الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | دكتور محمد فخر الدين الرمادي | مشاركات | 70 | المشاهدات | 5397 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
30 / 11 / 2022, 14 : 06 PM | المشاركة رقم: 51 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح " التصفية والتربية : إن الأساس الذي بنيت عليه هذه الدراسة " التصفية ": هو دعوتنا أن نعود للحق ، وأن نخلِّص معتقدات البشرية مما تسرب لها من أخطاء وما قادها لإنحراف ، ليحلَّ الوفاق محل الخلاف ، والوئام محل الصراع . ونحن نعتقد أن العقيدة الصـحيحة معروفة لكثيرين من قادة " الأديان " ، ولكن الاحتراف وحب الدنيا وزينتها يُزَيِّنان الباطل ويدفعان لتأييد الإنـحراف (1). ولهذه التصفية شقان: الشق الأول: متعلق بما يطلق عليه " الأديان " كاليهودية والمسيحية وغيرهما ، والإنحراف الذي تم في العقيدة والعبادة عند معتنقي هذه الديانات!!. أما الشق الثاني: فمتعلق بعقول المسلمين وقلوبهم وما علق في عقيدتهم من أنواع الشرك والتقرب إلى الله بما لم يشرعه ، وجحد الصفات الإلهية وتأويلها ، والسلوكيات الخاطئة التي تمارس مع مخالفتها للهدي النبوي (2). وهذه " التصفية " وحدها لا تكفي، بل يجب أن يضاف إليها واجب آخر، ألا وهو " التربية " ، فيجب تربية الجيل الناشئ ـ خاصة الجيل الثاني والثالث ... - على هذا الإسلام المصفى من أي شائبة - سواء في العقيدة الإسلامية أو الفقه الإسلامي ـ تربية إسلامية صحيحة منذ نعومة أظفاره ، دون أي تأثر بالتربية الغربية. وإني لأرجو ... أن أكون من المشاركين ـ مع ضعفي وقلة علمي ـ في القيام بهذين الواجبين: أعني " التصفية والتربية ". فإذا كنا نعمل على استئناف الحياة الإسلامية في زمن الصحوة الإسلامية ، فلابد اليوم من القيام بهذين الواجبين معاً. " ـــــــ مراجع : 1 . يراجع: د. أحمد شلبي، سلسلة من الكتب في مقارنة الأديان، الجزء الثاني: المسيحية، ص297، ط 10، 1998م. 2 . يراجع: الشيخ محمد ناصرالدين الألباني، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السئ في الأمة، صفحة ترقيم "د"، المجلد الثاني، ط 5، 1412هـ - 1992م. ــــــ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
30 / 11 / 2022, 15 : 06 PM | المشاركة رقم: 52 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح " وَنَحْوُ هَذَا مَا يُعَلَّقُ عَلَى الْأَطْفَالِ مِنَ التَّعَاوِيذِ وَالتَّنَاجِيسِ كَالْخِرَقِ وَالْعِظَامِ وَالتَّمَائِمِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الطَّلْسَمَاتِ وَالْكَلِمَاتِ الْأَعْجَمِيَّةِ ، الْمَنْقُولَةِ عَنْ بَعْضِ الْأُمَمِ الْوَثَنِيَّةِ ، هَذَا الضَّرْبُ مِنْ تَعْظِيمِ الْقُرْآنِ نُسَمِّيهِ - إِذَا جَرَيْنَا عَلَى سُنَّةِ الْقُرْآنِ - عِبَادَةً لِلْقُرْآنِ لَا عِبَادَةً لِلَّهِ بِهِ " . ثم يتعرض لجزئية آخرى حين يقول :" الْهِزَّةُ وَالْحَرَكَةُ الْمَخْصُوصَةُ وَالْكَلِمَاتُ الْمَعْلُومَةُ الَّتِي تَصْدُرُ مِمَّنْ يَسْمَعُونَ الْقُرْآنَ ، إِذَا كَانَ الْقَارِئُ رَخِيمَ الصَّوْتِ حَسَنَ الْأَدَاءِ عَارِفًا بِالتَّطْرِيبِ عَلَى أُصُولِ النَّغَمِ . وَالسَّبَبُ فِي هَذِهِ اللَّذَّةِ وَالنَّشْوَةِ هُوَ حُسْنُ الصَّوْتِ وَالنَّغَمِ ، بَلْ أَقْوَى سَبَبٍ لِذَلِكَ هُوَ بُعْدُ السَّامِعِ عَنْ فَهْمِ الْقُرْآنِ " . يوضح المعنى صاحب المنار فيقول :" وَأَعْنِي بِالْفَهْمِ مَا يَكُونُ عَنْ ذَوْقٍ سَلِيمٍ تُصِيبُهُ أَسَالِيبُ الْقُرْآنِ بِعَجَائِبِهَا ، وَتَمْلِكُهُ مَوَاعِظُهُ فَتَشْغَلُهُ عَمَّا بَيْنَ يَدَيْهِ مِمَّا سِوَاهُ . لَا أُرِيدُ الْفَهْمَ الْمَأْخُوذَ بِالتَّسْلِيمِ الْأَعْمَى مِنَ الْكُتُبِ أَخْذًا جَافًّا لَمْ يَصْحَبْهُ ذَلِكَ الذَّوْقُ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ رِقَّةِ الشُّعُورِ وَلُطْفِ الْوِجْدَانِ ، اللَّذَيْنِ هُمَا مَدَارُ التَّعَقُّلِ وَالتَّأَثُّرِ وَالْفَهْمِ وَالتَّدَبُّرِ " . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
30 / 11 / 2022, 19 : 06 PM | المشاركة رقم: 53 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح نزل القرآن الكريم بلغه العرب ، وعلى أساليبهم في الكلام ، وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى :" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ " [ سورة إبراهيم ، الاية 4 ] ، لذلك كان الصحابة الكرام يفهمون القرآن في جملته ، أي بالنسبة لظاهره وأحكامه ، أما فهمه تفصيلا ، ومعرفة دقائقه بحيث لا يغيب عنهم منه شئ فقد تفاوتوا في ذلك ، بسبب اختلافهم في العلم بلغتهم ، وبمعرفة أسباب النزول ، فكانوا يرجعون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيما لم يفهموه فيفسره لهم ؛ لذا فقد أثر عنه صلى الله عليه وسلم عدد كبير من الاحاديث تتناول تفسير القرآن . وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم اشتهر عدد كبير من الصحابة بالتفسير ، وقد عد منهم السيوطي في " الاتقان " : أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبا موسى الاشعري ، وعبدالله بن الزبير رضي الله عنهم أجمعين . ــــــ مرجع : الذهبي ؛ الدكتور محمد حسين ، التفسير والمفسرون ، صفحة 16 . ــــــ 4 مصادر التفسير في عهد الصحابة : 1 - القران الكريم نفسه حيث أن آياته يفسر بعضها بعضا ، وما أجمل في موضع منه قد يبين في موضع آخر ، فمن ذلك تفسير قوله تعالى :" وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ " [ 40 سورة غافر الاية 28 ] بأنه العذاب الادنى المعجل في الدنيا ، لقوله تعالى في آخر السورة :" فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ " الاية ( 77 ). 2 - السنة النبوية الشريفة ، فقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من آيات القران ، قال تعالى :" وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ " [ 16 سورة النحل ، الاية 44 ] ، والذي يرجع إلى كتب الحديث يجدها حافلة بأبواب التفسير المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من ذلك ما رواه الترمذي ، وابن حبان في " صحيحه " عن ابن مسعود قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الصلاة الوسطى ؛ صلاة العصر " ، وقد اعتمد كثير من مؤلفي التفسير على الحديث في تفسره ، فسمي هذا النوع بالتفسير بالمأثور ، ومنها تفسير ابن كثير . 3 - أقوال الصحابة : كان الصحابة رضوان الله عليهم إذا لم يجدوا التفسير في القران ، ولم يسمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رجعوا في ذلك إلى اجتهادهم لانهم عاينوا نزول القران ، ولانهم كانوا من خلص العرب ، يعرفون عاداتهم والالفاظ ومعانيها ، ومناحي العرب في كلامهم ، ومعتمدين في ذلك على الشعر الذي هو ديوان العرب كما يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وقد كان الصحابي الجليل ابن عباس صاحب النصيب الاكبر من ذلك ، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا له فقال :" اللهم فقهه في الدين ، وعلمه التأويل " ولذلك لقب بــ " ترجمان القرآن " . 