الإهداءات | |
الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ملتقى للمواضيع الاسلامية العامة التي لا تنتمي الى أي قسم اسلامي آخر .. وقصص الصالحين من الاولين والاخرين . |
« آخـــر الــمــواضــيــع » |
كاتب الموضوع | طويلب علم مبتدئ | مشاركات | 3 | المشاهدات | 1177 | | | | انشر الموضوع |
| أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
18 / 08 / 2009, 04 : 08 AM | المشاركة رقم: 1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح السلف وتعاملهم مع النوازل العلامة : يوسف لغفيص الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اما بعد : فهذا تفريغ لشريط قيم ينبغي النظر فيه للعلامة المتفنن يوسف لغفيص حفظه الله ورعاه وحيث وضعت نقاط كهذه ................. فالقصد منها انه لم تتضح لي كلمة بسبب التداخل او الفوضى . ومن باب الامانة فاني فرغت الشريط حرفيا الا ماكان فيه تكرار محض لا فائدة منه وكذالك في صيغة الصلاة والسلام على رسول الله فقد التزمت هذه ( صلى الله عليه وعلى اله وسلم ) بسبب النسخ لها وان كان الشيخ لم يلتزم بها والله الموفق قال الشيخ حفظه الله إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم وبعد : أيها الاخوة والاخوات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وينعقد هذا المجلس المبارك بإذن الله تعالى في جامع عثمان ابن عفان في مدينة الرياض في الخامس عشر من الشهر الثالث من سنة ثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها الصلاة والسلام , وياتي ضمن هذا اليوم العلمي الذي فيه تدارس لفقه النوازل , ورأى الاخوة كما سمعتم او قرأتم أن يكون هذا المجلس عن شيء من حال السلف ونظرهم وفققهم في هذا الباب . وهذا الكلي من المعنى لا يمكن ضبطه من جهة الصفة المطلقة من القول وإنما أصل هذا الباب- اعني ما يتعلق بالنوازل وفققها – ليس هو من المسائل المسماة في كتب العلماء رحمهم الله بتسمية مختصة كما تراه مثلا في الفرع الفقهي او في المختص من الاصول الاصول في باب أصول الدين او أصول الشريعة , فإنها مسماة في كتب أهل العلم بأسمائها وترى أن المتفق عليه منها لها صفته وما كان من موارد الاختلاف يكون له صفته كذالك . اما ما يتعلق بفقه النوازل والنظر في هذا الباب وصفة الناظر ومورد النظر من حيث علم الشريعة فهذا يعتبره طالب العلم استقراء في كلام العلماء وقبل ذالك استقراء في نصوص الشريعة الكلية التي عليها مدار التشريع ويقصد بها نصوص الكتاب والسنة وهذا الذي ينبغي لطلبة العلم والباحثين بل وأصحاب الفتوى والقضاء أن يحققوا قواعد من خلال الاستقراء لنصوص الشريعة لنصوص الكتاب والسنة وكذالك ما سطره العلماء رحمهم الله في علم القواعد وعلم المقاصد وعلم أصول الفقه فان هذا الباب وهذه العلوم وان كان لها قدر من الاشتراك في بعض الوجوه هي من اخص ما يبتغى النظر فيه لمن أراد أن يكون فقيها في هذا الباب . ولهذا رأيت أن يكون هذا المجلس ياتي على شيء من المقدمات المستقرأة من فقه السلف الصالحين ويعنى بالسلف هنا كما هو مستقر في علم الشريعة أن السلف الصالح اذا ذكر يعنى بهم أئمة الدين وأئمة الفقه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم ومن اقتفى أثرهم فان هذا اخص ما يوصف به السلف الصالح وهذا هو المعنى الذي ذكره الله في كتابه وجعله الله سبحانه وتعالى