الإهداءات | |
الملتقى العام المواضيع العامة التي لا يريد كاتبها أن يدرجها تحت تصنيف معين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | طويلب علم مبتدئ | مشاركات | 3 | المشاهدات | 750 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
23 / 05 / 2018, 06 : 12 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى العام إن الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين. أما بعد: أيها الإخوة الكرام؛ ها نحن نستقبل شهر رمضان فيطيب الكلام إلى إرشاد الأنام إلى بعض أحكام الصيام. فالأحكام العَمَلية يستفيد منها الإنسان لنفسه ولأهله ولغيرهم، ليعملوا بها، ويهتموا بهذه العبادة؛ حتى لا يذهب ما فيها من تعب وجهد ومشقة سدى، ودون فائدة ترتجى، فيحافظ العابد على عبادته بهذه الأحكام والإرشادات، راجيا العلي القدير سبحانه؛ لي ولكم ولسائر المسلمين مغفرة الذنوب، وستر العيوب، والدرجات العلى من الجنة، اللهم آمين. الصيام: الصيام في اللغة: معناه الإمساك والامتناع. وأما في الشرع: فهو هو التعبُّد لله سبحانه وتعالى بالإمساك عن الأكل والشرب، وسائر المفطرات؛ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. وهو في شهر رمضان فرض بالنص قال سبحانه: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185]، وهو من أركان الإسلام كما ثبت في الحديث الصحيح، وكذلك في إجماع الأمة. وكان فرض صيام رمضان في السنة الثانية من الهجرة إجماعاً، فصام النبي صلى الله عليه وسلم تسعَ سنين، أي تسع رمضانات. فإذا رأينا هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان، أو أكملت عدة شعبان ثلاثين يوما فقد وجب الصوم، ودخل وقته. ورؤية هلال رمضان، يعمُّ ما إذا رأيناه بالعين المجردة، أو بالوسائل المقربة؛ -عن طريق الآلات والتلسكوب؛ لأن الكلّ رؤية. وهناك قول لبعض العلماء: (إذا رآه أهل بلد لزم الناس كلَّهم الصوم)، وقول آخر؛ أنه لا يجب إلا على من رآه، كما يحدث في اختلاف البلاد الإسلامية، فكل بلد له مفتوه وله علماؤه الذين يتقلدون هذه الفتوى في إثبات الشهر وعدمه، أو كان في حكمهم بأن توافقت مطالع الهلال، فإن لم تتفق فلا يجب الصوم. ورؤية الهلال تثبت في الشرع من عدل ثقة رجل أو امرأة قوي البصر، فإذا شهدوا عند القاضي والمفتي ووثق بهم، وصدقهم وجب الصوم على الناس، وعليه أن يعم الخبر على الجميع ليصوموا. فلو صام أحدنا برؤية بلد، ثم سافر لبلد آخر قد صاموا هم بعدهم بيوم، وأتم هو ثلاثين يوماً، ولم يُرَ الهلالُ في تلك البلد التي سافر إليها، فهل يفطر، أو يصوم معهم؟ يوم الحادي والثلاثين بالنسبة له؟ الصحيح أنه يصوم معهم، ولو صام واحداً وثلاثين يوماً، وربما يقاس ذلك على ما لو سافر إلى بلد يتأخر غروبُ الشمس فيه، فإنه يفطر حسب غروب الشمس في تلك البلد التي سافر إليها، فيكون أهله لم يفطروا بعد وهو أفطر مع أولئك القوم. وكذلك لو عكسنا القضية وتوجهنا إلى الغرب، وسافرنا من المدينة إلى القاهرة مثلا أو إلى ليبيا فسنتأخر ساعة أو أكثر في الإفطار، فيزيد وقت الصيام. وكذلك لا يجوز لك السحور ولا الإفطار مع غير البلد التي أنت فيها الآن، وهكذا بالنسبة للذي صام ثلاثين يوما أكمل لأنه بدأ من بلده، وجاء للبلد المتأخر عند الذين صاموا هم ثلاثين يوما، فهو يصوم معهم، والله أعلم. لو عكسنا القضية وذهبنا إلى بلد صام قبلنا وهو صام ثمانية وعشرين يوماً مثلاً، وأفطروا في التاسع والعشرين بالنسبة له هو، وهم أكملوا تسعة وعشرين أو ثلاثين فهل يتابعهم؟ هذا يتابعهم ويفطر وعليه قضاء يوم والله تعالى أعلم؛ لأن رمضان لا يكون ولا الأشهر العربية لا تكون ثمانية وعشرين يوما، فعليه قضاء يوم، والله أعلم. أمَّا فيمن رأى هلال رمضان وحده، فربما يكون واهماً في رؤيته وربما يكون مُحقًّا، فله أن يصوم أوَّل الشهر سرًّا، فلا يخالف البلد التي هو فيها فيجاهر، ربما يصوم في أوَّل الشهر، لكن إن رأى هلال شوّال وحده فلا يفطر وحده لا سرًّا ولا جهرا، بل يصوم مع الناس ويفطر مع الناس، ولا يفطر وحده؛ لأنه قد يكون واهما في صيامه أول رمضان. ويشترط للصيام شروط منها: الإسلام، والبلوغ، ويكون البلوغ بإتمام خمس عشرة سنة، أو إنبات العانة، أو إنزال المنيِّ بشهوة، والعقل، فالمجنون والمخرِّف لا يجب عليهم صوم، ولا إطعام؛ لأنه فاقد العقل والإدراك. وشرط رابع خاصٌّ بالنساء؛ هذه الثلاثة السابقة، ورابع وهو بلوغ المرأة سن الحيض. وخامس القدرة والاستطاعة، والإقامة والاستيطان، فالمسافر ما عليه صيام، وسادس هو خلوّ المرأة من الموانع من الحيض النفاس، فإذا كانت عليها الدورة لا يجوز لها أن تصوم. فإذا الحائض والنفساء طهرتا، والمسافر حضر مفطرا والمريض برئ أثناء النهار، فعليهم القضاء، ولا يلزمهم الإمساك، ولكنْ هناك أقوال للعلماء في هذه المسألة، وهذا هو القول الراجح. إن شاء الله، لكن الإسرار بالإفطار هو الأولى؛ لئلا يظن به الظنون السيئة. وأركان الصيام اثنان، النية، أن يصوم غدا ويمتنع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والإمساك عن المفطرات في الوقت المحدد؛ من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. والنية، والإرادة، والقصد كلها معناها واحد، فقصد الشيء يعني نيته، وإرادة الشيء يعني نيته، والنية لا يمكن أن تختلف من عمل اختياري. والنية تُبّيَّت لشهر رمضان قبل الفجر، والنية تكون في أول الشهر تجزئ عن آخره، عن كلِّ الشهر، ما لم يقطعه قاطع، كيف يقطعه قاطع؟ كامرأة نوت أن تصوم رمضان وفي اليوم العاشر انقطع صومها بالحيض، وفي اليوم السادس عشر انتهى حيضها وطهرت فتُجدِّد النية، أما الذي ليس عنده عذرٌ فيصوم هذه الأيام بنيةٍ واحدة على خلاف بين العلماء، والصحيح أنه جائز بخلاف صيام النافلة، فيجوز أن تنوي ولو نهارا، لكن بشرط أن لا تكون قد أكلت أو شربت شيئا بعد فجر ذلك اليوم. أما غير النافلة؛ فينوي الصيام عن رمضان، أو عن كفارة، أو عن نذر أو ما أشبه ذلك، وتكون النية من قبل طلوع الفجر. وما يكره للصائم فعله: • بلع النخامةِ والنخاعة؛ لأنها مستقذرة. ولا يجوز للصائم ولا لغيره؛ ممن يستخدم السواك أو الفرشاة أن يبتلع الدم الخارج من لسانه ولا من بين أسنانه. • ويكره ذوق طعامٍ بلا حاجة؛ والحاجة مثل أن يكون طبَّاخاً يحتاج أن يذوق الطعام، فهو مسؤول عن هذا الطعام، أو امرأة زوجها عصبي المزاج إذا زاد ملح الطعام أو نقص يحدث لها المشاكل، فمثل هذا يجوز للحاجة لكن يتذوق ولا يبتلع. • وتكره القُبلة لمن تحرك شهوته؛ فإذا لم تحرك شهوته فلا شيء عليه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، تقول عائشة: (وأيكم أملك لإربه)، إذا كان لا يأمنَ فساد صومه. • ويجب اجتناب الكذب والغيبة، والنميمة والسب والشتم، وهذا في الصوم وفي غيره، ولكن في الصوم أشد، ولكنهم ذكروا هذا من باب التوكيد. من سنن الصيام: • من شُتِم وهو صائم فمن السنة أن يقول: إني صائم، ويقولها جهراً في صوم النافلة والفريضة، ويرفع صوته ليسمع من أمامه. • ومن سنن الصيام تأخيرُ السَحور، ولكن يؤخِّره ما لم يخشَ طلوعَ الفجر، وليس تأخير السحور إلى ما بعد الفجر لا، يجعل سحوره الذي يستغرق ربع ساعة، ربع ساعة أو عشر دقائق قبل وقت الفجر. • وتعجيل الإفطار، والمبادرة ُبه إذا غربت الشمس، ولا ينتظر الأذان؛ لأنه ربما يكون المؤذن يحتاط، والأذان لمن لم يرَ غروب الشمس، أما إنسان متأكد من غروب الشمس بعينه فهذا يفطر. • وأن يفطر على رُطَب؛ وهو التمر اللين، الذي لم ييبس، وإلاَّ؛ أفطر على تمر، وهو اليابس، يقول الشيخ ابن عثيمين: أو المجبَّن، والمجبن هو: المكنوز الذي صار كالجُبْن مرتبطاً بعضه ببعض، فإن لم يجد لا تمرا ولا رطبا فليفطر على ماء. فإن لم يجد رطبا ولا عصيرا، ولا ماء ولا شراباً آخر ولا طعاماً، نوى الفطر بقلبه ويكفي. • ومن السنن أيضا عند الإفطار التسمية عند الأكل أو الشرب، عند الإفطار وغيره، وهي على القول الراجح التسمية واجبة، ولكنه لو نسي في أوله، فإنه يسمي إذا ذكر ولو في آخره، ويقول: ("... بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ")[1]. كذلك أيضاً مما ورد عند الفطر وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم (الحمدُ) عند الانتهاء، في رمضان وغيره، يحمد الله عند نهاية الطعام. وثبت أن يقول عند الإفطار: ("ذَهَبَ الظَّمَأُ وَابْتَلَّتِ الْعُرُوقُ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ")[2]. ويستحب قضاء ما أفطر في رمضان متتابعاً في غيره، وذلك لأن هذا أقرب إلى مشابهة الأداء؛ لأن الأداء متتابع، وأنه أسرع في إبراء الذمة، وأنه أحوط، ولكن ليس التتابع واجبا. وهناك مسألة ينبغي التنبيه لها: وهي أن الأيام الستة من شوال لا تقدم على قضاء رمضان، بدل أن تتطوع ادفع ما عليك، عليك زكاة فريضة فلا تذهب وتعطي الناس صدقات، أخرج الزكاة، عندك ديون للناس لا تتطوع والناس لهم ديون عليك فأنت عليك قضاء، وهذه امرأة عليها قضاء من رمضان فبعد العيد بدلا من أن تصوم ستة من شوال تصوم الستة التي عليها، لكن لو صامت أو صام إنسان الستة من شوال قبل القضاء جاز، وقال المشايخ: يعتبر نافلة أو تطوُّع ليس من باب ستة من شوال متبعا إياه بعد رمضان، ليس كمن صام الدهر، فلو قدَّمت صارت نفلاً مطلقاً، ولم يحصل على ثوابها كصيام الدهر[3]. مفسدات للصيام وأخرى حادثة في عصرنا اليوم فمنها مفسدة للصوم، ومنها غير مفطرة: المفطِّرات جمع مُفَطِّر: وهي مفسدات الصيام، وهي ثمانية: 1) الأكل. 2) والشرب وما في معناهما كالإبر المغذية. 3) والجماع. 4) والحيض. 5) والنفاس. 6) والقيء عمدا 7) والاستمناء، وهو إخراج الشهوة. 8) والردة؛ كمن يكفر والعياذ بالله في نهار رمضان، فسد صومه ويمسك بقية يومه، ويقضي يوما آخر، ويتوب إلى الله عز وجل. والأمور الحادثة للصائم منها ما يفطر ومنها من لا يفطر: 1) بخاخ الربو: الراجح أنه لا يفطر، وهو عبارة عن علبة فيها دواء سائل، وهذا الدواء يحتوي على ثلاث عناصر الماء، والأكسجين، وبعض المستحضرات الطبية. وهو لا يفطر ولا يفسد الصوم؛ لأنه عبارة عن هواء أو ماء مضغوط. 2) الأقراص التي توضع تحت اللسان: والمراد بها: أقراص توضع تحت اللسان لعلاج بعض الأزمات القلبية، -عافانا الله وإياكم من كافة الأمراض-، وهي تُمتَصُّ مباشرة ويحملها الدم إلى القلب فتتوقف الأزمة المفاجئة التي أصابت القلب؛ لأنه لا يشربها، لكن لو ابتلع الحبة لأفطر. وهي جائزة غير مفطرة؛ لأنه لا يدخل منها شيء إلى الجوف بل تُمتص في الفم، وعلى هذا فليست مفطرة. 