الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | طويلب علم مبتدئ | مشاركات | 2 | المشاهدات | 2117 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
06 / 06 / 2008, 08 : 11 PM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح نقلا عن كتاب تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد (ص 481 - 511 ) . للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله جميعا وجزاهم عنا وعن الإسلام خيرا. باب ومن أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرمه الله فقد اتخذهم أربابا من دون الله ش : لما كانت الطاعة من أنواع العبادة بل هي العبادة فإنها طاعة الله بامتثال ما أمر به على ألسنة رسله عليهم السلام نبه المصنف رحمه الله تعالى بهذه الترجمة على وجوب اختصاص الخالق تبارك وتعالى بها وأنه لا يطاع أحد من الخلق الا حيث كانت طاعته مندرجة تحت طاعة الله وإلا فلا تجب طاعة احد من الخلق استقلالا والمقصود هنا الطاعة الخاصة في تحريم الحلال أو تحليل الحرام فمن أطاع مخلوقا في ذلك غير الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لا ينطق عن الهوى فهو مشرك كما بينه الله تعالى في قوله اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أي علماءهم أربابا من دون الله والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون وفسرها النبي صلى الله عليه وسلم بطاعتهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام كما سيأتي في حديث عدي . فإن قيل قد قال الله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم قيل هم العلماء وقيل هم الأمراء وهما روايتان عن أحمد قال ابن القيم والتحقيق بأن الآية تعم الطائفتين . قيل إنما تحب طاعتهم اذا أمروا بطاعة الله وطاعة رسوله فكان العلماء مبلغين لأمر الله وامر رسوله والأمراء منفذين له فحينئذ تجب طاعتهم تبعا لطاعة الله ورسوله كما قال صلى الله عليه وسلم لا طاعة في معصية إنما الطاعة في المعروف وقال على المرء المسلم السمع والطاعة ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة حديثان صحيحان فليس في هذه الآية ما يخالف آية براءة . قال : وقال ابن عباس يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقولون قال أبو بكر وعمر . ش : قوله يوشك بضم أوله وكسر الشين المعجمة قال أبو السعادات أي يقرب ويدنو ويسرع ، وهذا الكلام قاله ابن عباس لمن ناظره في متعة الحج وكان ابن عباس يأمر بها فاحتج عليه المناظر بنهي أبي بكر وعمر عنها أي هما اعلم منك وأحق بالاتباع فقال هذا الكلام الصادر عن محض الايمان وتجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم وإن خالفه من خالفه كائنا من كان كما قال الشافعي أجمع العلماء على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد فإذا كان هذا كلام ابن عباس لمن عارضه بأبي بكر وعمر وهما هما فماذا تظنه يقول لمن يعارض سنن الرسول صلى الله عليه وسلم بإمامه وصاحب مذهبه الذي ينتسب اليه ويجعل قوله عيارا على الكتاب والسنة فما وافقه قبله وما خالفه رده أو تأوله فالله المستعان وما أحسن ما قال بعض المتاخرين فإن جاءهم فيه الدليل موافقا * لما كان للآبا اليه ذهاب رضوه وإلا قيل هذا مؤول * ويركب للتأويل فيه صعاب ولا ريب أن هذا داخل في قوله تعالى اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله الآية قال المصنف : وقال أحمد بن حنبل عجبت لقوم عرفوا الاسناد وصحته يذهبون الى راي سفيان والله تعالى يقول فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة اتدري ما الفتنة الفتنة الشرك لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك . ش : هذا الكلام من أحمد رواه عنه الفضل بن زياد وأبو طالب قال الفضل عن أحمد نظرت في المصحف فوجدت طاعة الرسول في ثلاثة وثلاثين موضعا ثم جعل يتلو فليحذر الذين يخالفون عن امره أن تصيبهم فتنة الآية وجعل يكررها ويقول وما الفتنة إلا الشرك لعله إذا أراد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيزيغ قلبه فيهلكه وجعل يتلو هذه الآية فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم وقال أبو طالب عن أحمد وقيل له إن قوما يدعون الحديث ويذهبون إلى رأي سفيان فقال اعجبت لقوم سمعوا الحديث وعرفوا الاسناد وصحته يدعونه ويذهبون إلى رأي سفيان وغيره قال الله فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم وتدري ما الفتنة الكفر قال الله تعالى والفتنة اكبر من القتل فيدعون الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتغلبهم أهواؤهم إلى الرأي ذكر ذلك شيخ الإسلام قلت وكلام أحمد في ذمه التقليد وإنكار تأليف كتب الراي كثير مشهور . قوله عرفوا الاسناد أي اسناد الحديث وصحته أي صحة الاسناد وصحته دليل على صحة الحديث . قوله يذهبون الى رأي سفيان أي الثوري الإمام الزاهد العابد الثقة الفقيه وكان له أصحاب ومذهب مشهور فانقطع ومراد أحمد الانكار على من يعرف اسناد الحديث وصحته ثم بعد ذلك يقلد سفيان أو غيره ويعتذر بالأعذار الباطلة إما بأن الأخذ بالحديث اجتهاد والاجتهاد انقطع منذ زمان وإما بأن هذا الإمام الذي قلدته أعلم مني فهو لا يقول الا بعلم ولا يترك هذا الحديث مثلا الا عن علم وإما بأن ذلك اجتهاد ويشترط في المجتهد أن يكون عالما بكتاب الله عالما بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وناسخ ذلك ومنسوخه وصحيح السنة وسقيمها عالما بوجوه الدلالات عالما بالعربية والنحو والأصول ونحو ذلك من الشروط التي لعلها لا توجد تامة في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كما قاله المصنف فيقال له هذا إن صح فمرادهم بذلك المجتهد المطلق أما أن يكون ذلك شرطا في جواز العمل بالكتاب والسنة فكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى أئمة العلماء بل الفرض والحتم على المؤمن إذا بلغه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وعلم معنى ذلك في أي شيء كان أن يعمل به ولو خالفه من خالفه فبذلك أمرنا ربنا تبارك وتعالى ونبينا صلى الله عليه وسلم