5 مدراس التفسير على عهد الصحابة : فتح الله على المسلمين كثير من بلاد العالم ، وتوزع الصحابة في البلاد المفتوحة ، وحملوا معهم علومهم وجلس إليهم كثير من التابعين يتتلمذون عليهم ، فقامت في هذه البلاد مدارس علمية أساتذتها الصحابة وتلاميذها التابعون ، واشتهرت من بين هذه المدارس ثلاث هي : 1 - مدرسة مكة المكرمة : أستاذها الصحابي الجليل ابن عباس ، وتلاميذها : سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وعكرمة ، وطاوس ، وعطاء . 2 - مدرسة المدينة المنورة : أستاذها الصحابي أبي بن كعب ، وتلاميذها : زيد بن أسلم ، وأبي العالية ، ومحمد بن كعب القرظي . 3 - مدرسة العراق : أستاذها الصحابي عبدالله بن مسعود ، وتلاميذها : علقمة ، ومسروق ، والاسود ، ومرة ، وعامر ، والحسن ، وقتادة . وقد أضيف للتفسير في هذا العهد أقوال التابعين ، وبدأ الخلاف يظهر فيه ، كما بدأ يتسرب إليه الروايات الاسرائيليات بسبب رجوع بعض المفسرين لاهل الكتابين اليهود والنصارى . ٦ تدوين التفسير : قال صاحب فتح الباري ، العسقلاني : " فَمِمَّا حَدَثَ تَدْوِينُ الْحَدِيثِ ثُمَّ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ ثُمَّ تَدْوِينُ الْمَسَائِلِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُوَلَّدَةِ عَنِ الرَّأْيِ الْمَحْضِ ثُمَّ تَدْوِينُ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَعْمَالِ الْقُلُوبِ ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَأَنْكَرَهُ عُمَرُ وَأَبُو مُوسَى وَطَائِفَةٌ وَرَخَّصَ فِيهِ الْأَكْثَرُونَ وَأَمَّا الثَّانِي فَأَنْكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ كَالشَّعْبِيِّ ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَأَنْكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَطَائِفَةٌ يَسِيرَةٌ ، وَكَذَا اشْتَدَّ إِنْكَارُ أَحْمَدَ لِلَّذِي بَعْدَهُ " ] العسقلاني ؛ أحمد بن علي بن حجر ، فتح الباري شرح صحيح البخاري ، دارالريان للتراث ، سنة النشر: 1407هـ / 1986م] على عهد التابعين مع بداية القرن الثاني للهجرة ، بدأ المسلمون بتدوين علومهم ، بعد أن كانوا يعتمدون على الرواية في حفظها وتبليغها ، وأصدر الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز ( ت 101 هـ ) أمره لعماله في الافاق بجمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان التفسير بابا من أبواب الحديث ، ولم يفرد له أول الامر تأليف خاص يفسر القران سورة سورة من مبدئه إلى منتهاه ، ثم انفصل التفسير تدريجيا عن الحديث ، وبدأت تظهر المحاولات الاولى للتاليف في تفسير القران تمثلت بـ كتب " غريب القران " التي تناولت ألفاظه فقط كـ كتب الرؤاسي ( ت 170 هـ ) والكسائي ( ت 189 هـ ) والفراء ( ت 207 هـ ) ، ثم ظهرت التفاسير الاولى التي تناولت السور والايات كـ تفسير ابن ماجه ( ت 273 هـ ) وابن جرير الطبري ( ت 310 هـ ) ، وابن المنذر النيسابوري ( ت 318 هـ ) وابن أبي حاتم ( ت 327 هـ ) . وتناولت هذه التفاسير الاولى غريب الالفاظ ، وإيراد ما ورد من الحديث وأقوال الصحابة والتابعين في تفسير بعض الايات . أنواع التفسير كانت المحاولات الاولى للتفسير تعتمد على المأثور من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما نقل عن السلف ، ثم تدرج التفسير بعد ذلك لتدوين العلوم العقلية إضافة للتفسير النقلي ، وبدأ هذا الجانب يتضخم شيئا فشيئا متأثرا بالمعارف العامة ، والعلوم المتنوعة ، والاراء المتشعبة ، والعقائد المتباينة ، وامتزج كل ذلك بالتفسير وتحكمت الاصطلاحات العلمية والعقائد المذهبية بـ عبارات القران الكريم ، وظهرت آثار الثقافات والفلسفات في تفاسير القران ، وراح كل من برع في فن من الفنون يفسر القران على الفن الذي برع فيه. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
30 / 11 / 2022, 37 : 06 PM | المشاركة رقم: 54 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح تفسير بالمأثور - أو التفسير النقلي - هو تفسير القران بما جاء في القرآن نفسه من تبيان لبعض آياته ، وبما أثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين . وقد كان هذا النوع من التفاسير أولها ظهورا كما تدرج خلال تطور هذا العلم من الرواية في عصر الصحابة والتابعين إلى التدوين في القرن الثاني ، لان الحديث كان أول ما اهتم العلماء بتدوينه ، ثم لما انفصل التفسير عن الحديث وأفرد بتأليف خاص كان أول ما ظهر فيه صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ، ثم ظهرت أجزاء في التفسير كـ جزء أبي روق ، وأجزاء محمد بن ثور عن ابن جريج ( 1 ) ، ثم ظهر التأليف الموسوعي في التفسير الذي جمع أصحابه فيه كل ما روي من التفسير المأثور كـ تفسير ابن جرير الطبري ، وتوسع أصحابها في النقل وأكثروا منه بالاسانيد المتصلة حتى استقاض . ثم وجد بعد ذلك أقوام دونوا التفسير بالمأثور بدون ذكر الاسانيد ، وأكثروا من نقل الاقوال بدون التفرقة بين الصحيح وغيره ، مما أفقد الثقة بها ، وبخاصة عن ابن عباس وعلي بن أبي طالب ، حتى نقل عن الامام الشافعي قوله :" لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث " ( 2 ) وهو عدد لا يكاد يذكر أمام ما يروى عن ابن عباس في التفسير ، وهذا يدل على مبلغ ما دخل في التفسير بالمأثور من الروايات الموضوعة والاسرائيلية ، ولقد كانت كثرة المرويات أكبر عامل في صرف همة العلماء إلى البحث والتمحيص ، والنقد والتعديل والتجريح ، وترجع أسباب الضعف في رواية التفسير بالمأثور إلى كثرة الوضع ، ودخول الاسرائيليات . أما الوضع فقد كان مصدره أهل البدع والاهواء والفرق ، والاقوام الذي دخلوا في الاسلام ظاهرا وهم يبطنون الكفر بقصد الكيد له وتضليل أهله ، فوضعوا الروايات الباطلة في تفسير القران ليصلوا إلى أغراضهم ، فكثرت الروايات ، وضمن مؤلفوا التفاسير هذه الروايات في كتبهم دون تحر منهم لصحة أسانيدها ، لان منهجهم في التأليف كان إيراد كل ما ورد من الروايات في الاية الواحدة تاركين أمر تمحيصها لثقافة القارئ . ولقد بذل المحدثون في هذه الفترة جهودا جبارة في مقاومة الوضع وتمييز الصحيح من الروايات عن غيره ، ووضعوا في ذلك التصانيف ، وأنشأوا علم مصطلح الحديث ، ووضعوا قواعد دقيقة جدا لمعرفة الصحيح من غيره ، حتى ميزوا الصحيح من الموضوع فحفظ الله بهم دينه ( والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) . التفسير والاسرائيليات * وأما الاسرائيليات : فيمكن تعريفها بـ : أنها الروايات المأخوذة عن اليهود والنصارى في أخبار أممهم السابقة وقصص أنبيائهم ، وإن كان الجانب اليهودي هو الذي اشتهر أمره ، وغلب على الجانب النصراني بسبب أغلبية اليهود في ذلك الوقت واختلاطهم مع المسلمين في بلادهم ، ولقد نزل القرآن بموضوعات وردت في التوراة والانجيل ، كـ قصة آدم عليه السلام ونزوله إلى الارض ، وقصة موسى عليه السلام مع قومه اليهود ، وقصة عيسى