منهاجا للمؤمنين بعدهم { والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه } ولهذا فان اخص الائمة اذا ذكر أئمة الفقهاء فان اخصهم بهذه الامامة هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم , ومراتبهم معروفة محفوظة فان الله جل وعلا ذكر شيئا من مراتبهم فيكتابه فقدم المهاجرين على الانصار في ذكره سبحانه وتعالى وفيما انزل وكذالك النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم بين ما لائمة أصحابه من الاختصاص عمن تأخر بعدهم . وهذه المعرفة لها اثر في اقتفاء الفقه ولهذا وقبل أن ندخل في ترتيب هذه المقدمات العلمية التي هي فيما أرى شيء من ما يتحصل من استقراء كلام أهل العلم كما أسلفت نقول أن هذا الترتيب في رتب العلماء اعني علماء الشريعة هذا الترتيب له أصل في فقه السلف وفي فقه الصحابة رضي الله تعالى عنهم ولهذا لما نزل بالمسلمين نازلة في خلافة أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه وقد سار رضي الله عنه - وقد كان إذ ذاك خليفة للمسلمين – سار كما صح أن ابن عباس الثابت في الصحيح وغيره سار عمر ومعه أهل الاجناس فبلغه وهو في طريقه الى الشام خارجا من المدينة النبوية بلغه أن الوباء قد وقع في الشام ويراد بالوباء هنا الطاعون فأمر ابن عباس رضي الله عنهما أن يدعو له المهاجرين الاولين فقدم عمر في الاستشارة الفقهية الكبار من أئمة العلم والذين سبقوا مجالسة وصحبة للرسول صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم . فاختلف المهاجرون فمنهم من قال يا أمير المؤمنين قد خرجت لأمر ولا نرى أن ترجع عنه وقال بعض المهاجرين : يا أمير المؤمنين معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء فقال ارتفعوا عني ثم أمر ابن عباس أن يدعو الانصار فدعى من كان في الجيش من الانصار فاستشارهم فاختلفوا كاختلاف المهاجرين فقال ارتفعوا عني ثم أمر ابن عباس أن يدعو من كان في الجيش من مسلمة الفتح – فتح مكة – فأطبق مسلمة الفتح على رأي واحد فقالوا : يا أمير المؤمنين معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء , فلما رأى عمر هذا الوجه من الراي – وكأنه كان رضي الله عنه يميل اليه – قال : اني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه . فهذا الامر يعد من سير السالفين رضي الله عنهم من أئمة الدين والعلم في النظر في النوازل وفقهها وفي فقه أمير المؤمنين هنا جملة من الاشارات والتنبيهات ومن اخصها انه لم يختص بالرأي وحده في الراي العام ومن اخصها انه قدم باعتبار الرتب والاقرب الى الفقه والاسبق ومنها انه قد يكون عند اللاحق شيء من الاتفاق لم ينضبط للسابق الى غير ذالك فقال أبو عبيدة كما في تتمة الرواية : أفرارا من قدر الله ؟ فقال عمر : لو غيرك قالها يا أبا عبيدة نفر من قدر الله الى قدر الله ثم ضرب مثلا فقال : أرأيت لو كان لك ابل وهبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة والاخرى جدبة أليس اذا رأيت الخصبة رايتها بقدر الله وان رأيت الجدبة رايتها بقدر الله . فجاء عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنهما فحدث الصحابة بما حفظ عن النبي صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم من قوله في الطاعون { اذا سمعتم به بأرض وانتم بها فلا يخرجنكم الفرار منه } وفي رواية والحديث جاء من رواية عبد الرحمن وحديث