3) منظار المعدة: يدخل في الجسم حتى يصل إلى المعدة ويكون على رأسه كاميرا صغيرة مزودة بمجسات، وهو عبارة عن جهاز طبي يدخل عن طريق الفم إلى البلعوم ثم إلى المريء ثم إلى المعدة، ولا يفطر بإدخال هذه الأشياء التي لا تغذي؛ ولكن يستثنى من ذلك ما إذا وضع الطبيب على هذا المنظار مادةًّ دهنية مغذية، ويكون فيه دهن يمتصه الجسم، لكي يُسهِّل دخول المنظار إلى المعدة فإنه يفطر. 4) القطرة: التي تستخدم عن طريق الأنف لا تفطر، قالوا: (فالقطرة الواحدة - 0.06 من السنتيمتر الواحد المكعب). ثم ستدخل هذه القطرة إلى الأنف ولن يصل إلى المعدة إلا شيء يسير، إذا وصل فيكون معفواً عنه، فهي لا تفطر. 5) بخاخ الأنف: البحث فيه كالبحث في بخاخ الربو: فيكون بخاخ الأنف لا يفطر. 6) التخدير: وتحته أنواع: أ) التخدير الجزئي عن طريق الأنف: وذلك بأن يشم المريض مادة غازية تؤثر على أعصابه فيحدث التخدير: فهذا لا يفطر، لأن المادة الغازية التي تدخل الأنف ليست جرماً ولا تحمل مواد مغذية. ب) التخدير الجزئي الصيني: نسبة إلى بلاد الصين: يتم بإدخال إبر جافة إلى مراكز الإحساس تحت الجلد فتستحث نوعاً من الغدد على إفراز المورفين الطبيعي الذي يحتوي عليه الجسم؛ أي شيء داخلي، وبذلك يفقد المريض القدرة على الإحساس، وهذا لا يؤثر على الصيام ما دام أنه موضعي وليس كلياًّ؛ ولعدم دخول المادة إلى الجوف. ت) التخدير الجزئي بالحقن: وذلك بحقن الوريد بعقار سريع المفعول؛ بحيث يغطي على عقل المريض بثوانٍ معدودة. فما دام أنه موضعي وليس كلياًّ فلا يفطر؛ ولأنه لا يدخل إلى الجوف. ث) التخدير الكلي: اختلف فيه العلماء: وقد تكلم فيه العلماء السابقون في مسألة المغمى عليه؛ فعلماؤنا اليوم قاسوها على شيء قديم وهو مسألة الإغماء؛ هل يصح صوم المغمى عليه؟ وهذا لا يخلو من أمرين: الأول: أن يغمى عليه جميع النهار؛ بحيث لا يُفيق جزءاً من النهار: فهذا لا يصح صومه عند جمهور العلماء، وليس عليه قضاء ولا ليس عليه إطعام لأنه فاقد للعقل في هذه الحالة. الثاني: أن لا يغمى عليه جميع النهار: فهذا موضع خلاف بين العلماء. والصواب؛ أنه إذا أفاق جزءاً من النهار أن صيامه صحيح، وهذا قول أحمد والشافعي رحمهم الله؛ لأن نية الإمساك حصلت بجزءٍ من النهار، ويُقال في التخدير مثل ذلك. 7) قطرة الأذن: والمراد بها: عبارة عن دهن (مستحضرات طبية) يصب في الأذن؛ فلا يفطر. والطب الحديث: بيّن أنه ليس بين الأذن والدماغ قناة يصل بها المائع إلا في حالة واحدة؛ وهي ما إذا حصل خرق في طبلة الأذن، وعلى هذا الصواب؛ أنها إذا دخل منها شيء في خرق الأذن؛ أنها لا تفطر. 8) غسول الأذن: وهذا حكمه حكم قطرة الأذن: إلا أن العلماء قالوا: إذا خرقت طبلة الأذن فإنه ستكون الكمية الداخلة إلى الأذن كثيرة فتكون مفطرة. فإذاً غسول الأذن ينقسم إلى قسمين: إذا كانت الطبلة موجودة؛ فلا يفطر. إذا كانت الطبلة فيها خرق؛ وهذه فيها خلاف بين العلماء والراجح والله أعلم فإنه يفطر، لأن السائل الداخل كثير. 9) قطرة العين: فيها خلاف للمتأخرين والراجح أنها لا تفطر، وهو مذهب الحنفية والشافعية، ويستدلون بأنه لا منفذ بين العين والجوف، وإذا كان كذلك فإنه لا يفطر. حتى لو وجدت طعم القطرة في فمك ولسانك، ووجدت لونها في بصاقك ما لم تبتلعها فهذه لا تفطر. 10) المفطر العاشر: الحقن العلاجية؛ وهذه تنقسم إلى: 1- حقن جلديه. 2- حقن عضلية. 3- حقن وريدية. فأما الحقن الجلدية والعضلية غير المغذية: فلا تفطر عند المعاصرين، وقد نص على ذلك ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله، والدليل: أن الأصل صحة الصوم حتى يقوم دليل على فساده، وكذلك هي ليست أكلاً ولا شرباً ولا في معناهما. أما الحقن الوريدية المغذية التي تغني المريض الذي يتعاطاها عن الطعام والشراب طيلة شهر رمضان لا يذوق شيئا؛ فهي مفطرة: وهو قول الشيخ السعدي وابن باز وابن عثيمين رحمهم الله، ومجمع الفقه الإسلامي، والدليل: أنها في معنى الأكل والشرب، فالذي يتناولها يستغني عن الأكل والشرب. أمَّا الإبر التي يتعاطاها مريض السكر فليست مفطرة. 11) الدهانات والمراهم واللاصقات العلاجية: نعلم أنَّ الجلد في داخلِه أوعية دموية تقوم بامتصاص ما يوضع عليه عن طريق الشعيرات الدموية، وهذا امتصاص بطيء جداً، فهي لا تفطر، وهذا ما ذهب إليه مجمع الفقه الإسلامي، بل حكى بعضهم إجماع المعاصرين على ذلك؛ لأنها لم توجد في العصور السالفة. 12) قسطرة الشرايين: وهي عبارة عن أنبوب دقيق يدخل في الشرايين لأجل العلاج أو التصوير. ذهب مجمع الفقه الإسلامي أنها لا تفطر؛ لأنها ليست أكلاً ولا شرباً ولا في معناهما ولا يدخل المعدة منها شيء. 13) الغسيل الكلوي: وله طريقتان: الأولى: الغسيل بواسطة آلة تسمى (الكلية الصناعية) حيث يتم سحب الدم إلى هذا الجهاز، ويقوم الجهاز بتصفية الدم من المواد الضارة؛ ثم يعود إلى الجسم عن طريق الوريد. وفي أثناء هذه الحركة قد يحتاج إلى سوائل مغذية تعطى عن طريق الوريد. الثانية: عن طريق الغشاء البريتواني في البطن: وذلك بأن يدخل أنبوب صغير في جدار البطن فوق السرة، ثم يدخل عادة لتران من السوائل تحتوي على نسبة عالية من السكر الجلوكوز إلى داخل البطن، وتبقى في الجوف لفترة ثم تسحب مرة أخرى ويكرر هذا العمل عدة مرات في اليوم. -عافانا الله وإياكم من جميع الأمراض. واختلف المعاصرون فيه هل هو مفطر أم لا؟ والأقرب أنه يفطر وهي الحالة الثانية التي يدخل إلى الجسم ويخرج منه الدم إذا رافقه إدخال مواد مغذية، والله تعالى أعلم. وهنا مسألة: لو حصل مجرد التنقية للدم فقط، استخراج المواد السامة، فإنه لا يفطر، لكن هذا الحاصل في غسيل الكلى إضافة بعض المواد الغذائية والأملاح، وغير ذلك. إذا أضيفت هذه فهي تفطر، والله أعلم. 14) التحاميل التي تستخدم عن طريق فرج المرأة: ومثله: الغسول المهبلي. تكلم عليها العلماء قديماً وحديثاً؛ فعند المالكية والحنابلة: أن المرأة إذا قطرت في قبلها مائعاً فإنها لا تفطر. وعلَّلوا: بأنه ليس هناك اتصال بين فرج المرأة والجوف. والطب الحديث يقول: بأنه لا منفذ بين الجهاز التناسلي للمرأة وبين جوف المرأة، وعلى هذا لا تفطر بتلك الأشياء. ولا بإدخال إصبع للفحص الطبي، أو إدخال المنظار أو اللولب ونحوهما إلى الرحم. لا يفطر المرأة وفعله ليلا أولى. 15) التحاميل التي تؤخذ عن طريق الدبر: وتستخدم لعدة أغراض طبية؛ لتخفيف الحرارة وتخفيف آلام البواسير. وغير ذلك، ومثله: الحقن الشرجية. أولاً: الحقن الشرجية: لا تفطر على خلاف بين العلماء. والراجح أنها لا تفطر لأنها ليست منفذا معتادا للطعام والشراب. ثانياً: التحاميل عن طريق الدبر، لا تفطر، وهو قول ابن عثيمين رحمة الله؛ لأنها تحتوي مواد علاجية دوائية، وليس منها سوائل غذائية، فليست أكلاً ولا شرباً ولا في معناهما. 