الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | النهر العذب | مشاركات | 9 | المشاهدات | 5911 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
15 / 08 / 2008, 25 : 08 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح أثناء تصفحي لبعض المواقع علي شبكة الانترنت قدر الله لي ان أجد بعض الكتابات أظن انها مفيدة لاحياء الامة الاسلامية النائمة و التي أصبحت في ذيل القافلة البشرية بعدما كانت قائدة عظيمة للبشرية. الله اسال ان تنال رضي الله و يستفيد منها القراء و للعلم فالكلام ليس موجه لجماعة بعينها و لا حزب معين و لكن موجه لكل مسلم و نبدأ بمقال من مجلة البيان و هي مجلة اسلامية تصدر في لندن و لها موقع علي الانترنت و الكاتب هو الشيخ المشهور محمد محمد بدري صاحب كتاب لماذا نرفض العلمانية و كتاب الامة الاسلامية من التبعية للريادة و هما موجودان في موقع صيد الفؤائد و موقع مشكاة نرجو مناقشة بناءة رسالة إلى أخي المسلم بقلم : محمد محمد بدري أخي العزيز ، أيها المسلم الحامل لرسالة الإسلام في كل مكان ، يا من يقلب وجهه في السماء ويعمل فكره في الكون باحثاً عن الطريق الصحيح لعودة أمة الإسلام.. إني أشاركك حيرتك وهمومك وتطلعاتك.. لقد عانيت ما تعاني ، فتعال نبـحـث معاً في هدوء دون أن أضيق بك أو تضيق بي.. نعم لن أضيق بـك يـا أخـي الـعـزيـز فإني أستبشر خيرًا باهتمامك وتطلعك وتفكرك من أجل عودة أمة الإسلام ، وإني أرى نفسي فيك ، فقد مشيت معك هذا الدرب ومررت على ثغراته ومَنَّ الله علي بمعرفة كثير من مسالكه ومنعطفاته ، لن أطلب منك أن تكون أسير فهمي أو فهم غيري ، لن أزعم لك أني أحتكر الـفـهـم الصحيح وحدي.. لكني أدعوك دعوة هادئة إلى كتاب الله عز وجل الذي أنزل ليمنحنا الـحـيـاة ((يَـا أَيُّـهَا الَذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ ولِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ)) - إنك - يا أخي العزيز - تتفق معي أن هدفنا في الحياة قد حدده الله عز وجل بقوله : ((ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إلاَّ لِيَـعْـبُـدُونِ)) عـبـادة الله وحده لا شريك له.. وأن الناس إذا انحرفوا عن هذا الهدف كان على المسلمين أن يعيدوهم إلى دائرة الالتزام به.. وعليه فمهمتنا هي تحقيق عبودية الإنسان كل الإنسان في الأرض كل الأرض لله رب العالمين. واعلم -يا أخي العزيز- أنك تـحــزن وأنا أحـزن مـعك من هذه الغربة الثانية للإسلام »بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فـطـوبــى للغرباء «.. (يصلحون ما أفسد الناس» وتسعى وأسعى معك من أجل أن نصلح ما أفسد الناس ونغير هــذا الـواقــع ونعـيد أمة الإسلام إلى الـخـيــريـة التي أرسلت من أجلها ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بـِالْـمَـعْـرُوفِ وتَنْهَوْنَ عَــنِ المُنكَرِ وتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)) وهكذا يا أخي تجمعني معك أخوة الإسلام والرغبة في عودة أمة الإسلام إلى المقدمة في قيادة الأمم.. ويجمعني معك شعور كلانا بالغربة ، غربة الإسلام بين أهله.. واتفاقك واجتـمـاعك معي في هذه المقدمات هو ما دعاني اليوم أن أحدثك بكل بساطة وكما يتحدث الأخ إلى أخيه في موضوع تدفعنا إليه تلك الصحوة الإسلامية المباركة التي تسير في طريق عودة الأمة إلى الله لكي تصبح أمة مسلمة تستحق نصر الله ورضوانه. أخي العزيز.. تتفق معي أن نزول هذه الأمة من عليائها كان وفق سنن ربانية مفادها أن الله عز وجل لا يمـكـن للـنـاس حتـى يستقيموا على عهده ((وعَدَ اللَّهُ الَذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ولَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَذِي ارْتَضَى لَهُمْ ولَيُبَدِّلَنَّهُم مِّنْ بَعْدِ خـَـوْفِـهِـمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)) تتفق معي في ذلك؟! فهل تؤمن معي أن عودة هذه الأمــة تخـضـع لـسـنن معينة أيضاً؟! إذا كنت تؤمن بذلك ، فأنت رجل يؤمن بإمكانية التغيير.. وهذا يدعوني إلـى أن أقـرر أمــراً هنا أراك لا تخالفني فيه وهو أن التغيير يخضع لعلاقة بين الهدف والوسيلة.. فإذا كنا نـريــد عــودة الأمـة الـمسلمة فهذا هدف له وسائل توصل إليه.. وإنه من الخطأ كل الخطأ أن نتصور أن نجاحنا في تحقيق هدفنا يمكن أن يحدث بطريقة سحرية غامضة الأسباب؟! قد تقول -يا أخي الـعـزيـز - إن مـا نمـلـكــه من وسائل لا يكفي لنصل إلى هدفنا ، وإننا في حاجة إلى إمكانيات أكبر ، وهذه الإمكانيات غير متوفرة لدينا الآن؟.. وأنا أوافقك على ذلك،.. ولكن إذا كنا لا نملك الآن ما يمكننا من الوصول إلى هدفنا هل نتوقف عن العمل حتى تـتـدخــل القــوة الخـارقـة الغامضة الأسباب لتوصلنا إلى هدفنا؟!.. أم أن المطلوب منا هو العمل قدر الوسع والطاقة واستخـدام الـوسـائــل الـتـي نملكها .. ومــا وراء ذلك من أمور أرادها الله بمشيئته المطلقة وحكمته البالغة فالله أعلم متى يهب النصر ويمكَّن لمن يستحق من عباده. أخي العزيز : إن علينا أن نعلم أن الحركة الإسلامية تخضع لسنن الله العامة التي تشمل البشر جميعاً مؤمنهم وكافرهم ، والإيمان والالتزام بعقائد أهل السنة والجماعة دون الأخذ بالأسباب المادية للنصر لا يضمن النصر والظهور والتمكين في الأرض. والآن - أخي العزيز - هل اتضح عندك ما أردت الوصول إليه.. إنه بكل بساطة ووضوح وتحديد إقرار لفكرة " المنهجية في العمل الإسلامي " فبين الحركة وبين هدفها منهاج عمل يلعب دوراً كبيراً في تحقيق ذلك الهدف ، والمنتصر في أمور الدنيا هو من يملك في تحركه منهاجاً واضحاً سواء كانت أهدافه سليمة أم لا.. فالدنيا لـيـسـت للمؤمنين فقط ((كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاءِ وهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ)) وللدنيا قوانينها وأسبابها ، ومـن قـوانـيـن الدنيا أن الذي يمتلك منهاجاً واضحًا في العمل هو الذي ينجح في الوصول إلى الهدف ،.. والـمنهاج الذي نريده لحركتنا منهاج يأخذ بالإمكانات المتوفرة حالياً للحركة ليصل إلى أهداف مـعـيـنة ، بينما هو يسعى للحصول على إمكانات أخرى توصل إلى الهدف الأكبر. أو بعبارة محــددة وبسيطة منهاج قوامه " الاستفادة من الإمكانات حسب الظروف للوصول إلى الأهداف مــع حساب الاحتمالات ومحاولة إيجاد الحل لكل احتمال ".. (وتفصيل ذلك له مقام آخر). ولـكـنـي أريد أن أقول لك - يا أخي العزيز - إن الله تعالى قال : ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا ومَنِ اتَّبَعَنِي)) فالتحرك الإسلامي يجب أن يكون واعياً صادراً عن خطط مدروسة ، وإعداد محكم ، واستراتيجية كاملة واضحة تغطي كافة مراحل التحرك وتدرس الواقـع من جميع جوانبه.. فإذا كانت كذلك فإن التحرك يكون صحيحاً.. ويكون مؤثراً .. ويـكـون مُبْلِغًا الهدف بإذن الله.. ويكون لحركتنا شرف أذان الفجر في ليل الشتاء الطويل الذي نعيشه وتعيشه أمتنا.. وسيجيء هناك الحق ويزهق الباطل . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ugd 'vdr hpdhx hgHlm hghsghldm pjd ju,] hgd rdh]m hgfavdm | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
15 / 08 / 2008, 45 : 09 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : النهر العذب المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح جزاك الله خيرا اللهم اصلح حال الامه واجعلنا من اسباب صلاحها يا كريم موضوع مميز جدا | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
16 / 08 / 2008, 57 : 12 AM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : النهر العذب المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
