الإهداءات | |
ملتقى السيرة النبويه ملتقى خاص بسيرته ... سنته ... آل بيته ... أصحابه ... نصرته والدفاع عنه . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | دكتور محمد فخر الدين الرمادي | مشاركات | 0 | المشاهدات | 2418 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
09 / 10 / 2024, 12 : 05 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : ملتقى السيرة النبويه أَوَّلُ هَدِيَّةٍ أُهْدِيَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـــــــــــــــــــــــ المواساة : فصلٌ متمم لمسألة المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة المباركة مباشرة في المدينة المنورة . ـــــــــــــــــــــــ أولُ طعامٍ جيء به إليه صلى الله عليه وسلم في دار أبي أيوب قصعة أم زيد بن ثابت . فـ في أوَّلِ الإسلامِ ؛ وخاصة بداية العهد المدني عاشَ أصحابُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ؛ ورضوان الله تعالى عليهم جميعاً في قِلَّةٍ مِن العيشِ وقِلَّةِ الزَّادِ وقلة الأموال ، فـ تَحمَّلوا الجوعَ والفقرَ ، بيد أنهم علوا بالإيمان بين الناس ؛ وارتفعوا بالعقيدة بين الأنام ، وكان النَّبيُّ المصطفى صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كثيرًا ما يُصبِّرُهم ويُواسيهم ويُعلِّمُهم أنَّ اللهَ ادَّخَر لهم نَعيمًا عظيمًا ليس مِثلَه نعيمٌ . فـ من روائع المواساة بين المهاجرين والأنصار في العهد المدني ؛ والتي حدثت في اللحظات الأولى بعد الهجرة والتي يصلح تعلمها كدروس أولية من أحداث السيرة المحمدية النبوية في المرحلة المدنية ، ذلك ؛ فحين هاجَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى المدينةِ المنوَّرةِ ، ونَزَل في أوَّلِ قُدومِه في دِيارِ أخوالِه بَني النَّجَّارِ في دارِ أبي أيُّوبَ [(خالد)] الأنصاريِّ رَضيَ اللهُ عنه ، فأحْسَنَ ضِيافتَه وأكْرَمَ وِفادتَه . فـ رَوَى عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ :„ أَوَّلُ هَدِيَّةٍ أُهْدِيَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَزَلَ دَارَ أَبِي أَيُّوبَ أَنَا [( أي: زَيْد )] جِئْتُ بِهَا ، قَصْعَةٌ فِيهَا خُبْزٌ [برّ بسمن] مَثْرُودٌ بِلَبَنٍ وَسَمْنٍ “ ، فَقُلْتُ : „ أَرْسَلَتْ بِهَذِهِ الْقَصْعَةِ أُمِّي “ . [ فوضعتها بين يديه] ، فَقَالَ : « „ بارك الله فيها» وفي رواية قَالَ : « „ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ “ » ؛ وَدَعَا أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا ، قال زَيْدٌ: „ فلم أرم الباب “ : أي أرده ؛ حتى جاءت قصعة سعد بن عبادة : ثريد وعَراق لحم ؛ أي : عظم عليه لحم ، فإن أخذ عنه اللحم قيل له عُراق . ثُمَّ جَاءَتْ „ قَصْعَةُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ : ثَرِيدٌ وَعِرَاقُ لَحْمٍ “ ، وكانت جفنة سعد بن عبادة ؛ بعد ذلك تدور معه صلى الله عليه وسلم في بيوت أزواجه ، فقد جاء « كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم من سعد بن عبادة جفنة من ثريد » أي عليه لحم أو خبز في لبن أو في سمن أو في عسل أو بخل وزيت ، في كل يوم تدور معه