الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | دكتور محمد فخر الدين الرمادي | مشاركات | 74 | المشاهدات | 40097 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
20 / 10 / 2021, 03 : 10 PM | المشاركة رقم: 41 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ كِتَابُ « قَصَصِ » « أَحَادِيثِ » الْأَنْبِيَاءِ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ تقديم بين يدي الكتاب: التعديل الأخير تم بواسطة دكتور محمد فخر الدين الرمادي ; 24 / 10 / 2021 الساعة 29 : 11 AM | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
23 / 10 / 2021, 36 : 06 PM | المشاركة رقم: 42 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح تقديم بين يدي الكتاب: أثبت القرآن الكريم؛ الذكر الحكيم؛ الفرقان المبين اسم آدم - صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض آياته؛ ونصوص القرآن العظيم جميعها قطعية الثبوت؛ أي أنها وحي مِن عنده -سبحانه وتعالىٰ- .. بيد أن بعض آيات القرآن تجدها قطعية الدلالة؛ يفهم منها معنى واحدا لا يتعدد.. ونصوص آخرىٰ ظنية الدلالة لحكمة علوية.. قد تفتح أبواب الإجتهاد وتشَرَعَ نوافذ الفهم من حيث الاستنباط والتأويل.. فتجد سعة في التشريع؛ وفسحة في الفقه.. وتبيان المنهاج .. كما وأثبت القرآن المجيد قصته- صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.. وما جرىٰ عليه وحدث له.. مِن حيث الخلق والإبداع والتكوين والإيجاد من العدم.. ثم التعليم والتكريم فــ التكليف.. ويقابله- صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا تجد ذكر اسم زوجه -عليها السلام- بين دفتي المصحف الشريف؛ كما لا تجد ذكر اسم امرأة من نساء الأنبياء -سلام الله عليهم وصلواته وبركاته- جميعاً.. واللافت لإمعان النظر ولتدقيق الإعتبار ذُكر في القرآن الكريم اسم أم نبي؛ بل وسميت سورة بأكملها باسم أم رسول؛ كما أن الملاحظ للنصوص القرآنية لا يجدها أم نبي آخر المرسلين؛ ولا أم متمم المبتعثين؛ فهي ليست أم خاتم الأنبياء.. بل تقرأ اسمها بوضوح : « مَرْيَمَ » العذراء البتول؛ بنت عمران.. كما وأنها -سلام الله عليها- علىٰ التحقيق ليست من الأنبياء.. إذ أنها حالة لن تتكرر أبداً!.. لذا صلح أن تذكر بإعتبار الإعجاز! لذا فالقرآن الكريم له صياغته الخاصة؛ وتركيبة جمله باعتباره كتاب رب العالمين.. هداية للبشر أجمعين؛ فهو -القرآن العظيم- ليس كتاب أدبي.. ثقافي.. أو كتاب طبي.. علمي.. أو كتاب تاريخ.. أحياء.. هندسة زراعة.. بل كتاب هداية.. ونعمة.. بدليل النص القرآني نفسه؛ فيقول خالقنا -سبحانه وتعالىٰ- :{ وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [البقرة:150]؛ ثم يتم الإخبار بواسطة خاتم الأنبياء فنطق القرآن الكريم يقول : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [الأعراف:158] ثم ينطق القرآن فيقول : { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [آل عمران:103] فالقرآن الكريم كما يعرف نفسه بنفسه ممن أوحاه على خاتم الأنبياء أنه كتاب هداية وأنه نعمة من نعم الخالق على المخلوق! مُقَدِّمَة عن قصة :«„ آدَمَ ”» سأبدءُ الحديث -بمزيد مِن عون الله تعالىٰ وبعظيم فضله وكامل أحسانه وتمام توفيقه وبتكثير الدعاء كي أحصل على إعانته وعونه-سأبدءُ الكلام بعد البحث والتحري في بطون إمهات الكتب المعتمدة والمعتبرة والموثقة والمحققة أحياناً؛ أو أقوم بتحقيق الخبر من نفسي -وأخشىٰ مِن الزلل أو الخطأ- أو نقلاً من أقوال أهل العلم.. سأبدء الحديث عن أهم حدث تم في الوجود بل أهم إيجاد لمخلوق أُبدع في الكون؛ بعد كل تلك الإبداعات في الخلق والتكوين والتصوير والتنشأة والتي ترىٰ بالعين المجردة؛ ثم معرفة مخلوقاته -سبحانه وتعالىٰ- خاصةً بعد خطوات ملموسة في مجال العلم وتقدمه؛ ودقة الأجهزة المساعدة في أكتشاف دورة حياة المخلوقات سواء علىٰ سطح الأرض؛ أو في باطنها.. أو في أعماق البحار والأنهار والبحيرات أو شواطئها.. أو في أجواء السماء الدنيا أو في بعيد المجرات والمسيرات.. أو تلك المخلوقات.. والتي لم نراها ولكننا أُخبرنا عنها عن طريق صحيح بوجودها ؛ مأمون المصدر موثق المخبر والمنبئ.. كــ الملآئكة والجن الشياطين.. سأبدء الحديث عن أول إنسان؛ وهو المخلوق الوحيد الذي يملك قدراً هائلاً مِن الفهم والاستيعاب مع تخزين المعلومات الأولية عن الأشياء المحسوسة والملموسة والغيبية والتي يتحصل عليها من خلال المشاهدة والرؤية والتعليم والتلقين؛ ومِن ثم إعادة استرجاعها وربطها بالواقع الحالي أو الجديد؛ فيحسن التعامل مع تلك الأشياء.. وهو ما يسمىٰ بالعقل والإدراك؛ وهذه خاصيةٌ لم يشاركه فيها أي مخلوق آخر سواه؛ فلديه خلايا مخية تقوم بهذه العملية الاستيعابية الفهمية العقلية؛ بالإضافة لما حباه خالقه وموجده من غرائز ومظاهرها؛ وحاجات عضوية وكيفية إشباعهما -غرائز الإنسان وحاجاته- بصورة صحيحة سوية.. لذا أُكرم وعُظم وبُجل لتلك القدرة العقلية الجبارة -التعليم.. وإعادة استحضار المعلومات التي تعلمها- كُرمَ مِن قِبل خالقه أولاً؛ ثم من قِبل أعلىٰ درجات التكريم في الخلق -التخليق مِن العدم- والتنشأة والتكوين والتصوير على غير مثال سابق.. وهم الملآئكة؛ وسجود التكريم له وليس عبادة الإنسان.. اقرأ ما كتبه ابن كثير الدمشقي في بداية كتابه فسطر يقول.:" وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ، وَجَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، فَجَعَلَهُ سَمِيعًا بَصِيرًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا، وَشَرَّفَهُ بِالْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ، خَلَقَ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ آدَمَ أَبَا الْبَشَرِ وَصَوَّرَ جُثَّتَهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ وَخَلَقَ مِنْهُ زَوْجَهُ -حَوَّاءَ- أُمَّ الْبَشَرِ، فَآنَسَ بِهَا وَحْدَتَهُ وَأَسْكَنَهَا جَنَّتَهُ وَأَسْبَغَ عَلَيْهِمَا نِعْمَتَهُ، ثُمَّ أَهْبَطَهُمَا إِلَى الْأَرْضِ ؛ لِمَا سَبَقَ فِي ذَلِكَ مِنْ حِكْمَةِ الْحَكِيمِ، وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَقَسَّمَهُمْ بِقَدَرِهِ الْعَظِيمِ: - مُلُوكًا وَرُعَاةً، وَ - فُقَرَاءَ وَأَغْنِيَاءَ، وَ - أَحْرَارًا وَعَبِيدًا(!)، وَ - حَرَائِرَ وَإِمَاءً، وَأَسْكَنَهُمْ أَرْجَاءَ الْأَرْض ِطُولَهَا وَالْعَرْضَ، وَجَعَلَهُمْ خَلَائِفَ فِيهَا يَخْلُفُ الْبَعْضُ مِنْهُمُ الْبَعْضَ إِلَى يَوْمِ الْحِسَابِ وَالْعَرْضِ عَلَى الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ، وَسَخَّرَ لَهُمُ الْأَنْهَارَ مِنْ سَائِرِ الْأَقْطَارِ، تَشُقُّ الْأَقَالِيمَ إِلَى الْأَمْصَارِ، مَا بَيْنَ صِغَارٍ وَكِبَارٍ، عَلَى مِقْدَارِ الْحَاجَاتِ وَالْأَوْطَارِ، وَأَنْبَعَ لَهُمُ العيون والآبار. وأرسل عليهم السحائب بالامطار، فأنبت لهم سائر صنوف الزرع وَالثِّمَارِ. وَآتَاهُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلُوهُ بِلِسَانِ حَالِهِمْ وَقَالِهِمْ: «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار» فسبحان الكريم الْعَظِيمِ الْحَلِيمِ وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِهِ عَلَيْهِمْ. وَإِحْسَانِهِ إِلَيْهِمْ، بَعْدَ أَنْ خَلَقَهُمْ وَرَزَقَهُمْ وَيَسَّرَ لَهُمُ السَّبِيلَ وَأَنْطَقَهُمْ، أَنْ أَرْسَلَ رُسُلَهُ إِلَيْهِمْ، وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ عَلَيْهِمْ: مُبَيِّنَةً حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ، وَأَخْبَارَهُ وَأَحْكَامَهُ، وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ فِي الْمَبْدَأِ وَالْمَعَادِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَالسَّعِيدُ مَنْ قَابَلَ الْأَخْبَارَ بِالتَّصْدِيقِ وَالتَّسْلِيمِ، وَالْأَوَامِرَ بِالِانْقِيَادِ وَالنَّوَاهِيَ بِالتَّعْظِيمِ. فَفَازَ بِالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَزُحْزِحَ عَنْ مَقَامِ الْمُكَذِّبِينَ فِي الْجَحِيمِ ذَاتِ الزَّقُّومِ وَالْحَمِيمِ، وَالْعَذَابِ الْأَلِيمِ (البداية والنهاية؛ الجزء: 1 ¦ الصفحة: 4 ) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ ولآدم -عليه السلام- قصة في القرآن؛ قصها المَلٰك جبريل -عليه السلام- أولاً على قلب آخر الأنبياء ومتمم المبتعثين وخاتم المرسلين ليثبت بها فؤاده ويطمئن قلبه؛ ثم يقصها النبي وحياً من ربه -تعالى- علىٰ الخلق أجمعين؛ فمن الصعوبات الأُوُل في رسالة الأنبياء ودعوة المرسلين مسألة: « التكذيب »؛ واللافت للنظر حين تكون الدعوة لا تمس مصالح الناس الحيوية؛ من باب التحريم والتحليل؛ ولا تتعارض مع مبادئهم الأساسية الحياتية الموروثة لا يلقون بالاً لمن يدعي نبوة أو يدعو لرسالة أو لمصلح إجتماعي أو سياسي.. وفي اللحظة التي يبدء الصراع الفكري مع تقاليد القوم والمصادمة العقلية مع مفاهيمهم المغلوطة وقيمهم الفاسدة والمواجهة الفهمية لما هم عليه من عادات يبدء الصراع؛ لذا تجد القرآن الكريم ينبه الرسول الأعظم بهذه المسألة -مسألة :« التكذيب »؛- فيقول :{ ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُون } [الأعراف:176]. وقد تميز أهل مكة في صدر الرسالة المحمدية بــ " قسوةِ قلوبهم، وغلب اللدد والخصومة عليهم، وفيهم يقول الله -جل شأنه-: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا[1]} [مريم: 97]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ [1] لد جمع ألد، وهو: الشديد الخصومة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ وكانت فيهم -أهل مكة- مع ذلك عنجهية، وفيهم تكبر واستعلاء، وتفاخر وعجب بالبيت الحرام؛ إذ كانوا جيرته والقائمين عليه، وسقاة حجاجه من الوافدين إليه. وينعى الله عليهم ذلك، إذ يقول: {قَدْ كَانَتْ آَيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُون}[2] [المؤمنون: 66، 67]، ويقول: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: 19]. ولم يكن الرسولُ فيهم بالسَّيِّد المطاع، ولا الشريف الماجد الذي لا يتطاول إليه في شرفه ومجده متطاول، ولا كان الثري الواسع الثراء الذي يبلغ بماله ما لا يبلغه بجاهه وقدره في الناس، ولكنه كان رجلاً من أوسطهم حسبًا، وأعرقهم نسبًا، ولا مزيد، يمكن أن يقر له منصفٌ بفضل، أو يعيبه عياب بنقيصة في نفسه أو عشيرته، ما أقام فيهم على المسالمة وحسن الجوار، أما أن يطلع عليهم بدعوة لم يدْعُهم إليها داعٍ من