17 / 08 / 2008, 53 : 04 AM | المشاركة رقم: 4 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : النهر العذب المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح المقال الثاني إلى أختي المسلمة .. إلى أختي المسلمة... إلى من رضيت بـالله ربـاً ، وبـالإسـلام ديناً ، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبياً ورسولاً ، إلى من رضيت بعائشة بنت الصديق ، وأسماء وفاطمة أسوة حسنة... إلى من أعزها الله بالإسلام ووقفت وسط جاهلية القرن الـعـشـريـن تـمـسـك بحبل الله المتين وتحرص على مرضاته ، وترغب في الفرار إليه لتفوز في الدنيا والآخرة وتـكـون لها الحياة الطيبة ((مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ولَنـَـجْـزِيـَـنَّـهُـمْ أَجْـرَهُـم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)) إلى شريكة العبد المسلم وحارسة قلعة العقيدة... إليها في بيتها (بـيـت الـدعــوة).. أهدي هذه الكلمات ، لتعلم أنها في بيتها تقف على خط الدفاع الأول ضد أعداء الإسلام ، وأن وقفتها هذه تمثل نقطة الارتكاز في دائرة امتداد هذا الدين ، وأن نسيج ثوبها الشرعي هو نسيج الراية الإسلامية في الصراع بين الإسلام والجاهلية.حـارسـة الـقــلـعـة د. محمد محمد بدري أختاه... تعلمين أنه فـي مـكـة ، وحـيـن كـان الإســلام يعيش غربته الأولى ، كانت المرأة بجانب الرجل في مسيرة الدعوة أختاً وزوجاً وأمًا تعيش همه؛ بل كان ربع المجتمع الوليد في مكة من النساء ، وعاشت المرأة هذه المرحلة تحاول مـع زوجـهــا إزالـة غـربــة الإسلام وتحفظ السر وتكتمه... وتعلمين - يا أختاه - أن هذه الغربة الأولى للإسلام... غربة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأسرة ياسر وبلال وغيرهم.. قد عادت للذين يقولون ربنا الله لا قيصر ، والحاكمية لله لا للبشر ،.. وأن هؤلاء الغرباء مكلفون أن يصلحوا ما أفسد الناس ، فمهمتهم كمهمة الغرباء الأوائل أن يزيلوا غربة الإسلام ويمكنوا له في الأرض! وتـعـلـمـيـن - يـا أخـتـاه - أن من أهم حقائق صراعنا مع الجاهلية من حولنا أنه صــراع اجتماعى قائم بين واقـع إســلامي وواقـع جاهـلي ، وأننا في حاجة إلى سنوات طويلة من صمود الظاهرة الاجتماعية الإسلامية في وجه الظـاهرة الاجتماعية الجاهلية الغالبة الآن ، والتي تحمل بين طياتها عوامل فنائها من العفن الخلقي والشقاء المعيشي!!. وتعلمين - يا أختاه - أن بيتك خلية من خلايا كثيرة يتألف منها الجسم الحي للواقع الإسلامي ، فبيتك قلعة من قلاع هذا الدين ، وفي هذه القلعة يقف كل فرد على ثغرة حتى لا ينفذ إليها الأعداء ؟!. وأنت - يا أختاه - حارسة هذه القلعة ، ولقد أفردك الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالمسئولية فقال: »والأم راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها« فأنت حارسة النشء الذي هو بذور المستقبل ، … وطفلك اليوم هو رجل الغد وامرأة الغد ، ولكل دوره في الجهاد لإعلاء كلمة الله في الأرض ، وينبغي أن يؤهل لهذا الجهاد منذ مولده بإعطائه القدر المضبوط من الحب والحنان والرعاية بغير نقص مفسد أو زيادة مفسدة!! ثم حماية مبادئ الإسلام ومفاهيمه في ذهنه. أعلمُ - يا أختاه - أنك تشعرين بثقل الوطأة الساحقة لهذا المجتمع بكل ما فيه من مكائد ومثيرات ، وبما فيه من تقاليد موروثة تأخذ في بعض الأحيان طابع العقيدة وتضغط على حسك - يا أختاه - أضعاف ضغطها على حس الرجل، وهذا يتطلب منك مضاعفة الجهد وأنت قادرة على ذلك - بإذن الله - فأنت صاحبة عقيدة قوية واهتمامات عالية، ... فـهـدفــك عــبــادة الله وحــده لا شـريــك له، ورسالتك العمل على بناء المجتمع المسلم، ومسئوليتك تربية جيل مسلم ، ووجهتك رضا الله وجنته في الآخرة!! ولا شك - يا أختاه - أنك لكي تقومي بدورك الحضاري على أتمه لا بد أن تعرفي واقعك، وعندها ستجدين أن دورك يتطلب قسطاً من الصفات الأخلاقية والفكرية والعقائدية.. بل كل الصفات التي تلزم مجاهدة في معركة بين الحق والباطل ، معركة يـقــف فـيها أمامك أكابر مجرمي قرانا ينفذون أوامر أسيادهم من اليهود فينشرون فكراً قذراً وأدباً مـريــضــاً يحاولون به تدمير الأسرة ، بل وتدمير جميع المعوقات الأخلاقية حتى يخرجوا أجيالاً مدمرة مهدمة لا تعرف حقوق الله، وصدق الله العظيم ((وكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا ومَا يَمْكُرُونَ إلاَّ بِأَنفُسِهِمْ ومَا يَشْعُرُونَ)) وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:» صـنـفــان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسـيـات عـاريـات مائلات مميلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا «. فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يـربــط فـي هــذا الحـديــث بين الاستبداد السياسي وبين الانحلال الخلقي!! فاحذري - أختاه - المجرمين الذين يريدون- أن يسيروا بك بخطى سريعة وحاسمة إلى الجاهلية الأولى أو إلى جاهلية القرن العشرين!. إنـهـم يـقـولــون لـك إن الرجل قد ظلمك حين فرض عليك ارتداء الحجاب، ولا بد من الـتخـلـص من هذا الظلم وخلع الحجاب!!.. فقولي لهم - يا أختاه - لم يكن الرجل هو الذي فرض الحجاب على المرأة فترفع قضيتها ضده لتتخلص من ظلمه ، إنما الذي فرض الحجاب على المرأة هو ربها وخالقها الذي لا تملك -إن كانت مؤمنة -أن تجادل فيما أمر به ، أو يكون لها الخيرة في الأمر ((ومَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ ورَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ومَن يَعْصِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً))... وقولي لهم: لقد أسلمت نفسي لله وخرجت من إسار الشيطان ورضيت بالله ربًّا وبالإسلام ديناً وارتقيت في فكري وسلوكي.. ولله الحمد والمنة. وهم يـقـولـون لك - يـــا أختاه - أن أختك الأوربية قد حملت قضيتها وأخذت حقـوقـها، وقـضـايــا المرأة واحدة في كل بلاد العالم!!. فقولي لهم بادئ ذي بدء لا أخوة بيني وبين الأوربية؛ لأن المسلمة لا تؤاخي المشركة. وأما عن الحقوق التي تزعمونها للمرأة الأوربية ، ففي الحقيقة لقد كانت هذه المرأة ضحية من ضـحـايـا المجتمع الذي - حررها - فقذف بها إلى المصنع والمكتب ، وقال لها: عليك أن تأكلي من عرق جبينك ، في بيئة مليئة بالأخطار على أخلاقها ، فتركها في حرية مشئومة لـيـس لـهـا ولا للمجتمع فيها نفع ، ففقدت الشعور بالعاطفة نحو الأسرة ، وأصبحت بما ألـقـي عـلـيـهـا مـن متاعب العمل صورة مشوهة للرجل دون أن تبقى امرأة ، وهكذا حرم المجتمع من هذا العنصر الأساسي في بناء الأسرة ، وجنت أوربا ثمار هذه الأسرة المنحلة مشكلات كثيرة … تلك هي الحقيقة يا من تحاولون إعطاء كلمة "تحرير المرأة" معنى السفور والاختلاط ، بينما الإسلام يرى أن التحرر إنما هو في الحجاب ، فقد كانت المحجبة هي الحرة والسافرة هي الأمة … فالسفور هو العبودية. وهم يقولون.. ويقولون.. ويقولون... ولسان حالهم يشير إلى اليهود والملاحدة والفاسقين إشارة الحب والرضى((هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً)) ولما كان هذا هو ادعاؤهم واعتقادهم ، فأجيبيهم - يا أختاه - بقول الحق تبارك وتعالى: ((ومَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدَى ويَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى ونُصْلِهِ جَهَنَّمَ وسَاءَتْ مَصِيراً)) وقولي لهم - يا أختاه - لقد ودعـت مواكب الفارغات وأسأل الله لكم الهداية ولي الثبات.. أختاه: كانت هذه بـعـض الـتـحديات التي تحيط بك من خارج بيتك متمثلة في مكر وكيد أكابر المجرمين وذيولهم فماذا عن التحديات التي تواجهك داخل البيت ؟ لا شك يا أختاه أن بيتك (بيت الدعوة) لا يعرف الخراب لأنه يتكون ومعه أسباب حمايته من الحب والرضا. وليس معنى هذا أنه بيت لا يقع فيه شقاق أو عتاب أو خلاف فهذا أمر لا يمكن أن يتحقق في عالم البشر ولم يتحقق في بيوت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدوة البشرية كلها ، وإنما معناه أن الخلاف بين المرأة المسلمة وزوجها لا يستمر بل يثوب كلاهما إلى الله سريعاً فيذهب الشقاق ويبقى الوئام والحب والرضا. فالزوج المسلم هو أحب الناس لزوجته ، وهي أحب الناس إليه يربطهما الحب في الله - أوثق عرى الإيمان - وتزداد مشاعر الحب بينهما باستمرار العلاقة الزوجية ، ومع ذلك فإن هذه المشاعر لا تدفع الزوج إلى الركون للبيت والزوجة ، ولا تدفع الزوجة إلى محاولة الاستئثار بزوجها ، لأن كلا منهما يعلم أن من حلاوة إيمان المرء » أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما «.. فكل منهما يقدم حب الله ورسوله على أي حب ، وهذا يجعل حياة الدعوة والجهاد من أجل الإسلام منبعاً للحب لا يجف بين الزوجين ، فالحياة في (بيت الدعوة) إما لحظة وداع وأمل ، أو لحظة حنين وشوق ، أو لحظة لقاء وفرحة... فهي حياة طيبة وعيشة راضية وعمر مبارك... وهكذا بيتك - يا أختاه - بيت يملؤه الحب وينعم بظلال الرضا بعيداً عن ظلمات المادية الطاغية وموبقات الفساد والإباحية ، فماذا عن ذريتك ؟ ذرية (بيت الدعوة) ؟. لا شك - يا أختاه - أن الذرية في بيتك ليست مجرد الرغبة في التناسل ، بل الرغبة في استمرار الدعوة بما في هذا الاستمرار من طاقة وإمكانية.. وبعد إتمام الرضاع وإعطاء القدر المضبوط من الحب والحنان للطفل تأتي أولى محاولات تحقيق عبودية الطفل لخالقه عند سن سبع » علموا أولادكم الصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع « ، والصلاة تؤسس في نفس الطفل إحساس التناقض مع أي مجتمع لا يقيم الصلاة ، ويبقى هذا الإحساس في نفس الطفل حتى يأخذ صورة العمل لتمكين دعوة الإسلام حتى يسلم المجتمع ويقيم الصلاة ((الَذِينَ إن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ)). وكما ينبغي تعليم الأطفال الصلاة ينبغي أيضاً الاهتمام بتكوين شخصيتهم قوية قادرة على مواجهة الحياة من خلال طاعة الله والإيمان بالقدر، ولذلك يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس: يا غلام... احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، ولو اجتمعت على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف. ومن الأمور الهامة في التربية الحث على ممارسة الدعوة إلى الله ، وهذه كانت نصيحة لقمان لابنه يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وانْهَ عَنِ المُنكَرِ واصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ وفي الحقيقة - يا أختاه - أن قضية تربية الأولاد ليس هذا موضع استيفائها ، ولذا أنصحك - أختاه - بمراجعة كتاب " منهج التربية الإسلامية " للشيخ محمد قطب ، وكتاب " تربية الأولاد في الإسلام" للشيخ عبد الله ناصح علوان... وأخيراً.. يا أختاه.. فإن الدور الذي تقومين به هو لون من ألوان الجهاد ، وأنا أعلم أن لديك من إيمانك زاداً يستعلي بك على الجاهلية، ويصمد بك في وجه مكائدها ، غير أن النفس تحتاج دائماً إلى سلوى تعضدها ، ولا أجد سلوى للنفس أعظم من القدوة ، ولذا أدعوك - أختاه - إلى زيارة بيت قدوة من بيوت الدعوة ، وهو بيت "الرميصاء" امرأة أبي طلحة وكنيتها " أم سليم ". فأما كيف تكون هذا البيت ؟ فقد طلب أبو طلحة زواج الرميصاء فاشترطت عليه أن يكون صداقها إسلامه (وقد كان مشركاً) فأسلم وتزوجته.. وتكون بيت مسلم ، ويجىء ضيف إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يكن في بيته طعام ، فيسأل من يستضيف ضيف رسول الله فيقول أبو طلحة: أنا يا رسول الله ، ويذهب بالضيف إلى بيته ويسأل زوجته " أم سليم " عن الطعام ، فتقول: لا يوجد غير طعام الأولاد ، وتنيم أم سليم أطفالها وتضع طعامهم أمام الضيف ، وتتصنع أنها تصلح السراج فتطفئه ، وتتصنع هي وزوجها أنهم يأكلون حتى أكل الضيف وشبع!! ويذهب أبو طلحة إلى صلاة الفجر فيستقبله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: يا أبا طلحة لقد ضحك الله من صنيعكما الليلة ، وهكذا أطعمت الرميصاء ضيف رسول الله طعام الأولاد وعلمتنا نحن معنى إكرام الضيف ، ففي المعنى طعم الإيمان ورائحة الجنة ، ويبارك الله تعالى كرم "الرميصاء" فيطعم بطعامها جميع الصحابة إذ صنعت الرميصاء طعاماً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-وبعثت ابنها "أنس بن مالك" يدعو الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الطعام فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- للصحابة: لقد صنع لكم أبو طلحة طعاماً ، وذهب جميع الصحابة إلى بيت الرميصاء ، فقال أبو طلحة: ماذا نصنع ؟! فقالت "الرميصاء": رسول الله أعلم بما يفعل ، فأمر الرسول الصحابة أن تدخل عشرة عشرة حتى أكلوا جميعاً ولم ينقص من طعام الرميصاء شيء!!. ويروي لنا أنس حادثة وفاة غلام في بيت الرميصاء: عن أنس قال: مات ابن أبي طلحة من أم سليم فقالت لأهلها لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه ، قال فجاء فقربت إليه عشاء فأكل وشرب ، ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك فوقع بها فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها قالت: يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوماً أعاروا عاريتهم أهل بيت فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم ؟ قال: لا. قالت: فاحتسب بما كان ابنك ، فغضب أبو طلحة وانطلق حتى أتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-فأخبره،فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:بارك الله لكما في غابر ليلتكما ، قال: فحملت وأنجبت بعد ذلك عشرة أولاد كلهم يقرءون القرآن.. بل وتقاتل "أم سليم" بنفسها يوم أحد وتنقل القِرب وتفرغها في أفواه الجرحى!!. وكانت تلك معالم بيت من بيوت الدعوة في خير القرون ، امرأة جعلت صداقها إسلام زوجها ، وأطعمت الصحابة من طعامها ، وأضحكت الله بكرمها ، وقاتلت في سبيل الله بنفسها.. ، ربما قلت - يا أختاه - وأين نحن من هؤلاء الذين عاش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرهم؟.. وأنا أقول لك - يا أختاه - إن هذه الدعوة ما زالت تؤتي تلك الثمار الطيبة في عصرنا اليوم ،فبين أظهرنا قام بيت من بيوت الدعوة ، وقلعة من قلاع العقيدة تحرسها أخت لك هي (أمينة قطب) ، فكيف تكون هذا البيت؟… لقد تقدم لخطبتها علية القوم فآثرت أن تخطب لأحد المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة في عام 1963 م ، و هوالأخ "كمال السنانيري" وكان هذا الارتباط في وقته قمة التحدي للحاكم الفرد الطاغية الذي قرر أو تقرر له من قبل صانعيه القضاء على دعاة الإسلام بالقتل أو الإهلاك بقضاء الأعمار داخل السجون !!. وانتظرت "أمينة قطب" زوجها عشر سنوات.. وفي عام1973 خرج زوجها من السجن وتكون البيت .. لعلك تدركين الآن- يا أختاه - أن تاريخ هذا الدين وقد رسم فيه وجوهاً كريمة تمثله ، فوجه المرأة ليس أقلها بروزاً وضوحاً... وليس من العبث أن تاريخ هذا الدين يحفظ في ذاكرته أسماء نساء عشن في لحظات ما قضية هذا الدين.. فلتأخذي دورك يا أختاه. ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً. و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
17 / 08 / 2008, 08 : 02 PM | المشاركة رقم: 5 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : النهر العذب المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ان شاء الله تجد الاستفاده الكامله بارك الله فيكم علي هذا الموضوع الطييب وندعوا دائما بصلاح امتنا العربيه اللهم امين جزاكم الله خيرا | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
19 / 08 / 2008, 29 : 05 AM | المشاركة رقم: 6 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : النهر العذب المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح بسم الله الرحمن الرحيم من فقه الدعوة المقال الثالث [ SIZE="5"]قائد.. وأمة يتطلع كثير من الإسلاميين إلى السـمـاء مـبـتـهـلـيـن إلـى الله تعالى أن يرزقهم قائداً كصلاح الدين .. ويـرى الـكـثـيرون أنه لا ينقصنا إلا القيادة الحكيمة، وأن هذه الصحوة الإسلامية التي تملأ الآفاق لا ينقصها إلا القائد المتميز فقط !!د. محمد محمد بدري ولا شك أن هذه هي إحـدى طرقنا الخاطئة في التفكير والنظر وهي (النظرة الأحادية) .. فـنـحـن نـتـعلـق دائماً بما يمكن أن نسميه (الرجل الوحيد) .. رجل أسطورة يغير واقعنا في لحـظـة ويتحول بنا من مؤخرة القافلة البشرية إلى قيادتها بضـربــة واحـــدة مـن عـصــاه السحرية؟!!. ولا ندري كم من السنين سوف نقضيها لندرك عجز الرجل الوحيد عن حل مشاكلنا وتغيير واقعنا؟!. إن هذا الفهم الخاطئ لدور القائد والأمة في تحمل المسئوليات يضر بالقادة ويضر بالأفراد ، فعلى مستوى القادة ينمي فيهم هذا الفهم الفردي في التخطيط ويجعلهم يتصارعون مع كل من يحـاول الـمـشاركة في الرأي أو العمل ، وفي نفس الوقت فإن هؤلاء القادة لا يستطيعون عمل كل شيء بمـفـردهم فينتهي الأمر إلى الفشل والإحباط. ، ثم لنفرض أن لديهم إمكانية القيادة بمفردهم إلا أن هـــذا النوع من التفكير والعمل يسبب وأد القيادات الوسيطة . وأما على مستوى الأفراد فإن هــذا الفهم يطمس في عقولهم مفهوم المسئولية الجماعية ، ويشيع فيهم روح التواكل على القـيـادات وحدها .. فإذا دعاها الداعي إلى التضحية أجاب لسان حالها ((اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هـاهـنـا قاعـــدون)) ومهما كانت قسوة الهزيمة أمام عيونها فإنها تظل تنتظر حدوث الـمـعـجـــزة وظهور القائد المخلِّص!! بل وينفق الأفراد أوقاتهم في الحديث عن هويته وشخصيته؟!. وغاب عن هؤلاء أن صلاح الدين يوسف بن أيوب لم يقم بما قام به بمفرده ، ولم ينتصر وحده والناس يتواكلون لا يريدون بذل جهد ولا تقديم تضحية ، وإنما كان مع صلاح الدين رجال يعملون ويضحون.. وإذن ، فالاعتقاد بأن حاجتنا هي فقط لقائد مسلم ملهم أمر وفهم خطر وضار لأسباب كثيرة أولها وأهمها: أنه يصطدم بالقوانين القرآنية التي تقرر أن التغيير إلى الأفضل أو الأسوأ لا يحدث إلا إذا سبقه تغيير جماعي يقوم به (القوم) (الأفراد) لما بالأنفس من مفاهيم واتجاهات.. قال عز وجل(إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)). فالآية كما نرى تربط التغيير بتغيير ما (بقوم) (جماعة) (أمة) ، وليست فرد واحد .. (أمة بالمصطلح الإسلامي) لكلمة (أمة).. وهي الجماعة التي تدين بعقيدة واحدة ، وتتجمع على أصولها وتدين لقيادة قائمة على تلك العقيدة. وإذن فوجود القائد ليس هو كل القضية وإنما هو شطر القضية ، وشطرها الآخر هو وجود (الأمة)، ولابد من شروط في القيادة وشروط في الأفراد أو (الأمة) والتفاعل بين الجانبين والانسجام بينهما .. فأمر القيادة منوط بتلك (الصفوة) المؤمنة من العلماء المخلصين والقادة القادرين ، - وهي العناصر ذات الخبرة والوعي الشمولي والتي تتوفر فيها ملامح العمل القيادي- والتي تستطيع العمل في مستوى قيادي أدنى من القيادة الرئيسية حتى لا يكون هناك ثغرات أثناء العمل.. بالإضافة إلى أن إعدادهم يهيئهم ويؤهلهم لاستلام القيادة مستقبلاً ، وهؤلاء هم الذين يشكلون الحلقات القيادية الوسيطة التي تسد الفجوة بين القاعدة العريضة من الجماهير المسلمة ، وبين القيادة وهى التي عبرها تتم عملية (بعث الأمة) بدعوة التوحيد بمفهومه السلفي الواضح على ما كان عليه القرون الثلاثة الأولى قبل تشعب الأهواء واختلاط العقائد. وكأني برسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقضى ثلاثة عشر عاماً يربي هذه الفئة ، ويصنع الرجال ، ويدرب القادة لتحمل مسئولية نشر دعوة الحق بعده -صلى الله عليه وسلم- ، لقد كان-صلى الله عليه وسلم- يصنع رجالاً يحملون هذه العقيدة فكراً وشعوراً وممارسة ، ويربي (أمة) تتلقى أمر الله فيغدو لديها فعلاً وتطبيقاً ويتحول إلى وقائع وأحداث ، فلابد أن يلتزم الدعاة إلى الله الآن هذه الخطوة... ولنذكر دائماً أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو المؤيد من ربه عز وجل مكث بمكة - كما يروي ابن كثير- يتبع الناس في منازلهم.. عكاظ و المجنة.. وفى المواسم يقول: من يؤويني؟ من ينصرني؟ حتى أبلغ رسالة ربي وله الجنة. ولنذكره -صلى الله عليه وسلم- وهو يهتف بربه عز وجل يوم بدر اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض.. فهذه حقيقة يجب على الدعاة اليوم أن يقفوا أمامها كثيراً ، إن الدعوة لابد لها من (صفوة) تحملها و (أمة) تحميها.. (أمة) تحمل هذا الدين ، وتهدي به وتحاول أن تقول: ((ومِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ)). (أمة) قال الله عنها: ((كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)) ، (أمة) رعيلها الأول أبو بكر العربي ، وبلال الحبشي ، وصهيب الرومي ، وسلمان الفارسي ، وإخوانهم الكرام ، (أمة) تتوالى أجيالها على هذا النسق الرائع.. الجنسية فيها للعقيدة ، والوطن فيها دار الإسلام ، والحاكم فيها هو الله ، والدستور فيها هو القرآن. وهذه (الأمة) تتواصل حضارياً مع كل جماعة تعمل من أجل الحق: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق. ووجود هذه الجماعة وتلك (الأمة) ضرورة كوجود (القائد) ونصر الله الذي تحرزه هذه (الأمة) لا يتم بثبات فرد بل لابد من ثبات عدد معين ، قال تعالى: ((إن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ)) ، بل إن الله عز وجل يخبر أن الفقه بسنن الله في التغيير يؤثر في نتيجة المعركة مع الكافرين.. قال الله تعالى: ((وإن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِّنَ الَذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ)) . ، وهذا يلفت النظر إلى خطورة أن يبقى في الأمة من لا يتمتعون بالوعي والفقه لسنن الله في التغيير.. تلك السنن التي تربط التغيير بتغيير (القوم) و (الأمة) وليس فرد واحد ، وإدراك ضرر وجود غير الواعين في الأمة لابد أن يولد لدينا شعوراً بالخطر أن يكون المركب الذي يحمل الحركة الإسلامية يحتوي نماذج من الأفراد لا يعرفون سنن طفو الأجسام على الماء فيسعون بحسن نية لخرق السفينة كما ورد في الحديث. وإذن فلابد من بعث (الأمة) لكي يؤدي الإسلام دوره المرتقب في قيادة البشرية مرة أخرى.. وإنه لتفكير سديد ذلك الذي يرى أن عودة (الأمة المسلمة) إنما يكون في نفس الظروف والشروط التي ولدت فيها أول مرة ، فحين ولدت هذه (الأمة) كان ذلك الميلاد صادراً عن عقيدة واضحة قوية ولسان يستمد من القرآن وسحره وتأثيره وهذا هو الطريق اليوم .. تصحيح مفهوم العقيدة وتخليصها مما شابها من علوم الكلام والإرجاء وتجليتها ناصعة واضحة ، ودعوة الناس إلى أن يقيموا حياتهم على قاعدة الإسلام الأولى وهى (تصديق خبر الرسول جملة وعلى الغيب والتزام شرائعه جملة وعلى الغيب) وبناء عليه وضع قضية الشريعة موضعها الصحيح في أصول الاعتقاد وتجريد مفاهيم الإسلام من التلبس بغيرها من المفاهيم الغريبة عليه. ثم الانطلاق بهذا المفهوم انطلاقاً جاداً يتربى خلاله الأفراد على الأخلاق الإسلامية ويدرسون الحركة الإسلامية وخط سير الإسلام في التعامل مع كل المعسكرات والمجتمعات البشرية ، والعقبات التي كانت في طريقه ولا تزال تتزايد بشدة ، وبخاصة من المعسكرات الصهيونية والصليبية. فإذا وصل الأفراد إلى ذلك المستوى من الخلق والفهم فقد تكون لدينا جيل (الصفوة) الذين على أكتافهم تقع مسئولية تكوين وتربية الدعاة الصادقين الذين عبرهم يتم بعث الأمة وإحيائها من جديد... وختاماً نؤكد أننا لن نستطيع أن ننقذ ذريتنا من الأجيال القادمة من براثن الجاهلية إلا بالعمل الشاق وتربية جيل مسلم و (أمة) مسلمة وعندما نحقق ذلك نكون قد انتصرنا على الجاهلية من حولنا وشرعنا في بناء حياة جديدة إذ بدأنا عملنا بجهود جماعة و (أمة) وليس جهد فرد واحد (قائد)..[/SIZE] | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
