الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | طويلب علم مبتدئ | مشاركات | 1 | المشاهدات | 599 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
06 / 04 / 2018, 42 : 01 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح الإنسانُ مفْطورٌ على حُبِّ الفرَحِ، ومَجْبُولٌ على كراهةِ الهمّ واطّراح التّرَح ما وجدَ إلى ذلك سبيلًا، وكلُّ ما يسعى العاقلُ إليهِ مِن جلْبِ المصالحِ فإنّه في ظنِّه؛ لصِلتِه بالسّرور، وعلاقتِه بالحُبُور عاجِلًا أو آجِلًا، وكذلك كلُّ ما يحذَرُه الإنسانُ أو يتحاشاه مِن المفاسدِ والمحاذير فإنّه؛ لصلته بالهموم ومكانه مِن الغموم. والنّدمُ أخصُّ من الهمّ؛ لأنّ الهمّ قد يكون بندامةٍ وبغير ندامة، ولا تكون النّدامة بغير همّ، فكلّ ندامةٍ همٌّ وليس كلّ همٍّ ندامةً، والنّدامَةُ في غالبِها عن تقصيْرٍ بخلاف الهمّ فإنّه قد يحصلُ بلا تقصيرٍ ولا سببٍ راجعٍ إلى المُصابِ به مِن حيث اختيارُه وتدبيرُه، والنّدامةُ نارٌ حطبُها الهُمُوم والمخاوفُ والأحزانُ. وقد اتّخذ الإنسانُ منذ القِدَمِ طُرُقًا تُنسيهِ ما يعانيه وتُسلّيهِ، وتُزيلُ ما به وتُجلّيْهِ، وليس الحديثُ الآنَ عن تِلكمُ الطُّرقِ؛ لِطردِ الأتْراح وجلْبِ الأفراح، وإنّما حديثي عن أصولِ هُموم الإنسان الّتي هي بمثابةِ الكلّيّات العامّة حتّى يتمّ التّركيز عليها؛ لِمجانبةِ وتفتيتِ هذه الغوائلِ الغرائبِ الّتي تُلمّ بالإنسان بين الفيْنةِ والأخرى، ومعَ أنّ المشاعرَ وحضورَها، والهمومَ وورودَها تتعدّى طاقةَ البشرِ في أغلبِها، لكنْ هناكَ مُسبِّباتٌ تقْدحُ بِزِنادِها، وهذه المُسبّباتُ تحتَ اختيار الإنسانِ في غالبِها، وبتقليلِها أوْ إزالتهِا قد يُقْضي على مُعْظمِها فتنهدمُ صُروحُها، وتتراكمُ أنقاضُها، وينقشع سحابُها، فيَخرُج من بينها سالِمًا مِن لَظاها مُتحرِّرًا مِنْ قبْضتِها وأيّ قبْضة!. وهذا الموضوعُ على أهَميّتِه واستقْلالِه يُمثّلُ أيضًا بطبيعتِه داعيًا مِنْ دواعي الفرحِ وجالبًا مِن جوالبِ السّرورِ؛ إذ به مجانبةُ البواعثِ على الحُزْنِ والهمِّ والغمِّ، وكلِّ لونٍ مِن ألوان التّكدير، وتضْيِيْقِ الصّدور. وبعْدَ تأمّلٍ دامَ أوقاتًا مختلفةً، واستغْرقَ أزْمنةً عِدّةً؛ كنتُ أُعْمِلُ فيها الفِكْرَ، وأُجيلُ فيها الخاطرَ أدركتُ أنّ أصولَ النّدم أربعةٌ، وهي: - تضييعُ الأموال والأوقات. - عدمُ القيامِ بالواجبات وعدمُ أداء الحقوق، أو التّقصيرُ فيهما. - الدّخولُ فيما لا يعني. - عدمُ وجودِ هدفٍ حياتيّ سامٍ يُسعى إليه، أو التّقصيرُ في تحصيلِه. وفي هذه السّطور الآتية أسلّط الأضواء على هذه الأصول واحدًا