16) المنظار الشرجي: الطبيب قد يدخل المنظار في فتحة الدبر ليكشف على الأمعاء، لا يفطر إلا إن رافقته مواد دهنية؛ لتسهيل الإدخال لهذا الجهاز ونحوها. 17) ما يدخل في الجسم عبر مجرى الذكر من منظار أو محلول أو دواء أو قسطرة (أنبوب دقيق) أو منظار، أو مادة ظليلة على الأشعة، أو دواء، أو محلول لغسل المثانة. فهذا كله لا يفطر. فعند الحنفية والمالكية والحنابلة: أن التقطير في الإحليل لا يفطر، ولو وصل إلى المثانة. وفي الطب الحديث: لا علاقة بين المسالك البولية والجهاز الهضمي: وعليه لا يفطر. 18) الحجامة والتبرع بالدم: وهذه فيها خلاف طويل وقوي بين العلماء عند الحنابلة مفطرة، وهذا اختيار ابن تيمية رحمة الله عليه. والجمهور: على أنها لا تفطر. فتفطير الصائم وفساد صومه بالحجامة كان أول الأمرين؛ فقد وردت أحاديث أنها تفطر ثم نسخ، بما ثبت من أحاديث وآثار تدل على عدم فساد الصوم بالحجامة، منها: ما ثبت عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ»[4]. ولقد سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟) قَالَ: (لاَ، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ). وَزَادَ شَبَابَةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ[5]. الإنسان إذا سحب منه الدم يضعف فقد يفطر، فيكرهونه للصائم، وهذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخشى على الصائم أن يقلَّ دمه من الحجامة، وخروج الدم منها فيضعف. وثبت أيضا (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الحِجَامَةِ وَالْمُوَاصَلَةِ)، -أي لا يفطر إلا وقت السحور-، (وَلَمْ يُحَرِّمْهُمَا؛ إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ)[6]. إذن فالحجامة لا تفطر لذاتها، فالحجامة نهى عنها، ونهى عن المواصلة أن تصوم يومين بدون شراب ولا طعام، هذا نهى عنه إبقاء على أصحابه رضي الله عنهم. وَعَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ قَالَ: (كَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاص)، -رضي الله عنه- (وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَحْتَجِمَانِ وَهُمَا صَائِمَانِ)[7]. والخلاصة؛ أن الحجامة والتبرع بالدم وما شابه ذلك مكروهةٌ للصائم غير مفسدة للصوم، وفعلها ليلا أسلم. والله أعلم. 19) ما يتعلق بأخذ شيء من الدم للتحليل: -وهذا غير الحجامة وغير التبرع بالدم- فإنه لا يفطر؛ لأنه ليس في معنى الحجامة، فالحجامة تضعف البدن. حتى عند الحنابلة الذين يقولون أن الحجامة تفطر. 20) معجون الأسنان: لا يفطر؛ لأن الفم في حكم الظاهر، فم الإنسان في حكم العضو الخارج؛ كأن تضع الماء على يدك، كذلك إن وضعت الماء في فمك للمضمضة لا تفطر، لكن الأولى للصائم أن لا يستخدمه إلا بعد الإفطار، إذ نفوذه قوي، ورائحته نفاذة، وقد يتحلل منه شيء فيبتلعه الصائم فيفطر، وفعله في الليل أولى، وفعله قبل دخول وقت المنع عند أذان الفجر أولى، ويستغنى عن ذلك بالسواك، أو بالفرشة بلا معجون، والله أعلم. تنبيه مهم: المفطّرات؛ ماعدا الحيض والنفاس لا يفطر بها الصائم إلا بشروط ثلاثة: أن يكون عالما غير جاهل، ذاكرا غير ناس، مختارا غير مضطر ولا مُكْرَه. إذا تناول مفطرا من هذه المفطرات بهذه الشروط فيفطر. أما أن يكون غير عالم، جاهل بالحكم الشرعي وتناول مفطرا لا يفطر، ولا شيء عليه. أن يكون ناسيا فالذي يأكل ويشرب ناسيا فإنما أطعمه الله وسقاه. أن يكون عامدا مختارا ليس مكرها وهذا أيضا هو الذي يفطر، أما مكرها غير مختار فلا يفطر. 21) من المفطرات ما يكون في معنى الأكل والشرب؛ كالأدوية والحبوب عن طريق الفم، والإبر المغذية. والأحوط أن تكون كل هذه الإبر بالليل، وغسيل الكلى الذي يتطلب خروج الدم لتنقيته، ثم رجوعه مرة أخرى مع إضافة مواد كيماوية وغذائية، كالسكريات والأملاح وغيرها -وترجع- إلى الدم، يعتبر مفطّرا -إذا كان خالطه هذا الشيء، والله أعلم[8]. 22) قلع السنّ، ومداواة الجراح، كلُّ ذلك لا يفطر. [9]، ومن حشا سنّه بحشوة طبية، فوجد طعمها في حلقه، فلا يضر ذلك صيامه. لكن لا ينبغي أن يتناثر منها شيء أو من الماء الذي يرش فيه أو ما شابه ذلك فيبتلعه، وإذا لم يبتلعه فلا شيء عليه ولكن إن ابتله منه شيئا عن غير قصد أو عن غير اختيار رغم أنفه دخله شيء فلا شيء عليه وصيامه صحيح. 23) ودواء الغرغرة -إن لم تبتلع منه شيئا فـ- لا يبطل الصوم إن لم يبتلعْه. 24) غاز الأكسجين وغازات التخدير (البنج) ما لم يعط المريض سوائل (محاليل) مغذية. وهذه كلها لا تفطر. 25) إدخال قسطرة؛ وهي (أنبوب دقيق) في الشرايين؛ لتصوير أو علاج أوعية القلب أو غيره من الأعضاء. 26) إدخال منظار من خلال جدار البطن؛ لفحص الأحشاء، أو إجراء عملية جراحية عليها. فهذه لا تفطر. 27) أخذ عينات (خزعات) من الكبد أو غيره من الأعضاء، يأخذ منها أشياء للفحص، ما لم تكن مصحوبة بإعطاء محاليل. 