08 / 05 / 2010, 26 : 06 PM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ملتقى ماسي | الرتبة | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | 09 / 08 / 2009 | العضوية: | 26028 | العمر: | 69 | المشاركات: | 10,740 [+] | بمعدل : | 1.92 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 1262 | نقاط التقييم: | 24 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : ملتقى علوم القراءات والتجويد بعد الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. منذُ وقتٍ طويل وأنا أسأل نفسِي هذا السؤال، فسورة هود فيها عددٌ من الأنبياء: موسى، وإبراهيم، ونُوح، ولُوط، وشُعَيب، وصالح، وهُود - عليهم السلام - فلماذا سُمِّيَتْ باسم هود على الأخص؟ القرآن كتابٌ مُعجِز، وهو حَمَّال أَوْجُهٍ، وهذا من إعجازه، ولن تَنقَضِيَ عجائِبُه أبد الدَّهرِ، وكثرة الآراء لا تُنقِص من قِيمَة العُلَماء الأَجِلاَّء الذين لهم الفضل والسبق، وأسأل الله العفو إن أخطأتُ. ذكر السيوطي في "الإتقان" قول الزركشي في "البرهان": "ويَنبَغِي النظر في اختِصاص كلِّ سورة بما سُمِّيت به، ولا شكَّ أن العرب تُراعِي في كثيرٍ من المسمَّيات أخْذ أسمائِها من نادِرٍ أو مُستَغرَبٍ يكون في الشيء؛ من خلق أو صِفَة تَخُصُّه أو تكون معه، أحكم أو أكثر أو أسبق لإدراك الرَّائِي للمُسَمَّى، ويُسَمُّون الجملة من الكلام والقصيدة الطويلة بما هو أشهر فيها، وعلى ذلك جرَتْ أسماء سُوَر القرآن". وقال السيوطي في "الإتقان" أيضًا: "فإن قِيل: قد ورد في سورة هود ذِكْرُ نُوح وصالح وإبراهيم ولُوط وشُعَيب ومُوسى، فلِمَ خُصَّتْ باسم هود وحدَه مع أن قصَّة نوح فيها أَوْعَب وأطول؟ قِيل: تَكَرَّرت هذه القصص في سورة الأعراف وسورة هود والشعراء بأَوْعَب ممَّا وردَتْ في غيرها، ولم يَتكَرَّر في واحدةٍ من هذه السُّوَر الثلاث اسمُ هود كتكرُّره في سورته، فإنَّه تَكرَّر فيها في أربعة مَواضِع، والتَّكرار من أقوى الأسباب التي ذكَرْنا، قال: فإن قِيل: فقد تَكَرَّر اسم نُوح فيها في ستة مواضع؟ قيل: لَمَّا أُفرِدَتْ لذكر نوح وقصته مع قومه سورةٌ برأسها فلم يقع فيها غير ذلك، كانَتْ أَوْلَى بأن تُسَمَّى باسمه من سورة تَضَمَّنَتْ قصَّته وقصَّة غيره". وقال أيضًا: سورة الفاتحة مُشتَمِلَة على جميع مَقاصِد القرآن، وقال: إن عنوان الكتاب يجمع مقاصده بعبارة وَجِيزَة في أوَّلِه. وهذا التفسير يُناقِض عِلَّة تسمِيَة السُّورَة باسم نبيٍّ لمُجَرَّد تكرار لفظه، كما نَاقَضَ الشاطبِيُّ في كتاب "الموافقات" نفسه عندما قال: "فإن القضِيَّة وإن اشتمَلَتْ على جُمَلٍ، فبعضها مُتَعلِّق بالبعض؛ لأنها قضِيَّة واحدة نازِلة في شيء واحد، فلا مَحِيص للمُتَفهِّم عن ردِّ آخر الكلام على أوَّلِه، وأوَّله على آخرِه، وإذ ذاك يَحصُل مَقصُود الشَّارِع في فهْم المكلف، فإن فرَّق النظر في أجزائه، فلا يتوصَّل به إلى مُرادِه، فلا يصحُّ الاقتِصار في النظر على بعض أجزاء الكلام دون بعض". وعندما طبَّق كلامه على سورة "المؤمنون" لم يُحَدِّد مَقصِد السورة بالنظر إلى أوَّلها ولا آخِرها، وإنما قال: إن السُّورة تَدُور حوْل ثلاثة موضوعات، وهي الموضوعات التي اعتَنَتْ بها السُّوَر المكية؛ وهي: التوحيد، وأن الرسول مُرسَل من عند الله، والبعث، ثم خَصَّ واحدة منهن؛ وهي اعتِراض الكفَرَة على بشرِيَّة الرُّسُل، ثم فسَّر أوَّل السورة بما يَخدِم هذا الغرض فقال: إن الله - تعالى - بَيَّن كيف يرفع مقام البشر وهم المؤمنون الذين من صِفاتهم كذا وكذا، ثم انتَقَل إلى شرح أطوار البشرية. وقال السيوطي كلامًا يُفهَم منه أن القصْد من السورة أو المَسَاق يقع على الآيَة الأولى وما يَتعلَّق منها، قال عن سورة البقرة: وسبب ذكْر الكافرين بعد المؤمنين أنه على سبيل التضادِّ، وحكمته التَّشوِيق والثُّبوت على الأوَّل كما قيل: وبضِدِّها تتبيَّن الأشياء: "فإن قِيل هذا جامِعٌ بَعِيد؛ لأن كونه حَدِيثًا عن المؤمنين بالعرض لا بالذات، والمقصود بالذات هو الذي مَساق الكلام إنما هو الحديث عن القرآن؛ لأنه مفتتح القول، قِيل: لا يُشتَرَط في الجامع ذلك، بل يَكفِي التعلُّق على أيِّ وجهٍ كان". وإذا جمعنا قول السيوطي مع الشاطبي بالنَّظَر إلى العنوان مع أوَّل السورة وما يَتَعلَّق بها مع آخرها، سنجد الآتي: تبدأ سورة هود بالحثِّ على العِبادة والاستِغفار والتوبة وهو من العبادة، ونُلاحِظ تَماسُك الآيات الأُولَى كأنها آيَة واحدة: ﴿ الر * كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ﴾ [هود: 1- 3]. وفي آخِر السُّورة الحثُّ على العبادة والتوكُّل على الله، وهو من صميم العبادة؛ لأن الأمرَ كلَّه بيده: ﴿ وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [هود: 123]. ونُلاحِظ أن الآية الأولى مع الأخيرة مُكَمِّلة ومُتَمِّمة للمعنى، أمَّا اسم هود فنُلاحِظ أن النبي هودًا - عليه السلام - في كلامِه إلى قومه هو الوحيد الذي فَسَّر كلمة ﴿ يُمتِّعكم متاعًا حسنًا ﴾ في المقدِّمة فقال: ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52]، فأتى على التفصيل بمعنى ﴿ يمتعكم متاعًا حسنًا ﴾، وأتى بتَفصِيل معنى الآية الأخيرة من السورة أيضًا بقوله: {﴿ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [هود: 56]، فالتوكُّل على الله لأنه ما من دابَّة إلا هو آخِذ بناصيتها - سبحانه. ونُلاحِظ تكرُّر طلب الرُّسُل من قومهم الاستِغفار، ثم قال الله - تعالى - بعد قصص الأنبياء: ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ * وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾[هود: 100- 103]، ثم انتَقَلت السُّورَة إلى ذكر عذاب الآخرة، وهو ما يُعرَف عند العرب بحُسْنِ التخلُّص؛ وهو الانتِقال إلى موضوعٍ آخَر بطريقة سهلة غير مُنقَطِعة؛ فعندما ذَكَرَ الله عذاب الدنيا ذَكَرَ عذاب الآخِرة، وذكر - تعالى - أنه يُؤَخِّر عذاب الآخرة ولكنه آتٍ، وهو - تعالى - بذلك يَتوَعَّد كفَّار مكَّة، ثم جاء في السورة أن الحسنات يُذهِبن السيِّئات، وهذه أيضًا فائدة مع الاستِغفار الذي يمحو السيئات: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ﴾ [هود: 114]، وقال - تعالى - قبل آخر السورة: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾ [هود: 117]، وفي آيَةٍ أخرى في سورة الأنفال قال - تعالى - عن فضيلة الاستِغفار وأنه وِقاية من العذاب: ﴿ وما كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الأنفال: 33]. فلا يبعد أن يكون مَقصِد السورة - والله أعلم - العبادة، وخاصَّة الاستِغفار الذي يَحفَظ من العقاب في الدارَيْن. وسبحان الله، صدق القائل - عزَّ وجلَّ -: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود: 1]. منقول للاستفادة.
glh`h sldj s,vm i,] fi`h hghsl ?
التعديل الأخير تم بواسطة أبو عادل ; 08 / 05 / 2010 الساعة 29 : 06 PM |
| |