أسامة ابن زيد في الصحيحين وغيرهما { فلا تخرجوا فرارا منه وان وقع بأرض ولستم بها فلا تقدموا عليه } فكان ما انتهى اليه الاجتهاد في هذه النازلة قبل وجود او قبل بلوغ النصف وإلا هي ببلوغ النصف لا تعد من النوازل التي تحاط بالاجتهاد وإنما فيها الامتثال لان النص جاء صريحا ومفصّلا في قوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم { فإذا وقع بأرض ولستم بها فلا تقدموا عليه } . فهذا المنهج له اثر في التطبيق ويجب أن يكون معتبرا في فهم طلبة العلم , وأصحاب البحث في هذه النوازل , وان كان كما أسلفت هذا الباب لا يزال يحتاج الى مزيد من التاصيل والتقعيد لأنه باب استقرائي في نصوص الشريعة من جهة وفي كلام أهل العلم من جهة اخرى ولهذا من الوصية الجامعة فيه أن ما صدق الأمر فيه أنه نازلة فلا ينبغي لطالب العلم الفرد أن يتقحم في القول فيه إلا وقد اجتمع ما يصحح هذا القول من الاحوال المصححة لمنهج النظر عنده ومن ذالك أن يكون النظر مشتركا فان هذا سنة ماضية من سنن الصحابة رضي الله عنهم ومن سنن العلماء من بعدهم . فيما يختص بهذه المقدمات التي أشرت الى التأتي عليها في هذا المجلس نأتي الى ما يتيسر به او يتيسر مع الوقت وإلا فمقام الاستكمال لهذه المقدمات ليس مقصورا على هذا القدر وإنما هذا ابتداء فيما يمكن أن نقول انه نظرية لفقه النوال نظرية يرتبها الباحث وصاحب الفتوى وصاحب العلم وصاحب القضاء ينبغي أن يرتب نظره في النوازل على جملة من القواعد , فياتي هذا من محصل الاستقراء ياتي محاولة لمقدمة نظرية علمية يقتفي فيها طالب العلم شيئا من اثر السالفين من الصحابة ومن بعدهم من أئمة الفقه والعلم . المقدمة الاولى : صفة النازلة فانه يتداول في المجالس العلمية وربما في شيء من الكتب أيضا والبحوث وصار ذالك أيضا موجودا في بعض المناهج الاكاديمية في الجامعات ما يتعلق بفقه النوازل فما هي المسالة التي يصدق عليها انها نازلة , هنا يقال : أن النازلة لها صفتان : الصفة الاولى : الاختصاص الصفة الثانية : العموم اما الاختصاص فيراد به الاختصاص بإنشاء حكم بحيث لا يكون لها نظير او حكم مسمى في كلام أهل العلم فلابد أن تكون طارئة من حيث الماهية أيضا يكون حكمها مختصا ولهذا اذا قال فيها المجتهد او جملة من المجتهدين في عصر من العصور أن هذا القول باعتبارها نازلة يكون إنشاء على صفتها وان كانت النازلة لا يلزم انها تكون نازلة في أصل ماهيتها بل قد يكون طروءها من حيث أصل الماهية وقد يكون ذالك باعتبار العوارض التي احتفت بها فصارت نازلة , وقد تكون المسالة أصلها موجود في كلام الفقهاء ونصوا على حكم فيها ولكن احتف بها من العوارض وصاحبها من القرائن والاحوال مالم يذكره السابقون من الفقهاء , فهذه القرائن التي احتفت بها جعلتها نازلة وان كان أصل المسالة له ذكر في كتب الفقهاء ولكن بما طرأ عليها من العوارض والاحوال صار النظر فيها لا يلزم أن يكون مطابقا للنظر الفقهي السابق ومن جهة اخرى فان النازلة لها صفة العموم , والعموم هنا اما أن يكون عموما في ماهيتها , بمعنى انها تتعلق بعامة المسلمين لكون ما هية هذه النازلة فيه عموم , كالحال التي عرضت على أمير امومنين عمر رضي الله عنه فيما سبق من المثال في الطاعون , فان هذا الحكم فيه عموم لان ماهية المسالة التي نظر فيها عمر والصحابة عام . وقد تكون النازلة ليست عامة للمسلمين من حيث الماهية وإنما