وأجمع على ذلك العلماء قاطبة إلاجهال المقلدين وجفاتهم ومثل هؤلاء ليسوا من أهل العلم كما حكى الإجماع على أنهم ليسوا من أهل العلم منهم أبو عمر بن عبد البر وغيره قال الله تعالى اتبعوا ما أنزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون وقال تعالى وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول الا البلاغ المبين فشهد تعالى لمن أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم بالهداية وعند جفاة المقلدين أن من أطاعه صلى الله عليه وسلم ليس بمهتدي إنما المهتدي من عصاه وعدل عن أقواله ورغب عن سنته الى مذهب أو شيخ ونحو ذلك وقد وقع في هذا التقليد المحرم خلق كثير ممن يدعي العلم والمعرفة بالعلوم ويصنف التصانيف في الحديث والسنن ثم بعد ذلك تجده جامدا على أحد هذه المذاهب يرى الخروج عنها من العظائم وفي كلام أحمد إشارة إلى أن التقليد قبل بلوغ الحجة لا يذم إنما المذموم المنكر الحرام الإقامة على ذلك بعد بلوغ الحجة نعم وينكر الاعراض عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والاقبال على تعلم الكتب المصنفة في الفقه استغناء بها عن الكتاب والسنة بل إن قرؤا شيئا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنما يقرؤون تبركا لا تعلما وتفقها أو لكون بعض الموقفين وقف على من قرأ البخاري مثلا فيقرؤونه لتحصيل الوظيفة لا لتحصيل الشريعة فهؤلاء من أحق الناس بدخولهم في قول الله تعالى وقد أتيناك من لدنا ذكرا من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا وقوله تعالى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى إلى قوله ولعذاب الآخرة أشد وأبقى . فإن قلت فماذا يجوز للإنسان من قراءة هذه الكتب المصنفة في المذاهب ، قيل يجوز من ذلك قراءتها على سبيل الاستعانة بها على فهم الكتاب والسنة وتصوير المسائل فتكون من نوع الكتب الآلية أما أن تكون هي المقدمة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الحاكمة بين الناس فيما اختلفوا فيه المدعو إلى التحاكم إليها دون التحاكم إلى الله والرسول صلى الله عليه وسلم فلا ريب أن ذلك مناف للإيمان مضاد له كما قال تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فإذا كان التحاكم عند المشاجرة إليها دون الله ورسوله ثم اذا قضى الله ورسوله أمرا وجدت الحرج في نفسك وإن قضى أهل الكتاب يأمر لم تجد حرجا ثم إذا قضى الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر لم تسلم له وإنما قضوا بأمر سلمت له فقد أقسم الله تعالى سبحانه وهو أصدق القائلين بأجل مقسم به وهو نفسه تبارك وتعالى أنك لست بمؤمن والحالة هذه وبعد ذلك فقد قال الله تعالى بل الانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره على أن الأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم قد نهوا عن تقليدهم مع ظهور السنة فكلام أحمد الذي ذكره المصنف كاف عن تكثير النقل عنه وقال أبو حنيفة اذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين واذا جاء عن الصحابة فعلى الرأس والعين واذا جاء عن التابعين فنحن رجال وهم رجال وفي روضة العلماء سئل أبو حنيفة اذا قلت قولا وكتاب الله يخالفه قال اتركوا قولي لكتاب الله قيل اذا كان قول الرسول يخالفه قال اتركوا قولي لخبر الرسول صلى الله عليه وسلم قيل اذا كان قول الصحابة يخالفه قال اتركوا قولي لقول الصحابة فلم يقل هذا الإمام ما يدعيه جفاة المقلدين له أنه لا يقول قولا يخالف كتاب الله حتى أنزلوه بمنزلة المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى وروى البيهقي في السنن عن الشافعي أنه قال اذا قلت قولا وكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي فما يصح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى فلا تقلدوني وقال الربيع سمعت الشافعي يقول اذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا ما قلت وتواتر عنه أنه قال إذا صح الحديث أي بخلاف قولي فاضربوا بقولي الحائط وقال مالك كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام الأئمة مثل هذا كثير فخالف المقلدون ذلك وجمدوا على ما وجدوه في الكتب المذهبية سواء كان صوابا أم خطأ مع أن كثيرا من هذه الأقوال المنسوبة إلى الأئمة ليست أقوالا لهم منصوصا عليها وإنما هي تفريعات ووجوه واحتمالات وقياس على أقوالهم ولسنا نقول إن الأئمة على خطأ بل هم إن شاء الله على هدى من ربهم وقد قاموا بما أوجب الله عليهم من الايمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ومتابعته ولكن العصمة منتفية عن غير الرسول فهو الذي ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى فما العذر في اتباعهم وترك اتباع الذي لا ينطق عن الهوى . قوله لعله أي لعل الانسان الذي تصح عنده سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . قوله إذا رد بعض قوله أي قول النبي صلى الله عليه وسلم . قوله ان يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك هذا تنبيه على أن رد قول الرسول صلى الله عليه وسلم سبب لزيغ القلب الذي هو سبب الهلاك في الدنيا والاخرة فإذا كانت إساء الأدب معه في الخطاب سببا لحبوط الأعمال كما قال تعالى لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون فما ظنك برد أحكامه وسنته لقول أحد من الناس كائنا من كان قال شيخ الاسلام فإذا كان المخالف عن امره قد حذر من الكفر والشرك أو من العذاب الأليم دل على أنه قد يكون مفضيا الى الكفر والعذاب الأليم ومعلوم أن إفضاؤه الى العذاب هو مجرد فعل المعصية فإفضاؤه الى الكفر إنما هو لما يقترن به من استخفاف بحق الآمر كما فعل ابليس لعنه الله فإذا علمت أن المخالفة عن أمره صلى الله عليه وسلم سبب للفتنة التي هي الشرك والعذاب الأليم في الدنيا والآخرة علمت أن من رد قوله وخالف أمره لقول أبي حنيفة أو مالك أو غيرهما لهم النصيب الكامل والحظ الوافر من هذه الآية وهذا الوعيد على مخالفة أمره صلى الله عليه وسلم وقد استدل بهذه الآية كثير من العلماء على أن أصل الأمر للوجوب حتى يقوم دليل على استحبابه . قال : عن عدي بن