أينما دار مع نسائه ، وصارت تأتي إليه جفنة أسعد بن زرارة كل ليلة ، وصار وهو في بيت أبي أيوب يأتي إليه الطعام من غيرهما ، وَمَا كَانَتْ مِنْ لَيْلَةٍ ، إِلَّا وَعَلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : „ الثَّلَاثَةُ “ ؛ وَ „ الْأَرْبَعَةُ “ يَحْمِلُونَ الطَّعَامَ يَتَنَاوَبُونَ ، وَكَانَ مُقَامُهُ فِي دَارِ أَبِي أَيُّوبَ سَبْعَةَ(!) أَشْهُرٍ . و في لفظ «وجعل بنو النجار يتناوبون في حمل الطعام إليه صلى الله عليه وسلم زمن مقامه في منزل أبي أيوب رضي الله تعالى عنه وهو تسعة(!) أشهر . و قد جاء «كان أحب الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم „ الثريد “ » و مما يتناسب مع هذا المقام أنه: " ولما بني المسجد جعل في المسجد محلا مظللا يأوي إليه المساكين يسمى الصُفّة ، وكان أهله يسمون أهل الصفة(*) ، وكان صلى الله عليه وسلم في وقت العشاء يفرقهم على أصحابه ويتعشى معه منهم طائفة . وظاهر السياق أن ذلك: أي المحل فعل في زمن بناء المسجد وآوى إليه المساكين من حينئذ ، لكن روى البيهقي عن عثمان بن اليمان قال: « لما كثر المهاجرون بالمدينة ولم يكن لهم زاد ولا مأوى ، أنزلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ، وسماهم أصحاب الصُفة ؛ وكان يجالسهم ويأنس بهم ، أي : وكان إذا صلى أتاهم فوقف عليهم فقال : « „ لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن تزدادوا فقرا وحاجة “ » . » . فقد جاء في صحيح سنن الترمذي : عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ [الأنصاري رَضِي اللهُ عَنه] أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا صَلَّى بِالنَّاسِ يَخِرُّ رِجَالٌ مِنْ قَامَتِهِمْ(1) فِي الصَّلَاةِ مِنْ الْخَصَاصَةِ(2) وَهُمْ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ حَتَّى يَقُولَ الْأَعْرَابُ(3) هَؤُلَاءِ مَجَانِينُ [أَوْ مَجَانُونَ](**) فَإِذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ(4) فَقَالَ: « „ لَوْ تَعْلَمُونَ(5) مَا لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ لَأَحْبَبْتُمْ أَنْ تَزْدَادُوا فَاقَةً وَحَاجَةً “ » . قَالَ فَضَالَةُ : „ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “ . قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، الحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي ؛ وتجده في : صحيح الجامع ، وصحيح ابن حبان . ــــــــــــــــــــــــــــــ. (*) هُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ فُقَرَاءُ ؛ غُرَبَاءُ ، وَكَانُوا سَبْعِينَ ؛ وَيَقِلُّونَ حِينًا ، وَيَكْثُرُونَ حِينًا ، يَسْكُنُونَ صُفَّةَ الْمَسْجِدِ ؛ لَا مَسْكَنَ لَهُمْ وَلَا مَالَ وَلَا وَلَدَ ، وَكَانُوا مُتَوَكِّلِينَ يَنْتَظِرُونَ مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ يَأْكُلُونَهُ وَيَلْبَسُونَهُ . شرح غريب الحديث : (1) أي: يقَعُ رجالٌ مَغشِيًّا عليهم . (2) فـ. «الخصاصة»: الفاقة والجوع الشديد ، وَأَصْلُهَا الْفَقْرُ وَالْحَاجَةُ . أي: يتساقطون ممَّا بهم مِن أثَرِ الفقرِ مِن شدَّةِ الجوعِ والضَّعفِ والحاجةِ الَّتي بهم ، أَيِ الْجُوعِ وَالضَّعْفِ ، في هذا الحديث: الحث على الصبر على الفقر، وضيق العيش، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين﴾ [يوسف: 90] . (3) وهم ساكِنو الصَّحراءِ والبَدْوُ (**) „ هؤلاءِ مجانينُ أو شك الراوي فقال: مجانونَ : وهذا جمع شاذ . (4) فإذا صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انصرف إليهم يعزيهم ويسليهم بل ويصبرهم (5) أي: لو علِمْتم ما ادَّخَر اللهُ لكم مِن الثَّوابِ والجزاءِ على ما صبَرْتُم ، لتمنَّيْتُم أن تَزْدَادوا فقرًا وضِيقًا وقلَّةً في العَيش ِ؛ لِمَا سوف تَجدونَه مِن النَّعيمِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ تبيان لهذه المسألة: هل في هذا الحديث حض على أن يتقصد المسلم الفقر للفقر أم ماذا ؟ قد يظن بعض الناس أن الأمر كذلك ، لكنه ليس كذلك البتة ، ولا على الإطلاق ! وإنما في هذا الحديث تسلية ؛ وتعزية لمن قد يصاب بشيء من الفاقة والفقر والحاجة والعوز ولا يجد هناك ما يسد جوعته وعوزه ورمقه ، فحينئذ يجد هذه الأحاديث هي الدواء والشفاء له ، وهي التي حينئذ تصرفه عن أن يكون عالة على غيره أو كلا على الناس . هذا الذي نفهمه [الحديث للألباني] من هذه الأحاديث وإلا فالفقر نفسه في كثير من الأحيان يكون وبالا على صاحبه لأنه يحتاج إلى كثير من الصبر والرضا بالقضاء والقدر وهذا ما لا يستطيعه كثير من الناس . ولذلك كان يستعيذ منه -الفقر- رسول الله صلى الله عليه وسلم فـ كان يقول : « „ أعوذ بك من الفقر “ » ، والسبب هو ما ذكرنا [الحديث للألباني] أن كثيرا من الناس لا يصبرون على شظف العيش ؛ أما أن يتقصد الإنسان أن يكون فقيرا فهذا ليس من الإسلام في شيء إطلاقا ذلك لأن الفقر إنما يأتي الإنسان إذا كان مشغولا بشيء يمدح عليه صاحبه شرعا . زيادة أيضاح خاصة لمن يعيش على المعونات المالية: وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: « „ كان رسول الله ﷺ يبيت الليالي المتتابعة طاويًا [يعني: لم يتعشَّ ، يعني: من غير أن يأكل ، يبيت على الجوع ﷺ ] ، وأهله لا يجدون عشاء، وكان أكثر خبزهم خبز الشعير “ ».. [رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح ، أخرجه الترمذي ، أبواب الزهد عن رسول الله ﷺ ، باب ما جاء في معيشة أصحاب النبي ﷺ ، (4/ 583) ، برقم : (2368) ، وابن حبان: كتاب الرقائق ، باب ذكر الإخبار بأنّ على المرء عند العدم النظرَ إلى ما ادخر له من الأجر دون التلهف على ما فاته من بغيته ، (2/ 502) ، برقم : (724) ، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (5/ 202)، برقم: (2169). ] وعلى كل حال [الحديث لخالد السبت] ؛ لا يصح أن يُفهم من هذه الأحاديث أن الإنسان يوجد عنده ما يأكله ، ويترك ذلك ويبقى على حالة الجوع ، ليس هذا هو المطلوب ، ولا يفهم من هذه الأحاديث أن الإسلام يدعو إلى ترك العمل ، والقعود والإخلاد إلى الأرض ؛ والكسل والنوم ، فإن هذا مذموم شرعًا ، والله عز وجل لما ذكر الأنبياء -عليهم الصلوات والسلامات- وصفهم بأنهم ﴿ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ﴾ [الفرقان:20] ، أي يعني: يتّجرون : يبيعون ويشترون ويكتسبون ، ولا