الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | طويلب علم مبتدئ | مشاركات | 0 | المشاهدات | 441 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
08 / 06 / 2015, 28 : 06 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح وصلت جيوش خالد بن الوليد ذات الثمانية عشر ألف مقاتل إلى الحيرة فوجدوا فيها أربعة حصون: الحصن الأول: يُسمى القصر الأبيض، وكان فيه إياس بن قبيصة، وهو رجل نصراني، وكل أمراء الحصون من النصارى أيضًا، وحصن آخر يُسمى قصر العبسيين كان فيه رجل يسمى عدي بن عدي المقتول، وحصن ابن مازن فيه حيري بن أكان، وحصن ابن بقيلة وكان فيه عمرو بن عبد المسيح، وكان أكبر هؤلاء الأمراء، وفي بعض الروايات أنه تجاوز الأعوام المائة. كانت هذه الحصون الأربعة من الشدة والمناعة، بحيث إن أهلها يستطيعون أن يمكثوا فيها أيامًا وشهورًا دون أن يكونوا بحاجة إلى الخروج منها. وعندما وصل خالد بن الوليد إلى الحيرة وجد جميع أهل الحيرة متحصنين داخل هذه الحصون الأربعة بعد أن تركهم (آزاذبه) بجيشه وانصرف إلى المدائن. جعل خالد بن الوليد لنفسه قاعدة بعيدة عن القصور، وأرسل مجموعة من أمهر قواده لحصار هذه الحصون، فأرسل ضرار بن الأزور لحصار القصر الأبيض، وأرسل سيدنا ضرار بن الخطاب لحصار قصر العبسيين، وكان ضرار بن الخطاب هذا زميلاً لخالد بن الوليد منذ أيام "أُحُد" أيام الشِّرك، فقد كان ضرار في كتيبة خالد بن الوليد التي هزمت المسلمين في موقعة "أُحد"، وأسلم ضرار في فتح مكة، وشهد مع خالد بن الوليد جميع الفتوح في حروب الردة، وفي مواقعه في العراق، وهو ليس أخًا لعمر بن الخطاب، ولا لزيد بن الخطاب، لكنه أخٌ لهما في الإسلام. القصر الثالث قصر ابن مازن عليه ضِرَار بن مُقرِّن وهو أحد الإخوة العشرة، أولاد مقرن المزني، ثم جعل خالد بن الوليد حصار القصر الرابع قصر ابن بقيلة إلى المثنى بن حارثة. وتقدمت الجيوش الأربعة لحصار هذه الحصون، وأرسل خالد بن الوليد إلى أهل هذه القصور الأربعة رسالةً تدعوهم إلى الإسلام أو الجزية أو القتال، وأعطاهم مهلة يومًا يبدأ الضرب بعده. بعد مرور المهلة بدأ المسلمون يرمون القصور بالأسهم والنبال، فسمعوا أهل القصور يقولون: عليكم بالخزازيف. وهذه الكلمة جديدة على المسلمين لا يعرفون معناها، ولكنهم ابتعدوا عن مرمى أهل هذه القصور، ثم ظهرت الخزازيف وهي عبارة عن مقاليع ضخمة تقذف كرات من الخزف، صُنِعَتْ هذه الكرات من الطين وأوقدت عليها النيران حتى أصبحت خزفًا فهي تشبه قنابل أو أحجارًا ضخمة تُقذَف بالمقاليع على جيش المسلمين، وكان من حُسْنِ تقدير المسلمين الابتعاد عن مرمى هذه القصور فلم تصبهم هذه الخزازيف بشيء، وكانت قوة الرمي عند المسلمين أقوى وأعظم، فكانت سهامهم تصل إلى داخل هذه القصور؛ فتصيب مَنْ بها من الناس ولا تفرِّق هذه الأسهم بين جندي وبين رجل غير مقاتل وبين راهب في معبد لا تفرق بين أحد؛ لأنها تسقط داخل القصور، فعندما كثرت الإصابات خرج الرهبان من ديارهم وقالوا: يا أهل القصور، والله ما يقتلنا إلا أنتم، فليس