الإهداءات | |
ملتقى السيرة النبويه ملتقى خاص بسيرته ... سنته ... آل بيته ... أصحابه ... نصرته والدفاع عنه . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | شريف حمدان | مشاركات | 2 | المشاهدات | 738 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
19 / 05 / 2013, 23 : 05 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : ملتقى السيرة النبويه احبتي في الله في مبدأ الهجرة في مبدأ الهجرة التي فرَّق اللهُ فيها بين أعدائه وأوليائه،وجعلها مبدأً لإعزاز دينه ونصر عبده ورسُوله: قال الواقدى: حدَّثنى محمدُ بن صالح، عن عاصم بن عمر بن قتادة ويزيد بن رومان وغيرهما قالوا: أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ ثلاثَ سِنِينَ مِن أوَّلِ نُبوته مُستخفياً، ثم أعلنَ فى الرَّابِعة، فدعا النَّاسَ إلى الإسلام عَشْرَ سِنِينَ، يُوافى المَوْسِمَ كُلَّ عام، يتَّبعُ الحاجَّ فى منازلهم، وفى المواسم بعُكاظ، ومَجَنَّة، وذى المَجَاز، يدعوهم إلى أن يمنَعُوهُ حتى يُبَلِّغَ رِسَالاتِ ربِّه ولهم الجنةُ، فلا يَجِدُ أحداً ينصُره ولا يُجيبه، حتى إنه ليسألُ عن القبائل ومنازِلهَا قبيلةً قبيلةً، ويقول: ((يا أَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لاَ إِلهَ إِلا الله تُفْلِحُوا، وَتمْلِكُوا بِهَا العَرَبَ، وتَذِلَّ لَكُم بِهَا العَجَمُ، فَإذَا آمَنْتُم، كُنْتُم مُلُوكاً فى الجَنَّةِ))، وأبو لَهَبٍ وراءَه يقولُ: لا تُطِيعُوهُ فإنَّهُ صَابِىء كَذَّاب، فيردُّونَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبحَ الرَّدِّ، ويُؤذونه، ويقولون: أُسرتُك وعشيرتُكَ أعلمُ بِكَ حيثُ لم يَتَّبِعُوك، وهُوَ يدعُوهم إلى الله، ويقول: ((اللَّهُمَّ لَوْ شِئْتَ لَمْ يَكُونُوا هكَذَا)) قال: وكان ممن يسمَّى لنا مِن القبائِلِ الَّذِينَ أتاهُم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم، وعَرَضَ نفسَه عليهم: بنو عامر بن صَعْصَعَةَ، ومحارب بن حَصَفة، وفَزَارَة، وغسَّان، ومُرَّة، وحنيفة، وسُلَيم، وعَبْس، وبنو النَّضر، وبنو البكاء، وكِندة، وكلب، والحارث بن كعب، وعُذرة، والحضَارِمة، فلم يستجب منهم أحد. فصل وكان مِما صنع الله لِرسوله أن الأوسَ والخزرجَ كانُوا يسمعُونَ مِن حُلفائهم مِن يهودِ المدينةِ أن نبياً من الأنبياء مبعوثٌ فى هذا الزمانِ سَيَخْرُج، فَنَتَّبِعُهُ ونقتُلكُم معه قَتْلَ عَادٍ وإرَمٍ، وكانت الأنصارُ يحجُّونَ البيتَ كما كانتِ العربُ تحجُّه دونَ اليهود، فلما رأى الأنصارُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يدعو الناسَ إلى اللَّهِ عزَّ وجَلَّ، وتأمَّلُوا أحوَاله، قال بعضُهم لبعض: تَعْلَمُونَ واللهِ يا قَوْمُ أَنَّ هذا الَّذِى تَوَعَّدُكُم بِهِ يَهُودُ، فَلا يَسْبِقُنَّكُم إِلَيْهِ. وكانَ سُويدُ بنُ الصَّامِت من الأوسِ قد قَدِمَ مَكَّةَ، فدعاه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فلم يُبْعِدْ وَلَم يُجِبْ حتَّى قَدِمَ أنس بن رافع أبو الحيسر فى فِتيةٍ مِن قومهِ من بنى عَبْدِ الأَشْهَلِ يطلُبُون الحِلف، فدعاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسْلام، فقال إياسُ بنُ معاذ وكان شاباً حَدَثاً: يا قومُ ؛ هذا واللهِ خَيْرٌ مِما جئِنَا له، فضربَه أبو الحيسر وانتهره، فسكتَ، ثم لم يَتِمَّ لهم الحِلْفُ، فانصرَفُوا إلى المدينةِ. فصل ثم إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لَقِىَ عِنْدَ العَقَبَةِ فى المَوْسِمِ سِتَّةَ نَفَرٍ مِنَ الأنصارِ كُلُّهم مِن الخزرج، وهم: أبو أُمامة أسعدُ بنُ زُرَارَة، وعوفُ بن الحارث، ورافِعُ بن مالك، وقُطبةُ بن عامر، وعُقبة بن عامر، وجابرُ بن عبد الله