حاتم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله الآية فقلت له إنا لسنا نعبدهم قال أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه فقلت بلى قال فتلك عبادتهم رواه أحمد والترمذي وحسنه . ش : هذا الحديث قد روي من طرق فرواه ابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في السنن وفيه قصة اختصرها المصنف . قوله عن عدي بن حاتم أي الطائي المشهور وهو ابن عبد الله بن سعد بن الحشرج بفتح المهملة وسكون المعجمة وآخره جيم مات مشركا وعدي يكنى أبا طريف بفتح المهملة صحابي شهير حسن الإسلام مات سنة ثمان وستين وله مائة وعشرون سنة قوله فقلت إنا لسنا نعبدهم ظن عدي أن العبادة المراد بها التقرب إليهم بأنواع العبادة من السجود والذبح والنذر ونحو ذلك فقال إنا لسنا نعبدهم . قوله أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه إلى آخره صرح صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بأن عبادة الأحبار والرهبان هي طاعتهم في تحريم الحلال وتحليل الحرام وهو طاعتهم في خلاف حكم الله ورسوله قال شيخ الاسلام وهؤلاء الذين تخذوا أحبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله حيث اطاعوهم في تحليل ما حرم الله وعكسه يكونون على وجهين أحدهما أنهم يعلمون انهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل فيعتقدون تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله اتباعا لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل فهذا كفر وقد جعله الله ورسوله شركا وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون الثاني أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحلال وتحليل الحرام ثابتا لكنهم أطاعوهم في معصية الله كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصي فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من اهل الذنوب كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنما الطاعة في المعروف ثم نقول اتباع هذا المحلل للحرام والمحرم للحلال إن كان مجتهدا قصده اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لكن خفي عليه الحق في نفس الأمر وقد اتقى الله ما ستطاع فهذا لا يؤاخذه الله بخطئه بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به ربه ولكن من علم أن هذا الخطأ فيما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم اتبعه على خطئه وعدل عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم فله نصيب من الشرك الذي ذمه الله لا سيما إن اتبعه في ذلك لهواه ونصره باللسان واليد مع علمه بأنه مخالف للرسول صلى الله عليه وسلم فهذا شرك يستحق صاحبه العقوبة عليه ولهذا اتفق العلماء على أنه إذا عرف الحق لا يجوز تقليد أحد في خلافه وأما إن كان المتبع للمجتهد عاجزا عن معرفة الحق على التفصيل وقد فعل ما يقدر عليه مثله من الاجتهاد في التقليد فهذا لا يؤاخذ إن أخطأ كما في القبلة وأما إن قلد شخصا دون نظيره بمجرد هواه ونصره بيده ولسانه من غير علم ان الحق معه فهذا من أهل الجاهلية فإن كان متبوعه مصيبا لم يكن عمله صالحا وإن كان متبوعه مخطئا كان آثما كمن قال في القرآن برايه فإن أصاب فقد أخطأ وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار انتهى ملخصا قال المصنف وفيه تغير الأحوال إلى هذه الغايه صار عند الأكثر عبادة الرهبان هي أفضل الأعمال ولا سيما الولاية وعبادة الأحبار هي العلم والفقه ثم تغيرت الحال الى ان عبد من ليس من الصالحين وعبد بالمعنى الثاني من هو من الجاهلين . قوله صار عند الأكثر عبادة الرهبان هي أفضل الأعمال يشير إلى ما يعتقده كثير من الناس فيمن ينتسب إلى الولاية من الضر والنفع والعطاء والمنع ويسمون ذلك الولاية والسر ونحو ذلك وهو الشرك . قوله وعبادة الأحبار هي العلم والفقه أي هي التي تسمى اليوم العلم والفقه المؤلف على مذاهب الأئمة ونحوهم فيطيعونهم في كل ما يطيعوك سواء وافق حكم الله أم خالفه بل لا يعبأون بما خالف ذلك من كتاب وسنة بل يريدون كلام الله وكلام رسوله لأقوال من قلدوه ويصرحون بأنه لا يحل العمل بكتاب ولا سنة وأنه لا يجوز تلقي العلم والهدى منهما وانما العلم والفقه والهدى عندهم هو ما وجدوه في هذه الكتب بل أعظم من ذلك وأطم رمي كثير منهم كلام الله وكلام رسوله بأنه لا يفيد العلم ولا اليقين في باب معرفة أسماء الله وصفاته وتوحيده ويسمونها ظواهر لفظية ويسمون ما وضعه الفلاسفة المشركون القواطع العقلية ثم يقدمونها في باب الأسماء والصفات والتوحيد على ما جاء من عند الله ثم يرمون من خرج عن عبادة الأحبار والرهبان إلى طاعة رب العالمين وطاعة رسوله وتحكيم ما أنزل الله في موارد النزاع بالبدعة أو الكفر . وقوله ثم تغيرت الأحوال إلى أن عبد من ليس من الصالحين وذلك كاعتقادهم في كثير ممن ينتسب إلى الولاية من الفساق والمجاذيب وقوله وعبد بالمعنى الثاني من هو من الجاهلين وذلك كاعتقادهم العلم في أناس من جهلة المقلدين فيحسنون لهم البدع والشرك فيطيعونهم ويظنون أنهم علماء مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون . باب قول الله تعالى الم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت الآيات ش : لما كان التوحيد الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله مشتملا على الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم مستلزما له وذلك هو الشهادتان ولهذا جعلهما النبي صلى الله عليه وسلم ركنا واحدا في قوله بني الاسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا نبه في هذا الباب على ما تضمنه التوحيد واستلزمه من تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النزاع إذ هذا هو مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله ولازمها الذي لا بد منه لكل مؤمن فإن من عرف أن لا إله إلا الله فلا بد من الانقياد لحكم الله والتسليم لأمره الذي جاء من عنده على يد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فمن شهد أن لا إله إلا الله ثم عدل إلى تحكيم غير الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النزاع فقد كذب في شهادته وإن شئت قلت لما كان التوحيد مبنيا على الشهادتين إذ لا تنفك أحداهما عن الأخرى لتلازمهما وكان ما تقدم من هذا الكتاب في معنى شهادة أن لا إله إلا الله التي تتضمن حق الله على عباده نبه في هذا الباب على معنى شهادة أن محمدا رسول الله التي تتضمن حق الرسول صلى الله عليه وسلم فإنها تتضمن أنه عبد لا يعبد ورسول صادق لا يكذب بل يطاع ويتبع لأنه المبلغ عن الله تعالى فله عليه الصلاة والسلام منصب الرسالة والتبليغ عن الله والحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه إذ هو لا يحكم إلا بحكم الله ومحبته علىالنفس والاهل والمال والوطن وليس له من الألهية شيء بل هو عبدالله ورسوله كما قال تعالى وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا وقال صلى الله عليه وسلم انما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله ومن لوازم ذلك متابعته وتحكيمه في موارد النزاع وترك التحاكم إلى غيره كالمنافقين الذي يدعون الإيمان به ويتحاكمون إلى غيره وبهذا يتحقق العبد بكمال التوحيد وكمال المتابعة وذلك هو كمال سعادته وهو معنى الشهادتين إذا تبين هذا فمعنى الآية المترجم لها إن الله تبارك وتعالى أنكر على من يدعي الإيمان بما انزل الله على رسوله وعلى الانبياء قبله وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله كما ذكر المصنف في سبب نزولها قال ابن القيم والطاغوت كل من تعدى به حده من الطغيان وهو مجاوزة الحد فكل ما تحاكم إليه متنازعان غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فهو طاغوت اذ قد تعدى به حده ومن هذا كل من عبد شيئا دون الله فإنما عبد الطاغوت وجاوز بمعبوده حده فأعطاه العبد التي لا تنبغي له كما ان من دعا الى تحكيم غير الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد دعا إلى تحكيم الطاغوت وتأمل تصديره سبحانه الاية منكرا لهذا التحكيم على من زعم أنه قد آمن بما انزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى من قبله ثم هو مع ذلك يدعو إلى تحكيم غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ويتحاكم إليه عند النزاع وفي ضمن قوله يزعمون نفي لما زعموه من الإيمان ولهذا لم يقل ألم ترى إلى الذين آمنوا فإنهم لو كانوا من اهل الإيمان حقيقة لم يريدوا أن يتحاكموا الى غير الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ولم يقل فيهم يزعمون فإن هذا إنما يقال غالبا لمن ادعى دعوى هو فيها كاذب أو منزل منزلة الكاذب لمخالفته لموجبها وعمله بما ينافيها قال ابن كثير والآية ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة وتحاكم إلى ما سواهما من الباطل وهو المراد بالطاغوت ههنا . وقوله تعالى وقد أمروا أن يكفروا به . أي بالطاغوت وهو دليل على أن التحاكم إلى الطاغوت مناف للايمان مضاد له فلا يصح الايمان الا بالكفر به وترك التحاكم اليه فمن لم يكفر بالطاغوت لم يؤمن بالله . وقوله ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا أي لأن ارادة التحاكم إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من طاعة الشيطان وهو إنما يدعو أحزابه ليكونوا من اصحاب السعير وفي الآية دليل على أن ترك التحاكم إلى الطاغوت الذي هو ما سوى الكتاب والسنة من الفرائض وان التحاكم اليه غير مؤمن بل ولا مسلم . وقوله تعالى وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا . أي إذا دعوا الى التحاكم الى ما أنزل الله والى الرسول أعرضوا إعراضا مستكبرين كما قال تعالى وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم اذا فريق منهم معرضون قال ابن القيم هذا دليل على أن من دعي الى تحكيم الكتاب والسنة فلم يقبل وأبى ذلك أنه من المنافقين ويصدون هنا لازم لا متعد هو بمعنى يعرضون لا بمعنى يمنعون غيرهم ولهذا أتى مصدره على صدود ومصدر التعدي صدا فإذا كان المعرض عن ذلك قد حكم الله سبحانه بنفاقهم فكيف بمن ازداد إلى اعراضه منع الناس من تحكيم الكتاب والسنة والتحاكم إليهما بقوله وعمله وتصانيفه ثم يزعم مع ذلك أنه إنما اراد الإحسان والتوفيق الإحسان في فعله ذلك والتوفيق بين الطاغوت الذي حكمه وبين الكتاب والسنة قلت وهذا حال كثير ممن يدعي العلم والإيمان في هذه الأزمان إذا قيل لهم تعالوا نتحاكم الى ما أنزل الله والى الرسول رايتهم يصدون وهم مستكبرون ويعتذرون أنهم لا يعرفون ذلك ولا يعقلون بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون . وقوله تعالى فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم . قال ابن كثير أي فكيف بهم إذا أصابتهم المقادير إليك في المصائب بسبب ذنوبهم واحتاجوا إليك في ذلك وقال ابن القيم قيل المصيبة فضيحتهم إذا أنزل القرآن بحالهم ولا ريب أن هذا أعظم المصيبة والإضرار فالمصائب التي تصيبهم بما قدمت أيديهم في أبدانهم وقلوبهم وأديانهم بسبب مخالفة الرسول عليه الصلاة والسلام أعظمها مصائب القلب والدين فيرى المعروف منكرا والهدى ضلالا والرشاد غيا والحق باطلا والصلاح فسادا وهذا من المصيبة التي أصيب بها في قبله وهوالطبع الذي أوجبه مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم وتحكيم غيره قال سفيان الثوري في قوله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره ان تصيبهم فتنة قال هي أن تطبع على قلوبهم وقوله تعالى ثم جاؤوك يحلفون بالله ان اردنا إلا احسانا وتوفيقا . قال ابن كثير اي يعتذرون ويحلفون إن أردنا بذهابنا الى غيرك إلا الإحسان والتوفيق أي المداراة والمصانعة وقال غيره إلا إحسانا أي لا إساءة وتوفيقا اي بين الخصمين ولم نرد مخالفة لك ولا تسخطا لحكمك قلت فإذا كان هذا حال المنافقين يعتذرون عن أمرهم ويلبسونه لئلا يظن أنهم قصدوا المخالفة لحكم النبي صلى الله عليه وسلم أو التسخط فكيف بمن يصرح بما كان المنافقون يضمرونه حتى يزعم أنه من حكم الكتاب والسنة في موارد النزاع فهو إما كافر وإما مبتدع ضال وفعل المنافقين الذي ذكره الله عنهم في هذه الآية هو بعينه الذي يفعله المحرفون للكلم عن مواضعه الذين يقولون إنما قصدنا التوفيق بين القواطع العقلية بزعمهم التي هي الفلسفة والكلام وبين الأدلة النقلية ثم يجعلون الفلسفة التي هي سفاهة وضلالة الأصل ويردون بها ما أنزل الله على رسوله من الكتاب والحكمة زعموا أن ذلك يخالف الفلسفة التي يسمونها القواطع فتطلبوا له وجوه التأويلات البعيدة وحملوه على شواذ اللغة التي لا تكاد تعرف وقوله تعالى اولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم . قال ابن كثير أي هذا الضرب من الناس هم المنافقون والله اعلم بما في قلوبهم وسيجزيهم على ذلك فإنه لا تخفى عليه خافية فاكتف به يا محمد فيهم فإنه عالم ببواطنهم وظواهرهم . وقوله تعالى فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا . قال ابن القيم أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم فيهم بثلاثة أشياء أحدهما الإعراض عنهم إهانة لهم وتحقيرا لشأنهم وتصغيرا لأمرهم لا إعراض متاركة وإهمال وبهذا يعلم أنها غير منسوخة الثاني قوله وعظهم وهو تخويفهم عقوبة الله وبأسه ونقمته إن أصروا على التحاكم الى غير رسوله صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليه الثالث قوله وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا أي يبلغ تأثيره إلى قلوبهم ليس قولا لينا لا يتأثر به المقول له وهذه المادة تدل على بلوغ المراد بالقول فهو قول يبلغ به مراد قائله من الزجر والتخويف ويبلغ تأثيره إلى نفس المقول له ليس هو كالقول الذي يمر على الأذن صفحا وهذا القول البليغ يتضمن ثلاثة أمور أحدها عظم معناه وتأثير النفوس به الثاني فخامة الفاظه وجزالتها الثالث كيفية القائل في إلقائه إلى المخاطب فإن القول كالسهم والقلب كالقوس الذي يدفعه وكالسيف والقلب كالساعد الذي يضرب به وفي متعلق قوله في أنفسهم قولان أحدهما بقوله بليغا أي قولا بليغا في أنفسهم وهذا حسن من جهة المعنى ضعيف من جهة الإعراب لأن صفة الموصوف لا تعمل فيما قبلها والقول الثاني أنه متعلق بقل وفي المعنى على هذا قولان أحدهما قل لهم في أنفسهم خاليا بهم ليس معهم غيرهم بل مسرا لهم النصيحة والثاني أن معناه قل لهم في معنى أنفسهم كما يقال قل لفلان في كيت وكيت أي في ذلك المعنى قلت وهذا القول أحسن ثم قال تعالى وما ارسلنا من رسول الا ليطاع بإذن الله قال ابن كثير أي إنما فرضت طاعته على من أرسلته اليهم وقال ابن القيم هذا تنبيه على جلالة منصب الرسالة وعظم شأنها وأنه سبحانه لم يرسل رسله عليهم الصلاة والسلام إلا ليطاعوا بإذنه فتكون الطاعة لهم لا لغيرهم لأن طاعتهم طاعة مرسلهم وفي ضمنه أن من كذب رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم فقد كذب الرسل والمعنى أنك واحد منهم تجب طاعتك وتتعين عليهم كما وجبت طاعة من قبلك من المرسلين فإن كانوا قد أطاعوهم كما زعموا وآمنوا بهم فما لهم لا يطيعونك ويؤمنون بك والإذن ههنا هو الإذن الأمري لا الكوني إذ لو كان إذنا كونيا قدريا لما تخلفت طاعتهم وفي ذكره نكتة وهي أنه بنفس إرساله تتعين طاعته وارساله نفسه إذن في طاعته فلا تتوقف على نص آخر سوى الارسال بأمر فيه بالطاعة بل متى تحققت رسالته وجبت طاعته فرسالته نفسها متضمنة للاذن في الطاعة ويصح أن يكون الإذن ههنا إذنا كونيا قدريا ويكون المعنى ليطاع بتوفيق الله وهدايته فتضمن الآية الأمرين الشرع والقدر ويكون فيها دليل على أن أحدا لا يطيع رسله إلا بتوفيقه وارشاده وهدايته وهذا حسن جدا والمقصود أن الغاية من الرسل هي طاعتهم ومتابعتهم فإذا كانت الطاعة المتابعة لغيرهم لم تحصل الفائدة المقصودة من ارسالهم . وقوله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستفغروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما . قال ابن القيم لما علم سبحانه ان المرسل إليهم لا بد لهم من ظلم لأنفسهم واتباع لأهوائهم أرشدهم إلى ما يدفع عنهم شر ذلك الظلم وموجبه وهو شيئان أحدهما منهم وهو استغفارهم ربهم عز وجل والثاني من غيرهم وهو استغفار الرسول صلى الله عليه وسلم لهم إذا جاؤوه وانقادوا له واعترفوا بظلمهم فمتى فعلوا ذلك وجدوا الله توابا رحيما يتوب عليهم فيمحو أثر سيئاتهم ويقيهم شرها ويزيدهم مع ذلك رحمته وبره واحسانه . فإن قلت فما حظ من ظلم نفسه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الآية وهل كلام بعض الناس في دعوى المجيء إلى قبره صلى الله عليه وسلم والاستغفار عنده والاستشفاع به والإستدلال بهذه الآية على ذلك صحيح أم لا ؟ قيل أما حظ من ظلم نفسه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الآية فالاستغفار وأن يتوب إلى الله توبة نصوحا في كل زمان ومكان ولا يشترط في صحة التوبة المجيء الى قبره والاستغفار عنده بالإجماع وأما المجيء إلى قبره والاستغفار عنده والاستشفاع به والاستدلال بالآية على ذلك فهو استدلال على ما لا تدل الآية عليه بوجه من وجوه الدلالات لأنه ليس في الآية الا المجيء إليه صلى الله عليه وسلم لا المجيء إلى قبره واستغفاره لهم لاستشفاعهم به بعد موته فعلم أن ذلك باطل يوضح ذلك أن الصحابة الذين هم أعلم الناس بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما فهموا هذا من الآية فعلم أن ذلك بدعة وأكثر ما استدل به من أجاز ذلك رواية العتبي عن أعرابي مجهول على أن القصة لا نعلم لها اسنادا ومثل هذا لو كان حديثا أو أثرا عن صحابي لم يجز الاحتجاج به ولم يلزمنا حكمه لعدم صحته فكيف يجوز الاحتجاج في هذا بقصة لا تصح عن بدوي لا يعرف . ثم قال تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما قال ابن القيم أقسم سبحانه بأجل مقسم به وهو نفسه عز وجل على أنه لا يثبت لهم الايمان ولا يكونون من أهله حتى يحكم لرسوله صلى الله عليه وسلم في جميع موارد النزاع وفي جميع أبواب الدين فإن لفظة ما من صيغ العموم ولم يقتصر على هذا حتى ضم اليه انشراح صدورهم بحكمه بحيث لا يجدون في أنفسهم حرجا وهو الضيق والحصر من حكمه بل يقبلون حكمه بالإنشراح ويقابلونه بالقبول لا يأخذونه على إغماض ويشربونه على قذى فإن هذا مناف للإيمان بل لابد أن يكون أخذه بقبول ورضى وانشراح صدر ومتى أراد العبد