08 / 01 / 2020, 46 : 11 PM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ملتقى ماسي | البيانات | التسجيل: | 21 / 01 / 2008 | العضوية: | 19 | المشاركات: | 30,241 [+] | بمعدل : | 4.91 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 0 | نقاط التقييم: | 295 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح وإن كنتَ قد ابتليت فطالما عافيت أبوأنس-حسين بن سعيد الحسنية بسم الله الرحمن الرحيم قال هذه الكلمات عروة بن الزبير الرجل الصالح، العالم، الفقيه، المحدّث، الشاعر، الكريم، الذي اشتهر برباطة جأشه وقوة صبره، قالها بعد تعرّضه لحادث أليم، ومصاب عظيم. ففي يوم من الأيام وهو مسافر من المدينة إلى دمشق، أصيبت إحدى قدميه بالآكلة، وما وصل دمشق حتى لقت الآكلة بنصف ساقة وأتلفتها، فدخل على الوليد بن عبدالملك بن مروان الخليفة، فاستدعى له الأطباء والحكماء، وأمرهم بمعالجته سريعاً، فلما شخصوا الجرح ورأوا الإصابة، أفادوا الخليفة بأنه لا سبيل لعلاجها إلا بالبتر سريعاً قبل أن تنتشر الآكلة على بقيّة الجسد، فوافق عروة على ذلك، وأمرهم الخليفة بذلك، ولما أحضروا السكاكين والمنشار للبدء في القطع، أعطوا عروة سقاء مرقداً؛ لكي يغيب عن وعيه فلا يشعر بألم البتر، إلا أن عروة رفض ذلك بشدة قائلاً: ما كنت أظن أن أحداً يشرب شراباً ليذهب عقله، ثم قال: إن كنتم فاعلون فافعلوا ذلك وأنا في الصلاة، فإني لا أحسّ بذلك ولا أشعر به، فقطعوا رجله وهو قائم يُصلي فما تضّور ولا احتلج، فلما انصرف عزّاه الخليفة الوليد في قدمه، فقال: اللهم لك الحمد كان لي أطرافاً أربعة فأُخذت واحداً، ولئن كنتَ أخذت فقد أبقيت، وإن كان قد ابتليتَ فطالما عافيت، فلك الحمد على ما أخذت وعلى ما عافيت، اللهم إني لم أمش بها إلى سوء قط. ومن البلاء الذي تعرّض له أيضاً، ما اتهم به بعد حادثة القطع تلك، من أن ذلك كان لسبب عظيم أحدثه، فأنشد عروة قولاً لمعن بن أوس حيث قال: لَعَمْرُكَ مَا أهْوَيْتُ كَفَّي لِرَيبَةٍ --- وَلاَ حَمَلَتْنِي نَحْوَ فَاحِشَةٍ رِجْلِي وَلاَ قَادَنِي سَمْعِي وَلاَ بَصَرِي لَهَا --- وَلاَ دَلَّنِي رَأيِي عَلَيْهَا وَلاَعَقْلِي وَأعْلَمُ أنِّي لَمْ تُصِبْنِي مُصِيبَةٌ --- مِنَ الدَّهْرِ إِلَّا قَدْ أصَابَتْ فَتًى قَبْلِي وَلَسْتُ بِمَاشٍ مَا حَيِيتُ لِمُنْكَرٍ --- مِنَ الأمْرِ لاَ يَمْشِي إلَى مِثْلِهِ مِثْلِي وَلاَ مُؤثِراً نَفْسِي عَلَى ذِي قَرَابَةٍ --- وَأُوثِرُ ضَيْفِي مَا أقَامَ عَلَى أهْلِي وقيل أنّ رجلاً ضريراً من بني عبس، دخل على الوليد فسأله عن ما أصابه في عينيه، فقال: يا أمير المؤمنين: بتّ ليلة في بطن وادي، ولا أعلم عبسياً يزيد ماله على مالي، فطرقنا سيل، فذهب بما كان لي من أهل وولد ومال، غير بعير وصبي مولود، وكان البعير صعبًا فنَدَّ، فوضعت الصبي واتّبعت البعير، فلم أجاوز قليلاً حتى سمعت صيحة ابني ورأسه في فم الذئب وهو يأكله، فلحقت البعير لأحبسه فنفحني برجله على وجهي، فحطّمه وذهب بعيني، فأصبحت لا مال، ولا أهل، ولا ولد، ولا بعير، فقال الوليد: انطلقوا به إلى عروة ليعلم أن في الناس من هو أعظم بلاء منه. وكان عروة قد فقد أحد أبناءه واسمه محمد وهو أحب أبناءه إليه وقد تعرض لرفسه من فرسه فمات، ولما جاء المعزّون ليخبروه قال: الحمد لله كانوا سبعة فأخذ الله واحداً وأبقى لي ستة. إنّ من أعظم فوائد مثل هذه القصص التي تتجلّى أمامنا من خلالها صبر الصالحين المحتسبين، قوة صبرهم، وعظم ثباتهم، ولا يحصل له ذلك إلا بقوة إيمانهم بربهم جل وعلا، ومعرفتهم به، واستشعارهم للأجر العظيم المترتب على ذلك الصبر والمجاهدة. أذكر قبل سنوات أن أحدهم أصيب في أبناءه الخمسة، بعد أن قضوا جميعهم في حادث مروري، ولما سمعت بالخبر أيقنت أن والدهم ووالدتهم سيصيبهم الجنون، أو الاكتئاب، أو الصدمات النفسية المتكررة، خاصة أن الحادث وقع أمام ناظريهم، وكنت متابعاً لهما، فما وجدت إلاّ الصبر والإيمان، ولم أسمع عنهما ما كنت أتوقع أن يحصل لهما، وهما الآن يمارسان حياتهما بشكل طبيعي، بل إن الله جلا وعلا قد رزقهما من الذرية الكثير، وأحسب أنهم ممن صبروا على ما أصابهم، احتساباً في ما عند الله تعالى من الرضى والجنة. ولو أنّ كل واحد منا إذا أصيب في ولده، أو في ماله، أو في حياته بشكل عام، توّجه إلى ربه تعالى، بقوله الحمد لله على ما قضيت، ولئن أخذت فقد أبقيت ولئن كنت ابتليت فطالما قد أعطيت، لهان عليه الأمر، ولأنزل الله عليه من رحماته حتى يصبر ويتماسك، ويعوّضه الله خيراً مما أخذ منه. انتهى ..
,Yk ;kjQ r] hfjgdj t'hglh uhtdj
|
| |