22 / 08 / 2017, 37 : 06 PM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ملتقى ماسي | البيانات | التسجيل: | 21 / 01 / 2008 | العضوية: | 19 | المشاركات: | 30,241 [+] | بمعدل : | 4.91 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 0 | نقاط التقييم: | 295 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ما أسَرَّ عبدٌ سريرة إلا أظهرها الله على قَسَماتِ وجهه وفلتات لسانه؛ إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشَرٌّ .فمن لمح نفور الصالحين عنه وتباعد المخلصين منه فليراجع أعمال سرِّه. أولًا: الداء: 1- عدم كمال العبودية قال مُطَرِّف بن الشِّخّير: "إذا اسْتَوَتْ سريرة العبد وعلانيته؛ قال الله عزَّ وجلَّ: هذا عبدي حقًّا" فمن ساءت سريرته كان بمثابة نصف عبد! ومن كانت خلوته خبيثة لم يحقق تمام العبودية. 2- نفور المؤمنين منه! قانونٌ لا يتخلف: ما أسَرَّ عبدٌ سريرة إلا أظهرها الله على قَسَماتِ وجهه وفلتات لسانه؛ إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشَرٌّ. فمن لمح نفور الصالحين عنه وتباعد المخلصين منه فليراجع أعمال سرِّه. قال ابن الجوزي: "وقد يُخفي الإنسان ما لا يرضاه الله عز و جل، فيُظهِره الله سبحانه عليه ولو بعد حين، ويُنطِق الألسنة به وإن لم يشاهده الناس، وربما أوقع صاحبه في آفة يفضحه بها بين الخلق، فيكون جوابًا لكل ما أخفى من الذنوب، وذلك ليعلم الناس أن هناك من يُجازي على الزلل". 3- الخلوة اختبار شديد! وتظهر نتيجة هذه الاختبار في الدنيا والآخرة؛ قال عطاء بن أبي رباح في قوله: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق:9]: "ذلك الصوم والصلاة وغسل الجنابة، وهو السرائر، ولو شاء أن يقول: قد صُمْتُ، وليس بصائم، وقد صلَّيتُ، ولم يصلّ، وقد اغتسلت، ولم يغتسل". فيا ويل غير الصادقين من يومٍ تُخْتبَر فيه سرائر العباد، فينكشف منها ما كان في الدُّنْيا خافيًا عن عيون الأشهاد، فأسِروا الخير، وأصلحوا خلواتكم، فهي منكشفةٌ غدًا، وأول ما تظهر؛ ستبدو على الوجوه، فتبيض وجوه، وتسودُّ وجوه. 4- لا تكتمل تقوى دون صلاح سريرة! أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا ذر رضي الله عنه: «أوصيك بتقوى الله تعالى في سِرِّ أمرِك وعلانيته» (صحيح الجامع:2544). والتقوى في السر أصعب لكنها أعظم أجرًا؛ لأن الدافع إليها: خشية الله وحده، وأما تقوى العلانية فقد يدفع إليها كذلك خوف الفضيحة بين الناس. 5- سيئاتك في الخلا تنسف حسناتك في الملا! في حديث ثوبان رضي الله عنه: «لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء، فيجعلها الله عز وجل هباءً منثورًا». قال ثوبان: يا رسول الله! صِفهم لنا، جلِّهم لنا ألا نكون منهم ونحن لا نعلم. قال: «أما إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها» (السلسلة الصحيحة: 505). وهو ما يجعلك أحرص ما تكون على محارم الله إذا خلوت، وأخوف -إن أغلقت عليك بابك- من تبديد طاعاتك التي قدَّمت، وإلا كنت أحمقًا وأخسر الخاسرين. قال ابن الأعرابي: "أخسر الخاسرين من أبدى لِلنَّاسِ صَالِح أعماله، وبارز بالقبيح من هُوَ أقرب إِلَيْهِ من حبل الوريد". 6- سوء الخاتمة! وهي عقوبة إلهية على عدم صدق العبد، وإيثاره رضا المخلوقين على رضا رب العالمين. قال ابن القيم: "أجمع العارفون بالله أن ذنوب الخلوات هي أصل الانتكاسات". وأيَّده في ذلك ابن رجب فقال: "خاتمة السوء تكون بسبب دسيسةٍ باطنة بين العبد وربه". 