شاهدا فلينظر في حاله ويطالع قلبه عند ورود حكمه على خلاف هواه وغرضه أو على خلاف ما قلد فيه أسلافه من المسائل الكبار وما دونها بل الانسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره فسبحان الله كم من حزازة في نفوس كثير من النصوص وبودهم أن لو لم ترد وكم من حرارة في أكبادهم منها وكم من شجى في حلوقهم من موردها ثم لم يقتصر سبحانه على ذلك حتى ضم اليه قوله ويسلموا تسليما فذكر الفعل مؤكدا له بالمصدر القائم مقام ذكره مرتين وهو الخضوع والانقياد لما حكم به طوعا ورضى وتسليما لا قهرا أو مصابرة كما يسلم المقهور لمن قهره كرها بل تسليم عبد مطيع لمولاه وسيده الذي هو أحب شيء اليه يعلم أن سعادته وفلاحه في تسليماته انتهى . وقد ورد في الصحيح أن سبب نزولها قصة الزبير لما اختصم هو والأنصاري في شراج الحرة ولكن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فإذا كان سبب نزولها مخاصمة في مسيل ماء قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقضاء فلم يرضه الأنصاري فنفى تعالى عنه الإيمان بذلك فما ظنك بمن لم يرض بقضائه صلى الله عليه وسلم وأحكامه في أصول الدين وفروعه بل إذا دعوا إلى ذلك تولوا وهم معرضون ولم يكفهم ذلك حتى صدوا الناس عنه ولم يكفهم ذلك حتى كفروا أو بدعوا من اتبعه صلى الله عليه وسلم وحكمه في أصول الدين وفروعه ورضي بحكمه في ذلك ولم يبغ عنه حولا . وقوله تعالى ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه الا قليل منهم . المعنى والله أعلم أي لو اوجبنا عليهم مثل ما أوجبنا على بني اسرائيل من قتلهم أنفسهم أو خروجهم من ديارهم حين استتبوا من عبادة العجل ما فعلوه إلا قليل منهم وهذا توبيخ لمن لم يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد الشجار أي نحن لم نكتب عليهم ذلك بل إنما أوجبنا عليهم ما في وسعهم فما لهم لا يحكمونك ولا يرضون بحكمك . ثم قال تعالى ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا واذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما . قال ابن القيم أخبر تعالى أنهم لو فعلوا ما يعظهم به وهو امره ونهيه المقرون بوعده ووعيده لكان فعل أمره وترك نهيه خيرا لهم في دينهم ودنياهم وأشد تثبيتا لهم على الحق وتحقيقا لإيمانهم وقوة لعزائمهم واراداتهم وثباتا لقلوبهم عند جيوش الباطل وعند واردات الشبهات المضلة والشهوات المردية فطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم هي سبب ثبات القلب وقوته وقوة عزائمه وثبات القلب عليها ومخالفته تثمر زيغ القلب واضطرابه وعدم ثباته ثم قال تعالى وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما ولهديناهم صراطا مستقيما فهذه أربعة أنواع من الجزاء المرتب على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم أحدها حصول الخير المطلق بها الثاني التثبت والقوة المتضمن للنصر والغلبة والثالث حصول الأجر العظيم لهم في الآخرة والرابع هدايتهم الصراط المستقيم وهذه الهداية هي هداية ثانية اوجبتها طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فطاعته صلى الله عليه وسلم ثمرة الهداية السابقة عليها فهي محفوفة بهدايتين هداية قبلها وهي سبب الطاعة وهداية بعدها هي ثمرة لها وهذا يدل على انتفاء هذه الأمور الأربعة عند انتفاء طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم قال تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . قال ابن القيم فأخبر سبحانه أن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم توجب مرافقة المنعم عليهم وهم أهل السعادة الكاملة وهم أربعة أصناف النبيون وهم أفضلهم ثم الصديقون وهم بعدهم في الدرجة ثم الشهداء ثم الصالحون فهؤلاء المنعم عليهم النعمة التامة وهم السعداء الفائزون ولا فلاح لأحد إلا بمرافقتهم والكون معهم ولا سبيل إلى مرافقتهم إلا بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا سبيل اليها إلا بمعرفة سنته وما جاء به فدل على أن من عدم العلم بسنته وما جاء به فليس له إلى مرافقة هؤلاء سبيل بل هو ممن يعض على يديه يوم القيامة ويقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا قلت ما لمن لم يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النزاع إلى مرافقة هؤلاء المنعم عليهم سبيل وكيف يكون له سبيل إلى ذلك وعنده أن من حكم الرسول صلى الله عليه وسلم في موارد النزاع فهو إما زنديق أو مبتدع وأنى له بطاعة الله ورسوله وهذا أصل اعتقاده الذي بنى عليه دينه ومع ذلك يحسبون أنهم مهتدون إذا حكموا غير الرسول صلى الله عليه وسلم ونبذوا حكمه وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون . قال المصنف : وقوله ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها . قال أبو بكر بن عياش في الآية إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى أهل الأرض وهم في فساد فأصلحهم الله بمحمد صلى الله عليه وسلم فمن دعا الى خلاف ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فهو من المفسدين في الأرض وقال ابن القيم قال أكثر المفسرين لا تفسدوا فيها بالمعاصي والدعاء إلى غير طاعة الله بعد إصلاح الله إياها ببعث الرسل وبيان الشريعة والدعاء الى طاعة الله فإن عبادة غير الله والدعوة الى غيره والشرك به هو أعظم فساد في الأرض بل فساد الأرض في الحقيقة إنما هو بالشرك به ومخالفة أمره فالشرك والدعوة الى غير الله وإقامة معبود غيره ومطاع متبع غير رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أعظم الفساد في الأرض ولا صلاح لها ولا لأهلها إلا أن يكون الله وحده هوالمعبود والدعوة له لا لغيره والطاعة والاتباع لرسوله ليس إلا وغيره إنما تجب طاعته اذا أمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا أمر بمعصيته وخلاف شريعته فلا سمع له ولا طاعة ومن تدبر أحوال العالم وجد كل صلاح في الارض فسببه توحيد الله وعبادته وطاعة رسوله وكل شر في العالم وفتنة وبلاء وقحط وتسليط عدو وغير ذلك فسببه مخالفة رسوله والدعوة الى غير الله ورسوله انتهى وبهذا يتبين وجه مطابقة الآية