قبله، ولا وقع في وَهْم واهم منهم أن يكون لمثلها بينهم مكان - فذلك ما يأبَوْنه أشد الإباء، ولا يرتضون أن يضطلع بها أحد، مهما كان قدره وعظم جاهه؛ لأنها دعوة جريئة، تحرض على التنكر للآباء والأجداد، ونبذ ما خلص إليهم من العقيدة التي توارثوها عنهم على مر القرون. لهذا أبغضوه، وحقدوا عليه، وتربصوا به، وحسدوه أن كان هو المختار من بينهم، ليكون الرسول إليهم، وفيهم من يرونه خيرًا منه مقامًا وأعظم قدرًا. وقد حكى الله تعالى مقالتهم في ذلك، إذ يقول: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآَنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31]، فراحوا يكيدون له، وينالونه بالأذى من كل سبيل، لا تأخذهم به رأفة، ولا تعطفهم عليه رحم؛ رموه بالحجارة، وألقوا عليه الأقذار، وهو ساجد بين يدي ربه، وأغروا السفهاء به يهينونه، وينالون من عزته، ولم يتركوا نقيصة تؤذيه في نفسه وكرامته إلا رموه بها. جعلوا يرمونه بالكذب مرة، وبالجنون مرة أخرى، وبالسحر مرة ثالثة، وقد حكى الله ذلك كله عنهم، فقال: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آَخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا * وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الفرقان: 4، 5]، وقال: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً} [الفرقان: 41]، وقال: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آَبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِين} [سبأ: 43]. وجعلوا فوق ذلك يعنتونه بما يطلبون أن يأتيهم به من آيات لا قِبَل للإنس ولا للجن بها، وإلا لم يؤمنوا به، ويذكر الله حكاية لما طلبوا أن يأتيهم به، فيقول: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا * أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا[3] أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ[4] أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولاً} [الإسراء: 90 - 93]. لذلك كانت تعرض له أزمات نفسية عصيبة، تهد الكيان، وتفل العزم، وتدعو إلى اليأس، حتى يكاد يقضى غمًّا وضيقًا، وحتى لتحدثه نفسه أن يترك بعض ما يوحى إليه، لا يبلغهم إياه، ملاينة منه، وتفرجًا من كربه، وكانوا ربما ساوموه في الوحي، لعلهم يفتنونه فيه، عسى أن يبدل منه، وقد ذكر القرآن ذلك كله، فقال سبحانه: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ[5] نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا} [الكهف: 6]، وقال: {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [هود: 12]، وقال: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا} [الإسراء: 73 - 75]. لكن الله تعالى كان معه أبدًا، فهو سبحانه أرحم به، وأبقى عليه من أن يخلي بينه وبين هؤلاء الطغاة الجاحدين، كيف وقد خلقه الله بشرًا رسولاً، ينفعل بالأحداث، وينتابه منها مثل ما ينتاب غيره، وإن كان لأقوى يقينًا، وأثبت جنانًا، وأصبر على احتمال المحن والأرزاء، لذلك جعل يتعهده بما يسري عنه، ويشد من عزمه، فحينًا يدعوه إلى التأسي بأولي العزم من الرسل، فيقول: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} [الأحقاف: 35]، وحينًا يأمره أن يرفق بنفسه، ويبقي عليها أن تذهب حسرة وأسى لإعراضهم عنه، فيقول: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [فاطر: 8]. وجعل سبحانه من قبل ومن بعد يقص عليه من أنباء الرسل وسير الأمم ما يثبت فؤاده، ويدخل السكينة في قلبه، بما يزخر به من مواعظ وعبر للذين آمنوا به واتبعوه، ومن زجر ووعيد للذين يكذبونه ويصدون عن سبيله، ومن عقاب وسوء مآل للذين كذبوا الرسل من قبله، وإن كانوا لأشد قوة وأعظم سلطانًا، وقد بين الله أثر القصص في نفوس الصالحين من أولي الألباب، فقال: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111]. وصدق الله العظيم، فالقصص أحفل بالأسوة، وأعمل في النفس، وأبعث على الطمأنينة والرجاء؛ إنه أخف على السمع، وأرعى للانتباه، لا يأمر وينهى، ولكن يقص الأنباء ويصف الأحداث، ويقرن العمل بعاقبته والجزاء عليه، في بيان رائع وتصوير صادق، يجيش بالحياة والحركة، فتسري الحكمة منه والموعظة إيحاء وانفعالاً، لا طاعة لأمر، ولا تأثرًا بوعظ، فينزل من أعماق النفس في قرار مكين، حتى كأنه من نبع الوجدان وإشعاع الذات، وليس عطاء مبذولاً ولا رفدًا مرفودًا. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [2] به: بالبيت الحرام، سامرًا: سمارًا، تهجرون: تتحدثون بالقبيح من الحديث. [3] كسفًا: قطعًا، جمع كسفة. [4] زخرف: ذهب. [5] باخع: وصف من بخع نفسه: قتلها غمًّا. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ :" جعل الله لأهل مكَّة قَصصًا، ولأهل المدينة قَصصًا؛ لأن هؤلاء غير أولئك عقيدة وجبلَّة؛ أهل مكَّة عبدة أوثان، طال عهدُهم بها وصحبتهم لها أجيالاً متتابعة، فقست قلوبهم، وران عليهم الضلال والجحود، فما تصلح حالهم على المحاجة وحدها، ولكن على الزجر والوعيد والاسترهاب، كدأب كل قدم متعجرف جهول، لذلك يغلب في قصصهم ذكر الأمم البائدة التي خالفت عن أمر الله، وكذبت رسله، فكان عاقبةُ أمرِها وبالاً وخسرًا، وإذا يلتقي في قصصهم جمع من تلك الأمم وما نزل بها من بأس الله، وإذ يُعادُ عليهم تباعًا وفي صور شتى من بديع العرض وبارع الافتنان - فإنَّه لحقيق أن يهز كيان الجاحدين، ويلين من قناتهم، ويزعزع من يقينهم، بما يتسلَّل إلى نفوسهم على هينة من الاسترابة والتردد، ويغريها بالإصغاء ومعاودة النظر في موقفها الذي تردت فيه عنادًا واستكبارًا. وهي بعدُ حَريَّة أن تقبل من إدبار، وتنقاد من حِران، إلا عن نزوع واهتداء، فعن حرص على الحياة وخوف من العذاب الذي حل مِن قبل بأمثالهم من المكذبين الضالين، وما أمر عاد وثمود وقوم شعيب منهم ببعيد، ومن قصص عاد وثمود قول الله تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ[6] * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا[7]فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ * تَنْزِعُ[8]النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ[9] نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ[10]* فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ[11] * كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ * فَقَالُوا أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ[12] * أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ[13] * سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ * إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً[14] لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ * وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ[15] مُحْتَضَرٌ[16] * فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى[17] فَعَقَرَ * فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ * إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ[18] الْمُحْتَظِرِ[19]} [القمر: 18 - 31]. وقوله. سبحانه عن أهل الأيكة: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ[20] الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ[21] الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ *وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ[22] الْأَوَّلِينَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ[23] إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الشعراء: 176 - 189]. وزادهم الله تذكِرة وتحذيرًا، فقص عليهم قصص أقوام آخرين، كذبوا نوحًا وإبراهيم ولوطًا وموسى وعيسى -عليهم السلام-، فأخذهم الله بذنوبهم، فاجتمع لأهل مكة بذلك عبرة من مصير أقوام منهم وأقوام آخرين من غيرهم، لم ينج منهم إلا من اتبع سبيل الرشاد. أما أهل المدينة فكانوا أهْلَ كِتاب، جاءتهم الرسل من قبل، ودعوهم إلى الله، فآمن من آمن، وأعرض مَنْ أعرض، فهم أجدر أن يعلموا أنَّ للناس إلهًا، وأنه سبحانه قد أرسل إليهم رسلاً من أنفسهم، ليستنقِذوهم من الضلال، وكانت عندهم البشرى برسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - فهم بهذا أقرب إلى الله، وأحق إذا نُبِّهُوا أن ينتبهوا، وإذا دعوا أن يستجيبوا، إلا الذين طبع الله على قلوبِهم وأعمى أبصارهم، والذين أخذتهم العزة بالإثم، فركبوا رؤوسهم، وأصروا واستكبروا استكبارًا، وإذا كان عهدهم بالرِّسالة قد بعد، فإن الدعوة بموالاتها والافتنان فيها كفيلة أن ترد النافر، وتطوع العصي، ثم إنَّ للقدوة من جانب، والنزوع إلى مجاراة الجماعة واتقاء الشذوذ فيها أثرًا في الاستجابة غير مردود، وقضى الله سبحانه أن يكون من أهل المدينة أنصار الله والمجاهدون في التمكين لدينه الحنيف. وفي بعض قصصهم حديث عن ماضي أهل الكتاب، وفي بعض آخر منه حديث عن حاضر المسلمين في جهادهم لإعلاء كلمة الله، فأما حديث الماضي ففيه تذكير بقدرة الله، وتبيين لفضله على بعض أنبيائه، إذ استجاب لزكريا عليه السلام، فوهب له الولد، وكان قد بلغه الكبر، وكانت امرأته عاقرًا[24] ، وإذ خلق عيسى بيديه كما خلق آدم، وأيده بمعجزات شتى، ولم يقصر القرآن هذا النوع على أهل المدينة، فقد سبقهم من قبل أهل مكة إليه، إذ ذكرت قصتا زكريا وعيسى - عليهما السلام - في سورة مريم أيضًا[25]، وإذا كان في قصص الأمم البائدة زجر ووعيد، فإن في قصص معجزات الأنبياء آيات باهرة على جلال الله وقدرته على الثواب والعقاب، ففي كلا النوعين مناصرة وتأييد للآخر. وفي قصص أهل المدينة أيضًا بيان لفضل الله على بني إسرائيل، إذ نجاهم من فرعون وبطشه، ثم تولاهم بعد بالكثير من نعمه، فضلاً منه ورحمة، مع عصيانهم لموسى، وكثرة إعناتهم له وإلحاحهم عليه بالشطط في المسألة، وفي خبر القصة الآتية من قصصهم صورة من تشددهم، والمغالاة في التتبع والاستقصاء. فقد قتل منهم قتيل ولم يعرف قاتله، فرجعوا في الأمر إلى موسى، فأمرهم أن يذبحوا بقرة لم يميزها بين البقر بصفة، فجعلوا يرادونه فيها، ويستقصون أوصافها، ثم ذبحوها وما كادوا يفعلون، وضرب موسى القتيل بلسانها فأحياه الله، وأخبر بقاتله، وفي هذا يقول الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ[26] وَلَا بِكْرٌ[27] عَوَانٌ[28] بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ[29] تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ[30] لَا شِيَةَ[31] فِيهَا قَالُوا الْآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ * وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ[32] فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 67 - 73]. أما قصص المسلمين في حاضرهم فيتضمن الحديث عن الغزوات وما كانت تنتهي إليه من نصرة أو هزيمة، وتحظى غزوة الأحزاب من بين الغزوات بفضل بيان في قصصها، وتفصيل لما تقدمها من كيد، وما لابسها من ابتلاء، وما انتهت إليه من نصر عزيز، فقد تألبت عصبة الشرك، يظاهرهم حلفاء من اليهود، يريدون أن يضربوا الإسلام في مأمنه ضربة لا قيام له بعدها، فنفروا إلى المدينة جموعًا كثيرة، توافر لها العدد والعتاد، لكن الله جلت قدرته كان لهم بالمرصاد، فأرسل عليهم ريحًا عاتية جعلت تعيث في رحالهم، وتنغص مقامهم، وتقذف الرعب في قلوبهم، فلم يسعهم إلا أن يتنادوا بالرحيل، فانقلبوا راجعين، عليهم عار الهزيمة والهوان، ولقي حلفاء الغدر والخيانة من اليهود جزاءهم الذي يستحقون، فقتل المقاتلة منهم، وسبي الذراري والنساء، وفيها يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا * وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ[33] وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا * وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا * وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولاً * قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً * قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ[34] مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ[35] فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً * لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا * وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا * مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ[36] وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً * لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا * وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا * وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ[37] مِنْ صَيَاصِيهِمْ[38] وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [الأحزاب: 9 - 27]. ونلاحظ أنَّ القِصَّة حين تحدثت عن أولئك الذين أظهروا الاعتذار للنبي وأضمروا الفرار من القتال خوفًا وجُبنًا - لم يفُتْها أن تنبِّه إلى حقيقة لا مراء فيها: أنَّ الفرار من الموت لا ينجي منه، إذ ليس لأحد من أمر الله عاصم، لكنَّه الوهم الخادع والخيال المريض يُرِيَانِ الباطل حقًّا، والواقع وهمًا، وفي ذلك موعظةٌ وذكرى لأولي الألباب. والقصص في القرآن كثير متنوع، لكن أكثره عن الأنبياء وجهادهم في الرسالات، وبيان ما كانوا يلقون في سبيلها من شر وأذى، ومن إعراض وجحود، وكيف صبروا على ما كُذِّبُوا وأوذوا حتَّى جاءهم نصر الله، فنجوا هم والذين آمنوا معهم، وهلك المكذبون الضالون. وموسى - عليه السلام - أطول الأنبياء قصصًا، وأكثرهم ذكرًا في القرآن؛ إذ ذكر فيه 136 مرة، ويليه في الذكر إبراهيم - عليه السلام - فقد ذكر فيه 69 مرة. ولعل ذلك لأن حياة موسى - عليه السلام - حفلت بأحداث كثيرة، ومعجزات متعددة، لم تحفل بأمثالها حياة أنداده من الأنبياء الأولين، نجاه الله من فرعون رضيعًا، ثم زاد فنشأه في بيته، وكان فرعون يذبح أبناء بني إسرائيل ويستحيي نساءهم، ونجاه من القتل حين ائتمر القوم به، ليقتلوه ثأرًا للمصري الذي كان قتله، وجاء مدين وليس له فيها أهل ولا مأوى، فوصل أسبابه بمن آواه وزوَّجه، وتلقى وهو في طريق العودة إلى مصر وحي الله تعالى يأمره أن يذهب إلى فرعون، ويبلغه رسالته إليه، ولما خرج موسى وقومه من مصر تبعهم فرعون وجنوده ليردوهم عن وجههم، حتى إذا بلغ موسى وأصحابه البحر وتراءى الجمعان أوحى الله إلى موسى فضرب البحر بعصاه، فانفلق فِرْقَيْن عظيمين، وعبر موسى وقومه إلى البرية، ومضى فرعون وجنوده في أثرهم، فأدركهم الغرق جميعًا، وتمضي حياة موسى على هذا النحو، انتقالاً من حدث كبير إلى مثله أو أشد، وانتصارًا بمعجزة إلى معجزة غيرها إلى أمد بعيد. وفي القرآن مع قصص الأنبياء قصص لبعض الجماعات وآخر لبعض الأشخاص، فمن قصص الجماعات قصص أهل الكهف، أولئك الفتية المهتدون، الذين فروا بدينهم إلى الكهف يأوون إليه، ويعتصمون به، وهناك غشيتهم غاشية من النوم، لبثوا بها نيامًا 309 سنين لم يمسهم فيها سوء، ولا أصابهم شيء من بِلى، ثم بعثهم الله من نومهم الطويل، فكانوا بذلك آية من آيات قدرة الله، يعلم الناس منها أن وعد الله حق، وأن الساعة لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور[39]. ومن قصص الأشخاص قصص قارون، وكان من قوم موسى آتاه الله من المال قدرًا عظيمًا، حتى كانت مفاتيح خزائنه ينوء بحملها جمع من أولي القوة، فأبطره الغنى، وركبه الغرور، فتجبر وتكبر، وكان إذا نصحه الناصحون أن يذكر آخرته في دنياه، وأن يجعل لكل نصيبًا في ماله يأبى الإصغاء لهم، ويزعم أن ما عنده من المال إنما أوتيه عن علم عنده وحسن تدبير، حتى أصبح في قومه مثل سوء، ومبعث فتنة وضلال، فخسف الله به وبداره الأرض، لا يغني عنه ماله من الله شيئًا[40]. ولا يكرر القرآن قصص الجماعات والأشخاص، ولكنه يذكر كلا في سورته مرة واحدة، أما قصص الأنبياء فيكررها، ولا يحكي قصة منها كاملة في سورة واحدة، إلا قصة يوسف عليه السلام، فقد ذكرت كاملة في سورته، أما غيرها فإن القرآن يفرقها في جمع من السور أجزاء تتفاوت في الطول والقصر، والذكر والحذف، والتفصيل والإجمال، وفي صور العرض وأساليب التعبير، فالجزء المذكور من قصة نوح في سورته يستغرق 28 آية، والمذكور في سورة هود يستغرق 23، والمذكور في سورة الشعراء يستغرق 17، والمذكور في سورة العنكبوت لا يزيد على آيتين اثنتين. وتتراءى الآيات حيثما ذكرت أجزاء القصص هادئة متأنية حينًا، وهادرة معجلة حينًا آخر، لكنها تحتفظ دائمًا بجوهر الأحداث على حالها، وتعرضها في صور تموج بالحركة، وتنبض بالحياة، ولا تخلو مع ذلك من إشارات لطيفة، وإيماءات دقيقة في كثير من الأحيان، فإذا هي جديدة أبدًا، فيها طلاوة، ولها بهجة ورواء، ونورد هنا من قصة إبراهيم - عليه السلام - الجزء الذي يحكي محاجته لأبيه وقومه، كما جاء في سور الشعراء، والعنكبوت، والصافات: فيقول الله في سورة الشعراء: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ * قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ * قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ * الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 69 - 82] ويقول في سورة العنكبوت: {وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ * أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ * وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 16 – 24]. ويقول في سورة الصافات: {وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ[41] لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَإِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ[42] * فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ * فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ[43] فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ * فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ[44] * قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ * قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ} [الصافات: 83 - 98]. ونلاحظ أن آيات العنكبوت لم تتعاقب على رواية المحاجة كما تعاقب غيرها، ولكن تخللها موقف فيه عبرة وموعظة، فلم تشأ أن تفلته دون أن تقول فيه، فوجهت النظر إلى قدرة الله في الخلق، وحثت على الضرب في الأرض، والنظر في آثار صنع الله، لتزيل كل ما في نفوس المكذبين من الارتياب، ولا ريب أن الغرض إذ يصادف موقعه ويحين حينه يكون أحمد بلاء، وأطيب أثرًا، وقد مر بنا مثل هذا الموقف في آيات غزوة الأحزاب، إذ توقفت في أثناء الحديث عن أحداثها، وتخاذل المتخاذلين فيها فرارًا وجبنًا لتقرر أن الموت لا بد واقع، وليس للهاربين منه نجاء إلا عاجلاً فآجلاً. وتبدو الآيات لهذا الجزء من قصة إبراهيم على ما ترى من الطلاوة والبهجة وحسن الرواء، فما يحس منها قارئ ولا سامع ثقلاً أو ملالاً من المعاودة والتكرار، وافتنان القرآن في ذكر عاقبة المكذبين كافتنانه في ذكر أنباء المرسلين، ولكنه لا يلتزم فيها نهجه في أنباء المرسلين، فربما توافقا إجمالاً وتفصيلاً كما في سورتي القمر والشعراء، وربما أطال حديث الأنباء وأوجز حديث العاقبة، كما في سورة يونس. فيقول سبحانه في سورة القمر: {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ * كَذَّبُوا بِآياتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر: 41 – 42]، وقال في سورة الشعراء: {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا[45] ثَمَّ الْآخَرِينَ} [الشعراء: 61 – 64]، ويقول في سورة يونس: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرائيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 90]. ولكل من الإجمال والتفصيل هنا عمل يراد، ففي الإجمال ضرب من الإبهام يبعث القلق في النفس المكذبة، ويحملها على التظنن، وإعمال الخيال، والذهاب معه مذاهب شتى في تصور الواقع الموعود، وفي التفصيل مكاشفة صريحة، لا تدع لامرئ أثارة من تعلل أو انخداع، والله سبحانه أعلم بمراده. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ [6] نُذُرِ: إنذاراتي. [7] صَرْصَرًا: شديدة الصوت. [8] تَنْزِعُ: تقلع. [9] أَعْجَازُ نخل: هي أصوله التي لا فروع فيها. [10] مُنْقَعِرٍ: منقلع من مغارسه. [11] مُدَّكِرٍ: متعظ. [12] سُعُرٍ: نيران، عكسوا عليه ما كان يقول لهم. [13] أَشِرٌ: بطر متكبر. [14] فِتْنَةً: امتحانًا. [15] شِرْبٍ: نصيب. [16] مُحْتَضَرٌ: يحضره صاحبه. [17] تَعَاطَى: قام على أصابع رجليه ورفع يديه إلى الشيء ليأخذه. [18] الهَشِيم: الشجر اليابس المتكسر. [19] الْمُحْتَظِر: الذي يعمل الحظيرة، فييبس مايحتظر به من الشجر بطول الزمن ويتكسر. [20] الأَيْكَة: الشجر الكثير الملتف. [21] الْقِسْطَاس: أقوم الموازين وأضبطها. [22] الْجِبِلَّة: الخلقة والأمة. [23] عاقبهم الله بالحر الشديد، سلطه الله عليهم سبعة أيام، ثم ساق إليهم غمامة فاستظلوا بها من وهج الشمس، فأمطرت عليهم نارًا أحرقتهم. [24] سورة آل عمران: 38 - 41 و45 – 65. [25] سورة مريم: 2 – 33. [26] فَارِض: مسنة. [27] بِكْر: فتية. [28] عَوَان: نصف بين الفارض والبكر. [29] لا ذَلُول: غير مذللة للحرث والسقي. [30] مُسَلَّمَة: سلمها الله من العيوب. [31] لا شِيَةَ فِيهَا: لا يخالط صفرتها شيء من لون آخر.