الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | طويلب علم مبتدئ | مشاركات | 7 | المشاهدات | 1611 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
04 / 01 / 2010, 06 : 01 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه بعض المسائل المتعلقة بالإجماع بشيء من الاختصار وليس ذلك بالطويل الممل ولا بالقصير المخل رجوت فيه النفع للإخوة الفضلاء بأبسط صورة ليتمكن من فهمه المبتديء فارجو أن يحصل المقصود بذلك والله الموفق . أولاً : تعريف الإجماع لغةً واصطلاحاً : وهو في اللغة يرد لثلاث معان : أحدها : العزم على الشيء والتصميم عليه ذكره الكسائي والفراء وغيرهما ، ومنه قولهم : أجمع فلان على كذا إذا عزم عليه ومنه قوله تعالى : فأجمعوا أمركم : أي اعزموا وبقوله عليه السلام : " لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل " ( أخرجه الخمسة من طريق الزهري عن سالم عن ابن عمر عن حفصة _ رضي الله عنهم _ مرفوعاً واختلف في وقفه ورفعه ورجح البخاري وأبو حاتم وأبو داود والترمذي والنسائي وقفه، ورجح ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي والخطابي رفعه ، وقال البخاري : فيه اضطراب ، وقال أحمد : ماله عندي ذاك الإسناد ) ويجمع أي يعزم وبهذا بوب الترمذي في سننه . وقال الشاعر : أجمعوا أمرهم بليلٍ فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء الثاني : تجميع المتفرق ومنه قوله تعالى : يوم يجمعكم ليوم الجمع الثالث : الاتفاق ذكره أبو علي الفارسي والراغب في المفردات والزبيدي وغيرهم ، ومنه قولهم : أجمع القوم على كذا إذا اتفقوا عليه ، ويقال : هذا أمر مجمع عليه أي متفق عليه . وفي الحقيقة المعاني كلها تعود إلى معنى الاتفاق فالعزم على الشيء هو اتفاق الخواطر والنوايا على أمرٍ واحدٍ هو ما عزم عليه الشخص وتجميع المتفرق يؤول إلى الاتفاق . وقد اختلف في دلالة الإجماع على العزم والاتفاق هل هو من باب الاشتراك اللفظي ؟ أو أنه حقيقة في الاتفاق مجاز في العزم ؟ أو حقيقة في العزم مجاز في الاتفاق ؟ ثلاثة أقوال . الإجماع اصطلاحاً : اختلفت عبارات الأصوليين في تعريف الإجماع والسبب في هذا يعود إلى أمور : الأول : الخلاف في تحديد المجمعين فالبعض يرى أنه خاص بأهل الحل والعقد من المجتهدين والبعض الآخر يجعله عاماً فيدخل فيه جميع الأمة من العوام وغيرهم فمن يخصه بالمجتهدين يعبر بقوله : ( اتفاق المجتهدين ) ومن يدخل العوام يعبر بقوله : ( اتفاق الأمة ) . الثاني : الخلاف في زمن الإجماع فبعضهم يخصه بعصر الصحابة كابن حزم ومن وافقه وبعضهم يجعله عاماً في جميع العصور ، فمن يخصه بعصر الصحابة يعبر بقوله : ( اتفاق أصحاب رسول الله ) أو اتفاق ( الصدر الأول ) ومن يجعله عاماً يقول : ( اتفاق المجتهدين في جميع العصور ) الثالث : الخلاف في الأمور المجمع عليها فبعضهم يحصرها في الأمور الشرعية وبعضهم يعممها ، فمن يحصرها بالأمور الشرعية يقول : ( اتفاق على أمرٍ أو حكمٍ شرعي أو ديني ) ومن يعممها يقول : ( اتفاق على أمرٍ من الأمور ) . الرابع : الخلاف في بعض شروط الإجماع مثل اشتراط انقراض العصر واشتراط بلوغ المجمعين عدد التواتر ونحوها فمن يشترط ذلك يجعله قيداً في التعريف ومن لا يشترطه لا يذكره في التعريف . التعريف المختار : لعل من أسلم التعريفات للإجماع والذي يتناسب مع ما نرجحه في مسائل الإجماع هو أنه : ( اتفاق المجتهدين من أمة محمدٍ بعد وفاته في عصرٍ من العصور على أمرٍ ديني ) محترزات التعريف : قولنا ( اتفاق ) قيد يخرج الاختلاف ، واتفاق جنس يشمل كل اتفاق سواء كان من الكل أو من البعض وسواء كان من المجتهدين وحدهم أو من جميع الأمة ، ويؤخذ من قولنا اتفاق أنه أقل ما يمكن أن يحصل به الاتفاق اثنان . قولنا ( المجتهدين ) قيد يخرج من ليس مجتهداً كالعوام والعلماء الذين لم يبلغوا مرتبة الاجتهاد ، و ( أل ) في المجتهدين للاستغراق أي اتفاق جميع المجتهدين فلا يكفي اتفاق الأكثر أو البعض كما سيأتي . فيخرج بهذا : قول الأكثر ، وإجماع أهل المدينة ، وإجماع الخلفاء الأربعة ، وإجماع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وإجماع أهل الحرمين : مكة والمدينة ، وإجماع أهل المصرين : الكوفة والبصرة فكلها لا تسمى إجماعاً كما سيأتي بيانه . والاجتهاد هو ( بذل الفقيه وسعه للوصول إلى حكمٍ شرعي ظني ) قولنا ( من أمة محمدٍ ) قيد يخرج ما سوى الأمة المحمدية كاليهود والنصارى ، والمراد بالأمة هنا أمة الإجابة وهم المسلمون أتباع النبي ، وعليه فيخرج من كُفِّر ببدعته فلا عبرة بقوله . قولنا ( بعد وفاته ) قيد يخرج ما كان في حياته ؛ إذ لاحاجة إلى الإجماع حينئذٍ لنزول الوحي . قولنا ( في عصرٍ من العصور ) بيان أن المراد مجتهدو العصر الواحد وليس جميع المجتهدين في جميع العصور إلى قيام الساعة ؛ لأنه يلزم منه عدم حصول الإجماع إلا بعد قيام الساعة ولا تكليف عندئذٍ فلا حاجة إلى الإجماع . ويؤخذ من قولنا ( عصر ) أنه في أي عصرٍ كان فلا يختص ذلك بعصر الصحابة كما سيأتي بيانه . قولنا ( على أمرٍ ديني ) قيد يخرج ما سوى الأمور الدينية كالأمور الدنيوية والعقلية واللغوية ونحوها فهي غير داخلة في الإجماع الشرعي المعصوم والمراد هنا ، ويدخل في الأمر الديني العقائد والأحكام . ثانياً : إمكان حصول الإجماع وانعقاده : ذهب الأكثرون إلى القول بجواز حصول الإجماع وإمكان انعقاده ، وذهب بعضهم _ وهم الأقل _ إلى عدم جواز ذلك ، وسوف نكتفي بذكر أدلة القول الأول وذلك لضعف وشذوذ القول الثاني ( الكلام في هذه المسألة عن الجواز العقلي لا الوقوع الشرعي ) . أدلة القول بجواز حصول الإجماع وإمكان انعقاده : الدليل الأول : وجوده وحصوله فقد وجدنا الأمة مجمعة على أن الصلوات خمس وأن صوم رمضان واجب ، وكيف يمتنع تصوره والأمة كلهم متعبدون باتباع النصوص والأدلة القاطعة ومعرضون للعقاب بمخالفتها . فإن قيل هذه الأمور حصلت بالتواتر وليس بالإجماع ؟ أجيب بأن هذه الأمور حصلت بالأمرين معاً : التواتر والإجماع مقارنة أو مرتباً بمعنى أنه حصل الإجماع والتواتر معاً ، أو حصل التواتر ثم الإجماع ، أو حصل الإجماع ثم التواتر فالمقصود هو أنه حصل فيها الإجماع وهو المطلوب . فإن قيل هذه علمت من الدين بالضرورة ومحل الخلاف هو فيما لم يعلم بالضرورة ؟ أجيب : بأنه حصل الإجماع كذلك فيما لم يعلم بالضرورة كالإجماع على أجرة الحمام وأجرة الحلاق ، وخلافة أبي بكر رضي الله عنه ، وتحريم شحم الخنزير ، وتحريم بيع الطعام قبل القبض ، وتوريث الجدة السدس ، وتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها وغير ذلك . الدليل الثاني : القياس على حصول الإجماع في الأمور الدنيوية فكما لا يمتنع اجتماعهم على الأكل والشرب لتوافق الدواعي فكذلك على اتباع الحق واتقاء النار . الدليل الثالث : القياس على حصول الاتفاق من الأمم الباطلة فكما حصل إطباق اليهود مع كثرتهم على الباطل فلم لا يتصور إطباق المسلمين على الحق ؟! . الدليل الرابع : أن الأصل هو الجواز والإمكان ، ويلزم من يدعي خلاف ذلك أن يأتي بالدليل . ثالثاً : إمكان الاطلاع على الإجماع و العلم به : اختلف في هذا على أقوال : الأول : أنه يمكن العلم بالإجماع والاطلاع عليه في جميع العصور وهو قول الجمهور . الثاني : أنه يمكن العلم بالإجماع والاطلاع عليه في العصور الثلاثة فقط وهو قول صاحب فواتح الرحموت . الثالث : أنه يمكن العلم بالإجماع والاطلاع عليه في عصر الصحابة فقط ، وأما بعدهم فيتعذر ذلك ، وهو رواية عن أحمد وظاهر صنيع ابن حبان في صحيحه ومال إليه شيخ الإسلام ابن تيمية في العقيدة الواسطية وهو قول الفخر الرازي والآمدي وهو قول ابن حزم إلا أن هؤلاء يخالفون ابن حزم في الحجية فابن حزم يقصر الحجية على الصحابة فقط والبقية يرونه حجة في كل وقت وإنما يرون تعذر الاطلاع عليه بعد الصحابة . الرابع : أنه لا يمكن العلم بالإجماع ولا الاطلاع عليه مطلقاً ، وهو قول من رأى عدم إمكانية حصول الإجماع من باب أولى ، ومن رأى عدم حجيته أيضاً كالنظام المعتزلي وبعض الشيعة والخوارج . لعل أقرب هذه الأقوال هو القول الثالث وذلك لكثرة المجتهدين وتفرقهم في البلاد مما يتعذر معه جمع أقوالهم في وقت واحد بخلاف عصر الصحابة فالمجتهدون منهم معلومون بأسمائهم وأعيانهم وأماكنهم واجتماعهم لا سيما بعد وفاة النبي زمناً قليلاً ( الكلام هنا عن إمكان الاطلاع على الإجماع لا عن حجيته ) . رابعاً : حجية الإجماع : أكثر المذاهب الإسلامية ترى حجية الإجماع الشرعي ولم يخالف في ذلك إلا الخوارج والإمامية من الشيعة وطائفة من المرجئة والنظام المعتزلي كما سيأتي إن شاء الله . وقد قرر حجية الإجماع الأصوليون من أتباع المذاهب الأربعة وهذه نماذج من أقوالهم : المذهب الحنفي : قال أبو بكر الرازي ( الجصاص ) : ( اتفق الفقهاء على صحة إجماع الصدر الأول وأنه حجة الله لا يسع من يجيء بعدهم خلافه ، وهو مذهب جلِّ المتكلمين ) وقال السرخسي : ( اعلم أن إجماع هذه الأمة موجب للعلم قطعاً كرامةً لهم على الدين ) وقال : ( اجتماع هذه الأمة حجةٌ شرعاً كرامةً لهم على الدين ) المذهب المالكي : - قال القرافي : ( وهو حجة عند الكافة ) - وقال ابن جزي الغرناطي في تقريب الوصول : ( والإجماع حجة عند الجمهور ) المذهب الشافعي : - قال إمام الحرمين أبو المعالي الجويني في البرهان : ( ما ذهب إليه الفرق المعتبرون من أهل المذاهب أن الإجماع في السمعيات حجة ) - وقال الشيرازي : ( وهو حجةٌ من حجج الشرع ودليلٌ من أدلة الأحكام مقطوعٌ على مغيبه ) - وقال الفخر الرازي في المحصول : ( إجماع أمه محمد حجة خلافاً للنظام والشيعة والخوارج ) - وقال الآمدي في الإحكام : ( اتفق أكثر المسلمين على أن الإجماع حجة شرعية يجب العمل به على كل مسلم وخالف في ذلك الشيعة والخوارج والنظام ) المذهب الحنبلي : - قال القاضي أبو يعلى : ( الإجماع حجةٌ مقطوعٌ عليها ، يجب المصير إليها ، وتحرم مخالفته ) - وقال ابن قدامة في روضة الناظر : ( والإجماع حجة قاطعة عند الجمهور ) إذا علم هذا فإن أكثر أهل العلم ذهبوا إلى حجية الإجماع خلافاً للنظام من المعتزلة والخوارج والإمامية من الشيعة وطائفة من المرجئة . وقد استدل الأكثر لحجية الإجماع بالكتاب والسنة : أ / أدلة الكتاب : 1 – قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً دلت هذه الآية على حجية الإجماع من وجهين : الوجه الأول : من قوله : وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً حيث وصفهم بأنهم ، وسط والوسط في اللغة العدول الخيار وفي هذا تزكية لهم ، والعدول الخيار لا يتفقون على باطل . الوجه الثاني : من قوله : لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً حيث نصبهم الله شهوداً وقبل شهادتهم على غيرهم وجعلهم حجة على الناس في قبول أقوالهم كما جعل الرسول حجة علينا في قبول قوله علينا . 2 – قوله تعالى : واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ووجه الاستدلال : أنه تعالى نهى عن التفرق ، ومخالفة الإجماع تفرق فكان منهياً عنه ، ولا معنى لكون الإجماع حجةً سوى النهي عن مخالفته . 