30) دخول أي أداة، أو مواد علاجية إلى الدماغ، أو النخاع الشوكي. مؤخر الرأس هذه كلها لا تفطر. بعض الفوائد والأحكام للصائم: 1) من أكل أو شرب عامدا -والعياذ بالله- في نهار رمضان دون عذر فقد أتى كبيرة عظيمة من الكبائر، وعليه التوبة والقضاء، وإن كان فطره بالجماع فعليه القضاء والكفارة. 2) وإن كان إفطاره بمحرم؛ -كأن يفطر مثلا على الدخان أو أفطر على زجاجة خمر- كمسكر ازداد فعله شناعة وقبحا، والواجب بكل حال التوبة العظيمة، والإكثار من النوافل من صيام وغيره؛ ليجبر نقص الفريضة، ولعل الله أن يتوب عليه. 3) و("إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه")[10]. وفي رواية: ("مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِيًا، فلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ")[11]. لكن لا يتمادى إذا ذكر في نفسه أو ذكِّر من غيره فليمتنع. 4) وإذا رأى من يأكل -أو يشرب- ناسيا؛ فإن عليه أن يذكّره لعموم قول الله -سبحانه وتعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2]، ولعموم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي". [12]؛ ولأن الأصل أن هذا منكر -وهو الأكل والشرب في نهار رمضان- يجب تغييره[13]. 5) من احتاج إلى الإفطار لإنقاذ معصوم من مهلكة؛ -من حريق أو غرق مما شابه ذلك- فإنه يُفطر ويقضي؛ كما قد يحدث في إنقاذ الغرقى وإطفاء الحرائق. 6) لو -تحايل إنسان و- أراد جماعَ زوجته، -فبدل أن يبدأ بجماع زوجته- أفطر بالأكل أوّلا، فمعصيته أشدّ، وقد هتك حرمة الشهر مرتين؛ بأكله وجماعه، والكفارة المغلظة عليه أوكد، وحيلته وبالٌ عليه، -نسأل الله السلامة- وتجب عليه التوبة النصوح. [14]، وهذا يقضي ويكفر كفارة الجماع. 7) والتقبيل والمباشرة والمعانقة -للزوجة-، واللمس وتكرار النظر من الصائم لزوجته، أو أمته إن كان يملك نفسه جائز، لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم؛ (كان يقبّل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لأَرَبه)، -أي يملك نفسه عن الشهوة. أما حديث: "وَيَدَعُ زَوْجَتَهُ مِنْ أَجْلِي". [15]، فالمقصود به جماعها، ولكن إن كان الشخص سريع الشهوة لا يملك نفسه؛ فلا يجوز له ذلك؛ لأنه يؤدي إلى إفساد صومه، ولا يأمن من وقوع مفسد من الإنزال، أو الجماع، -الإنزال عليه قضاء، والجماع عليه قضاء وكفارة- قال الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: "ويدع شهوته من أجلي". والقاعدة الشرعية تقول: (كل ما كان وسيلة إلى محرم فهو محرم). 8) إذا أصبح وهو جُنُب -أذن عليه الفجر ولم يغتسل من الجنابة- فلا يضرّ صومه، ويجوز له تأخير غسل الجنابة والحيض والنفاس إلى ما بعد طلوع الفجر، ولكن عليه المبادرة لأجل الصلاة. 9) إذا نام الصائم -في القيلولة- فاحتلم فإنه لا يفسد صومه إجماعا بل يتمّه -ويغتسل-، وتأخير الغسل لا يضرّ الصيام، -وهو جائز- ولكن عليه أن يبادر به -بالاغتسال- لأجل الصلاة ولتقربه الملائكة. -فالذي يبقى على جنابة تجتنبه الملائكة. 10) وإذا ابتلع ما علق بين أسنانه بغير قصد، -من حلاوة أو تمر من بقايا السحور؟ أو قطعة لحم صغيرة- أو كان قليلا يعجز عن تمييزه ومجّه، فهو تبع للريق ولا يفطّر، وإن كان كثيرا يمكنه لفظه؛ فإن لفظه فلا شيء عليه، وإن ابتلعه عامدا فسد صومه[16]. 11) وإذا أخرج الماء بعد المضمضة -إنسان تمضمض ومج الماء- فلا يضرّه ما بقي من البلل والرطوبة؛ -فليس معناه أن تبقي تبصق حتى يجف ريقك، فالبلل المتبقي مسامح فيه معفو عنه، أنت ابصق الماء الموجود أمّا البلل فلا حرج-؛ لأنه لا يمكنه التحرز منه. 12) ومن أصابه رعاف فصيامه صحيح، وهو أمر ناشئ بغير اختياره[17]. 13) استنشاق بخار الماء في مثل حال العاملين في محطات تحلية المياه لا يضرّ صومهم[18]. 14) والسواك سنّة للصائم في جميع النهار وإن كان رطبا، -حتى السواك لو كان مبللا بالماء والريق فلا مانع-، وإذا استاك وهو صائم فوجد حرارة أو غيرها من طَعْمِه فبلعه أو أخرجه من فمه وعليه ريق ثم أعاده وبلعه فلا يضره[19]. 15) ويجتنب -من السواك- ما له مادة تتحلل؛ كالسواك الأخضر، وما أضيف إليه طعم خارج عنه كالليمون والنعناع، ويُخرج ما تفتت منه داخل الفم، ولا يجوز تعمد ابتلاعه فإن ابتلعه بغير قصده فلا شيء عليه. 16) وما يعرض للصائم من جرح أو رعاف، أو ذهابٍ للماء أو البنزين إلى حلقه بغير اختياره لا يُفسد الصوم. -كإنسان يريد أن يأخذ الماء من برميل معين، فيسحب بفمه وإذا بالماء يتدفق إلى حلقه، فلا شيء عليه؛ لأنه لم يقصد ذلك- وكذلك إذا دخل إلى جوفه غبار أو دخان أو ذباب بلا تعمد، فلا يُفطر، وما لا يُمكن التحرز منه كابتلاع الريق لا يفطّره، ومثله غبار الطريق وغربلة الدقيق. 17) وإن جمع ريقه في فمه ثم ابتلعه قصدا -خلاف بين العلماء، والراجح أنه- لم يفطّره على الأصح[20]. 18) وكذلك لا يضره نزول الدمع إلى حلقه، أو أن يدهن رأسه أو شاربه، أو يختضب بالحناء فيجد طعمه في حلقه، ولا يفطّر وضعُ الحنّاء والكحل والدّهن[21]. 19) وكذلك المراهم المرطّبة والمليّنة للبشرة -هذه لا تفطر-. ولا بأس بشمّ الطيب واستعمال العطور ودهن العود والورد ونحوها، والبخور لا حرج فيه للصائم إذا لم يتسعّط به. [22] -يتسعط يعني يجعله عند أنفه ويستنشق هذا يفطر، لكن إن شمه عرضا ليس قصدا، أو اتخذه كعطور والله أعلم أنه لا يفطر. 20) التدخين من المفطّرات، -وعائلة التدخين بكاملها؛ الشيشة والأرجلية ووو...- وليس عذرا في ترك الصيام، إذ كيف يُعذر بمعصية؟! -فبعض الناس يقول أنا غير قادر أنا لا أصبر على ترك الدخان خمس عشرة ساعة!!. 21) والانغماس في ماء -أو حوض أو بحر- أو التلفف بثوب مبتلّ؛ للتبرد لا بأس به للصائم، ولا بأس أن يصبّ على رأسه الماء من الحر والعطش[23]. 