14 / 01 / 2010, 14 : 11 AM | المشاركة رقم: 1 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ملتقى ماسي | الرتبة | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | 12 / 12 / 2007 | العضوية: | 7 | المشاركات: | 3,751 [+] | بمعدل : | 0.60 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 591 | نقاط التقييم: | 184 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح علاقة الإنسان بالله سبحانه يقول تعالى: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُم يرْشُدُونَ} [البقرة: 186]، فأنتَ إذا تدبَّرت المخلوقات من حولك، ستجد فوقك شمسًا تدفئك، وقمرًا ينير ليلك، وسقفًا مرفوعًا؛ خشية أن يقع على الأرض، وسحابًا يحمل لك الماء، ثم كل هذا في خدمة الأرض التي تعيش عليها؛ لتنبت لك الثِّمار، كذلك تنبت الزَّرع الذي يخدم الحيوان لصالحك أيضًا، فتجد أن معظم المخلوقات المرئية تخدمك خدمة مباشرة وأنت أيها الإنسان، يا خليفة الله في أرضه، أمامك قوله - تعالى -: {وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إلاَّ لِيعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، ماذا أنت فاعل؟ ثم يقول - سبحانه وتعالى - في حديث قدسي: ((أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإنْ ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملئِه، وإن تقرب إليَّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا))، فهلاَّ كنت من الذَّاكرين المتقربين إلى الله - جل وعلا؟ لقد كانت هموم الأنبياء كلهم - عليهم السلام - إقامة علاقة وطيدة بين الإنسان وخالقه؛ حتى لا يتوه الإنسان في مجاهل ومتاهات الدُّنيا التي لا حصرَ لها، ولقد كان محور الدعوة بالنسبة لأولى العزم من الرُّسل وهم: "سيدنا نوح، وسيدنا إبراهيم، وسيدنا موسى، وسيدنا عيسى، وسيدنا محمد" عليهم صلوات الله، كان المحور هو القربَ من الله؛ حيث قال: ((أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله))، وهذا هو رأس الأمر كله في علاقتك بالله - سبحانه - لأن العلاقة السوية هي العَلاقة المبنية على عقيدة صحيحة، انظر وفكر فيما قاله نوح - عليه السَّلام -: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح : 10 - 12]. بذلك بيَّن سيدنا نوح - عليه السَّلام - وسيلة القرب من الله - سبحانه وتعالى - (الاستغفار)، ثم لم يبخل علينا بأن يعرفنا الفائدة المؤجلة (المغفرة)، وكذلك الفوائد المعجلة (إدرار السماء، الأموال، البنون)، وانظر إلى الله - سبحانه - استخدم صيغ المبالغة (غفارًا، مدرارًا)، وفوق كل ذلك هنالك جنات وأنهار، في الدُّنيا والآخرة، وإن لم يكن الاستغفار قبلاً وبعدًا فأين توقير الله؟ ويستطرد سيدنا نوح - عليه السَّلام - في شرح دعوته إلى الله - سبحانه - على نفس المنوال؛ بشيرًا لمن آمن، ونذيرًا لمن أعرض، لم يصرفه انصرافُ الناس عنه، ولم يثنه استكبارُ القوم؛ {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} [الصافات: 79]. وفكر وتأمَّل أيضًا فيما قاله سيدنا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - لقومه حسب ما ذكره لنا القرآن الكريم: {قَالَ أَفَرَأيتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأقْدَمُونَ * فَإنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إلاَّ رَبَّ العَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيسْقِينِ * وَإذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} [الشعراء: 75 - 81]. فقد وضَّح سيدنا إبراهيم ضلال الفكر والمنهج الذي سار عليه قومه، وذلك البديل الهزيل الذي اتَّخذه قومه عن جهل، وعادى إبراهيم ما كان يعبده آباؤه من الأصنام، حتى حطمهم وجعلهم جذاذًا إلا كبيرًا لهم، وأعلن الحرب على كل الأوثان التي تعبد