22 / 05 / 2012, 36 : 03 PM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | مدير عام الملتقى والمشرف العام | الرتبة | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | 26 / 01 / 2008 | العضوية: | 38 | العمر: | 66 | المشاركات: | 191,358 [+] | بمعدل : | 31.10 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 19380 | نقاط التقييم: | 791 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : ملتقى السيرة النبويه السلام عليكم ورحمه الله المصطفى يمازح يتيمة روى الإمام مسلم في "صحيحه" ([81]) عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: كانت عند أم سليم يتيمة ـ وهي أم أنس ـ فرأى رسول الله اليتيمة، فقال: «أنت هيه؟ لقد كبرت، لا كبر سنك» فرجعت اليتيمة إلى أم سليم تبكي، فقالت أم سليم: مالك يا بنية؟ قالت الجارية: دعا علي رسول الله أن لا يكبر سني، فالآن لا يكبر سني أبدا ـ أو قالت: قرني ـ فخرجت أم سليم مستعجلة تلوث خمارها [أي تديره على رأسها وعنقها]، حتى لقيت رسول الله ، فقال لها رسول الله : «مالك يا أم سليم؟» فقالت: يا نبي الله، أدعوت على يتيمتي؟ قال: «وما ذاك يا أم سليم؟» ، قالت: زعمت أنك دعوت ألا يكبر سنها، ولا يكبر قرنها، قال: فضحك رسول الله ، ثم قال: «يا أم سليم، أما تعلمين شرطي على ربي أني اشترطت على ربي فقلت: إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر، فأيُّما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن تجعلها له طهورا وزكاة وقربة تقربه بها منه يوم القيامة». وهذا الموقف فيه عدد من المسائل والفوائد: أولا: أم سليم هذه هي بنت ملحان بن خالد بن زيد الأنصارية الخزرجية، واسمها سهلة، وقيل: غير ذلك، واحدة من سادات النساء وفواضلهن، ومن المبشرات بالجنة، عرفت بالحصافة والسداد والرأي الرشيد، وهي أم أنس بن مالك، وزوجة أبي طلحة، لها قرابة مباشرة برسول الله بالنسب أو الرضاع. فهو عليه الصلاة والسلام أحد محارمها ([82]). الثانية: أن هذا الدعاء الذي قاله النبي على سبيل المداعبة والممازحة لتلك اليتيمة الصغيرة ليس مقصودا بذاته، وإنما هو مما جرت به عادة العرب كقوله: "تربت يمينك" ([83]) و "عقرى حلقى" ([84]) و "لا أشبع الله بطنك" ونحو ذلك، ولا يقصدون به حقيقة الدعاء وإرادة وقوعه، وإنما هي عادة غالبية العرب يصلون كلامهم بهذه الدعوات، ويجعلونها دعاما لكلامهم. ومع ذلك خاف عليه الصلاة والسلام أن يصادف شيء من ذلك إجابة، فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهورا وأجرا، مع أن ذلك كان يقع منه في النادر من الأزمان ([85]). وبهذا يتبين ـ وهذه المسألة الثالثة ـ أن ما يقع من كثير من الآباء والأمهات من الدعاء على أولادهم أمر منكر، لأن دعاءهم ليس كدعاء النبي ، من جهة أن النبي جعل الله دعاءه على الناس ـ لو صدر ـ رحمة وطُهْرة لهم، وهذه خصوصية له دون غيره، ثم إن دعاء أولئك الناس ليس من قبيل كلام العرب الذي أشرنا لبعض أمثلته، لأن دعاء الوالدين الذي نسمعه هو بالموت العاجل والمصيبة الفادحة والداهية القاتلة، نسأل الله السلامة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: «لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم» خرجه مسلم في "صحيحه"([86]). الرابعة: بيان ما كان عليه النبي من التواضع وحسن الخلق، فهو عليه الصلاة والسلام لم يستكثر ممازحة تلك الطفلة الصغيرة ومداعبتها بشيء من الكلام، وقد كان عليه الصلاة والسلام يرى هؤلاء الأطفال اليتامى والربائب في بيوته عند أزواجه، ومن أولئك هذه الطفلة اليتيمة، وكان قد رآها صغيرة، ثم غابت عنه مرة فرآها قد طالت وعَبُلَت