بن رئاب، فَدَعَاهُم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسْلامِ فأسلمُوا. ثم رجعوا إلى المدينةِ، فَدَعَوْهُم إلى الإسلام، ففشا الإسلامُ فيها حتَّى لم يبق دارٌ إلا وقد دخلها الإسلامُ، فلما كان العامُ المقبلُ، جاء مِنهم اثنا عشَرَ رَجُلاً، الستة الأُوَل خلا جابر بن عبد الله، ومعهم معاذ بن الحارث بن رفاعة أخو عوف المتقدِّم، وذكوان بنُ عبد القيس، وقد أقامَ ذَكوان بمكة حتى هاجر إلى المدينة، فيقال: إنه مُهاجرى أنصارى، وعُبادة بن الصامت، ويزيدُ بن ثعلبة، وأبو الهيثم بن التَّيهان، وعُويمر بن مالك هم اثنا عشر. وقال أبو الزبير عن جابر: إن النبى صلى الله عليه وسلم لَبِثَ بِمَكَّةَ عشرَ سنين يَتَّبعُ الناسَ فى منازلهم فى المواسم، وَمَجَنَّة، وعُكَاظ، يقول: ((مَنْ يُؤْوينى ؟ مَنْ يَنْصُرُنى ؟ حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالاَتِ رَبِّى، ولَهُ الجَنَّةُ))، فَلاَ يَجِدُ أَحَدَاً يَنْصُرُهُ وَلاَ يُؤْوِيِهِ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْحَلُ مِنْ مُضَرَ أَوْ اليَمَنِ إِلى ذِى رَحِمِهِ، فَيَأْتِيهِ قَوْمهُ فَيَقُولُونَ له: احْذَرْ غُلاَمَ قُريْشٍ لاَ يَفْتِنْكَ، وَيَمْشِى بَيْنَ رِجَالِهِم يَدْعُوهُمْ إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وَهْم يشيرُونَ إِلَيْهِ بِالأَصَابعِ، حَتَّى بَعَثَنَا اللهُ مِنْ يَثْرِبَ، فَيَأْتِيهِ الرَّجُلُ مِنَّا فَيُؤْمِنُ به ويُقْرِئُهُ القُرْآنَ، فَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ، فَيُسْلِمُونَ بإِسْلاَمِهِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ دَارٌ مِنْ دورِ الأنْصَارِ إِلاَّ وَفِيهَا رَهْطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، يُظْهُرونَ الإسْلاَمَ، وَبَعَثَنَا اللهُ إلَيْهِ، فَائْتَمَرْنَا وَاجْتَمَعْنَا وقلنا: حتَّى مَتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُطرَّد فى جِبَال مَكَّةَ وَيَخَافُ، فَرَحْلَنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَيْهِ فى المَوْسِمِ، فَوَاعَدَنَا بَيْعَةَ العَقَبَة، فَقَالَ لَهُ عَمُّه العَبَّاسُ، يَا ابنَ أَخِى مَا أَدْرى مَا هَؤُلاءِ القَوْمُ الَّذِينَ جَاؤوكَ، إِنِّى ذُو مَعْرِفَةٍ بِأَهْلِ يَثْرِبَ، فَاجْتَمَعْنَا عِنْدَهُ مِنْ رَجُلٍ وَرَجُلَيْنِ، فَلَمَّا نَظَرَ العَبَّاسُ فى وُجُوهِنَا، قَالَ: هَؤُلاءِ قَوْمٌ لاَ نَعْرِفُهُم، هَؤُلاءِ أَحْدَاثٌ، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله ؛ عَلامَ نُبَايِعُكَ ؟ قَالَ: ((تُبَايِعُونِى عَلى السَّمع وَالطَّاعَةِ، فى النَّشَاطِ والكَسَلِ. وَعلَى النَّفَقَةِ فى العُسْرِ وَاليُسْرِ، وَعَلَى الأَمْرِ بِالمَعْرُوفِ، والنَّهْى عَنِ المُنْكَرِ، وَعَلَى أَنْ تَقُولُوا فى اللهِ لا تَأْخُذُكُم لَوْمَةُ لاَئِمٍ، وَعلَى أَنْ تَنْصُرونى إِذا قَدِمْتُ عَلَيْكُم، وَتَمْنَعُونِى مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَنْفُسَكُمْ وَأَزْوَاجَكُم وَأَبْنَاءَكُم وَلَكُمُ الجَنَّةُ))، فَقُمْنَا نُبَايِعُهُ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، وهُوَ أَصْغَرُ السَّبْعِينَ، فَقَالَ: رُوَيْدَاً يَا أَهْلَ يَثْرِبَ، إِنَّا لَمْ نَضْربْ إِلَيْهِ أَكْبَادَ المَطِىِّ إلاَّ وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللهِ، وأنَّ إِخْرَاجَهُ اليَوْمَ مُفَارَقَةُ العَرَبِ كَافَّةً، وَقَتْلُ خِيَارِكُم، وأَنْ تَعَضَّكُم السُّيوفُ، فإِمَّا أَنْتُمْ تَصْبِرُونَ عَلَى ذلِكَ، فَخُذُوهُ، وَأَجْرُكُم عَلَى اللهِ، وَإِمَّا أَنْتُمْ تَخَافُونَ مِنْ أَنْفُسِكُم