لكم إلا الاستسلام. وبالفعل اجتمع أهل هذه القصور الأربعة على الاستسلام، وكان أولهم استسلامًا أكبرهم سنًّا؛ عمرو بن عبد المسيح وأرسل إلى خالد بن الوليد رسالة يخبره فيها برغبته في التفاوض معه على الجزية. خالد يدعو الأمراء إلى الإسلام : بعد أن أعلنت هذه الحصون استسلامها خرج من كل حصن أميرُه، فأرسل أمراء الحصار من المسلمين مع كل أمير من أمراء الحصون الأربعة رسولاً ليوصله إلى خالد بن الوليد، وظلوا هم على حصار الحصون لئلا يكون هناك خديعة للمسلمين من أهل هذه الحصون، وقابل خالد بن الوليد كل أمير منهم على حدة، ثم قابلهم مجتمعين، وتحدث معهم وقال لهم: ماذا تريدون؟ قالوا: ما لنا بحربكم من حاجة، ولكن ندفع الجزية. فقال لهم: والله إن الكفر لَفَلاةٌ مُضِلَّة (أي كالصحراء المتسعة التي يَضِلُّ من يسير فيها)، فعجبًا لكم كيف تُستَذَلُّون بأعجمي وتتركون العربي؟! وحزن خالد بن الوليد على عدم إسلامهم، ووافق على الجزية، وهو -كما نرى- كان الأحبَّ إليه أن يسلم هؤلاء القوم ويتركهم وحالهم، ولكنهم أبوا أن يسلموا وأصرُّوا على ما هم عليه من الكفر والضلال. قدَّر خالد بن الوليد الجزية عليهم بعد أن قام بعدّهم وأخرج منهم المسنّين، فوصلت الجزية إلى مائة وتسعين ألف درهم في السنة، وسمِّي هذا صلح الحيرة، وكتب عهدًا بذلك على أن يمنع المسلمون عنهم الأذى سواء من المسلمين أو من غيرهم، فلو أن الروم أرادوا حرب أهل الحيرة فعلى المسلمين أن يردوهم عنهم، وإلا فلا جزية عليهم، وذلك لأن الجزية مقابل الحماية، ووافق أهل هذه القصور الأربعة وأعطوا خالد بن الوليد مائة وتسعين ألفًا من الدراهم بعد أن جمعوها في أكثر من شهر من أهل هذه القصور ممن يستطيعون القتال. عدل المسلمين ونزاهتهم : ووافق هذا الأمر عيدًا عند الفرس يُسمَّى عيد النيروز حيث كانوا في مدخل الصيف -وكان عندهم عيد آخر في مدخل الشتاء يُسمَّى (عيد المهرجان)- وكان من عادة الفرس في هذه الأعياد أن يذهبوا إلى القرى التي يمتلكونها من العرب، فيعطيهم العرب الهدايا أمنًا لجانبهم (أي إتاوة تُفْرَض على العرب من جانب الفرس)، وكان أهل الحيرة ممن تعودوا هذا الأمر؛ فأعطوا خالد بن الوليد من هذه الهدايا الكثير، إضافة إلى الـ 190.000 درهم، وعندما أرسل خالد هذه الهدايا والـ 190000 ألف درهم إلى أبي بكر الصديق في المدينة المنورة؛ أَبَى أبو بكر الصديق إلا أن تُحْتَسَب هذه الأموال من الجزية، وتُردُّ لهم بقية هذه الأموال. وبالفعل أُعِيدت الأموال الزائدة إلى أهل الحيرة، وكان لهذا الأمر أثر عظيم على أهل الحيرة الذين انتقلوا من المجوسية ومن النصرانية إلى الإسلام. وبهذا فتح خالد بن الوليد أعظم مدينة في جنوب العراق، واتخذها قاعدة له ينطلق منها إلى غيرها من الأماكن. كانت أولى مواقع المسلمين "كاظمة" في الفرس في شهر المحرم، ومَرَّ على المسلمين شهر صفر ثم أوائل شهر ربيع الأول، ففي أقل من ستين يومًا كان المسلمون يمتلكون هذه المنطقة. علم خالد بن الوليد وهو في الحيرة أن هناك بعض تجمعاتٍ للفُرْسِ في مدينة كربلاء، وهي على بُعد