[32] فَادَّارَأْتُمْ: فألقى بعضكم على بعض تبعة القتل. [33] عَوْرَة: غير حصينة لا يؤمن العدوان عليها. [34] الْمُعَوِّقِينَ: المثبطين عن الرسول. [35] بَادُونَ: نافرون إلى البدو من فرط ما منوا به من الخوف. [36] نَحْبَهُ، النحب: الوقت والمدة، وقضى نحبه: استوفى أجله فمات. [37] هم بنو قريظة، رضوا حكم سعد بن معاذ، فحكم بقتل المقاتلة وسبي النساء والذراري. [38] الصياصي: الحصون، جمع صيصية. [39] سورة الكهف: 13 – 20. [40] سورة القصص: 76 – 82. [41] مِنْ شِيعَتِه: أي شيعة نوح - عليه السلام - على أصول الدين. [42] سَقِيم: مشرف على السقم، وكان القوم – فيما يروى - نجامين، فاستدل إبراهيم بأمارة في علم النجوم على أنه مشرف على السقم، فتفرقوا عنه، وتركوه في بيت الأصنام. [43] فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِم: جاءها مستخفيًا. [44] يَزِفُّونَ: يسرعون. [45] وَأَزْلَفْنَا إلخ: أدنينا آل فرعون بعضهم من بعض وجمعناهم لئلا ينجو منهم أحد. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ والقصص(*) في القرآن الكريم لمن سبق من الأمم وكيف تعاملوا مع أنبياء الله تعالى ورسله؛ تلك :"القصص شعبة جليلة من شعب القرآن الكريم، اختصه الله منه بنصيب كبير، لمكانه من الدعوة، وحسن بلائه في المعاونة على أدائها، فإن تكن شعبه الأخر هدى وإرشادًا، وشرعًا ونظامًا، وتقويمًا وإصلاحًا - فإنَّ القصص هو الزاد الإلهي الذي يمد الله به رسوله في رحلته البعيدة المدى، الكثيرة الهموم، الثقيلة الأعباء، تحف من حولها المكاره والشرور. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) "إذ أن القصص في القرآن الكريم: حكاية الأنباء لأمر يراد، والقصة مثله، لكنه أوسع منها نطاقًا وأشمل دلالة؛ لأنه يعني الحكاية مطلقة جامعة، لا يحدها حد، ولا تميزها صفة، أما القصة ففي بنيتها إشارة إلى هيئة، ولا إحاطة فيها ولا شمول، ويلتزم القرآن لفظ القصص كلما ذكره، لا يتبدل به القصة، ولا يراوح بينه وبينها، كأن المراد - والله أعلم - هو القصص في عمومه واستيعابه، دون تفاوت بينه في الحكاية ولا تمييز. [القصص في القرآن الكريم؛ المصدر: من كتاب: "مع القرآن الكريم في دراسة مستلهمة"] لذا فتسمع القرآن؛ بصيغة العظمة والكبرياء يقول : { «„ نَحْنُ ”» نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِين }[ يوسف:3] أما إذا كان الحديث عن العقيدة والتوحيد والإيمان فتقرأ : { «„ إِنَّنِي ”» : «„ أَنَا ”» اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ :«„ أَنَا ”» فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِي } [طه:14] وفي موضع آخر : { يَا مُوسَى إِنَّهُ : «„ أَنَا ”» اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيم } [النمل:9] ثم يقول : { يَا مُوسَى إِنِّي : «„ أَنَا ”» اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِين } [القصص:30]. { إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم } [آل عمران:62] فيأتي البيان بأن :" { «„ أَحْسَنَ ”» الْقَصَصِ } تعني : { الْقَصَصُ «„ الْحَقُّ ”» }. وهذه لفتة بيانية قرآنية لتثبت أن نص الآيات جاءت : { مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيم } [آل عمران:126] و : { إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا } [النساء:11] . { إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ } [المائدة:8] { وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِير } [الأنعام:18] ومسالة بداية الخلق؛ وكيفية تكوينه مِن أهم المسائل التي شغلت بال الناس في كافة الأزمان وفي كل مكان!! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ *(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)* السبت، 17 ربيع الأول، 1443هــ ~ السبت، 23 أكتوبر، 2021م -*-* أعد هذا الملف :د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى- | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
25 / 10 / 2021, 28 : 11 AM | المشاركة رقم: 43 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح أرادَ الحقُ -تبارك وتعالىٰ- أن يمهدَ لمن يريد أن يقرأ كتابه -القرآن الكريم- قراءة إدراكية فهمية عقلية في مسألة خلق آدم؛ الإنسان الأول.. أراد -عز وجل- أن يمهد تمهيداً يتفق مع احتياجات هذا المخلوق الجديد: الإنسان الأول؛ وزوجه -عليهما السلام- .. يمهد لــ احتياجاته البشرية، ورغباتهما الآدمية -ثم مِن بعدهما نسلهما- في مسكنه المؤقت علىٰ الأرض، فنطق القرآن يقول في سورة البقرة الآية (٢٩) :{ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً } .. وبتتبع آيات الذكر الحكيم ذات الصلة بهذه الجزئية من بحث خلق آدم.. يأتي البيان مِن حاجة الإنسان إلىٰ طعام يسد جوعته.. وإلىٰ ماء يروي ظمأه.. ثم مِن بعد سد جوعته أوجد الخالق ما تتطلبه الحياة وإعمار الكون مِن أشياء -المواد الأولية للزراعة والصناعة؛ وما شابه ذلك-.. فيبدء القرآن الكريم في الحديث عن قضية بقاء الإنسان علىٰ قيد الحياة مما تتطلبه حاجة وجوده فــ يتحدث القرآن العظيم عن الإطعام { مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن طَعَامٍ } : { وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ } [البقرة:267] ثم يتم الحديث عن الماء والإرواء والسقي: { .. مَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ } وينبه القرآن الكريم أولي الألباب؛ باعتبار هذه الأشياء دلائل وعلامات علىٰ وجود خالق فتنتهي الاية ذاتها بقوله -تعالى- : { كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون } [يونس:24] ويكمل القرآن العظيم الحديث فــ : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً } [البقرة:168] هنا يأتي تنبيه هام؛ وهي مسألة الإطعام -الأكل والشرب- مِن الــ :«„ حَلاَل ”»؛ و الــ :«„ طَيِّب ”»؛ وهذا يعني أنه يقابله:«„ الحرام ”»؛ و :«„ الخبيث ”»؛ فــ يكون : { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ } هو الله -سبحانه وتعالى؛ الخالق.. المنشأ المصور المبدع- فيأتي التنبيه { فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُون } [البقرة:22] ويكرر تنبيهنا بأنه-سبحانه-: { هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُون } [النحل:10] .. وينبه –سبحانه وجلَّ شأنه- على أنه { يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون } [النحل:11] ثم تأتي مسألة في غاية الأهمية وهي مسألة „ تسخير بقية المخلوقات للإنسان” فيقول: { وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [النحل:12] { وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُون } [النحل:13] { وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون } [النحل:14] { وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُون } [النحل:15] { وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُون } [النحل:16] ويكرر التنبيه: { وَاللّهُ أَنزَلَ مِنَ الْسَّمَاء مَاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُون } [النحل:65] { وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِين } [النحل:66] { وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [النحل:67] . والقرآن الكريم العظيم؛ كلام المالك العلام رب السموات والأرضين يتحدث عن: - { آيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون } - { آيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } - { آيَةً لِّقَوْمٍ يَذَّكَّرُون } - { آيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُون }.. ثم ينهي الخطاب في آيات سورة النحل؛ التي استشهدتُ بها بقول : - { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون }؛ والآية هنا بمعنى علامة، ليتحصل من ذلك : - { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون } - { لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُون }. وتأتي حقيقة قرآنية تقول : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِين } [هود:6] -*-*-* بدأتُ بهذه المقدمة للتنبيه بما قاله خالق الإنسان الأول آدم؛ إذ ومنذ بداية الخلق الأول والتنشأة الأولية بيَّن للجميع؛ وخاصة أمام الملآئكة بالقول المبين: { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ }:«„ { إِنِّي جَاعِلٌ } ”»؛ { فِي } :«„ { الأَرْضِ } ”»؛:«„ { خَلِيفَةً} ”». ولعل اللفظة القرآنية: «„ خَلِيفَةً ”»؛ إذا أخرجت من سياق الآيات يحدث إبهام لها؛ فمن المقصود!؟؛ وخليفة لمن!؟..؛ وهنا حدث إختلاف في الفهم والتأويل والتفسير وسيأتي في موضعه من هذا البحث -إن شاء الله تعالى- وهي الآية رقم ( ٣٠ ) فتأتي الآيات بعدها مباشرة تبين وتظهر أن المقصود بــ :«„ خَلِيفَةً ”»؛ } . هو { آدَمَ } .. واللافت للإنتباه أن صاحب الــ بدء والــ تاريخ [ البدء والتاريخ؛ المطهر بن طاهر المقدسي (المتوفى: نحو 355هـ) ] ذكر كافة الأقوال في كيفية خلق الحيوانات وتكوينها؛ ثم عقب بعد ذلك على كيفية خلق آدم؛ واستغنيت عن ذكرها لما أثبته الخالق -سبحانه وتعالى- في كتابه العزيز. إذاً الغرض الظاهر من نص الآيات هو : «„ السكن ”»: { وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيد } [إبراهيم:14] ثم بيَّن -سبحانه وتعالى-: { وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين } [البقرة:36] وهذا بيان واضح بأن في الأرض : « مُسْتَقَرٌّ »؛ وَ : « مَتَاعٌ »؛« إِلَى حِين »؛ وحياة الإنسان على الأرض الأصل فيها الإستقرار والطمأنينة وليس الحروب والقتل والتشريد ثم يؤكد المعنى مرة ثانية بقوله : { وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِين } [الأعراف:24] { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّى } [طه:53] { كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي النُّهَى } [طه:54] ؛ { وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُون } [الأعراف:10]. ثم يتم الحديث عن حقيقة قرآنية كونية سأبحثها بالتفصيل إذ يقول -عز وجل-: { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } [طه:55] { .. جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلاَلَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا } [النمل:61] و « إِلَى حِين »؛ المقصود في الآية : { قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُون } [الأعراف:25] { وَاللّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ قَدِير } [النحل:70]. ثم تتوالى الحقائق القرآنية والكونية 1.] { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُور } [المُلك:15] 2.] { وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون } [الرعد:3] 3.] { وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [الرعد:4] 4.] { وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُون } [الحِجر:19] 5.] { وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِين } [الحِجر:20] 6.] { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُوم } [الحِجر:21] 7.] { وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِين } [الحِجر:22] 8.] { وَإنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُون } [الحِجر:23] . ثم يأتي التنبيه الآلهي بقول القرآن : { وَلاَ : « تَعْثَوْاْ »؛ فِي الأَرْضِ :« مُفْسِدِين » } [البقرة:60] . ثم يذكر -سبحانه وتعالى- : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [البقرة:164] -*-*- والقرآن الكريم يعتمد في خطابه منذ بداية الوحي وبدايات النبوة المحمدية على مسألة: - قراءة كتاب الله -تعالى- المحفوظ في الصدور ، وعلى : - قراءة كتاب الكون المسطور والمنظور فنطق القرآن يقول : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ } :«„ وهذا الكتاب الأول.. القرآن الكريم والذكر الحكيم والفرقان المبين”»؛ { الَّذِي خَلَق } [العلق:1] :«„ وهذا الكتاب الثاني”»؛ اي الخلق والإيجاد والتنشأة = المخلوقات كافة.. فــ المسلم العادي : - أهل علم قرآني و - أهل علم حياتي وجودي.. في مجال الطب والصيدلة والهندسة والزراعة والنجوم والمجرات... ثم يأتي بمثال عن الخلق والإيجاد فيقول : { خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَق } [العلق:2] { اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَم } [العلق:3] :«„ ثم يقر القرآن حقيقة قرآنية علمية ”»{ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَم } [العلق:4] { عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم } [العلق:5] والدليل واضح على مسألة التعليم حين يقول -سبحانه- : { وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ }:«„ { لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا } ”»؛ ثم يتحدث القرآن الكريم عن أدوات التعليم ووسائله فيقول : وَجَعَلَ لَكُمُ :«„ { الْسَّمْعَ } ”»؛ وَ:«„ { الأَبْصَارَ } ”»؛ وَ:«„ { الأَفْئِدَةَ } ”»؛ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون } [النحل:78] ثم أعود لبداية هذ الفقرة حين نطق القرآن يقول : { لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُون } [البقرة:164] فالحديث عن أهل العقل والفهم؛ ذوي الألباب والإدراك ". -*-*-* مسألة الخلق: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ * (يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)* الإثنين، 19 ربيع الأول، 1443هــ ~ 25 أكتوبر ، 2021م | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27 / 10 / 2021, 25 : 08 PM | المشاركة رقم: 44 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح مسألة الخلق: يقول :„ وكان مما حدث في أيام سلطانه -إبليس؛ الشيطان- وملكه خلق الله -تعالى ذكره- أبانا آدم أبا البشر، البداية : مسألةُ إبداع المخلوقات وخلق الموجودات وإيجاد الكائنات؛ وخاصةً خلقِ أول إنسان -آدم؛ عليه السلام وعلى رسولنا الصلاة والسلام- مِن عدم؛ وإيجاده مِن لا شئ؛ وتصويره علىٰ غير مثال سابق يتشبه به؛ والإبداع في تلك التنشأة الأولىٰ.. فالخالق خلقه مِن غير أصلٍ يرجع إليه ولا مثال يحتذىٰ به.. هذه المسألة برمتها -مِن إبتدائها وحيثياتها إلىٰ نهايتها ومنتهاها- نطق القرآن الكريم؛ وتكلم الذكر الحكيم؛ وقال الفرقان المبين منهياً الحديث والكلام فيها بقول صاحب الأمر والنهي؛ الخالق المبدع المصور المنشأ -سبحانه وجل شأنه- : { مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنفُسِهِمْ } [الكهف:51] أما إذا أخبرنا الخالق المبدع المصور المنشأ عن أمر من أمور الخلق والإيجاد وكيفية التنشأة وطريقة التصوير -سواء في قصة الخلق الأول: آدم وزوجه -عليهما السلام- من عدم أو في نسلهما في الأرحام من بعدهما (*) - في محكم كتابه الكريم؛ والذي : { لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيد } [فُصِّلَت:42] فنسلم بهذا الوصف ونقبل هذا الإخبار ونقول به؛ أو ما جاء عن طريق الوحي مِن أحاديث سيد المرسلين وإمام المتقين وآخر الأنبياء متمم المبتعثين من الحديث المتواتر أو الصحيح أو الحسن؛ ونتجاوز قليلا في الحديث الضعيف؛ إذا لم يترتب عليه عقيدة أو عمل. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) العلم والأبحاث والأجهزة الحديثة تكشف عن جانب من جوانب الخلق والإبداع الأول؛ والتقدم العلمي يظهر أطوار التصوير في ارحام الإناث؛ وهذا من قليل العلم الذي تحصلنا عليه. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وبما أن الكتاب الكريم؛ والقرآن العظيم والذكر الحكيم ليس كتاب طب أو تشريح؛ ولكنه كتاب هداية ومنهاج للحياة وتشريع؛ وكذلك سنة نبيه المتمم للمرسلين.. فينطق القرآن العظيم يقول : { .. اللّهَ .. هُوَ :«„أَنشَأَكُم ”» مِّنَ الأَرْضِ .. }(*) [هود:61] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) نص الآية يقول : { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيب }[هود:61]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ثم يقول : { وَاللَّهُ :«„أَنبَتَكُم ”» مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا }(*) [نوح:17] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) وتمام الآيات: { وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا } [نوح:17]؛ والحديث هنا عن مسألة الخلق والإيجاد؛ ثم ينتقل إلىٰ قضية الموت؛ ومن ثم الابتعاث يوم القيامة : { ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا } [نوح:18]؛ ثم يعود ليتحدث عن الحياة علىٰ هذه الأرض : { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا } [نوح:19] ؛ { لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجًا } [نوح:20] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ثم تتم إضافة مادة الخلق ومادة التنشأة ومادة الإبداع والتصوير؛ فمن تراب الأرض خلق إنسان عاقل مدرك فاهم واع؛ كعلامة ودليل علىٰ قدرته وفي نفس الوقت وجوده - سبحانه وتعالى- فيقول : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ }(*) [الروم:20] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) وتمام الآية : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُون } [الروم:20]؛ هذا عن الخلق الأول؛ ثم يكمل عن خلق نسله فيقول { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون } [الروم:21]؛ وتدخل المرأة الأولىٰ ضمن هذه الآية! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ثم يكمل: { .. رَبَّكَ .. هُوَ ..«„أَنشَأَكُم ”» مِّنَ الأَرْضِ }(*) ثم يتحدث { وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ..}(*) [النجم:32] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) وتمام الاية : { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى } [النجم:32] -*-*-*- وتم الإخبار هنا باختصار شديد عن مادة الخلق والتنشأة؛ إذ استخدم القرآن الكريم لفظة: «„ الأَرْضِ ”»؛ ثم لفظة آخرى وهي:«„ تُرَابٍ ”». ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ ثم يأتي التفصيل:. «„ القول في خلق آدم -عليه السلام- ”» كتبَ ابوجعفر الطبري؛ وهو من الكُتب الأصول في هذا الفن.. ونقل عنه صاحب كتاب :« الْكَامِلُ فِي التَّارِيخِ » و ذلك لما أراد جل جلاله أن يطلع ملائكته على ما قد علم من انطواء إبليس على الكبر ولم يعلمه الملائكة، و أراد إظهار أمره لهم حين دنا أمره للبوار، و ملكه وسلطانه للزوال، فقال -عز ذكره- لما أراد ذلك للملائكة: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ! { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً }.. فأجابوه بأن: { قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُون } [البقرة:30] فــ روي عن ابن عباس أن الملائكة قالت ذلك كذلك للذين قد كانوا عهدوا من أمر الجن الذين كانوا سكان الأرض قبل ذلك، فقالوا لربهم -جل ثناؤه- لما قال لهم: { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً } أتجعلُ فيها من يكون فيها مثل الجن الذين كانوا فيها، فكانوا يسفكون فيها الدماء ويفسدون فيها ويعصونك، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، فقال الرب -تعالى ذكره لهم-: { قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُون } [البقرة:30]"، يقول: أعلم ما لا تعلمون من انطواء إبليس على التكبر، وعزمه على خلافه أمري، وتسويل نفسه له بالباطل واغتراره، وأنا مبدٍ ذلك لكم منه لتروا ذلك منه عيانًا. وقيل أقوال كثيرة في ذلك، قد حكى أبوجعفر الطبري منها جملًا في كتابه المسمىٰ: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ثم يقول: " فكرهنا إطالة الكتاب -التاريخ- بذكر ذلك في هذا الموضع". قلتُ: ما ذكره أبوجعفر الطبري ونقله عنه ابن الأثير يعود -وفق قراءتي- لتسلسل موضوعات الكتاب؛ وكيفية سرد الأحداث والكلام عن فصول البحوث؛ إذ يتم الكلام أولاً عن: *.] " الزَّمَانِ ". والبحث عن " جَمِيعِ الزَّمَانِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ " ثم : (الْقَوْلُ فِي ابْتِدَاءِ الْخَلْقِ، وَمَا كَانَ أَوَّلَهُ): ثم القول : *.](الْقَوْلُ فِيمَا خُلِقَ بَعْدَ الْقَلَمِ ): ثم *.] (الْقَوْلُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، أَيُّهُمَا خُلِقَ قَبْلَ صَاحِبِهِ؟ ـ): ثم تأتي : *.](قِصَّةُ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ وَابْتِدَاءِ أَمْرِهِ وَإِطْغَائِهِ آدَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-ـ): .. وهذا على أعتبار وجود مخلوقات آخرى قبل خلق وإيجاد آدم -الإنسان الأول-. ثم *.] (ذِكْرُ الْأَخْبَارِ بِمَا كَانَ لِإِبْلِيسَ - لَعَنَهُ اللَّهُ - مِنَ الْمُلْكِ، وَذِكْرُ الْأَحْدَاثِ فِي مُلْكِهِ): ثم : *.] (الْأَحْدَاثُ الَّتِي كَانَتْ فِي مُلْكِهِ" إِبْلِيسَ "، وَسُلْطَانِهِ): ثم يأتي وفق هذه الفصول وتسلسل هذه الأبواب : *.] (ذِكْرُ خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ-: ): وعلى هذه الفصول وتسلسل هذه الأحداث: قال أبو جعفر وتبعه ابن الأثير؛ وبقية العلماء من كتبوا في التفسير والتاريخ: *.] :" وَمِنَ الْأَحَادِيثِ فِي سُلْطَانِهِ -إِبْلِيسَ- خَلْقُ أَبِينَا آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَذَلِكَ لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُطْلِعَ مَلَائِكَتَهُ عَلَى مَا عَلِمَ مِنَ انْطِوَاءِ إِبْلِيسَ عَلَى الْكِبْرِ (*) :ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ (*):„ مثل هذا التعليل في خلق الله لــ آدم وللبشر عامة بما ذكره المصنف-ابن الأثير- هنا أمر يحتاج لتوفيق ودليل ولا يجوز إطلاقه هكذا دون دليل”.[ أنطر: القاضي؛ محقق كتاب الكامل]. يكمل ابن الأثير في الكامل: " وَلَمْ يَعْلَمْهُ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى دَنَا أَمْرُهُ مِنَ الْبَوَارِ وَمُلْكُهُ مِنَ الزَّوَالِ، فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ } [البقرة: 30] . [ابن الأثير]. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ «„ القول في خلق آدم -عليه السلام- ”» فلما أراد الله -عز وجل- أن يخلق آدم -عليه السلام- أمر بتربته أن تؤخذ من الأرض.. قلت(الرَّمَادِيُ): الخبر هذا ذكره : ابن كثير؛ في :" تفسير القرآن؛ [(ج: (1)؛ ص: (107)]؛ والحديث : غريب؛ وتوضيح حكم المحدث: إشارة إلىٰ ضعفه . يقول أبوجعفر: كما حدثنا أبوكريب، قال حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس، قال :„ ثمَّ أمرَ - يعني الرب تبارك وتعالى - بتربةِ آدمَ فرُفِعَتْ فخلقَ اللهُ آدمَ مِن طينٍ لازبٍ -واللَّازِبُ(*) اللَّزِجُ الصَّلبُ [وعند الطبري: تقرأ :" الطيب "]- مِن حَمإٍ مَسنونٍ مُنتِنٍ [وعند الطبري: قال: ] وإنَّما كان حمأً مَسنونًا بعدَ التُّرابِ؛ [وعند الطبري: قال: ] فخلقَ منهُ آدمَ بيدِهِ ” (**) ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*) :" -اللازبُ هو الذي يُلزق بعضُه ببعضٍ- ". (**) الخبر " - عن ابنِ عبَّاسٍ قال:„ كان إبليسُ مِن حيٍّ مِن أحياءِ الملائكةِ يُقالُ لهُم الجنُّ خُلِقوا مِن نارِ السَّمومِ مِن بينِ الملائكةِ. وكان اسمُهُ الحارثَ ؛ وكان خازنًا مِن خُزَّانِ الجنَّةِ . قال: وخُلِقَتِ الملائكةُ كلُّهُم مِن نورٍ غيرَ هِذا الحيِّ . قال : وخُلِقَتِ الجنُّ الَّذينَ ذُكِروا في القرآنِ مِن مارجٍ مِن نارٍ ؛ فأوَّلُ مَن سكنَ الأرضَ الجنُّ فأفسَدوا فيها .. وسفَكوا الدِّماءَ .. وقتلَ بعضُهُم بعضًا ؛ قال : فبعثَ اللهُ إليهِم إبليسَ في جُندٍ مِن الملائكةِ ؛ وهُم هَذا الحيُّ الَّذينَ يُقالُ لهُم الجنُّ .. فقتلَهُم إبليسُ ومَن معهُ .. حتَّى ألحقَهُم بجزائرِ البحورِ وأطرافِ الجبالِ .. فلمَّا فعلَ إبليسُ ذلكَ اغترَّ في نفسِهِ.. فقالَ: قد صنعتُ شيئًا لَم يصنعْهُ أحدٌ . قال : فاطَّلَعَ اللهُ على ذلكَ مِن قلبِهِ ؛ ولَم يُطلِعْ عليهِ الملائكةَ الَّذينَ كانوا معهُ . فقال اللهُ تعالى للملائكةِ الَّذينَ معهُ :{ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً }؛ فقالتِ الملائكةُ مُجيبينَ لهُ :{ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ }؛ كما أفسدَتِ الجنُّ وسفكَتِ الدِّماءَ وإنَّما بعثتَنا عليهِم لذلِكَ فقال:{ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ }؛ يقولُ: إنِّي قد اطَّلعتُ مِن قلبِ إبليسَ على ما لَم تَطَّلِعوا عليهِ مِن كبْرِهِ واغترارِهِ .. قال : ثمَّ أمرَ بتربةِ آدمَ فرُفِعَتْ .. فخلقَ اللهُ آدمَ مِن طينٍ لازبٍ -واللَّازِبُ اللَّزِجُ الصَّلبُ- مِن حَمإٍ مَسنونٍ مُنتِنٍ .. وإنَّما كان حمأً مَسنونًا بعدَ التُّرابِ .. فخلقَ منهُ آدمَ بيدِهِ. قال : فمكثَ أربعينَ لَيلةً جسدًا مُلقَى .. فكان إبليسُ يأتيهِ فيضربُهُ برجلِهِ فيُصَلصِلُ؛ أيْ فيُصَوِّتُ . قال : فهوَ قَولُ اللهِ تعالى :{ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ }؛ يقولُ : كالشيءِ المُنفرجِ الَّذي ليسَ بمُصْمَتٍ . قال : ثمَّ يدخلُ في فيهِ ويخرجُ مِن دُبرِهِ .. ويدخلُ مِن دُبرِهِ ويخرجُ مِن فيهِ .. ثمَّ يقولُ : لَيستْ شيئًا للصَّلصلَةِ .. ولشيءٍ ما خُلِقتَ .. ولئن سُلِّطتُ عليكَ لأُهلكِنَّكَ ... ولئن سُلِّطتُ عليَّ لأعصينَّكَ .. قال : فلمَّا نفخَ اللهُ فيهِ مِن روحِهِ أتَتِ النَّفخةُ مِن قِبَلِ رأسِهِ .. فجعلَ لا يجري شيءٌ مِنها في جسدِهِ إلَّا صار لحمًا ودمًا .. فلمَّا انتهَتِ النَّفخةُ إلى سُرَتِهِ .. نظرَ إلى جسدِهِ فأعجبَهُ ما رأى مِن جسدِهِ .. فذهبَ لينهضَ .. فلَم يقدِرْ . فهوَ قَولُ اللهِ تعالى :{ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا }؛ قال ضَجِرٌ لا صبْرَ لهُ على سَراءَ ولا ضَراءَ. قال : فلمَّا تمَتِ النَّفخةُ في جسدِهِ عطسَ . فقال : الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ بإلهامِ اللهِ . فقال لهُ : يرحمُكَ اللهُ يا آدمُ . قال ثمَّ قال تعالى للملائكةِ الَّذينَ كانوا مع إبليسَ خاصةً دونَ الملائكةِ الَّذينَ في السَّمواتِ : اسجُدوا لآدمَ .. فسجَدوا كلُّهم أجمَعونَ إلَّا إبليسَ أبَى واستكبرَ لمَّا كان حدَّثَ نفسَهُ مِن الكبْرِ والاغترارِ . فقال : لا أسجدُ لهُ ؛ وأنا خيرٌ منهُ ؛ وأكبرُ سِنًّا ؛ وأقوَى خُلُقًا .. خلقتَني مِن نارٍ .. وخلقتَهُ مِن طينٍ . يقولُ : إنَّ النَّارَ أقوَى مِن الطِّينِ . قال : فلمَّا أبَى إبليسُ أنْ يسجدَ .. أبلسَهُ اللهُ .. أيْ أيَّسَهُ مِن الخيرِ كلِّهِ ؛ وجعلَهُ شيطانًا رجيمًا عقوبةً لمَعصيتِهِ .. ثمَّ :{ علَّمَ آدمَ الأسماءَ كلَّها }؛ وهيَ هذهِ الأسماءُ الَّتي يتعارفُ بها النَّاسُ : إنسانٌ.. ودابةٌ .. وأرضٌ .. وسهلٌ .. وبحرٌ .. وجبلٌ .. وحمارٌ... وأشباهُ ذلكَ مِن الأممِ وغيرِها . ثمَّ عرضَ هذهِ الأسماءَ على أولئكَ الملائكةِ يعني الملائكةَ الَّذينَ كانوا مع إبليسَ الَّذينَ خُلِقوا مِن نارِ السَّمومِ وقال لهُم:{ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ }؛ يقولُ أخبِروني بأسماءِ هؤلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ إن كنتُم تعلمونَ لَم أجعلْ في الأرضِ خليفةً . قال : فلمَّا علِمَتِ الملائكةُ مَوجدةَ اللهِ عليهِم فيما تكلَّموا بهِ مِن علمِ الغَيبِ الَّذي لا يعلمُهُ غيرُهُ الَّذي ليسَ لهُم بهِ علمٌ .. قالوا : سبحانَكَ؛ تنزيهًا للهِ مِن أنْ يكونَ أحدٌ يعلمُ الغَيبَ غيرَهُ ؛ وتُبنا إليكَ :{ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا }؛ تبرِّيًا منهُم مِن علمِ الغَيبِ إلَّا ما علَّمتَنا كما علَّمْتَ آدمَ . فقال :{ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ }؛ يقولُ أخبِرْهُم بأسمائِهِم :{ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ }؛ أيُّها الملائكةُ خاصَّةً :{ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ }؛ ولا يعلمُ غَيري :{ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ }؛ يقولُ ما تُظهِرونَ :{ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ }؛ يقولُ أعلمُ السِّرَّ كما أعلمُ العلانيةَ يعني ما كتمَ إبليسُ في نفسِهِ مِن الكِبرِ والاغترارِ ”. [ تخريج الخبر الذي رواه : الضحاك بن مزاحم؛ انظر: ابن كثير؛ في :" تفسير القرآن"؛ (ج:1؛ ص:107)؛ الحديث : غريب؛ توضيح حكم المحدث: إشارة إلى ضعفه]. ــــــــــــــــــــــــــــــــ قلت(الرَّمَادِيُ): والخبر المروي عن عبدالله بن العباس ذكرته كاملا.. وحُكم عليه بأنه غريب؛ ثم بيَّن فأشار إلى ضعفه؛ ومع هذا؛ فقد استشهد به في هذا المقام أبوجعفر الطبري في تاريخه؛ وابن الأثير في الكامل؛ وذكره ابن كثير في تفسيره! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ *(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)* الأربعاء، 21 ربيع الأول، 1443هــ ~ 27 أكتوبر، 2021م أعد هذا الملف : د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ - حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى - | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
28 / 11 / 2021, 27 : 10 PM | المشاركة رقم: 45 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح وبناءً على ما موجود ومثبت عند الطبري في موسوعته التاريخية ؛ وعند ابن كثير في موسوعته التفسيرية فــ ما زالت تواجهني مسألة النقل دون التدقيق والتحقيق ! الحديث المذكور أعلاه : غريب ؛ إشارة إلى ضعفه: فــ يفهم من ذلك : 1.] أن رواية ابن عباس استقاها كما علق الراجحي على تفسير ابن كثير بقوله :" هذا كله من أخبار بني إسرائيل.". 2.] ومن ثم فإن كافة المفسرين والمؤرخين لم يجدوا غير كتاب التوراة وأخبار بني إسرائيل كمصدر؛ فنقلوا ما عندهم! 3.] لم يتبق أمامي سوى أعتبار هذا النقل من ملح التفسير ولطيف الأخبار.. وليس من متين العلم. واقف عند هذا الحد.. حتى يتبين لي الأمر! . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
29 / 11 / 2021, 04 : 03 PM | المشاركة رقم: 46 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح «„ إنَّ اللهَ -تعالى- خلَقَ آدمَ مِن قبضةٍ قَبَضَها مِن جميعِ الأرضِ؛ فجاءَ بنو آدمَ على قَدْرِ الأرضِ فــ جاء منهم الأحمرُ والأبيضُ والأسودُ وبينَ ذلكَ .. .. والسَّهْلُ وَالْحَزْنُ والخبيثُ والطيبُ “ »؛ – زاد في حديث يحيى – „ وبين ذلك “ والإخبارُ في حديثِ يزيدَ؛ [ رواه أبوموسى الأشعري؛ انظر: - ابن العربي في : عارضة الأحوذي (6 /74) ؛ - الألباني؛ في : صحيح أبي داود ( 4693) .. الحديث: صحيح. -*-*- وتوجد زيادة عند مسلم في صحيحه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «„ إن الله خلق آدم في آخر ساعة من ساعات يوم الجمعة “ ».. من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب، والسهل والحزن وبين ذلك. [رواه مسلم] التعديل الأخير تم بواسطة دكتور محمد فخر الدين الرمادي ; 29 / 11 / 2021 الساعة 06 : 03 PM | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