3 – قوله تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وجه الاستدلال : أنه تعالى أخبر أن هذه الأمة يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر و ( أل ) في المعروف والمنكر تقتضي الاستغراق أي أنهم يأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر فإذا أمروا بشيء فلا بد أن يكون معروفاً وإذا نهوا عن شيء فلا بد أن يكون منكراً ، وإذا كانوا بهذا الوصف فإنه يجب قبول قولهم وهذا هو معنى حجية الإجماع . 4 – قوله تعالى : ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولِّه ما تولَّى ونصله جهنَّم وساءت مصيراً وجه الاستدلال : أنه تعالى توعد على متابعة غير سبيل المؤمنين وهو إجماعهم بالوعيد الشديد وقرن ذلك بمشاقة الرسول ، ولو لم يكن ذلك محرماً لما توعد عليه ولما حسن الجمع بينه وبين المحرم من مشاقة الرسول في التوعد . وهذه الآية استدل بها الإمام الشافعي _ رحمه الله _ في إثبات حجية الإجماع وهو أول من استدلَّ بها . 5 – قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله والرسول وجه الاستدلال : أنه تعالى أمر بالرد إلى الكتاب والسنة في حال التنازع فيفهم منه أنه إذا لم يوجد التنازع فالاتفاق على الحكم كافٍ ، فالآية دلت على حجية الإجماع بالمفهوم . 6 – قوله تعالى : وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله وجه الاستدلال : أنه تعالى أمر بالرجوع إلى حكمه عند الاختلاف فيفهم منه أنه إذا لم يوجد خلاف فالاتفاق على الحكم كافٍ ، فالآية دلت على حجية الإجماع بالمفهوم أيضاً كالآية السابقة . ب / أدلة السنة : تعتبر أدلة السنة أقوى مسلكاً وأكثر صراحةً لإثبات حجية الإجماع عند كثيرٍ من الأصوليين وقد تنوعت أدلة السنة في تقرير حجية الإجماع ويمكن تقسيمها ثلاثة أقسام : القسم الأول : الأحاديث التي جاءت تنفي وقوع الأمة في الخطأ وتثبت العصمة لها ومن ذلك قوله : " لا تجتمع أمتي على ضلالة " ( رواه أحمد والطبراني في الكبير وابن أبي خيثمة في تاريخه عن أبي نضرة الغفاري بلفظ : " إن الله أجاركم من ثلاث خلال أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعاً ، وأن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق وأن لا تجتمعوا على ضلالة " ، ورواه أبو عمرو الداني في الفتن من حديث أبي هريرة وفيه يحيى بن عبيد الله بن عبد الله بن موهب وهو متروك ، ورواه أبو نعيم والحاكم في المستدرك عن ابن عمر رفعه بلفظ : " إن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة أبدا،ً وإن يد الله مع الجماعة فاتبعوا السواد الأعظم فإن من شذَّ شذَّ في النار " . وكذا هو عند الترمذي لكن بلفظ " أمتي " وفي إسناده اضطراب أشار إليه الحاكم في المستدرك ، ورواه ابن ماجه وابن عدي في الكامل عن أنس رفعه بلفظ : " إن أمتي لا تجتمع على ضلالة فإذا رأيتم الاختلاف فعليكم بالسواد الأعظم " وهو ضعيف جداً في إسناده أبو خلف الأعمى واسمه حازم بن عطاء متروك واتهمه ابن معين بالكذب ، وفيه معان بن رفاعة ضعيف أيضاً ورواه الحاكم عن ابن عباس رفعه بلفظ : " لا يجمع الله هذه الأمة على ضلالة ويد الله مع الجماعة " ورواه الدارمي عن عمرو بن قيس مرفوعاً بلفظ :" إن الله أدرك بي الأجل المرحوم واختصر لي اختصاراً فنحن الآخرون ونحن السابقون يوم القيامة، وأني قائل قولاً غير فخر إبراهيم خليل الله ، وموسى صفي الله ، وأنا حبيب الله ، ومعي لواء الحمد يوم القيامة وان الله عز وجل وعدني في أمتي وأجارهم من ثلاث لا يعمهم بسنة ولا يستأصلهم عدو ولا يجمعهم على ضلالة " وهو منقطع وفي إسناده عبد الله بن صالح ضعيف ، فالحديث لا يخلو طريق من طرقه من مقال كما قال غير واحد من المحدثين ) وجه الاستدلال : أن عمومه ينفي وجود الضلالة ، والخطأ ضلالة فلا يجوز الإجماع عليه فيكون ما أجمعوا عليه حقاً . بلفظ : " سألت ربي أن لا تجتمع أمتي على ضلالة فأعطانيها " وفيه راوٍ لم يسمَّ ، ورواه أبو داود والطبراني في الكبير وابن أبي عاصم في السنة عن أبي مالك الأشعري القسم الثاني : الأحاديث التي جاءت تأمر بلزوم الجماعة ومن ذلك : 1 – حديث ابن عباس _ رضي الله عنهما _ أن النبي قال : " من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات إلا مات ميتة جاهلية " متفق عليه . 2 - عن أبي ذر قال : قال رسول الله : " من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه " أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم ، وروي نحوه من حديث الحارث الأشعري عند الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي وغيرهم ، ومن حديث ابن عباس _ رضي الله عنهما _ عند البزار والطبراني في الأوسط وفي سنده خليد بن دعلج وفيه مقال . 3 – حديث ابن مسعود عن النبي قال : " نضَّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ، ثلاث لا يغلّ عليهن قلب مسلم : إخلاص العلم لله ومناصحة أئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم فإن الدعوة تحيط من ورائهم " أخرجه الترمذي ورواه ابن ماجه من حديث زيد بن ثابت ورواه أحمد من حديث أنس بن مالك وأخرجه أحمد والدارمي وابن حبان والحاكم من حديث جبير بن مطعم وفي إسناده ضعف ، وأخرجه الدارمي من حديث أبي الدرداء وفي إسناده ضعف ( وقد جمع أبو عمرو المديني الأصبهاني رسالة في حديث " نضَّر الله " فذكره عن ابن مسعود وزيد بن ثابت وجبير بن مطعم وأبي الدرداء وأبي سعيد الخدري ومعاذ بن جبل وبشير بن سعد والنعمان بن بشير وشيبة بن عثمان رضي الله عنهم ) وجه الاستدلال من هذه الأحاديث وما في معناها : أن النبي ينهى في هذه الأحاديث عن مفارقة الجماعة ، ويأمر بلزوم جماعة المسلمين والمراد ما يقول به جماعتهم ، وما تتفق عليه كلمتهم ، وليس المراد به لزوم أبدانهم فالمسلمون متفرقون في مشارق الأرض ومغاربها . القسم الثالث : الأحاديث التي جاءت تبين أن الحق ملازم للجماعة ومن ذلك : حديث " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله " أخرجه مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه ، وهو حديث متواتر كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية والسيوطي والزبيدي والكتاني وغيرهم ، وقد ورد من رواية معاوية بن أبي سفيان ، والمغيرة بن شعبة، وجابر بن سمرة ، ومعاذ بن جبل ، وجابر بن عبد الله ، وزيد بن أرقم ، وأبي أمامة ، وعمر ، وأبي هريرة ، ومرة البهوي ، وشرحبيل بن السمط ، وعقبة بن عامر ، وسعد بن أبي وقاص ، وسلمة بن نفيل الحضرمي ، وعمران بن حصين رضي الله عنهم ، وله عدة ألفاظ . وجه الاستدلال : أن النبي شهد لهذه الطائفة بكونها على الحق في جميع العصور فإجماعهم إذاً حجة. وأما دلالة العقل فذهب بعض الأصوليين إلى أنه لا مدخل له في هذا الباب وهو ما اختاره الغزالي ، وذكر الشوكاني أنه رأي معظم العلماء ، وأنهم اقتصروا على دلالة السمع في إثبات حجية الإجماع . خامساً : الأدلة التي استدلَّ بها من ينكر حجية الإجماع من الإمامية الشيعة والنظام المعتزلي والخوارج والمرجئة :استدلوا بأدلة من القرآن والسنة : 1 / قوله تعالى : ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وجه الاستدلال : أن الله تبارك وتعالى ذكر أن الكتاب تبيان لكل شيء فلا حاجة إلى الإجماع ولو كان الإجماع حجة لذكره . وأجيب عن هذا بأجوبة : 1 – أن هذا بيانٌ مجمل ومما بينه القرآن حجية الإجماع كما سبق في أدلة الجمهور . 2 – أن قولكم هذا منقوض بحجية السنة فإما أن تنكروا حجية السنة كالإجماع أو تثبتوا حجية الإجماع كالسنة . 3 – أن غاية ما في الآية السكوت عن حجية الإجماع ولم تنف حجيته ويمكن اعتماد حجيته من أدلة أخرى . 4 – أن المسائل المجمع عليها تستند إلى الكتاب أو السنة وهي تعود إلى الكتاب . 2 / قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله والرسول قالوا : أمر الله تبارك وتعالى بالرد إلى الكتاب والسنة ولم يذكر الإجماع ولو كان حجة لأمر بالرد إليه . وأجيب عنه بأجوبة : 1 – أن الله أمر بالرد إلى الكتاب والسنة في حال التنازع ويفهم منه أنه في حال الاتفاق يكتفى به كما سبق . 2 – أن الله أمرنا بالرد إلى الكتاب والسنة في حال التنازع ونحن وإياكم تنازعنا في حجية الإجماع فنرد ذلك إلى الكتاب والسنة فنجدهما قد دلا على حجيته . 3 – أن الله أمر بالرد إلى الكتاب والسنة وكل مسألة مجمع عليها فهي تستند إلى دليل من الكتاب أو السنة أو قياس يرجع إليهما . 4 - أن غاية ما في الآية السكوت عن حجية الإجماع ولم تنف حجيته ويمكن اعتماد حجيته من أدلة أخرى . 3 / استدلوا بكل نص ورد فيه النهي بصيغة الجمع كقوله تعالى : ولا تقربوا الزنا ، وقوله تعالى : ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ، وقوله تعالى : ولا تقتلوا أولادكم من إملاق وقوله تعالى : ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق وقوله تعالى : واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ونحوها من الآيات . ووجه الاستدلال بها : أن الله نهى كل الأمة بصيغة الجمع عن هذه الأفعال وذلك يدل على تصور وقوعها منهم ومن تتصور منه المعصية لا يكون قوله ولا فعله موجباً للقطع ؛ إذ يجوز أن يجمعوا على معصية . وأجيب عنه بجوابين : : لئن أشركت ليحبطن عملك وقال : فلا تكونن من الجاهلين وقال عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام : . 1 - أن النهي في هذه النصوص ليس نهياً لهم عن الاجتماع بل نهيٌ للآحاد ، وإن كان كل واحد على حياله داخلاً في النهي فالنهي بصيغة الجمع ، والمراد كلُّ فردٍ على حدة وليس المراد أن يفعل ذلك الجميع دفعةً واحدة . 2 - لو سُلِّم ما ذكرتموه فليس من شرط النهي وقوع المنهي عنه ولا جواز وقوعه فإن الله تعالى قال لرسوله ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون 4 / استدلوا بحديث معاذ أن رسول الله لما أراد أن يبعثه إلى اليمن قال : كيف تقضي إذا عرض لك قضاء ؟ قال : أقضي بكتاب الله عز وجل ، قال : فإن لم تجد في كتاب الله عز وجل ؟ قال فبسنة رسول الله ، قال : فإن لم تجد في سنة رسول الله ولا في كتاب الله ؟ ، قال : اجتهد رأيي ولا آلو ، قال : فضرب رسول الله في صدره وقال : الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله " أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم . وجه الاستدلال : أن معاذاً ذكر الاحتجاج بالكتاب والسنة والاجتهاد ، ولم يذكر الإجماع ، وأقره النبي على ذلك ، ولو كان الإجماع حجة لذكره معاذ أو تعقبه النبي . وأجيب عن هذا بأجوبة : الأولى : أن الصواب فيه أنه مرسل كما قال البخاري والترمذي والدارقطني . الثانية : الحارث بن عمرو مجهول كما قال البخاري في التاريخ وابن حزم وابن الجوزي والذهبي والعراقي وابن حجر . الثالثة : جهالة أصحاب معاذ كما قال ابن حزم وابن الجوزي. وعليه فالحديث لا يثبت وقد ضعفه البخاري والترمذي والدارقطني والعقيلي وابن حزم وعبد الحق الأشبيلي وابن الجوزي في العلل وابن طاهر والعراقي والسبكي والألباني . وإن كان بعض أهل العلم كالخطيب البغدادي وابن تيمية وابن القيم مالوا إلى تقوية الحديث ورأوا ان الأمة تلقته بالقبول لكن الأكثر على تضعيفه كما سبق . ولا إجماع في حياته . 1 – ان الحديث إسناده ضعيف فقد رواه أحمد وأبو داود والترمذي والدارمي والطبراني والعقيلي في الضعفاء والبيهقي في السنن الكبرى وابن أبي شيبة في المصنف والطيالسي في مسنده وابن سعد في الطبقات وابن عساكر في تاريخ دمشق والخطيب في الفقيه والمتفقه وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله وابن حزم في الإحكام من طريق شعبة عن أبي العون عن الحارث بن عمرو عن أناس من حمص من أصحاب معاذ أن رسول الله لما أراد أن يبعث معاذاً .. الحديث وهذا إسناد ضعيف فيه ثلاث علل : 2 – لو صح الحديث فهو في حياة النبي 3 – أنه ذكر الكتاب والسنة وقد دلا على حجية الإجماع كما سبق . 