الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | طويلب علم مبتدئ | مشاركات | 0 | المشاهدات | 425 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
12 / 06 / 2015, 48 : 06 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح وهو التبرك بما لم يرد دليل شرعي يدل على جواز التبرك به، معتقداً أن الله جعل فيه بركة، أو التبرك بالشيء الذي ورد التبرك به في غير ما ورد في الشرع التبرك به فيه. وهذا بلا شك محرم؛ لأن فيه إحداث عبادة لا دليل عليها من كتاب أو سنة، ولأنه جعل ما ليس بسبب سبباً، فهو من الشرك الأصغر؛ ولأنه يؤدي إلى الوقوع في الشرك الأكبر (75) أنواع التبرك البدعي النوع الأول: التبرك بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته الذي بقي من التبرك بعد وفاته أمران فقط هما: 1- الإيمان به وطاعته واتباعه. ومن المعلوم أن هذا واجب على المكلفين، وأن من أداه سيحصل على الخير العظيم والأجر الجزيل، وعلى سعادة الدارين، وهذا ما يسمى بالبركات المعنوية للرسول صلى الله عليه وسلم، وأنعم بذلك من فضل وخير. 2- التبرك بآثاره الحسية المنفصلة منه صلى الله عليه وسلم ... وعلى هذا فما عدا ذلك من صيغ التبرك بالرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته غير مشروع، بل هو ممنوع. هذا وإن مما تتحتم معرفته هنا أنه مع وجوب اعتقاد عظم شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وعلو منزلته، وعموم بركته حياً وميتاً، ومع عظم محبة الناس له صلى الله عليه وسلم، إلا أن هذا يجب أن لا يؤدي إلى رفعه فوق منزلته، أو الغلو في محبته، كما يظهر مثلاً في ممارسات التبرك بالرسول صلى الله عليه وسلم غير المشروع. كما ينبغي أن يعلم أيضاً أن منع التبرك بالرسول صلى الله عليه وسلم في بعض الأحوال، لا يعني انتقاص حقه أو التقليل من شأنه صلى الله عليه وسلم. (76) أ- مظاهر التبرك الممنوع بقبره صلى الله عليه وسلم: تشرع زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بدون شد الرحال إليه، وأن فاعل ذلك يثاب عليه كما يثاب على زيارة القبور، إلا أن هذه الزيارة لابد أن تكون على الوجه المشروع كما سلف إيضاحه. ولكن بعض الزائرين لقبره عليه الصلاة والسلام لم يكتفوا بالزيارة الشرعية، بل أحدثوا بدعا وأموراً، بحجة التماس البركة والخير والأجر، ونحو ذلك. ولا شك أن ذلك ممنوع من جهة الشرع، كما سيأتي توضيحه بإذن الله. ويمكن بيان أبرز مظاهر ذلك التبرك الممنوع بقبره صلى الله عليه وسلم فيما يلي: 1- طلب الدعاء أو الشفاعة من الرسول صلى الله عليه وسلم عند قبره: إن هذا العمل من أنواع التوسل غير المشروع بالرسول صلى الله عليه وسلم، فإن التوسل مشروع ونافع في حياته صلى الله عليه وسلم فقط، وبشفاعته يوم القيامة. أما طلب ذلك بعد وفاته، عند قبره، أو غير قبره صلى الله عليه وسلم، كأن يقول الشخص: يا رسول الله استغفر الله لي، ادع الله أن يغفر لي، أو يهديني، أو ينصرني، فهذا وما يشبهه من البدع المحدثة التي لم يستحبها أحد من أئمة المسلمين، وليست واجبة ولا مستحبة باتفاقهم، وكل بدعة ليست واجبة ولا مستحبة فهي بدعة سيئة، وهي ضلالة باتفاق المسلمين (1) . أما سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته حاجة، أو الاستغاثة به لكشف كربة، ونحو ذلك، فهذا أبعد مراتب البدع، وهو من أنواع الشرك بالله تعالى (2) ، لأنه من باب الاستعانة أو الاستغاثة بمخلوق بما لا يقدر عليه إلا الله تبارك وتعالى (3) . 2- أداء بعض العبادات عند القبر النبوي: من أشهر هذه العبادات الدعاء والصلاة عند القبر. وإن من يعمل ذلك يظن أو يعتقد أن الدعاء عند قبره صلى الله عليه وسلم مستجاب، أو أنه أفضل من الدعاء في المساجد والبيوت، وأن الصلاة عند القبر أرجى للقبول (4) ، فيقصد زيارته لذلك (5) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الفعل ونحوه: (فهذا من المنكرات المبتدعة باتفاق أئمة المسلمين، وهي محرمة، وما علمت في ذلك نزاعاً بين أئمة الدين) (6) . وقال أيضاً رحمه الله مبيناً حكم الدعاء عند القبر النبوي: (ولا يقف عند القبر للدعاء لنفسه، فإن هذا بدعة، ولم يكن أحد من الصحابة يقف عند القبر يدعو لنفسه، ولكن كانوا يستقبلون القبلة، ويدعون في مسجده) (7) اهـ. ويدخل فيما تقدم من بدع الزيارة: الجلوس عند القبر، وحوله، لتلاوة القرآن الكريم، وذكر الله عز وجل (8) ، وما قد يتبع ذلك من رفع الصوت، وطول القيام أو الجلوس عند القبر، مما يضايق الآخرين من المصلين أو الزوار، أو يشوش عليهم، وأيضاً تجديد الزائر التوبة عند القبر الشريف، كما ادعى بعضهم استحبابه (9) . وهكذا فإن قصد أي نوع من أنواع العبادة الأخرى، كالطواف (10) ونحوه، مما قد يعمل عند القبر تبركاً، فإن ذلك كله من البدع المحدثة في الدين، ولأن الطواف خاص بالكعبة فقط. وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله معللاً عدم مشروعية أداء العبادات عند القبر النبوي: (لو كان للأعمال عند القبر فضيلة لفتح للمسلمين باب الحجرة، فلما منعوا من الوصول إلى القبر، وأمروا بالعبادة في المسجد: علم أن فضيلة العمل فيه لكونه في مسجده... ولم يأمر قط بأن يقصد بعمل صالح أن يفعل عند قبره صلى الله عليه وسلم) (11) . 