الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | طويلب علم مبتدئ | مشاركات | 1 | المشاهدات | 548 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
24 / 09 / 2015, 18 : 05 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح د . خالد بن عثمان السبت لقد اقتضت حكمة الباري جل وعلا أن خلق البشر وجعلهم متفاوتين في الصور والهيئات والألوان ، بَلْهَ القوةَ والضعف ، والصحة والمرض ، والغنى والفقر ، فضلاً عن التفاوت العظيم بينهم في الهمم والإرادات ، والميول والرغبات ، والفهوم والمَلَكَات ، كل ذلك لحِكَم عظيمة بها تقوم حياة الناس وتتحقق مصالحهم ، ويُسخَّر بعضهم لبعض ، ومن ثَمَّ أيضاً يتفاوت حسابُهم بحسب ما أعطاهم الله تعالى من الأَعْراض والمَلَكَات ، كما قال تعالى : ] أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِياً [ ( الزخرف : 32 ) ، وقال سبحانه أيضاً في آخر الأنعام : ] وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ [ ( الأنعام : 165 ) . وهذا التفاضل ينتج عنه تَمَايُزٌ في السعي والتحصيل في العلوم والصنائع ، ومن ثَمَّ يحصل التكامل الذي به تكون عمارة الأرض وبناء الحضارة ؛ فهذا يكون رأساً في العلوم الشرعية ، وذاك نابغة في العلوم التجريبية ، وثالث هَامَة في الفنون القتالية ، ورابع باقِعَة [1] في التدبير والسياسة .. . وهكذا . وإنما هذه المهارات بمنزلة الزرع ؛ فهو يقوى ويشتد ، ويُؤتي ثماره المرجوة بأمرين : الأول : قابلية المحلّ . الثاني : القيام عليه وتعاهده بالسقي والرعاية . فهو عند اجتماع الأمرين يكون بمنزلة جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين ، وإن لم يصبها وابل فيكفيها طَلٌّ حتى تُخرِج من كل زوج بهيج . وبانعدام أحدهما لا يحصل المطلوب ؛ ذلك أن من يحاول علماً لا يتناسب مع ميوله وقدراته كمن يزرع جوز الهند في الأندلس كما قال ابن حزم أو النخيل في أحد القطبين !! وهكذا نَفَاسَة المعدن ، وتوقُّد الذكاء ، وقابلية المحل ، لا تكفي من غير صقل وتربية وعناية . وعليه يقال : مقومات النبوغ والتفوق والإبداع بعد توفيق الله تعالى أربعة : الأول : الإخلاص لله تعالى وتقواه ، خاصة إذا كان العلم المطلوب شرعياً . وقد جاء في بعض رسائل الشيخ حمد بن عتيق ( ت 1301هـ ) رحمه الله ما نصه : « .. . ومن تأمل أحوال العالم وجد ما يشهد به ، فيجد من يَشِبّ ويشيب وهو يقرأ ولم يُحصِّل شيئاً لمانع قام به وحال من نفسه » [2] . ولما وقعت عين الإمام مالك رحمه الله لأول مرة على الإمام الشافعي رحمه الله وهو في أوائل الطلب قال له مالك رحمه الله : « إن الله عز وجل قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بالمعصية » [3] . وفي رواية عند ابن عساكر : « فلما أن سمع كلامي نظر إليَّ ساعة [4] وكان لمالك فراسة فقال لي : ما اسمك ؟ فقلت : محمد ، فقال لي : يا محمد ! اتق الله واجتنب المعاصي ؛ فإنه سيكون لك شأن من الشأن » [5] . الثاني : توفر المَلَكَة والأهلية في ذلك الفن . الثالث : أن يوفَّق إلى المربي الفطن الذي يتمكن من اكتشاف مواهبه والتفرس في مَلَكَاته منذ مراحله الأولى ، فيوجهه إلى تنمية تلك القُدرات ، ويَكِلُه إلى من لديه القدرة على صقلها وتقويتها . الرابع : وجود البيئة الملائمة من التلاميذ الذين يتفقون معه في النبوغ والتفوق من جهة ، والأساتذة البارعين في هذا الجانب من جهة أخرى . وإذا وقع الإخلال بشيء من ذلك فالنتيجة المنتظرة هي الفشل والضمور والتضاؤل ، ومن ثَمَّ تكون الثمرة : تخريج الأقزام بدلاً من العمالقة . والله المستعان . ولعل من المناسب في هذا العصر الذي برز فيه الحديث عن الموهوبين أن أنقل لك كلاماً لعَلَم من أعلام المسلمين في هذه القضية الحيوية ، وهو الإمام الشاطبي رحمه الله ( ت 790هـ ) حيث يقول في معرض كلامه على فروض الكفاية : « وذلك أن الله عز وجل خلق الخلق غير عالمين بوجوه مصالحهم ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، ألا ترى إلى قول الله تعالى : ] وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [ ( النحل : 78 ) ، ثم وضع فيهم العلم بذلك على التدريج والتربية ؛ تارة بالإلهام كما يُلهَم الطفلُ الْتِقام الثَّدْي ومصَّه ، وتارة بالتعليم ؛ فطلب الناس بالتعلم والتعليم لجميع ما يُستجلَب به