4 – أنه ذكر الكتاب والسنة وكل مسألة مجمع عليها فهي تستند إلى دليل من الكتاب أو السنة أو قياس يرجع إليهما . 5 - أن غاية ما في الحديث السكوت عن حجية الإجماع ولم ينف حجيته ويمكن اعتماد حجيته من أدلة أخرى . تنبيهان : 1 - قد صرح غير واحد من الأصوليين بأن هذا القول شاذ لا يعتد به كابن الحاجب وشارحه العضد وابن عبد الشكور وصديق حسن خان . 2 - الخلاف في حجية الإجماع هنا هو في إجماع الخاصة وهم المجتهدون أما ما أجمع عليه العامة والخاصة وهو الإجماع على ما علم من الدين بالضرورة فلا خلاف فيه كما قرر ذلك الزركشي في البحر المحيط وغيره . سادساً : بيان ما ورد عن الإمام أحمد _ رحمه الله _ فيما ظاهره رد الإجماع وتأويل أهل العلم لذلك : قد تقرر عند العلماء عامة وعند الحنابلة خاصة أن الإمام أحمد يرى حجية الإجماع وقد استدل به في كثير من المسائل ، لكن ورد عنه _ رحمه الله _ روايات ظاهرها يفيد رد الإجماع والإنكار على من نقل الإجماع وادعى حصوله ومن هذه الروايات : 1 - قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبي يقول : ( ما يدعي الرجل فيه الإجماع هذا الكذب ، من ادعى الإجماع فهو كذب لعل الناس قد اختلفوا ، هذه دعوى بشر المريسي والأصم ، ولكن يقول : لا يعلم الناس اختلفوا ) ذكره في مسائله وذكره ابن القيم في إعلام الموقعين وأبو يعلى في العدة . 2 – وقال المرُّوذي : ( قال أحمد : كيف يجوز للرجل أن يقول : أجمعوا ؟! إذا سمعتهم يقولون : أجمعوا فاتهمهم ، لو قال : إني لم أعلم لهم مخالفاً جاز ) 3 – وقال أبو طالب : قال أحمد : ( هذا كذب ما علمه أن الناس مجمعون ؟! ولكن يقول : لا أعلم فيه اختلافاً فهو أحسن من قوله : إجماع الناس ) ذكر هذه الروايات أبو يعلى في العدة وابن تيمية في المسودة . 4 – وقال أبو الحارث: ( قال أحمد :لا ينبغي لأحدٍ أن يدعي الإجماع لعل الناس اختلفوا ) وقد أوَّل ذلك العلماء عدة تأويلات منها : 1 – أن هذا محمول على الورع نحو أن يكون هناك خلاف لم يعلمه ذكر هذا أبو يعلى في العدة وأبو الخطاب في التمهيد . 2 – أن هذا محمول على من لم يكن عنده معرفة بخلاف السلف ، ذكره أبو يعلى وأبو الخطاب أيضاً ، ومال إليه ابن رجب وهو الذي يتوافق مع قوله : ( هذه دعوى بشر المريسي والأصم ) فإن هؤلاء لا علم لهم بخلاف السلف . 3 – أن هذا محمول على إجماع من بعد الصحابة أو بعدهم وبعد التابعين أو بعد القرون الثلاثة المفضلة ، ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في المسودة . قال ابن تيمية : ( ولا يكاد يوجد في كلامه احتجاج بإجماع بعد عصر التابعين أو بعد القرون الثلاثة مع أن صغار التابعين أدركوا القرن الثالث وكلامه في إجماع كل عصر إنما هو في التابعين ثم هذا منه ) 4 – أنه محمول على دعوى الإجماع العام النطقي ذكره ابن تيمية أيضاً وابن النجار في شرح الكوكب المنير . 5 – أنه محمول على التعذر واستبعاد حصوله مطلقاً في كل عصر ذكره ابن النجار في شرح الكوكب المنير وابن الحاجب المالكي وابن الهمام الحنفي . 6 – أن هذا محمول على من انفرد بنقل الإجماع دون بقية العلماء ذكره صاحب فواتح الرحموت . 7 – أن هذا محمول على من يدَّعي الإجماع بمجرد عدم علمه بالمخالف ثم يقدِّم هذا الإجماع الموهوم على النصوص وهذا ما ذكره ابن القيم في إعلام الموقعين ويؤيد هذا قوله (لعل الناس اختلفوا ) وذكر ابن تيمية عن أحمد أنه قال في القراءة خلف الإمام : ادُّعي الإجماع في نزول الآية ، وفي عدم الوجوب في صلاة الجهر ، وإنما فقهاء المتكلمين كالمريسي والأصم يدعون الإجماع ولا يعرفون إلا قول أبى حنيفة ومالك ونحوهما ، ولا يعلمون أقوال الصحابة والتابعين . انتهت المقدمة ويتبع تفصيل مسائل الإجماع إن شاء الله تعالى .... كتبه ابو حازم الكاتب hgY[lhu | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04 / 01 / 2010, 10 : 01 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ( مسائل الإجماع ) المسألة الأولى : هل يعتدُّ بالعوام في الإجماع ؟ اختلف في الاعتداد بالعوام في الإجماع على قولين : القول الأول : أن العوام يعتدُّ بهم في الإجماع وهو قول الآمدي ونقله الجويني وغيره عن أبي بكر الباقلاني . القول الثاني : أنه لا يعتدُّ بالعوام في الإجماع وهو قول الجمهور . أدلة الأقوال : أدلة القول الأول : استدل أصحاب القول الأول بعموم النصوص التي جاءت بإثبات حجية الإجماع فالعوام داخلون في لفظ المؤمنين في قوله تعالى : ويتبع غير سبيل المؤمنين وداخلون في لفظ ( الأمة ) في قوله : " لا تجتمع الأمة على ضلالة " وأجيب عن هذا بأن لفظ المؤمنين ولفظ ( الأمة ) من العام المخصوص والمراد به المجتهدون من الأمة ولذا فهذه الألفاظ لا تشمل الصبيان والمجانين باتفاق فكذلك العوام لعدم أهلية الكل . أدلة القول الثاني : استدل أصحاب القول الثاني بأدلة منها : 1 – أن العوام ليس لديهم الآلة التي يعرفون بها الحق من الباطل والصواب من الخطأ والراجح من المرجوح فهم كالصبيان والمجانين في نقصان الآلة ، وإذا لم توجد الآلة فكيف يتصور منهم الإصابة إذ سيكون حكمهم مبنياً على الرأي المجرد والهوى والتشهي . 2 – أن القول بالاعتداد بالعوام في الإجماع يجعل الإجماع مستحيلاً ؛ إذ يستحيل جمع أقوال جميع المسلمين والوقوف على قول كل واحد منهم كما يستحيل اتفاقهم جميعا مع اختلاف عقولهم وأهوائهم ومشاربهم وبالتالي فهذا القول يؤدي إلى بطلان الإجماع وهو باطل . 3 – نقل بعضهم _ كالغزالي في المستصفى _ إجماع الصحابة على عدم الاعتداد بالعوام في الإجماع . 4 – أن العوام يلزمهم المصير إلى أقوال العلماء بالإجماع وتحرم عليهم مخالفتهم كما تحرم عليهم الفتيا فكيف يعتد بقولهم عندئذٍ . الترجيح : الراجح في هذه المسألة هو قول الجمهور علماً أن الآمدي في نهاية المسألة مال إلى تقسيم الإجماع قسمين : قطعي وهو ما اتفق عليه المجتهدون والعوام ، وظني وهو ما اتفق عليه المجتهدون فقط ، وهناك من يرى أن المسائل التي يشترك في دركها وفهمها العوام والخواص يشترط فيها موافقة العوام دون ما لا يشتركون في فهمها وهو ما اختاره البزدوي من الحنفية وذكر أنه غير واقع واختاره كذلك شارح أصوله البخاري من الحنفية . المسألة الثانية : هل الإجماع خاص بعصر الصحابة أو هو حجة في كل عصر ؟ اختلف في هذه المسألة على قولين : القول الأول : أن الإجماع خاص بعصر الصحابة وهو قول الظاهرية واختاره ابن حبان في ظاهر كلامه في الصحيح حيث يقول : ( والإجماع عندنا إجماع الصحابة الذين شهدوا هبوط الوحي والتنزيل وأعيذوا من التحريف والتبديل حتى حفظ الله بهم الدين على المسلمين وصانه عن ثلم القادحين ) وهو رواية عن الإمام أحمد أومأ إليه في رواية أبي داود حيث قال : ( الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي وعن أصحابه وهو بعد في التابعين مخير ) فأخذ من هذا بعض الحنابلة أنه يخير بين أخذ إجماع التابعين وبين تركه وهذا يدل على أنه ليس ملزماً ، وقد حملها القاضي أبو يعلى على آحاد التابعين لما يأتي في الرواية الثانية . القول الثاني : أن الإجماع حجة في كل عصر ولا يختص بعصر الصحابة وهو قول الجمهور وهو ظاهر كلام الإمام أحمد أيضاً حيث يقول في رواية المروذي : ( ينظر ما كان عن رسول الله فإن لم يكن فعن أصحابه فإن لم يكن فعن التابعين ) وهذه الرواية تفسر ما ورد في الرواية السابقة كما يفسرها قوله في رواية المروذي : ( إذا جاء الشيء عن الرجل من التابعين لا يوجد فيه شيء عن النبي لا يلزم الأخذ به ) أدلة الأقوال : أدلة القول الأول : استدل الظاهرية لتخصيص الإجماع بالصحابة فقط بأدلة منها : 1 – قوله تعالى : فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وجه الاستدلال : أن الله أمرنا بالرد إلى الكتاب والسنة ولم يذكر الإجماع فالأصل هو الرجوع للكتاب والسنة فقط وخرجنا عن هذا الأصل في حق الصحابة للأدلة الثابتة في فضل الصحابة_ رضي الله عنهم _ وما ورد في حقهم . ويجاب عنه بأجوبة : الأول : أن الآية نصت على حال التنازع ويفهم منه أنه في حال الاتفاق يكتفى به . الثاني : أن غاية ما في الآية السكوت عن حجية الإجماع ولم تنف حجيته ويمكن اعتماد حجيته من أدلة أخرى . الثالث : أن الله أمرنا بالرد إلى الكتاب والسنة وقد دلا على حجية إجماع الأمة في كل عصر بأدلة كثيرة سبق ذكرها وهي أدلة عامة لا تخص الصحابة دون غيرهم . 2 – قوله تعالى : كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله وقوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس وجه الاستدلال : أن المراد بهذا الصحابة _ رضي الله عنهم _ فقط فهم الموجودون حال الخطاب به . ويجاب عنه بجوابين : الأول : أن هذا تخصيص بدون دليل ، والأصل أن الخطاب يعمُّ جميع الأمة فهو كقوله تعالى : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وقوله : وجاهدوا في الله وقوله : " قد فرض الله عليكم الحج فحجوا " رواه مسلم من حديث أبي هريرة ونحوها من النصوص . الثاني : أنه يلزم على قولكم هذا أن لا ينعقد إجماع الصحابة بعد موت من كان موجوداً عند الخطاب ؛ لأن إجماع البقية ليس إجماع جميع المخاطبين حال ورودها ، ويلزم أن لا يعتدَّ بقول من أسلم بعد نزولها وهذا كلُّه خلاف الإجماع . 3 – قوله تعالى : ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً وقوله : " لا تجتمع أمتي على ضلالة " . وجه الاستدلال : أن هذا خاص بالصحابة _ رضي الله عنهم _ إذ هم كل المؤمنين وهم كل الأمة في عصرهم وهذا لا ينطبق على غيرهم فكل من جاء بعدهم فهم بعض المؤمنين . ويجاب عنه : بأن أتباع النبي في كل عصر مؤمنون وهم أمته في عصرهم فهم كل الأمة وكل المؤمنين في عصرهم كما أن الصحابة هم كل الأمة وكل المؤمنين في عصرهم فالماضي غير معتبر والآتي غير منتظر ، ثم إنه يلزم على قولكم هذا أن الصحابة ليسوا كل المؤمنين بالنظر إلى من مات قبل الإجماع فيكون من بقي هم بعض المؤمنين . 4 - أن الصحابة شهدوا التوقيف ( النص ) من رسول الله وقد صح أنه لا إجماع إلا عن توقيف . ويجاب عنه بجوابين : الأول : لا نسلِّم أنه يشترط أن يكون مستند الإجماع التوقيف فقط بل قد يكون مستنده القياس وقد حصل الإجماع في كثير من المسائل مستنداً إلى القياس كما سيأتي إن شاء الله . الثاني : لو سُلِّم باشتراط التوقيف فإنه لا يلزم من التوقيف المشافهة فيه من النبي ، وعليه فالتوقيف يصل إلى التابعين ومن بعدهم ولا يختص بالصحابة . 5 – أن الصحابة كان عددهم محصوراً يمكن أن يحاط بهم وتعرف أقوالهم وليس من بعدهم كذلك . ويجاب عنه بجوابين : الأول : أنه لا يمتنع عقلاً أن تُجمع أقوال المجتهدين حتى وإن كثروا لا سيما إذا كانوا تحت حكمٍ واحد فيمكن للحاكم أن يجمعهم ويأخذ أقوالهم كما قال الباقلاني والغزالي . الثاني : لو سُلِّم بتعذر حصول ذلك فيمن جاء بعد الصحابة فإن هذا لا يلزم منه نفي الحجية فالقول بالتعذر شيء ونفي الحجية شيءٌ آخر . أدلة القول الثاني : استدلَّ الجمهور لقولهم بعدم تخصيص الإجماع بالصحابة بما يلي : 1 – عموم أدلة حجية الإجماع من القرآن والسنة حيث لم تخصِّص الإجماع بعصر الصحابة _ رضي الله عنهم _ كقوله تعالى : ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين وقوله : " لا تجتمع أمتي على ضلالة " ونحوها فهي عامة تشمل الصحابة وغيرهم . 