3- التمسح بالقبر أو تقبيله، ونحو ذلك: إن التمسح بحائط قبر الرسول صلى الله عليه وسلم باليد أو غيرها – على أي وجه كان – أو تقبيله رجاء الخير والبركة، مظهر من مظاهر البدع عند بعض الزوار. وقد نص على كراهة ذلك الفعل، وعلى النهي عنه جماعة من العلماء (12) ، وقال الإمام الغزالي رحمه الله: إنه عادة النصارى واليهود (13) . وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اتفاق العلماء على أن من زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم، أو قبر غيره من الأنبياء والصالحين – الصحابة وأهل البيت وغيرهم – أنه لا يتمسح به، ولا يقبله (14) . أما ما يروى عن بعض العلماء أنه فعل ذلك أو أجازه ففيه نظر (15) . وقال شيخ الإسلام مبيناً حكم تقبيل الجمادات: (ليس في الدنيا من الجمادات ما يشرع تقبيلها إلا الحجر الأسود، وقد ثبت في الصحيحين أن عمر رضي الله عنه قال: (والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) (16) (17) .. وقال في موضع آخر مبيناً سبب كراهة العلماء للتمسح بقبر النبي صلى الله عليه وسلم أو تقبيله، قال رحمه الله: (لأنهم علموا ما قصده النبي صلى الله عليه وسلم من حسم مادة الشرك، وتحقيق التوحيد، وإخلاص الدين لله رب العالمين) (18) . وقال أيضا: (لأن التقبيل والاستلام إنما يكون لأركان بيت الله الحرام، فلا يشبه بيت المخلوق ببيت الخالق) (19) . وللإمام النووي رحمه الله تعالى كلام نفيس حول حكم هذا الفعل بقبر الرسول صلى الله عليه وسلم، أرى أن من المناسب ذكره هنا لأهميته. قال رحمه الله ما نصه: (يكره مسحه باليد وتقبيله، بل الأدب أن يبعد منه كما يبعد منه لو حضر في حياته صلى الله عليه وسلم، هذا هو الصواب، وهو الذي قاله العلماء وأطبقوا عليه، وينبغي أن لا يغتر بكثير من العوام في مخالفتهم ذلك، فإن الاقتداء والعمل إنما يكون بأقوال العلماء، ولا يلتفت إلى محدثات العوام وجهالاتهم، ولقد أحسن السيد الجليل أبو علي الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى في قوله ما معناه: اتبع طرق الهدى، ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطريق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين. ومن خطر بباله أن المسح باليد ونحوه أبلغ في البركة فهو من جهالته وغفلته، لأن البركة إنما هي في ما وافق الشرع، وأقوال العلماء، وكيف يبتغى الفضل في مخالفة الصواب؟) (20) اهـ. وهكذا تبين لنا أن التمسح بالقبر أو تقبيله (21) ، ونحو ذلك مما قد يعمل عند القبر الشريف تبركاً، كإلصاق البطن أو الظهر بجدار القبر (22) ، أو التبرك برؤية القبر (23) ، كل ذلك من البدع المذمومة. إلى غير ذلك من مظاهر التبرك غير المشروع بقبر النبي صلى الله عليه وسلم التي يراها من يزور مسجده صلى الله عليه وسلم ويسلم عليه. (77) ب- التبرك بالمواضع التي جلس أو صلى فيها صلى الله عليه وسلم لابد من معرفة الفرق بين هذين الأمرين (وهما): أحدهما: ما قصده الرسول صلى الله عليه وسلم من العبادات – كالصلاة ونحوها – في أي بقعة أو مكان، فإنه يشرع قصده وتحري مكانه، اقتداء به صلى الله عليه وسلم وطلباً للأجر والثواب، وهذا لا خلاف فيه. الثاني: ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم من العبادات وغيرها، في أي مكان، دون قصده لمكان بذاته، أو أداء العبادة فيه، فهذا مما لا يشرع قصده أو تحريه، وهو محل البحث هنا. وعلى هذا فإن ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم على وجه التعبد فهو عبادة يشرع التأسي به فيه، فإذا تخصص زمان أو مكان بعبادة، كان تخصيصه بتلك العبادة سنة (24) . فقصد الصلاة أو الدعاء في الأمكنة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقصد الصلاة أو الدعاء عندها سنة، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعاً له، كما إذا تحرى الصلاة أو الدعاء في وقت من الأوقات، فإن قصد الصلاة أو الدعاء في ذلك الوقت سنة كسائر عباداته، وسائر الأفعال التي فعلها على وجه التقرب (25) . ومن أمثلة هذا قصد الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة خلف مقام إبراهيم عليه السلام، وكما كان يتحرى الصلاة عند الاسطوانة في مسجده صلى الله عليه وسلم، وكما يقصد المساجد للصلاة، ويقصد الصف الأول، ونحو ذلك (26) . أما ما لم يكن كذلك فلا يشرع قصده. قال شيخ الإسلام ابن تيمية موضحاً حكم هذه المسألة: (لم يشرع الله تعالى للمسلمين مكاناً يقصد للصلاة إلا المسجد، ولا مكاناً يقصد للعبادة إلا المشاعر، فمشاعر الحج، كعرفة ومزدلفة ومنى تقصد بالذكر والدعاء والتكبير لا الصلاة، بخلاف المساجد، فإنها هي التي تقصد للصلاة، وما ثم مكان يقصد بعينه إلا المساجد والمشاعر، وفيها الصلاة والنسك... وما سوى ذلك من البقاع فإنه لا يستحب قصد بقعة بعينها للصلاة ولا الدعاء ولا الذكر، إذ لم يأت في شرع الله ورسوله قصدها لذلك، وإن كان مسكناً لنبي أو منزلاً أو ممراً. فإن الدين أصله متابعة النبي صلى الله عليه وسلم وموافقته بفعل ما أمرنا به وشرعه لنا وسنه لنا، ونقتدي به في أفعاله التي شرع لنا الاقتداء به فيها، بخلاف ما كان من خصائصه. فأما الفعل الذي لم يشرعه هو لنا، ولا أمرنا به، ولا فعله فعلاً سن لنا أن نتأسى به فيه، فهذا ليس من العبادات والقرب، فاتخاذ هذا قربة مخالفة له صلى الله عليه وسلم) (27) اهـ. وبناء على ما تقدم فإن المواضع التي صلى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة – ما عدا مسجده صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء – أو على طرقها، أو بمكة – ما عدا المسجد الحرام – ونحو ذلك مما لم يقصده بذاته، كبعض المساجد بمكة أو المدينة وما حولهما، المبنية على آثار صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم، في حضره أو سفره أو غزواته – إن صح ذلك – لا تشرع الصلاة فيها على سبيل القصد, والقربة, والتبرك، وستأتي أدلة ذلك. وكذلك فإن المواضع والبقاع والجبال التي جلس أو أقام فيها الرسول صلى الله عليه وسلم – ما عدا المشاعر – لا تقصد العبادة فيها التماساً للبركة. وكذا فإن الآبار التي شرب منها الرسول صلى الله عليه وسلم – ما عدا بئر زمزم – أو اغتسل منها، لا تقصد تبركاً واستشفاء...... أدلة عدم شرعية التبرك بالمواضع التي جلس أو صلى فيها صلى الله عليه وسلم: يمكن الاستدلال على عدم شرعية التبرك بهذه المواضع – على الوجه المتقدم – من عدة أوجه: أحدها: لا يوجد دليل من النصوص الشرعية يفيد جواز ذلك الفعل أو استحبابه. ولا شك أن الجلوس في تلك المواضع للصلاة أو الدعاء أو الذكر ونحو ذلك قربة وتبركاً من أنواع العبادة، والعبادات مبناها على الاتباع لا على الابتداع. الثاني: أن الصحابة رضي الله عنهم لم ينقل عن أحد منهم أنه تبرك بشيء من المواضع التي جلس فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو البقع التي صلى عليها عليه الصلاة والسلام اتفاقاً، مع أنهم أحرص الأمة على التبرك بالرسول صلى الله عليه وسلم، ومع علمهم بتلك المواضع، وشدة محبتهم للرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمهم له، واتباعهم لسنته. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، يذهبون من المدينة إلى مكة حجاجاً وعماراً ومسافرين، ولم ينقل عن أحد منهم أنه تحرى الصلاة في مصليات النبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن هذا لو كان عندهم مستحباً لكانوا إليه أسبق، فإنهم أعلم بسنته، وأتبع لها من غيرهم) (28) . فتحري هذا ليس من سنة الخلفاء الراشدين التي حث الرسول صلى الله عليه وسلم على التمسك بها، بل هو مما ابتدع. ولم ينقل قصد الصلاة في تلك البقاع التي صلى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم إلا عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وهو لم يكن يقصد التبرك – كما سيأتي إيضاحه – مع أن قول الصحابي إذا خالفه نظيره ليس بحجة، فكيف إذا انفرد به عن جماهير الصحابة (29) . وكما أن أداء الصلاة ونحوها من أنواع العبادة غير مشروع عند الآثار النبوية تبركاً، فإن التمسح أو التقبيل لشيء منها ممنوع أيضاً، كما عليه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه: (المكان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيه بالمدينة النبوية دائماً، لم يكن أحد من السلف يستلمه ولا يقبله، ولا المواضع التي صلى فيها بمكة وغيرها) (30) . الوجه الثالث: نهي السلف الصالح عن هذا التبرك قولاً وفعلاً. لقد أنكر هذا التبرك السلف الصالح رحمهم الله، من الصحابة والتابعين فمن بعدهم. وكان على رأس هؤلاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشد. فعن المعرور بن سويد رحمه الله قال: (خرجنا مع عمر بن الخطاب، فعرض لنا في بعض الطريق مسجد، فابتدره الناس يصلون فيه، فقال عمر: ما شأنهم؟ فقالوا: هذا مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: أيها الناس، إنما هلك من كان قبلكم باتباعهم مثل هذا، حتى أحدثوها بِيَعاً، فمن عرضت له فيه صلاة فليصل، ومن لم تعرض له فيه صلاة فليمض) (31) . قال ابن تيمية رحمه الله معلقاً على هذه القصة: (لما كان النبي لم يقصد تخصيصه بالصلاة فيه، بل صلى فيه لأنه موضع نزوله، رأى عمر أن مشاركته في صورة الفعل من غير موافقة له في قصده ليس متابعة، بل تخصيص ذلك المكان بالصلاة من بدع أهل الكتاب التي هلكوا بها، ونهى المسلمين عن التشبه بهم في ذلك، ففاعل ذلك متشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصورة، ومتشبه باليهود والنصارى في القصد، الذي هو عمل القلب وهذا هو الأصل، فإن المتابعة في السنة أبلغ من المتابعة في صورة العمل) (32) اهـ. وورد في قصة أخرى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلغه أن ناساً يأتون الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بها فقطعت. هذا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفعله، الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه)) (33) . وقد قال ابن وضاح القرطبي رحمه الله بعد أن روى هاتين القصتين: (وكان مالك بن أنس، وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد، وتلك الآثار للنبي صلى الله عليه وسلم ما عدا قباء وأحداً) (34) . ثم قال: (وسمعتهم يذكرون أن سفيان الثوري دخل مسجد بيت المقدس، فصلى فيه، ولم يتبع تلك الآثار، ولا الصلاة فيها، وكذلك فعل غيره أيضاً ممن يقتدى به، وقدم وكيع أيضاً مسجد بيت المقدس فلم يعد فعل سفيان). ثم قال أخيراً: (فعليكم بالاتباع لأئمة الهدى المعروفين، فقد قال بعد من مضى: كم من أمر هو اليوم معروف عند كثير من الناس كان منكراً عند من مضى) (35) الخ. تلك نماذج لنهي السلف الصالح رحمهم بأقوالهم وأفعالهم عن هذا التبرك المبتدع. الوجه الرابع: أن منع هذا التبرك من باب سد الذريعة، ويمكن إيضاح ذلك من عدة وجوه: أحدها: أن النهي عن هذا الفعل سد لذريعة الشرك والفتنة (36) ، فهو وسيلة إلى الفتنة بتلك المواضع، وتعظيمها، وربما