22) ويُكره له السباحة؛ لما فيها من تعريض الصوم للفساد. -فعلا قد يدخل الماء للإنسان في فمه ثم يدخل إلى معدته من حيث لا يشعر،- ومن كان عمله في الغوص أو وظيفته تتطلّب الغطس فإن كان يأمن من دخول الماء إلى جوفه فلا بأس بذلك. 23) لو أكل أو شرب أو جامع ظانا بقاء الليل ثم تبين له أن الفجر قد طلع فلا شيء عليه؛ -لأن الوقت الذي ظنه هو وقت الإفطار-؛ لأن الآية قد دلّت على الإباحة إلى أن يحصل التبيُّن، وقد روى عبد الرزاق [24] بإسناد صحيح ابْنِ عَبَّاسٍ قال: (أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ الشَّرَابَ مَا شَكَكْتَ حَتَّى لَا تَشُكَّ). وعَنْ أَبِي الضُّحَى أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: (مَتَى أَدَعُ السُّحُورَ؟) فَقَالَ رَجُلٌ: (إِذَا شَكَكْتَ)، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (كُلْ مَا شَكَكْتَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ). [25] -ما دمت تشك في الفجر طلع أم لم يطلع فكل حتى لا تشك، فإن تبين بعد ذلك أن في وقت الفجر قد طلع فصيامك صحيح، لكن أقلع وامتنع عند البيان. 24) من أتى مفطراً، وهو شاكٌّ في طلوع الفجر فصومه صحيح، وهذا يؤخذ من قوله تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187]. 25) فإن أكل شاكاًّ في غروب الشمس؛ -إذِ الأصل المنع بخلاف الليل، وشك أن الشمس غربت أم لا- فلا يصح صومه، -ما دام يشكُّ في الشمس أنها لم تغرب بعد، كيف له أن يأكل ويشرب؟- ويجوز له أن يأكل إذا تيقّن، أو غلب على ظنه أن الشمس قد غربت، فله أن يفطر ولا قضاء عليه ما لم يتبَّين أنها لم تغرب. فإن تبين له بعد ذلك أنها لم تغرب -أكل بغلبة الظن فظن أن الشمس غربت فأكل ثم بعد ذلك ظهرت الشمس- فالصحيح أنه لا قضاء عليه؛ لأنه عمل بالحكم الذي يعلمه. مسألة: رجل غابت عليه الشمس وهو في الأرض، وأفطر وطارت به الطائرة، ثم رأى الشمس؟ نقول: لا يلزم أن يمسك؛ -يبقى يأكل ويشرب، لماذا؟- لأن النهار في حقه انتهى، والشمس لم تطلع عليه بل هو طلع عليها. لكن لو أنها لم تغب -هو تحت الآن- وبقي خمس دقائق، -على مغيبها- ثم طارت الطائرة ولما ارتفعت، إذ الشمس باقي عليها ربع ساعة أو ثلث، فإن صيامه يبقى؛ لأنه ما زال عليه صومه. 26) وإذا طلع الفجر وفي فيه طعام أو شراب فقد اتفق الفقهاء على أنه يلفظه ويصح صومه، وكذلك الحكم فيمن أكل أو شرب ناسيا ثم تذكّر وفي فيه طعام أو شراب صحّ صومه إن بادر إلى لفظه. من أحكام الصيام للمرأة: 1) التي بلغت فخجلت وكانت تُفطر؛ عليها التوبة العظيمة، وقضاء ما فات من أيام أفطرتها. ومثلها في الحكم التي كانت تصوم أيام عادتها خجلا ولم تقض. فإن لم تعلم عدد الأيام التي تركتها على وجه التحديد صامت حتى يغلب على ظنها أنها قضت الأيام التي حاضت فيها ولم تقضها من الرمضانات السابقة. 2) ولا تصوم الزوجة (غير رمضان) وزوجها حاضر إلا بإذنه، فإذا سافر فلا حرج. -تطوعات واثنين وخميس وغيره لا تصوم إلا بإذن زوجها أما في رمضان القضاء أو الكفارة أو ما شابه ذلك بإذنه وبدون إذنه تصوم إلا إذا كان زوجها مسافرا فلها أن تتطوع. 3) الحائض إذا رأت القصّة البيضاء؛ -وهي علامة الطهر- وهو سائل أبيض يدفعه الرّحم بعد انتهاء الحيض؛ التي تَعرف بها المرأة أنها قد طهرت، تنوي الصيام من الليل وتصوم، وإن لم يكن لها طهر تعرفه احتشت بقطن ونحوه فإن خرج نظيفا صامت، فإذا رجع دم الحيض -إليها- أفطرت، -ولأنه ربما ليس لها علامة تعرف بها الطهر فبهذه الطريقة والله أعلم- ولو كان دما يسيرا أو كدرة فإنه يقطع الصيام ما دام قد خرج في وقت العادة[26]. 4) وإذا استمر انقطاع الدم إلى المغرب وكانت قد صامت بنية من الليل صحّ صومها، -لأن الدم منقطع إلى الليل هذا اليوم الكامل لها ذلك فيه وصومها صحيح، فإن جاءها الدم بعد ذلك فتكون مع الحائضات-، والمرأة التي أحست بانتقال دم الحيض ولكنه لم يخرج إلا بعد غروب الشمس صح صومها وأجزأها يومها. 5) والحائض أو النفساء إذا انقطع دمها ليلاً فَنَوَت الصيام ثم طلع الفجر قبل اغتسالها فمذهب العلماء كافة صحة صومها. [27]، ولو أخرت الغسل. 6) المرأة التي تعرف أن عادتها تأتيها غدًا تستمر على نيتها وصيامها ولا تُفطر حتى ترى الدم. 7) الأفضل للحائض أن تبقى على طبيعتها، وترضى بما كتب الله عليها، ولا تتعاطى -من الحبوب والأقراص- ما تمنع به الدم، وتقبل ما قَبِل الله منها من الفطر في الحيض والقضاء بعد ذلك، وهكذا كانت أمهات المؤمنين ونساء السلف[28]. -لكن لو استخدمت الحبوب المانعة للدورة ما في مانع إن شاء الله.- 8) قد ثبت بالطبّ ضرر كثير من هذه الموانع -التي تمنع الحيض-، وابتليت كثير من النساء باضطراب الدورة بسبب ذلك، فإن فعلت المرأة وتعاطت ما تقطع به الدم فارتفع وصارت نظيفة وصامت أجزأها ذلك. 9) دم الاستحاضة لا يؤثر في صحة الصيام -لأنه نزيف. 10) إذا أسقطت الحامل جنينا متخلّقا، أو ظهر فيه تخطيط لعضو؛ كرأس أو يد، فدمها دم نفاس، وإذا كان ما سقط علقة أو مضغة لحم؛ لا يتبيّن فيه شيء من خَلْق الإنسان؛ فدمها دم استحاضة، -إذا ما كان فيه تخلُّقٌ فدمُ استحاضة، وإذا كان فيه تخلقٌ يكون دم نفاس-، وعليها الصيام إن استطاعت، وإلا أفطرت وقضت[29]. 11) وكذلك إن صارت نظيفة بعد عملية التنظيف صامت. وقد ذكر العلماء أن التخلّق يبدأ بعد ثمانين يوما من الحمل، فتفطر إن نزل في هذه الفترة. أما قبل الثمانين فقطعة من الأم كاليد أو نحوها، فلا تفطر. 12) النفساء إذا طهرت قبل الأربعين صامت واغتسلت للصلاة[30]. 