18 / 05 / 2013, 11 : 08 PM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | مدير عام الملتقى والمشرف العام | الرتبة | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | 26 / 01 / 2008 | العضوية: | 38 | العمر: | 66 | المشاركات: | 191,353 [+] | بمعدل : | 31.10 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 19380 | نقاط التقييم: | 791 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : ملتقى السيرة النبويه احبتي في الله هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى الجهَاد والمغَازى والسَّرايَا وَالبُعُوث لما كان الجِهَاد ذِروةَ سَنَامِ الإسلام وقُبَّتَه، ومنازِلُ أهله أعلى المنازل فى الجنة، كما لهم الرَّفعةُ فى الدنيا، فهم الأَعْلَوْنَ فى الدنُّيَا والآخِرةِ، كان رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فى الذَّروةِ العُليا منه، واسْتولى على أنواعه كُلَّها فجاهد فى اللَّهِ حقَّ جهاده بالقلب، والجَنانِ، والدَّعوة، والبيان، والسيفِ، والسِّنَانِ، وكانت ساعاته موقوفةً على الجهاد، بقلبه، ولسانه، ويده. ولهذا كان أرفعَ العَالَمِينَ ذِكراً، وأعظمَهم عند الله قدراً . وأمره الله تعالى بالجِهاد مِن حينَ بعثه، وقال : {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِى كُلِّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً * فَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً} [الفرقان: 51-52]، فهذه سورة مكية أمر فيها بجهاد الكفار، بالحُجة، والبيان، وتبليغِ القرآن، وكذلكَ جهادُ المنافقِينَ، إنما هو بتبليغ الحُجَّة، وإلا فهم تحت قهر أهلِ الإسلام، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّنبِىُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ، وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ، وَبِئْسَ المَصِيرُ} [التوبة: 73]. فجهادُ المنافقين أصعبُ مِن جهاد الكفار، وهو جهادُ خواصِّ الأمة، وورثةِ الرُّسل، والقائمون به أفرادٌ فى العالَم، والمشارِكُون فيه، والمعاونون عليه، وإن كانوا هُم الأقلين عدداً، فهم الأعظمون عند الله قدراً. ولما كان مِن أفضل الجهاد قولُ الحقِّ مع شدة المُعارِضِ، مثلَ أن تتكلم به عند مَن تُخاف سَطوتهُ وأذاه، كان للِرسلِ صلواتُ الله عليهم وسلامُهُ مِن ذلك الحظُّ الأوفَرُ، وكان لنبينا صلواتُ الله وسلامُه عليه من ذلك أكملُ الجهاد وأتمُّه. ولما كان جهاد أعداءِ الله فى الخارج فرعاً على جهادِ العبد نفسه فى ذاتِ الله، كما قال النبىُّ صلى الله عليه وسلم: ((المجاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فى طَاعَةِ الله، والمُهاجِرُ مَنْ هَجَرَ ما نَهَى الله عنه)). كان جهادُ النفس مُقَدَّماً على جِهَادِ العدوِّ فى الخارج، وأصلاً له، فإنه ما لم يُجاهِدْ نفسه أوَّلاً لِتفعل ما أُمِرَتْ به، وتتركَ ما نُهيتْ عنه، ويُحارِبْهَا فى الله، لم يُمكِنْهُ جهادُ عدوه فى الخارج، فكيف يُمكِنُهُ جهادُ عدوه والانتصاف منه، وعدوُّه الذى بين جنبيه قاهرٌ له، متسلِّطٌ عليه، لم يُجاهده، ولم يُحاربه فى الله، بل لا يُمكنه الخروجُ إلى عدوِّه، حتى يُجاهِدَ نفسَه على الخروج . فهذان عدوَّانِ قد امْتُحِنَ العبدُ بجهادهما، وبينهما عدوٌ ثالث، لا يمكنه جهادُهما إلا بجهاده، وهو واقف بينهما يُثَبِّطُ العبدَ عن جهادهما، ويُخَذِّلُه، ويُرجِفُ به، ولا يزالُ يُخَيِّل له ما فى جهادهما مِن المشاق، وتركِ الحظوظ، وفوتِ اللذاتِ، والمشهيات، ولا يُمكنه أن يُجاهِدَ ذَيْنِكَ العدويْنِ إلا بجهاده، فكان جهادُه هو الأصلَ لجهادهما، وهو الشيطان، قال تعالى : {إنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌ فاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً} [فاطر: 6]. والأمر باتخاذه عدواً تنبيه على استفراغ الوُسع فى مُحاربته ومجاهدته، كأنَّهُ عدو لا يَفْتُر، ولا يُقصِّر عن محاربة العبد على عدد الأنفاس. فهذه ثلاثة أعداء، أُمِرَ العبدُ بمحاربتها وجهادها، وقد بُلى بمحاربتها فى هذه الدار، وسُلِّطَتْ عليه امتحاناً من الله له وابتلاءً، فأعطى اللَّهُ العبدَ مدداً وعُدَّةً وأعواناً وسلاحاً لهذا الجِهَادِ، وأعطى أعداءه مدداً وعُدَّةً وأعواناً وسِلاحاً، وبَلاَ أحدَ الفريقين بالآخر، وجعل بعضَهم لبعض فتنة لِيَبْلُوَ أخبارهم، ويمتحِنَ من يَتولاَّه، ويتولَّى رسُلَهُ ممن يتولَّى الشيطانَ وحِزبه، كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أتَصْبِرُونَ، وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً} [الفرقان: 20]، وقال تعالى: {ذَلِكَ، وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَاْ بَعْضَكُمْ بِبَعَضٍ} [محمد: 4]، وقال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنُكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31]. فأعطى عباده الأسماعَ والأبصارَ، والعُقول والقُوَى، وأنزل عليهم كُتُبَه، وأرسلَ إليهم رسُلَه، وأمدَّهم بملائكته، وقال لهم: {أَنِّى مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ} [الأنفال: 12]، وأمرهم من أمره بما هو مِن أعظم العونِ لهم على حرب عدوهم، وأخبرهم أنَّهم إن امتثلوا ما أمرهم به، لم يزالوا منصورين على عدوه وعدوِّهم، وأنه إن سلَّطه عليهم، فلتركهم بعضَ ما أُمروا به، ولمعصيتهم له، ثم لم يُؤُيسهُم، ولم يُقنِّطْهُمْ، بل أمرهم أن يسْتَقْبِلُوا أمرهم، ويُداووا جِرَاحَهُم، ويَعُودوا إلى مُناهضةِ عدوهم فينصَرهم عليهم، ويُظفرَهم بهم، فأخبرهم أنه معَ المتقين مِنهم، ومعَ المحسنينَ، ومعَ الصابرين، ومعَ المؤمنين، وأنه يُدافع عن عباده المؤمنين ما لا يدافعون عن أنفسهم، بل بدفاعه عنهم انتصروا على عدوِّهم، ولولا دفاعُه عنهم، لتخطّفهم عدوُّهم، واجتاحهم. وهذه المدافعةُ عنهم بحسب إيمانِهم، وعلى قَدْرِهِ، فإن قَوِىَ الإيمانُ، قويتِ المُدافعة، فمَن وجد خيراً، فليحمَدِ الله، ومَن وجد غيرَ ذِلكَ، فلا يلومنَّ إلا نفسه. وأمرهم أن يُجاهدوا فيه حقَّ جهاده، كما أمرهم أن يتَّقوه حقَّ تُقاته، وكما أن حقَّ تُقاته أن يُطاع فلا يُعصى، ويُذكَرَ فلا يُنسى، ويُشكَر فلا يُكفر، فحقُّ جهاده أن يُجاهِدَ العبد نفسَه لِيُسْلِم قلبه ولِسانه وجوارِحه للهِ فيكون كُلُّه لله، وباللهِ، لا لنفسِه، ولا بنفسه، ويُجاهدَ شيطانه بتكذِيبِ وعدِهِ، ومعصيةِ أمرهِ، وارتكابِ نهيه، فإنه يَعِدُ الأمانِىَّ، ويُمَنِّى الغُرورَ، ويَعِدُ الفقَر، ويأمرُ بالفحشاء، وينهى عن التُّقى والهُدى، والعِفة والصبرِ، وأخلاقِ الإيمان كُلِّهَا، فجاهده بتكذِيبِ وعده، ومعصيةِ أمره، فينشأُ له من هذين الجهادين قوةٌ وسلطان، وعُدَّة يُجاهد بها أعداءَ اللهِ فى الخارج بقلبه ولسانه ويده ومالِه، لتِكونَ كلمةُ الله هى العليا. واختلفت عباراتُ السَلَف فى حقِّ الجهاد : فقال ابن عباس: ((هو استفراغُ الطاقة فيه، وألا يَخافَ فى اللهِ لومةَ لائم)) . وقال مقاتل: ((اعملوا للهِ حقَّ عمله، واعبدُوه حقَّ عِبادته)) . وقال عبد الله بنُ المبارك: ((هو مجاهدةُ النفس والهوى)). ولم يُصِبْ مَن قال: إن الآيتين منسوختان لظنه أنهما تضمنتا الأمر بما لا يُطاق، وحقّ تُقاته وحقّ جهاده: هو ما يُطيقه كلُّ عبد فى نفسه، وذلك يختِلف باختلافِ أحوال المكلَّفين فى القُدرةِ، والعجزِ، والعلمِ، والجهلِ. فحقُّ التقوى، وحقُّ الجهاد بالنسبة إلى القادر المتمكن العالِم شىء، وبالنسبة إلى العاجز الجاهل الضعيف شىء. وتأمل كيف عقَّب الأمر بذلك بقوله: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] والحَرَج : الضِّيقُ، بل جعله واسعاً يسَعُ كُلّ أحد، كما جعل رِزقه يسع كُلّ حى، وكلَّف العبدَ بما يسعه العبدُ، ورزق العَبدَ ما يسعُ العبد، فهو يسعُ تكليفَه، ويسعه رزقُهُ، وما جعل على عبده فى الدين من حَرَج بوجه ما، قال النبىُّ صلى الله عليه وسلم: ((بُعِثْتُ بِالحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ)) أى : بالمِلَّة، فهى حنيفيَّة فى التوحيد، سمحَةٌ فى العمل. وقد وسَّع الله سبحانه وتعالى على عباده غايةَ التَّوسِعة فى دينه، ورِزقْه، وعفوه، ومغفرتِهِ، وبسط عليهم التوبةَ ما دامت الروحُ فى الجسد، وفتح لهم باباً لها لا يُغْلِقُهُ عنهم إلى أن تَطْلُعَ الشمسُ مِن مَغربها، وجعلَ لكلِّ سيئة كفارةً تُكفرها من توبة، أو صدقة، أو حسنة ماحية، أو مُصيبة مُكَفِّرة، وجَعل بكل ما حرَّم عليهم عِوضاً مِن الحلال أنفعَ لهم منه، وأطيَبَ، وألذَّ، فيقومُ مقامه لِيستغنى العبدُ عن الحرام، ويسعه الحلال، فلا يَضيقُ عنه، وجعل لِكل عُسْرٍ يمتحنُهم به يُسراً قبله، ويُسراً بعده، ((فلن يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسرَيْنِ)) فإذَا كان هذا شأنه سبحانه مع عباده، فكيف يُكلِّفُهم ما لا يسعهم فضلاً عما لا يُطيقونه ولا يقدِرُونَ عليه.
iQ]Xdi wgn hggi ugdi ,sgl tn hg[iQh] ,hglyQh.n ,hgs~QvhdQh ,QhgfEuE,e
|
| |