أفضى ذلك إلى جعلها معابد (37) . الثاني: أن ذلك الفعل يشبه الصلاة عند المقابر (38) ، إذ هو ذريعة إلى اتخاذ تلك الآثار مساجد. والنصوص الشرعية تحرم اتخاذ قبور الأنبياء مساجد ... مع أنهم مدفونون فيها، وهم أحياء في قبورهم (39) ، فما بالك بالمواضع الأخرى لهم. الثالث: أن هذا الفعل ذريعة إلى التشبه بأهل الكتاب في أفعالهم، كما حذر عمر رضي الله عنه. الوجه الخامس: أن بركة ذوات الأنبياء والمرسلين لا تتعدى إلى الأمكنة الأرضية، والله أعلم، وإلا لزم أن تكون كل أرض وطئها النبي، أو جلس عليها، أو طريق مر بها تطلب بركتها، ويتبرك بها، وهذا لازم باطل قطعًا، فانتفى الملزوم إذاً (40) . قال الشيخ صديق حسن رحمه الله: (قالوا: المشي في أرض مشى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم يكفر السيئات، خصوصاً مع النية الصالحة... وفيها بشرى له برجاء أن يكون متبعاً آثاره الشريفة، قلت: وذلك يحتاج إلى سند، لأن المكفر إنما هو اتباع هديه وسنته ظاهراً وباطناً دون تتبع آثاره الأرضية فقط، فتدبر) (41) . وبهذه الأوجه وغيرها يستدل على عدم مشروعية التبرك المذكور. (78) وما ورد عن ابن عمر ونزوله في مواضع نزول النبي صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك مردود بفعل سائر الصحابة وقد تبين أن أحدا من السلف لم يكن يفعل ذلك، إلا ما نقل عن ابن عمر: أنه كان يتحرى النزول في المواضع التي نزل فيها النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة في المواضع التي صلى فيها، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وصب فضل وضوئه في أصل شجرة. ففعل ابن عمر ذلك وهذا من ابن عمر تحر لمثل فعله. فإنه قصد أن يفعل مثل فعله، في نزوله وصلاته، وصبه للماء وغير ذلك، لم يقصد ابن عمر الصلاة والدعاء في المواضع التي نزلها. ... أن لا تكون تلك البقعة في طريقه، بل يعدل عن طريقه إليها، أو يسافر إليها سفرا قصيراً أو طويلا مثل من يذهب إلى حراء ليصلي فيه ويدعو، أو يذهب إلى الطور الذي كلم الله عليه موسى ليصلي فيه ويدعو، أو يسافر إلى غير هذه الأمكنة من الجبال وغير الجبال، التي يقال فيها مقامات الأنبياء أو غيرهم، أو مشهد مبني على أثر نبي من الأنبياء، مثل ما كان مبنياً على نعله، ومثل ما في جبل قاسيون، وجبل الفتح، وجبل طور زيتا الذي ببيت المقدس، ونحو هذه البقاع، فهذا مما يعلم كل من كان عالما بحال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحال أصحابه من بعده، أنهم لم يكونوا يقصدون شيئا من هذه الأمكنة. ارتياد جبل حراء والغار ونحوه من البدع التي لم تشرع ولم يفعلها الصحابة والسلف الصالح. فإن جبل حراء الذي هو أطول جبل بمكة، كانت قريش تنتابه قبل الإسلام وتتعبد هناك، ولهذا قال أبو طالب في شعره: وراق ليرقى في حراء ونازل وقد ثبت في (الصحيح) ((عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي: الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يأتي غار حراء، فيتحنث فيه -وهو التعبد- الليالي ذوات العدد، ثم يرجع فيتزود لذلك، حتى فجأه الوحي، وهو بغار حراء، فأتاه الملك، فقال له: اقرأ. فقال لست بقارئ قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، ثم قال: اقرأ. فقال لست بقارئ قال: مرتين أو ثلاثا- ثم قال: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق: 1-5], فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره)) (42) الحديث بطوله. فتحنثه وتعبده بغار حراء كان قبل المبعث. ثم إنه لما أكرمه الله بنبوته ورسالته، وفرض على الخلق الإيمان به وطاعته واتباعه، وأقام بمكة بضع عشرة سنة هو ومن آمن به من المهاجرين الأولين الذين هم أفضل الخلق، ولا يذهب هو ولا أحد من أصحابه إلى حراء. ثم هاجر إلى المدينة واعتمر أربع عمر: عمرة الحديبية التي صده فيها المشركون عن البيت -والحديبية عن يمينك وأنت قاصد مكة إذا مررت بالتنعيم عند المساجد التي يقال إنها مساجد عائشة، والجبل الذي عن يمينك يقال له جبل التنعيم، والحديبية غربيه- ثم إنه اعتمر من العام القابل عمرة القضية، ودخل مكة هو وكثير من أصحابه، وأقاموا بها ثلاثا. ثم لما فتح مكة وذهب إلى ناحية حنين والطائف شرقي مكة، فقاتل هوازن بوادي حنين، ثم حاصر أهل الطائف وقسم غنائم حنين بالجعرانة، فأتى بعمرة من الجعرانة إلى مكة، ثم إنه اعتمر عمرته الرابعة مع حجة الوداع، وحج معه جماهير المسلمين، ولم يتخلف عن الحج معه إلا من شاء الله، ولم يشرع النبي صلى الله عليه وسلم لأمته زيارة تلك البقاع والمشاهد وهو في ذلك كله، لا هو ولا أحد من أصحابه يأتي غار حراء، ولا يزوره، ولا شيئا من البقاع التي حول مكة، ولم يكن هناك عبادة إلا بالمسجد الحرام، وبين الصفا والمروة، وبمنى والمزدلفة وعرفات، وصلى الظهر والعصر ببطن عرنة، وضربت له القبة يوم عرفة بنمرة، المجاورة لعرفة. ثم بعده خلفاؤه الراشدون وغيرهم، من السابقين الأولين، لم يكونوا يسيرون إلى غار حراء ونحوه للصلاة فيه والدعاء. وكذلك الغار المذكور في القرآن في قوله تعالى: ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ [التوبة: 40], وهو غار بجبل ثور، يمان مكة، لم يشرع لأمته السفر إليه وزيارته والصلاة فيه والدعاء، ولا بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة مسجدا، غير المسجد الحرام، بل تلك المساجد كلها محدثة، مسجد المولد وغيره، ولا شرع لأمته