فيها عموم من حيث الحكم اذن النازلة تجمع هذين الوصفين : الوصف الاول : الاختصاص في إنشاء الحكم الوصف الثاني : اما العموم في الماهية وإما العموم في الحكم . وإما ما لم يكن على هذين الوصفين فانه لا يسمى نازلة إنما هي بعض وقائع الاعيان التي لا تصل الى هذه الرتبة فإذا قيل فقه النوازل فان المراد بالنازلة ما كان فيها اختصاص او ما كانت على صفة الاختصاص او ما كانت على صفة العموم , فإن هذا هو المعنى الذي يرتب عليه بقية المقدمات . المقدمة الثانية : صفة الناظر من هو الذي ينظر في النوازل التي تطرأ على المسلمين سواء كانت عامة من حيث الماهية او عامة من حيث الحكم , فانه لا يصح أن يتخوض فيها العامة بل ولا يصح أن يتخوض فيها أحاد الناظرين في العلم فليس كل من صار له شي في البحث او قدر من التحصيل العلمي جاز له شرعا [ هذه الاجازة ليست إجازة الضرورة يملكها زيد او عمرو , فان المقام الاوجب هنا هو المعرفة بالحكم الشرعي ] فيقال هنا انه ليس كل من كان له نظر في العلم او في البحث جاز له شرعا أن يتقحم القول في النوازل . بل لابد أن يكون الناظر في النازلة له صفة شرعية مأخوذة من مقتضى نصوص الشريعة , وما رتبه العلماء رحمهم الله في صفة المجتهد وأهليته وان كانت ليست بالضرورة تاتي على صفة المجتهد التي سماها علماء الاصول في القرون المتأخرة , أن الصفة التي سموها كما هو معروف في بعض مقاماتها انغلاق من حيث التحقق , كما أن في بعض مقامات هذه الصفة تأخر من حيث النقص فان بعض مقامات هذه الصفة لو طبقت على الكبار لما كانت منطبقة على التمام , كما أن ثمة بعض الصفات لم يطرد قول هؤلاء في تسميتها , وان كان بعضهم أشار إليها ولعلي في تفصيلي هذه المقدمة أشير الى المقصود من هذا المعنى . الناظر له صفات جملتها ثلاث : الاولى : الديانة : والمقصود بها أن يكون أمينا فيما بينه وبين الله تعالى , وان يحفظ لمقام النظر في أحكام الشريعة القدر الذي اوجب الله سبحانه وتعالى , فان الله اوجب على أهل العلم أن يبينوه للناس وهذا البيان لابد أن يكون موافقا للفقه الصحيح لان الله تبارك وتعالى سمى ما انزل على رسوله صلى الله لعيه وسلم سماه نورا فهذا النور لابد أن يكون أثره ظاهرا وبينا من حيث تحقيق الديانة واجل مقامها الاخلاص لله سبحانه وتعالى وابتغاء وجهه سبحانه وتعالى والصدق في القول فان هذا التحقيق هو اخص ما اوجب الله جل وعلا على أهل العلم لأنهم حملة لهذا النور الذي جعله الله سبحانه وتعالى فرقانا وهدى ورحمة للعالمين جميعا ولهذا قال الله جل وعلا { وكذالك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا }{ وانك لتهدي الى صراط مستقيم } ولا تتحقق الهداية الى الصراط المستقيم إلا بالصدق و الاخلاص لله سبحانه وتعالى ومعرفة ما لهذا العلم ولهذا النور المبين الذي جعله الله تعالى ميزانا للناس في حياتهم وجعله مبنى الموازنة عنده سبحانه وتعالى يوم يلقاه الخلق للمكلفين بهذا الوحي وهو جميع الثقلين الذين كلفهم الله تعالى باتباع النبي الأمي او من سبق ممن أوحى الله اليه من البشر وما جاءت به الرسالات المنزلة على رسل الله عليهم الصلاة والسلام والوحي الذي آتاه الله الانبياء عليهم السلام ولهذا لما ذكر الله رحمته قال { ورحمتي وسعت كل شيء } وهذا باعتبار الموافاة { فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يامرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التي