13) فإن رجع إليها الدم في الأربعين أمسكت عن الصيام؛ لأنه نفاس، وإن استمر بها الدم بعد الأربعين نوت الصيام واغتسلت (عند جمهور أهل العلم)، وتَعتبر ما استمر استحاضة، إلا إن وافق وقت حيضها المعتاد فهو حيض. 14) والمرضع إذا صامت بالنهار، ورأت في الليل نقطا من الدم، وكانت طاهرا بالنهار فصيامها صحيح[31]. 15) الراجح في الحامل والمرضع أنه يجوز لهما الإفطار، وليس عليهما إلا القضاء سواء خافتا على نفسيهما أو ولديهما إن أطاقتا الصيام، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ عَنِ المُسَافِرِ الصَّوْمَ، وَشَطْرَ الصَّلَاةِ، وَعَنِ الحَامِلِ أَوِ المُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ". [32]، فإن لم تستطع الحامل والمرضع القضاءَ؛ لتوالي الحمل الإرضاع سنين، -حوالي ثلاث سنين، ويدخل عليها ثلاث رمضانات فمتى تقضي بين حمل ورضاعة- تطعم والله تعالى أعلم، ولا قضاء عليها، فلو قلنا: هذه أفطرت من أجل الحمل، فمتى تقضي؟ وفي السنة التي بعد رمضان الذي أفطرته تكون مرضعا، وجاء رمضان آخر ولم تستطع الصوم وسنة أخرى، وحقُّ الطفل أن يرضع عامين كاملين، فجاء رمضانُ ثالث، ففات عليها رمضان الحمل، ورمضان العام الأول، رمضان العام الثاني، ثلاث رمضانات أفطرتها، بين حمل وإرضاع! فمتى تقضي؟ لأن عمر الطفل صار سنتين أو ثلاثا، فالمرأة تحمل بعد سنة أو سنتين، فيكون جنين آخر ورضيع أخر، ولا تستطيع الصيام! والصحيح الذي تدلُّ عليه آثار السلف كما سنعلم أنه من كانت حالتها كهذه فلا قضاء عليها؛ بل عليها الإطعام فقط، فَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: (إِذَا خَافَتْ الْحَامِلُ عَلَى نَفْسِهَا، وَالْمُرْضِعُ عَلَى وَلَدِهَا فِي رَمَضَانَ؛ يُفْطِرَانِ، وَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَلَا يَقْضِيَانِ صَوْمًا)[33]. وَعَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما؛ (أَنَّ امْرَأَتَهَ سَأَلَتْهُ وَهِيَ حُبْلَى؟) فَقَالَ: (أَفْطِرِي، وَأَطْعِمِي عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، وَلاَ تَقْضِي)[34]. كذلك عَنْ عبد الله ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: (الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ، تُفْطِرُ وَلاَ تَقْضِي)[35]. وَيكفي تفسير حبر الأمة عبدِ الله بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184] (قَالَ: كَانَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَنْ يَفْتَدِيَ بِطَعَامِ مِسْكِينٍ، افْتَدَى وَتَمَّ لَهُ صَوْمُهُ، فَقَالَ: ﴿ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 184]، ثُمَّ قَالَ: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 185]) (قَالَ: فَأُثْبِتَتْ لِلْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ) (إِذَا خَافَتَا -يَعْنِي عَلَى أَوْلَادِهِمَا- أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا)[36]. هذه آثار عن السلف وأيُّ سلف؟ القمة في الفقه والاستنباط، عبد الله بن عباس، عبد الله بن عمر، فلم يذكر قضاء بل إطعام. 16) والحامل إذا صامت ومعها نزيف فصيامها صحيح، ولا يؤثّر ذلك على صحة صيامها[37]. 17) المرأة التي وجب عليها الصوم إذا جامعها زوجها في نهار رمضان برضاها فحكمها حكمه، وأما إن كانت مكرهة فعليها الاجتهاد في دفعه ولا كفارة عليها، والأحوط لها أن تقضي ذلك اليوم. 18) وينبغي على المرأة التي تعلم أن زوجها لا يملك نفسه أن تتباعد عنه، وتترك التزين في نهار رمضان؛ -لئلا تكون مستدرجة له.- 19) ويجب على المرأة قضاء ما أفطرته من رمضان ولو بدون علم زوجها، ولا يُشترط للصيام الواجب على المرأة إذن الزوج. 20) وإذا شرعت المرأة في قضاء الصيام الواجب فلا يحلّ لها الإفطار إلا من عذر شرعي، ولا يحلّ لزوج المرأة أن يأمرها بالإفطار وهي تقضي، وليس له أن يُجامعها، وليس لها أن تطيعه في ذلك. [38]، لأن حقَّ الله مقدَّمٌ على حق العباد. 21) أمّا صيام النافلة فلا يجوز لها أن تشرع فيه وزوجها حاضر إلا بإذنه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ("لا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ") -أي حاضر غير مسافر- ("إِلا بِإِذْنِهِ")[39]. باب الاعتكاف: مأخوذ من عكف على الشيء؛ أي: لزمه وداوم عليه. وفي الشرع: لزوم مسجد لطاعة الله تعالى. إذن لزوم الدار لزوم البيت، لزوم المدرسة، مكان العمل ما ينفع فيها الاعتكاف إلا في مسجد. والاعتكاف مسنون قد دل على هذا الكتاب، والسنة، والإجماع وهو مسنون في كل وقت. فالذي يعتكف في غير رمضان، فإنه لا ينكر عليه بدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن لعمر بن الخطاب أن يوفي بنذره، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْفِ نَذْرَكَ فَاعْتَكَفَ لَيْلَةً». [40]، ولو كان هذا النذر مكروهاً أو حراماً لم يأذن له بوفاء نذره. أن يعتكف في المسجد الحرام يوما، فأذن له وهذا كان في غير رمضان. مسألة: من اعتكف اعتكافاً مؤقتاً؛ كساعة أو ساعتين، مجرد أن يدخل المسجد ينوي الاعتكاف حتى يخرج، ومن قال: كلما دخلت المسجد فانوِ الاعتكاف! فمثل هذا ينكر عليه؛ لأن هذا لم يكن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم. وإنما هذا اعتكاف في الحقيقة اعتكاف لغوي وليس اعتكافا شرعيا تترتب عليه الأحكام الشرعية. والصوم للمعتكف من المستحبات إذا كان في غير رمضان، وأقله يوما