يبقى الإنسان أو يبقى أهله عالة على الناس ، أو هيئات إجتماعية بعينها ؛ ينتظرون مَن يحسن إليهم ومَن يعطيهم ، كلا ، الإسلام لا يدعو إلى هذا أبداً ، بل يدعو إلى عمارة الدنيا وإقامتها على شرع الله عز وجل ؛ وإفادة الناس بالعلم والعمل ، وألا يكون ذلك على حساب الدين ، وطاعة الله وطاعة رسوله ﷺ، فـ المذموم : أن يتطلب الإنسان شيئًا ليس عنده ، أي : أن يتطلع إلى ما في أيدي الناس ، فهذا خطأ ، لكن ليس معنى هذه الأحاديث أن الإنسان يقول: أنا لا أعمل، أنا لا أكتسب ، النبي ﷺ وأصحاب الصُفة كانوا يسقطون من الجوع ، هؤلاء تفرغوا للعبادة : هذا كان شأنهم ، ولا يأتِ إنسان ويقول: أنا والله سأقتدي بهؤلاء وأجلس ما أعمل ، ولا أكتسب ، ويبقى عالة على الآخرين ، فإن هذا الكسل مذموم ، وأقبح ما يكون في الإنسان ألا ينهض لا في عمل دنيا ولا بعمل آخره ، يعني : بطّال ، فـ الحياة مبنية على الجد والكبد ، والله عز في علاه وتقدست اسماؤه يقولك ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد:4] ، لكن المذموم هو التوسع فيها أو أن تكون الدنيا غاية همّه وغاية المطالب والمنى ، فهذا خطأ، والله أعلم . وعليه : فـ لا يعيش المرء هكذا في زعمه متوكلا على الله بل وهو في واقع أمره متواكل .. متواكل على الناس ؛ وعلى جيوبهم وصدقاتهم ، فهذا ليس مما يرغب فيه الإسلام بل لقد جاء في القرآن قول الله تبارك وتعالى : ﴿ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة:197] : يعني تزودوا الزاد المادي إذا ما خرجتم مِن بلادكم آمّين البيت الحرام ، قاصدين الحج أو العمرة : فـ تزودوا ولا تتكلوا على زاد الرفقة الذين أنتم تسافرون معهم .ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : « „ اليد العليا خير من اليد السفلى “ » . واليد العليا هي المعطية واليد السفلى هي الآخذة ؛ فالغني القائم بالواجب هو أحب إلى الله عز وجل إذا قوبل بفقير الصابر لكن لا يقال الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر لأنه فاضل بين إنسان وأخر لا يكون بالنسبة لناحية واحدة هو الغنى للغني والفقر للفقير وإنما يكون بما اجتمع في كل من الشخصين من حسنات ومن طاعات وعبادات فمن كانت عبادته أكثر فهو عند الله أفضل ، لكن إذا قوبل الفقر مع الغنى وكل منهما واقف في حدود الشرع فالظاهر أن الغنى سعة دائرة الخير فيه أكثر من رضى الفقير وصبره على فقره ، ومن هنا تروى قصة [الحديث للألباني] قد تكون صحيحة أو لا تكون ، وإنما فيها عبرة ، يقولون بـ „ أن رجلا من أولئك الزهاد المشهورين بالصوفية خرج سائحا في البرية كما هي عادتهم ، علما بأن مثل هذه السّياحة ليست مشروعة ، والأمر كما قال عليه الصلاة والسلام : « „ سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله “ ». الخروج هكذا في البراري يعيش الإنسان مع الوحوش ويدع بني جنسه ولا يتعامل معهم “ ؛ فهذا أقل ما يقال أنه خالف حديث الرسول عليه السلام المعروف من حديث ابن عمر : « „ المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم “ ». فهذه السّياحة التي تذكر عن الصوفية هي سياحة غير شرعية فـ „ زعموا أن أحدهم خرج كعادتهم ثم مازال يمشي ويمشي حتى جاع وتعب ، فلجأ إلى خربة ؛ وإذا به يطل منها على خربة أخرى ، فرأى أسداً يأتي يحمل بين فكّيه فريسة له يقدمها إلى كلبةٍ جاثيةٍ هناك باركة ، فقال هذا الرجل : „ سبحان الله، سبحان الرزاق .. كيف سخَّر هذا الأسد لهذا الكلب “ . قال فسمع هاتفا يقول له « „ كن أسدا ولا تكن كلبا “ ». وهذا المغزى(!) من هذه القصة واضح جدا من عشرات الأحاديث : « „ اليد العليا خير من اليد السفلى “ ». « „ المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم “ ». ". تنبيه: هؤلاء السادة : „ أصحابُ الصُّفَّةِ “ وهم قومٌ فقراءُ مِن السادة الصَّحابةِ ، كانوا غُرباءَ لا بُيوتَ لهم ولا أهلَ ولا مأوَى ، وكانَ لهم في آخِرِ المسجد مكانٌ مخصَّصٌ به صُفَّةٌ ؛ أو مِظلَّةٌ يَبيتون تحتَها ، فسُمُّوا بـ „ أهلِ الصُّفَّةِ “ ، وهم : هؤلاء الرجال الذين كانوا حول الرسول في مسجده ليس لهم أدنى علاقة بما يطلق عليهم بعد أكثر من 300 سنة بـ الطُرق الصوفية أو أهل الخرقة ، وقد أجاد فضيلة الدكتور عمر عبدالعزيز القرشي في بحثه لنيل درجة الدكتوراة في أصل الاشتقاق وبينه ؛ وقد استضافه فضيلة الوالد الدكتور محمد فريد سليمان رحمه الله تعالى رحمة واسعة ، وإذ تيسر الأمر لي سأرحل هذا البحث إلى ملحق من بعد إذنه تعالى وتوفيقه . استدراك: الآثر المشهور على الألسن وفوق المنابر : (لو كان الفقر رجلا لقتلته؟) عند الشيعة يقولون :" تنسب هذه العبارة للإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولكن لم نقف على ذلك في مرجع معتمد ، أو مصدر موثوق ، فيما اطلعنا عليه من كتب التاريخ وغيرها. كما يشاع أنه لعمر بن الخطاب " كما قالت الشيعة:" هذا القول وبهذه الصياغة لم نعثر عليه في المجاميع الحديثية المعتمدة لدينا ، نعم ، أورده القاضي التستري (طاب ثراه) في كتابه (إحقاق الحق) بصياغة مشابهة لتلك الصياغة ، لكنها هي الأخرى غير مسندة لأمير المؤمنين (عليه السلام) ، فقد جاء ما نصه: (إن اللّه الذي جعلني إماماً لخلقه ، فرض عليّ التقدير في نفسي ومطعمي ومشربي وملبسي ومسكني كضعفاء الناس ؛ لأن اللّه أخذ على أئمة الهدى أن يكونوا في مثل أدنى أحوال الناس ليقتدي بهم الغني ، ولا يزرى بالفقير فقره. فو اللّه ما ضرب اللّه عباده بسوط أوجع من الفقر ، ولو تمثل لي الفقر رجلًا لقتلته ، فالفقر هو الموت الأكبر ……) [مصدر الشيعة: إحقاق الحق وإزهاق الباطل : التستري ؛ القاضي نور الله: ج: (32) ، ص: (217)]. ". هذا جانب من البحث ؛ أما الجانب الثاني ولعله الأهم : قالت الشيعة :" مَن نقله في بعض المؤلفات المتأخرة قد إشتبه عليه ذلك كما في كتاب (روائع نهج البلاغة للمؤلف المسيحي جورج جرداق) ، وليس في كتاب (نهج البلاغة الأساسي للمؤلف الشريف الرضي) ، فـ توجد روايات في الفقر في نهج البلاغة رُوِيت عن الإمام علي عليه السلام أنه قال لابنه محمد بن الحنفية: ( يا بني إني أخاف عليك الفقر ، فاستعذ بالله منه فإن الفقر منقصة للدين مدهشة للعقل ، داعية للمقت ) وروي عنه عليه السلام : (الفقر الموت الأكبر) ، وروي أيضًا عليه السلام: ( العفاف زينة الفقر...)