19 / 08 / 2008, 28 : 03 PM | المشاركة رقم: 7 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : النهر العذب المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح السلام عليكم جزاك رب السماء على ماخطته يداك في موضوع رائع عطاءه مثمر باذن الله | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
19 / 08 / 2008, 54 : 05 PM | المشاركة رقم: 8 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : النهر العذب المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح بارك الله فيك اخي الكريم النهر العذب جزاك الله خيرا وجعله الله في ميزان حسناتك | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
22 / 08 / 2008, 10 : 11 AM | المشاركة رقم: 9 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : النهر العذب المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح الفاعلية.. طريق الحضارة محمد محمد بدري الإنسان في أي أمة هو أساس الحضارة، وصعود حضارة أو هبوطها دائماً ما يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمدى فاعلية الإنسان، فـــإذا اتـســم سـلـــوك الإنسان ـ في أي أمة ـ بالفاعلية، كان النهوض الحضاري لهذه الأمة.. أما إذا انعدمت فـاعـلـيـــة الإنـسـان، وتوارى جهده فإن مستقبل هذه الأمة لا يحمل لها إلا التخلف والانحطاط الحضاري. ولقد كان الإنسان في الأمة الإسلامية هو مدار الحركة الحضارية، وتمثل حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصـحـابـتــــه الكرام والأجيال الأولى من المسلمين هـذه الحقيقـة تمثيـلاً واضحـاً. وإذن: فـقد كان الإنسان حاضراً ومؤثراً في بناء الحضارة الإسلامية وإلا فمن الذي دخل في الصــــراع مع الشرك حتى قضى عليه؟، من الذي نشر الإسلام وما جاء به من الهداية والحق والـعـدل والخير؟، دماء مَنْ جرت في سبيل إنقاذ الإنسان المسحوق من عبادة العباد وهدايته إلى عبادة الله وحده؟، من الذي ترجم نتاج الحضارات الأخرى، واستخرج منها حضارة مستقلة بصبغة إسلامية؟.. ألم يفعل كـــل ذلك وغـيــــر ذلك الإنسان المسلم الذي كرمه الإسلام وأعاد إليه حقيقته الإنسانية في الواقع والحياة بعد أن كان مستلباً، عبداً للشركاء والأنداد لقد فهم الصحابة رضوان الله عليهـم والأجيال الأولى من المسلمين: أن منهـاج اللـه الذي أنزلـه على رسوله صلى الله عليه وسلم، هو منهاج للحياة البشريـة يتم تحقيقه في حياة البشر أنفسهم في حدود طاقتهم البشرية، وفي حدود الواقع المادي للحياة الإنسانية في كل بيئة، ويبدأ العمل من النـقـطـة التي يكون البشر عندها، حينما يتسلم مقاليدهم، ويسيـر بهـم إلى نهاية الطريق في حدود طاقتهم البشرية، وبقدر ما يبذلونـه من هذه الطاقة وليس بطريقة خارقة غامضة الأسباب!!. ومن هنا: كانت حركة المسلمين الأوائل في سبيل بناء الأمة الإسلامية والحضارة الإسلامية تقوم على أساس أن العمل وحده هو الذي يخط مصير الأمة في واقع الحياة، وأن عرق الأحياء في عمل جماعي مشترك هو الذي يتكفل ببناء حضارة هذه الأمة، وأن وجود الحق في الأمة وحتى الانتساب إليـه لا يكفي في التمكين له في الأرض، إلا أن يكون من يحمل هذا الحق يعمل من أجل تمكينه ونصرته. وانطلاقا من هذه المقدمة الموجزة، نصل إلى تحديد معلم مهم من معالم الأزمة التي تمر بها اليوم عقلية كثير من المسلمين، هذه العقلية التي غدت طافحة بالأفكار النظرية المجردة، ولكنهـا ما تزال على الرغم من ذلك عاجزة عن وضع هذه الأفكار موضع التنفيذ العملي، أو هي ما تزال مقصرة في تسخير الأفكار بطريقة واقعية، تجعلها على أكبر قدر من الفاعلية.. في حين أن أصول هذه الأفكار نفسها قد نهضت في زمن بأمتنا بل وبالجنس البشري كله نهضة تفوق الخيال إن المسلمين يمتلكون نظرية صحيحة ومنهجاً متكاملاً، منّ الله به عليهم يوم أكمل لهم الدين وأتم عليهم نعمته، ولكنهم في واقع الحياة يعانون من الاستلاب الحضاري وانطفاء الفاعلية.. ولذلك؛ فإنهم يزحفون وراء غبار الركب البشري مع الزاحفين المنقطعين.. إن الأفكار تبقى ميّتة حتى لو كانت صادقة وصحيحة حين لا تكون ذات فاعلية في إطار زمني محدد، والأشياء تصبح باهتة ومجرد أكداس إذا لم تكن متأتية عن حركة الحضارة ومتسقة مع وظيفتها، والأشخاص يتحولون إلى البداوة وعدم التحضر عند فقدهم للروابط التي تفسر اجتماعهم وعملهم المشترك في سبيل أهدافهم الحضارية. إن التقدم ـ أو التخلف ـ لا يعتمد على الأفكار الصحيحة فقط، وإنما يعتمد أيضاً على أسلوب الحياة الذي ينتجه أفراد الأمة في سبيل تحقيق أهدافها.. ولكي نوضّح أثر أسلوب الحياة على سلوك أفراد الأمـة في سبيل تحقيق أهدافها، نتصور لو أن أنساناً سار في البلاد الشرقية الإسلامية، وتنقل في تطوافه من مدينة جاكرتا متجهاً إلى أقصى الغرب حتى بلغ مدينة طنجة، ومر في مسيرته هذه على مختلف البلاد الواقعة على محور: جاكرتا/طنجة، لوجد ظواهر اجتماعية تكاد تسيطر على هذه البلاد جمعيها. ولو أن هذا الإنسان نفسه بعد رحلته الأولى شرع في رحلة ثانية على محور آخر بادئاً من مدينة واشنطن متجهاً إلى موسكو محاولاً زيارة مختلف البلاد التي تقع على هذا المحور لوجد هنالك أيضاً ظواهر اجتماعية تكاد تسيطر على هذه البلاد جميعها، وتختلـف اختلافـاً تامّاً عن الظواهر الأولى. في البلاد الثانيـة يلاحظ المتأمل ما يلي: أ- فاعلية هؤلاء الناس وحياتهم المملوءة جدّاً وحرصاً على الوقت وتنظيمه. ب- الاستفادة من هذا الحرص وهذا التنظيم لتكون محصلة العمل الذي يتم أكبر محصلة ممكنة. ج- ظاهرة التخصص لدى أفراد المجتمع واضحة بالغة حدّاً كبيراً من الدقة، وفرة الإنتاج لدى هؤلاء وفرة تزيد عن حاجاتهم أضعافاً كثيرة، وشبيه بهذا المجتمع مجتمع النحل بما فيه من فعالية وتخصص ووفرة في الإنتاج عظيمة. يقابل هذه الظواهر في المجتمع الأول ما يلي: 1- فعالية تكاد تكون منعدمة، ونظرة إلى الوقت على أنه لا قيمة له. 2- نشاط متجه إلى اللغو والحديث الغير منتج. 3- وبعد هذا كله: فالتخصص مفقود، والجهود مبعثرة. 