مائة كيلو متر من الحيرة، فأرسل لها كتيبة بقيادة عاصم بن عمرو التميمي، ففتحها وقاتل أهلها وانتصر عليهم، وأصبحت "كربلاء" هذه حتى هذه اللحظة حدود المسلمين الشمالية في العراق. علم خالد بن الوليد أيضًا أن (جابان) الذي كان يرأس جيش الفرس في موقعة (أُلَّيْس) وهرب منها بعد أن انتصر المسلمون على الفرس، قد تجمع ببعض الجيوش في (تُسْتَر)؛ فأرسل له جيشين: أحدهما بقيادة المثنى بن حارثة، والآخر بقيادة حنظلة بن الربيع. وتوجه الجيشان من الحيرة حتى حدود المذار، وقبل أن يتجاوزاه إلى "تستر" علم جابان بتقدم الجيشين فانسحب بجيشه إلى داخل فارس ولم يقاتل. سيطر المسلمون سيطرة كاملة على هذه المنطقة، وبدأ سيدنا خالد بن الوليد يحاول أن يوسع دائرة أملاك المسلمين في هذه المنطقة، وأتاه في هذا الوقت أهل مدينة "باروسما"، وأهل مدينة "بانِقيا" يعاهدونه على الصلح؛ فذهب إليهم خالد بن الوليد، وقالوا له: إنهم يريدون الصلح على أن يعطوه الجزية. فوافقهم وأعطاهم كتابًا بهذا، وكان صلح "بارُوسما" و"بانِقيا" على ألفي ألف درهم في السنة وهو ما يساوي مليوني درهم؛ وذلك لأن هذه المنطقة كانت منطقةً غنيةً وحافلة بالناس، وفيها الكثير ممن يمتلكون الأموال فَقُدِّرت عليهم الجزيةُ بألفي ألف درهم في السنة، وأعطيت للمسلمين وبذلك قويت شوكة المسلمين، وأصلحوا من أسلحتهم ومن أمتعتهم، وصارت لهم السيطرة الكاملة في هذه المنطقة. بدأ خالد بن الوليد يُعِدُّ الحاميات التي تحمى هذه المنطقة؛ فقد أصبح له من الجيوش في هذه المنطقة الكثير، فيقسِّم سيدنا خالد بن الوليد المنطقة الشمالية إلى سبع مناطق رئيسية، وجعل نفسه في "الحيرة" حيث كانت هي المركز الرئيسي لإدارة الحرب، ثم جعل سبعة جيوش على حدود المنطقة التي فتحها المسلمون حتى الآن. فجعل المثنى بن حارثة -وكان في كل مواقع المسلمين هو قائد مقدمة المسلمين؛ لأنه كان أعلم الجيش بالعراق، وأقدر المسلمين على قتال فارس؛ ولأنه كان من قبيلة شيبان، وكان يسكن شمالي الجزيرة العربية، وكان يعلم هذه البلاد جيدًا، وكان أقدر على قتال الفرس، وهو أول من نصح سيدنا أبا بكر الصديق بقتال الفرس - على أقرب المواقع إلى الفرس "المدائن"؛ لأن هذه هي أخطر نقطة من نقاط المسلمين، وجعل ضرار بن الخطاب على رأس حامية، وضرار بن الأزور على رأس حامية، وضرار بن مقرن على رأس حامية، وبسر بن أبي رُهم على رأس حامية، وبسر هذا الذي كان قائدًا لأحد الفريقين اللذَيْن قاما بالكمين في موقعة الولجة كما نذكر، والكتيبة السابعة بقيادة عتيبة بن النهاس على حدود منطقة الحيرة الجنوبية، وجعل القعقاع بن عمرو على هذه المنطقة الواسعة في وسط العراق، والقعقاع بن عمرو في هذا الوقت كان بمنزلة النائب لخالد بن الوليد في الحروب، فهو نائب القائد الأعلى للقوات الإسلامية في ذلك الوقت فجعله خالد قريبًا منه، ثم جعل هذه المنطقة كلها تحت إمرته مباشرة في الحيرة، وأمَّر سيدنا عاصم بن عمرو التميمي على كربلاء، وجعل على إمارة منطقة الأُبُلَّة -وهي من المناطق المهمة جدًّا- سيدنا سويد بن مقرن، وقسم