خِيفَةً فَذَرُوهُ، فَهُوَ أَعْذَرُ لَكُم عِنْدَ اللهِ، فَقَالُوا: يَا أَسْعَدُ ؛ أَمِطْ عَنَّا يَدَكَ، فَوَاللَّهِ لاَ نَذَرُ هَذِهِ البَيْعَةَ، ولا نَسْتَقِيلُها، فَقُمْنَا إِلَيْهِ رَجُلاً رَجُلاً، فأَخَذَ عَلَيْنَا وشرط، يُعْطِينَا بِذَلِكَ الجَنَّةَ)</SPAN>). ثمَّ انصرفوا إلى المدينةِ، وبعثَ معهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عمروُ بنَ أُمَّ مكتوم، ومُصْعَبَ بْن عُمير يُعَلَّمان مَن أسلم منهم القرآن، ويدعوان إلى الله عزَّ وجلَّ، فنزلا على أبى أمامة أسعدَ بن زُرارة، وكان مُصعبُ بنَ عمير يَؤمُّهم، وجمَّع بهم لما بلغوا أربعين فأسلم على يديهما بَشرٌ كثيرٌ، منهم أُسَيْدُ بنُ الحُضَيْرِ، وسعدُ بن معاذ، وأسلم بإسلامهما يومئذ جميع بنى عبد الأشهل الرجالُ والنساء، إلا أُصيرم عمرو بن ثابت بن وقش، فإنه تأخَّر إسلامه إلى يوم أُحُد، وأسلم حينئذ، وقاتل فقُتِل قبل أن يَسجد للهِ سجدة، فأُخبر عنه النبى صلى الله عليه وسلم فقال: ((عَمِلَ قَليلاً، وَأُجِرَ كَثِيراً)). وكثر الإسلامُ بالمدينة، وظهر، ثم رَجَعَ مُصعبُ إلى مكة، ووافى الموسِمَ ذلك العامَ خلقٌ كثير من الأنصار مِن المسلمين والمشركين، وزعيمُ القومِ البَراءُ بنُ معرور، فلما كانت لَيْلَةُ العقبةِ الثلثَ الأول مِن الليل تسلَّل إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم ثلاثةُ وسبعونَ رَجُلاً وامرأتانِ، فبايعُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خِفية مِن قومهم، ومِن كُفَّارِ مكة، على أن يمنعُوه مما يمنعونَ مِنه نساءهم وأبناءهم وأزُرَهم، فكانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ ليلتئذٍ البَرَاءُ بن معرور، وكانت له اليدُ البيضاء، إذ أكَّدَ العقدَ، وبادر إليه، وحضرَ العباسُ عمُّ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مؤكداً لبيعته كما تقدم، وكان إذ ذاك على دينِ قومه، واختارَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم منهم تلك الليلة اثنى عشر نقيباً، وهم: أسعدُ بن زرارة، وسعدُ بنُ الربيع، وعبدُ الله بن رواحة، ورافِعُ بن مالك، والبَراءُ بن مَعرور، وعبد الله ابن عمرو بن حرام والد جابر، وكان إسلامُه تِلك الليلة، وسعدُ بنُ عبادة، والمنذرُ بن عمرو، وعبادةُ بن الصامت، فهؤلاء تِسعةٌ من الخزرجِ، وثلاثةٌ من الأوس: أُسَيْدُ بنُ الحضير، وسعدُ بن خيثمة، ورِفاعةُ بن عبد المنذر. وقيل: بل أبو الهيثم بن التيهان مكانه. وأما المرأتان: فأُم عُمارة نُسيبة بنتُ كعبِ بنِ عمرو، وهى التى قَتَل مُسَيْلِمةُ ابنَهَا حبيبَ بْنَ زيد، وأسماء بنت عمرو بن عدى. فلما تمت هذه البيعةُ استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يميلوا على أهل العقبةِ بأسيافهم، فلم يأذَنْ لهم فى ذلك، وصرخَ الشيطانُ عَلَى العَقَبَةِ بأنفَذِ صوت سُمِع: يا أهلَ الجباجب هل لكم فى مُذَمَّمٍ والصُّبَاةُ معه قد اجتمعوا على حربكم ؟ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((هذا أَزَبُّ العقبة، هذا ابنُ أزيْب، أما واللهِ يا عدُوَّ الله لأَتَفَرَّغَنَّ لَكَ)). ثم أمرهم أن ينفضُّوا إلى رحالهم، فلما أصبحَ القومُ، غدَتْ عليهم جِلَّةُ قريش وأشرافهُم حتى دخلوا شِعب الأنصار، فقالوا: يا معشرَ الخزرجِ ؛ إنه بلغنا أنكم لَقِيتُم صاحِبَنَا البارحة، وواعدتمُوه أن تُبايعُوه على حربنا، وايمُ اللهِ ما حىٌ مِن العرب أبغضَ إلينا من أن يَنْشَبَ بيننا وبينه الحربُ مِنكم، فانبعثَ مَن كان هُناك من الخزرج مِن المشركين، يحلِفُونَ لهم بالله: ما كان هذا وما عَلِمْنا، وجعل عبدُ الله بنُ أُبَىّ بن سلول يقول: هذا باطل، وما كان هذا، وما كان قومى لِيفتاتُوا عَلَىّ مِثل هذا، لو