زيارة موضع المولد ولا زيارة موضع بيعة العقبة الذي خلف منى، وقد بني هناك له مسجد. ومعلوم أنه لو كان هذا مشروعا مستحبا يثيب الله عليه، لكان النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بذلك، ولكان يعلم أصحابه ذلك، وكان أصحابه أعلم بذلك وأرغب فيه ممن بعدهم، فلما لم يكونوا يلتفتون إلى شيء من ذلك علم أنه من البدع المحدثة، التي لم يكونوا يعدونها عبادة وقربة وطاعة، فمن جعلها عبادة وقربة وطاعة فقد اتبع غير سبيلهم، وشرع من الدين ما لم يأذن به الله. وإذا كان حكم مقام نبينا صلى الله عليه وسلم في مثل غار حراء الذي ابتدئ فيه بالإنباء والإرسال، وأنزل عليه فيه القرآن، مع أنه كان قبل الإسلام يتعبد فيه. وفي مثل الغار المذكور في القرآن الذي أنزل الله فيه سكينته عليه. فمن المعلوم أن مقامات غيره من الأنبياء أبعد عن أن يشرع قصدها، والسفر إليها لصلاة أو دعاء أو نحو ذلك، إذا كانت صحيحة ثابتة. فكيف إذا علم أنها كذب، أو لم يعلم صحتها. وأيضا- فإن المكان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيه بالمدينة النبوية دائما، لم يكن أحد من السلف يستلمه ولا يقبله، ولا المواضع التي صلى فيها بمكة وغيرها. فإذا كان الموضع الذي كان يطؤه بقدميه الكريمتين، ويصلي عليه، لم يشرع لأمته التمسح به ولا تقبيله، فكيف بما يقال: إن غيره صلى فيه أو نام عليه؟ وإذا كان هذا ليس بمشروع في موضع قدميه للصلاة، فكيف بالنعل الذي هو موضع قدميه للمشي وغيره؟ هذا إذا كان النعل صحيحا، فكيف بما لا يعلم صحته، أو بما يعلم أنه مكذوب: كحجارة كثيرة يأخذها الكذابون وينحتون فيها موضع قدم، ويزعمون عند الجهال أن هذا الموضع قدم النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هذا غير مشروع في موضع قدميه، وقدمي إبراهيم الخليل، الذي لا شك فيه، ونحن مع هذا قد أمرنا أن نتخذه مصلى، فكيف بما يقال إنه موضع قدميه، كذبا وافتراء عليه كالموضع الذي بصخرة بيت المقدس، وغير ذلك من المقامات. فإن قيل فقد أمر الله أن نتخذ من مقام إبراهيم مصلى، فيقاس عليه غيره. قيل له: هذا الحكم خاص بمقام إبراهيم الذي بمكة، سواء أريد به المقام الذي عند الكعبة موضع قيام إبراهيم، أو أريد به المشاعر: عرفة ومزدلفة ومنى، فلا نزاع بين المسلمين أن المشاعر خصت من العبادات بما لا يشركها فيه سائر البقاع، كما خص البيت بالطواف. فما خصت به تلك البقاع لا يقاس به غيرها. وما لم يشرع فيها فأولى أن لا يشرع في غيرها ونحن استدللنا على أن ما لم يشرع هناك من التقبيل، والاستلام أولى أن لا يشرع في غيرها، ولا يلزم أن يشرع في غير تلك البقاع مثل ما شرع فيها. (79) ج- حكم التبرك بأثر قدم الرسول صلى الله عليه وسلم: ذلك أنه يوجد في بعض البلدان ما يسمى (أثر موطئ قدم الرسول صلى الله عليه وسلم) وهو عبارة عن حجارة عليها أثر قدم، يزعم بعض الناس أنها قدم الرسول صلى الله عليه وسلم, فيتبركون بها مسحاً وتقبيلاً ومشاهدة، وغير ذلك، كالدعاء عندها، ونحوه، وقد ينشئون الزيارة لأجل ذلك. والكلام على بطلان ذلك من وجهين: الوجه الأول: أن ما يدعى وجوده من آثار قدمه الشريفة عليه الصلاة والسلام غير صحيح؛ لعدة أسباب, منها ما يأتي: 1- عدم وجود ما يثبت صحة شيء من ذلك، فليس هناك أدلة معتبرة يعتمد عليها، وإنما الأمر مجرد إشاعات فقط في البداية، اكتسبت الشهرة بعد ذلك، خصوصاً عند العوام. 2- نص المحققون من العلماء والحفاظ على إنكار صحة آثار القدم النبوية على الأحجار (43) . وإن من علامات زيف آثار القدم ما قرره صاحب كتاب (الآثار النبوية) حين قابل بين المعروف من تلك الآثار، حيث قال: (المعروف الآن من هذه الأحجار سبعة: أربعة منها بمصر، وواحد بقبة الصخرة ببيت المقدس، وواحد بالقسطنطينية، وواحد بالطائف، وهي حجارة سوداء، إلى الزرقة في الغالب، عليها آثار أقدام متباينة في الصورة والقدم، لا يشبه الواحد منها الآخر) (44) . 3- أن ما استفاض واشتهر خصوصاً على ألسنة الشعراء والمداح من تأثير قدمه صلى الله عليه وسلم في الصخر إذا وطئ عليه لا أصل له، فهو كذب مختلق (45) . الوجه الثاني: لو صح وجود شيء من آثار قدم الرسول صلى الله عليه وسلم افتراضاً، فإنه لا يجوز التبرك به على وجه من الوجوه، لما يأتي: 1- ما تقدم تقريره والاستدلال عليه. .. من عدم مشروعية التبرك بالمواضع التي جلس أو صلى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأثر القدم جزء من هذه المواضع، ولذا لم يتبرك به السلف الصالح رحمهم الله تعالى. وقد نص على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: (الموضع الذي كان صلى الله عليه وسلم يطؤه بقدميه الكريمتين، ويصلي عليه، لم يشرع لأمته التمسح به ولا تقبيله) (46) . وقال في موضع آخر رحمه الله: (قصد الصلاة والدعاء عندما يقال إنه قدم نبي، أو أثر نبي، أو قبر نبي... من البدع المحدثة، المنكرة في الإسلام، لم يشرع ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا كان السابقون الأولون والتابعون لهم بإحسان يفعلونه، ولا استحبه أحد من أئمة المسلمين، بل هو من أسباب الشرك، وذرائع الإفك) (47) . 