عليه السلام وأمه مريم ، كل ذلك ورد في القرآن الكريم موجزا يقتصر على ذكر العظة والعبرة من قصصهم دون التعرض لتفاصيل قصصهم ، وقد وجد المسلمون تفصيل هذا الايجاز عند أهل الديانات السابقة بما لا يتعارض مع شريعتهم ، فلجاوا إليهم ، واقتبسوا منهم ، دون تحر منهم لصحة هذه الاخبار . وقد أخبر الله تعالى في القرآن أن أهل الكتاب قد حرفوا كتبهم فقال :" يحرفون الكلم عن مواضعه " ( 1 ) وقال :" فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ، فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون " ( 2 ) . كما بين النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه الموقف الواجب اتخاذه تجاه أهل الكتاب فــ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا : آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ " . ( 3 ) ولكن المسلمين تساهلوا في الاخذ عن أهل الكتاب وهكذا دخلت الاسرائيليات في كتب التفسير ، وكانت مصادر الاسرائيليات تدور حول أربعة أشخاص هم : عبدالله بن سلام ، و كعب الاحبار ، و وهب بن منبه ، و عبدالملك بن عبدالعزيز بن جريح . الاسرائيليات وأثرها في التفسير بالمأثور قسم العلماء الاسرائيليات إلى ثلاثة أقسام : ( الاول ) مقبول وهو ما علم صحته بالنقل الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك كـ تعيين اسم الخصر عليه السلام ، إذ ورد فيه حديث صحيح عند البخاري في صحيحه ، في كتاب التفسير ، أو ما كان له شاهد من الشرع يؤيده . ( والثاني ) مسكوت عنه : وهو ما لم يعلم صحته ولا كذبه ، وهذا القسم تجوز حكايته للعظة والعبرة ، ولا نؤمن بصدقه ولا كذبه امتثالا لامر رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا . " ( والثالث ) مرفوض : وهو ما علم كذبه لتناقضه مع شريعتنا أو مخالفته للعقل ، ولا يصح تصديقه ولا قبوله ولا روايته ، وإذا رواه المفسر في تفسيره وجب عليه بيانه . وقد كان لهذه الاسرائيليات أثر سئ في التفسير ، إذ أدخلت فيه كثيرا من القصص الخيالي المخترع ، والاخبار المكذوبة ، وهذا ما دفع العلماء لمقاومتها ، وإخضاعها لمعايير نقد الرواية ، وموازين الشريعة لتمييز المقبول من المردود . وبسبب هذه الاسرائيليات تفاوتت الثقة في كثير من التفاسير التي وضعها كبار الائمة . أشهر من بين هذه الكتب ثمانية ، تفاوتت قيمتها عند الامة بين القبول والرفض ، وسنذكرها مع تبيان قيمة كل واحد منها : 1 - جامع البيان ؛ لـ ابن جرير الطبري ( ت 310 هـ ) ( 4 ) : وهو من أقدم التفاسير وأشهرها ، كما يعتبر المرجع الاول عند المفسرين بالنقل والعقل ، نظرا لما فيه من الروايات والاستنباطات ، وترجيح بعضها على بعض ، ويقع في ثلاثين جزئا من الحجم الكبير ، وهو مطبوع ، وتقوم دار المعرفة في بيروت بنشره ، كما قام العلامة أحمد شاكر ورحمه الله بتحقيق نصفه واخترته المنية قبل إتمامه . 2 - بحر العلوم ؛ لـ السمرقندي ( ت 373 هـ ) ( 5 ) : صاحبه هو الامام أبو الليث نصر بن محمد بن إبراهيم ، الفقيه الحنفي المعروف بإمام الهدى ، وهو تفسير لطيف مفيد لكنه يذكر الروايات مجردة عن أسانيدها ، دون ترجيح ، وقد خرج أحاديثه قاسم بن قطلوبغا ( ت 854 هـ ) ، وهذا التفسير مخطوط في ثلاث مجلدات كبار بدار الكتب المصرية . ـــــ مراجع : ( 1 ) سورة النساء ( 4 ) ، الاية ( 46 ) . ( 2 ) سورة البقرة ( 2 ) ، الاية ( 79 ) . ( 3 ) حديث صحيح أخرجه البخاري في كتاب التفسير من صحيحه . وعَنِ الزُّهْرِيِّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ أَبَاهُ أَبَا نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ وَمُرَّ بِجِنَازَةٍ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ هَلْ تَتَكَلَّمُ هَذِهِ الْجِنَازَةُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" اللَّهُ أَعْلَمُ " ، فَقَالَ الْيَهُودِيُّ : إِنَّهَا تَتَكَلَّمُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" مَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تَصْدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ ، وَقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُ " . ( 4 ) الذهبي ، التفسير والمفسرون 1 / 205 . ( 5 ) حاجي خليفة ، كشف الظنون 1 / 324 . 3 - - الكشف والبيان لـ الثعلبي - أو الثعالبي - ( ت 427 هـ ) ( 1 ) : صاحبه أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم النيسابوري المقرئ ، المفسر ، الحافظ ، الواعظ ، رأس التفسير والعربية ، قال ابن خلكان :" وصنف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير "، وقد ذكر الثعالبي في مقدمته لتفسيره منهجه ومصادره وأسانيدها إلى من يروي عنه ، واكتفى بذلك عن ذكر الاسانيد أثناء الكتاب وهو كتاب حافل بالاسرائيليات دون التنبيه عليها ، ويوجد منه مخطوط غير كامل في مكتبة الازهر ينتهي عند أواخر سورة الفرقان . 4 - معالم التنزيل ؛ لـ البغوي ( ت 516 هـ ) ( 2 ) : صاحبه أبو محمد الحسين بن مسعود ، الفراء ، البغوي ، الفقيه الشافعي ، المحدث ، وقد وصف الخازن هذا التفسير فقال :" من أجل المصنفات في علم التفسير وأعلاها ، وأنبلها وأسناها ، جامع للصحيح من الاقاويل ، عار عن الشبه والتصحيف والتبديل ، محلى بالاحاديث النبوية . " ، وقال عنه ابن تيمية في أصول التفسير :" والبغوي تفسيره مختصر من الثعلبي ، لكنه صان تفسيره عن الاحاديث الموضوعة والاراء المبتدعة " ، وسئل في فتاواه عن أي التفاسير أقرب إلى الكتاب والسنة : الزمخشري أم القرطبي أم البغوي ؟ فأجاب :" وأما التفاسير الثلاثة المسؤول عنها ، فأسلمها من البدعة والاحاديث الضعيفة البغوي . " . وقد طبع هذا التفسير مؤخرا بدار المعرفة في بيروت في ( 4 ) مجلدات بتحقيق خالد العك ومروان سوار . 5 - المحرر الوجيز ؛ لـ ابن عطية ( ت 546 هـ) : ( 3 ) مؤلفه أبو محمد عبدالحق بن غالب بن عطية الاندلسي المغربي الغرناطي ، الحافظ ، القاضي ، من بيت علم وأدب ، قال عنه أبو حيان :" أجل من صنف في علم التفسير ، وأفضل من تعرض فيه للتنقيح والتحرير " ، ويقارن بين تفسيره وتفسير الزمخشري فيقول :" وكتاب ابن عطية أنقل وأجمع وأخلص ، وكتاب الزمخشري ألخص وأغوص " . وقد طبع من هذا التفسير الجزء الاول في القاهرة ، ولا يزال الباقي مخطوطا ، وهو يقع في عشرة مجلدات كبار يوجد منه أجزاء بدار الكتب المصرية . 6 - تفسير القرآن العظيم ؛ لـ ابن كثير ( ت 774 هـ ) . 7 - الجواهر الحسان لـ الثعالبي ( ت 876 هـ ) . مؤلفه أبو زيد عبدالرحمن بن محمد بن مخلوف الجزائري المغربي المالكي ، الامام الحجة ، العالم ، الزاهد الورع ، وقد اعتمد في تفسيره على تفسير ابن عطية وأبي حيان وزاد عليهما ، وهو يذكر الروايات المأثورة بدون أسانيدها ، وإذا ذكر الاسرائيليات تعقبها بالنقد والتمحيص . وقد طبق الكتاب في الجزائر في أربعة أجزاء . 8 - الدر المنثور لـ السيوطي ( ت 911 هـ ) . اختصر السيوطي في هذا التفسير كتابا مسندا ألفه قبله هو " ترجمان القرآن " جمع فيه بضعة عشر ألف حديث ما بين مرفوع وموقوف بأسانيدها . ثم رأى حذف أسانيدها والاقتصار على متونها فقط وذكر من خرجها ، فوضع الدر المنثور ، وهو حافل بالاحاديث دونما تمييز بين صحيحها وسقيمها ويقتصر من بين سائر الكتب المذكورة سابقا على الحديث دون غيره ، وهو يحتاج لجهود كبيرة في الحكم على أحاديثه ، وقد طبع بدار المعرفة في بيروت في ست مجلدات كبار . ـــــــــ مراجع : ( 1 ) ياقوت الحموي ، معجم الادباء 5 / 37 . ( 2 ) الذهبي ، التفسير والمفسرون 1 / 234 . ( 3 ) أبو حيان ، البحر المحيط 1 / 10 . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
30 / 11 / 2022, 39 : 06 PM | المشاركة رقم: 55 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِوَضْعِ اللُّغَةِ أَوْ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ عَادَةِ صَاحِبِ الشَّرْعِ . وَكُلُّ تَأْوِيلٍ خَرَجَ عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَبَاطِلٌ . وَقَدْ فَتَحَ الشَّافِعِيُّ الْبَابَ فِي التَّأْوِيلِ فَقَالَ : الْكَلَامُ قَدْ يُحْمَلُ فِي غَيْرِ مَقْصُودِهِ . وَيُفْصَلُ فِي مَقْصُودِهِ . وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْآرَاءُ فِي التَّأْوِيلِ ، وَمَدَارُهُمْ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ ، فَيُضَعَّفُ التَّأْوِيلُ لِقُوَّةِ ظُهُورِ اللَّفْظِ ، أَوْ لِضَعْفِ دَلِيلِهِ أَوْ لَهُمَا . [ الزركشي ، بدر الدين بن محمد بهادر ، البحر المحيط ؛ فقه ، دار الكتبي ، سنة النشر: 1414هـ/1994م ، رقم الطبعة: ط1 ] وَقَسَّمَ شَارِحُ " اللُّمَعِ " تَأْوِيلَ الظَّاهِرِ إلَى ثَلَاثِهِ أَقْسَامٍ : أَحَدُهَا : تَأْوِيلُهُ عَلَى مَعْنًى يُسْتَعْمَلُ فِي ذَلِكَ كَثِيرًا ، فَهَذَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى إقَامَةِ الدَّلِيلِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِاللَّفْظِ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي : تَأْوِيلُهُ عَلَى مَعْنًى لَا يُسْتَعْمَلُ كَثِيرًا ، فَهَذَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى أَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا : بَيَانُ قَبُولِ اللَّفْظِ لِهَذَا التَّأْوِيلِ فِي اللُّغَةِ . وَ الثَّانِي : إقَامَةُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ هُنَا يَقْتَضِيهِ . وَ الثَّالِثُ : حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى مَعْنًى لَا يُسْتَعْمَلُ أَصْلًا ، فَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَلِيلُ التَّأْوِيلِ أَقْوَى مِنْ دَلِيلِ . قَالَ : وَهَلْ يَجُوزُ التَّأْوِيلُ بِالْقِيَاسِ ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ، ذَكَرَهَا فِي الْإِرْشَادِ : أَحَدُهَا : الْمَنْعُ . وَ الثَّانِي ، وَهُوَ الصَّحِيحُ : الْجَوَازُ ، لِأَنَّ مَا جَازَ التَّخْصِيصُ بِهِ جَازَ التَّأْوِيلُ بِهِ ، كَأَخْبَارِ الْآحَادِ . وَالثَّالِثُ : بِالْجَلِيِّ دُونَ الْخَفِيِّ ، وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الْأُصُولِيِّينَ بِذِكْرِ ضُرُوبٍ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ هَاهُنَا كَالرِّيَاضَةِ لِلْأَفْهَامِ لِيَتَمَيَّزَ الصَّحِيحُ مِنْهَا عَنْ الْفَاسِدِ ، حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهَا وَيَتَمَرَّنَ النَّاظِرُ فِيهَا . [ الزركشي ، بدر الدين بن محمد بهادر ، البحر المحيط ؛ فقه ، دار الكتبي ، سنة النشر: 1414هـ/1994م ، رقم الطبعة: ط1 ] | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
30 / 11 / 2022, 42 : 06 PM | المشاركة رقم: 56 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح التفسير و التأويل بمعنى ، أم يختلفان؟ اختلف العلماء : هل التفسير والتأويل بمعنى ، أم يختلفان؟ فذهب قوم يميلون الى العربية إلى أنهما بمعنى ، وهذا قول جمهور المفسرين المتقدمين . وذهب قوم يميلون الى الفقه الى اختلافهما ، فقالوا : التفسير: إخراج الشيء من مقام الخفاء الى مقام التجلى . و التأويل: نقل الكلام عن وضعه فيما يحتاج فى إثباته الى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ ، فهو مأخوذ من قولك : آل الشيء الى كذا ، أي صار إليه. [ ابن الجوزي ] 9 علم التفسير التَّفْسِيرُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: التَّفْسِيرُ : عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ فَهْمُ كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَيَانُ مَعَانِيهِ ، وَاسْتِخْرَاجُ أَحْكَامِهِ وَحِكَمِهِ ، وَاسْتِمْدَادُ ذَلِكَ مِنْ عِلْمِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ وَالتَّصْرِيفِ وَعِلْمِ الْبَيَانِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَاتِ ، وَيَحْتَاجُ لِمَعْرِفَةِ أَسْبَابِ النُّزُولِ وَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ . [ الزركشي ؛ بدر الدين محمد بن عبدالله ، البرهان في علوم القرآن ، دار المعرفة ، سنة النشر: 1410هـ ~ 1990م ] وَ قَالَ أَبُو حَيَّانَ ؛ التَّفْسِيرُ : عِلْمٌ يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ كَيْفِيَّةِ النُّطْقِ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ وَمَدْلُولَاتِهَا وَأَحْكَامِهَا الْإِفْرَادِيَّةِ وَالتَّرْكِيبِيَّةِ وَمَعَانِيهَا الَّتِي تُحْمَلُ عَلَيْهَا حَالَةُ التَّرْكِيبِ وَتَتِمَّاتٍ لِذَلِكَ . فَقَوْلُه :" عِلْمٌ " : جِنْسٌ . وَ قَوْلُه :" يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ كَيْفِيَّةِ النُّطْقِ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ " : هُوَ عِلْمُ الْقِرَاءَةِ . وَ قَوْلُه :" وَمَدْلُولَاتِهَا " أَيْ : مَدْلُولَاتِ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ ، وَهَذَا مَتْنُ عِلْمِ اللُّغَةِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي هَذَا الْعِلْمِ . وقَوْلُه :" وَأَحْكَامِهَا الْإِفْرَادِيَّةِ وَالتَّرْكِيبِيَّةِ " : هَذَا يَشْمَلُ عِلْمَ التَّصْرِيفِ وَالْبَيَانِ وَالْبَدِيعِ . وَ قَوْلُه :" وَمَعَانِيهَا الَّتِي تُحْمَلُ عَلَيْهَا حَالَةُ التَّرْكِيبِ " : يَشْمَلُ مَا دَلَالَتُهُ بِالْحَقِيقَةِ ، وَمَا دَلَالَتُهُ بِالْمَجَازِ ، فَإِنَّ التَّرْكِيبَ قَدْ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ شَيْئًا ، وَيَصُدُّ عَنِ الْحَمْلِ عَلَيْهِ صَادٌّ ، فَيُحْمَلُ عَلَى غَيْرِهِ ، وَهُوَ الْمَجَازُ . وَ قَوْلُه :" وَتَتِمَّاتٍ لِذَلِكَ " : هُوَ مِثْلَ مَعْرِفَةِ النَّسْخِ ، وَسَبَبِ النُّزُولِ ، وَقِصَّةٍ تُوَضِّحُ بَعْضَ مَا أُبْهِمَ فِي الْقُرْآنِ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
