30 / 05 / 2009, 33 : 04 AM | المشاركة رقم: 8 |
المعلومات | الكاتب: | | اللقب: | عضو ملتقى | الرتبة | | الصورة الرمزية | | البيانات | التسجيل: | 12 / 04 / 2009 | العضوية: | 23893 | المشاركات: | 34 [+] | بمعدل : | 0.01 يوميا | اخر زياره : | [+] | معدل التقييم: | 194 | نقاط التقييم: | 12 | الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | | | كاتب الموضوع : ابو الوليد البتار المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ================================================== ================= بسم الله الرحمن الرحيم عائشة أم المؤمنين بين الحق والحقوق الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وأصحابه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: عائشة زوج رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وأم المؤمنين بنص القرآن الكريم، يقول تعالى{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}[الأحزاب:6]، هذا الشرف الذي نالته بزواج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم منها أعطاها حقًّا ولم يمنحها عصمة، أعطاها حق الاحترام والبر والصون وستر العيب والعورة، فلا نسب ولا نفتري ولا نتطاول ولا نتحدث في مساوئها التي أورد القرآن الكريم بعضًا منها، وكذلك لم يمنحها عصمة فهي خطاءة كغيرها من الرجال والنساء عدا المعصومين، بل وكثيرة الخطأ شملها عموم قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم"كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"( 1)، وقد وقع منها الخطأ في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهي في بيته وتحت رعايته ونالها عقابه وتوعدها ربه سبحانه وتعالى، فكيف والحال بعد وفاته؟ يدل على ذلك قول الله تعالى{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ. وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ. إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ. عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً}[التحريم:1-5]، ويقول{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً. وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً. يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً. وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً. يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً. وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً. وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً}[الأحزاب:28-34]. ولذلك فإننا إذا ما ذكرنا عائشة كزوجة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأم للمؤمنين فلا نذكرها إلا بخير ونستر عيبتها وعورتها ولا نتحدث في أخطائها ولا نخوض في عرضها، وأما إذا ما ذكرناها كراوية لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو لنصح أو أداء شهادة فيها فلا بد حينئذ من العدل والإنصاف أي بيان ما يلزم قوله فيها من مدح وثناء وتوثيق أو جرح بحسب ضوابط الشرع وقواعد الجرح والتوثيق كما لو ذكرنا غيرها من الناس، يقول تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[المائدة:8]، والسؤال الذي يلزمنا بذلك هو: هل أم المؤمنين عائشة كراوية للحديث بل ومكثرة من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مقبولة الرواية أم مجروحة ترد روايتها أو يجب التبين منها؟ ومن المعلوم ضرورة أن عدالة الراوي شرط في قبول روايته وأن فسقه ملزم بالتبين حتى نعلم الصدق من الكذب، فأين أم المؤمنين عائشة من هذين الصنفين بعدل وإنصاف أي بحسب ضوابط وقواعد الجرح والتعديل المعمول بها في معرفة أحوال الرواة والمستنبطة بالتأكيد من كتاب الله عز وجل؟ والراوي العدل كما هو معلوم ومقرر في كتب الأصول من لا يفعل كبيرة ولا يصر على صغيرة ويسلم من خوارم المروءة، فهل عائشة كذلك أم لا؟ ولا غرابة في السؤال لما بيناه في كتابنا الصراط المستقيم من خطأ المقولة بعدالة كل الصحابة، ومن صحة القول بلزوم إخضاعهم للجرح والتعديل كغيرهم من رواة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والمتتبع لحياة أم المؤمنين عائشة كزوجة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حياته قبل موته وكأم للمؤمنين بعد موته يراها: 1- غلبها هواها في بيت الزوجية أكثر من مرة فعصت الله تعالى وآذت رسوله صلى الله عليه وآله وسلم واجترأت على الحرام ومنه الكذب إشباعًا لبعض شهوات النفس فاستحقت العقاب والوعيد، دل على ذلك آيات الأحزاب والتحريم آنفة الذكر، وما روي عن ابن عباس قال "هجر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ نساءه شهرًا، فلما مضى تسع وعشرون أتاه جبريل فقال: قد برت يمينك وقد تم الشهر"( 2)، وهذا الحديث فيه دلالة على أن نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم جميعهن ومنهن عائشة أذنبن ذنبًا واحدًا فعاقبهن جميعهن عقابًا واحدًا وهذا يناسب أن يكون سببًا لنزول آيات الأحزاب. 