الحاميات إلى ثلاث: حامية بقيادة حسكة الحنظلي، وحامية بقيادة الحصين بن أبي الحر، وحامية أخرى بقيادة عتيبة بن النهاس، فهؤلاء هم الأمراء الأحد عشر الذين عيَّنَهُم خالد بن الوليد على المناطق المختلفة التي فُتِحَتْ في العراق، وبدأ سيدنا خالد بن الوليد في شنِّ الغارات الخفيفة على أهل فارس رغبة في تجميع الغنائم وتقوية شوكة المسلمين، وبث الرعب في قلوب الفرس، وكثير من الفرس وأهل هذه المنطقة إما أنهم دفعوا الجزية أو أنهم أَجْلَوْا تمامًا عن المنطقة؛ لقوة وبأس المسلمين في هذا الوقت، ودامت السيطرة للمسلمين في هذه المنطقة. موقف عياض بن غنم : فعل خالد بن الوليد كل هذا، وما زال سيدنا عياض بن غَنْم يقف أمام أول حصن من حصون فارس من جهة المنطقة التي ذهب يفتحها -شمال الجزيرة العربية- وهي منطقة دومة الجندل، وقد كان حصنًا عظيمًا للفرس في شمال الجزيرة العربية، ولم يتمكن سيدنا عياض حتى هذه اللحظة من فتح هذا الحصن. على الجانب الآخر نجد أن خالد بن الوليد قد أتم مهمته على خير ما يمكن أن يُتِمَّ قائدٌ مهمتَه، وهو يفكر الآن ماذا يفعل بعد أن أتم مهمته في وقت قياسي، فقد قطع مئات الكيلو مترات، وانتصر على مئات الآلاف ممن كانوا في جيوش الفرس، وفتح الحيرة وظل منتظرًا في الحيرة حوالي ثلاثة شهور، دون أن تصل أخبار عن انتصارات لعياض بن غنم، وهو الآن يفكر: هل أتوجه إلى المدائن لفتحها أم أذهب إلى عياض بن غنم لمساعدته؟ ولكن في توجهه إلى المدائن مخالفة لأمر أبي بكر الصديق ؛ لأنه قد أمر بأنه إذا اجتمع الجيشان في الحيرة يُؤَمَّر عليهما من يصل أولاً إلى الحيرة، ثم يتوجه الجيشان معًا إلى المدائن، وهذا هو الرأي الأصوب، فكيف يقاتل خالد بن الوليد في المدائن، وفي ظهره جيوش الفرس التي تحارب عياض بن غنم؟ وماذا يفعل إذا انتصرت هذه الجيوش على عياض؟! كان من المفترض أن يتقدم عياض بن غنم من دومة الجندل بعد أن يفتحها إلى شمال العراق، ثم ينزل من شمال العراق حتى الحيرة، وهنا يقوم خالد بما كان يُتوقع أن يقوم به عياض، فيتوجه بجيشه من الحيرة إلى كربلاء والتي تقع في أقصى شمال المنطقة التي استولى عليها المسلمون وعليها عاصم بن عمرو التميمي، ويستخلف على الحيرة نائبه المظفر القعقاع بن عمرو التميمي، ويُوكِل إليه قيادة كل هذه الجيوش الموجودة في هذه المنطقة، ويأخذ معه جيشًا ويتوجه إلى "كربلاء"، وفيها يوافيه عاصم بن عمرو التميمي بالأخبار والأنباء عن موقف الفرس في هذه المنطقة. فتح الأنبار وعين التمر : وكان الفرس في هذه المنطقة يتجمعون في ثلاثة أماكن رئيسية؛ منطقة على نهر الفرات تُسمَّى الأنبار، وهي حصن منيع جدًّا من حصون الفرس، ومنطقة عين التمر، ومنطقة تُسمَّى الفِرَاض وهي قريبة من الشام، وكانت الشام تابعة للروم. وبدأ خالد بالتوجه إلى الأنبار بجيشه، وعندما وصل إليها وجدها محصنة بحصن منيع وحولها خندق عظيم، وكان من عادة الفرس في قتالهم أن يحفروا الخنادق حول الحصون -ولعلنا نتذكر رأي سلمان الفارسي في غزوة الخندق والذي أشار على النبي بحفر خندق حول المدينة