7- عرضٌ لمَرض! ذنوب الخلوات عنوان كبير لضعف تعظيم الله في قلب العبد، وبرهانٌ ساطع على عدم إجلال الله سبحانه كما يليق بجلال وجهه، وتقديم تعظيم الخلق وخشيتهم على تعظيم الله وخشيته. يا مذنبا في الخلوات! راقَبت أهل الأرض أكثر مما راقبت من في السماوات! واستخفيت من الناس ولم تستخفِ من الله! وخشيت الناس كخشية الله بل أشد خشية. اجترأت على ربك جرأة ما تجرَّأت مثلها على مديرك أو أميرك! 8- السقوط من نظر الله! قال ابن الجوزي: "والحذر الحذر من الذُّنُوب خصوصًا ذنوب الخلوات، فإن المبارزة لله تعالى تُسقِط العبد من عينه سبحانه". ومتى سقطت من عين الله فكيف تُفلِح؟! 9- اليأس من الإصلاح: أخطر ما في ذنوب الخلوات أن تكرار السقوط فيها يبث اليأس في قلوب العصاة، فيتركون المحاولة، وينقطعون عن التوبة، وهو ما يؤدي لموت القلب، وأي مُصيبة أعظم من موت القلب! وعلامته الأساسية: عدم الحزن على ما فاتك من الطاعات، وترك الندم على ما فعلته من المعاصي والزلات. وهذا دليلٌ على غضب الرب، فإن الَّذي مات قلبه لا يخشع، ولا المواعظ فيه تنفع، فإذا تُلِيت عليه آيات ربه أصرَّ مستكبرا كأن لم يسمع. إِذا مَضَتِ الأوقاتُ في غير طاعة *** ولَمْ تكُ محزونا فذا أعظم الخَطْبِ علامة موت القلب أن لا ترى به *** حراكًا إلى التقوى وميْلًا عن الذَّنبِ 10- تكرار المشهد يوم القيامة! قال ابن عباس عن المذنب في الخلوات: "وخوفك من الريح إذا حرَّكت سِترَ بابك وأنت على الذنب، ولا يضطرب فؤادك من نظر الله إليك أعظم من الذنب إذا عمِلته". ينظر أحدهم إلى الأمام وإلى الوراء، وذات اليمين وذات الشمال، حتى إذا ما اطمأن أن لا أحد يراه بارز ربه بالعصيان! ولعل من عجيب الأقدار أن يتكرر معه نفس المشهد بحذافيره؛ لكن على شفير النار! في صحيح البخاري: «لَيَقِفَنَّ أحدكم بين يدي الله ليس بينه وبينه حجاب ولا تَرْجُمان يُترجِم له، ثم ليقولن له: ألم أوتِك مالا؟ فَلَيقولَن: بلى، ثم لَيَقولنَّ ألم أُرسِل إليك رسولا؟ فليقولن: بلى، فينظر عن يَمِينه فلا يرى إلاَّ النَّار، وينظر عن شِماله فلا يرى إلاَّ النَّار. ونظره ناحية اليمين وناحية الشمال كان في الدنيا خوفًا من أن يراه الناس، لكنه في الآخرة طلبًا للغوث أو رغبةً في الهرب من العذاب». ثانيا: الدواء: 1- أقلل من خلواتك! إن كان مدخل الشيطان إليك الخلوة، فلا تجلس وحدك، فبعض المعاصي تستثار بالخلوة، يختلي الإنسان فيقوى سلطان الشيطان عليه، فتتحرك شهوته لارتكاب المعصية. واعلم أن الخلوة فرصة ثواب، لكنها سلاح لا يقوى عليه إلا أقوياء الإيمان، وإلا انقلبت إلى سلاح مضاد في يد الشيطان. 2- الدعاء خير دواء: انطرح بين يدي ربك متذللًا أن يُصلح الله سريرتك، بل وكن طموحًا في دعائك بأن تسأله أن يجعل سريرتك خيرًا من علانيتك، فالرب كريم، وخيره عميم، وَجوده عظيم. والدعاء هنا قسمان: - دعاء وقائي أن يرزقك الله خشيته في الغيب والشهادة، ولذا كان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم: «وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة» (صحيح الجامع:1301). - دعاء علاجي إن وقعت في الذنب، وعصيته في السِّر، ولذا علَّمك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقول في سجودك: «اللهم اغفِر لي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وجِلَّه، وأوّلَهُ وآخِرَه، وعلانيته وسِرَّه» (صحيح مسلم:483). 3- ابْنِ على رصيدك من الخير! إنَّ ستر الله لك دليلٌ على أنه لا زال لك رصيدٌ عند ربك، فلم يهتك سترك بينما غيرك مفضوح، فابنِ على رصيد الخير لديك بحسنات الخلوات، ولا تبعثر ما تبقى لديك بعصيانك في الخلا، وإلا فضحك على الملا. أيها المستور على السوء والزور، أنت في المهلة، لكنك لا تدري متى انقضاؤها! فبادِرها! 4- حياؤك من لقاءٍ قادمٍ قريب! غدًا تُستدعى للمساءلة وتحضر للمحاسبة، فما قولك لربك عن معصية السر التي أخفيتها عن الناس وأبديتها لرب الناس! يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحدٍ إلا سيُكلِّمُه ربُّهُ، ليس بينَه وبينَه تُرجمانٌ، ولا حجابٌ يحجبُه» (البخاري:7443). والتفكر في هذا الموقف مدعاة لأن يُحسِن كل عبدٍ سريرته ويُصلِح خلوته. 