للترجمة لأن من يدعو الى التحاكم إلى غير ما أنزل الله والى الرسول فقد أتى بأعظم الفساد . قال وقوله واذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا انما نحن مصلحون قال ابو العالية في الآية يعني لا تعصوا في الأرض وكان فسادهم ذلك معصية الله لأن من عصى الله في الأرض أو أمر بمعصية الله فقد أفسد في الأرض لأن صلاح الارض والسماء بالطاعة قلت ومطابقة الآية للترجمة ظاهر لأن من دعا إلى التحاكم الى غير ما أنزل الله فقد أتى بأعظم الفساد وفي الآية دليل على وجوب اطراح الرأي مع السنة وإن ادعى صاحبه أنه مصلح وأن دعوى الإصلاح ليس بعذر في ترك ما أنزل الله والحذر من العجب بالرأي قال وقوله أفحكم الجاهلية يبغون الآية . قال ابن كثير ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله تعالى المشتمل على كل خير وعدل الناهي عن كل شر إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات كما يحكم به التتار من السياسات المأخوذة عن جنكز خان الذي وضع لهم كتابا مجموعا من أحكام اقتبسها من شرائع شتى من الملة الاسلامية وغيرها وفيا كثير من الأحكام أخذها عن مجرد نظره فصار في بنيه شرعا يقدمونه على الحكم بالكتاب والسنة ومن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير قال تعالى أفحكم الجاهلية يبغون أي يريدون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون أي ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه وآمن وأيقن وعلم أنه تعالى أحكم الحاكمين وأرحم بعباده من الوالدة بولدها فإنه تعالى العالم بكل شيء القادر على كل شيء العادل في كل شيء قلت وفي الآية إشارة إلى أن من ابتغى غير حكم الله ورسوله فقد ابتغى حكم الجاهلية كائنا ما كان . قال : عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به قال النووي حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة باسناد صحيح . ش : هذا الحديث رواه الشيخ أبو الفتح نصر بن ابراهيم المقدسي الشافعي في كتاب الحجة على تارك المحجة باسناد صحيح كما قال المصنف عن النووي وهو كتاب يتضمن ذكر أصول الدين على قواعد أهل الحديث والسنة ورواه الطبراني أبو بكر بن عاصم والحافظ وأبو نعيم في الأربعين التي شرط في أولها أن تكون من صحاح الأخبار وقال ابن رجب تصحيح هذا الحديث بعيد جدا من وجوه ذكرها وتعقبه بعضهم قلت ومعناه صحيح قطعا وإن لم يصح اسناده وأصله في القرآن كثير كقوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم الآية وقوله وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم وقوله فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم وغير ذلك من الآيات فلا يضر عدم صحة اسناده . قوله لا يؤمن أحدكم أي لا يحصل له الإيمان الواجب ولا يكون من أهله . قوله حتى يكون هواه تبعا لما جئت به قال بعضهم هواه بالقصر أي ما يهواه أي تحبه نفسه وتميل اليه ثم المعروف في استعمال الهوى عند الاطلاق أنه الميل الى خلاف الحق ومنه ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله وقد يطلق على الميل والمحبة ليشمل الميل للحق وغيره وربما استعمل في محبة الحق خاصة والانقياد اليه كما في حديث صفوان بن عسال أنه سئل هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الهوى الحديث قال ابن رجب أما معنى الحديث فهو أن الانسان لا يكون مؤمنا كامل الإيمان الواجب حتى تكون محبته تابعة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من الأوامر والنواهي وغيرها فيحب ما أمر به ويكره ما نهى عنه وقد ورد القرآن بمثل هذا في غير موضع وذم سبحانه من كره ما احبه الله تعالى أو أحب ما كره الله كما قال ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم وقال ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم فالواجب على كل مؤمن أن يحب ما أحبه الله محبة توجب له الاتيان بما وجب عليه منه فإن زادت المحبة حتى أتى بما ندب اليه منه كان ذلك فضلا وأن يكره ما كرهه الله كراهة توجب له الكف عما حرم عليه منه فازدادت الكراهة حتى أوجبت الكف عما كرهه تنزيها كان ذلك فضلا فمن أحب الله ورسوله محبة صادقة من قلبه أوجب ذلك له أن يحب بقلبه ما يحبه الله ورسوله ويكره ما يكرهه الله ورسوله ويرضي بما يرضي به الله ورسوله ويسخط ما يسخط الله ورسوله وأن يعمل بجوارحه بمقتضى هذا الحب والبغض فإن عمل بجوارحه شيئا يخالف ذلك بأن ارتكب بعض ما يكرهه الله ورسوله أو ترك بعض ما يحبه الله ورسوله مع وجوبه والقدرة عليه دل ذلك على نقص محبته الواجبة فعليه أن يتوب من ذلك ورجع الى تكميل المحبة الواجبة فجميع المعاصي تنشأ من تقديم هوى النفس على محبة الله ورسوله وقد وصف الله المشركين باتباع الهوى في مواضع من كتابه فقال تعالى فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم الآية وكذلك البدع إنما تنشأ من تقديم الهوى على الشرع ولهذا سمي أهلها أهل الأهواء وكذلك المعاصي انما تقع من تقديم الهوى على محبة الله ومحبة ما يحبه الله وكذلك حب الأشخاص الواجب فيه أن يكون تبعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فيجب علىالمؤمن محبة ما يحبه الله من الملائكة والرسل والصديقين والأنبياء والشهداء والصالحين عموما ولهذا كان علامة وجود حلاوة الإيمان أن يحب المرء لا يحبه إلا لله وتحرم موالاة أعداء الله ومن يكرهه الله عموما وبهذا يكون الدين كله لله ومن أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان ومن كان حبه وبغضه وعطاؤه ومنعه لهوى نفسه كان ذلك نقصا في إيمانه الواجب فتجب عليه التوبة من ذلك والرجوع الى اتباع ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من تقديم محبة الله ورسوله وما فيه رضى الله ورسوله على هوى النفس ومرادها انتهى ملخصا ومطابقة الحديث للباب ظاهرة من جهة ان الرجل لا يؤمن حتى يكون هواه تبعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء حتى في الحكم وغير فإذا حكم بحكم أو قضى بقضاء فهو الحق الذي لا محيد للمؤمن عنه ولا اختيار له بعده . قال المصنف : وقال الشعبي كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة فقال اليهودي نتحاكم الى محمد عرف أنه لا يأخذ الرشوة وقال المنافق نتحاكم الى اليهود لعلمه أنهم يأخذون الرشوة فاتفقا على أن يأتيا كاهنا في جهينة فيتحاكما اليه فنزلت ألم تر الى الذين يزعمون الآية . ش : هذا الأثر رواه ابن جرير وابن المنذر بنحوه . قوله كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة لم أقف على تسمية هذين الرجلين وقد روى ابن اسحق وابن المنذر وابن أبي حاتم قال كان بين الجلاس بن الصامت قبل توبته ومعتب بن قشير ورافع بن زيد وبشير كانوا يدعون الإسلام فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عيله وسلم فدعوهم الى الكهان حكام الجاهلية فأنزل الله فيهم ألم تر إلى الذين يزعمون الآية فيحتمل أن يكون المنافق المذكور في قصة الشعبي أحد هؤلاء بل روى الثعلبي عن ابن عباس أن المنافق اسمه بشر . قوله عرف أنه لا يأخذ الرشوة هي بتثليث الراء قال أبو السعادات وهو الوصلة الى الحاجة بالمصانعة وأصله من الرشاء الذي يتوصل به الى الماء والراشي من يعطي الذي يعينه على الباطل والمرتشي الآخذ قلت فعلى هذا رشوه الحاكم هي ما يعطاه ليحكم بالباطل سواء طلبها أم لا وفيه دليل على شهادة أن محمدا رسول الله لأن أعداءه يعلمون عدله في الأحكام ونزاهته عن قذر الرشوة صلى الله عليه وسلم بخلاف حكام الباطل . قوله فاتفقا على أن يأتيا كاهنا في جهينة لم أقف على تسمية هذا الكاهن وفي قصة رواها ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في سبب نزول الآية قال فتفاخرت النضير وقريظة فقالت النضير نحن أكرم من قريظة وقالت قريظة نحن أكرم منكم فدخلوا المدينة إلي أبي برزة الكاهن الأسلمي وفي بعض النسخ أبي بردة الأسلمي وذكر القصة وابو برزة هذا غير أبي برزة الصحابي. قال المصنف : وقيل نزلت في رجلين اختصما فقال أحدهما نترافع الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال الآخر الى كعب بن الأشرف ثم ترافعا الى عمر فذكر له أحدهما القصة فقال للذي لم يرض برسول الله صلى الله عليه وسلم أكذلك قال نعم فضربه بالسيف فقتله . ش : هذه القصة قد رويت من طرق متعددة من أقربها لسياق المصنف ما رواه الثعلبي وذكره البغوي عن ابن عباس في قوله الم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا الآية قال نزلت في رجل من المنافقين يقال له بشر خاصم يهوديا فدعاه اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف ثم إنهما احتكما للنبي صلى الله عليه وسلم فقضى لليهودي فلم يرض المنافق وقال تعال نتحاكم إلى عمر بن الخطاب فقال اليهودي لعمر قضى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرض بقضائه فقال للمنافق أكذلك قال نعم فقال عمر مكانكما حتى أخرج إليكما فدخل عمر فاشتمل على سيفه ثم خرج فضرب عنق المنافق حتى برد ثم قال هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله فنزلت . وروى الحكيم الترمذي في نوادر الأصول هذه القصة عن مكحول وقال في آخرها فأتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن عمر قد قتل الرجل وفرق الله بين الحق والباطل على لسان عمر فسمي الفاروق ورواه أبو إسحاق بن دحيم في تفسيره على ما ذكره شيخ الاسلام وابن كثير ورواه ابن أبي حاتم وابن مردوية من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود وذكر القصة وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنت أظن أن يجتريء عمر على قتل مؤمن فأنزل الله فلا وربك لا يؤمنون الآية فهدر دم ذلك الرجل وبرىء عمر من قتله فكره الله أن يسن ذلك بعد فقال ولو أنا كتبنا عليهم ان اقتلوا أنفسكم إلى قوله واشد تثبيتا . وبالجملة فهذه القصة مشهورة متداولة بين السلف والخلف تداولا يغني عن الاسناد ولها طرق كثيرة ولا يضرها ضعف إسنادها وكعب بن الاشرف المذكور هنا هو طاغوت من رؤساء اليهود وعلمائهم ذكر ابن اسحاق وغيره أنه كان موادعا للنبي صلى الله عليه وسلم في جملة ممن وادعه من يهود المدينة وكان عربيا من بني طي وكانت امه من بني النضير قالوا فلما قتل أهل بدر شق ذلك عليه وذهب الى مكة ورثاهم لقريش وفضل دين الجاهلية على دين الاسلام حتى انزل الله فيه الم تر الى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء اهدى من الذين آمنوا سبيلا ثم لما رجع الى المدينة أخذ ينشد الاشعار يهجو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشبب بنساء المسلمين حتى آذاهم حتى قال النبي صلىالله عليه وسلم من لكعب بن الأشرف فانه قد آذى الله ورسوله وذكر قصة قتله وقتله محمد بن مسلمة وابو نائلة وابو عبس بن جبر وعباد بن بشر رضي الله عنهم وفي القصة من الفوائد أن الدعاء الى تحكيم غير الله ورسوله من صفات المنافقين ولو كان الدعاء الى تحكيم امام فاضل ومعرفة أعداء رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان عليه من العلم والعدل في الاحكام وفيها الغضب لله تعالى والشدة في أمر الله كما فعل عمر رضي الله عنه وفيها أن من طعن في احكام النبي صلى الله عليه وسلم أو في شيء من دينه قتل كهذا المنافق بل أولى وفيها جواز تغيير المنكر باليد وإن لم يأذن فيه الإمام وكذلك تعزير من فعل شيئا من المنكرات التي يستحق عليها التعزير لكن إذا كان الإمام لا يرضى بذلك وربما أدى إلى وقوع فرقة أو فتنة فيشترط إذنه في التعزيز فقط وفيها أن معرفة الحق لا تكفي عن العمل والانقياد فإن اليهود يعلمون أن محمدا رسول الله ويتحاكمون إليه في كثير من الامور . منقول lk H'hu hguglhx ,hgHlvhx td jpvdl lh Hpg hggi H, jpgdg lh pvli hggi tr] >>> | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
06 / 06 / 2008, 26 : 11 PM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح بارك الله فيك اخي الكريم طويلب جزاك الله خيرا وجعله الله في ميزان حسناتك | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
07 / 06 / 2008, 29 : 01 PM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح اكرمكم الله وجزاكم الله عنا كل خير | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018