مناهج تعليم القرآن الكريم من بداية نزول الوحي وحتى القرن السابع الهجري

[أبو عادل]

مقدمة :
وتشمل هذه المقدمة إجراءات الدراسة من مشكلة، وحدود, وأسئلة, ومنهج, ومصطلحات, ومخطط. وفيما يلي تفاصيلها.
مشكلة البحث وأهمية تقصيها:
لقد عُنيَ موضوع تعلم القرآن الكريم وتعليمه في المجتمع السوداني في - مستوياته الرسمية والشعبية- باهتمام كبير, وذلك للتوسع والاهتمام المشهودين اللذين لقيهما تعلم القرآن وتعليمه بعد عقد مؤتمر سياسات التربية والتعليم في السودان عام 1990م وحتى الآن على جميع الأصعدة في التعليم العام والتعليم الجامعي. ومن جهة أخرى فإن المخرجات التعليمية (الطلاب المتخرجون) بالمراحل التعليمية العليا خاصة, يجدون صعوبة في الحفاظ على القدر الذي تعلموه حفظا وتجويداً من المقررات في تعليم القرآن الكريم, في كل المستويات التعليمية, مما يعني أن تعلمهم للقرآن الكريم إنما كان لاجتياز الاختبارات فقط دون جعله خبرة مستمرة في حياتهم وسلوكهم. وثمة دوائرُ علمية وجهودٌ فردية - نتيجةً لهذه الأهمية وتلك الأسباب - بدأت تقدِّم بحوثاً عن القرآن الكريم ولاسيما عن الجوانب التربوية, وهي محاولة للتوصل إلى استراتيجية تعليمية واضحة لتعليم القرآن الكريم في كل المستويات. لذا فإن تقصي مناهج التعليم في تاريخ التعليم الإسلامي يسهم بإيجابية في حل المشكلة.
موضوع البحث وحدوده:
يتناول هذا البحث مناهج تَعليم القرآن الكريم من بداية نزول الوحي حتى نهاية القرن السابع الهجري والعمل على تحديدها, أيِّ الفترة الممتدة من بداية نزول القرآن الكريم على النبي r وحتى سنة 700 من الهجرة.
أهداف الدراسة:
تسعى هذه الدراسة إلى :
1) تقصي المنهج الذي اتبعه جبريل - عليه السلام- في تعليم القرآن الكريم.
2) تحديد المنهج الذي اتبعه النبي rفي تعليم القرآن الكريم.
3) وصف المنهج الذي اتبعه الصحابة – عليهم الرضوان – في تعليم القرآن الكريم.
4) تتبعُ مناهج تعليم القرآن الكريم لدى بعض التابعين حتى نهاية القرن السابع الهجري وتحديدها.
أسئلة الدراسة:
يجيب البحث عن الأسئلة التالية:
1) ما منهج جبريل عليه السلام في تعليم القرآن الكريم ؟
2) ما المنهج الذي اتبعه النبي rفي تعليم القرآن الكريم ؟
3) ما المنهج الذي استخدمه الصحابة – عليهم الرضوان – في تعليم القرآن الكريم ؟
4) ما الخصائص التي تميِّز مناهج بعض التابعين في تعليم القرآن الكريم حتى نهاية القرن السابع الهجري ؟
منهج الدراسة:
اعتمد الباحث على المنهج الوصفي. والمنهج الوصفي هو منهج يعتمد على دراسة الواقع أو الظاهرة كما توجد في الواقع (مظانها), ثم يصفها وصفا دقيقا، ويعبر عنها تعبيرا كيفيا أو كميا.كيفيا أي يصف الظاهرة موضحا خصائصها، وتعبيرا كميا ويعطي وصفا رقميا يوضح فيه مقدار الظاهرة وحجمها ودرجات ارتباطها من الظواهر المختلفة عنها.([1](. وفيه يصف الباحث الحقائق العلمية كما في مصادرها ومظانها ليستخلص منها إجابات لأسئلة الدراسة الموضحة آنفاً.
مصطلحات البحث :
يقوم الباحث هاهنا بتوضيح المصطلحات التالية:
مناهج : المناهج جمع منهج والمنهج : هو وثيقة تربوية مكتوبة تعمل على توجيه عمليات التربية والتعليم تشتمل على مجموعة عناصر تبدأ بالأهداف التعليمية وتنتهى بالتقويم.
تعليم : "التعليم نشاط تواصلي يهدف إلى إثارة دافعية المتعلم وتسهيل التعلم, ويتضمن مجموعة من النشاطات والقرارات التي يتخذها المعلم والطالب في الموقف التعليمي..."([2]).
مخطط البحث:
قام الباحث بتقسيم هذا البحث إلى خمسة مباحث تفاصيلها كما يلي: المبحث الأول وهو الإطار النظري تم فيه تناول بعض المفاهيم التربوية مثل مصطلحي التعليم والمنهج. أما المبحث الثاني فكان عن منهج جبريل عليه السلام في تعليم القرآن الكريم, والمبحث الثالث كان تحديدا لمنهج النبي rفي تعليم القرآن الكريم, أما المبحث الرابع فهو عن منهج الصحابة – عليهم الرضوان – في تعليم القرآن الكريم, وكان المبحث الأخير وهو المبحث الخامس: تتبع لمنهج تعليم القرآن الكريم لدى بعض التابعين حتى نهاية القرن السابع الهجري.
___________________
(!) د. عثمان محمد حامد العالم . أستاذ مساعد بجامعة أم القرى-كلية المعلمين بالقنفذة .