فواحدًا، وأصْلًا فأصلًا، فالإجمالُ مظنّةُ الغموضِ، والشّرْحُ مقْتلةُ الغامضِ، ومسرّةُ المسْتشْكِلِ، فأقول وبه الاستعانةُ وعليه التُّكلانُ. - أمّا كونُ تضييعِ الأموالِ مِنَ ينابيع النّدمِ وخُلْجانِ الألَمِ فهو واضحٌ وُضُوحَ الشّمس في رابعة النّهار، وذلك أنّ ضياعَ المال تقصيرًا لهُ ألمٌ نفسيٌّ مُتجدّدٌ كلّما جاشتِ الذّكرى، أو عرضَتْ حاجةٌ لا سدَاد لها أو بلْوى، أو تعاظم غيرُ عظيمٍ بسبب درهمٍ، أو قصُرتْ يدُك عن سدِّ حاجةِ مسكينٍ أو جبْرِ كسْر يتيم، أو حَلَّ عليك دينٌ، أو اشتقْتَ إلى السّفر والسّياحةِ في البلاد، أو جدَّ لك داعي المغازلةِ والمزاوجةِ، أو عرضَ لك عارضُ خيرٍ فشوّقَك إلى الصّدقةِ أو غير ذلك ممّا يُرادُ به وجْهُ اللّه، والدّارُ الآخرة. وصُور ضياع المال كثيرةٌ لا عددَ لها ولا حصْرَ، ومنها: الانغماس في الملذّات التّافهة، والرّكْض وراء الرّغبَات الفائتة، ممّا يجانبُه الشّرفُ، ولا يخلوْ منه السّرفُ. ومنها: تقديمُ المال إلى من لا يستحقّه بِلُؤمِهِ، أو حسدِهِ أو دناءتِهِ أو غيرِ ذلك ممّا يكون مُكدِّرا أو باعثًا على النّدم كلّما جدّ له سببٌ. - وأمّا تضييعُ الأوقاتِ فهو أشدّ مِن الأوّل، وأظْهرُ مِن نارٍ على علَمٍ؛ لأنّ الوقتَ هو الحياةُ، وليسَ المالُ هو الحياةَ، فالفقْرُ لا ينْفي المجْدَ ولا يطْردُ الكرمَ بخلاف تضييع الوقْت فإنّه نافٍ لهما وأيّ نفْيٍ وطاردٌ لهما وأيّ طرْد! وذلك أنّ الّذي يُضيِّع الأوقاتَ يفوتُه واجبُ ساعتِه مِن خيرٍ دُنْيويٍّ، أو أخرويٍّ، ويفوتُه ما يفوتُه مِن خصال الكرَمِ، وشمائِل الشّرف، فهو لا يقوم بزيارةِ حبيبٍ، ولا بتوديع مسافرٍ، ولا بالتّرحيب بقادمٍ، ولا بتعزيةِ مفجوعٍ، ولا بتهنئة ظافرٍ مسرورٍ، ولا بمدّ يدِ العونِ لمحتاجٍ، ولا بِمسْح رأسِ يتيمٍ. وفواتُ هذا كلِّهِ بتضييع وقتِه، ووضعِه في غير موضِعه، وغيابِه عن المهمّ بغير المهمّ، وهل يفْرُق بين الرّجل الهُمامِ وغيرِه إلّا لحظةٌ مِن الوقت يقوم فيها هذا بحقّها فيستحقّ وِسامَها وتقديرَها في حينَ يُفوّتُه الآخر تفويتا فيستحقّ عذْلها وملامَها! وهذه اللّحظة هي الفارقةُ بين الشّجاعِ والجبانِ، والجوّاد والبخيل، والنّاصح والحاسدِ، والواصلِ والهاجر، والمتطوّع والنّكِدِ، والفصيح والعَييّ، والكريم واللّئيم، والنّاصرِ والخاذِلِ، والمُقْبل والمُدبرِ، والجادّ والمُهْمِلِ، والنّاجِح والفاشِل، والصّابرِ والجازِع، والعظيم والصّغير، والمحمود والمذموم، وكلّ صِنفين متقابلين تغايُرهما يرجع إلى فِعلِهما في الغالبِ. فتضييعُ الأوقاتِ يُفوّتك كلَّ فرصةٍ ثمينةٍ قد تنال بها لقبًا أو نجاحًا أو مُلْكًا، ثمّ يُعرّضُك