2 – أن غير الصحابة أكثر عدداً من الصحابة ، وفيهم مجتهدون أكثر عدداً ، فإذا وجب الرجوع لقول الصحابة مع قلتهم فالرجوع إلى قول الأكثر من باب أولى . الترجيح : قول الجمهور في هذه المسألة هو الراجح لما ذكروه من أدلة ولأن ما استدل به الظاهرية قد أجيب عنه لكن ليعلم أنه وإن قيل بحجية الإجماع في كل عصر إلا أنه يتعذر حصوله بعد عصر الصحابة _ رضي الله عنهم _ وهذا هو مراد الشافعي وأحمد _ فيما يظهر _ فيما روي عنهما من الإنكار على من ادعى الإجماع وهو اختيار ابن تيمية وقد سبق بيان ذلك . المسألة الثالثة : هل يشترط في المجمعين أن يبلغوا عدد التواتر أو لا؟ بمعنى هل يشترط حدّ أدنى لعدد المجمعين ؟ فلو لم يوجد في الأمة في عصر من العصور إلا عدد لا يبلغون عدد التواتر فهل يكفي هذا العدد لانعقاد الإجماع أم لابد أن يصل المجمعون عدد التواتر ليصح إجماعهم ؟ وقبل ذكر هذه المسألة ينبغي أن يعلم أنه إذا لم يوجد في عصر من العصور إلا مجتهد واحد فإنه لا ينعقد الإجماع به ؛ لأن الإجماع المعصوم هو قول المجموع وقول الواحد لا يحصل فيه اتفاق فالاتفاق لا يكون إلا من اثنين فصاعداً واختار بعض الأصوليين كصاحب فواتح الرحموت أن قوله يكون حجة لكن ولا يكون إجماعاً وعزاه الصفي الهندي للأكثرين . وأما إذا وجد مجتهدان فقط فالجمهور على أنه ينعقد بهم الإجماع ؛ لأنه يحصل بهم الاتفاق ، ولأنهم جماعة . وأما إذا كانوا أكثر من اثنين لكنهم لم يبلغوا عدد التواتر فهنا اختلف على قولين : القول الأول : أنه يشترط بلوغ المجمعين عدد التواتر وإلا فلا إجماع وهو قول من استدل لحجية الإجماع بالعقل كإمام الحرمين الجويني وحكاه القاضي عبد الوهاب عن الباقلاني . القول الثاني : أنه لا يشترط بلوغ المجمعين عدد التواتر وهو قول الجمهور . أدلة القولين : أدلة القول الأول : استدل من يشترط بلوغ المجمعين عدد التواتر بأن الجمع الكثير لا يتصور تواطئهم على الخطأ بخلاف من كان دون عدد التواتر فيتصور منهم الخطأ فتنتفي العصمة عنهم . أدلة القول الثاني : استدلَّ الجمهور لعدم اشتراط بلوغ المجمعين عدد التواتر بما يلي : 1 - عموم أدلة الإجماع حيث لم تشترط عدداً معيَّناً ينعقد به الإجماع ، والمجمعون الذين لم يبلغوا عدد التواتر يصدق عليهم اسم ( المؤمنين ) و ( الأمة ) . 2 – أن الإجماع ثبت بأدلة السمع لا أدلة العقل وعليه فلا مجال لربط العصمة بالعدد عقلاً . الترجيح : الراجح هو قول الجمهور وهو عدم اشتراط بلوغ المجمعين عدد التواتر ، وينبغي أن يعلم أن عدد التواتر _ عند الأكثر _ لا حدَّ له معيناً ، وإنما المراد به الجمع الكثير الذين لا يتصور تواطؤهم على الخطأ والذين لو أخبروا عن محسوس وقع العلم بخبرهم ، علماً أن جلَّ من نفى انعقاد الإجماع لمن لم يبلغوا عدد التواتر قالوا إن نقصان المجمعين عن عدد التواتر في عصر من العصور غير متصور والجمهور يرون جواز وقوع ذلك . المسألة الرابعة : هل ينعقد الإجماع بقول الأكثر ؟ بمعنى أنه لو خالف واحد أو اثنان أو عدد قليل من المجتهدين فهل مخالفتهم تضرّ ولا ينعقد الإجماع أو ينعقد الإجماع بقول الأكثر ولا تضرّ مخالفة هؤلاء ؟ اختلف في هذه المسألة على أقوال : القول الأول : لا ينعقد الإجماع إلا بقول الكلِّ فلو خالف مجتهدٌ واحدٌ لم ينعقد ، ولا يكون قولهم إجماعاً ولا حجةً وهذا هو قول الجمهور . القول الثاني : ينعقد الإجماع بمخالفة الواحد والاثنين فقط دون ما زاد على ذلك ويكون قول الأكثر إجماعاً وحجةً وهو قول أبي بكر الرازي الحنفي المعروف بالجصاص وأبي الحسين الخياط من المعتزلة وابن حمدان من الحنابلة ، ومال إليه أبو محمد الجويني وحكاه الباجي عن ابن خويز منداد من المالكية ، وحكاه الفخر الرازي عن ابن جرير الطبري ، وذكر ابن قدامة والطوفي وغيرهما أن الإمام أحمد أومأ إليه في رواية ، وهو ظاهر صنيع ابن المنذر في كتابه الإجماع . القول الثالث : إذا بلغ المخالفون عدد التواتر لم ينعقد الإجماع وإن كانوا دون ذلك لم تضرّ مخالفتهم وينعقد الإجماع عندئذٍ وذكر الباقلاني أن هذا هو قول ابن جرير وحكاه القاضي عبد الوهاب عن أبي الحسين الخياط . ( وذلك لأن ما دون عدد التواتر يعتبر شاذاً لا حكم له وهذا مبني على قول من أثبت الإجماع بالعقل وأنه يشترط في المجمعين بلوغ عدد التواتر كذا خرَّجه الطوفي ) القول الرابع : أن المخالفة تضرَّ إن كان المخالف قد خالف فيما يسوغ فيه الاجتهاد كمخالفة ابن عباس _ رضي الله عنهما _ في العول ، أما إذا كانت مخالفته لا يسوغ فيها الاجتهاد كأن يخالف نصاً فهنا لا عبرة بقوله وينعقد الإجماع وذلك كمخالفة ابن عباس _ رضي الله عنهما _ في ربا الفضل ، وبهذا قال أبو عبد الله الجرجاني والسرخسي وحكي عن الجصاص ( والحجة في ذلك أنه يعتبر شاذاً لا يلتفت لقوله إن كان خلافه لا يسوغ ) القول الخامس : أنه إذا خالف البعض فإن قول الأكثر لا يكون إجماعاً لكنه يكون حجةً وبهذا قال ابن الحاجب المالكي وابن بدران من الحنابلة . ( وذلك لأن إصابة الأكثر أكثر من خطئهم فيكون ظنياً كخبر الواحد والقياس ) القول السادس : أن قول الأكثر إجماع في غير أصول الدين أما في أصول الدين فلا بد من اتفاق الكل نقله القرافي عن ابن الأخشاد من المعتزلة .( وذلك لأن الخلاف في أصول الدين مؤثر بخلاف الفروع ) أدلة الأقوال : ( الذي يهمنا من الأقوال السابقة القول الأول والثاني ولذا سنكتفي بذكر أدلتهما فقط وأما بقية الأقوال فقد سبق ذكر وجه الاحتجاج عندهم ) : أدلة القول الأول : استدل الجمهور لاشتراط اتفاق الكل في الإجماع بأدلة منها : 1 – عموم أدلة حجيَّة الإجماع كقوله تعالى : ومن يشاقق الرسول من بعد ماتبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين وقوله : " لا تجتمع أمتي على ضلالة " ، و الأكثر ليسوا كل المؤمنين ، وليسوا كل الأمة . 2 – أنه قد حصل مثل ذلك في زمن الصحابة وانفرد بعض الصحابة بأقوال خالفوا فيها الأكثر ولم ينكر أحدٌ ذلك عليهم بل سوَّغوا لهم الاجتهاد ، ولو كان قول الأكثر إجماعاً لأنكروا عليهم المخالفة ومن ذلك : أ – انفرد ابن عباس _ رضي الله عنهما _ عن أكثر الصحابة في بعض المسائل كالقول بجواز المتعة وجواز ربا الفضل وبعض مسائل الفرائض كقوله بعدم العول ، وفي العمريتين ، وعدم حجب الأم بأقل من ثلاثة إخوة وغيرها . ب – انفرد أبو موسى الأشعري بقوله بعدم نقض الوضوء بالنوم ذكره ابن عبد البر وغيره . ج – انفرد ابن مسعود ببعض المسائل في الفرائض مثل : حجب الزوجين والأم بالولد والإخوة وإن كانوا عبيداً أو كفاراً أو قاتلين ، وجعل الباقي بعد فرض البنات لبني الابن دون بنات الابن وغيرها . 3 – أن الحق ربما يكون مع الواحد بخلاف قول الأكثر وقد خالف أبو بكر رضي الله عنه الصحابة في قتال مانعي الزكاة وكان قوله هو الحق وقد رجعوا إلى قوله ، وكذا خالف عمر في أسرى بدر وكان الحق معه . 4 – أن يقال إنه قد اعتد بخلاف الثلاثة عندكم فما الفارق بين الاثنين والثلاثة وعدد المجتهدين قد يقل وقد يكثر فربما تكون نسبة الاثنين في بعض العصور للمجتهدين أكثر من نسبة الثلاثة والأربعة إليهم في عصر آخر . أدلة القول الثاني : استدلوا بأدلة منها : 1 – أن الكل يطلق في اللغة ويراد به الأكثر فـ( المؤمنون ) و ( الأمة ) يصحُّ اطلاقهما على الأكثر كما يقال : بنو تميم يحمون الجار ويكرمون الضيف والمراد الأكثر ويقال : هذا ثور أسود وإن كان فيه شعرات بيض . ويجاب عنه : بأن هذا الاطلاق هو من باب المجاز ، والأصل في الاطلاق الحقيقة فيجب حمل لفظ ( المؤمنين ) و ( الأمة ) عليها ، ولذلك لو شذ واحد عن الجماعة صح أن يقال عن البقية : ليس هم كل الأمة ولا كل المؤمنين . 2 – استدلوا بالنصوص التي تذم الشذوذ وتثني على الكثرة والجماعة نحو : - قوله : " إن يد الله مع الجماعة فاتبعوا السواد الأعظم فإن من شذَّ شذَّ في النار " أخرجه الحاكم في المستدرك عن ابن عمر رضي الله عنهما . - وقوله : " الشيطان مع الواحد و هو عن الاثنين أبعد " أخرجه الترمذي والحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما وأخرجه عبد الرزاق والبغوي في تفسيره عن عمر رضي الله عنه. وأجيب عنه بجوابين : الأول : أن المراد بالسواد الأعظم جميع أهل العصر وإلا لقال أعظم السواد أو سواد الأعظم ، والجماعة الإمام ومن معه فالمراد بالشذوذ هو الخروج على الإمام كفعل الخوارج ، والشذوذ _ علماً أن زيادة " من شذ " ضعيفة _ هو المخالفة بعد الموافقة ولذلك يقال شذ البعير وندَّ إذا توحش بعد ما كان أهلياً . الثاني : أنه قد ورد نصوص أخرى تذم الكثرة أيضاً كقوله تعالى : وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله وقوله : وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ووردت نصوص تمدح القلة كقوله تعالى : وقليل من عبادي الشكور وقوله تعالى : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم . 3 - أن الأمة اعتمدت في خلافة أبي بكر _ رضي الله عنه _ على انعقاد الإجماع عليه لما اتفق عليه الأكثرون ، وإن خالف في ذلك جماعة كعلي وسعد بن عبادة رضي الله عنهما ، ولولا أن إجماع الأكثر حجة مع مخالفة الأقل لما كانت إمامة أبي بكر ثابتة بالإجماع . وأجيب عنه بجوابين : الأول : عدم التسليم بأنه لم يحصل إجماع من الصحابة على خلافة أبي بكر بل حصل الإجماع عليها ، ومن تأخر من الصحابة فهو لعذر مع إظهار الموافقة بعد ذلك وقد نقل الإجماع غير واحد منهم أبو الحسن الأشعري والبيهقي والصابوني والجويني وابن قدامة والقرطبي وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير وغيرهم . الثاني : لا يشترط في انعقاد البيعة بالإمامة اتفاق الكل بل يكفي قول أهل الحل والعقد ويكون عامة الناس بعد ذلك تبع لهم كما فعل الصحابة رضي الله عنهم وقد نص على هذا العلماء في كتب الإمامة والأحكام السلطانية . 4 - أن خبر الواحد بأمر لا يفيد العلم وخبر الجماعة إذا بلغ عددهم عدد التواتر يفيد العلم فليكن مثله في باب الاجتهاد والإجماع . وأجيب عنه بجوابين : الأول : أنه إن كان صدق الأكثر فيما يخبرون به عن أمر محسوس مفيد للعلم فلا يلزم مثله في الإجماع الصادر عن الاجتهاد فالقياس مع الفارق والعلم الحاصل بالإجماع إنما هو باتفاق الكل لا الأكثر . الثاني : لو كان كل من أفاد خبره العلم يكون قوله إجماعاً محتجا به _ كما تقولون _ لوجب أن يكون إجماع كل أهل بلد محتجاً به مع مخالفة أهل البلد الآخر لهم ؛ لأن خبر أهل كل بلد يفيد العلم . 5 - أن الكثرة يحصل بها الترجيح في رواية الخبر فليكن مثله في الاجتهاد . وأجيب عنه : بأن هذا قياس مع الفارق إذ يلزم على قولكم أن يكون قول الواحد وحده إجماعاً كما أن روايته وحده مقبولة . 6 - أنه لو اعتبرت مخالفة الواحد والاثنين لما انعقد الإجماع أصلا ؛ لأنه ما من إجماع إلا ويمكن مخالفة الواحد والاثنين فيه إما سراً وإما علانية . وأجيب عنه بجوابين : الأول : بأن الاحتجاج بالإجماع إنما يكون حيث علم الاتفاق من الكل إما بصريح المقال أو قرائن الأحوال ، وذلك ممكن كما يمكنكم العلم باتفاق الأكثر ، وإلا لزم أن لا يقع اتفاق مطلقاً لا اتفاق الكل ولا الأكثر لعدم إمكان العلم بهما . الثاني : يقال : لو اعتبرتم مخالفة الثلاثة والأربعة والخمسة لما انعقد إجماع وهكذا فيلزمكم في هذا ما يلزمكم في عدم الاعتداد بالواحد والاثنين . 