2- اتفق العلماء على ما مضت به السنة من أنه لا يشرع الاستلام والتقبيل لمقام إبراهيم عليه السلام (48) – الموجود به موضع قدميه – وإذا كان هذا غير مشروع في موضع قدمي إبراهيم عليه السلام – الذي لا شك فيه – مع أنا قد أمرنا أن نتخذه مصلى، فكيف بما يقال إنه موضع قدم الرسول صلى الله عليه وسلم – كذباً وافتراء (49) -. هذا ما يتعلق بحكم التبرك بأثر قدم الرسول صلى الله عليه وسلم. وهكذا الحكم أيضاً في كل ما قد ينسب إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم من آثار أخرى مشابهة، كأثر الكف, أو المرفق, أو الرأس وغير ذلك (50) ، فإنه لا يوجد لها مستند شرعي صحيح، يثبت صحة نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم أنه لا يشرع التبرك بها على أي وجه من الوجوه لو صح شيء منها، والله سبحانه وتعالى أعلم. (80) د - حكم التبرك بمكان ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم: ذكر بعض المتأخرين من المؤرخين أن بمكة موضعاً مشهوراً يقال إنه مكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه يزار بعد صلاة المغرب من الليلة الثانية عشرة من شهر ربيع الأول في كل سنة، من قبل بعض الفقهاء والأعيان، على طريقة خاصة، فيدخلون فيه ويخطبون ويدعون لولاة الأمر، ثم يعودون إلى المسجد الحرام قبيل العشاء (51) . وذكر بعضهم أن هذا الموضع يفتح يوم الاثنين من شهر ربيع الأول ليتبرك به الناس – بالصلاة, والدعاء, والتمسح ونحو ذلك – فهو أول تربة مست جسمه الطاهر عليه الصلاة والسلام (52) ، وحتى ادعى بعض العلماء أن الدعاء يستجاب في مولد النبي صلى الله عليه وسلم عند الزوال (53) . فهل التبرك بمكان ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم مشروع أم ممنوع؟. والجواب: أن حكم هذه المسألة لا يختلف عن أمثالها من المسائل السابقة، وهو عدم الجواز، وذلك من وجهين: الوجه الأول: اختلاف العلماء والمؤرخين في تعيين مكان ولادته صلى الله عليه وسلم (54) ، وعدم وجود أدلة صحيحة تحدد هذا الموضع يقيناً. وأما المكان المشهور – المشار إليه آنفاً – فمحل شك لدى كثير من العلماء. وقد تطرق الرحالة أبو سالم العياشي إلى تحقيق مكان المولد، وساق اختلاف العلماء فيه، ثم ناقش ذلك القول المشهور بين الناس. ومما أورده قوله: (والعجب أنهم عينوا محلاً من الدار مقدار مضجع، وقالوا له: موضع ولادته صلى الله عليه وسلم، ويبعد عندي كل البعد تعيين ذلك من طريق صحيح أو ضعيف، لما تقدم من الخلاف في كونه في مكة أو غيرها، وعلى القول بأنه فيها ففي أي شعابها؟ وعلى القول بتعيين هذا الشعب ففي أي الدور؟ وعلى القول بتعيين الدار يبعد كل البعد تعيين الموضع من الدار، بعد مرور الأزمان والأعصار، وانقطاع الآثار). ثم قال أيضاً رحمه الله مستبعداً صحة تحديد ذلك المكان: (والولادة وقعت في زمن الجاهلية، وليس هناك من يعتني بحفظ الأمكنة، سيما مع عدم تعلق غرض لهم بذلك، وبعد مجيء الإسلام فقد علم من حال الصحابة وتابعيهم ضعف اعتناقهم بالتقييد، بالأماكن التي لم يتعلق بها عمل شرعي، لصرفهم اعتناءهم رضي الله عنهم لما هو أهم، من حفظ الشريعة، والذب عنها بالسنان واللسان) (55) اهـ. ولا شك أن اختلاف العلماء والمؤرخين في تحديد موضع الولادة دليل على عدم اهتمام الصحابة الأجلاء رضي الله عنهم به – لأنه لا يتعلق به عمل شرعي – وإلا لنقل اتفاقهم على مكان معين معروف، كما تعرف أماكن مشاعر الحج مثلاً. فهذا إذاً من دلائل عدم مشروعية التبرك بمكان الولادة، فالصحابة أحرص من غيرهم على فعل الخير والمسارعة إليه. الوجه الثاني: لو صحت معرفة مكان ولادة النبي صلى الله عليه وسلم لما جاز التبرك به على أي وجه، لما تقدم تقريره والاحتجاج له ... من عدم مشروعية التبرك بالمواضع التي جلس أو صلى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك من الآثار المكانية، ومكان الولادة جزء منها. أما الاستدلال على شرعية تعظيم المكان الذي ولد فيه نبي، والتبرك به، بما روي أن جبريل عليه السلام أمر محمداً صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج بصلاة ركعتين ببيت لحم، حيث ولد عيسى عليه السلام (56) ، فيجاب عنه بما يأتي: 1- أن علماء الحديث وغيرهم حكموا على هذه الرواية بأنها منكرة موضوعة، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في بيت لحم (57) . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ثبت في الصحيح ((أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى بيت المقدس ليلة الإسراء صلى فيه ركعتين)) (58) ولم يصل بمكان غيره ولا زاره، وحديث المعراج فيه ما هو في الصحيح، وفيه ما هو في السنن والمسانيد، وفيه ما هو ضعيف، وفيه ما هو من الموضوعات المختلقات، مثل ما يرويه بعضهم فيه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له جبريل: هذا قبر أبيك إبراهيم، انزل فصل فيه، وهذا بيت لحم مولد أخيك عيسى، انزل فصل فيه)) (59) .... فهذا ونحوه من الكذب المختلق باتفاق أهل المعرفة). إلى أن قال: (وبيت لحم كنيسة من كنائس النصارى، ليس في إتيانها فضيلة عند المسلمين، سواء كان مولد عيسى أو لم يكن) (60) . وقال ابن القيم رحمه الله: (قد قيل: إنه – أي النبي صلى الله عليه وسلم – نزل ببيت لحم، وصلى فيه، ولم يصح ذلك عنه ألبتة) (61) . 2- لو ثبت أنه عليه الصلاة والسلام صلى ليلة الإسراء في بيت لحم، لم يكن في ذلك ما يؤيد جواز الصلاة في مكان ولادة النبي صلى الله عليه وسلم تبركاً واحتساباً للأجر، لعدم صحة القياس في أمور العبادة، فهي توقيفية. فضلاً عن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر أمته بتعظيم بيت لحم، ولم يأمرها بالصلاة فيه، ولم يكن أحد من الصحابة رضي الله عنهم يعظم بيت لحم ويصلي فيه (62) ، فليس في إتيانه فضيلة عند المسلمين كما تقدم، وكذا مكان ولادة النبي صلى الله عليه وسلم، والله تعالى أعلم. (81) النوع الثاني: التبرك بالأولياء والصالحين وردت أدلة كثيرة تدل على مشروعية التبرك بجسد وآثار النبي صلى الله عليه وسلم، كشعره وعرقه وثيابه وغير ذلك. أما غير النبي صلى الله عليه وسلم من الأولياء والصالحين فلم يرد دليل صحيح صريح يدل على مشروعية التبرك بأجسادهم ولا بآثارهم، ولذلك لم يرد عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من التابعين أنهم تبركوا بجسد أو آثار أحد من الصالحين، فلم يتبركوا بأفضل هذه الأمة بعد نبيها، وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه, ولا بغيره من العشرة المبشرين بالجنة، ولا بأحد من أهل البيت ولا غيرهم، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، لحرصهم الشديد على فعل جميع أنواع البر والخير، فإجماعهم على ترك التبرك بجسد وآثار غيره صلى الله عليه وسلم من الصالحين دليل صريح على عدم مشروعيته. وعليه فإن من تبرك بذات أو آثار أحد من الصالحين غير النبي صلى الله عليه وسلم قد عصى الله تعالى، وعصى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم، وأعطى هذه الخاصية التي خص بها ربنا جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم لغيره من البشر، وسواهم بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، فسوى عموم الأولياء والصالحين بخير البشر وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه هضم لحقه صلى الله عليه وسلم، ودليل على نقص محبته عليه الصلاة والسلام في قلب هذا المتبرك. ومن أنواع التبرك المحرم بالصالحين: أ) التمسح بهم, ولبس ثيابهم, أو الشرب بعد شربهم طلباً للبركة. ب) تقبيل قبورهم، والتمسح بها، وأخذ ترابها طلباً للبركة، وقد حكى جمع من أهل العلم إجماع العلماء على أن هذا كله منهي عنه (63) ، وذكر أبو حامد الغزالي الشافعي المتوفي سنة 505هـ، وغيره من علماء الشافعية والحنفية أن هذه الأفعال من عادات النصارى، وذكر بعض علماء الشافعية وبعض علماء الحنفية أن استلام القبور تبركاً كبيرة من كبائر الذنوب. ج) عبادة الله عند قبورهم تبركاً بها، معتقداً فضل التعبد لله تعالى عندها، وأن ذلك سبب لقبول هذه العبادة، وسبب لاستجابة الدعاء. النوع الثالث: التبرك بالأزمان, والأماكن, والأشياء التي لم يرد في الشرع ما يدل على مشروعية التبرك بها. ومن أمثلة هذه الأشياء: 1- الأماكن التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم، أو تعبد لله فيها اتفاقاً من غير قصد لها لذاتها، وإنما لأنه صلى الله عليه وسلم كان موجوداً في هذه الأماكن وقت تعبده لله تعالى بهذه العبادة، ولم يرد دليل شرعي يدل على فضلها. ومن هذه الأماكن: جبل ثور، وغار حراء، وجبل عرفات، والأماكن التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره، والمساجد السبعة التي قرب الخندق، والمكان الذي يزعم بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد فيه – مع أنه مختلف في مكان ولادته عليه الصلاة والسلام اختلافاً كثيراً – ومثل الأماكن التي قيل إنه ولد فيها نبي أو ولي أو عاشوا فيها ونحو ذلك – مع أن كثيراً من ذلك لم يثبت -. فلا يجوز للمسلم قصد زيارة هذه الأماكن للتعبد لله تعالى عندها، أو فوقها، بصلاة أو دعاء أو غيرهما، كما لا يجوز للمسلم مسح شيء من هذه الأماكن لطلب البركة، ولا يشرع صعود هذه الجبال لا في أيام الحج ولا غيرها، حتى جبل عرفات، لا يشرع صعوده في يوم عرفة، ولا غيره، ولا التمسح بالعمود التي فوقه، وإنما يشرع الوقوف عند الصخرات القريبة منه إن تيسر، وإلا وقف الحاج في أي مكان من عرفات. ولذلك لم يثبت عن أحد من الصحابة أنه قصد شيئاً من هذه الأماكن للتبرك بها بتقبيل أو لمس أو غيرهما ولا أن أحداً منهم قصدها للتعبد لله فيها. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، ومسجد الحرام، ومسجد الأقصى)) (64) رواه البخاري ومسلم، وثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي هو ثاني الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم (أنه لما رأى الناس وهو راجع من الحج ينزلون فيصلون في مسجد، فسأل عنهم، فقالوا: مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنما هلك من كان قبلكم أنهم اتخذوا آثار أنبيائهم بيعاً، من مر بشيء من هذه المساجد فحضرت الصلاة فليصل، وإلا فليمض) (65) . فهذا قول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه)) (66) . وقال عنه النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر – رضي الله عنهما – ((اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر)) (67) . وهو – أي قول عمر السابق – يدل على التحذير من التبرك بالأماكن التي مر بها أو تعبد فيها نبينا صلى الله عليه وسلم دون قصد لها، وعلى عدم مشروعية قصد هذه الأماكن للتعبد لله فيها، وعلى هذا أجمع سلف هذه الأمة وكل من سار على طريقتهم؛ ولأن ذلك من المحدثات التي لا دليل عليها. 