القسم الثاني :النداء إلى الرسل والانبياء: النداء الوحيد إلى الرسل

[زياد محمد حميدان]

القسم الثاني:النداء إلى الأنبياء والرسل (عليهم السلام)

أولاً : النداء إلى الرسل

النداء الوحيد : ] الأكل من الطيِّبات والعمل الصالح [
] يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [{المؤمنون 51}.
الأنبياء صفوة الله تعالى من خلقه،طهرهم واصطفاهم ،ليكونوا أسوة للخلق،ولذا كانوا أول الناس امتثالا لأوامر الحق سبحانه،وإن اختصهم الحق بالنبوة والرسالة،فإنهم بشر تسري عليهم قوانين الطبيعة البشرية؛يولدون ويموتون،ويتزوجون ويأكلون ويشربون،وهم مخاطبون بفروع الشريعة وأصولها،إلا إذا خصَّهم الحقُّ بأمر من دون الناس،ولا تثبت الخصوصية إلا بدليل شرعي.
هذا النداء الربانيّ للرسل عليهم السلام،وقد تقدم في النداء الثالث لأهل الإيمان،والنداء الثاني إلى الناس الأمر بتناول الطيبات ،من الطعام والشراب.،والنداء إلى الأنبياء عليهم السلام بتناول الحلال،للتأكيد أن هذا مما توافقت عليه الشرائع.
ورد في الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ :]قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ[[1].قال النووي في شرح الحديث قوله r : ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ) قال القاضي : الطيب في صفة الله تعالى بمعنى المنزه عن النقائص , وهو بمعنى القدوس , وأصل الطيب الزكاة والطهارة والسلامة من الخبث . وهذا الحديث أحد الأحاديث التي هي قواعد الإسلام ومباني الأحكام , وقد جمعت منها أربعين حديثا في جزء , وفيه : الحثُّ على الإنفاق من الحلال , والنهى عن الإنفاق من غيره . وفيه : أن المشروب والمأكول والملبوس ونحو ذلك ينبغي أن يكون حلالا خالصا لا شبهة فيه).
واخرج الحاكم وصححه عن أم عبد الله أخت شداد بن أوس y :] أنها ثم بعثت إلى النبي r بقدح لبن عند فطره، وذلك في طول النهار وشدة الحر، فرد إليها الرسول r :أنى لك هذا اللبن ؟قالت : من شاة لي. قال: أنى لك هذه الشاة؟ قالت :اشتريتها من مالي. فشرب، فلما أن كان من الغد، أتت أم عبد الله رسول الله r فقالت: يا رسول الله بعثت إليك بذلك اللبن مُرْثية لك من شدة الحر وطول النهار، فرددتها إلي مع الرسول؟ فقال النبي r : بذلك أمرت الرسل، ألا تأكل إلا طيبا، ولا تعمل إلا صالحا[[2].
ولعل هذا التحري من الرسول r أنه يعلم حال أم عبد الله ،أنه لا شاة لها فمن أين لها اللبن؟ وفيه تعليم للأمَّة أن التحري لأكل الحلال مطلوب فيما دقَّ وجلَّ،والروح العامة للشريعة عدم التدقيق في كسب المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب،إلا إذا أحسَّ بشبهة قوية،فله أن يتحرى .أما كسب نفسه فيجب التحري ،فلا يجوز أكل الحرام مهما كان وكما تقدم فإن من تحرَّى أكل الحلال،أحرى أن تستجاب دعوته.
وروي عن رسول الله r: ] ما جاءني جبريل u إلا أمرني بهاتين قال: تقول اللهم ارزقني طيبا، واستعملني صالحا[[3].
قوله تعالى :] يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ [ قال ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة في آخرين: (يعني بالرسل هاهنا محمدا r وحده.وهو مذهب العرب في مخاطبة الواحد خطاب الجميع ويتضمن هذا أن الرسل جميعا كذا أمروا)[4].
والخطاب للرسل الكرام إنما كان لكلِّ واحد منهم في زمانه،للدلالة أن هذا ما ينبغي أن يكونوا عليه،وأممهم من باب أولى.
وفي تقديم الأكل من الطيبات على العمل الصالح ،يقول الرازيكالدلالة على أن العمل الصالح لا بدَّ أن يكون مسبوقا بأكل الحلال)[5].ويعضده ابن كثير فدلَّ هذا على أن الحلال عون على العمل الصالح)[6].
ومصداق ذلك ما روي عن سعد بن أبي وقاص t قال :]يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة. فقال له النبي r : يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة[[7].

1) صحيح مسلم،كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب 7/101 رقم 2343

1) المستدرك 4/140

2) فيض القدير 5/438

3) زاد المسير 5/477 وانظر الجامع لأحكام القرآن 12/128

4) التفسير الكبير 23/281

5) تفسير القرآن العظيم 3/331

6) الترغيب والترهيب 2/345

---

hgrsl hgehkd :hgk]hx Ygn hgvsg ,hghkfdhx: hgk]hx hg,pd] Ygn hgvsg

[شريف حمدان]

[ابو قاسم الكبيسي]

جزاك الله خيراً
أللهم
إجعل حبك أحب الأشياء إلينا
وإجعل خشيتك أخوف الأشياء عندنا
واقطع عنا حاجات الدنيا بالشوق إلى لقائك
وإذا أقررت أعين أهل الدنيا من دنياهم فأقرر أعيننا من عبادتك . .
تقبل الله منا ومنكم صالح ألأعمال

[محمد نصر]

[زياد محمد حميدان]

جزاكم الله خيرا وفقنا الله جميعا لخدمة الاسلام والمسلمين