7 – أن الصحابة أنكروا على من انفرد عن قول الأكثر كما حصل من إنكار عائشة رضي الله عنها لزيد بن أرقم في مسألة بيع العينة فيما رواه البيهقي في السنن الكبرى وأنكروا على ابن عباس رضي الله عنهما قوله في المتعة وقوله بجواز ربا الفضل . وأجيب عنه : أن هذا الإنكار حصل بسبب مخالفة النص الصحيح الصريح في الحكم لا بسبب مخالفة قول الأكثر . الترجيح : ما ذهب إليه الجمهور هو الراجح في هذه المسألة لقوة ما استدلوا به والله أعلم . يتبع بقية المسائل .. التعديل الأخير تم بواسطة طويلب علم مبتدئ ; 04 / 01 / 2010 الساعة 13 : 01 PM | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04 / 01 / 2010, 15 : 01 PM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح لا إجماع إلا عن مستند عند عامة العلماء _ خلافاً لمن شذَّ في ذلك _ وذلك لأن القول في الشرع بدون دليل خطأ ، وقول على الله بغير علم وهو منهيٌ عنه ، ولذا اشترط في المجمعين أن يكونوا من أهل الاجتهاد العارفين بالأدلة ومسائل الفقه ، ثم إنه يستحيل عادة أن يتفقوا على حكم بدون دليل يقتضيه وذلك لاختلاف الأفهام والعقول والآراء . إذا علم هذا فإن المستند قد يكون قرآناً أو سنة متواترة وهذا لا خلاف في جوازه بين العلماء وإنما اختلفوا في جواز كون المستند خبر آحاد أو قياساً وسوف نجعلهما في مسألتين : الأولى : كون مستند الإجماع خبر آحاد : اختلف في كون مستند الإجماع خبر آحاد على قولين : القول الأول : لا يجوز أن يكون مستند الإجماع خبر آحاد وهو قول ابن جرير الطبري والقاشاني من الظاهرية . القول الثاني : يجوز أن يكون مستند الإجماع خبر آحاد وهو قول الجمهور . أدلة القولين : دليل القول الأول : استدل المانعون من كون مستند الإجماع خبر آحاد : بأن الإجماع الموجب للعلم قطعاً لا يصدر عن دليلٍ ظني كخبر الآحاد ؛ فإن خبر الآحاد لا يوجب العلم القطعي فما يصدر عنه كيف يكون موجباً لذلك . ويجاب عنه بأجوبة : الأول : عدم التسليم بأن خبر الآحاد يفيد الظن مطلقاً بل ربما أفاد الظن ، وربما أفاد العلم حسب القرائن التي تحتف به . الثاني : أن الإجماع حجة شرعاً باعتبار عينه لا باعتبار دليله فمن يقول : الإجماع لا بد أن يستند إلى دليلٍ موجب للعلم فإنه يجعل الإجماع لغواً والعلم _ عنده _ يثبت بذلك الدليل فلا فرق بينه وبين من ينكر كون الإجماع حجة أصلاً . الثالث : أن خبر الآحاد وإن لم يكن موجباً للعلم بنفسه _ كما يقولون _ فإذا تأيد بالإجماع يكون كما لو تأيد بآية من كتاب الله أو بإقرار النبي على ذلك فيصير موجباً للعلم من هذا الطريق قطعاً . أدلة القول الثاني : استدل الجمهور لجواز كون مستند الإجماع خبر الآحاد بما يلي : 1 – إن من أقوى ما يدل على جوازه وقوعه إذ حصل الإجماع مستنداً إلى خبر آحاد في بعض المسائل ومن ذلك : أ – الإجماع على وجوب الغسل بالتقاء الختانين وقد ثبت بخبر آحاد وهو حديث عائشة _ رضي الله عنها _ في الصحيحين . ب – الإجماع على توريث الجدة السدس وقد جاء بخبر آحاد وهو حديث المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة _ رضي الله عنهما _ عند أبي داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم والدارقطني وهو منقطع كما قال ابن عبد البر وابن حزم وعبد الحق ( و له شواهد من حديث معقل بن يسار عند الدارقطني والطبراني في الكبير وابن عباس رضي الله عنهما عند ابن أبي شيبة في المصنف وبريدة عند أبي داود وابن أبي شيبة وابن الجارود في المنتقى والبيهقي في السنن الكبرى ). ج – الإجماع على تحريم بيع الطعام قبل القبض وقد ثبت بخبر آحاد وهو حديث ابن عمر _ رضي الله عنهما _ عند مسلم . 2 – أنه لو اشترط كون المستند قطعياً فلا فائدة من الإجماع إلا تأكيد الحكم وهو ليس مقصوداً أصلياً ؛ لأن الحكم يثبت بذلك الدليل القطعي ويقطع بصحته بينما لو كان المستند ظنياً فالإجماع يفيد إثبات حكم قطعي ويقوي المستند . الترجيح : الراجح في هذه المسألة هو قول الجمهور وهو جواز كون مستند الإجماع خبر آحاد والله أعلم . الثانية : كون مستند الإجماع قياساً : اختلف في جواز كون مستند الإجماع قياساً على ثلاثة أقوال : القول الأول : لا يجوز أن يكون مستند الإجماع قياساً وهو قول الظاهرية _ ومنهم القاشاني _ والشيعة وابن جرير الطبري . القول الثاني : يجوز أن يكون مستند الإجماع قياساً وهو قول الجمهور . القول الثالث : يجوز أن يكون مستند الإجماع القياس إذا كان القياس جلياً ولا يجوز إن كان القياس خفياً . أدلة الأقوال : أدلة القول الأول : استدل المانعون من كون القياس مستند الإجماع بأدلة منها : 1 – أنه لا يخلو عصر من أن يكون فيه جماعة من أهل العلم ينفون حجية القياس وهذا يمنع من انعقاد الإجماع مستنداً إلى القياس . وأجيب عنه بأن المنع من حجية القياس لم يقل به أحد في العصر الأول وإنما ظهر الخلاف فيه بعد ذلك عند الظاهرية ومن وافقهم . وأجاب بعضهم بأن من ينكر حجية القياس لا عبرة بخلافه . 2 - أن القياس أمر ظني والناس يختلفون في أفهامهم وإدراكهم فيستحيل اتفاقهم على إثبات الحكم بالقياس كما يستحيل اتفاقهم على أكل طعام واحد في وقت واحد لاختلاف أمزجتهم . وأجيب عنه بجوابين : الأول : أن القياس إذا ظهر وعُدِم التشهي والهوى فلا يبعد اتفاق العقلاء عليه لاسيما عند المجتهدين العالمين بأسرار الشرع وحِكَمِه وعلله وقواعده . الثاني : أن قياسه على اتفاقهم على طعام واحد قياس مع الفارق ؛ لأن اختلاف أمزجتهم موجب لاختلاف أغراضهم وشهواتهم ولا داعي لهم إلى الاجتماع عليه بخلاف الحكم الشرعي وجد الداعي لهم عند ظهور القياس إلى الحكم بمقتضاه . 3 - أن الإجماع دليل مقطوع به حتى إن مخالفه يبدع ويفسق ، والقياس ظني ولا يبدع مخالفه ولا يفسق وذلك مما يمنع إسناد الإجماع إليه . وأجيب عنه بجوابين : الأول : أن القياس بعد الاتفاق على ثبوت حكمه يصبح قطعياً لا ظنياً . الثاني : أن قولهم هذا منقوضٌ بقولهم بجواز استناد الإجماع إلى خبر الآحاد ( وهذا الجواب موجهٌ لجمهور الظاهرية فقط الذين يجيزون انعقاد الإجماع مستنداً إلى خبر الآحاد ) 4- أن الإجماع أصلٌ من أصول الأدلة ، وهو معصوم عن الخطأ ، والقياس فرعٌ وعرضةٌ للخطأ واستناد الأصل المعصوم للفرع المعرض للخطأ ممتنع . وأجيب عنه بجوابين : الأول : أن القياس فرع للكتاب والسنة وليس فرعاً للإجماع . الثاني : أن القياس الذي أجمع عليه يكون قطعياً وعندها لا يكون عرضةً للخطأ . 5 - أن الإجماع منعقد على جواز مخالفة المجتهد فلو انعقد الإجماع عن اجتهاد أو قياس لحرمت المخالفة الجائزة بالإجماع وذلك تناقض . وأجيب عنه بأن الإجماع على جواز مخالفة المجتهد المنفرد باجتهاده كالواحد والاثنين لا مخالفة اجتهاد الكل . أدلة القول الثاني : استدل الجمهور لجواز استناد الإجماع إلى القياس بأدلة منها : 1 – أقوى الأدلة على جوازه هو وقوعه فقد حصل الإجماع مستنداً إلى القياس والاجتهاد في مسائل منها : أ - أن الصحابة أجمعوا على إمامة أبي بكر من طريق الاجتهاد والرأي وقاسوا إمامته على تقديم النبي له في الصلاة حال مرضه . ب – وأجمع الصحابة أيضاً على قتال مانعي الزكاة بطريق الاجتهاد حتى قال أبو بكر : " والله لا فرقت بين ما جمع الله قال الله : أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " ج - وأجمعوا على تحريم شحم الخنزير قياساً على تحريم لحمه . د - وأجمعوا على إراقة الشيرج والدبس السيال إذا وقعت فيه فأرة وماتت قياساً على فأرة السمن . هـ - وأجمعوا في زمن عمر على حدِّ شارب الخمر ثمانين بالاجتهاد حتى قال علي : " إنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى فأرى أن يقام عليه حد المفترين " أخرجه مالك والشافعي وعبد الرزاق في المصنف والحاكم في المستدرك والبيهقي والدارقطني. وقال عبد الرحمن بن عوف : " هذا حد وأقل الحدود ثمانون " رواه مسلم من حديث أنس . و - وأجمعوا أيضاً بطريق الاجتهاد على جزاء الصيد ومقدار أرش الجناية ومقدار نفقة القريب وعدالة الأئمة والقضاة ونحو ذلك . ز – وأجمعوا على توريث البنتين الثلثين قياساً على الأختين . ح – وأجمعوا على جواز صيد ما عدا الكلب من الجوارح قياساً على الكلب ..وغير ذلك من المسائل . 2 – أنه لا يوجد ما يمنعه أو يحيله وقد وجد إجماع العدد الكثير من الخلق الذي يزيد على عدد التواتر على أحكامٍ باطلة لا تستند إلى دليلٍ قطعي ولا ظني فانعقاده عن طريق دليل ظني ظاهر من باب أولى . 3 – عموم الأدلة التي تثبت حجية الإجماع حيث لم تفرق بين كون مستند الإجماع قطعياً أو ظنياً فاشتراط كون المستند قطعياً تقييد لهذه النصوص من غير دليل . أدلة القول الثالث : استدل من يفرق بين القياس الجلي والخفي بكون القياس الجلي يوجب الحكم قطعاً فلا يترتب عليه أي محظور بخلاف القياس الخفي . ويجاب عنه بأنه لا يشترط _ كما سبق _ كون المستند قطعياً . الترجيح : الراجح في هذه المسألة هو قول الجمهور لما ذكروه من أدلة والله أعلم . المسألة السادسة : اشتراط انقراض العصر في الإجماع : المقصود بانقراض العصر أي : ( موت جميع المجتهدين الذين أجمعوا على حكم مسألة شرعية ) فهل يشترط لانعقاد الإجماع أن يموت جميع المجتهدين الذين أجمعوا على المسألة أو أنه ينعقد الإجماع مباشرة بعد اتفاقهم فلا يجوز بعد ذلك لهم ولا لغيرهم المخالفة ؟ اختلف في هذه المسألة على أقوال : القول الأول : يشترط انقراض العصر لصحة انعقاد الإجماع فيجوز رجوع المجتهد عن قوله قبل موتهم ولا تحرم في حقه المخالفة وبهذا قال أحمد في ظاهر كلامه واختاره ابن فورك وسليم الرازي من الشافعية ونسبه السرخسي للشافعي . القول الثاني : لا يشترط انقراض العصر في الإجماع مطلقاً وهو قول الجمهور وأكثر الأصوليين والفقهاء والمتكلمين وهو الرواية الثانية عن الإمام أحمد . القول الثالث : إذا كان مستند الإجماع ظنياً كالقياس وخبر الآحاد فلا يكون حجة حتى يطول الزمان وتتكرر الواقعة ولو طال الزمان ولم تتكرر فلا أثر له وبه قال الجويني . القول الرابع : انقراض العصر شرطٌ في الإجماع إذا كان الإجماع سكوتياً ولا يشترط في الإجماع القولي أو الفعلي وهو قول الآمدي وحكي عن أبي علي الجبائي من المعتزلة و هوقول أبي منصور البغدادي و ذكره الجويني عن أبي اسحق الأسفراييني من الشافعية . ( وسيأتي بيان ذلك في الإجماع السكوتي ) القول الخامس : أن انقراض العصر شرطٌ في الإجماع إن بقي من المجمعين عدد التواتر أما إن نقصوا عن عدد التواتر فلا عبرة ببقائهم حكاه بعض الشافعية . القول السادس : أن انقراض العصر شرطٌ في إجماع الصحابة فقط . أدلة الأقوال : ( سوف نكتفي بذكر أدلة القولين الأولين فقط لأهميتهما وأما بقية الأقوال فوجه احتجاج أصحابها ظاهر من القول ) : أدلة القول الأول : استدل أصحاب القول الأول بأدلة منها : 1 – قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس وجه الاستدلال : أن الله _ تبارك وتعالى _ جعلهم حجة على الناس ، ومن جعل إجماعهم مانعاً لهم من الرجوع فقد جعلهم حجة على أنفسهم . ويجاب عنه بجوابين : الأول : أن المراد بجعلهم شهداء على الناس في يوم القيامة بإبلاغ الأنبياء إليهم فلا يكون ذلك حجة فيما نحن فيه . الثاني : أن قبول شهادتهم على أنفسهم ربما يكون أولى من قبوله على غيرهم لعدم التهمة ويكون هذا من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى . 2 – استدلوا بالآثار عن الصحابة ومنها : أ - عن عبيدة السلماني قال : قال علي بن أبي طالب : " استشارني عمر بن الخطاب في بيع أمهات الأولاد فرأيت أنا وهو أنها عتيقة ، فقضى بها عمر حياته وعثمان _ رضي الله عنهما _ بعده فلما وليت أنا رأيت أن أرقهن " ، قال : فأخبرني محمد بن سيرين أنه سأل عبيدة عن ذلك فقال : أيهما أحبُّ إليك ؟ قال : " رأي عمر وعلي _ رضي الله عنهما _ جميعاً أحب إلي من رأي علي حين أدرك الاختلاف " أخرجه البيهقي في سننه وعبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما . وقول عبيدة دليل سبق الإجماع . ب - أن عمر خالف ما كان عليه أبو بكر والصحابة في زمانه من التسوية في القسم وأقره الصحابة أيضا على ذلك أخرجه أحمد في الزهد . ج - أن عمر حدَّ شارب الخمر ثمانين وخالف ما كان أبو بكر والصحابة عليه من الحدّ أربعين أخرجه مسلم في صحيحه . وأجيب عن هذه الآثار بما يلي : أما أثر علي في بيع أمهات الأولاد فيجاب عنه بجوابين : الأول : أن علياً لم يخالف الإجماع وإنما هو قوله وقول عمر فقط ولذا قال : " اتفق رأيي ورأي عمر " ولم يقل رأي الجميع فهو خالف قول عمر فقط وقد خالف عمر أيضاً ابن عباس وابن الزبير _ رضي الله عنهم _ كما عند عبد الرزاق في المصنف فدل ذلك على أنهم لم يجمعوا . الثاني : لو سُلِّم أن علياً خالف الإجماع فيحتمل أن يكون يرى اشتراط انقراض العصر لكنه ليس قول الجميع . وأما أثر عمر في التسوية فلم يحصل أيضاً اتفاق بل خالف عمر في زمن أبي بكر _ رضي الله عنهما _ وناظره فقال له : " يا خليفة رسول الله تسوي بين أصحاب بدر وسواهم من الناس ؟ فقال أبو بكر : إنما الدنيا بلاغ وخير البلاغ أوسعه وإنما فضلهم في أجورهم " ولم يرو أن عمر رجع إلى قول أبي بكر فلا يمتنع أنه كان يرى التفضيل فلما صار الأمر إليه فضل . وأما أثر عمر في حدّ شارب الخمر فيجاب عنه بجوابين : الأول : أن فعل عمر والزيادة في الحدّ كانت من باب التعزير لا الحدّ ، على أنه وقع خلاف هل ما فعله النبي في شارب الخمر هو من باب الحد أولا ؛ لأن الحد مقدر وحديث أنس يدل على عدم التقدير . الثاني : أن غاية ما فيه أن يكون خالف الإجماع السكوتي وربما يقال باشتراط انقراض العصر فيه لا مطلقاً . 3 - أن إجماعهم ربما كان عن اجتهاد وظن ولا حجر على المجتهد إذا تغير اجتهاده وإلا كان الاجتهاد مانعاً من الاجتهاد وهو ممتنع . وأجيب عنه : أن الحكم بعد الإجماع أصبح قطعياً والقطعي يمتنع الرجوع عنه باجتهاد ظني . 4 - أنه لو لم تعتبر المخالفة في عصرهم لبطل مذهب المخالف لهم في عصرهم بموته ؛لأن من بقي بعده كل الأمة وذلك خلاف الإجماع . وأجيب عنه بجوابين : الأول : أن بعض الأصوليين ذهب إلى إبطال مذهب المخالف بموته وينعقد الإجماع بمن بقي . الثاني : أن القول بعدم بطلان قوله بموته وعدم انعقاد الإجماع بعده سببه أن من بقي ليسوا كل الأمة بالنسبة إلى هذه المسألة التي خالف فيها الميت فإن فتواه لا تبطل بموته وهذا بخلاف مسألتنا ؛ إذ وجد كل الأمة مع عدم المخالف فإذا انعقد الإجماع فلا عبرة بما يحدث بعده . 5 – القياس على قول النبي حيث وفاته شرط في استقرار الحجة فاشتراط ذلك في استقرار قول الجماعة أولى . وأجيب عنه بجوابين : الأول : لا نسلِّم أن قول النبي لا تستقر حجيته إلا بعد موته بل هو حجة في حياته . الثاني : لو سُلِّم أنه لا يستقر إلا بعد موته فهو قياس مع الفارق ؛ إذ قول النبي معرضٌ للنسخ بوحي قاطع وهو جائز ، بخلاف رفع حكم الإجماع القاطع بطريق الاجتهاد . 6 - أنه يلزم على عدم الاشتراط أنه لو تذكر أحدهم أو كلهم حديثاً عن رسول الله على خلاف إجماعهم فإن جاز رجوعهم إليه كان الإجماع الأول خطأ ، وإن لم يجز الرجوع كان استمرارهم على الحكم مع ظهور ما يناقضه خطأ أيضاً ، ولا مخلص عندئذٍ إلا باشتراط انقراض العصر . ويجاب عنه بثلاثة أجوبة : الأول : أن فرضكم هذا محال ؛ لأن الأمة معصومة من الإجماع على خلاف الخبر . الثاني : لو قدِّر حصول ذلك فإنه لا يعمل بالخبر وذلك لأن الإجماع القاطع دلَّ على خلافه . الثاني : أن هذا الفرض وارد حتى بعد الانقراض فجوابكم هنا هو جوابنا . أدلة القول الثاني : استدلَّ الجمهور لعدم اشتراط انقراض العصر في الإجماع بأدلة منها : 1 – عموم أدلة الإجماع كقوله تعالى : ويتبع غير سبيل المؤمنين وقوله : " لا تجتمع أمتي على ضلالة " حيث لم تقيد ذلك باشتراط انقراض العصر فالأصل أن تبقى على عمومها حتى يرد ما يقيدها أو يخصصها . 2 – أن حقيقة الاتفاق حصلت باتفاقهم وهو الحجة ودوام ذلك خارج عن حقيقته . 3 – أنه حصل احتجاج الصحابة والتابعين بإجماع الصحابة في عصر الصحابة وفي أواخر عصرهم ، ولو كان شرطاً لم يجز ذلك . 4 – لو اشترط انقراض العصر في الإجماع لم يحصل إجماع وذلك لترابط العصور وتلاحق المجمعين . الترجيح : الراجح في هذه المسألة هو قول الجمهور لقوة ما استدلوا به والله أعلم . يتبع ... | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04 / 01 / 2010, 18 : 01 PM | المشاركة رقم: 4 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح صورة المسألة : إذا اتفق الصحابة على قول وكان في عصرهم تابعي قد بلغ رتبة الاجتهاد فخالفهم في المسألة فهل يعتد بخلافه أو ينعقد الإجماع بقول الصحابة ولا يلتفت لخلاف التابعي ؟ أولاً : إذا بلغ التابعي رتبة الاجتهاد بعد انعقاد الإجماع فهنا من يشترط انقراض العصر في الإجماع يرى أن بلوغ التابعي رتبة الاجتهاد بعد إجماع الصحابة يجعل قوله معتداً به ، ومن لا يشترط انقراض العصر فلا يعتد ببلوغ التابعي رتبة الاجتهاد بعد إجماعهم لأنه محجوج بالإجماع المتقدم . ثانياً : إذا بلغ التابعي رتبة الاجتهاد قبل انعقاد الإجماع فهنا وقع الخلاف على قولين : القول الأول : أنه لا يعتد بالتابعي المجتهد مع الصحابة وهو إحدى الروايتين عن أحمد أومأ إليه في رواية أبي الحارث ورواية القواريري واختاره الحلواني والخلال والقاضي أبو يعلى في العدة من الحنابلة وهو قول بعض الشافعية وداود وإسماعيل بن علية . والرواية التي أومأ فيها أحمد إلى هذا القول هي رواية أبي الحارث في مسألة الصلاة بين التراويح : قال أبو الحارث سئل أحمد : إلى أي شيء تذهب في ترك الصلاة بين التراويح ؟ فقال أحمد : ضرب عليها عقبة بن عامر ونهى عنها عبادة بن الصامت . فقيل له : يُروى عن سعيد والحسن أنهما كانا يريان الصلاة بين التراويح ؟ فقال أحمد : أقول لك أصحاب رسول الله وتقول التابعين ؟! وقد ذكر كراهة أحمد للصلاة بين التراويح ابن هاني في مسائله ( 1 / 97 ) وابن قدامة في المغني ( 2 / 170 ) وذكر ابن قدامة عن أحمد أنه قول ثلاثة من الصحابة عبادة وأبي الدرداء وعقبة بن عامر رضي الله عنهم . ينظر أثر عبادة في مصنف ابن أبي شيبة ( 2 / 399 ) وكذا رواية أبي الحارث في مسألة قتل الجماعة بالواحد : قال أبو الحارث : سئل أحمد عند عدد قتلوا واحداً ؟ فقال : يقادون به يروى عن عمر وعلي . فقيل : يروى عن بعض التابعين أنه لا يقتل اثنان بواحد ؟ فقال : ما يصنع بالتابعين ؟! ( وأثر عمر رواه عنه مالك في الموطأ وعبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما والبيهقي والدارقطني في سننهما ورواه البخاري معلقاً ، واثر علي رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما ) وروى أبو عبد الله القواريري _ كذا في كتاب العدة لأبي يعلى _ قال : سمعت أحمد يذاكر رجلاً فقال له الرجل : قال عطاء فقال : أقول لك قال ابن عمر وتقول قال عطاء من عطاء ومن أبوه ؟! القول الثاني : أن التابعي المجتهد يعتد به مع الصحابة وهو قول جمهور الأصوليين وهو الرواية الثانية عن أحمد أومأ إليها في رواية ابنه عبد الله وأبي الحسن بن هارون واختاره من الحنابلة تلميذا أبي يعلى ابن عقيل وأبو الخطاب واختاره ابن قدامة والقاضي أبو يعلى في بعض كتبه . ورواية أبي الحسن بن هارون في نظر العبد إلى شعر مولاته قال أحمد : لا ينظر العبد إلى شعر مولاته واحتج بقول سعيد بن المسيب وترك قول ابن عباس رضي الله عنهما : " لا بأس أن ينظر العبد على شعر مولاته " . وقد روي هذا القول عن أحمد ابنه عبد الله وأبو طالب ، وذكر الخلال في كتاب غض البصر من الجامع أن أحمد قدم قول سعيد لضعف إسناد أثر ابن عباس ولو صح عنده لما تجاوزه إلى قول التابعين ورد هذا أبو يعلى وذكر أن أحمد قال عن إسناده ليس به بأس كما في رواية الأثرم ورجح أنه أخذ به لموافقته قول كثير من التابعين لا لضعفه ، وقد وافق سعيد بن المسيب عطاء ومجاهد والحسن والضحاك وغيرهم وأثر سعيد بن المسيب أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف عنه قال : لا تغرنكم هذه الآية إلا ما ملكت أيمانكم إنما عنى بها الإماء ولم يعن بها العبيد . أدلة القولين : أدلة القول الأول : 1 – قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً قالوا هذا خاص بالصحابة رضي الله عنهم فهم الذين يعتد بقولهم . 2 – وقوله تعالى : والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم الآية قالوا هذا فيه بيان فضيلة الصحابة وأن الواجب على التابعين ان يتبعوا الصحابة ولا يخالفوهم فكيف يعتد بخلافهم وقد أمروا باتباع الصحابة . 3 – حديث العرباض بن سارية في موعظة رسول الله وفيه قال : " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والدارمي وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن الكبرى وغيرهم وإسناده صحيح . قالوا فقد أمرنا أن نتبعهم ولا نخالفهم والتابعي داخل في هذا العموم فهو مأمور باتباعهم وتحرم عليه مخالفتهم . وأجاب الجمهور عن هذا الدليل بأجوبة : أحدها : أن هذا يلزم بقية الصحابة كذلك كالتابعي وأنتم لا تقولون به . الثاني : أن المراد سنة الخلفاء الأربعة مجتمعين لا على الإنفراد . الثالث : أن هذا خاص بالخلفاء الأربعة لا جميع الصحابة . الرابع : أن المراد بالاقتداء السير على منهاجهم في السياسة والدين والعبادة . الخامس : أن هذا في حال عدم ورود نص من الكتاب أو السنة والتابعي إذا اجتهد مستنداً إلى دليل من الكتاب أو السنة لم يجب عليه إتباعهم . 4 – حديث حذيفة أن النبي قال : " اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر " أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم ووجه الاستدلال به كالحديث السابق : وقد اعترض الجمهور على هذا الدليل بأجوبة : أحدها : الطعن في صحة الحديث فقد ضعفه البزار وابن حزم فالحديث رواه عبد الملك بن عمير عن ربعي عن حذيفة به وقد أعل بـ : - أنه منقطع بين عبد الملك وربعي وذلك أن الثوري رواه عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعي عن ربعي به وقد رجح أبو حاتم كما في العلل لابنه والترمذي في العلل الكبير رواية الثوري في ذكر مولى ربعي ، ومولى ربعي مجهول و اسمه هلال . - أنه منقطع بين ربعي وحذيفة فقد رواه وكيع ، عن سالم المرادي ، عن عمرو بن مرة ، عن ربعي ، عن رجل من أصحاب حذيفة ، عن حذيفة ، فتبين أن ربعياً لم يسمعه من حذيفة . وأجاب المحتجون بالحديث عن هذه العلل بأن ربعياً صرح بالسماع في بعض الروايات من حذيفة ، وذكر الواسطة بين ربعي وحذيفة من رواية سالم بن عبد الواحد المرادي الأنعمي وفيه كلام ضعفه ابن معين وقال أبو حاتم يكتب حديثه وقد وثقه العجلي وابن حبان . وأن الراجح رواية من روى الحديث بدون ذكر مولى ربعي وهو اختيار ابن عبد البر ، وذهب بعض المحدثين إلى أنه يمكن أن يكون عبد الملك سمع الحديث من ربعي ومولاه ، ومولى ربعي وثقه ابن حبان ، وقد سبق ذكر قول أبي حاتم والترمذي في الترجيح . والحديث حسنه الترمذي وقال العقيلي : وهذا يروى عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد جيد ثابت . الجواب الثاني : أن هذا يلزم بقية الصحابة كذلك كالتابعي وأنتم لا تقولون به . 