30 / 11 / 2022, 46 : 06 PM | المشاركة رقم: 57 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح قال الزركشي كما جاء في البرهان : " وَأُمُّ [ عُلُومِ ] الْقُرْآنِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ : 1 . ) تَوْحِيدٌ ، فَالتَّوْحِيدُ تَدْخُلُ فِيهِ مَعْرِفَةُ الْمَخْلُوقَاتِ وَمَعْرِفَةُ الْخَالِقِ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ . لقول مَن تعالى في سماه وتقدس اسماه :" وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ " [ الْبَقَرَةِ : 163 ] ، فِيهِ التَّوْحِيدُ كُلُّهُ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ ، وَ 2 . ) تَذْكِيرٌ ، وَمِنْهُ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ ، وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ ، وَتَصْفِيَةُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ ؛ لقوله تعالى ذكره : " وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ " [ الذَّارِيَاتِ : 55 ] ، وَ 3 . ) أَحْكَامٌ ، وَمِنْهَا التَّكَالِيفُ كُلُّهَا وَتَبْيِينُ الْمَنَافِعِ وَالْمَضَارِّ وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالنَّدْبُ ؛ لقول الحق تبارك وتعالى : " وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ " [ الْمَائِدَةِ : 49 ] . [ الزركشي ؛ بدر الدين محمد بن عبدالله ، علوم القرآن ، البرهان في علوم القرآن ، ، دار المعرفة ، سنة النشر: 1410هـ / 1990م ] . 2 فــ قال صاحب المنار : " مَا نَزَلَ الْقُرْآنُ لِأَجْلِهِ أُمُورٌ : أَحَدُهَا : التَّوْحِيدُ ؛ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا كُلُّهُمْ وَثَنِيِّينَ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يَدَّعِي التَّوْحِيدَ . ثَانِيهَا : وَعْدُ مَنْ أَخَذَ بِهِ وَتَبْشِيرُهُ بِحُسْنِ الْمَثُوبَةِ ، وَوَعِيدُ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِهِ وَإِنْذَارُهُ بِسُوءِ الْعُقُوبَةِ . وَالْوَعْدُ يَشْمَلُ مَا لِلْأُمَّةِ وَمَا لِلْأَفْرَادِ فَيَعُمُّ نِعَمَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَسَعَادَتَهُمَا ، وَالْوَعِيدُ كَذَلِكَ يَشْمَلُ نِقَمَهُمَا وَشَقَاءَهُمَا ، فَقَدْ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ بِالِاسْتِخْلَافِ فِي الْأَرْضِ ، وَالْعِزَّةِ وَالسُّلْطَانِ وَالسِّيَادَةِ ، وَأَوْعَدَ الْمُخَالِفِينَ بِالْخِزْيِ وَالشَّقَاءِ فِي الدُّنْيَا ، كَمَا وَعَدَ بِالنَّعِيمِ . وَأَوْعَدَ بِنَارِ الْجَحِيمِ فِي الْآخِرَةِ . ثَالِثُهَا : الْعِبَادَةُ الَّتِي تُحْيِي التَّوْحِيدَ فِي الْقُلُوبِ وَتُثْبِتُهُ فِي النُّفُوسِ . رَابِعُهَا : بَيَانُ سَبِيلِ السَّعَادَةِ وَكَيْفِيَّةِ السَّيْرِ فِيهِ الْمُوصِّلِ إِلَى نِعَمِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . خَامِسُهَا : قَصَصُ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَخَذَ بِأَحْكَامِ دِينِهِ ، وَأَخْبَارُ الَّذِينَ تَعَدَّوْا حُدُودَهُ وَنَبَذُوا أَحْكَامَ دِينِهِ ظِهْرِيًّا لِأَجْلِ الِاعْتِبَارِ ، وَاخْتِيَارُ طَرِيقِ الْمُحْسِنِينَ وَمَعْرِفَةُ سُنَنِ اللَّهِ فِي الْبَشَرِ . هَذِهِ هِيَ الْأُمُورُ الَّتِي احْتَوَى عَلَيْهَا الْقُرْآنُ ، وَفِيهَا حَيَاةُ النَّاسِ وَسَعَادَتُهُمُ الدُّنْيَوِيَّةُ وَالْأُخْرَوِيَّةُ . [ رضا ؛ محمد رشيد ، تفسير المنار ، الهيئة المصرية للكتاب ، دون ذكر سنة النشر ] *..*..*..* 3 وَقَالَ أَبُو الْحَكَمِ بْنُ بَرَّجَانَ فِي كِتَابِ " الْإِرْشَادِ " : " وَجُمْلَةُ الْقُرْآنِ تَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ عُلُومٍ : 1. ) عِلْمِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ ، ثُمَّ 2. ) عِلْمِ النُّبُوَّةِ وَبَرَاهِينِهَا ، ثُمَّ 3. ) عِلْمِ التَّكْلِيفِ وَالْمِحْنَةِ " . قَالَ : " وَهُوَ أَعْسَرُ لِإِغْرَابِهِ وَقِلَّةِ انْصِرَافِ الْهِمَمِ إِلَى تَطَلُّبِهِ مِنْ مَكَانِهِ " . . ثم يقول الزركشي في برهانه : وَ قَالَ غَيْرُهُ : الْقُرْآنُ يَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ مِنَ الْعُلُومِ : أَمْرٍ ، وَ نَهْيٍ ، وَ خَبَرٍ وَ اسْتِخْبَارٍ - وَ قِيلَ سِتَّةٌ - وَ زَادَ الْوَعْدَ وَ الْوَعِيدَ . وَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ : " يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ : 1. ) التَّوْحِيدِ ، وَ 2. ) الْأَخْبَارِ ، وَ 3. ) الدِّيَانَاتِ ؛ وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ " [ الْإِخْلَاصِ : 1 ] : تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ ". وَهَذِهِ السُّورَةُ تَشْمَلُ التَّوْحِيدَ كُلَّهُ " . وَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى : " الْقُرْآنُ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثِينَ شَيْئًا : 1. ) الْإِعْلَامِ وَ 2. ) التَّنْبِيهِ ، وَ 3. ) الْأَمْرِ وَ 4 . ) النَّهْيِ ، وَ 5. ) الْوَعْدِ وَ 6 . ) الْوَعِيدِ ، وَ 7 . ) وَصْفِ الْجَنَّةِ وَ 8 . ) النَّارِ ، وَ 9 . ) تَعْلِيمِ الْإِقْرَارِ بِاسْمِ اللَّهِ وَ 10 . ) صِفَاتِهِ وَ 11 . ) أَفْعَالِهِ ، وَ 12 . ) تَعْلِيمِ الِاعْتِرَافِ بِإِنْعَامِهِ ، وَ 13 . ) الِاحْتِجَاجِ عَلَى الْمُخَالِفِينَ ، وَ 14 . ) الرَّدِّ عَلَى الْمُلْحِدِينَ ، وَ 15 . ) الْبَيَانِ عَنِ الرَّغْبَةِ وَ 16 . ) الرَّهْبَةِ ، وَ 17 . ) الْخَيْرِ وَ 18 . ) الشَّرِّ ، وَ 19 . ) الْحَسَنِ وَ 20 . ) الْقَبِيحِ ، وَ 21 . ) نَعْتِ الْحِكْمَةِ ، وَ 22 . ) فَضْلِ الْمَعْرِفَةِ ، وَ 23 . ) مَدْحِ الْأَبْرَارِ وَ 24 . ) ذَمِّ الْفُجَّارِ ، وَ 25 . ) التَّسْلِيمِ وَ 26 . ) التَّحْسِينِ ، وَ 27 . ) التَّوْكِيدِ وَ 28 . ) التَّقْرِيعِ ، وَ 29 . ) الْبَيَانِ عَنْ ذَمِّ الْإِخْلَافِ وَ 30. ) شَرَفِ الْأَدَاءِ " . قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْمَعَالِي عَزِيزِي : " وَعَلَى التَّحْقِيقِ أَنَّ تِلْكَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي قَالَهَا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ تَشْمَلُ هَذِهِ كُلَّهَا بَلْ أَضْعَافَهَا ؛ فَإِنَّ الْقُرْآنَ لَا يُسْتَدْرَكُ وَلَا تُحْصَى غَرَائِبُهُ وَعَجَائِبُهُ ؛ قَالَ تَعَالَى :" وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ " [ الْأَنْعَامِ : 59 ] قال الزركشي : و َقَالَ غَيْرُهُ : عُلُومُ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ أَرْبَعَةٌ : 1 . ) الْإِعْرَابُ ؛ وَهُوَ فِي الْخَبَرِ . وَ 2. ) النَّظْمُ ؛ وَهُوَ الْقَصْدُ ، نَحْوَ :" وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ " [ الطَّلَاقِ : 4 ] ، مَعْنًى بَاطِنٌ نُظِمَ بِمَعْنًى ظَاهِرٍ . وَقَوْلُهُ :" قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ " [ يُونُسَ : 34 ] ، كَأَنَّهُ قِيلَ : قَالُوا : وَمَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ؟ فَأُمِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ :" اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ " [ يُونُسَ : 34 ] ، لَفْظٌ ظَاهِرٌ نُظِمَ بِمَعْنًى بَاطِنٍ . وَ 3 . ) التَّصْرِيفُ فِي الْكَلِمَةِ ؛ كَأَقْسَطَ : عَدَلَ ، وَقَسَطَ : جَارَ . وَبَعُدَ : ضِدُّ قَرُبَ ، وَبَعِدَ : هَلَكَ . وَ 4 . ) الِاعْتِبَارُ ؛ وَهُوَ مِعْيَارُ الْأَنْحَاءِ الثَّلَاثَةِ ، وَبِهِ يَكُونُ الِاسْتِنْبَاطُ وَالِاسْتِدْلَالُ ، وَهُوَ كَثِيرٌ ، مِنْهُ مَا يُعْرَفُ بِفَحْوَى الْخِطَابِ . وَمَعْنَى اعْتَبَرْتُ الشَّيْءَ طَلَبْتُ بَيَانَهُ ، عَبَّرْتُ الرُّؤْيَا : بَيَّنْتُهَا ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :" فَاعْتَبِرُوا " [ الْحَشْرِ : 2 ] [ الزركشي ؛ بدر الدين محمد بن عبد الله ، البرهان في علوم القرآن ، دار المعرفة ، سنة النشر: 1410هـ / 1990م ] الرَّمَادِيُ من الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