07 / 12 / 2021, 47 : 09 PM | المشاركة رقم: 47 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ كِتَابُ « قَصَصِ » « أَحَادِيثِ » الْأَنْبِيَاءِ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ -*-*-*-*-*- ﴿ « „ ٤ ٢ ‟ » ﴾ بعد أيام معدودات سوف يحتفل العالم المسيحي -الغربي والشرقي- بعبد ميلاد ابن ربهم -والعياذ بالله- والمشكلة أن بعض أبناء المسلمين يشاركونهم الاحتفال.. فيستحضرون شجرة عيد الميلاد؛ وقد يتهادون .. لذا رأيتُ أن أقف قليلا في سرد حكاية الإنسان الأول والنبي الأول آدم -عليه السلام - لأتكلم عن هذه المناسبة! فمن الله تعالى الهداية والتوفيق! ـــــــــــــــــــــــــــــ *(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)* الثلاثاء، 03 جمادى الأولى، 1443هــ ~ 07 ديسمبر، 2021م | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
08 / 12 / 2021, 17 : 04 PM | المشاركة رقم: 48 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح حين تهتزُ أحدىٰ أعمدة العقيدة في مبدأ صالح ليؤمن به البشر يهتز معه كيان هذا المبدأ؛ بيد أنه قد يتمكن من إصلاح الخلل إذا لم يصب صميم العقيدة في تغير جذري لها أو تبديل في اساسها؛ أما إذا هُدِمَ أساس إيماني بُني عليه مبدأ.. وتحطمَ ركنٌ ركين في عقيدة أو إيمان تصدع البنيان سريعاً وبقيت قشور زائفة سرعان ما تنقضي وتضيع مع الزمان.. والمبدأ الصالح للإنسان ينبغي أن يكون مِن غيره؛ فنظام هذا المبدأ يقرره مَن هو أعلم بجميع جزئيات ومفاصل وحاجات ورغبات الإنسان سواء البدنية الجسدية أو الروحية النفسية؛ إذ أن الإنسان تتغير نظرته للشئ وتتبدل وجهة نظره للفعل؛ فما يجده المرء اليوم صالحاً يغيره غدا.. وهذا ملاحظ في القوانين الوضعية المعمول به اليوم في كثير من البلاد؛ لذا صح أن يكون المبدأ الصالح للحياة من غير الإنسان.. وبما أن للحياة والكون والإنسان واجدا أوجدها جميعا من عدم -وجب عقلاً- أن يرسل -وحياً- هذا الواجد الصانع المبدع نظاما صالحا لكامل هذه الحياة ومنظماً كل مفردات الكون بكل ما فيه وأن يكون نظاماً صالحاً للإنسان بصفته الآدمية وبنعته بالبشرية.. إذ أن خالقه أَعرف به فهو صانعه ومبدعه.. لذا وجدت رسل من قِبَل الخالق بدءاً منذ الخليقة الأولىٰ وكان أول الأنبياء.. وأول الرسل : أول إنسان -آدم؛ عليه السلام-.. ولحكمةٍ ما -يعلمها مَن أرسل الرسل وبعث الأنبياء- لمْ تصلنا بصورة واضحة المحتوىٰ الكامل تلك الرسائل الأُول؛ ولكنها فُهمت مِن رسالة آخر الأنبياء ومتمم المرسلين: محمد بن عبدالله -صَلَّىٰ اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بل تَميزت -رسالته- لحكمة ارتضاها صانع الإنسان وخالقه ومبدعه.. ومنزل الوحي من السماء بدليل قوله : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون } [الحِجر:9].. فتميزت بالحفظ من التبديل وتباينت عن غيرها من التعديل فلم تصبها رياح التغيير ولم تهب عليها عواصف التحريف أو الإضافة والنقصان.. فتقيد الحفظ -آلهياً- لآخر الرسالات ؛ وهي رسالة الإسلام الخاتمة.. ولقد اثبت الذكر الحكيم عقيدة كل الأنبياء وإيمان كافة المرسلين.. -وهي واحدة لم تتغير ولم تتبدل من لدن آدم إلى محمد؛ على جميع الأنبياء والمرسلين الصلاة والسلام والبركات والإنعام-.. وهي نفس عقيدة وإيمان مَن أتبعهم بيقين.. فثبتت العقيدة الصحيحة في نفوس المؤمنين؛ وتمكن الإيمان الصحيح في قلوب التابعين.. بيد أنه بمرور الأيام وتوالي السنين قد يدخل الغريب العجيب في فهم الإنسان لما يؤمن به ويعتقد فيه.. فيزيد في جانب وينقص في آخر.. وتلك الزيادة أو هذا النقص أو سوء الفهم إذا أصاب فروع الدين سيظل كيانه قائماً يحتاج -فقط- لتصحيح.. أما إذا أصاب ركن ركين من أركان العقيدة؛ أو أساس من أسس الإيمان المتين سقط البنيان علىٰ رؤوس الجميع.. والجدير بالذكر في هذا الموضع من البحث أن أُذكر بــ الــ ميثاق : أ.] : {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُون}[البقرة:83] وتوجد قاعدة شرعية تقول : « أَنَّ شَرِيعَةَ مَنْ قَبْلَنَا لاَزِمَةٌ لَنَا إِلاَّ مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى نَسْخِهِ ». وهذا القاعدة الشرعية تحتاج لتفصيل ليس موضعه هنا!". ب.] :{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُون}[المائدة:14] {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِين}[المائدة:15] {يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيم}[المائدة:16] " {وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِين}[آل عمران:81] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ :" {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَاب}[آل عمران:19] :" أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}[المائدة:3] " وهذه الْمُقَدِّمَة ليست محاولة مني لتصحيح ما عند الآخرين مِن عقيدة أو إيمان؛ كما أنها ليس إرغاماً لآحد أن يترك ما عنده من أركان إيمان؛ بل هي تثبيت لقواعد وأصول.. الأصل أن لا يختلف عليها أحد؛ كما أنها محاولة لإزالة الضعف الشديد الذي طرأ على الأذهان في فهم الدين بصفة عامة ؛ ودين الإسلام بصفة خاصة.. فما عند الآخرين نطق القرآن العظيم يقول: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين} [الكافرون:6].. هذه واحدة .. والثانية :{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم} [البقرة:256] وأذكر بقوله عزَّ وجلَّ : {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَاب} [آل عمران:19] وتتبقىٰ مسألة -قد تكون شائكة- وهي كيف يتعامل المُسلم في بلادٍ يغلب عليها الطابع النصراني/المسيحي؛ سواءَ من حيث المطعومات -شراءً وأكلاً- أو الزواج المختلط؛ أو في مناسباتهم ذات الطابع الديني أو الإجتماعي؛ أو المشاركة في الحياة السياسية والإنخراط في الأحزاب؛ أو تحصيل مساعدات حكومية مالية قد تكون مجهولة المصدر أو يشوبها ربا.. إلى آخر هذه القائمة من المسموح والممنوع؛ ثم تدخل غير أهل الاختصاص في الفتوى والأحكام الشرعية في إعطاء أحكام فقهية للعديد من المسائل . *(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)* الأربعاء، 04 جمادى الأولى، 1443هــ ~ ا 08 ديسمبر، 2021م -*-* أعد هذا الملف :د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّمِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى- | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
10 / 12 / 2021, 05 : 05 PM | المشاركة رقم: 49 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ كِتَابُ «قَصَصِ» «أَحَادِيثِ» الْأَنْبِيَاءِ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ﴿«„ ٤ ٢ . / ١ . ‟» . ﴾ " . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ الحديث عن المسيح عيسىٰ ابن مريم -العذراء البتول- -عليهما السَلّاَمَ- يستلزم الكلام أولاً عن : [ أ . ] الشخصيات المحورية قبل مولده المعجزة.. و ثانياً [ ب . ] الشخصيات المحورية مِن بعد رفعه[(*)] ولعبت دوراً جوهرياً في إنشاء الديانة المسيحية الجديدة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ [(*)] اعتمادا علىٰ الآية القرآنية والتي تقول : {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون} [آل عمران:55] . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ *(يُتْبَعُ بِإِذْنِهِ تَعَالَىٰ)* الجمعة، 06 جمادى الأولى، 1443هــ ~ 10 ديسمبر، 2021م -*-* د. مُحَمَّدٌفَخْرُالدِّينِ؛ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الرَّمَادِيُّ مِن ثَغْرِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ بِــالدِّيَارِ المِصْرَية الْمَحْمِيَّةِ -حَرَسَهَا اللَّهُ تَعَالَى- | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
10 / 12 / 2021, 30 : 11 PM | المشاركة رقم: 50 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : دكتور محمد فخر الدين الرمادي المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح « آلَ عِمْرَانَ » « سنن الأنبياء ؛ وسبل العلماء ؛ وبساتين البلغاء ؛ والإعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء » أبحاث تمهيدية لمستقبل أمة غائبة اسم البحث :« آلَ عِمْرَانَ » «„الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ“» {وَالسَّلاَمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم:33] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ كِتَابُ « قَصَصِ» « أَحَادِيثِ « الْأَنْبِيَاءِ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ قَصَصُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ كما فُهمت مِنْ الْقُرْآنِ الْعَظِيم.. وبلغتنا مِن سَيِّدِ ولد آدم خاتم الأنبياء وآخر المرسلين ومتمم المصطفين! .. وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ [(24)]{ .. الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ .. } [آل عمران:45]-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بعد أيام معدودات [(25 ديسمبر2021... 06 يناير 2022)] سوف يحتفل العالم المسيحي -الغربي والشرقي- بعبد ميلاد ابن [(**)] ربهم -والعياذ بالله- والمشكلة أن بعض أبناء المسلمين يشاركونهم الاحتفال.. فيستحضرون شجرة[(***)] عيد الميلاد في بيوتهم؛ وقد يتهادون فيما بينهم.. هذا بخلاف إحسان القول لهم في مثل هذه المناسبات[(****)].. نظرية استثمار المناسبات: غاب عن المسلمين -افراداً ومؤسسات وهيئات وجماعات- إحسان استثمار مناسبات تمر في العام... منها مناسبة مولد السيد المسيح عيسى ابن مريم العذراء الزهراء البتول-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-سواء تبياناً لأبناء المسلمين؛ خاصةً في قضية تصحيح العقيدة وتقويتها؛ وأن الذي خلق آدم-عليه السلام- من غير أب وأم بقادر أن يخلق ما يشاء كيفما شاء وقت ماشاء.. كــ خلق إنسان من غير أب:كــ حالة.. المسيح عيسى-سلام الله تعالى عليه وعلى أمه الزهراء البتول-أو استثمار هذه المناسبة مع أهل الكتاب -النصارى- امتثالاً لقوله- عزَّ وجلَّ- : {وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون} [العنكبوت:46] وكما نطق القرآن العظيم فيقول: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين} [النحل:125] وانظر لدقة القول القرآني البليغ : {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُون} [آل عمران:64] والأصل أن لا يغيب عن الذهن والنظر ما اثبته البخاري في صحيحه من قول سيد البشر :«„ بَلِّغوا عنِّي ولو آيةً ”».. فقد حثَّتِ الشَّريعةُ المُطهَّرةُ على تَبليغِ ما جاءَ به الرَّسولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، كلٌّ بحَسْبِ استِطاعتِه وعِلمِه، بشَرْطِ تَحرِّي الصِّحَّةِ والصِّدقِ فيما يُبلِّغُ عن اللهِ -عزَّ وجلَّ- ورَسولِه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-.