كنتُ بيثربَ ما صنع قومى هذا حتى يُؤامرونى، فرجعتْ قريش مِن عندهم، ورحل البراءُ بن معرور، فتقدَّم إلى بطنِ يَأْجَج، وتلاحق أصحابُه مِن المسلمين، وتطلَّبتهُم قريشٌ، فأدركوا سعدَ بْنَ عُبادة، فربطوا يديهِ إلى عُنقهِ بِنسْعِ رَحْلِه، وجعلوا يضرِبُونه، ويَجرُّونه، ويَجْذِبونَهُ بِجُمَّتِهِ حتى أدخلُوه مكَّة، فجاء مُطْعِمُ بنُ عدى والحارث بن حرب بن أُمية، فخلصَّاه من أيديهم، وتشاوَرَتِ الأنصارُ حين فقدُوه أَن يَكِرُّوا إليه، فإذا سَعْدُ قد طَلَعَ عليهم، فوصلَ القومُ جميعاً إلى المدينةِ. فأذِنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للمسلمين بالهِجْرةِ إلى المدينة، فبادرَ الناسُ إلى ذلك، فكان أوَّلَ مَنْ خرج إلى المدينة أبُو سلمة بن عبد الأسد، وامرأتُهُ أُمُّ سلمة، ولكنها احتُبِسَت دونه، ومُنِعَت من اللَّحَاق به سنة، وحِيلَ بينها وبين ولدِها سلمة، ثم خرجت بعد السَّنة بولدها إلى المدينة، وشيَّعها عثمانُ بنُ أبى طلحة،. ثم خَرجَ الناسُ أرسالاً يتبعُ بعضُهم بعضاً، ولم يبق بمكة مِن المسلمين إلا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعلىّ، أقاما بأمره لهما، وإلا مَن احتبسه المشرِكُونَ كرهاً، وقد أعدَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم جهَازَه ينتظر متى يُؤمر بالخروج، وأعدَّ أبو بكر جَهَازَهُ. فصل فلما رأى المشركُون أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تجهَّزُوا، وخرجُوا، وحملُوا، وساقوا الذَّرارِى والأطفالَ والأموالَ إلى الأوسِ والخزرَج، وعرفُوا أن الدارَ دارُ مَنَعَةٍ، وأَن القومَ أَهلُ حَلْقَةٍ وَشَوْكَةٍ وبأسٍ، فخافوا خروجَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إليهم ولحوقَه بهم، فيشتدَّ عليهم أمره، فاجتمعوا فى دار الندوة، ولم يتخلَّفْ أحدٌ من أهل الرأى والحجا منهم ليتشاوروا فى أمره، وحضرهم وليُّهم وشيخُهم إبليسُ فى صُورة شيخ كبير من أهل نجد مشتمل الصَّمَّاء فى كِسائه، فتذاكَرُوا أمرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار كُلُّ أحد منهم برأى، والشيخُ يردُّهُ ولا يرضاه، إلى أن قال أبو جهل: قد فُرِقَ لى فيه رأى ما أراكم قد وقعتُم عليه، قالوا: ما هو ؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة من قريش غلاماً نَهْداً جَلْداً، ثمَّ نعطيِه سَيْفاً صارماً، فيضربونه ضربةَ رجلٍ واحد، فيتفرَّقُ دمه فى القبائل، فلا تدرى بنو عبد مناف بعد ذلك كيف تصنعُ، ولا يُمكِنُهَا معاداة القبائل كلها، ونسوقُ إليهم ديته، فقال الشيخ: للهِ دَرُّ الفتى، هذا واللهِ الرأىُ، قال: فتفرَّقوا على ذلك، واجتمعوا عليه، فجاءه جبريلُ بالوحى من عند ربه تبارك وتعالى، فأخبره بذلك، وأمره أن لا ينام فى مَضجعِه تلكَ الليلة. وجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى أبى بكر نِصفَ النهار فى ساعةٍ لم يكن يأتيه فيها مُتَقَنَّعاً، فقالَ له: ((أخْرِجْ مَنْ عِنْدَك)) فقَالَ: إنما هُم أهُلكَ يا رسولَ الله، فقال: ((إنَّ الله قَدْ أَذِنَ لِى فى الخُرُوجِ)) فقال أبُو بكر: الصحبة يا رسولَ الله ؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((نعم)) فقال أبو بكر: فخذ بأبى وأُمّى إحدَى راحلتىَّ هاتين، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((بالثمن)). وأمر علياً أن يبيت فى مَضْجَعِهِ تلكَ الليلة، واجتمعَ أُولئكَ النفرُ مِن قريش يتطلعون من صِيْرِ الباب ويرصُدُونه، ويُرِيدون بياتَه، ويأتمرونَ أيهم يكونُ أشقاها، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فأخذ حَفنةً من البطحاء، فجعل يَذُرُّهُ على رؤوسهم، وهم لا يرونه، وهو يتلو: {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} [يس: 9]، ومضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبى بكر، فخرجا مِن خَوْخَةٍ فى دار أبى بكر ليلاً، وجاء رجلٌ، ورأى القوم ببابه، فقال: ما تنتظرون ؟ قالوا: محمداً، قال: خِبْتُم وخَسِرْتُم، قد واللهِ مرَّ بِكُمْ وذرّ على رؤوسكم الترابَ، قالوا: واللهِ ما أبصرناه، وقاموا ينفضُون التراب عن رؤوسهم، وهم: أبو جهل، والحكمُ بنُ العاص، وعُقْبَةُ بن أبى مُعيط، والنَّضرُ بن الحارث، وأُميَّةُ بن خلف، وزمعةُ بن الأسود، وطُعيمة بن عدى، وأبو لهب، وأُبَىُّ بن خلف، ونبيه ومنبّه ابنا الحجاج، فلما أصبحوا، قام علىٌ عن الفراش، فسألُوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا عِلم لى به. ثم مضى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى غار ثورٍ، فدخلاه، وضربَ العنكبوتُ على بابه. وكانا قد استأجرَا عبدَ الله بن أُرَيْقِطٍ الليثى، وكان هادِياً ماهِراً بالطريق، وكان على دِين قومه من قريش، وأمناه على ذلك، وسلَّما إليه راحلتيهما، وواعداه غارَ ثور بعد ثلاث، وجدَّت قريش فى طلبهما، وأخذوا معهم القافَة، حتى انتهوا إلى بابِ الغار، فوقفوا عليه. ففى ((الصحيحين)) أن أبا بكر قال: يا رسول اللهِ ؛ لو أنَّ أحَدَهُم نظر إلى ما تحت قَدَمَيْهِ لأبصرنا فقال: ((يَا أَبَا بَكُرٍ ؛ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا، لاَ تَحْزَنْ فإنَّ الله مَعَنَا)) وكان النبىُّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يسمعانِ كلامَهم فوقَ رؤوسهما، ولكن الله سُبحانه عمَّى عليهم أمَرهما، وكان عامِر بن فُهيرة يرعى عليهما غنماً لأبى بكر، ويتسمَّع ما يُقالُ بمكة، ثم يأتيهما بالخبر، فإذا كان السَحَر سَرَحَ مع الناسِ. قالت عائشة: وجهَّزناهُما أحث الجِهاز، ووضَعْنَا لهمَا سُفرة فى جِرابٍ، فَقَطَعَتْ أسماءُ بنتُ أبى بكر قطعةً مِنْ نِطاقها، فأوْكَتْ بهِ الجِراب، وقطعتِ الأُخرى فصيرَّتها عِصاماً لِفم القِربة، فلذلك لُقِّبتْ: ذاتَ النطاقين. وذكر الحاكم فى ((مستدركه)) عن عمر قال: خرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى الغار، ومعه أبو بكر، فجعل يمشى ساعة بين يديه، وساعة خلفَه، حتى فَطِنَ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فسأله، فقال له: يا رسول الله ؛ أذكُر الطلبَ، فأمشى خلفك، ثم أذكُر الرصَدَ، فأمشى بين يديك فقال: ((يا أبا بكر ؛ لو كان شىء أحببتَ أن يكون بِكَ دونى؟)) قال: نعم والَّذى بعثك بالحقِّ، فلما انتهى إلى الغار قال أبو بكر: مكانَكَ يا رسول الله حتى أستبرىءَ لك الغارَ، فدخل، فاستبرأه، حتى إذا كان فى أعلاه ذكر أنه لم يستبرىء الجِحَرَةَ، فقال: مكانك يا رسول الله حتى أستبرىء الجِحَرَةَ ثم قال: انزلْ يا رسولَ الله، فنزل، فمكثا فى الغار ثلاثَ ليالٍ حتى خمدت عنهما نارُ الطلب، فجاءهما عبد اللهِ بن أُريقط بالراحلتين، فارتحلا، وأردف أبو بكر عامر بن فُهيرة، وسار الدليلُ أمامهما، وعينُ الله تكلؤهما، وتأييدُه يصحبُهما، وإسعاده يرحلُهما ويُنزلهما. ولما يئس المشركون مِن الظَّفرِ بهما، جعلُوا لمن جاء بهما دِيةَ كل واحد منهما، فجدَّ الناسُ فى الطَّلب، واللهُ غالبٌ على أمره، فلما مرُّوا بحى بنى مُدُلجٍ مُصعدِين من قُديد، بَصُرَ بهم رجلُ من الحىِّ، فوقف على الحىِّ فقال: لقد رأيتُ آنِفاً بالساحل أَسْوِدَةً ما أُراها إلا محمداً وأصحابَه، فَفَطِنَ بالأمر سُراقة بن مالك، فأراد أن يكون الظفرُ له خاصة، وقد سبق له من الظَّفَرِ ما لم يكن فى حسابه، فقال: بل هم فلان وفلان، خرجا فى طلب حاجة لهما، ثم مكث قليلاً، ثم قام فدخل خِباءه وقال لخادمه: اخْرُجْ بالفرس من وراءِ الخِباء، وموعِدُك وراء الأكمة، ثم أخذ رُمحه، وخفض عَالِيه يَخُطُّ به الأرضَ حتى رَكِبَ فرسه، فلما قَرُبَ منهم وسمع قِراءة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر يُكْثِرُ الالتفات، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلتفت، فقال أبو بكر: يا رسولَ الله ؛ هذا سُراقة بن مالك قد رَهَقَنَا، فدعا عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فساخت يدا فرسه فى الأرضِ، فقال: قد علمتُ أن الذى أصابنى بدعائكما، فادعوا الله لى، ولكما علىّ أن أردَّ الناسَ عنكما، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأُطلق، وسأل رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أن يكتُب له كتاباً، فكتب له أبو بكر بأمره فى أديم وكان الكتابُ معه إلى يوم فتح مكة، فجاءه بالكتِاب، فوفَّاه له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ((يَوْمُ وَفَاءٍ وَبِرٍّ))، وعرض عليهما الزاد والحِملان، فقالا: لا حاجة لنا به، ولكن عَمِّ عنَّا الطلبَ، فقالَ: قد كُفيتم، ورجع فوجَدَ الناسَ فى الطلب، فجعل يقول: قد استبرأتُ لكم الخبر، وقد كُفيتم ما ههنا، وكان أول النهار جاهداً عليهما، وآخره حارساً لهما. فصل ثُمَّ مَرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسيره ذلك حتى مرَّ بخيمتى أُمَّ مَعْبَدٍ الخُزَاعية، وكانت امرأة بَرْزَةً جَلْدَةً تحتبى بفناء الخيمة، ثم تُطعِمُ وتَسقى مَنْ مَرَّ بها، فسألاها: هل عندها شىء ؟ فقالت: واللهِ لو كان عندنا شىء ما أعْوَزَكُم القِرَى، والشَّاءُ عازِب، وكانت سنة شهباء، فنظَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة فى كِسْرِ الخيمة، فقال: ((ما هذه الشاة يا أُمّ مَعْبَد)) ؟ قالت: شاة خلفها الجَهْدُ عن الغنم، فقال: ((هل بِهَا مِنْ لبن)) ؟ قالت: هى أجهدُ مِن ذلك، فقال: ((أتأذنين لى أن أَحلِبهَا)) ؟ قالت: نعم، بأبى وأُمى، إن رأيتَ بها حَلْباً فاحلُبها، فمسحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِيدِهِ ضَرْعَها، وسمَّى الله ودعا، فتفاجَّت عليه، ودرَّت، فدعا بإناء لها يُربِضُ الرَّهطَ، فحلب فيه حتى علته الرَّغوة، فسقاها فشربت حتى رَوِيَت، وسقى أصحابه حتى رَووْا، ثم شرب، وحلب فيه ثانياً، حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها، فارتحلُوا، فقلَّما لَبِثتْ أن جاء زوجُها أبو معبد يسوق أعنزاً عِجافاً، يتساوكن هُزالاً لا نِقى بهن، فلما رأى اللَّبن، عَجِبَ، فقال: مِن أين لكِ هذا، والشاةُ عازب ؟ ولا حَلُوبةَ فى البيت ؟ فقالت: لا واللهِ إلا أنَّه مرَّ بنا رجلٌ مبارَكٌ كان من حديثه كيت وكيت، ومن حاله كذا وكذا. قال: واللهِ إنى لأُراه صاحِبَ قريش الذى تطلُبه، صِفيه لى يا أُمّ مَعْبَد، قالت: ((ظاهِرُ الوَضَاءة، أبلجُ الوجه، حَسَنُ الخَلْقِ، لم تعبه ثُجْلَة، ولم تُزْر به صُعْلَة، وسيم قَسِيم، فى عَيْنَيْهِ دَعَجٌ، وفى أَشْفَارهِ وطَفٌ، وفى صْوته صَحَل، وفى عُنُقِهِ سَطَعٌ، أحورُ، أكحلُ، أزجُّ، أقرنُ، شديدُ سواد الشَعْر، إذا صمت علاه الوقارُ، وإن تكلم علاه البهاءُ، أجملُ الناس وأبهاهُم مِن بعيد، وأحسنُه وأحلاه من قريب، حُلْوُ المنطق، فصل ، لا نَزْر ولاَ هَذْر، كأنَّ منطقه خرزاتُ نَظْمٍ يَتَحَدَّرْنَ، ربعةٌ، لا تقحمُه عينٌ مِن قصر، ولا تشنؤُه مِن طول، غصنٌ بين غُصنين، فهو أنضرُ الثلاثة منظراً، وأحسنُهم قَدْرَاً، له رُفقاء يحفُّون به، إذا قال استمعوا لقوله، وإذا أمر تبادرُوا إلى أمره، محفودٌ محشودٌ، لا عابسٌ ولا مُفْنِدٌ))، فقال أبو مَعْبَد: ((واللهِ هذا صاحبُ قريش الذى ذكروا من أمره ما ذكروا، لقد هممتُ أن أصحَبه، ولأفعلنَّ إن وجدتُ إلى ذلك سبيلاً))، وأصبح صوت بمكة عالياً يسمعُونه ولا يرون القائل: جَزَى اللهُ ربُّ العَرْشِ خَيْر جَزَائِـهِ * * * رَفِيقَـيْنِ حَلاَّ خَيْمَتَىْ أُمَّ مَعْـبَدِ هُـمَا نَـزلاَ بِالبِـرِّ وَارْتَـحَلاَ بِـهِ * * * وَأَفْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ فَيَا لَقُصَـىٍّ مَا زَوَى الله عَنْكُــمُ * * * بِهِ مِنْ فَعَال لاَ يُجَازَى وَسُودَدِ لِيَهْن بَنِى كَعْـبٍ مَكَانُ فَتَــاتِهمْ * * * وَمَقْـعَدُهَا لِلْمُؤمِنينَ بِمَرْصَدِ سَلُوا أُخْتَـكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا * * * فَإِنَّكُمُ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاءَ تَشْهَدِ قالت أسماء بنت أبى بكر: ما دَرَيْنَا أين توجه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، إذ أقبل رجل من الجن من أسفل مكة، فأنشد هذه الأبيات، والنَّاس يتَّبعونه ويسمعونَ صوته، ولا يرونه حتى خرج من أعلاها، قالت: فلما سَمِعْنَا قولَه، عرفنا حيثُ توجه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وأن وجههُ إلى المدينة. فصل وبلغ الأنصارَ مخرجُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مِن مكَّةَ، وقصدُه المدينة. وكانوا يخرجونَ كُلَّ يوم إلى الحرَّة ينتظِرونه أول النهار، فإذا اشتد حرُّ الشمس، رجعُوا على عادتهم إلى منازلهم، فلما كان يومُ الاثنين ثانى عشر ربيع الأول على رأس ثلاث عشرة سنةً مِن النبوة، خرجُوا على عادتهم، فلما حَمِىَ حَرُّ الشمس رجعوا، وصَعِدَ رجل من اليهود على أطم من آطام المدينة لبعض شأنه، فرأى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مُبيِّضِينَ، يزولُ بهم السرابُ، فصرخ بأعلى صوته: يا بنى قَيْلَةَ ؛ هذا صَاحِبُكم قد جاء، هذا جَدُّكُم الذى تنتظرونه، فبادر الأنصار إلى السلاح ليتلقَّوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وسُمِعَتِ الرَّجَّةُ والتَّكْبِيرُ فى بنى عمرو بن عوف، وكبَّر المسلمون فرحاً بقُدومه، وخرجوا للقائه، فتلقَّوْه وحيَّوْه بتحية النبوة. فأحدقوا به مطيفين حوله، والسَّكينة تغشاه، والوحى ينزِل عليه {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ، وَالمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4]، فسار حتى نزل بقُباء فى بنى عمرو بن عوف، فنزل على كُلْثُومِ بْنِ الهِدْمِ. وقيل: بل على سَعْدِ بن خَيْثَمَةَ، والأول أثبت، فأقام فى بنى عمرو بن عوف أربع عشرةَ ليلةً وأسَّس مسجِدَ قُباء، وهو أوَّلُ مسجد، أُسِّسَ بعد النبوة. فلما كان يوم الجمعة رَكِبَ بأمر الله له، فأدركته الجمعةُ فى بنى سالم بن عوف، فجمَّع بهم فى المسجد الذى فى بطن الوادى. ثم رَكِبَ، فأخذوا بِخِطَام راحلته، هَلُمَّ إلى العدد والعُدَّة والسلاح والمنعة، فقال: ((خَلُّوْا سَبِيلَهَا، فَإنَّهَا مَأْمُورَةٌ)) فلم تزل ناقته سائرة به لا تمرُّ بدارٍ من دُور الأنصار إلا رغِبُوا إليه فى النزول عليهم، ويقول: ((دَعُوهَا فإنَّهَا مَأْمُورَةٌ)) فسارت حتَّى وصلت إلى موضع مسجده اليومَ، وبركت، ولم ينزل عنها حتى نَهَضَتْ وسَارَتْ قليلاً، ثم التفتت، فرجعت، فبركت فى موضعها الأول، فنزل عنها، وذلك فى بنى النجار أخوالِهِ صلى الله عليه وسلم. وكان من توفيق الله لها، فإنه أحبَّ أن ينزِل على أخواله، يُكرمهم بذلك، فجعل الناس يُكلِّمون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فى النزول عليهم، وبادر أبو أيوب الأنصارى إلى رحله، فأدخله بيتَه، فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((المَرْءُ مَعَ رَحْلِهِ)) وجاء أسعدُ بن زرارة، فأخذ بزمام راحلته، وكانت عنده وأصبح كما قال أبو قيس صِرمة الأنصارى، وكان ابن عباس يختلِف إليه يتحفَّظُ منه هذه الأبيات: ثَوَى فى قُرَيْشٍ بِضْعَ عَشْـرَةَ حِجَّةً * * * يُذَكَّرُ لَوْ يَلْقَى حَبِيباً مُوَاتِــيَا وَيَعْـرِضُ فى أهْلِ المَوَاسِـمِ نَفْسَهُ * * * فَلَمْ يَرَ مَنْ يُؤوِي وَلَمْ يَرَ دَاعِـيَا فَلَمَّا أَتَانَا وَاسْتَقَرَتْ بِهِ النَّــوَى * * * وأَصْبَـحَ مَسْرُورَاً بِطَيْببَةَ رَاضِيَا وَأصْبَحَ لاَ يَخْشَى ظُلاَمَةَ ظَـالمٍ * * * بَعِيدٍ وَلاَ يَخْشَى مِنَ النَّاسِ بَاغِيَا بَذَلْنَا لَهُ الأَمْـوَالَ مِنْ حِلِّ مَالِنـا * * * وَأَنْفُسَنَا عِنْدَ الوَغَى والتآسِـيَا نُعَادِى الَّذِى عَادَى مِنَ النَّاس كُلِّهِمْ * * * جَمِيعاً وَإِنْ كَانَ الحَبِيبَ المُصَافِيَا وَنَعْلَـمُ أَنَّ اللهَ لاَ رَبَّ غَيْــرُهُ * * * وَأَنَّ كِتَابَ اللهِ أَصْبَــحَ هَادِيَا قال ابنُ عباس: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فأُمِرَ بالهِجْرَةِ وأُنزلَ عَلَيْهِ: {وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّى مِن لَّدُنْكَ سُلْطَاناً نَّصِيراً} [الإسراء: 80]</SPAN>)</SPAN>). قال قتادة: أخرجه الله مِن مكَّة إلى المدينة مخْرَجَ صدق ونبىُّ الله يعلم أنه لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان، فسأل الله سُلطاناً نصيرا، وأراه اللهُ عَزَّ وجَلَّ دار الهِجرة، وهو بمكَّة فَقَالَ: ((أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ بِسَبْخَةٍ ذَاتِ نَخْلٍ بَيْنَ لابَتَيْنِ)). وذكر الحاكم فى ((مستدركه)) عن علىّ بن أبى طالب أن النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: ((مَنْ يُهَاجِرُ مَعِى ؟ قال: أَبُو بَكرٍ الصِّدِّيقُ)) . قال البراءُ: ((أَوَّلُ مَن قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أصحَابِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم مُصْعَبُ بنُ عُمير وابنُ أُمِّ مكتومٍ، فجعلا يُقْرِئانِ النَّاسَ القرآنَ، ثم جاء عمارُ وبِلالُ وسعدٌ، ثم جاء عمرُ بنُ الخطَّابِ رضى الله عنه فى عشرين راكباً، ثُمَّ جاء رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فما رأيتُ النَّاسَ فَرِحُوا بشىءٍ كَفَرحِهِمْ بِهِ حَتَّى رَأَيْتُ النِّسَاءَ والصِّـبْيَانَ والإِمَاءَ يَقُولُونَ: هَذَا رَسُولُ الله قَدْ جَاءَ)). وقال أنس: ((شهدتُه يومَ دخلَ المدينة فما رأيتُ يوماً قطُّ، كان أحسنَ ولا أضوأَ مِن يوم دخلَ المدينة علينا، وشهدتُه يَوْمَ ماتَ، فما رأيتُ يوماً قطُّ، كان أقبحَ ولا أظلمَ مِن يومِ مات)). فأقام فى منزل أبى أيوب حتى بنى حُجَرَه ومسجدَه، وبعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو فى منزل أبى أيوب زيدَ بْنَ حارِثة وأبا رافع، وأعطاهما بَعِيَريْنِ وخمسمائة درهم إلى مكة فَقَدِمَا عليه بفاطمة وأُمِّ كلثوم ابنتيه، وسَوَدةَ بنتِ زمعة زوجتهِ، وأُسامةَ بنِ زيد، وأُمَّه أُم أيمن، وأما زينبُ بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يُمَكِّنْهَا زوجُها أبو العاص بن الربيع من الخروج، وخَرج عبدُ الله بن أبى بكر معهم بِعيال أبى بكر، ومنهم عائشة فنزلوا فى بيت حارثة بن النعمان. td lf]H hgi[vm | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
19 / 05 / 2013, 55 : 12 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : شريف حمدان المنتدى : ملتقى السيرة النبويه نترقب المزيد من جديدك الرائع لكم خالص الشكر والتقديراخى ****** | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
20 / 05 / 2013, 33 : 05 AM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : شريف حمدان المنتدى : ملتقى السيرة النبويه اخي ****** ابا احمد و | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018