2- غلبها هواها بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعادت الإمام علي عليه السلام أشد العداء وقادت الحرب ضده في موقعة الجمل التي راح ضحيتها الكثير من المسلمين، وأيدت ودعمت بل وقادت البغي الخروج عليه بالسيف وهو الإمام المنعقدة له الإمامة ببيعة صحيحة، بل وهو وصي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأخوه وصهره وأبو أبنائه وأحد الخمسة المعصومين أهل الكساء عترة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أهل بيته، وهذا ثابت مقطوع به لم يختلف فيه المنتسبون إلى الإسلام، وهذه المعاداة كبيرة من كبائر الذنوب وهي علامة نفاق وإلى قيام الساعة، يدل على ذلك قول الله تبارك وتعالى{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً}[الأحزاب:57]، وقوله{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً}[الأحزاب:58]، وما روي عن علي عليه السلام قال "والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وآله وسلم إلي أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق"( 3)، وما روي عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت"جاءت فاطمة بنت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ متوركة الحسن والحسين، في يدها برمة-قدر-للحسن فيها سخين حتى أتت بها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فلما وضعتها قدامه قال: أين أبو حسن؟ قالت: في البيت فدعاه فجلس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وعلي وفاطمة والحسن والحسين يأكلون. قالت أم سلمة: وما سامنى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وما أكل طعامًا وأنا عنده إلا سامنيه قبل ذلك اليوم تعني سامني دعاني إليه فلما فرغ التف عليهم بثوبه ثم قال: اللهم عاد من عاداهم ووال من والاهم"(4)، وما روي عن زيد بن أرقم "لما رجع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقمن فقال: كأني قد دعيت فأجبت إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله تعالى وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض ثم قال: إن الله عَزَّ وَجَلَّ مولاي وأنا مولى كل مؤمن. ثم أخذ بيد علي رَضِيَ اَللهُ عَنْهُ فقال: من كنت مولاه فهذا وليه اللَّهُمَّ وال من والاه وعاد من عاداه"( 5). والسؤال هل لو كان فاعل هذه الأفعال غير أم المؤمنين عائشة نقبل روايته أم نردها؟ والجواب واضح بجلاء في كتب الرجال كتب الجرح والتعديل، فالشيعي الذي يدعو إلى حب آل البيت وموالاتهم ردت روايته لأنه فعل هذا الخير المقلوب شرًّا في نظر الجارحين وأطلقوا عليه وصف المبتدع الداعي إلى بدعته، فلماذا يكون فاعل هذا الشر الحقيقي مقبول الراوية غير مردودها؟ وإذا أردنا الكيل بمكيال واحد لا بمكيالين مختلفين فلا بد وأن نرد روايته، وهذا هو العدل والإنصاف، وهذا ما يعرفه أهل الفن من السنة والشيعة، ولكن هروبًا من الحقيقة أو تبريرًا غير مستساغ قيل إن عائشة ومن معها كانوا متأولين في خروجهم على الإمام علي عليه السلام في موقعة الجمل ومثله في صفين، والمتأول معذور مأجور فكيف نرد روايته؟ وردًّا على هذا التبرير أقول وبالله تعالى التوفيق: التأول لا يكون إلا في مسألة ظنية وليست قطعية، فهل الأدلة الدالة على حرمة الخروج على إمام المسلمين المنعقدة له الإمامة ببيعة صحيحة ظنية؟ وهل الأدلة الدالة على وجوب موالاة أهل البيت وعلى رأسهم الإمام علي عليه السلام ظنية؟ وهل الأدلة الدالة على حرمة قتل المسلمين ظنية؟ وهل الأدلة الدالة على حرمة تفريق المسلمين ظنية؟ وهل الأدلة الدالة على حرمة البغي حتى لو فعل الإمام معصية غير مكفرة ظنية؟ فكيف والحال أنه معصوم دلت على ذلك الأدلة القطعية؟ وهل الأدلة الدالة على وجوب قرار أمهات المؤمنين في بيوتهم ظنية؟ وهذا كله يلزمنا قولاً واحدًا وهو أنه لا تأويل في المسألة قط ولا عذر، وإنما هو غرق في هوى النفس واستدراج من الشيطان الرجيم، أصرت عليه أم المؤمنين عائشة ليقضي الله أمرًا كان مفعولاً. ولذلك فلا مناص عند المنصفين من أهل العلم من إسقاط حكم الجرح على أم المؤمنين عائشة، فلا تقبل رواياتها ابتداء وإنما يجب التبين منها، فما ثبتت صحتها منها قبلت وما لم تثبت لم تقبل، وهكذا كل مبغض للإمام علي عليه السلام أو مشارك في عداوته وحربه ما لم يحدث من ذلك توبة، والله تعالى أعلم وأحكم. --------------------------------------------------------------------------------- ( 1) رواه الترمذي ج4ص659 رقم2499 وابن ماجة ج2ص1420 رقم4251 وأحمد ج3ص198 والحاكم ج4ص244 والدارمي ج2ص393 وقوى سنده الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام. انظر سبل السلام ج4ص346 ورواه أحمد ج3ص198 والبغوي في شرح السنة ج5ص192. ( 2) رواه أحمد ج1ص235 وإسناده صحيح. 3) رواه البخاري (فتح) ج8ص86 في المغازي باب غزوة تبوك وفي باب فضائل أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: باب مناقب علي بن أبي طالب، ومسلم في الإيمان : باب الدليل على أن حب الأنصار وعليًّا رضي الله عنه من الإيمان وعلاماته ، والبغوي في شرح السنة ج14ص113،114. ( 4) رواه أبو يعلى ج12 ص383-384 رقم6951 والبخاري في التاريخ الكبير ج2ص69-70 وذكره في المطالب العالية ج4ص75رقم4005 وقال الهيثمي في مجمع الزوائدج9 ص166-167: رواه أبو يعلى وإسناده جيد. ( 5) رواه الحاكم ج3ص109 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله. :bb18:
|
| |