[(*)] ؛ أي: أخبِروا النَّاسَ وعَلِّموهم بكلِّ ما جاءَ عَنِّي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-. وبَلَّغتُكم به، مِن قُرآنٍ أو سُنَّةٍ.. واقتُصِرَ هنا على الآيةِ؛ ليُسارِعَ كلُّ سامعٍ إلى تَبليغِ ما وَقَع له مِن الآياتِ والعِلمِ، ولو كان قَليلًا، ولو آيةً واحدةً؛ بشَرْطِ أنْ يُبلِّغَ الآيةَ صَحيحةً على وَجْهِها. واللافت للإنتباه ما:" رواه أحمد؛ وأبوداود عن أبي هريرة بلفظ :« „حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ”».[ أخرجه الإمام البخاري في صحيحه، والإمام أحمد في مسنده، والإمام الترمذي وأبوداود في سننيهما، وذكره الطحاوي في شرح مشكل الآثار، وصححه الألباني وشعيب الأرنؤوط] ". .. لذا رأيتُ (الرَّمَادِيُّ) أن أتكلمَ عن هذه المناسبة! فمِن الله -عزَّوجلَّ- الهداية والتوفيق وحسن البحث ودقة التعبير! ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الحواشي والمصادر: [(*)] عدد ذكر الأنبياء وفق ما جاء في القرآن الكريم [( 25)] [(**)] نطق وحي السماء فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ الكريم والذكر الحكيم والفرقان المبين منذ بداية التنزيل بقوله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} [1] {اللَّهُ الصَّمَد} [2] {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَد} [3] {وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد} [سُورَةُ الإخلاص: (112) ؛ الآيات:1، إلى 4¨] .. وهناك العديد مِن الآيات القرآنية تؤكد على وحدانيته؛ وانفراده بالربوبية.. فــ الِلّهُ هو : { .. الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ.. } [الإسراء:111] .. والأدلة العقلية القطعية علىظ° وجوده الأزلي دون صاحبة أو ولد كالشمس في رابعة النهار.. والحمد لله تعالى على نعمة العقل والإدراك والفهم والاستيعاب؛ وعلى نعمة الإيمان والإسلام! . [(***)] سأتحدث عن نشأتها في بحث قادم-إن شاء الله تعالى. [(****)] بناءً على الآية الكريمة والتي تقول : {... وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً ... } [البقرة:83]... ــــــ كما وأحضر بحثاً كاملاً عن : كيفية معاملة أهل الكتاب - الْيَهُودُ و النَّصَارَى - خاصةً؛ وبصفة عامةٍ كيفية معاملة الآخر . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ -*-*-* تَمْهِيدٌ لبحث مسألة :«„الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ“» -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ الْكِتَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ كِتَابُ «قَصَصِ» «أَحَادِيثِ» الْأَنْبِيَاءِ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ [( 24 / 1 )] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ الحديث عن المسيح عيسى ابن مريم -العذراء الزهراء البتول- -عليهما السَلّاَمَ- يستلزم الكلام أولاً عن : [أ . ] الشخصيات المحورية قبل مولده المعجز[(*)].. و ثانياً [ب . ] الشخصيات المحورية مِن بعد رفعه[(**)] ولعبت دوراً جوهرياً في إنشاء الديانة المسيحية الجديدة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ المراجع: [(*)] تعرف المعجزة اصطلاحًا بأنها: " أمر خارق للعادة يظهره الله على يدِ مدعي النبوة تصديقاً له فى دعواه مقرونة بالتحدي مع عدم المعارضة". والمعجزة تتميز عن غيرها من الأمور- الخارقة، فلابد أن تكون: خارقة للعادة أي خارقة للقوانين الكونية المعتادة، والنواميس الكونية الثابتة كعدم إحراق النار، وإحياء الموتى، وقلب العصا حية تسعى. [أ. مها بنت عبدالرحمن الليفان؛ محاضر البلاغة والنقد بقسم اللغة العربية بكلية العلوم والدراسات]. وشرائطها خمسة ، فإن اختل منها شرط لا تكون معجزة : فالشرط الأول من شروطها : أن تكون مما لا يقدر عليها إلا الله -سبحانه وتعالى- . و الشرط الثاني : هو أن تـَـخْـرِقَ العادة . و الشرط الثالث : هو أن يستشهد بـها مدعي الرسالة على الله -عزَّ وجلَّ- . و الشرط الرابع : هو أن تقع على وفق دعوى المتحدي بـها المستشهد بكونـها معجزة له . و الشرط الخامس : من شروط المعجزة ألا يأتي أحد بمثل ما أتى به المتحدى على وجه المعارضة . ولهذا قال المولى سبحانه : {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ } [(34)؛ سورة الطور]؛ وقال : {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ } [(13)؛ سورة هود] ". قلت (الرَّمَادِيُّ) يصلح أن أتحدث عن الفرق بين المعجزة -عند مدعي النبوة وصاحب رسالة سماوية- والكرامة -عند الولي- والفارق الكبير العظيم بينهما..حتى لا تختلط الأمور.. بينهما وبين السحر والشعودة.. في بحث قادم بإذنه تعالى.. [(**)] اعتمادا على الآية القرآنية والتي تقول : {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون} [آل عمران:55] . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ مدخل للموضوع قبيل أعياد الميلاد السعيد2021 ... وفقاً لأحدَث الإحصاءات السكانية لعام 2021م، فإن عدد المسلمين في العالم تجاوز 2 مليار مسلم.. وأن عدد سكان العالم 2021 يُقدّر بنحو 7.856.491.500 مليار نسمة.. وهذا ما دعاني إلى التذكير بنظرية استثمار المناسبات؛ وحديث :« „بلغوا عني ولو آية” ».. .. وأنَّ عدد المسلمين في قارة أوروبا لعام 2021م يقدر بــ 56 مليون نسمة من المسلمين، بينما يقدر عدد سكان القارة الأوروبية بــ 747,740,173 اعتبارا من سبتمبر، 2020، استنادا إلى أحدث تقديرات الأمم المتحدة. وبما أن القارة الأوربية يطفو على سطح مجتمعاتها الديانة المسيحية .. لذا رأيتُ أنه يصلح معرفة اصول هذا الدين عن قرب...فكتبتُ هذا البحث... " اسم البحث :« آلَ عِمْرَانَ »". تَمْهِيدٌ لقصة السيد المسيح؛ عيسى ابن مريم -العذراء الزهراء البتول- -عليهما السلام-: [ ( 1 . ) ] الشخصية المحورية الأولى : « „ عِمْرَانَ.. أَبُو مَرْيَمَ؛ جد عيسى” » { إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ ؛ وَنُوحًا ؛ وَآلَ إِبْرَاهِيمَ ؛ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِين }[آل عمران:33] { ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم}[آل عمران:34] بحوث ( سنن الأنبياء؛ وسبل العلماء؛ وبساتين البلغاء؛ والأعجاز العلمي عند الحكماء في تأويل آيات الذكر الحكيم المنزل من السماء) أبحاث تمهيدية لمستقبل أمةغائبة سلسلة " التصفية والتربية " السلسلة الأولى: «„الدين ”» البحث : [««آلَ عِمْرَانَ»»] ... أبحثُ أولاً : معنى الـ [«« آلَ »»] الظَّاهِرُ : أَنَّ الْآلَ : [««1»»]: » القول الأول «: «„مَنْ يَئُولُ إِلَى الشَّخْصِ فِي قَرَابَةٍ أَوْ مَذْهَبٍ ”»؛ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى هَؤُلَاءِ هُنَا: -كما ورد في آية رقم: (33)-؛ من سورة: آل عمران؛ فِي الِاصْطِفَاءِ[«« لِلْمَزَايَا »»] الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ -تَعَالَى- فِيهِمْ . وَذَهَبَ قَاضِي الْقُضَاةِ بِالْأَنْدَلُسِ أَبُوالْحَكَمِ مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلُّوطِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ وَرِضَى عَنْهُ-، إِلَى أَنَّ ذِكْرَ آدَمَ وَنُوحٍ تَضَمَّنَ الْإِشَارَةَ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَيْنِهِمَا ، وَأَنَّ:« „الْآلَ ”» : [«« الْأَتْبَاعُ»»].. فَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ -عزَّ وجلَّ- اصْطَفَى الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ ، وَخَصَّ هَؤُلَاءِ بِالذِّكْرِ تَشْرِيفًا لَهُمْ ، وَلِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قِصَّةِ بَعْضِهِمُ . [انْتَهَى مَا قَالَ مُلَخَّصًا] .. وَقَوْلُهُ شَبِيهٌ فِي الْمَعْنَى بِقَوْلِ مَنْ تَأَوَّلَ قَوْلَهُ " آدَمَ" ، وَمَا بَعْدَهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ : أَنَّ اللَّهَ - سما في علاه- اصْطَفَى [«« دِينَ آدَمَ»»]. وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : الْمُرَادُ اصْطَفَى دِينَهُمْ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ ، وَاخْتَارَهُ الْفَرَّاءُ. وَ قَالَ التِّبْرِيزِيُّ: هَذَا ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَمَّ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ لَكَانَ : وَنُوحٍ مَجْرُورًا ، لِأَنَّ آدَمَ مَحَلُّهُ الْجَرُّ بِالْإِضَافَةِ .. وَ هَذَا الَّذِي قَالَهُ التِّبْرِيزِيُّ لَيْسَ بِشَيْءٍ ، وَلَوْلَا [«تَسْطِيرُهُ فِي الْكُتُبِ »] مَا ذَكَرْتُهُ . لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُجَرَّ الْمُضَافُ إِلَيْهِ إِذَا حُذِفَ الْمُضَافُ ، فَيَلْزَمُ جَرُّ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ ، بَلْ يُعْرَبُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ بِإِعْرَابِ الْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ { وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ }؟ وَأَمَّا إِقْرَارُهُ مَجْرُورًا فَلَا يَجُوزُ إِلَّا بِشَرْطٍ ذُكِرَ فِي عِلْمِ النَّحْوِ. المصدر : [أثير الدين أبو عبدالله محمد بن يوسف الأندلسي؛ التفسير الكبير؛ المسمى " البحر المحيط "، دار إحياء التراث العربي؛ دون ذكر سنة النشر. ]. [ ( 2 . ) ] [««[« القول الثاني »]»»]: وَ : « „الْآلُ”»: الرَّهْطُ، وَ : « „آلُإِبْرَاهِيمَ”»: أَبْنَاؤُهُ وَحَفِيدُهُ [يعقوب؛ يوسف و محمد] وَأَسْبَاطُهُ، وَالْمَقْصُودُ تَفْضِيلُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ . وَشَمَلَ : « „آلُ إِبْرَاهِيمَ”»: الْأَنْبِيَاءَ مِنْ عَقِبِهِ كَــ : « مُوسَى »؛ وَمَنْ قَبْلَهُ، وَمَنْ بَعْدَهُ، وَكَــ : « مُحَمَّدٍ» -عَلَيْه ِالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَ : « إِسْمَاعِيلَ»؛ وَ : « حَنْظَلَةَ بْنِ صَفْوَانَ»؛ وَ : « خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ». [انظر: ابن عاشور؛ كَمَا قَالَ تفسيراً فِي سُورَةِ :" آلَ عِمْرَانَ"..]. انتهى الجزء الأول.. ويليه الثاني بإذنه-سبحانه تعالى-.. -*-*- ـــــــــــــــــــــــــــــــ ? مُحَمَّدٌفَخْرُ الدينِ؛ الرَّمَادِيُّ من الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ؛ بِمِصْرَ الْمَحْمِيَّةِ Dr. M UHAMMAD * ELRAMADY التعديل الأخير تم بواسطة دكتور محمد فخر الدين الرمادي ; 12 / 12 / 2021 الساعة 47 : 05 PM | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018