وليلة. ولا يصح الاعتكاف إلا في مسجد يجمع فيه، تقام فيه الجماعة، ولا يشترط أن تقام فيه الجمعة... وفيه خلاف بين أهل العلم. ومن نذر الاعتكاف، أو الصلاة في مسجد غير الثلاثة لم يلزمه، فلو أدى نذره في مسجد آخر جاز، والمراد بالثلاثة المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى. وأفضل المساجد المسجد الحرام، فمسجد المدينة، فالأقصى، فهذه المساجد الثلاثة هي التي إذا نذر الصلاة أو الاعتكاف فيها تعينت. فالصحيح في هذه المسألة؛ أن غير المساجد الثلاثة إذا عينه لا يتعين إلا لمزية شرعيه، فإنه يتعين؛ لأن النذر يجب الوفاء به، ولا يجوز العدول إلى ما دونه. وقت بداية الاعتكاف: من نذر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فإنه يدخل عند غروب الشمس من يوم عشرين من رمضان، أي ليلة الحادي والعشرين منه؛ لأنها ليلة من ليالي القدر، وليالي الوتر. ويخرج إذا غربت الشمس من آخر يوم من الزمن الذي عينه. ويفسد الاعتكاف بالخروج من المعتكف لغير حاجة: ولا يخرج المعتكف من المسجد الذي يعتكف فيه إلا لما لابد لهُ منه. فلا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة إلا أن يشترطه. أما خروج المعتكف لغير حاجة، وليس فيه مقصود شرعي، فهذا يبطل به الاعتكاف سواء اشترطه أم لا. مثل ماذا؟ الخروج للراتب، وهو معتكف، سواء اشترط أم لم يشترط لا يخرج، إما أن يوكِّل غيره أو ينتظر أوائل شوال، هذا مما له منه بدٌّ، وليس مما ليس له. وإن وطئ المعتكف في فرج فسد اعتكافه. فلو اشترط عند دخوله في المعتكف أن يجامع أهله في اعتكافه لم يصح شرطه؛ لأنه محلِّلٌ لما حرم الله، ﴿ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ﴾ [البقرة: 187]، وكلُّ شرطٍ أحلَّ ما حرم الله فهو باطل. ويستحبُّ للمعتكف أن يشتغلَ بالقُرب، جمع قُرْبة، وهي العبادات الخاصة؛ كقراءة القرآن، والذكر، والصلاة في غير وقت النهي، وما أشبه ذلك، وهو أفضل من أن يذهب إلى حلقات العلم؛ اللهم إلا أن تكون هذه الحلقات نادرة، لا تحصل له في غير هذا الوقت. ويستحبُّ للمعتكف أن يجتنب ما لا يعنيه، وما لا يهمه من قول أو فعل، أو غير ذلك وهذا سُنَّةٌ له ولغيره. ويجوز أن يزورَ المعتكفَ أحدٌ من أقاربه، ويتحدث إليه ساعة من زمان. ودليل ذلك أن بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم كصفية رضي الله عنها كانت تزور النبي صلى الله عليه وسلم، ويخرج معها للحاجة ليوصلها إلى بيتها رضي الله تعالى عنها. وفي الختام؛ هذا ما تيسّر ذكره من مسائل الصيام، أسأل الله تعالى أن يُعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يختم لنا شهر رمضان بالغفران، والعتق من النيران. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته [1] (ت) (1858)، (جة) (3264)، (الإرواء) تحت حديث: (1965)، صَحِيح التَّرْغِيبِ (2107). [2] (د) (2357)، (ن) (3329)، (ك) (1536)، (هق) (7922)، وحسنه الألباني في الإرواء: (920). [3] انظر (الشرح الممتع لابن عثيمين). [4] (خ) (1938). [5] (خ) (1940). [6] (د) (2374). [7] (ط) (660)، (عب) (7540) إسناده صحيح: مالك، عن ابن شهاب، عن ابن عمر. [8] فتاوى اللجنة الدائمة (10/ 190). [9] مجموع فتاوى شيخ الإسلام (25/ 233)، (25/ 245). [10] (خ) (1933). [11] (خز) (1990)، (حب) (3521)، (ك) (1569)، (هق) (7863)، انظر صحيح موارد الظمآن (748). [12] (خ) (401). [13] (مجالس شهر رمضان) ابن عثيمين (ص: 70). [14] انظر مجموع الفتاوى (25/ 262). [15] (خز) (1897). [16] (المغني 4/ 47). [17] فتاوى اللجنة الدائمة (10/ 264). [18] فتاوى اللجنة الدائمة (10 / 276). [19] الفتاوى السعدية (245). [20] المغني لابن قدامة (3/ 106). [21] انظر مجموع الفتاوى (25/ 233، 25/ 245). [22] فتاوى اللجنة الدائمة (10/ 314). [23] المغني (3/ 44). [24]رواه عبد الرزاق في مصنفه (4/ 172) ح (7367). [25] السنن الكبرى للبيهقي (4/ 374) ح (8038)، فتح الباري (4/ 135)، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية مجموع الفتاوى (29/ 263). [26] فتاوى اللجنة الدائمة (10/ 154). [27] الفتح (4/ 148). [28] فتاوى اللجنة الدائمة (10/ 151). [29] فتاوى اللجنة الدائمة (10/ 224). [30] المغني مع الشرح الكبير (1 / 360). [31] فتاوى اللجنة الدائمة (10 / 150). [32] (ت) (715) (جة) (1667)، (حم) (19069). [33] (تفسير الطبري) (2758)، وانظر (الإرواء) تحت حديث (912)، وقال: إسناده صحيح على شرط مسلم. [34] (قط) (ج2/ ص: 207/ ح14)، (عب) (7558)، (ط) (678)، (هق) (7868) وانظر (الإرواء) تحت حديث (912). [35] (قط) (ج2/ ص: 207/ ح11)، وانظر (الإرواء) تحت حديث (912). [36] (د) (2316)، (2317)، (2318)، انظر الإرواء (913). [37] فتاوى اللجنة الدائمة (10/ 225). [38] فتاوى اللجنة الدائمة (10/ 353). [39] (خ) (4793). [40] (خ) (2042). Yvah] hgHkhl Ygn fuq Hp;hl hgwdhl | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
23 / 05 / 2018, 26 : 05 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى العام جزاك الله خيرا اخى | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
27 / 05 / 2018, 57 : 05 PM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى العام | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
01 / 06 / 2018, 50 : 03 AM | المشاركة رقم: 4 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى العام | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018