4- والإنتاج أضأل من حاجات المجتمع، ولذلك: كان هذا المجتمع عالة على المجتمع الثاني في حاجاته الحيوية. من أجل ما سبق: سمي المجتمع الأول متخلفاً ، والثاني حضاريّاً، ولقد امتن أفراد المجتمع الثاني على أفراد المجتمع الأول فرأوا أن يعدلوا عن تسميته متخلفاً إلى تسميته مجتمعاً آخذاً في النمو(1) ، ولكن نواياهم الحقيقية مكان ارتياب كبير. ومن أجل ما سبق: فرض المجتمع الثاني على الأول سبقه وتقدمه، وبالتالي: وصايته وسيطرته، كما فرض عليه ضرورة الاقتداء به وإسراع السير للحاق به إن الإنسان الذي يعيش على محور جاكرتا / طنجة، يواجه المشكلات نفسها التي يواجهها الإنسان على محور واشنطن/موسكو.. فهو يكدح من أجل قوت أبنائه، ويناضل في سبيل بناء أمته، ويعمل بصورة ما لتدعيم حضارتها.. فما الذي جعل مجتمعات الإنسان الأول تصنف على أنها مجتمعات متخلفة، ومجتمعات الإنسان الثاني تصنف على أنها مجتمعات متقدمة؟. لا شك أنها (الفاعلية) في المجتمع الثاني التي دفعت به إلى التقدم، وغياب هذه الفاعلية في المجتمع الأول هو الذي جعل منه مجتمعــا متخلفاً، فعلـى محور واشنطن/موسكوتوجد ديناميكية خاصة تختلف عن ديناميكية محور طنجة/جاكرتا، والفرق منحصر في أن الثرثرة تكثر كلما قل النشاط والحركة، إذ حيثما يسود الكلام تَبْطُؤ الحركة.. وميزانية التاريخ ليست رصيداً من الكلام، بل كتل من النشاط المادي، ومن الأفكار التي لها كثافة الواقع ووزنه ولذلك: كانت المجتمعات التي لا تمتلك إلا رصيد الكلام هي المجتمعات المتخلفة، وكانت المجتمعات التي تمتلك رصيد العمل والنشاط هي المجتمعات المتقدمة. إنه قد يكون من الأولى للمشتغلين بعملية بعث الأمة الإسلامية وإحيائها من مواتها من الإسلاميين الذين يكتبون ويحاضرون ويتحدثون عن عظمة الإسـلام ـ الأمر الذي أصبح يقيناً عند معظم المسلمين اليوم أن يتفقوا ولو مرة واحدة للقيام بعمل حقيقي يبدأ من الإجابة على السؤال الحيوي: لماذا تأخر المسلمون؟ ولمـاذا لم يُحـدث الإسـلام هذا الدين العظيم التفاعل والتغيير المطلوبَيْن في واقع الأمة الإسلامية اليوم؟. إن الإجابة المحددة عن مثل هذه الأسئلة هي التي تسهم في تغيير واقع الأمة، وتحقق لها النقلة النوعية نحو التقدم والحضارة. لقد زعمت القيادات العلمانية في بلاد الإسلام أن الكثافة البشرية للمجتمعات الإسلامية هي السبب الأول في تخلفها.. فهل هذا هو السبب الحقيقي؟. والشاهد من هذا كله: أننا نحن المسلمين لم نتعامل إلى الآن مع قضية الكثافة البشرية من منطلق حضاري واقعي، صحيح أن هناك معاناة شديدة في بعض بلدان العالم الإسلامي، ولكن سبب هذه المعاناة ليس في عدد السكان بقدر ما هو في الإدارة الفاسدة السيئة التي تشرف على إدارة الموارد . إن الأرض الإسلامية من المحيط إلى المحيط هي بقدر من الله أغني بقعة في الأرض وأكثرها خيـرات، وقـد كانـت وماتزال حتى هذه اللحظة لم تستثمر الاستثمار الكامل، الذي يستغل كل مواردها وكل طاقاتها؛ ولذلك: فإن أهل تلك الأرض الإسلامية رغم بترولها، ومعادنها، ومواردها المائية، وقوّتها البشرية هم أفقر أهل الأرض جميعهم وأكثرهم مشكلات!. إن السبب وراء فقر الأرض الإسلامية وكثرة مشكلاتها ليس قلة مواردها، وإنما هو التقاعس، والتواكل، والضعف العلمي، ووهن العزائم، والانصراف عن عمارة الأرض، والرضى بالفقر على أنه قدر من الله لا ينبغي السعي إلى تغييره خوفاً من الوقوع في خطيئة التمرد على قدر الله . إنه ليس من الضروري ولا من الممكن أن يكون لمجتمع فقير المليارات من الذهب كي ينهض، وإنما ينهض بالرصيد الذي وضعه الله بين يديه: الإنسان، والتراب، والوقت . ولذلك: فإن الجهد الأكبر لا بد أن يوجه لصناعة الرجال الذين يتحركون في الواقع، مستخدمين التراب والوقت والمواهب من أجل بناء نهضة الأمة الإسلامية. إذن: لابد من التفكير في أمور ثلاثة: في بناء الإنسان بناءً كاملاً، ويعتني في الوقت ذاته بالتراب، والزمن.. فإذا فُعِل ذلك، فإنه حينئذ قد كُوّن المجتمع الأفضل، وكوّنت الحضارة التي هي الإطار الذي تتم فيه للفرد سعادته، وللأمة تقدمها وإذن: فإن الخطوة الأولى على طريق الحضارة هي التفكير في الإنسان الذي لم يتحضر بعد، ومحاولة توفير الشروط التي تحقق له ما ينبغي من الفاعلية التي تؤهله لحمل رسالته وبناء حضارة أمته فحاجتنا الأولى هي الإنسان الجديد.. الإنسان المتحضر.. الإنسان الذي يعود إلى التاريخ الذي خرجت منه حضارتنا منذ عهد بعيد. وصياغة هذا الجهاز الدقيق الذي يسمي الإنسان لا تتم بمجرد إضافة جديدة إلى معلوماته القديمة؛ لأنه سيبقى هو قديماً في عاداته الفكرية، وفي مواقفه أمام المشكلات الاجتماعية، وفي فعاليته إزاءها، وعلى الأخص في (لا فعاليته) التي يدركها كل مـن ينظـر نظرةً فاحصةً إلى واقـع الأمـة الإسلامية، مقارنة بغيرها من الأمم... ولكي نوضح ما نقصده بقولنا: إن حاجتنا الأولى هي الإنسان الجديد.. الإنسان الفعال.. وأنه لابد من توفير الشروط التي تحقق له ما ينبغي من الفاعلية: ننظر إلى واقع بلد مثل اليابان.. ذلك البلد الذي يعيش في منطقة فقيرة في المواد الخام كالبترول والمعادن، كما أنها ليست استراتيجية من ناحية الوضع الجغرافي، ولكنه في ظل هذه الظروف الصعبة يتقدم يوماً بعد يـوم، بل ويغزو إنتاجه العالم الغربي.. لقد كانت مصر واليابان ذات يوم متأخرتين على مستوى واحد أو متقارب، ودخلتا الخضم في وقت واحد أو متقارب.. فمضت اليابان في الشوط حتى سبقت السابقين الذين تتلمذت عليهم من أهل الغرب، وتعثرت مصر في خطواتها، وتخاذلت، وانتكست عدة مرات.. لماذا؟!. أحست اليابان بالحاجة إلى النهوض وهي محتفظة بذاتيتها، فأعطت من نفسها العزيمة المطلوبة، وبذلت الجهد المطلوب، وأحست مصر بالحاجة إلى النهوض وهي مسلوبة الشخصية، فلا شخصيتها الإسلامية كانت حية تدفعها إلى العمل، ولا اكتسبت وهي في موضع التقليد ذاتية مستقلة، لأن التقليد يقتل الذاتية ولا ينميها، ومن ثم: ظلت في مكانها، أو تحركت خطوات متخاذلة متعثرة، لا توصّل إلى شيء ذي بال إن اليابان بدأ الطريق إلى التقدم ببناء الإنسان المتحضر والمجتمع المتحضر، ودرس الحضارة الغربية بالنسبة لحاجاته، وليس بالنسبة لشهواته، فالفارق العظيم بين الصلة التي ربطها اليابان بالحضارة الغربية وبين صلتنا بها: أن اليابان وقف من الحضارة موقف التلميذ، ووقفنا منها موقف الزبون!!، إنه استورد منها الأفكار بوجه ونحن استوردنا منها الأشياء بوجه خاص والأمة الإسلامية إذا أرادت التقدم، وأحست بضرورة أن تدخل السباق الحضاري، فإنه لا سبيل لها إلى ذلك إلا أن تقف هذا الموقف المتوازن، فتدعو إلى الاستفادة مما عند الغرب من تقدم مادي وعلمي وحضاري، وفي الوقت ذاته تَحْذَر من الذوبان في شخصية الغرب. وبمثل هذه الروح يمكن للعالم الإسلامي أن يحل مشاكله، فحين يسترد ذاتيته المفقودة سيكون أقدر على الاستفادة من تقدم الآخرين المادي والعلمي، أضعاف أضعاف ما يستفيده اليوم وهو في موضع التقليد كالعبيد.. وعندئذ يتقدم، ويتغلب على التخلف الذي يرى البعض أنه العقدة التي لا تحل إن الأمة الإسلامية قادرة على أن تنهض من تخلفها وعجزها وهوانها وواقعها الراهن، كما نهضت اليابان من تحت أنقاض هزائمها وكوارثها ودمارها المادي والمعنوي، لتصبح رغم ضيق مساحتها، وحرمانها من الثروات الطبيعية الضرورية.. تصبح الدولة الثانية في العالم بمقياس التقدم الصناعي والتجاري. ما الذي ينقصنا عن الشعب الياباني الذي لم يكن يملك غداة انتهاء الحرب العالمية الثانية إلا مدناً خربة، وصناعةً مدمرة، فشق طريقه بعزيمة صادقة، وإرادة صارمة ووسائل مكافئة للحاجة والأهداف، حتى غزت صناعته أسواق العالم.. وأصبح الغرب يبحث عن سبيل اللحاق بهذا الشعب. وكذلك الشعب الألماني، صاحب أقوى دولة أوربية اقتصاديّاً.. كيف خرج من الحرب العالمية الثانية؟. لقد خرجت ألمانيا من الحرب العالمية الثانية وهي تحمل ذكرى عشرة ملايين قتيل، ولا تمتلك إلا أنقاض حضارة سادت ثم بادت، ولكنها بالعمل الجدي البصير المستمر تغلبت على مشاكلها، وتقدمت، واستعادت كل قوتها وأكثر، وأصبحت في سنوات معدودات أهم دولة في أوروبا، وواحدة من أهم دول العالم في الصناعة والتجارة والاقتصاد والتقدم العلمي، وأيضاً في دورها وأثرها في حركة المجتمع البشري!. إن سر تقدم الأمم يكمن دائماً في القدرة على تسخير القوى المتاحة، وإذا أرادت الأمة الإسلامية أن تنهض وتتقدم، فليس أمامها من سبيل إلا أن تتصرف في حدود ما تملك فعلاً، لا أن تحلم بما هو خارج عن أيديها، لأن مثل هذه الأحلام لا تثمر في النهاية إلا الحسرة والندامة. وحين تتصرف الأمة الإسلامية فيما تملك وفق السنن، التي فطر الله عليها أمور الخلق فإنها بهذا تستثمر الطاقات المتاحة على أحسن وجه إن وطناً متخلفاً لابد له إذا أراد التقدم أن يستثمر سائر ما فيه من طاقات، يستثمر كافة عقوله وسواعده ودقائقه، وكل شبر من ترابه، فتلك هي العجلة الضخمة التي يجب دفعها لإنشاء حركة اجتماعية وبالتالي: حركة حضارية في ذلك الوطن. إن المتأمل للنماذج التنموية في الأمة الإسلامية، يجــد أن الأنظمة العلمانية القائمة عليها تركز على عنصر رأس المال، بل وتزعم أنه العنصر الــوحيد القادر على تحقيق التنمية في دول العالم الإسلامي، وأنه لا سبيل لهذه الدول للـخـــروج مــن التخـلــف إلا باستيراد التقنية!!. ولا شـــك أن هذه الطريقة في بناء التقدم لاتقيم تقدماً حضاريّاً، ولكنها تعطي مظهراً مزيّفاً من التمـديـــن عندما يقيم المخدوعون بهذا الزيف المصانع العملاقة، ثم يستوردون لها كل المعدات من الغرب، بل ويستوردون كوادر العمل في هذه المصانع. ومن هنا: فإن هـــــذه المصانع والمشروعات التنموية رغم الحجم الكبير للإنفاق فيها لا يكون لها أدنى أثر فـي تـقـــــدم الأمة الحضاري، وما ذلك إلا لأن الإنسان في كل هذه المشروعات كان غائباً. إن التنمية الناجحة تعتمد أساساً على تحول الإنسان، ولذلك فلا بد أن يتحول اهتمامنا بالتكنولوجيا ورأس المال إلى الإنسان .. كيف نعيد تشكيل عقله وفق المنهج الإسلامي؟ وكـيـف نـعـيـد إلـيـــــــه الفاعليـة التي يمنحه إياهـا ذلك المنهج؟ وكيف نحرره من روح الاتكالية، وندفعـه إلى التطلـع إلى التقـدم؟. فإذا استطعنا الإجابة على هــذه الأســئـلـة، فـقــد وضعنا أقدامنا على أول الطريق للتقدم والخروج بالأمة من مرحلة القصعة المستباحة إلى التمكين والريادة. إن الطريق إلى التقدم والحضارة والريادة، يقضي ببتر كل علاقات التبعية للغرب مهما كان نوعها، وتقبل سائر الصعوبات التي تواجه الإنـســـان عـنـدمـــا يـرشـــــد ويتحمل كامل مـســـؤولياته.. ولذلك: فإننا إن كنا صادقين في محاولتنا لإخراج أمتنا من التـخـلـف إلـى التقدم، فلا بد لنا من التحرك في هذا الطريق ـ وإن كان وعراً وصعباً، لنعزم العزمة ونمضي في هــذا الطريق، وليعقد كل منا العزم على أن يقلل شيئاً من تخلف هذه الأمة التي يعيش فيهــا.. فإذا فعلنا ذلك: فإننا قادرون ـ إن شاء الله ـ على أن نلحق بمن سبقونا، بل وربما نتجاوزهم. وبكلمة موجزة أقول: الإنسان هو أساس الحضارة، ولذلك: يؤكد منهج التغيير الحضاري الإسلامي على صياغة الإنسان المسلم من جديد قبل بناء العمارات وإنشاء المصانع وتعبيد الطرق وتـنـظـيـم الحياة المادية، أو معها على الأقل.. بينما تركز الأيديولوجية العلمانية على نقل التكنولوجـيــــا وتغييب الإنسان. ولا شــك أن الواقع خير شاهد على أن هذه الأيديولوجية العلمانية لم تفشل في ردم الهوة الحضارية بين الأمة الإسلامية وغيرها من الأمم فقط، بل إنها ساهمت في زيادة اتساع هذه الهوة، لأنهـــا كانت تسير بخطوات الغرب نفسها، فردت بضاعة الآخرين إليهم وصبت كل الجهود في محصلته. وإذن: فالطريق الصحيح للخروج بالأمة الإسلامـيـة من دائرة التخلف: أن نعود إلى منهاج الإسلام في التغيير الحضاري، فنقوم بتفجير الطاقـــــات الكامنة في الإنسان المسلم، عندها نمتلك القدرة على القفز فوق كل الحواجز لتحقيق التقدم والإنجاز الحضاري. إن الأمة الإسلامية لن يكون لها مكان على خريطة المستقبل إلا إذا تاب أبناؤها من خطيئة الكلام الكثير والعمل القليل، وإلا إذا شمر كل منهم عن ساعديه، وتعبد لله في ليله ونهاره بالعمل الكثير.. وبدون ذلك، تبقى هذه الأمة بين مـطـرقـــة الغرب الحاقد وسندان أفعـال أبنائها العاجـزة، التي لا تعدو في كثير من الأحيان مجموعة من الكلمات!!. إن التخلف الذي ترسف فيه أمتنا إنما هو في حقيقته نـتـيـجـة لازمة لكسلنا وعجزنـا عن المبـادأة في أي ميدان. ولا طريـق لنا إلى التقدم إلا أن نكون عـلـى يـقـيــن أن الفاعليـة هي طريق الأمم إلى الحضارة. ______________ (1) لقد أطلقوا على المجتمعات المتخلفة لفظة (النامـيــة) كـي لا تشـعـر بعمق المأساة، فلا تتساءل عن سبب تقدم الآخرين وتخلفنا، ولا تتحول الهزيمة النفسـية إذا ما أحستها إلى دافع يفجر فيها روح (التحدي) والرفض للواقع المزري؛ مما يجـرهــا نحو التغيير من أجل التقدم والرقي. | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
30 / 08 / 2008, 48 : 09 AM | المشاركة رقم: 10 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : النهر العذب المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح هويـة الأمـة الإسلاميـة محمد محمد بدري لكل أمة من الأمم (ثوابت) تمـثـل الـقـاعـدة الأساسية لبناء الأمة . وفي طليعة هذه الثوابت تأتي (الهوية) باعتبارها المحور الذي تتمركز حوله بقية الثوابت ، والذي يستقطب حوله أفراد الأمة . ولا تستحق أمة من الأمم وصـف (الأمــة) حتى تكــون لـهـا هـويتها المستقلة والمتميزة عن غيرها من الأمم . وإذن فالأمة بنيان يتجمع فيه الأفراد حول (هويـة) ثابتة ، تكون هي الصبغة التي تصبغ الأمة ، وتحدد سلوك أفرادها ، وتكيف ردود أفـعالهم تجاه الأحداث ، ولا شك أنه كلما شعر أفراد الأمة بهويتهم ، كلما تعمق انتماؤهم إلـى أمتهم ، وتأكد الولاء بينهم ، وتيسر تعاونهم في سبيل حمل رسالة الأمة والدفاع عنها أمام هجمات الأمم الأخرى . كما أنه من البديهي أيضاً ، أن الأمة إذا فقدت (هويتها)، فقدت معها استقلالها وتميزها، وفـقـدت بالتالي كل شيء لأنها تصبح بلا محتوى فكري أو رصيد حضاري، فتتفكك أواصر الولاء بين الأفراد، وتنهار شبكة العلاقات الاجتماعية في الأمة، وتموت الأمة،بل وتنبعث مـنها روائح الموت التي تجذب برابرة الأمم كما تجذب جثة الثور الميت صغار الـوحــوش لتنهش لحمه وتقطع أوصاله ، مع أنها كانت في حياته تمتلئ رعباً من منظره !! وهذا ما يحدث للأمة في ظل فقدان الهوية.. حيث السقوط الحضاري.. وتداعي الأمم . فـإذا أراد أحد إحياء هذه الأمة (الميتة) ، فإنه لا سبيل أمامه إلا أن يكشف عن هوية هذه الأمة ، ويجلي أبعاد خصوصيتها بين الأمم ، ليساعد ذلك في الدفع النفسي والشعوري إلى إحياء مجد الأمة التليد ، والمساهمة الفعالة في السبق الحضاري من جديد . هوية الأمة الإسلامية ليس تحديد (الهوية) ترفاً فكرياً ، أو جدلاً فلسفياً بل هو أمر جاد يتعلق - بل يقرر - طبيعة الصراع المصيري للأمة مع أعدائها "إذ أن الإنسان لا يستطيع أن يحدد موقفه من غيره ، قبل أن يحدد موقفه من نفسه : من هو ؟ ومن يكون ؟ وماذا يريد ؟ وبدون هذا الحسم (للهوية) الذاتية ، لا يمكن تحديد أي موقف فعال من أي قضية من قضايا المصير والتقدم والحياة الكريمة"(1) ولذلك لا بد أن نسأل أنفسنا : من نحن ؟ وما هي هويتنا بالتحديد ؟.. فإذا حددنا هويتنا ، انتقلنا على ضوء ذلك إلى تحديد ماذا نريد ؟.. ومن ثم كيف السبيل ؟ وإذن فتحديد الهوية يعرفنا بأهدافنا التي نريدها ، والأسلوب الذي نتوصل به إلى هذه الأهداف.. فما هي هويتنا ؟ لا شك أن هويتنا الأصيلة هي الإسلام ، وأن "الإسلام (كانتماء) هو القاسم المشترك الوحيد لأمة متكاملة كبرى ، ولا شيء غيره... وإذا ما نحينا الإسلام جانباً ، فمن المستحيل أن نجد قاسماً مشتركاً آخر نتفق عليه وتلتقي عنده الأمة الإسلامية ، فلا الأرض ولا اللغة ولا التاريخ يمكن أن تكون القاسم المشترك لأمتنا ، وذلك لأن الأرض واللغة والتاريخ تعتبر امتداداً للإسلام"(2) الذي هو الهوية الراسخة في نفوس أفراد الأمة ، والتي تهدي رؤيتهم إلى مختلف القضايا ، وتعطيهم الوعي الصحيح والرؤية الواضحة والزاد الحقيقي في مواجهة أعداء الأمة الإسلامية . .. وهذه هي عبرة التاريخ ، ودرس الواقع في الأمة الإسلامية ؟! فأمّا إنها عبرة التاريخ : "فإن العالم الإسلامي كان أمة واحدة تظلله راية لا إله إلا الله محمد رسول الله.. وكان المسلم يخرج من طنجة حتى ينتهي به المقام في بغداد لا يحمل معه جنسية قومية أو هوية وطنية ، وإنما يحمل شعاراً إسلامياً هو كلمة التوحيد ، فكلما حل أرضاً وجد فيها له أخوة في الإيمان ، وإن كانت الألسنة مختلفة والألوان متباينة لأن الإسلام أذاب كل تلك الفوارق واعتبرها من شعارات الجاهلية"(3) .. ويحكي لنا التاريخ كيف سافر ابن بطوطة من "شاطئ المحيط الأطلسي إلى شاطئ المحيط الهادئ ، ولم يعتبر في قطر مر به أجنبياً ، بل واتته الفرصة حيثما حل لأن يصبح قاضياً أو وزيراً أو سفيراً ، ولم يراقب في حركاته وسكناته ، ولم يسأله أحد عن هويته أو جنسيته أو مهنته أو وطنه"(4) فقد كان أفراد الأمة في تحركهم بين بلد وآخر من بلاد الإسلام لا يحتاجون إلى تأشيرات دخول أو خروج ، لأن الإسلام بلور (هويتهم) الحقيقية ، ومنحهم (الجنسية) الإيمانية ، وزودهم بروح الأخوة والمودة . لقد كان الفرد من عامة الأمة لا يرى في غير الإسلام سبباً للتجمع ، بل يرى أنه وحده أساس الانتماء ، وأنه وحده رابطة الولاء . ولذلك لم تكن له قابلية للشعور بالغضاضة في أن يعيش على أرضه ، بل ويحكمه (مسلم) من بلد آخر.. فصفة الإسلام تجب ما عداها ، ورابطة الدين تغني عما سواها . ولذلك رأينا في مصر مثلاً أنه "كانت نظرة المصريين دوماً إلى المماليك - وهم ليسوا أولي جذور مصرية - نظرة المسلمين إلى المسلمين ، الذين قد تكون لهم كحكام مظالم وشرور ، ولكن هذه النظرة ما تعدت ذلك إلى اعتبارهم وافدين على الوطن"(5) . ومن ناحية أخرى كانت نظرة الفرد من عامة الأمة إلى العالم من حوله ، نظرة إسلامية محددة ، يعتبر الفرد فيها أن الأرض التي يسيطر عليها النظام الإسلامي ، وتحكمها الشريعة الإسلامية هي (دار الإسلام) .. وأن الأرض التي لا يسيطر عليها الإسلام ولا تحكمها الشريعة الإسلامية هي (دار الحرب) . .. وبقي الدين عنصراً بارزاً في وعي أفراد الأمة ، وبقي الإسلام هو المُشَكّل لهوية الأمة الإسلامية.. فهو الذي يقوم عليه التصور العقدي العام في الأمة ، وإن شابه بهوت في بعض المفاهيم.. وهو الذي ينشط حركة الفرد في محيطه الفردي والجماعي وإن اعترى ذلك فتور في الفعالية.. "وكانت هذه الحقيقة من الوضوح بحيث فرضت نفسها على الفرنسيين وهم يعدون العدة للتعامل مع الشعب المصري ، حتى يمكن القول بأن الباب الذي اعتمده نابليون للدخول إلى المصريين كان باب الدين.. الذي استغله نابليون منافقاً ، بصورة ساذجة وسطحية . فهذا هو المنشور الذي وجهه نابليون للمصريين وقد افتتح بعبارة تقول : (بسم الله الرحمن الرحيم ، لا إله إلا الله لا ولد له ، ولا شريك له في ملكه ، ثم يقول : يا أيها المصريون ، قد قيل لكم إنني ما نزلت بهذا الطرف إلا بقصد إزالة دينكم ، فذلك كذب صريح لا تصدقوه ، وقولوا للمغتربين إنني ما قدمت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين ، وإنني أكثر من المماليك أعبد الله -سبحانه وتعالى- ، وأحترم نبيه والقرآن الكريم.. ثم يضيف كاذباً : أيها المشايخ والقضاة والأئمة والجرنلجية وأعيان البلاد ، قولوا لأمتكم إن الفرنساوية هم أيضاً مسلمون مخلصون (وفي النص الفرنسي : محبون للمسلمين المخلصين" !! ويدل ذلك على أن نابليون حينما أراد أن يقدّم الفرنسيين للشعب المصري ، بالصورة التي يعلم أنها مظنة القبول - عنده ، قدمهم (كمسلمين مخلصين) أو على أقل تقدير (محبين للمسلمين المخلصين)!! لقد كان المدخل بالقطع ذا علاقة بالإسلام ، الذي ظل - رغم كل ما شاب وجوده الحقيقي من خلل - سمتاً غالباً في المجتمع ، يراه الناس أساس التجمع وسبب الدولة"(6) . ولذلك فإن المصريين حين قاتلوا الحملة الفرنسية ، لم يقاتولها بوصفهم (مصريين) إزاء (فرنسيين) .. وإنما بوصفهم (مسلمين) يقاتلون (الكفار) الذين يحتلون أرضهم والدليل على أنها كانت حرباً جهادية إسلامية ضد (الصليبيين) أن علماء الدين كانوا هم قادتها ، وأن غضب نابليون انصب على الأزهر بوصفه عنصر المقاومة للغزو الصليبي.. وتأتي قمة الدلالة في كون سليمان (الحلبي) الذي قتل كليبر لم يكن (مصرياً) ، إنما كان (مسلماً) دفعه إسلامه إلى قتل قائد الحملة الصليبية الموجهة إلى أرض إسلامية . وإذا مضينا مع التجربة الإسلامية ، وجدنا المثال الآخر الذي يدل على أن الإسلام (كهوية) للأمة ، كان دائماً يعبئ طاقات الأمة ويوحدها ، ويجعلها أكثر صلابة في مواجهة أعدائها.. وذلك المثال هو ثورة 1919 م في مصر.. لقد قامت الثورة تعبيراً عن غضب الأمة المختزن منذ عهد الاحتلال.. واشترك فيها الشعب كله إلى أقاصي الصعيد.. وكانت الجماهير تستمع إلى خطباء الأزهر الذين يشعلون حماستها ، فتخرج في مظاهرات قوية ضد المستعمر الغاصب... وكان الإنجليز يدركون أنها ثورة إسلامية ، ويرون في ذلك الخطورة البالغة ، كما عبّر عن ذلك اللورد اللنبي المندوب السامي في مصر بقوله : إن الثورة تنبع من الأزهر ، وهذا أمر له خطورته البالغة.. أفرجوا عن سعد زغلول وأعيدوه إلى القاهرة(7) . وإذن فقد كانت الثورة في بدايتها(8) ثورة (إسلامية) .. وكانت أحاديث الناس ، وبخاصة في الريف تدور حول ضرورة الثورة ضد (الكفار) المغتصبين..وضرورة الثورة ضد الذين يفصلون بين الأمة وبين دولة (الخلافة) .. وكان الناس يرون أن (الأزهر) هو الجدير - في حسهم - أن يقود الثورة الإسلامية . وهكذا في كل مواجهة بين الأمة الإسلامية ، وبين أعدائها ، كان الإسلام هو الحصن الذي فشلت تحت أسواره محاولات القضاء على الأمة على مدار التاريخ.. وكانت (الهوية الإسلامية) هي الحافز الرئيسي الذي دعم جهاد الأمة ضد أعدائها ، سواء في الحروب الصليبية ، أو غزو التتار ، أو حروب الفرنجة ، أو غيرها.. حيث كانت الأمة تندفع بهويتها الإسلامية لتقدم قدراتها القوية ، فسرعان ما تنهزم قوى الباطل ويعود المسلمون إلى امتلاك إرادتهم ، وبناء أمتهم ، ونشر كلمة الله في العالمين.. هذه هي عبرة التاريخ.. وأما درس الواقع.. فقد "أثبت لنا تاريخ صراع الأفكار والمذاهب في القرن الأخير في المجتمعات الإسلامية أن الأمة الإسلامية رفضت محاولات إسقاطها النهائي أمام الأمم الأخرى وحضاراتها،... وأنها لا تزال تحتفظ بجوانب من القوة في مقوماتها الإسلامية وخصائصها الذاتية المستغلة ، على الرغم من غزو الحضارة الغربية لقيمها وحياتها وسلوك أفرادها"(9) ، ولا تزال ترى أن الإسلام هو المنهج الذي يمثل خصائصها ، ويحدد هويتها ، ويرسم الطريق الأمثل والوحيد إلى أهدافها الحضارية.. وليس أدل على ذلك من هذه الصحوة الإسلامية ، وتلك الجحافل الساجدة لله . بالفكر والسلوك.. الساعية إلى إخراج الأمة الإسلامية من التبعية إلى الريادة وقيادة البشرية . إن الإسلام وحده هو (هوية الأمة الإسلامية) وهو عصب حركتها ومحور اجتماعها ، وهو القوى الدافعة التي تفجر طاقات الأمة وتقوي وقفتها في مواجهة أعدائها . ويوم أن كان الإسلام هو هوية هذه الأمة ، كان المسلمون هم سادة الأرض بحق وصدق وعدل.. وبغيره ستظل الأمة تلهث وراء المظاهر الحضارية تحسبها التقدم ، وهي القشور والخداع . وبكلمة : لقد بلور الإسلام (هوية الأمة الإسلامية) ، ومنح أفرادها (الجنسية) الإيمانية ، فاجتمعوا حول الإسلام وربط بينهم حبل الله كارتباط الجسد الواحد.. ولم يستطع الغزو العسكري أو الفكري أن يحكم الأمة الإسلامية بغير الإسلام إلا في ظل سياسة العصا الغليظة ، والاستبداد السياسي ، والظلم الاجتماعي ، والأنظمة الجبرية.. حيث تلغى إنسانية الإنسان ، وتطارد حريته ، وتصادر هويته!! ... واليوم يبقى الإسلام هو (وحده) المنهج الذي يمثل خصائص الأمة ومنطلقاتها الاعتقادية وأهدافها الحضارية.. ذلك أنه هو (هوية الأمة الإسلامية) . و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018