30 / 11 / 2022, 48 : 06 PM | المشاركة رقم: 58 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح [ 1 مقدمة القرآن ، أَوَّلُ مَا نَزَلَ ] « التفسير والتأويل لما جاء في محكم التنزيل » أول ما نزل من القرآن التعديل الأخير تم بواسطة دكتور محمد فخر الدين الرمادي ; 30 / 11 / 2022 الساعة 51 : 06 PM | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
30 / 11 / 2022, 58 : 06 PM | المشاركة رقم: 59 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح قال القرطبي :" ذَكَرَ الْقَاضِي ابْنُ الطَّيِّبِ اخْتِلَافَ النَّاسِ فِي أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ " . ***فَقِيلَ : الْمُدَّثِّرُ . وَ قِيلَ : اقْرَأْ . وَ قِيلَ : الْفَاتِحَةُ . تأصيل المسألة : قال صاحب المنار :" ذَكَرَ الْحَافِظُ السَّيُوطِيُّ فِي الْإِتْقَانِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ فِي أَوَّلِ مَا أُنْزِلَ : أَحَدُهَا : وَهُوَ الصَّحِيحُ " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ " ( 96 ) ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ . وما يؤكد هذا القول ما ذكره العسقلاني في فتح الباري ، فقد بوَّب البخاري في صحيحه " بدء الوحي " ، فــ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ؛ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : " أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ [ الصَّادِقَةُ ] فِي النَّوْمِ فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ ـ وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ ـ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ :" اقْرَأْ ! " قَالَ :" مَا أَنَا بِقَارِئٍ " قَالَ :" فَأَخَذَنِي ؛ فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ " ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَــ قَالَ :" اقْرَأْ " قُلْتُ :" مَا أَنَا بِقَارِئٍ " ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ : " اقْرَأْ " فَقُلْتُ :" مَا أَنَا بِقَارِئٍ " فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ :" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ [ حَتَّى بَلَغَ " مَا لَمْ يَعْلَمْ " ] . فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَ : " زَمِّلُونِي ؛ زَمِّلُونِي " فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ :" لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي ". فَقَالَتْ خَدِيجَةُ : " كَلَّا ، [ أَبْشِرْ فَوَاللَّهِ ] وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ ، [ وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ ] ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ " [ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ . وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِالرَّزَّاقِ .] ... فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِالْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ ، وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ؛ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ ؛ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ : " يَا ابْنَ عَمِّ ؛ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ " فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ : " يَا ابْنَ أَخِي ؛ مَاذَا تَرَى !" فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ : " هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى ، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا ؛ لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ !!!" قَالَ : " نَعَمْ ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا " . ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ . قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ : " بَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ السَّمَاءِ ؛ فَرَفَعْتُ بَصَرِي فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَرُعِبْتُ مِنْهُ ، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ : " زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي !! " فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ .. " إِلَى قَوْلِهِ :" وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ " ؛ فَحَمِيَ الْوَحْيُ وَتَتَابَعَ تَابَعَهُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَأَبُو صَالِحٍ وَتَابَعَهُ هِلَالُ بْنُ رَدَّادٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ يُونُسُ وَمَعْمَرٌ بَوَادِرُهُ " . كما وجاء في الإتقان : " وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ وَصَحَّحَاهُ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ." وآكد على هذه الرواية الواحدي . وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ بِسَنَدٍ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ : عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ قَالَ : كَانَ أَبُومُوسَى يُقْرِئُنَا فَيُجْلِسُنَا حِلَقًا ، عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَبْيَضَانِ ، فَإِذَا تَلَا هَذِهِ السُّورَةَ : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . " [ الْعَلَقِ : 1 ] قَالَ : " هَذِهِ أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ : " اقْرَأْ ! " قَالَ : " وَمَا أَقْرَأُ ؟ فَوَالِلَّهِ مَا أَنَا بِقَارِئٍ " فَقَالَ :" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [ الْعَلَقِ : 1 ] ، فَكَانَ يَقُولُ : هُوَ أَوَّلُ مَا أُنْزِلَ. وَقَالَ أَبُوعُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِهِ : عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : " إِنَّ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ، وَ " ن وَالْقَلَمِ " [ الْقَلَمِ : 1 ] . وَأَخْرَجَ ابْنُ أَشْتَةَ فِي كِتَابِ " الْمَصَاحِفِ " عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ ، قَالَ : جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَمَطٍ . فَقَالَ : " اقْرَأْ " . قَالَ : " مَا أَنَا بِقَارِئٍ " . قَالَ : " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ " [ الْعَلَقِ : 1 ] ، فَيَرَوْنَ أَنَّهَا أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ مِنَ السَّمَاءِ . وَأَخْرَجَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِحِرَاءَ ، إِذْ أَتَى مَلَكٌ بِنَمَطٍ مِنْ دِيبَاجٍ فِيهِ مَكْتُوبٌ : " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ إِلَى مَا لَمْ يَعْلَمْ " [ الْعَلَقِ : 1 - 5 ] . وذكر الواحدي :" عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ قَالَا : أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " . فَهُوَ أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ بِمَكَّةَ ، وَأَوَّلُ سُورَةٍ " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ " . وقال الواحدي " عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ الْمَخْزُومِيُّ: أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ عُلَمَائِهِمْ يَقُولُ : كَانَ أَوَّلُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ " فَقَالُوا : هَذَا صَدْرُهَا [ الَّذِي ] أُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حِرَاءٍ ، ثُمَّ أُنْزِلَ آخِرُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا شَاءَ اللَّهُ . *** قال الواحدي : وَأَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الَّذِي رُوِيَ : " أَنَّ أَوَّلَ مَا نَزَلَ سُورَةُ الْمُدَّثِّرِ" فَهُوَ مَا : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِالرَّحْمَنِ: " أَيُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ قَبْلُ ؟ ، قَالَ :" يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ " ، قُلْتُ : أَوْ " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ؟ " ، قَالَ : سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ: " أَيُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ قَبْلُ ؟ " ، قَالَ : " يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ " ، قَالَ : قُلْتُ : " أَوْ " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ؟ " ، قَالَ جَابِرٌ: أُحَدِّثُكُمْ مَا حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ شَهْرًا ، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي نَزَلْتُ فَاسْتَبْطَنْتُ بَطْنَ الْوَادِي ، فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أَمَامِي وَخَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي ، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ فِي الْهَوَاءِ - يَعْنِي جِبْرِيلَ - فَأَخَذَتْنِي رَجْفَةٌ . فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَأَمَرْتُهُمْ فَدَثَّرُونِي ثُمَّ صَبُّوا عَلَيَّ الْمَاءَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ؛ عَلَيَّ : " يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ " . رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ . قلت ؛ الرمادي : وهذا القول الثاني كما ذكر في الإتقان ونقله صاحب المنار ، ثم قال الواحدي :" وَهَذَا لَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِمَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا ، وَذَلِكَ : أَنَّ جَابِرًا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ هَذِهِ ] الْقِصَّةَ الْأَخِيرَةَ وَلَمْ يَسْمَعْ أَوَّلَهَا فَتَوَهَّمَ أَنَّ سُورَةَ الْمُدَّثِّرِ أَوَّلُ مَا نَزَلَ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَلَكِنَّهَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ بَعْدَ سُورَةِ " اقْرَأْ " وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى هَذَا . " قال صاحب المنار : و ثَانِيهَا :" يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ " ( 74 ) [ الْمُدَّثِّرِ : 1 ] ، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ ، كما ذكرت أنفاً. يقول السيوطي في الإتقان :" وَأَجَابَ الْأَوَّلُ ، عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَجْوِبَةٍ : يقول السيوطي في الإتقان :" وَأَجَابَ الْأَوَّلُ ، عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَجْوِبَةٍ : أَحَدُهَا : أَنَّ السُّؤَالَ كَانَ ، عَنْ نُزُولِ سُورَةٍ كَامِلَةٍ ، فَبَيَّنَ أَنَّ سُورَةَ الْمُدَّثِّرِ نَزَلَتْ بِكَمَالِهَا قَبْلَ نُزُولِ تَمَامِ السُّورَةِ اقْرَأْ ، فَإِنَّهَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنْهَا صَدْرُهَا . وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ - أَيْضًا - عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ جَابِرٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُحَدِّثُ ، عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ ، فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ : بَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ ... " الحديث. فَقَوْلُهُ " الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءَ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ مُتَأَخِّرَةٌ ، عَنْ قِصَّةِ حِرَاءَ الَّتِي نَزَلَ فِيهَا اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ . ثَانِيهَا : أَنَّ مُرَادَ جَابِرٍ بِالْأَوَّلِيَّةِ أَوَّلِيَّةٌ مَخْصُوصَةٌ بِمَا بَعْدَ فَتْرَةِ الْوَحْيِ ، لَا أَوَّلِيَّةٌ مُطْلَقَةٌ . ثَالِثُهَا : أَنَّ الْمُرَادَ أَوَّلِيَّةٌ مَخْصُوصَةٌ بِالْأَمْرِ بِالْإِنْذَارِ وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ ، عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ : أَوَّلُ مَا نَزَلَ لِلنُّبُوَّةِ " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ " [ الْعَلَقِ : 1 ] ، وَأَوَّلُ مَا نَزَلَ لِلرِّسَالَةِ " يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ "[ الْمُدَّثِّرِ : 1 ] . رَابِعُهَا : أَنَّ الْمُرَادَ أَوَّلُ مَا نَزَلَ بِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ ، وَهُوَ مَا وَقَعَ مِنَ التَّدَثُّرِ النَّاشِئِ ، عَنِ الرُّعْبِ ، وَأَمَّا " اقْرَأْ " ابْتِدَاءً فَنَزَلَتْ بِغَيْرِ سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ . ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ . خَامِسُهَا : أَنَّ جَابِرًا اسْتَخْرَجَ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِ ، وَلَيْسَ هُوَ مِنْ رِوَايَتِهِ ، فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ. قَالَهُ الْكَرْمَانِيُّ. ثم يعلق السيوطي بوقاه :" وَأَحْسَنُ هَذِهِ الْأَجْوِبَةِ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ " . قال الواحدي تعليقا على الرواية التي :" عَنْ جَابِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ - فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ : " فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ "قال : رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، فَبَانَ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْوَحْيَ كَانَ قَدْ فَتَرَ بَعْدَ نُزُولِ " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ " . ثُمَّ نَزَلَ " يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ " ، وَالَّذِي يُوَضِّحُ مَا قُلْنَا ـ الحديث مازال مع الواحدي ـ إِخْبَارُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمَلَكَ الَّذِي جَاءَ بِحِرَاءٍ جَالِسٌ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ إِنَّمَا كَانَتْ بَعْدَ نُزُولِ " اقْرَأْ " . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
30 / 11 / 2022, 04 : 07 PM | المشاركة رقم: 60 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح سُورَةُ الْفَاتِحَةِ ، قَالَ فِي الْكَشَّافِ : ذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ إِلَى أَنَّ أَوَّلَ سُورَةٍ نَزَلَتْ " اقْرَأْ " ، وَأَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ أَوَّلَ سُورَةٍ نَزَلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ . قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ هُوَ الْأَوَّلُ . وَأَمَّا الَّذِي نَسَبَهُ إِلَى الْأَكْثَرِ فَلَمْ يَقُلْ بِهِ إِلَا عَدَدٌ أَقَلُّ مِنَ الْقَلِيلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ قَالَ . بِالْأَوَّلِ وَحُجَّتُهُ : مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ ، وَالْوَاحِدِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ أَنَّ رَسُولَ الِلَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ لِخَدِيجَةَ : " إِنِّي إِذَا خَلَوْتُ وَحْدِي سَمِعْتُ نِدَاءً ، فَقَدْ وَالِلَّهِ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ هَذَا أَمْرًا ". فَقَالَتْ : " مَعَاذَ الِلَّهِ ، مَا كَانَ الِلَّهُ لِيَفْعَلَ بِكَ ، فَوَالِلَّهِ إِنَّكَ لَتُؤَدِّي الْأَمَانَةَ ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ ، وَتَصْدُقُ الْحَدِيثَ " . فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَلَيْسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَّ ، ذَكَرَتْ خَدِيجَةُ حَدِيثَهُ لَهُ قَالَتْ :" يَا عَتِيقُ ، اذْهَبْ مَعَ مُحَمَّدٍ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ ." ، فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَقَالَ :" انْطَلِقْ بِنَا إِلَى وَرَقَةَ " فَقَالَ : " وَمَنْ أَخْبَرَكَ " . قَالَ : " خَدِيجَةُ " وَ قَالَتْ : " اذْهَبْ مَعَ مُحَمَّدٍ إِلَى وَرَقَةَ ". فَانْطَلَقَا فَقَصَّا عَلَيْهِ فَقَالَ : " إِذَا خَلَوْتُ وَحْدِي سَمِعْتُ نِدَاءً خَلْفِي : يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَأَنْطَلِقُ هَارِبًا فِي الْأُفُقِ " فَقَالَ ورقة : " لَا تَفْعَلْ ، إِذَا أَتَاكَ فَاثْبُتْ حَتَّى تَسْمَعَ مَا يَقُولُ ، ثُمَّ ائْتِنِي فَأَخْبِرْنِي " . فَلَمَّا خَلَا نَادَاهُ يَا مُحَمَّدُ قُلْ : " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ "... حَتَّى بَلَغَ " وَلَا الضَّالِّينَ . . . قُلْ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " . فَأَتَى وَرَقَةَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ؛ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ : " أَبْشِرْ ثُمَّ أَبْشِرْ ، فَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَأَنَّكَ عَلَى مِثْلِ نَامُوسِ مُوسَى ، وَأَنَّكَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَأَنَّكَ سَوْفَ تُؤْمَرُ بِالْجِهَادِ بَعْدَ يَوْمِكَ هَذَا ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي ذَلِكَ لَأُجَاهِدَنَّ مَعَكَ " . فَلَمَّا تُوُفِّيَ وَرَقَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَقَدْ رَأَيْتُ الْقَسَّ فِي الْجَنَّةِ عَلَيْهِ ثِيَابُ الْحَرِيرِ ، لِأَنَّهُ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي ؛ يَعْنِي وَرَقَةَ " " الْحَدِيثَ . هَذَا مُرْسَلٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : هَذَا مُنْقَطِعٌ . يَعْنِي هَذَا الْحَدِيثَ ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ نُزُولِهَا بَعْدَمَا نَزَلَ عَلَيْهِ : " اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ " وَ " يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ " . وقال السُّيُوطِيُّ فِي الْحَدِيثِ : هَذَا مُرْسَلٌ ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ . يقول صاحب المنار :" وَجَمَعُوا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ أَوَّلُ مَا نَزَلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، وَهُوَ صَدْرُ سُورَةِ " اقْرَأْ " . وَالثَّانِي أَوَّلُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بِتَمَامِهَا ، أَوِ الثَّانِي أَوَّلُ مَا نَزَلَ بَعْدَ فَتْرَةِ الْوَحْيِ آمِرًا بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ . وَقِيلَ فِي الْجَمْعِ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا فِي " الْإِتْقَانِ " . * جاء في المنار :" هَذَا - وَأَمَّا الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ ؛ الشيخ محمد عبده فَقَدْ رَجَّحَ أَنَّهَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ قَوْلَهُ تَعَالَى :" اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ" وَنَزَعَ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى ذَلِكَ مَنْزَعًا غَرِيبًا فِي حِكْمَةِ الْقُرْآنِ وَفِقْهِ الدِّينِ فَقَالَ مَا مِثَالُهُ . وَمِنْ آيَةِ ذَلِكَ : أَنَّ السُّنَّةَ الْإِلَهِيَّةَ فِي هَذَا الْكَوْنِ - سَوَاءٌ أَكَانَ كَوْنَ إِيجَادٍ أَوْ كَوْنَ تَشْرِيعٍ - أَنْ يُظْهِرَ سُبْحَانَهُ الشَّيْءَ مُجْمَلًا ثُمَّ يَتْبَعُهُ التَّفْصِيلُ بَعْدَ ذَلِكَ تَدْرِيجًا ، وَمَا مَثَلُ الْهِدَايَاتِ الْإِلَهِيَّةِ : إِلَّا مَثَلُ الْبَذْرَةِ وَالشَّجَرَةِ الْعَظِيمَةِ ، فَهِيَ فِي بِدَايَتِهَا مَادَّةُ حَيَاةٍ تَحْتَوِي عَلَى جَمِيعِ أُصُولِهَا ثُمَّ تَنْمُو بِالتَّدْرِيجِ حَتَّى تَبَسُقَ فُرُوعُهَا بَعْدَ أَنْ تَعْظُمَ دَوْحَتُهَا ثُمَّ تَجُودُ عَلَيْكَ بِثَمَرِهَا . **** | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018