5 – أن الصحابة رضي الله عنهم أنكروا على التابعين مخالفتهم للصحابة وهذا يدل على ان التابعي لا يعتد بقوله في مقابل أقوال الصحابة أفراداً فكيف إذا اجتمعوا ، ومن هذه الآثار : أ – أن عائشة رضي الله عنها قالت لأبي سلمة بن عبد الرحمن حينما خالف ابن عباس رضي الله عنهما في مسألة المتوفى عنها زوجها : " مثلك مثل الفروج يسمع الديكة تصرخ فيصرخ معها " ب – أنا عليا نقض حكم شريح القاضي كما في سنن البيهقي الكبرى عن حكيم بن عقال قال : أتى شريح في امرأة تركت ابني عميها أحدهما زوجها والآخر أخوها لأمها فأعطى الزوج النصف وأعطى الأخ من الأم ما بقى فبلغ ذلك عليا رضى الله عنه فأرسل إليه فقال : ادعوا لي العبد الأبظر فدعى شريح فقال : ما قضيت ؟ فقال : أعطيت الزوج النصف والأخ من الأم ما بقى فقال على رضى الله عنه : أبكتاب الله أم بسنة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال : بل بكتاب الله فقال : أين؟ قال شريح ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله ) فقال على رضى الله عنه : هل قال للزوج النصف ولهذا ما بقى؟ ثم أعطى على رضى الله عنه الزوج النصف والأخ من الأم السدس ثم قسم ما بقى بينهما " واجيب عن هذه الآثار بجوابين مجمل ومفصل . أما المجمل فهو أن هذه الآثار معارضة بآثار أخرى اعتد بها الصحابة بأقوال التابعين كما سيأتي . وأما المفصل فكما يلي : أما أثر عائشة فيذكره الأصوليون في كتبهم والصواب في الأثر هو ما رواه مالك في الموطأ والبيهقي في السنن الكبرى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه قال سألت عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها ما يوجب الغسل ؟ فقالت : " أتدرى ما مثلك يا أبا سلمة مثلك مثل الفروج تسمع الديكة تصيح فتصرخ معها إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل " . وليس في الأثر ذكر مناظرة أبي سلمة بن عبد الرحمن لابن عباس رضي الله عنهما وليست المسألة في المتوفى عنها زوجها وإنما هي في الغسل من التقاء الختانين ، واما مسألة المعتدة ومناظرة أبي سلمة لابن عباس فستأتي ولا ذكر فيها لقول عائشة رضي الله عنها ، ثم إن ذلك لو صح فيحمل على من أساء الأدب مع العلماء وهو صغير في العلم والسن ، ثم إن أبا هريرة وافق أبا سلمة في مسألة المتوفى عنها زوجها كما سيأتي . وأما أثر علي فإنما نقض حكم شريح لمخالفته نصوص القرآن والسنة الصريحة في تقديم الفرض على التعصيب . 6 - أن الصحابة شاهدوا التنزيل وهم أعلم بالتأويل وأعرف بالمقاصد وقولهم حجة على من بعدهم فهم مع التابعين كالعلماء مع العامة ولذلك قدمنا تفسيرهم . وأجيب عنه بأن بعض التابعين قد أدرك من هذه العلوم مثل ما أدرك الصحابة والصحيح أنه ليس قول الصحابي حجة على غيره ، ثم إنه لا يلزم فيمن بلغ رتبة الاجتهاد واعتد بقوله أن يكون حضر التنزيل وسمع الوحي مشافهة ، ثم إن هذه الصفات المذكورة يتفاوت فيها الصحابة بناء على طول الصحبة وعليه فيلزمهم أن يفرقوا بين من طالت صحبته ومن لم تطل فلا يعتد بالثاني مع الأول وهم لا يقولون بذلك . أدلة القول الثاني : 1 – أن تعريف الإجماع وعموم أدلة الإجماع تنطبق عليهم فالتابعي إذا بلغ رتبة الاجتهاد يدخل في عموم قوله تعالى : ويتبع غير سبيل المؤمنين وقوله " لا تجتمع أمتي على ضلالة " فهو داخل ضمن المؤمنين وضمن الأمة . 2 – إجماع الصحابة رضي الله عنهم على الاعتداد بأقوال التابعين وهذا حصل من مجموعة من الآثار عن الصحابة تدل على ذلك ومنها : أ – ما رواه ابن ابي شيبة في المصنف وابن سعد في الطبقات أن أنس بن مالك سئل عن مسألة فقال عليكم بمولانا الحسن فاسئلوه فقالوا نسألك يا أبا حمزة وتقول سلوا مولانا الحسن فقال إنا سمعنا وسمع فنسينا وحفظ " ب – ما رواه ابن سعد في الطبقات أن ابن عمر سئل عن فريضة ، فقال : " سلوا سعيد بن جبير ، فإنه أعلم بالحساب مني وهو يفرض منها ما أفرض " ج – روى البخاري ومسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : جاء رجل إلى ابن عباس وأبو هريرة جالس عنده فقال أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة ؟ فقال ابن عباس آخر الأجلين قلت أنا { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } . قال أبو هريرة أنا مع ابن أخي يعني أبا سلمة فأرسل ابن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمة يسألها فقالت قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى فوضعت بعد موته بأربعين ليلة فخطبت فأنكحها رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان أبو السنابل فيمن خطبها " فهنا أقر ابن عباس وأبو هريرة مخالفة أبي سلمة ولم ينكرا عليه . أن علياً ولى شريحاً القضاء وكان يقضي أحيانا بما يخالف رأيه في الأحكام ولم ينكر عليه . هـ - وكان سعيد بن المسيب يفتي في المدينة وعطاء بن أبي رباح في مكة وأصحاب ابن مسعود في الكوفة والحسن البصري وجابر بن زيد في البصرة كل ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر ذلك أحد منهم . 3 – إجماع كبار الصحابة على الاعتداد بأقوال صغار الصحابة يوجب قبول قول المجتهد من التابعين وبيان ذلك أن عدم الاعتداد بقول التابعي إما أن يكون بسبب الفضيلة أو بسبب العلم فإن كان بسبب الفضيلة فصغار الصحابة أقل فضلا من كبارهم فينبغي أن لا يعتد بقول ابن عباس وأنس مع أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وإن كان بسبب العلم فالتابعون المجتهدون كذلك قد بلغوا مرتبة الاجتهاد فينبغي أن يعتد بهم . الترجيح : الأظهر _ والله أعلم _ أن التابعي إذا بلغ رتبة الاجتهاد اعتد بقوله في الإجماع مع الصحابة . المسألة الثامنة : اتفاق الخلفاء الأربعة _ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم _ هل يعتبر إجماعاً أو لا ؟ اختلف في هذه المسألة على ثلاثة أقوال : القول الأول : أن قول الخلفاء الأربعة إجماعٌ وحجة ، وهو رواية عن أحمد حكاها عنه إسماعيل بن سعيد ، وبه قال أبو حازم من الحنفية وابن البنا من الحنابلة . القول الثاني : أن قول الخلفاء الأربعة حجة وليس بإجماع ، وهو رواية عن أحمد ، وقد حمل بعض الحنابلة _ كابن قدامة وابن بدران _ الرواية الأولى عن أحمد على الحجية لا الإجماع ، وهو قولٌ للشافعي واختاره ابن تيمية وابن القيم . القول الثالث : أن قول الخلفاء الأربعة ليس بحجة ولا بإجماع وهو قول الجمهور ، وهو الرواية الثالثة عن أحمد . أدلة الأقوال : أدلة القول الأول والثاني : استدلوا بحديث العرباض بن سارية أن النبي قال : " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة " أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه الترمذي والحاكم وأبو نعيم وابن تيمية والعلائي وغيرهم . وجه الاستدلال : أن النبي أمر باتباع الخلفاء الراشدين _ وهم الخلفاء الأربعة لقوله : " الخلافة ثلاثون سنة " _ والأمر للوجوب . أدلة القول الثالث : استدلوا بعموم أدلة الإجماع كقوله تعالى : ويتبع غير سبيل المؤمنين وقوله : " لا تجتمع أمتي على ضلالة " إذ تدلُّ على أنه لا بد من اتفاق جميع المؤمنين وجميع الأمة والخلفاء الأربعة ليسوا كل المؤمنين وليسوا كل الأمة . الترجيح : الراجح في هذه المسألة أن قول الخلفاء الأربعة لا يعتبر إجماعاً لما ذكر الجمهور لكن قولهم يعتبر حجةً عند كثير من أهل العلم لحديث العرباض بن سارية ولغيره من الأدلة ، وسبق ذكر ما يتعلق بذلك في مبحث حجية قول الصحابي . يتبع إن شاء الله تعالى .. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04 / 01 / 2010, 19 : 01 PM | المشاركة رقم: 5 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح بعضهم يجعل عنوان المسألة ( اتفاق أهل العصر الثاني على أحد قولي العصر الأول ) وبعضهم يجعل عنوانها ( هل يشترط في الإجماع أن لا يسبق بخلاف مستقر ؟ ) تحرير محل النزاع : الاتفاق بعد الاختلاف لا يخلو من حالتين : الحالة الأولى : أن يحصل الاختلاف والاتفاق في عصر واحد وهذا له صورتان : الصورة الأولى : أن يختلف أهل العصر ثم يتفقون قبل أن يستقر الخلاف فهنا يكون إجماعاً عند الأئمة الأربعة وأتباعهم بل نقله البعض اتفاقاً إلا ما حكي عن الصيرفي ولعله محمول على الحالة الثانية . ومثال هذه الحالة : اختلافهم في إمامة أبي بكر رضي الله عنه ثم اتفاقهم عليه ، واختلافهم في جمع المصحف ثم اتفاقهم عليه . الصورة الثانية : أن يختلف أهل العصر ثم يتفقون بعد أن يستقر الخلاف فهنا يجوز الاتفاق عند من يشترط انقراض العصر . أما من لا يشترط ذلك فاختلفوا على أقوال : قيل : يجوز الاتفاق ويكون إجماعاً وهو اختيار الفخر الرازي ونقله الجويني عن أكثر الأصوليين . وقيل : لا يجوز الاتفاق وهو اختيار الباقلاني والجويني والغزالي والشيرازي والآمدي والصيرفي ونقله ابن برهان عن الشافعي . وقيل : يجوز إذا كان دليله الاجتهاد والأمارة ولا يجوز فيما كان دليله قطعياً . الحالة الثانية : أن يحصل الاختلاف في عصر والاتفاق في العصر الذي بعده فهنا اختلف في جوازه عقلاً وحكمه شرعاً فذهب الآمدي وجماعة إلى إستحالته عقلاً وذهب الأكثر إلى جوازه عقلاً ثم اختلفوا في حكمه شرعاً على قولين : القول الأول : لا يكون إجماعاً ولا يرتفع الخلاف وبه قال أكثر الحنابلة ونص عليه أحمد وهو ظاهر كلامه كما في رواية المرُّوذي وأبي الحارث ويوسف بن موسى قال : ينظر إلى أقرب القولين وأشبهها بالكتاب والسنة ، واختاره القاضي أبو يعلى وابن قدامة ، وبه قال أبو الحسن الأشعري وهو قول أكثر الشافعية كأبي بكر الصيرفي وأبي حامد المروزي والباقلاني والجويني والغزالي والآمدي والشيرازي من الشافعية وبه قال الأبهري وأبو تمام وابن خويز منداد من المالكية . القول الثاني : يكون إجماعاً ويرتفع الخلاف به وهو قول أكثر الحنفية واختاره منهم السرخسي والشاشي وهو قول أكثر المالكية واختاره منهم الباجي والقرافي وابن جزي الغرناطي ، وهو اختيار أبي الخطاب والطوفي وابن بدران من الحنابلة ، وبه قال القفال الشاشي وابن خيران والفخر الرازي والنووي من الشافعية، ، وبه قالت المعتزلة كالجبائيين وأبي عبد الله البصري ، وحكاه الباقلاني عن أبي الحسن الأشعري . أدلة القولين : أدلة القول الأول : استدل من قال لا يكون إجماعاً ولا يرتفع الخلاف بأدلة منها : 1 – قوله تعالى : ففف فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ققق وجه الاستدلال : أوجب الرد إلى كتاب الله تعالى عند التنازع وهو حاصل ؛ لأن حصول الاتفاق في الحال لا ينافي ما تقدم من الاختلاف فوجب فيه الرد إلى كتاب الله تعالى . وأجيب عنه بجوابين : الأول : أن التعلق بالإجماع ردٌّ إلى الله والرسول . الثاني : أن أهل العصر الثاني إذا اتفقوا فهم ليسوا بمتنازعين فلم يجب عليهم الرد إلى كتاب الله ؛ لأن المعلق بالشرط عدم عند عدم شرطه . 