المنورة- وكان على إمرة الأنبار فارسي يُسمَّى "شيرازاد" وكان أميرًا جبانًا، فعندما علم بقدوم خالد بن الوليد قال: إذا قدم خالد فليس لنا إلا الهزيمة. وعندما وصل إليه خالد خيَّره بين ثلاث: إما أن يُسلِم فَيَسْلَم، وله ما للمسلمين وعليه ما عليهم، وإما أن يعطي الجزية عن يدٍ وهو صاغر، وإما أن يُقتَل. ولكن يُصِرُّ شيرازاد على القتال، وهو يعلم في داخل نفسه أنه مهزوم، ويقف أهل الأنبار أعلى الحصن ليرموا المسلمين، وبخبرته الثاقبة في الحروب يرى خالد بن الوليد أن هؤلاء القوم يقفون أعلى الحصون دون أن يحاولوا الاختباء، فيقول لجيشه: والله إن هؤلاء قوم ليس لهم علم بالحرب؛ فسددوا أسهمكم إليهم في رمية رجل واحد واختاروا العيون! ووقف الرماة المهرة في مقدمة صفوف المسلمين، واستعدوا للأمر، وفي لحظة واحدة أشار خالد بن الوليد فانطلقت مئات الأسهم من الجيش المسلم نحو أهل الأنبار ففُقِئَت في أول رمية ألفُ عين، ولهذا سُمِّيت هذه الموقعة موقعة (ذات العيون)، فأعلن شيرازاد ومن معه الاستسلام مباشرة، وقالوا: نرضى النزول على حكم المسلمين، ولكن لنا شرط واحد، وهو أن يخرج شيرازاد في حامية صغيرة من جيشه لا تتجاوز الجنود العشرة دون سلاح ودون مال إلى المدائن. وهذا -كما نرى- هربٌ من المعركة، ووافق خالد بن الوليد حقنًا للدماء وحفاظًا على الأرواح، وخرج أولئك الجنود بشيرازاد وتوجهوا إلى المدائن، وعندما وصلها لامه بهمن جاذويه قائد الجيوش الفارسية على مقدمة المدائن، فقال له: كيف أقاتل من فقأ ألف عين في أول رمية؟! ودخل خالد بن الوليد الأنبار، ولم يقتل فيها أحدًا؛ لأنه لم يكن هناك قتال، ولكنه سبى الكثير من أهلها، وكان منهم أربعون غلامًا يتعلمون الإنجيل في كنيسة من الكنائس، وكان من هؤلاء الغلمان الأربعين غلامٌ صغير يُسمَّى نُصَيرًا، وغلام آخر يُسمى سيرين، وقد أسلم كل منهما، وتزوج نصير وأنجب موسى بن نصير الذي فتح الأندلس، وأنجب سيرين محمد بن سيرين أحد كبار علماء المسلمين، وأحد كبار التابعين. وبعد أن انتهى خالد من الأنبار توجه بعدها إلى عين التمر، وهي على بعد 100 كيلو مترٍ من الأنبار، ويعلم أهل عين التمر بما يقدم عليه خالد بن الوليد ، وأهل عين التمر قسمان: قسم فارسي وقسم عربي، فهذه المنطقة كما نعرف منطقة عربية تحت إمرة فارسية، وكان على رأس القوة الفارسية في هذه المنطقة رجل يُسمَّى "مهران"، وعلى رأس القوة العربية النصرانية رجل يُسمَّى عُقة بن أبي عُقة، وكان هذا الرجل على درجة عالية من الغرور، فكان يقول لمهران: نحن أعلم بقتال العرب، فدعونا نقاتل العرب. فيقول مهران: نعم، أنتم أعلم منا بقتال العرب، وأنتم مثلنا في قتال العجم. وتقدم عَقَّة بن أبي عقة ليلاقي جيوش خالد بن الوليد، ويلوم الفارسيون مهران على قوله أن عقة والعرب أعلم منهم بقتال العرب، فيقول لهم: والله إني رأيت جيشًا لا يقف أمامه أحد، فقلت: أتّقيه بهم، فإن انتصروا فالنصر لكم، وإن هُزِمُوا جاء جيش المسلمين إلينا وفيه ضعف من أثر لقائهم. وعسكر عقة بجيشه على مسافة 20 كيلو مترًا من عين التمر، في منطقة تسمى الرمالية، وتقدم خالد بن الوليد بجيشه والتقى مع هذا الجيش، ووقف الجيشان، وكعادة الجيوش يخرج واحد من كل جيش للمبارزة وإظهار القوة، وخرج من جيش العرب النصراني عقة بن أبي عقة ويطلب من يبارزه، ويخرج إليه خالد بن الوليد -ويا ويل عَقَّة من خالد!