5- تخيل من يحترمونك لو رأوك على الذنب كيف سيحتقرونك! في الحديث: «واستحْيِ من الله استحياءك رجلاً مِنْ أهلكَ» (السلسلة الصحيحة:3559). والإنسان يستحي من فعل الْقبيح بِحَضْرَة الجماعة، والله أحقُّ ان يُستحى منه! 6- أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير! بدلًا من أن يكون رجلًا ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، فإذا به رجلٌ عصى الله خاليًا فحرمه هداه. وبدلا من أن تكون الخلوة طريقه إلى محبة الله، فإذا بها جارفة له نحو سخطه فما أشقاه! قال ابن القيِّم في الوسيلة الثامنة من أصل عشرة لنيل محبة الله: "الخلوة به وقت النزول الإلهي لمناجاته، وتلاوة كلامه، والوقوف بالقلب، والتأدب بأدب العبودية بين يديه، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة". 7- لزوم الجماعة الصالحة: لأن الخلوة فرصة يتفرد بها الشيطان بالإنسان، وفي الحديث الذي رواه الترمذي: «عليكم بالجماعة! فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد». وكلما كانت الصحبة أصلح كان الشيطان أبعد. فعاهد ربك يا مبتلى بذنوب الخلوات أن لا خلوة إلا مع صحبة صالحة؛ تقطع بذاك الطريق على العدو الذي يتمنى الاستفراد بك ليهزمك، فإذا به يُفاجأ بك متترِّسًا بإخوانك فيندحر. 8- التوبة الفورية: عوِّدوا أنفسكم المبادرة بالتوبة؛ السر بالسر، والعلن بالعلن! فإما توبة فور المعصية، وإما فضيحة الدنيا قبل الآخرة! لسان حالكم بين يدي ربكم: قطعنا الذنب ووصلناك، وخاصمنا الشيطان وجئناك، وعصينا هوانا في سبيل رضاك، فإن ذقت حلاوة الوصال بعد الفراق فَزِدْ، وإن لم تجرِّب هذا الزاد فجرّبه. 9- تعظيم الله عز وجل: لكن كَيف يعظِّم العَبْد من لَا يعرفهُ؟! ومن عرف أسماء الله وصفاته، فقد عرف لله قدْرَه. ومن ملأ قلبه بتعظيم ربه ومعرفة قدره؛ لم يعص الله في سره أو جهره؛ لأن تعظيم الله يورث الحياء منه كما قال الإمام محمد بن نصر: "إذا ثبت تعظيم الله في قلب العبد أورثه الحياء من الله والهيبة له، فغلب على قلبه ذكر اطلاع الله العظيم ونظره بعظمته وجلاله إلى ما في قلبه وجوارحه. وذَكَر المقام غدا بين يديه. وسؤاله إياه عن جميع أعمال قلبه وجوارحه. وذكر دوام إحسانه إليه. وقلة الشكر منه لربه. فإذا غلب ذكر هذه الأُمور على قلبه هاج منه الحياء من الله، فاستحى من الله أن يطلع على قلبه وهو معتقد لشيء مما يكره، أو على جارحة من جوارحه يتحرك بما يكره، فطهَّر قلبه من كل معصية، ومنع جوارحه من جميع معاصيه". 10- المراقبة! إن الذي يرتكب جرمًا عظيمًا في حق بشر قد يبدو مذعورًا، فيشكو لأصحابه، فيسأله أحدهم: هل رآك أحد؟ فإن قال لا، قيل له: فاطمئن إذن! وعندها يهدأ ويرتاح ويزول عنه الخوف! فما بالك وكل أعمالك مراقبة، في سرك وعلانيتك، وليلك ونهارك؟ أليس هذا أعظم باعث على لخوف؟! قال ابن المبارك: "الذي يهيج الخوف حَتَّى يسكن فِي القلب دوام المراقبة فِي السر والعلانية". 11- مكافأة النفس على الإحسان! ما أحلى فرحة الانتصار على الشيطان، وما ألذ الإخلاص الذي يجده المسلم إذا ترك معصية الله في السر مع قدرته عليها وتمكنه منها، ثم يتركها لوجه الله، وهذا بعض أجره المعجَّل؛ ينال قسطًا منه هنا قبل أن يكافأ عليه بتمامه يوم القيامة.
`k,f hgog,hj!
|
| |