كانت عليهم فالذين امنوا به وعزروه ونصروه } قال سبحانه { واتبعوا النور الذي انزل معه اولائك هم المفلحون } فالعناية بهذا المقام يجب على المسلمين عامة وعلى طلبة العلم خاصة أن يعظموا مقام الوحي الذي انزله الله وهو كلامه جل وعلا وكذالك ما أوحاه الى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم , من حيث المعرفة بقدر هذا الوحي وشرفه وتعظيمه وتقديمه على كل شي فتحصيل مقام الديانة هذا اوجب الواجبات على المكلف تحقيق مقام الاخلاص لله , وكذالك حامل العلم ينبغي أن يكون بصيرا بهذا التحقيق حتى لا تزل قدمه بعد ثبوتها فان الاثر الذي دخل على الأمم الكتابية كما تعرفون هو اما من نقص مقام الديانة وإما من نقص مقام العلم , ولهذا ذكر ابن تيمية رحمه الله أن هذا الخلق الذي دخل على أهل الكتاب وصار موجبا لانحرافهم عما اوجب الله عليهم قد دخل شيء منه على بعض المنتسبين اما لمقام العلم وإما لمقام العبادة من هذه الامة. فيجب على طالب العلم بخاصة والمسلم بعامة أن يرعى هذا المقام رعاية مستتمة وان يسال الله جل وعلا التوفيق والتسديد , فان التوفيق والسداد هنا ليس اكتسابا محضا فالمقام منه اكتساب و مجاهدة ومقام منه توفيق من الله ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما في الصحيح لعلي ابن أبي طالب { يا علي قل اللهم اهدني وسددني واذكر بالهدى هدايتك الطريق وبالسداد سداد السهم } ولذالك من فقه المرسلين عليهم الصلاة والسلام كما قال موسى صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى { ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه } في قصة مجيئه لميقات ربه { قال ربي ارني انظر إليك } في السياق في هذا المقام قال الله تعالى { واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا أن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء } - أي الابتلاء من الله – { وتهدي من تشاء } فيجب على طالب العلم أن يتعلق بمقام الخالق سبحانه وتعالى في تحقيق الهداية ولهذا أعظم سورة في كتاب الله سبحانه وتعالى وهي السبع المثاني والقران العظيم الذي أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم فيها قول الله جل وعلا { اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فمقام الديانة لا ينبغي أن يكون نوعا من التزكية العارضة او نوعا من الوعظ العارض او انه من شان الوعاظ , لا [ إنما ] هو أصل في العلم ولا سيما من ينظر النوازل لابد أن يكون على صدق مع ربه جل وعلا ليحصل له التوفيق والسداد في القول والتثبيت وحفظ الامانة التي أوجبها الله جل وعلا لحفظ هذا الوحي ومقامه وحقه . الصفة الثانية : فقه المدارك : وهذا ما ذكرته سابقا أن من صفة المجتهد في كلام علماء الاصول بعضهم يشير الى صفة وقد أشار إليها الجويني إمام الحرمين أشار الى هذه الصفة وأشار إليها أبو محمد ابن حزم وبعض من تكلم في هذا الباب وهي ما يتعلق بفقه المدارك , والمقصود هنا ليس الفقه المكتسب لحفظ الفروع الفقهية فهذا نوع شريف من الفقه , ولكن على طالب العلم وصاحب العلم ومن له شأن فيه أو فتوى او تعليم أو ما إلى ذالك أو تدريس على صاحب العلم أن يعنى بفقه المدارك بمعنى أن تكون مداركه مرتبة على الترتيب الفقهي الصحيح . ويمكن أن نعبر تعبيرا اخر نقرب المقصود أيضا ويعنى بذالك أيضا العناية ببناء