ـ كما يقول الحافظ القرطبي، ومعنى عبلت أي ضخمت وابيضت ـ فتعجب عليه الصلاة والسلام من سرعة ذلك، فقال لها ذلك القول متعجبا، ممازحا. وقد قال بعض أهل العلم: إن قوله : «لا كبر سنك» بمعنى ألا يكبر سنها كبرا تعود به إلى أرذل العمر ([87])، فتبقى على قوتها ونشاطها مدة حياتها. وهذا شبيه بما كان مع طفلة صغيرة يقال لها أم خالد، وكانت قد لبثت في الحبشة زمنا أثناء الهجرة، فعرفت شيئا من كلامهم، وهي بنت خالد بن سعيد ـ رضي الله عنه ـ حيث جاءت مع أبيها إلى النبي ، وكانت لابسة قميصا أصفر، فقال لها رسول الله : «سنه، سنه»، قال الراوي: ومعناها بالحبشية: حسنة ([88]). ثم همت تلك الطفلة أن تعبث بخاتم النبوة الذي بين كتفي النبي ، فزجرها أبوها، فقال عليه الصلاة والسلام: «دعها» ثم قال رسول الله ، بعد أن كساها ثوبا جديدا ـ كما في الرواية ـ : «أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي»، فبقي ذلك الثوب أمدا طويلا، وعمرت تلك الطفلة عمرا طويلا ببركة دعائه . والحديث رواه البخاري في كتاب الأدب ([89]) من صحيحه وبوب عليه فقال: باب من ترك صبية غيره حتى تلعب به، أو قبلها أو مازحها. ثم قف الآن عند هذا الأدب العالي والخلق الكريم، الذي يرويه جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ قال: صليت مع رسول الله صلاة الأولى [يعني الظهر]، ثم خرج إلى أهله، وخرجت معه، فاستقبله ولدان، فجعل يمسح خدي أحدهم، واحدا واحدا، قال: وأما أنا فمسح خدي، فوجدت ليده بردا أو ريحا كأنما أخرجها من جؤنة عطار، خرجه الإمام مسلم في "صحيحه" ([90]). قال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ : وفي مسحه الصبيان بيان حسن خلقه ورحمته للأطفال وملاطفتهم، وفيه بيان طيب ريحه ، وهو ما أكرمه الله تعالى. قال العلماء: كانت هذه الريح الطيبة صفته ، وإن لم يمس طيبا، ومع هذا فكان يستعمل الطيب في كثير من الأوقات مبالغة في طيب ريحه لملاقاة الملائكة وأخذ الوحي الكريم ومجالسة المسلمين.اهـ([91]). المسألة الخامسة: في الموقف الذي صدرنا به هذا الموقف: بيان ما كانت تزخر به بيوت الصحابة من رعاية اليتامى، فقد رأينا أن تلك اليتيمة التي مازحها رسول الله كانت في بيت أم سلمة وكانت شديدة العناية بها، وهكذا كانت بيوت أزواج النبي ، فقد ثبت أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ كانت في حجرها أكثر من يتيم ترعاه([92]). وهكذا بيت زينب بنت خزيمة، فقد كان لكثرة إحسانها تعرف بأم المساكين. وهذه الرعاية لليتامى في العصر النبوي هي عمل بترغيب المصطفى في هذا الباب، فهو القائل: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا»، وقال بأصبعيه السبابة والوسطى. رواه البخاري ([93])، قال ابن بطال: "حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي في الجنة، ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك". وكفالة اليتيم تكون برعايته من جهة الإنفاق وتهيئة الطعام والكساء والدواء وهكذا التربية والتعليم، وفي زماننا هذا اشتدت حاجة اليتامى لقلة الالتفات إليهم، فحق على أصحاب الإحسان أن يقفوا على أحوالهم من خلال جمعيات البر، وهكذا اليتامى في بلاد المسلمين الأخرى الذين صاروا يستجدون أمم الكفار لتخلي كثير من المسلمين عنهم. والوقوف عليهم يكون من خلال هيئات جمع التبرعات وهيئة الإغاثة ومؤسسة الحرمين وغير ذلك، وهذه المؤسسات الخيرية مهيأ الوصول إليها بحمد الله في جميع أرجاء بلاد الحرمين، زادها الله عزا وتمكينا، وفي عموم بلاد المسلمين إذ لا تخلو من أهل المعروف والإحسان بحمد الله ومنته. وفق الله الجميع لما فيه الخير.
hglw'tn dlh.p djdlm
|
| |