشبكة ملتقى أهل العلم الاسلامي
اختصار الروابط

For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018