21 / 05 / 2018, 14 : 04 PM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ملتقى ماسي | البيانات | التسجيل: | 21 / 01 / 2008 | العضوية: | 19 | المشاركات: | 30,241 [+] | بمعدل : | 4.91 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 0 | نقاط التقييم: | 295 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : الملتقى العام الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على نبيه عبده، وآله وصحبه من بعده، وبعد: - كان الفضيل بن عياض شاطرًا (سارقًا) يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس، وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الجدران إليها، إذ سمع تاليا يتلو: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ} [الحديد من الآية:16]. فلما سمعها، قال: "بلى يا رب، قد آن!". فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها سابلة (قوم يمرون من هذا الطريق)، فقال بعضهم: "نرحل"، وقال بعضهم: "حتى نصبح، فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا". قال: ففكرت، وقلت: "أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين ها هنا يخافوني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام". هذه قصة توبة بسبب آية من كتاب الله، وبداية لفتح علاقة جديدة مع القرآن امتدت مع الفضيل بن عياض حتى مات، بل وورثها ولده قتيل القرآن علي بن الفضيل! - إن القرآن هو كلام الله الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ليُخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز. إن القرآن يستمد مجده، وعلو شأنه ورفعته، من عظمة وجلال من تكلم به، وهو الله سبحانه وتعالى. ولا يليق بنا أن نبتعد عن مصدر الهدى والمجد كتاب الله ذي الذكر، فلا بد أن نتصالح مع القرآن، إننا حينما نُعلن هذا التصالح، ونسير في الطريق إليه، فنحن حقًا نسير في طريق إعادة التوازن والسكينة إلى الروح التي تسكن الأجساد!، وهذا أول طريق الإصلاح. - وأول طريق التصالح مع القرآن أن تتحايل على نفسك بالإكثار من تلاوة القرآن، تلاوة لا كالتلاوات السابقة، تلاوة لا تنتظر فيها موعدًا، تلاوة لا تنشغل فيها بغير القرآن، إن القرآن كتاب عزيز لا بد أن تعطيه أنفس ما تملك من أوقات، فأقبل عليه وإياك أن تبخل، ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه! ولا بد أن تتخير أوقات التلاوة، وأجلها وقت اجتماع القلب! - إن لحزب الليل، وترتيل الكتاب في وقت اجتماع القلب= لقصة أخرى. إن مما نعانيه من هذه المادية الطاغية قلب حقائق الكون، إن الليل ليل، والنهار نهار، فلتخلُ أيها السالك بكتاب ربك في ظلمة الليل، ولتقرأ ما تحفظه، ولتُثَوِّر القرآن، لتكن من الأمة القائمة التي تتلو كتاب ربها آناء الليل، فتسجد لمن هذا الكلام كلامه، فتقترب! - وثاني الطرق للتصالح، فهم القرآن، إن الإنسان لن يلتذ بكلام لا يفهم معانيه، ولذا حث الله تعالى على تفهم القرآن، وإدراك حقائقه، ولا شك أن القلوب الحية تجري في مضمار المعاني القرآنية.. والقلوب المُكَبّلة بالخطايا ما زالت تزحف في الخطوط الأولى! ولكن... لا تيأس... مهما استمعتَ إلى القرآن أو قرأتَه فأنتَ آخذ في الاهتداءِ بتنقية المحل، وتبديد ظلمته واستبدال النور به، وتخليته من الران الذي أكسبتَه إياه بنفسك! حتى إذا نقَّيتَ المحل وطهّرتَه؛ كان الاهتداء بالقرآن بزيادة نور القلب، فيحصل التلذذ التام بحصول النور التام، ويحصل الاهتداء التام بعد زوال أثر المعصية زوالا تامًّا! لكن أكثر الناس لا يعي أنه بحاجة إلى مجاهدة طويلة وصبر حتى يزيل أثر الغفلة والذنب من قلبه، ثم يستمتع بالقرآن والصلاة! والفقيه حقًّا من يعي ذلك، ثم يجاهد نفسه لإصلاح المحل، وتنقيته، مهما طال به الزمان. فاحرص أن تفقه القرآن، ولو عبر كتاب مختصر من كتب التفسير، لتكون من أولي الألباب. - ومن طرق التصالح مع القرآن أن تعقد مع من تحب مجالس المدارسة، تلك المجالس التي يجلس فيها المتدارسون لينهلوا من فيض النور الذي يتلى في المكان، «وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» (صحيح مسلم [2699]). وفي هذه المجالس تظهر حقائق القرآن، ومن لم يكابد حقائق القرآن لهيبًا= يحرِّق باطن الإثم من نفسه، فلا حَظَ له من نوره! - إننا نحتاج إلى شباب يستجيبون لنداء الله، ويسلكون مسلك رسول الله، فيدخلوا في ابتلاءات القرآن المجيد؛ تخلقًا بأخلاقه، وتحققً بمنهاجه، وتلقيًا لرسالاته، ثم بلاغها إلى سواد الأمة عبر مجالس القرآن ومدارساته، تدبرًا وتفكرًا! وأخيرًا، نحن في شهر القرآن، فيه أُنزل، وفيه كان جبريل يدارس القرآن مع من أُنزل إليه عليه الصلاة والسلام، وفيه صلاة يتلى فيها القرآن، باختصار {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ} [البقرة من الآية:185]، فلنبدأ صحبة جديدة مع القرآن في شهر رمضان عسى أن نكون من أهله الذين هم أهل الله وخاصته. واعلم.. أن للقرآن أسرارًا.. لا تظهر إلا بطول المصاحبة، {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} [فصلت من الآية:41]! الكاتب: عمرو الشرقاوي.
kp, ughrm Hleg fhgrvNk td aiv vlqhk
|
| |