للنّدم ذليلًا، ويُسلّمُك إلى غوائل التّرَح عليلًا هزيلاً، وأنت مُكبّلٌ بسلاسل الحسَراتِ، وقُيودِ اللّوْعاتِ وكلّما مرّ بك ناجحٌ، أو فائزٌ، أو رابحٌ، أو ذو مقامٍ سامٍ، أو خطَرٍ عالٍ تجرّعتَ غُصَصَ النّدامةِ واردًا مواردَ الكآبة، ولا يفقِدُ هذا الإنسانُ همًّا ولا مُكدِّرًا ما بقِيَ على وجْه الأرض ناجِحٌ استغلّ دقائقَ أعمارِه فأجادَ، أو استثمر ثوانيَ ليله ونهارِه فأفادَ. - أمّا عدمُ القيام بالواجبات الإلاهيّة أو عدمُ أداء الحقوق البشريّة فإنّ ذلك جالبٌ للتّوتّرِ وطاردٌ للسّعادة؛ لأنّ الّذي لم يقمْ بواجبه، ولم يُؤدِّ الحقوقَ عليه يشعُر بالتّقصير، فيُؤنّبُه ضميرُه، وهو على أريكتِه، فيشوبُ ضحِكَه قلقٌ صبيبٌ، وحُزْنٌ مسكوبٌ، ولوْمٌ وتثْريبٌ! ويستحيلُ الفرَحُ في ظلّ الشّعور بالتّقصير؛ لأنّ سِياطَ تأنيبِ الضّمير أشدُّ مِنَ السّيوف فوقَ الرّقاب والصّدور فإنّ القتِيلَ مُبارِزًا يموتُ راضيًا عن نّفسِه طارِبًا بشجاعتِه، مُعْتزًّا بسخائه بنفسِه، وهل يجودُ جائدٌ أو يسْخُو ساخٍ بأكبرَ مِن نفسِهِ! وقد يُنجيهِ مِن وقْع السّيف عليه دِرعُه السّابغة، فهو إنْ عاش عاش حميدًا، وإن مات مات مَجيدًا. أمّا سِياط تأنيب الضّمير فلا دِرْعَ يقيك وَخْزَها، ولا مُحاميَ يكفّها عنك، بل تتواتر عليك، وأنت مُقرّ بها فيُوري اعترافُكَ لهبَها، ويُذكي استسلامُكَ حطبَها، ويزيد شررَها وإبَرَها، ومَن يدْفعُ عنْك ضُرًّا إقرارُه منك وبيّناتُه فيك! والقيام بالواجبات وأداء الحقوق يُغلقُ عنكَ أبوابَ النّدم برُمّتها فلا يُصيبُك مِن سِهام النّدم شيء.وبالقيام بالوجب وأداءِ الحقوق يندفع عنك الوقوع في الظّلم، فتعيش تحت دولةِ العدْل فتستنشق عبيرَه وما أحسنَ عبيرَه ونسيمَه. - وأمّا الدّخولُ فيما لا يعني فهو مسلكٌ للمنغِّصاتِ إليك، وطريقٌ مُهلِكٌ مِن خلاله تتوالى المكدّراتُ عليك وهو بابٌ ينفي الرّاحةَ، ويستنزفُ الطّاقةَ، ويجلِب الحاقّةَ، وما أكثرَ مَن أُتِي مِن هذا الباب فصار قتيلًا أو طريدًا أو قرَع السّنّ نادمًا، وبابٌ هذا ضررُه غيرُ حريٍّ بالعاقلٍ سوى ترْكِه، وما أخَفَّ التُّروك على تاركٍ! وما أكثَر مَن أطلق لسانَه فيما لا يعنيه، فلقِي ما لا يرضاه، وصارَ هُزْأةً للمستهزئين وسِخْريًّا للسّاخرين، ولزِمَه الاقْشِعْرار والانكسار والانحصار وفاته القطار! فمنْ دخَل فيما لا يعنيه طال ندمُه، واتّصل همُّه، وغاب فرحُه، وحضرَ ترحُه، وكثرتْ وقيعتُه وعمّتْ غِيبتُه، ووقع في الشّماتةِ، وشرِبَ مِن نهْر الإساءة، فتذهب عافيتُه لشماتتِه، ويزول سُرورُه لِحماقتِه، وتكثُرُ عُيُوبُه لِغفْلتِه، ويفوتُه بذلك تطويرُ مُهْجتِه، وإصلاحُ فاسدِه، ولا يزالُ يدخلُ فيما لا يعنيه حتّى يكونَ المشْيُ على جُثَثِ الآخرين شرْطا لنجاحه، وأجنحةً لطيَرانِه، فيهونُ قبل أن يُهينَ، ويليِنُ قبْلَ أن يُليْنَ، وما قيمةُ نجاحٍ -إذا ما نجَحَ- شرطُه هوانُ الآخرين وشقاوتُهم! - وأمّا غيابُ الهدفِ عن الحياة فهو كغياب البُوصلةِ عن السّفينة وأنّى تهتدي سفينة لا بُوصلةَ ولا هادي لها إلى غايتِها ومَرساها! وأنّى يسْعدُ ويطْمئنُّ مَنْ لا يظْفرُ بمرادٍ، ولا يبعُدُ عن قتادٍ، ولا يصِلُ إلى غايةٍ، ولا يُمسكُ برايةٍ ولا يعرفُ لنفسِه مطلبًا، ولا يجدُ له رؤيةً، وتملؤه الأماني وكأنّ يقْظتَهُ صِرْف الأحلام لِغرابتِها!. فالهدف هاديك إلى غايتك، وكاشِفٌ عن سُمُوِّكَ، وباعثُك على التّشميرِ، ومُعرّفُك بحقيقتِك، وبه تقدر أن تقيس نفسك بنفسك، ومِن دون الهدف يستحيل الرّضا عن المستوى، ويأتي الضّياعُ بحذافيرِه ويا لِلْمبتلى! في الحياة بلا هدفٍ يبعدُ النّجاحُ، ويصعبُ الفلاحُ، وتندُر الإصابةُ، وتستولي الفوضى، ويغيب النّظامُ، وينحرف كلُّ شيء عن مسارِه الأَوْلى، وتخفِق بنودُ الإخفاقاتِ، وتتصدّعُ القممُ العاليات، فيكون السّفْح ملعبًا للنّسور، ويكون المنظرُ باعثًا على النّفور، وتنضُب بواعثُ الأملِ وعيونُه، فتنبعث روائح الفشلِ وشُؤونُه، وأنّى يفرح ولا يندم من هذه صفتُه، وذلك نعتُه، وهذا حالُه، وتلك عادتُه وهِجِّيراه! أمّا المقصّرُ معَ هدفِه، والمماطلُ مع مقصوده فإنّ همَّهُ أشدُّ مِن همّ مَن لا هدفَ له، وهو أكبرُ لوعةً، وأوفرُ حسْرةً؛ لأنّه يرى المجدَ فلا يردُ حِياضَهُ، وتحين الفرصةُ فلا يقطِفُها، وتأتيه المناسبةُ فلا يستغلُّها، ومع ذلك تشتعل فيه مشاعلُ الرّغبةِ، فتُصيبه بالحسَرات المتعاقبات، وتكْويهِ بالخطَراتِ المتوالياتِ، ولا يكاد يفارقُها أو تفارقُه حتّى يُوسَّد في ترابِه أو يوارى في رمْسِه. وشِدّةُ الرّغْبةِ معَ شدّة القُصور عذابٌ لا يُضاهيه عذابٌ وجمْرةٌ لا تُشبهُها جمْرةٌ، وإذا صحّ تعبيرُ الشّاعر عن الهِمّة بقولِه: ولكلّ جِسْمٍ في النُّحوْلِ بليّةٌ *** وبلاءُ جِسْمِيْ مِنْ تفاوُتِ هِمّتِي فكيف بهمّةٍ بلا عملٍ، ورغْبةٍ بلا عُمُدٍ، وأملٍ بلا ناصرٍ، وشبَحٍ بلا انجلاءٍ، وقلَقٍ بلا انقضاءٍ! هذه هي الأصول الكلّيّة للنّدم، وقد يُضاف إليها على شيءٍ من التّوسيع، وقد يُختصر على ضرْبٍ مِن اللّيّ والطّيّ، ولا مُشاحّة في الاصطلاح، وإنّما الشأنُ مجانبتُها وبِعادُها أو تقليلُها وتخفيفُها. Hw,gE hgk]lA hgHvfum | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
07 / 04 / 2018, 32 : 08 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018