- ويفعل سيدنا خالد شيئًا لم تعهده الجيوش ولا المحاربون قبل ذلك، فلم يقتل عَقَّةَ وإنما أطاح بالسيف من يده، ثم أخذه أسيرًا ورجع به إلى جيش المسلمين؛ إمعانًا في إذلاله وإظهارًا لقوة الجيش المسلم، ولأمر مهم ينتظر عُقَّة. وعلى الفور بدأ جيش عُقّة يفرُّ هربًا من المسلمين ولم يحدث قتال يُذْكَر بين الفريقين، وظل المسلمون يتتبعون الجيش الفارَّ حتى "عين التمر". وخلال مسافة الـ 20 كيلو مترًا من موقع المعركة وحتى عين التمر، يقتل المسلمون منهم ويأسرون، حتى يصل الفارّون إلى الحصن الذي كان فيه الجيش الفارسي بقيادة مهران، فيدخل منهم من يدخل، ويضيق الحصن عليهم فيغلق باب الحصن أمام باقي الفارِّين، ويقتل المسلمون مَن بخارج الحصن، ثم يقتلعون الباب ويدخلون، ويضعُ سيدنا خالد عُقّة في مقدمة الحصن من الداخل ويقطع رأسه، فتبلغ الهزيمة النفسية من أهل الحصن مبلغًا كبيرًا، ويُمْعِن المسلمون القتلَ فيهم، ثم يهرب الأمير الفارسي مهران إلى الشمال متوجهًا إلى المدائن كعادة الأمراء الفارسيين. ويسيطر خالد بن الوليد على عين التمر التي كانت من نصيب عياض بن غنم، لكنّ خالدًا كان له السبق في هاتين الموقعتين (الأنبار وعين التمر) اللتين كانتا من نصيب عياض . معركة دومة الجندل : في هذا الوقت كان عياض بن غنم ما زال في موقف صعب ويصل إليه مدد أبي بكر الصديق ، وعلى رأس المدد الوليد بن عقبة وكان في جيش خالد بن الوليد ، وأرسله خالد إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنهم جميعًا بالغنائم من موقعة "المذار"، ويعيده سيدنا أبو بكر مددًا إلى عياض بن غنم. وعندما يصل إلى عياض بن غنم ويرى الموقف على هذا الوضع؛ المسلمون يحاصرون دومة الجندل، والمشركون في داخل الحصن، والعرب والفرس يحاصرون أجزاء من جيش المسلمين من حصن آخر، وكلا الفريقين أصابه التعب والإرهاق. فيشير الوليد بن عقبة على عياض بن غنم أن يستعين بخالد بن الوليد، ويوافق عياض ويرسل رسالة إلى خالد بن الوليد في "عين التمر"، وتصل الرسالة (ودومة الجندل هذه على بعد 500 كيلو متر من الحيرة وتقع في عمق الصحراء)، وبمجرد الانتهاء من الأنبار في 4 من رجب 12هـ، وعين التمر في 11 من رجب، تصل رسالة عياض بن غنم إلى خالد ، يرد عليه برسالة قصيرة من كلمتين فقط: "إياك أريد". وأرسل الرسول بالرسالة، وتبعه بالجيش على الفور، وقطع هذه المسافة 500 كيلو مترٍ، وهي مسافة طويلة جدًّا، خاصة بعد أن خاض هذا الجيش الكثير من المعارك. كان على رأس دومة الجندل اثنان من العرب أحدهما: أكيدر بن عبد الملك، والآخر يُسمَّى: الجودي بن ربيعة. أكيدر بن عبد الملك هذا كانت له تجربة سابقة مع خالد بن الوليد، وقد تعلم درسًا قبل ذلك من خالد . فبعد غزوة تبوك أرسل النبي خالد بن الوليد في كتيبة لتأديب هذه المنطقة "دومة الجندل"، والتي كانت تساعد الروم على حرب المسلمين في تبوك، وكان على رأس هذه المنطقة ساعتها أكيدر هذا وأخوه حَسَّان بن عبد الملك، وتتقدم الكتيبة وتقتل حسَّان بن عبد الملك، وتأسر أخاه أكيدر وتذهب به إلى النبي، ويُطلقه الرسول على ألاّ يمس المسلمين بسوء، بعد أن يعاهده على ذلك، ويعيده الرسول إلى دومة الجندل ولكنه يخالف عهده مع الرسول، ويقاتل عياض بن غنم في أول مناسبة تسنح له بذلك بعد وفاة النبي . إذن فقد خالف أكيدر بن عبد الملك العهد وعليه جزاؤه، ويتقدم خالد بن الوليد بجيشه فيقول أكيدر: والله لا يرى قومي وجه خالد إلا هُزِمُوا، قلُّوا أو كثروا، فالرأي أن نصالحهم. ولكن الجودي بن ربيعة يتجبر ويتكبر ويقول: كيف نصالحهم؟! لا بُدَّ أن نقاتلهم. ولكن أكيدر بن عبد الملك يعلم حجمه أمام خالد ، ويأخذ بعض جيشه وينسحب هاربًا من دومة الجندل ويتوجه إلى شمال العراق، حتى يفلت من جيش خالد بن الوليد، ولكن مخابرات خالد بن الوليد كانت في منتهى الدقة، فقد علموا -وهم ما زالوا في الطريق إلى دومة الجندل- أن أكيدر بن عبد الملك قد هرب من طريق في شمال دومة الجندل متجهًا إلى العراق، فيرسل خالد كتيبة بقيادة الصحابي الجليل الأقرع بن حابس، وكان على مقدمة جيش خالد بن الوليد في موقع المثنى بن حارثة الذي استخلفه خالد على أقرب نقطة من المدائن. وتخرج هذه الكتيبة وتأسر "أكيدر بن عبد الملك" ويأتون به، فيقول لخالد بن الوليد: والله ما خرجت إلا لِتَلَقِّي الأمير!! ولا يقبل منه خالد بل يقطع رقبته. ثم توجه خالد بعد ذلك إلى دومة الجندل، وكان بها حصن منيع، ولكنه لا يكفي لأعداد الفرس والعرب النصارى، فيتوجهون لقتال خالد ، ويرسل خالد لعياض بن غنم أن يبقى كما هو في الجنوب ولا ينضم لجيش خالد، ويتجه خالد من شمال دومة الجندل حتى يفتحا المدينة، ويشتتا جيش الفرس والعرب الموجودين في هذا المكان بين الشمال والجنوب، واستطاع المسلمون أن ينفذوا هذه الخطة، ويقاتل خالدٌ الجيش الأول بقيادة الجودي بن ربيعة، ويقتله بنفسه، وينتصر أيضًا جيش عياض بن غنم على الجزء الذي يقابله من جيش الفرس والنصارى، وبهذا يتم النصر للمسلمين في دومة الجندل وتُفتح في 24 من رجب 12هـ، أي بعد "عين التمر" بثلاثة عشر يومًا. ثم بعد أن تمكن له الوضع في دومة الجندل؛ طهَّر هذه المنطقة وترك عليها حامية، وعزم على العودة بجيشه إلى عين التمر، وقبل أن يصل إليها تصل الأخبار إلى القعقاع بن عمرو خليفة خالد بن الوليد على "الحيرة" أن الفرس يحشدون الحشود لمقاتلة المسلمين، وكما نرى فخالد بن الوليد في مكان بعيد تمامًا عن هذه المنطقة، وهو ما زال في دومة الجندل والحشود تحتشد لقتال المسلمين، والقعقاع بن عمرو بمفرده وليس معه خالد. تُرَى ماذا يفعل القعقاع بن عمرو أمام هذه الجيوش العظيمة التي تحتشد له في شمال العراق لقتاله؟ وماذا يكون ردُّ فعل خالد بن الوليد عندما يعلم بهذا الأمر وهو في دومة الجندل؟ tjp hgpdvm ,hgHkfhv | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018