الملكة العلمية لدى طالب العلم بحيث يكون فقيه النفس وتاخذ مداركه العقلية وتكون نفسه عادلة في النظر لان الانسان – في الحقايق العلمية وفيما ذكر في القران أيضا – فيه مدركان : مدرك العقل , وطبيعة النفس ولهما اثر في نظر الانسان في المسائل , فلابد أن تكون مداركه العقلية مرتبة ترتيبا صحيحا ويعنى بها بحيث يعرف منهج النظر والبدء بالمقدمات وتحصيل النتائج من المقدمات الى غير ذالك من أوجه التسلسل الصحيح ولربما قال البعض من الاخوة كان هذا إشارة الى العناية بالمنطق وقد ذم بعض أهل العلم علم المنطق يقال أن علم المنطق هو من العلوم الاضافية وقد قال ابن تيمية وهو ممن ينسب اليه وفي نظري هذه النسبة لا يصح إطلاقها وقد يصح ذكرها مقيدة , هو لم يذم علم المنطق ذما مطلقا وإنما أشار الى المنطق الذي رسم وهو تحصيل من المنطق الارسطي وما قربه المقربون لعلم المنطق من منطق أرسطو وأمثاله من متقدمي الفلاسفة , وإلا فان الامام أبن تيمية نفسه يشير الى أن التراتيب المنطقية التي يسميها علماء المنطق ويذكرون صناعتها وتقسيمها وفصولها يقول حقيقتها موجودة عند العقلاء وإنما قد يزيدون فيها ما يكون من التحسين لهذه الصنعة ولربما يقع في شيء من الوهم , او ربما كان تحقيقهم صحيحا مناسبا . فلا ينبغي الافراط في دفع كلمة المنطق مطلقا وإنما يعرف المنطق الصحيح وهو المنطق العلمي الذي يبنى على المقدمات ولهذا تجد في القران جاء فيه خطاب للعقلاء باعتبار المدرك العقلي ’ وجاء فيه خطاب للناس باعتبار ما هم عليه من طبيعة النفس المتقلبة , فيذكرها الله تارة أمارة بالسوء وتارة مؤمنة ومطمئنة او لوامة او ما الى ذالك , ولهذا تجد في كتاب الله خطابا يناسب العقلاء وان لم يكونوا على أصل الهداية فيكون موجبا لهدايتهم , وما ذكر الله جل وعلا عن بعض أحوال أهل الكتاب او من كانوا على الشرك والجاهلية من الاحوال الواقعة او من الامثلة المضروبة في القران , ولهذا ذكر الامام ابن تيمية رحمه الله , أن ما يسميه علماء المنطق بالبرهان او بالقياس البرهاني نقول فاضله وصحيحه وصادقه هو الذي جاء به الذكر في القران فيما سماه الله برهانا وهي الامثلة المضروبة في القران كقوله جل وعلا { ضرب لكم مثلا من انفسكم } {وضرب الله مثلا قرية كانت امنة مطمئنة} الى غير ذالك فيكون خطابا للعقل ويكون خطابا للنفس لما هي عليه من الطبيعة . فهذا الاثر اعني العناية بتركيب المدارك وتحصيل فقه النفس لابد من العناية به ولابد من تصحيح مقام النفس وهذا له – أن صحت العبارة – تراتيب وله تسلسل ذكرها علماء السلوك بمسائل النفس وذكرها علماء التراتيب في علم النظر بما يتعلق بالمدارك العقلية , وان ما يقال : إن ما ذكرت في كتب السلوك ليس جميعه يكون على صدق في هذا المعنى فإنكم تعرفون انه خاض في مسائل السلوك بعض الناظرين في هذا الباب او المبتغين في هذا الباب بشيء من الغلو في مسائل النفس الى درجات من الانحراف عن المنهج الذي بعث الله به الرسل ومضى عليه السابقون الاولون ولكن يبقى في كلام علماء السلوك فيما ذكروه او ما ذكره المحققون منهم كما تقرؤه في كلام شيخ الاسلام رحمه الله ابن تيمية او في كلام غيره ,او في كلام أبي حامد الغزالي في بعض فصوله وان كان قد زاد عنده الامر في كثير من كلامه كما هو معروف ولكن في بعض مادة أبي حامد قول حسن كثير في مسائل النفس وان كان يؤخذ عليه بالمقابل بعض الغلو في مسائل