بشر المقت عميد الأسرى العرب
كيس الدواء وأربعة وعشرون عاما من الأسر
فؤاد الخفش كاتب وباحث متخصص في شؤون الأسرى الفلسطينيين11/8/2008
سنين مرت وأعوام مضت وليالٍ انطوت وصفقات أنجزت وآلاف الأسرى حررت من سجون الموت البطيء وبقيت أنت وحدك وحولك ثلة قليلة .. رهين محبسك، بيدك كيس الدواء تتنقل من سجن لآخر ، كلّت معاصم من اعتادوا تقييدك منذ أربعة وعشرين عام مضت ، وما كلّ معصمك يا ابن الجولان السوري المحتل.
آه يا بشر كم هي قاسية تصاريف الزمان وكم عجيبة هذه الدنيا ، تئن الأسود في أقفاصها ، وتنتهك الحرمات ، ويخنق الرجال، ويموت الأسرى ولا نجد من يحرك ساكنا تقف في زنزانتك وقد أعيتك الأيام يا رفيقي..
أما زلت تحب فلسطين ووفيا لها بالرغم من أن قادتها لم يذكروك مرة؟؟ ، أما زلت وفياً لهذه الأرض التي قاتلت من أجلها وهي التي بخلت عليك بتحريرك وهذا أقل واجب يمكن أن تقدمه لك ، أما زلت تؤمن بكرامة هذه الأرض وبحتمية الانتصار وشعارات قاتلت من أجلها سنين وسنين، وبقيت ترفعها بالرغم من الداء والأعداء.
أخالُك تجيب بصوت لا يعرف الخنوع والخضوع والتردد : نعم يا رفيقي الأرض أرضي وإن جار أهلها علينا ، ما قاتلنا من أجل أشخاص ولا من أجل مناصب , قاتلنا لقناعاتنا بضرورة النضال وتحرير الأرض المغتصبة.
" بشر المقت " معتقل من تاريخ 11/8/1985 هو وشقيقة صدقي ورفيقهما " عاصم ولي " تعود جذورهم إلى الجولان السوري المحتل ، انضووا تحت لواء المقاومة السرية السورية ونفذوا العديد من الهجمات التي آلمت المحتل ، في قاعه المحكمة طلب منهم القاضي الوقوف , رفض الأبطال وقالوا نحن لا نعترف بشرعيتك ولا بمحكمتك أنت محتل غاصب فاصدر القاضي حكمه الجائر بالسجن لمده 27 عاماً ، وبدل أن يوَلوِل الأبطال أطلقوا العنان لصوتهم الندي بالنشيد وغنوا للأرض والثورة والثوار ، وضجت قاعة المحكمة بالتكبير والتصفير والتصفيق وانبهر القاضي لصلابة الرجل وتحديهم للحكم القاسي.
توقفت كثيرا عند صورتين للأسير بشر , صورة حديثة تم إخراجها من سجن ***وع وعمره فيها (43) عاماً حيث يقيم الأسير مع شقيقه في هذا السجن بعد عملية قلب تم إجراؤها للأسير، وصورة له قبل أربعة وعشرين عام حيث كان الفتى في عنفوان شبابه , وعمره حينها 20 عام ، جبينه المشقق الذي يروى المعاناة وابتسامته الباهتة التي سرقتها ليالي السجن، وظهره الذي انحنى من التنقل من بوسطة للأخرى وشعره الذي تساقط بفعل المياه الغير نظيفة ، وجسمه الذي ترهل من كيس الدواء الذي ما عاد يفارقه , كانت هي محط الاستغراب لأعود وأكرر ذات العبارة يا لتاصريف الدهر ..
آه يا بشر لو كان في بلادنا من يقدرك، ويعرف قيمتك وقيمة أمثالك وأنت الآن عميد الأسرى العرب وتاج رؤوسهم وشامة عزهم، لأطلقوا اسمك على الطرقات والمدن، ولكان منهاجنا الفلسطيني مزينا بذكرك وبذكر أمثالك ، ولكنها الدنيا وتصاريفها لا تقدر من ضحى وأمضى عمره ينتظر لقاء نحبه.
لك يا أسد الجولان المحتل يا من أكدت على عمق الصراع وإسلامه من فلسطين وأهلها ألف سلام وقبلة ، وعلنا نلتقي إن كان في العمر بقيه.
fav hglrj uld] hgHsvn hguvf ;ds hg],hx ,Hvfum ,uav,k uhlh lk hgHsv