2- التبرك ببعض الأشجار وبعض الأحجار وبعض الأعمدة وبعض الآبار والعيون التي يظن بعض العامة أن لها فضلاً، إما لظنهم أن أحد الأنبياء والأولياء وقف على ذلك الحجر، أو لاعتقادهم أن نبياً نام تحت تلك الشجرة، أو يرى أحدهم رؤيا أن هذه الشجرة أو هذا الحجر مبارك، أو يعتقدون أن نبياً اغتسل في تلك البئر أو العين، أو أن شخصاً اغتسل فيها فشفي، ونحو ذلك، فيغلون فيها ويتبركون بها فيتمسحون بالأشجار والأحجار، ويغتسلون بماء هذه البئر أو تلك العين طلباً للبركة، ويعلقون بالشجرة الخرق والمسامير والثياب، فربما أدى بهم غلوهم هذا في آخر الأمر إلى عبادة هذه الأشياء، واعتقاد أنها تنفع وتضر بذاتها. ولا شك أن التبرك بالأشجار والأحجار والعيون ونحوها، بأي نوع من أنواع التبرك، من مسح أو تقبيل، أو اغتسال، أو غيرها مما سبق ذكره تبركاً وتعظيماً محرم بإجماع أهل العلم، ولا يفعله إلا الجهال؛ لأنه إحداث عبادات ليس لها أصل في الشرع، ولأنه من أعظم أسباب الوقوع في الشرك الأكبر، ولما روى أبو واقد الليثي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حنين، ونحن حديثو عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون حولها وينوطون بها أسلحتهم وأمتعتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال صلى الله عليه وسلم: ((الله أكبر، هذا كما قالت بنو إسرائيل: اجْعَل لَّنَا إِلَـهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف: 138]، ثم قال: إنكم قوم تجهلون، لتركبن سنن من كان قبلكم)) (68) . فلما طلب حدثاء العهد بالإسلام من الصحابة شجرة يتبركون بها تقليداً للمشركين أنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وأخبرهم أن طلبهم هذا يشبه طلب بني إسرائيل من موسى عليه السلام أن يجعل لهم آلهة تقليداً لمشركي زمانهم، فطلبهم مشابه لطلب بني إسرائيل من جهة طلب التشبه بالمشركين فيما هو شرك، وإن كان ما طلبه هؤلاء الصحابة من الشرك الأصغر. ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أنه ليس هناك حجر أو غيره يشرع مسحه أو تقبيله تبركاً، حتى مقام إبراهيم الخليل – عليه السلام – لا يشرع تقبيله مطلقاً مع أنه قد وقف عليه، وأثرت فيه قدماه – عليه السلام -، وهذا كله قد أجمع عليه أهل العلم. ومسح الحجر الأسود وتقبيله, وكذلك مسح الركن اليماني في أثناء الطواف إنما هو من باب التعبد لله تعالى، واتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال عمر رضي الله عنه لما قبل الحجر الأسود: (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) (69) رواه البخاري ومسلم. كما أنه يجب قطع الأشجار وهدم الآبار والعيون، وإزالة الأحجار التي يتبرك بها العامة، حسماً لمادة الشرك، كما فعل عمر – رضي الله عنه – حين قطع شجرة بيعة الرضوان. 2- التبرك ببعض الليالي والأيام التي يقال: إنها وقعت فيها أحداث عظيمة، كالليلة التي يقال إنها حصل فيها الإسراء والمعراج، ونحو ذلك (82) النوع الرابع: التبرك بالأماكن والأشياء الفاضلة وردت نصوص شرعية كثيرة تدل على فضل وبركة كثير من الأماكن، كالكعبة المشرفة، والمساجد الثلاثة، وكثير من الأزمان كليلة القدر ويوم عرفة، وكثير من الأشياء الأخرى، كما زمزم، والسحور للصائم، والتبكير في طلب الرزق ونحوه، وغير ذلك. والتبرك بهذه الأشياء يكون بفعل العبادات وغيرها مما ورد في الشرع ما يدل على فضلها فيها، ولا يجوز التبرك بها بغير ما ورد، وعليه فمن تبرك بالأزمان, أو الأماكن, أو الأشياء التي وردت نصوص تدل على فضلها أو بركتها بتخصيصها بعبادات أو تبركات معينة لم يرد في الشرع ما يدل على تخصيصها بها، فقد خالف المشروع، وأحدث بدعة ليس لها أصل في الشرع، وذلك كمن يخص ليلة القدر بعمرة، وكمن يتبرك بجدران الكعبة بتقبيلها أو مسحها، أو يتمسح بمقام إبراهيم أو بالحجر المسمى حجر إسماعيل، أو بأستار الكعبة، أو بجدران المسجد الحرام، أو المسجد النبوي وأعمدتهما ونحو ذلك، فهذا كله محرم، وهو من البدع المحدثة، وقد اتفق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وسلف هذه الأمة على عدم مشروعيته (70) ، وعندك أن يتبرك بأحجار أو تراب شيء من المواضع الفاضلة بالتمرغ عليه أو يجمعه أو الاحتفاظ به. ومما يدل أيضاً على تحريم التبرك بالأشياء الفاضلة بغير ما ورد في الشرع ما ثبت في (صحيح البخاري) عن ثاني الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بأتباع سنتهم: عمر بن الخطاب رضي الله عنه والذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله جعل الحق على قلب عمر ولسانه)) (71) ، وقال صلى الله عليه وسلم عنه وعن أبي بكر: ((اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر)) (72) ، أنه قال رضي الله عنه لما قبل الحجر الأسود: (إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) (73) رواه البخاري ومسلم، فقول عمر هذا صريح في أن تقبيل الحجر الأسود إنما هو اتباع للنبي صلى الله عليه وسلم، فالمسلم يفعله تعبداً لله تعالى، واقتداء بخير البرية صلى الله عليه وسلم، وليس من باب التبرك في شيء. وإذا كان هذا في شأن الحجر الأسود الذي هو أفضل الكعبة، فغيره من الأماكن والأشياء الفاضلة أولى، فيتعبد المسلم فيها بما ورد في الشرع ولا يزيد عليه. ومما يدل كذلك على تحريم التبرك بالأشياء الفاضلة بغير ما ورد في الشرع ما ثبت عن حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – أنه أنكر على من استلم أركان الكعبة الأربعة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستلم إلا الحجر الأسود والركن اليماني (74) .رواه البخاري. jfv; f]ud | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018