، وقال عليه السلام: (ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء طلبا لما عند الله ، وأحسن منه تيه الفقراء على الأغنياء اتكالا على الله. ويمكن مراجعة كتاب نهج البلاغه وغيره من المصادر، فلن تجد هذا الأثر . ". فثبت عند القوم أن هذا الأثر لم يسند للإمام علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وكرم الله وجهه . أما عند أهل السنة والجماعة فقالوا :" حكم الأثر : لا أصل له لا عندنا ولا حتى عند الشيعة . وإليك بيان أين مصادر هذه المقولة بالتفصيل عند الشيعة وكلها بلا أسانيد - المصدر الأول جاء في كتاب ( روائع نهج البلاغة للمؤلف المسيحي جورج جرداق )، وليس في كتاب ( نهج البلاغة الأساسي للمؤلف شريف الرضي ) : فانتبه لذلك أشد الانتباه!!! وجورج جرداق مسيحي شخص معاصر وُلد عام 1933م ، وتكررت هذه المقولة في موضعين من كتاب جرداق واللفظ هو (لو تمثّل لي الفقر رجلا لقتلته) ، وليس كما هو منتشر بين الناس بلفظ (لو كان الفقر رجلا لقتلته) ، فإذا عدت إلى كتاب نهج البلاغة الأساسي للمؤلف شريف الرضي ولم تجد هذه المقولة فيه على الإطلاق! - المصدر الثاني كتاب ( علي إمام المتقين لـ عبدالرحمن الشرقاوي) وُلد عام 1921م وهو شاعر وأديب وصحافي ومفكر إسلامي مِصري ، حيث قال في الجزء الثاني صفحة 665 :" قال الإمام علي (ولو تمثل لي الفقر رجلا لقتلته) ولم ينسبه إلى أي كتاب أو تكلم عن مصدر هذه المقولة . - المصدر الثالث في كتاب ( شرح إحقاق الحق للمؤلف السيد المرعشي ) قال محمود المرعشي :" قال الفاضل المعاصر عبدالرحمن الشرقاوي في كتاب ( علي إمام المتقين ) : (ولو تمثل لي الفقر رجلا لقتلته) : أي نسب هذه المقولة إلى كتاب علي إمام المتقين للمؤلف عبدالرحمن الشرقاوي الذي جاء ذكره في المصدر الثاني . - المصدر الرابع جاء في كتاب ( النظام السياسي في الإسلام لـ باقر شريف القرشي) صفحة 247 ، ومؤلفه معاصر أيضا ؛ ولد تقريبًا في عام 1923م ، يقول (ع): (لو تمثل لي الفقر رجلا لقتلته) ولم يقل من أين أخذ هذه المقولة أو مصدره! . الخلاصة : هذه المقولة مقولة محدثة وجدت عام 1921م وما فوق وذلك وفقًا لأقدم مصدر وهو كتاب علي إمام المتقين للمؤلف عبدالرحمن الشرقاوي الذي ولد عام 1921/ . فانتبه لذلك فهي ليست لعلي رضي الله عنه ، وقد نسبت أيضاً إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأيضاً لا أصل له هذا وبالله التوفيق " ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ) ــــــــــــــــــــــــــــ ذِكْرُ مَا ڪَانَ مِنَ الْأُمُورِ أَوَّلَ سَنَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النبوية الشريفة ~ 622 م بدايات العهد المدني [ ١٥ ] الْمُجَلَّدُ الْخَامِسُ عَشَرَ "أبحاث : " دَارُ الْهِجْرَةِ.. وَدَارُ السُّنَّةِ ".« الْمَدِينَةَ المنورة » ( د. الْفَخْرُ؛ الْإِسْڪَنْدَرَانِيُّ؛ ثم الْمِصْرِيُّ مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْڪَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى-) حُرِّرَ في العام ١٤٤٦ الهلالي الْهِجْرِيَّ ٦ ربيع الآخرة ~11 أكتوبر 2024 م. من سنين الميلاد العجيب المعجز للسيد المسيح عيسىٰ ابن مريم العذراء البتول -عليهما السلام-. 156 H,g lh HEi]d Ygdi! | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018