من دون الله، وشرح سبب ذلك العداء، فقد آتاه الله رُشده من قبل، وهو الذي خلقه وخلق الجميع، ومِنْ ثَمَّ فهو أعلم بهدايته وأسلوب هداية الناس، وسبحانه الرزَّاق الذي يطعم ويَسقي، وسيدنا إبراهيم يذكر ولا يشرح، يؤكد ولا يناقش إلا بالقدر. ثم يستطرد سيدنا إبراهيم، فيذكر أن الله - سبحانه - هو الذي يشفي من الأمراض والأكثر من ذلك أنه يُميت، والموت أفتك من المرض، ثم إنَّه يُحيي من جديد بعد الموت، والإحياء أصعب من الشِّفاء من المرض، وليس هناك صَعب في مقدور الله، ولكنها تبدو كذلك في مقاييسنا البشرية، ومِنْ ثَمَّ فإن الرجاء في غفران الخطايا يوم الدين لا يكون إلا من الله – سبحانه - حيث إنَّه في ذلك الموقف الرهيب العظيم، لا ينفع أيُّ شيء إلا ما قاله سيدنا إبراهيم في دواعي التوحيد: {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 88 - 89]، وكيف يسلم القلب إن لم يؤمن الإنسان بطلاقة قُدرة الله - سبحانه - وبهذا التقرير السريع في الإيقاع، البليغ في الإيجاز والإعجاز - يُخاطب سيدنا إبراهيم قومه على أمل الوصول بهم إلى بر الأمان؛ {سَلاَمٌ عَلَى إبْرَاهِيمَ} [الصافات: 109]. وانظر أيضًا فيما قاله كليم الله موسى - عليه السَّلام - لربه - سبحانه وتعالى -: {قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيسِّرْ لِي أمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} [طه: 25 - 31] عرف سيدنا موسى من الله - سبحانه - أنْ لا ملجأَ منه إلاَّ إليه، وقد أرسله الله إلى فرعونَ الذي يقول للناس من حوله: {مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيرِي} [القصص: 38]، وكان هذا الفرعون يقتل المواليد الذكور من بني إسرائيل، ومن حول فرعون جبابرة استكبروا مع فرعون بغير الحق، فلجأ موسى - عليه السَّلام - إلى الله - سبحانه - وعلمه وقدرته وقوته، يستلهمه الرُّشد والصلاح والثبات؛ حتى لا يضيق صدره بما سيجده من عناد فرعون وقومه ومَلَئِه وجنوده، ولا أحد غيرهما أمامَ ضلالة يقف بجانبها عُتاة جبَّارون معهم السُّلطة والمال والقوة والعتاد. ويطلب موسى - عليه السَّلام - البلاغة لنفسه؛ ليقنع بها، وأيضًا يطلب فهمًا وإدراكًا لقومه؛ حتى يقتنعوا بما يقول، ويطلب النُّصرة والعون من الله بأنْ يرزقه البطانة الصالحة، وهو بذلك يضع دستورًا خالدًا لكل من تراوده الظروف، وتجعله من وُلاة الأمر، وواضح في هذا الدستور كيف يتصرَّف وإلى من يلجأ؟ وممن يطلب؟ وسلوكه قبل وبعد كل ذلك، وكيف يختار رفاق الدَّرب؛ {سَلامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ} [الصافات: 120]، انظر إلى كل هذه الدروس، وتفكَّر وتدبر وتعلم، {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]، ثم انظر بإمعان واتِّعاظ إلى ما قاله سيدنا عيسى - عليه السَّلام - لقومه في إيجاز تام: {إنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} [الزخرف: 64]، وكأنَّما توقع - عليه السَّلام - أنْ يأتِيَ من أتباعه من يعبده هو، من دون الله أو مع الله، فحدد لهم أن الله - سبحانه وتعالى - هو ربُّه، كما أنه رب الجميع، ومِنْ ثَمَّ فإن عيسى - عليه السَّلام - يوضح لأتباعه أنه عبدالله، كما أن الجميع عبيدُ الله، وليس ابن الله كما زعم المبطلون، وأكَّد لهم ما قاله وهو في المهد صبيًّا؛ {إنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} [مريم: 30]. وبعد أن تُلقي - أيها القارئ - هذه النظرة السريعة إلى ما جاء به أولو العزم من الرسل يكون الذِّهن قد استعدَّ، ووصل إلى قمة النضج والتعقل، وعرف جيدًا النظائر والأضداد، ولمس جانبًا من الأفعال وردود الأفعال، وتَجهَّز للاختيار الدقيق بين طريقين، لا طريق واحد كما زعم ذلك الذي قال: إنه أبصر قدامه طريقًا فمشى، ولذلك علينا أن ننظر إلى رسالة سيد المرسلين - صلَّى