[1].عبد الرحمن عدس وآخرون, البحث العلمي, مفهومه, أدواته, أساليبه, دار أسامة للنشر والتوزيع, الرياض, 2005م. ص247.
[2] .مرعي, توفيق أحمد و الحيلة, طرائق التدريس العامة, دار المسيرة, عمان, الاردن, 2002م, ص ص21-22.

---

lkhi[ jugdl hgrvNk hg;vdl lk f]hdm k.,g hg,pd ,pjn hgrvk hgshfu hgi[vd

[أبو عادل]

المبحث الأول :

الإطار النظري

وفيه يتم تناول مفهوم المنهج في التربية والتعليم.
أولاً: مفهوم المنهج الدراسي :
أ- المنهج لغةً :
قال ابن منظور: طريقٌ نَهِجٌ: بَيِّنٌ واضح. والمنهاج كالمنهج وهو الطريق الواضح, وفي كلام العباس – عم النبي صلى الله عليه وسلم- " لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ترككم على طريق ناهجة "([1]). وقد تناولت المعاجم المعاصرة لفظ منهج بطريقة اوضح, فجاء في المعجم الوسيط : المنهاج : الخطة المرسومة- وهي كلمة محدثة- ومنها منهاج الدراسة ومنهاج التعليم, والجمع مناهج ([2]). ووصلاً لمعني كلمة منهج فقد ورد في القرآن الكريم بذات المعنى المقصود, ومنه قوله تعالى ] لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً ( ([3]).