2 - قوله صصص : " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " . وجه الاستدلال : أن ظاهره يقتضي جواز الأخذ بقول كل واحد من الصحابة ولم يفصل بين ما يكون بعده إجماع أو لا يكون . وأجيب عنه بأجوبة : الأول : أن هذا حديث ضعيف جداً بل حكم عليه بعضهم بالوضع ( أخرجه عبد بن حميد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما وفيه حمزة النصيبي ضعيف جداً ، ورواه الدارقطني في غرائب مالك وفيه مجهولون ولا يثبت من حديث مالك ، ورواه البزار من حديث عمر رضي الله عنه وفيه عبد الرحمن بن زيد العمي كذاب ورواه القضاعي في مسند الشهاب من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه جعفر بن عبد الواحد كذاب ، قال البزار : هذا الكلام لم يصح عن النبي صصص ، وقال ابن حزم : هذا خبر مكذوب موضوع باطل ، وضعفه ابن تيمية وابن القيم والحافظ ابن حجر وقال الألباني موضوع ). الثاني : أن هذا محمول على النقل لا على الرأي والفتيا كما قال المزني وابن عبد البر وغيرهما . الثالث : أنه لا يجوز الاقتداء بالصحابة في ذلك بعد انعقاد الإجماع فكذلك هنا . 3 - أن الأمة إذا اختلفت على القولين واستقرَّ خلافهم في ذلك بعد تمام النظر والاجتهاد فقد انعقد إجماعهم على تسويغ الأخذ بكل واحد من القولين باجتهادٍ أو تقليدٍ ، وهم معصومون من الخطأ فيما أجمعوا عليه فلو أجمع من بعدهم على أحد القولين على وجه يمتنع على المجتهد المصير إلى القول الآخر ففيه تخطئة أهل العصر الأول فيما ذهبوا إليه . 4 - أنه قد ثبت أن أهل العصر الأول إذا اختلفوا على قولين لم يجز لمن بعدهم إحداث قول ثالث وأهل العصر الأول لما اختلفوا لم يكن القطع بذلك الحكم قولاً لواحد منهم فيكون القطع بذلك إحداثاً لقول ثالث وأنه غير جائز . أدلة القول الثاني : استدل من قال يكون إجماعاً و يرتفع الخلاف بأدلة منها : 1 – أن هذا اتفاق جميع الأمة وجميع المؤمنين وعموم الأدلة تقتضي أنه إجماع ولا دليل على تخصيصه بما لم يسبقه خلاف . وأجيب عنه بجوابين : الأول : أن هذا يمكن أن يستدل به عليكم وذلك أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعوا على جواز الاجتهاد في الحادثة وجواز تقليد كل واحد من الفريقين فمن قطع الاجتهاد فيه فقد ترك سبيل المؤمنين وكان الوعيد لاحقاً به . الثاني : أن هذه النصوص عامة مخصوصة بإجماع الصحابة على تجويز الأخذ بالقولين ومنع الإجماع فيه على أحدهما ضمناً . 2 – حصوله فقد اتفق التابعون على ما اختلف فيه الصحابة ومن ذلك : المنع من بيع أمهات الأولاد بعد اختلاف الصحابة فيه على قولين : المنع والجواز ، وإجماع التابعين على تحريم المتعة بعد أن اختلف فيها الصحابة على قولين . وأجيب بمنع حصول الاتفاق في بيع أمهات الأولاد بل هو مستمر وقد أخذ بقول علي ررر داود وهو أحد قولي الشافعي . الترجيح : الراجح ما ذهب إليه أصحاب القول الأول وهو أنه لا يكون إجماعاً ، ولا يرتفع به الخلاف علماً بأن حصول هذا الإجماع متعذر ، وذلك أن رجوع قوم وهم جم غفير إلى قول أصحابهم حتى لا يبقى على ذلك المذهب الثاني أحد ممن كان ينتحله لا يقع في مستقر العادة ؛ فإن الخلاف إذا رسخ ثم لم يظهر دليل جديد يجب الحكم بمثله فلا يقع في العرف اندثار مذهب طال الذبُّ والدفاع عنه ، وهذا ما مال إليه الجويني في آخر المسألة وهو يوافق ما ذكره ابن حزم والآمدي . إذا علم هذا فما الجواب عما يذكره كثير من أهل العلم بقوله اختلف في هذه المسألة ثم انعقد الإجماع عليها ) أو ( كان فيه خلاف ثم استقر الإجماع ) ونحو ذلك من العبارات ؟ تتبعت كثيراً من المسائل التي قيل فيها ذلك فرأيتها محمولة على ست حالات : الحالة الأولى : خلاف التابعين أو من جاء بعد الصحابة وهذا يعتبر خلافاً بعد إجماع الصحابة فالسابق هنا الإجماع ويكون هذا القول شذوذاً وخرقاً للإجماع ويعتذر لقائله بعدم علمه بحصول الإجماع أو خطأ في فهمه لأقوال من سبق أو نحو ذلك من الأعذار ومن أمثلة ذلك :1 – استعمال المسك أو بيعه خالف فيه الحسن وعطاء . 2 – نسخ المتاع إلى الحول للمتوفى عنها زوجها خالف فيه مجاهد . 3 – أن دية المرأة كدية الرجل خالف فيه ابن عليه والأصم . 4 – قراءة القرآن بغير العربية مطلقاً رواية عن أبي حنيفة ورجع عنها ، وعند العجز وهو الرواية الثانية وقول الصاحبين . 5 – اشتراط الطهارة لصلاة الجنازة خالف فيه الشعبي فلم ير ذلك . 6 - سجود السهو مرة واحدة وخالف ابن أبي ليلى فرأى تعدده بعدد السهو في الصلاة . 7 – نجاسة البصاق روي عن النخعي كما في مصنف ابن أبي شيبة ( وذكر ابن حزم أنه صح ذلك عن سلمان ررر ولم يذكر سنده ) . 8 - كراهة الوضوء بالماء الآجن روي عن ابن سيرين . وهذا الأمر كثيراً ما يحدث ممن اشتهر بالشذوذ كربيعة الرأي وابن علية وداود وابن حزم وغيرهم . الحالة الثانية : ما رجع فيه المخالف قبل أن يستقر الخلاف وعليه فلم يحصل خلاف ثابت مستقر أصلاً وهو كمباحثة المجتهدين في المسألة حتى يتفقوا على قول ومن أمثلة ذلك : 1 – بيع الدرهم بالدرهمين خالف فيه ابن عباس رضي الله عنهما ورجع عن قوله حينما أخبره أبو سعيد الخدري ررر بتحريم ذلك . 2 – جواز نكاح المتعة خالف فيه ابن عباس رضي الله عنهما ورجع عن قوله . 3 – صوم من أصبح جنباً خالف فيه أبو هريرة ورجع عن قوله حينما بلغه حديث رسول الله صصص عن أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما . 4 – قتال مانعي الزكاة خالف فيه بعض الصحابة أبا بكر ررر ثم رجعوا عن قولهم . 5 – خلافة أبي بكر ررر خالف فيها بعض الصحابة ثم رجعوا عن قولهم . 6 – دية الأصابع بالتساوي خالف فيه عمر ررر فقال بالتفاضل ثم رجع عن قوله كما في مصنف عبد الرزاق وسنن البيهقي الكبرى . 7 – المسح على الخفين خالف فيه ابن عباس رضي الله عنهما ورجع عنه كما روى عنه عطاء وخالفت فيه عائشة ورجعت عنه كما روى شريح أنه سألها عن المسح على الخفين فقالت لا أدري سلوا عليا ررر فإنه كان أكثر سفرا مع رسول الله صصص فسألنا عليا ررر فقال رأيت رسول الله صصص يمسح على الخفين " ، وروي عن مالك إنكاره له لكن قال القرطبي هي رواية منكرة ولا تصح . 8 – جمع القرآن خالف فيه أبو بكر ررر ثم أخذ بقول عمر ررر بعد المباحثة وأجمعوا على جمعه . الحالة الثالثة : ما لم يثبت فيه الخلاف أصلاً من جهة الإسناد وبالتالي فهو كالمعدوم : 1 – طلاق المعتوه خالف فيه ابن عمر رضي الله عنهما ولم يثبت عنه رواه ابن أبي شيبة في المصنف بإسناد فيه أسامة بن زيد بن أسلم فيه ضعف . 2 – صلاة الظهر قبل الزوال روي عن ابن عباس رضي الله عنهما كما عند ابن المنذر في الأوسط ولا يصح لأنه من رواية شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس وشريك سيء الحفظ ورواية سماك عن عكرمة مضطربة . 3 – بيع الحر روي عن عمر ررر عند ابن أبي شيبة بإسناد منقطع من طريق قتادة عن عمر ررر وروي عن علي ررر قوله : " من أقر على نفسه بأنه عبد فهو عبد " وهذا عن صح ليس صريحاً في جواز البيع قال ابن حجر : يحتمل أن يكون محله فيمن لم تعلم حريته . 4 – إتيان المرأة في الدبر روي عن ابن عمر رضي الله عنهما ولا يثبت . 5 – أمر الحائض بقضاء الصلاة روي عن سمرة بن جندب ررر أنه يأمر النساء بقضاء الصلاة رواه أبو داود وإسناده ضعيف قال ابن رجب في فتح الباري : بإسناد فيه لين ، وقال في موضع آخر ( في متنه نكارة ) ، وعلته مع النكارة جهالة مسة الأزدية كما قال ابن القطان وقال الدارقطني لا تقوم بها الحجة . ويندرج في هذا القسم قول بعض العلماء : فيه خلاف قديم بدون ذكر المخالف . الحالة الرابعة : ما ادعي فيه الإجماع مع أن الخلاف مستمر عند التحقيق أو عند كثير من أهل العلم : 1 – الاغتسال من الجماع بدون إنزال هو قول داود والبخاري . 2 – قتل شارب الخمر في الرابعة الخلاف فيه مستمر هو مروي عن ابن عمر وعبد الله بن عمرو وروي عن الحسن وقول ابن حزم وأنكر الإجماع ابن القيم في تهذيب السنن . 3 – جلد شارب الخمر ثمانين خالف فيه عثمان وعلي رضي الله عنه . الحالة الخامسة : أن تكون مسألة الخلاف غير مسألة الإجماع وذلك بورود قيد في أحدهما إما قيد مكاني أو زماني أو عدد أو حال أو غير ذلك مما يفرق به بين المسألتين ومن ذلك : 1 – ركوب البحر روي فيه عن عمر بن الخطاب ررر نهي قال ابن عبد البر : ما جاء عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز وغيرهما من السلف أنهم كانوا ينهون عن ركوب البحر فإنما ذلك على الاحتياط وترك التغرير بالمهج في طلب الاستكثار من الدنيا والرغبة في المال ، وقال ابن عبد البر : ( ولا خلاف بين أهل العلم أن البحر إذا ارتج لم يجز ركوبه لأحد بوجه من الوجوه في حين ارتجاجه ) . 2 – لبس الحرير والذهب في حق الرجال الإجماع محمول على لبس الحرير المحض بدون حاجة ، والخلاف المذكور هو في الحرير اليسير قدر أربع اصابع ، والحرير المنسوج مع غيره ، وفي الحرب ، وعند الحاجة من مرض ونحوه فهذه الحالات الأربع هي التي وقع فيها الخلاف قديما ولا زال مستمراً وأما الإجماع فهو فيما سوى ذلك . وأما الذهب فالتحريم المجمع عليه هو الذهب المحض أو المنسوج به والمموه به كثيراً أما اليسير فهو موطن الخلاف قديماً وحديثاً . 3 – أن التمتع جائز بالإجماع وقد ثبت عن أبي ذر ررر خلافه وأنه خاص بالصحابة رضي الله عنهم كما في صحيح مسلم ، والصحيح أن مسألة الخلاف غير مسألة الإجماع فليس مراده أن التمتع لا يجوز لمن جاء بعدهم وإنما مراده كما قال البيهقي في السنن الكبرى : فسخهم الحج بالعمرة وهو أن بعض أصحاب النبى صصص أهل بالحج ولم يكن معهم هدى فأمرهم رسول الله صصص أن يجعلوه عمرة لينقض والله أعلم بذلك عادتهم فى تحريم العمرة فى أشهر الحج. وهذا لا يجوز اليوم .. ) ويؤيد هذا ويوضحه ما رواه البيهقي في السنن الكبرى عن مرقع الأسدى عن أبى ذر ررر قال : لم يكن لأحد أن يفسخ حجه إلى عمرة إلا للركب من أصحاب محمد صصص خاصة " . الحالة السادسة : المسائل التي ثبت فيها الخلاف ثم انقطع بعد الصحابة :وهذه المسائل قليلة جداً ولا يلزم من عدم النقل عن المخالفين في المسألة أن الإجماع انعقد فيها وارتفع الخلاف السابق وهذه هي عين المسألة المذكورة فأقوال الصحابة الثابتة عنهم يسوغ الأخذ بها في كل عصر حتى وإن انقطع القائلون به أو لم ينقل عن أحد بعد الصحابة يقول بقولهم . ثم ها هنا تنبيه مهم : وهو أنه ينبغي أن نفرق بين أن نقول هذا القول مرجوح مخالف للنصوص الصريحة وبالتالي يجب على من بلغته السنة أن يأخذ بالقول الاراجح وبين أن نقول هذه المسألة إجماعية وارتفع الخلاف فيها فالمنع من الأخذ بالقول الضعيف إنما هو لورود النص لا لحصول الإجماع . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
04 / 01 / 2010, 42 : 02 PM | المشاركة رقم: 6 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
05 / 01 / 2010, 08 : 02 AM | المشاركة رقم: 7 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27 / 01 / 2010, 56 : 05 PM | المشاركة رقم: 8 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح جزاكم الله خيرا أخي الفاضل على ما أضفتم بارك الله فيكم ...وأثابكم الفردوس الأعلى من الجنة شكرا لكم أخي | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018