الله عليه وسلَّم - من زاوية هذا العقل المتَّقد، المستعد للاختيار، القادر على التمييز بين الخير والشر، بل القادر على كشف أيَّة كلمة حق يراد بها باطل، فقال تعالى آمرًا رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يواجه الناس من هذا المنطلق، وبهذه الواقعية، فقال: {وَقُلِ الحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيكْفُرْ} [الكهف: 29]، ولا عجب في أن تكون هذه الآية مكية؛ أي: نزلت في الفترة التي كان للكفار فيها أصواتٌ أعلى من صوت المسلمين، وكانت الرسالة وقتها في المهدِ، والمسلمون قلة مضطهدون، نعم لا عجبَ، خصوصًا أنَّ الرسالة نزلت على سيدنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومن خلاله وصلت إلى الناس كافَّة بقوله - تعالى -: {اقْرأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1]، فإذا قرأت، وقرَّأت، وتعلَّمت وعَلِمْت من أنباء ما قد سبق، وعلمت جانبًا من حكم الله - تعالى - فيما بينكم، وبعض الأخبار عمَّا بعدكم من الأمم، فأنت أهلٌ للاختيار، وهذا هو المهم؛ لأنه - سبحانه وتعالى - لا يريد عبيدًا مقهورين، ولكنه يريد عبادًا مخيرين، أو كما يقول تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99]. ويقول تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أعْينِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأنَّى يُبْصِرُونَ} [يس: 66]. إذًا لا تنسَ أنَّك أمام إله قدير، قادر على قهرك، وأنت لا تستطيع أن تدفع شيئًا من قَدَر الله عليك، لا في السَّرَّاء ولا في الضراء؛ {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ} [الرعد: 11]، فأنت المحتاج إلى القُرب من الله - تعالى - وليس العكس، وليس من الأدب ولا من الفطنة أنْ يغفل الناس عن قوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أنتُمُ الفُقَرَاءُ إلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَمِيدُ} [فاطر: 15]. نعم، أنت المحتاج إلى الله في كل أحوالك، تحتاج إلى الله والقُرب منه في حال خوفك وأمنك؛ {إنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: 38]. وتحتاج إليه في كل خطوة تخطوها في دروب الحياة المتنوعة؛ لأنه كما قال تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ} [البقرة: 257]. ومن يلجأ لغير الله، فقد ضَل ضلالاً بعيدًا، وكما قيل: "من اعتمد على المال، مَلَّ، ومن اعتمد على العقل، ضَلَّ، ومن اعتمد على الناس، ذلَّ، ومن اعتمد على الله، لا مَلَّ، ولا ضَلَّ، ولا ذل"، وكما يقول - سبحانه وتعالى -: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أوْلِياءَ كَمَثَلِ العَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أوْهَنَ البُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت: 41]. وأنت - أيها الإنسان الضعيف - أشد ما تكون حاجة إلى الله عند الكوارث والمحن؛ {وَإذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي البَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إلاَّ إِيَّاهُ} [الإسراء: 67]. والبحر على سبيل المثال، لا على سبيل الحصر. وإذا أردت الرزق فعند الله، فهو الرزَّاق ذو القوة؛ {وَاللَّهُ يرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيرِ حِسَابٍ} [البقرة: 212]. وإذا رجوت الرحمة، فمن عند الله الرحمن الرحيم؛ {وَاللَّهُ يخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ} [البقرة: 105]. وإذا أردت الدنيا وثوابها، {فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ} [النساء: 134]، ثم يوم القيامة ما أحوجَك إلى الله، {يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} [التحريم: 8]. محيي الدين صالح
ughrm hgYkshk fhgydf (ughrm hgYkshk fhggi sfphki)
|
| |