المصالح وكافة ما تُدْرأ به المفاسد ، إنهاضاً لما جُبِلَ فيهم من تلك الغرائز الفِطْريَّة ، والمطالب الإلهامية ؛ لأن ذلك كالأصل للقيام بتفاصيل المصالح سواء كان ذلك من قبيل الأفعال ، أو الأقوال ، أو العلوم والاعتقادات ، أو الآداب الشرعية أو العادية وفي أثناء العناية بذلك يَقْوى في كل واحد من الخلق ما فُطر عليه ، وما أُلْهِم له من تفاصيل الأحوال والأعمال ؛ فيظهر فيه وعليه ، ويُبرِّز فيه على أقرانه ممن لم يُهيأ تلك التهيئة ؛ فلا يأتي زمانُ التعقُّل إلا وقد نجم [6] على ظاهره ما فُطر عليه في أوَّليَّته ؛ فترى واحداً قد تهيَّأ لطلب العلم ، وآخر لطلب الرياسة ، وآخر للتصنع ببعض المهن المحتاج إليها ، وآخر للصِّراع والنطاح ، إلى سائر الأمور . هذا وإن كان كلُّ واحدٍ قد غُرز فيه التصرف الكلي ؛ فلا بدَّ في غالبِ العادة من غَلَبة البعض عليه ؛ فيردُ التكليفُ عليه معلَّماً مؤدَّباً في حالته التي هو عليها ؛ فعند ذلك ينتهضُ الطلبُ على كل مكلف في نفسه من تلك المطلوبات بما هو ناهضٌ فيه ، ويتعين على الناظرين فيهم الالتفات إلى تلك الجهات ؛ فيراعونهم بحسبها ويراعونها إلى أن تخرج في أيديهم على الصراط المستقيم ، ويعينونهم على القيام بها ، ويحرضونهم على الدوام فيها ؛ حتى يبرز كل واحد فيما غلب عليه ومال إليه من تلك الخُطط [7] ، ثم يخلى بينهم وبين أهلها ، فيعاملونهم بما يليق بهم ليكونوا من أهلها ، إذا صارت لهم كالأوصاف الفطرية ، والمدْركات الضرورية ؛ فعند ذلك يحصل الانتفاع ، وتظهر نتيجة تلك التربية . فإذا فُرِضَ مثلاً واحدٌ من الصبيان ظهر عليه حسنُ إدراك ، وجودة فهم ، ووفور حفظٍ لما يسمع وإن كان مشاركاً في غير ذلك من الأوصاف مِيل به نحو ذلك القصد ، وهذا واجبٌ على الناظر فيه من حيث الجملة مراعاةً لما يُرجى فيه من القيام بمصلحة التعليم ، فطلب بالتعلم وأُدِّب بالآداب المشتركة بجميع العلوم ، ولا بد أن يُمال منها إلى بعض فيؤخذ به ، ويُعان عليه ، ولكن على الترتيب الذي نصَّ عليه رَبَّانِيُّو العلماء ، فإذا دخل في ذلك البعض فمال به طبعه إليه على الخصوص ، وأحبَّه أكثر من غيره ؛ تُرك وما أحب ، وخص بأهله ؛ فوجب عليه إنهاضه فيه حتى يأخذ منه ما قدر له ، من غير إهمال له ولا ترك لمراعاته ، ثم إن وقف هنالك فحسن ، وإن طلب الأخذ في غيره أو طُلب به ؛ فُعل معه فيه ما فعل فيما قبله ، وهكذا إلى أن ينتهي . كما لو بدأ بعلم العربية مثلاً فإنه الأحقُّ بالتقديم ؛ فإنه يُصرَف إلى معلميها ؛ فصار من رعيتهم ، وصاروا هم رُعاةً له ؛ فوجب عليهم حفظه فيما طلب بحسب ما يليق به وبهم ، فإن انتهض عزمه بعدُ إلى أن صار يحْذِقُ القرآن صار من رعيتهم ، وصاروا هم رُعاةً له كذلك ، ومثله إن طلب الحديث أو التفقه في الدين إلى سائر ما يتعلق بالشريعة من العلوم ، وهكذا الترتيب فيمن ظهر عليه وَصْفُ الإقدام والشجاعة وتدبير الأمور ، فيُمال به نحو ذلك ، ويُعلَّم آدابه المشتركة ، ثم يصار به إلى ما هو الأوْلى فالأوْلى من صنائع التدبير ؛ كالعرافة ، أو النقابة ، أو الجندية ، أو الهداية ، أو الإمامة ، أو غير ذلك مما يليق به ، وما ظهر له فيه نجابة ونهوض ، وبذلك يتربى لكل فعلٍ هو فرضُ كفايةٍ قومٌ ؛ لأنه سير أولاً في طريق مشترك ؛ فحيث وقف السائر وعجز عن السير فقد وقف في مرتبة محتاج إليها في الجملة ، وإن كان به قوة زاد في السير إلى أن يصل إلى أقصى الغايات في المفروضات الكفائية ، وفي التي يَنْدُر من يصل إليها ؛ كالاجتهاد في الشريعة ، والإمارة ؛ فبذلك تستقيم أحوال الدنيا وأعمال الآخر » [8] . ________________________ (1) الباقعة : الرجل الداهية ، والذكي العارف الذي لا يفوته شيء ولا يُدهى (القاموس ، مادة : بقع). (2) مجموعة رسائل الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله ، ص 112 (طبع دار الهداية الرياض) . (3) مناقب الشافعي للبيهقي ، ص 103 ، 104 . (4) ساعة : كناية عن إطالة النظر . (5) مختصر تاريخ ابن عساكر لابن منظور ، 21/363 . (6) أي : ظهر انظر : «لسان العرب» (ن ج م) . (7) أي : الأمور والأحوال انظر : «لسان العرب» (خ ط ط) . (8) الموافقات ، 1/284 286 . jovd[ hgulhgrm | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
24 / 09 / 2015, 37 : 06 AM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018