ب- المنهج في الاصطلاح التربوي العام :
المنهج " هو جميع ما تقدمه المدرسة الى كل تلاميذها تحقيقا لرسالتها واهدافها وفق خطتها في تحقيق هذه الأهداف" ([4]).
مفاهيم المنهج الدراسي :
لقد شاع لدى التربويين ان المنهج هو عبارة عن المقررات التي تحددها المدرسة او الموضوعات التي يجب ان يمر بها التلاميذ. وقد أثر هذا الاتجاه اثراً كبيرا علي عقلية كثير من المهتمين بقضايا التربية والتعليم, بالرغم من ظهور مجموعة اخرى من التربويين يخالفون هذا التصور والتطبيق. ونيجةً لتباين الآراء فقد ظهر للمنهج مفهومان: المنهج بمفهومه التقليدي, والمنهج بمفهومه الحديث.
1) : المنهج بمفهومه التقليدي :
ويسمى المنهج الضيق, ومن تعريفاته:
- المنهج " مجموعة من الحقائق والمعلومات والمفاهيم والأفكار التي يدرسها التلاميذ في صف من الصفوف أو مرحلة من المراحل المطلوب منهم تعلمها واكتسابها في صورة مواد دراسية سميت بالمقررات الدراسية " .
- المنهج " هو المقرر الدراسي " ([5]).
خصائص المنهج التقليدي :
إنه وفقا لذلك المفهوم والتعريف أصبح المنهج التقليدي يتميز بالتالي :
أ- لقد اقتصرت وظيفة المدرسة على الاهتمام بالجانب المعرفي دون الجوانب المهارية والوجدانية.
ب- اهتمام المنهج بالنواحي النظرية وإهمال الجوانب التطبيقية والأدائية.
ج- تركيز المنهج على اتقان المادة الدرسية بدليل جعل النجاح في الامتحان أساس الدراسة.
د- عدم تكامل المواد الدراسية بعضها ببعض مما ترتَّب على ذلك تجزئة الخبرة وضعف القدرة في الاستفادة من المواد الدراسية في المواقف الحياتية.
هـ- تركيز المعلم على أساليب تدريسية محددة كالتلقين والحفظ, والبعد عن التدريب والاعتماد على النفس والبحث والاطِّلاع.
و- إهمال الفروق الفردية بين التلاميذ, والتعامل معهم في جميع القدرات والميول والاتجاهات بأسلوب واحد.
ز- إعطاء التلاميذ المعلومات جاهزة مما يقتل فيهم روح الإقدام والمبادرة والابتكار.
ح- ضعفُ التفاعل بين الحياة المدرسية والمجتمع.
ط- خلو المدرسة من النشاط ([6]).
2) : المنهج بمفهومه الحديث:
ويسمى المنهج الواسع, وهو نتاج للتغير الجذري الذي حدث في النظرة الجديدة للمنهج. فقد أدت عوامل عديدة الى تطوير مفهوم المنهج, فكان للانتقادات التي وجهها بعض التربويين للتطبيقات والممارسات الملاحظة في المنهج التقليدي, إلى دعوة للحداثة والمراجعة في مفهوم المنهج وتطبيقاته.وقد ساعدت هذه النظرة وعوامل أخرى إلى اتساع المفهوم ليشمل تعريفات أخرى غيرت التطبيقات والخصائص. فنجد أن القرن السادس عشر كان الفيصل بين النظرة التقليدية للمنهج والنظرة الحديثة, حيث توفرت عوامل عدة؛ مثل التطور التكنولوجي وما طرأ على أهداف التربية ووظيفة المدرسة من تغيير, واحتياجات المجتمع الحديث, وتطور علم النفس ومن ثم تطور البحوث النفسية, وما قدمه (فرانسيس بيكون) من منهج علمي حديث في استنباط النتائج العلمية. ونتيجة لتلك العوامل فقد أصبح المنهج بمفهومه الحديث له أكثرمن تعريف ومفهوم منها ([7]) :
- المنهج " مجموع الخبرات التربوية والاجتماعية والثقافية والرياضية والفنية والعلمية...التي تخططها المدرسة وتهيؤها لتلاميذها ليقوموا بتعلمها داخل المدرسة أو خارجها, بهدف إكسابهم أنماطاً من السلوك أو تعديل أو تغيير أنماط أخرى من السلوك نحو الاتجاه المرغوب فيه, ومن خلال ممارستهم لجميع الأنشطة اللازمة المصاحبة لتعلم تلك الخبرات يساعدهم في إتمام نموهم".
- المنهج " مجموع الخبرات المربية والأنشطة التربوية التي تقدمها المؤسسة التربوية (المدرسة), تحت إشرافها لتلاميذها بقصد مساعدتهم على النمو الشامل وتعديل سلوكهم طبقاً لأهدافها التربوية في ضوء اهداف المجتمع".
ونتيجة لذلك التطور في المفهوم أصبح المنهج الحديث يتميَّز بالآتي:
أ- تُشكل الخبرة الوحدة المهمة في بناء المنهج لا المعارف والمعلومات فقط.
ب- الدعوة للشمول في تناول القضايا مما يعزِّز النمو العقلي والوجداني.
ج- يرتبط المنهج بالواقع الذي يعيشه التلاميذ داخل المدرسة وخارجها.
د- وجود علاقة وثيقة بين المدرسة والمجتمع يترجمها المنهج.
هـ- الفائدة الحقيقية للمعارف والمعلومات يجب أن تتوقف على مدى استخدام التلاميذ لها في المواقف الحياتية المختلفة.
و- الامتحان أحد وسائل التقويم أو أدواتها, مما أتاح فرصة لاكتشاف مواطن القوة وتعزيزها, ومعرفة المشكلات ومعالجتها بوسائل أخرى.
ز- المعلم ليس المصدر الوحيد للمعلومات وتلقي المعرفة, فهو مرشد وموجِّه, مما أتاح للتلاميذ فرص تنمية قدراتهم و ممارسة هواياتهم, مما جعل التلميذ يشعر بأنه محور العملية التعلمية.
ح- هناك اهتمام واضح بالفروق الفردية بين التلاميذ.([8]).
_________________
[1].ابن منظور, لسان العرب, مادة (نهج).
[2].ابراهيم أنيس وآخرون, المعجم الوسيط, ج/2, دار الأمواج, بيروت, 1982م, ص957.
[3].المائدة الآية (48).
[4].الدرمداش عبد المجيد سرحان, المناهج المعاصرة, مكتبة الفلاح, الكويت, ط/3, 1981م, ص11.
[5] .الدمرداش سرحان, مرجع سابق, ص 12.
[6].مها محمد العجمي, المناهج الدراسية, أسسها ومكوناتها , تنظيماتها, وتطبيقاتها التربوية, مكتبة الملك فهد, الرياض, الطبعة الأولى, 2001م. ص ص24- 28.
[7].مها العجمي, المرجع السابق, ص 30.
[8] .مها العجمي, مرجع سابق, ص ص31-32.

[شريف حمدان]

بارك الله فيك اخي ****** ابو عادل

[محمد نصر]

وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته

الله يبارك فيكم اخي ****** ابو عادل علي هذا الموضوع الطييب

اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا

[أبو عادل]

	السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بسم الله الرحمن الرحيم أشكركم على مروركم الراقي والرائع.