التصوف الى درجة غريبة ليس لها قاعدة او أصل من الشريعة يصح, ولهذا حسن الاختيار وحسن الانتقاء في هذا الباب لابد من العناية به فالمقصود هو جملة المعنى اما تطبيقه عند فلان وفلان عند آحاد العلماء فهذا منهج يبتغي فيه طالب العلم ما كان صحيحا مناسبا . لكنك تجد بعض المقعدين كالغزالي فيما يتعلق بالمدرك العقلي رسم كتابه الذي سماه معيار العلم وهو في المنطق كما هو معروف وتكلم في مسائل النفس واثر ما تحصل به تصفية النفس ذكر هذا في كلام كثير له في إحياء علوم الدين وفي غيره . جملة العناية صحيحة طالب العلم ينبغي عليه أن يعنى بميزان العلم ماهو وبتصفية النفس وتصحيح ما فيها هذا منهج موجود في القران اما تفصيل ما ذكر الغزالي في معيار العلم او تفصيل ما ذكره في الاحياء في مسائل النفس او في الكتب الاشراقية التي استطال فيها الى طريقة الخاصة كما يسميهم من الصوفية هذا مقام فيه ماهو مقبول وفيه ما هو مردود كما تعرفون لكن ما نتكلم ليس على آحاد من الرجال او العلماء ولكن نتكلم عن القاعدة التي ينبغي لطالب العلم يكون على حسن تأتي لتحصيلها في حق نفسه فيكون فقهه فقها صحيحا ويكون على درجة من الانضباط والادراك وحسن السياسة الفقهية للامور بحيث لا تكون مداركه العقلية تقع في الوهم ويظنه علما او يظن الظني قطعيا وحقيقته انه ظني وليس بقطعي , فهذا التداخل ياتي من أسباب , من نقص العلم الشرعي , او نقص المدرك او المحل الذي ينظر فيه من الشريعة , ولهذا تجد الان أن بعض الناظرين ربما يسمون بعض المسائل ويجعلونها قطعية وحقيقتها انها ظنية بل ربما لا تكون قطعية ولا ظنية وإنما لا أصل لها في الشرع ولو تأملت بعض الاصول التي سمتها بعض المدارس وجعلتها أصلا في الدين وحقيقتها عند السابقين والصحابة وفي منهج القران انها ليست من أصول الدين أصلا بل قد يكون ما هو من أصول الدين على خلاف ذالك المعنى الذي ذكر , ولذالك تجد بعض الطوائف التي خرجت عن منهج أهل السنة والجماعة ربما تسمي في أصولها مالا يكون أصلا عند التحقيق , بل هذا موجود ولا يكون التحقيق إلا بمن كان فقيها في الشريعة وفقيها في تحصيل مداركها , لان هذا الكتاب وهذه الشريعة جاءت متفقة وليست مختلفة حقائقها متسلسلة في أصول الدين وفي فروع الدين ولهذا قال الله جل وعلا , {أفلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} . ففقه التسلسل في أحكام الشريعة وتقديم الكلي على الجزئي والقطعي على الظني والمصالح العامة على المصالح الخاصة هذا الفقه وهذا الترتيب لابد أن يكون له محل فتكون النفس عادلة ليست منفعلة , لان النفس في طبيعتها منفعلة متقلبة ولهذا قلنا الله في القران ما ذكر النفس واحدة من حيث الصفة مع انها واحدة من حيث الماهية , لكن من حيث الصفة تارة تذكر النفس لوامة وتارة تذكر أمارة بالسوء – إلا من او ما رحم الله – وتارة تذكر النفس مطمئنة الى غير ذالك فالتحقيق لهذه الطمأنينة هذا قدر منه اكتساب ,واكتسابه بأوجه وأوجه اكتسابه الديانة كما أسلفنا في الصفة الاولى وعلى هذا تجد أن الله يذكر طمأنينة القلوب بذكره { إلا بذكر الله تطمئن القلوب } وأخص ذكره سبحانه وتعالى ذكره بما جاء في كتابه فان من يقرا القران فانه من اخص الذاكرين له سبحانه وتعالى والذاكرات الى غير ذالك من الاوجه .. فالعناية بالمدرك العقلي والعناية أيضا بالطبيعة النفسية تصحيحا وتجريدا هذا لابد لصاحب النظر في فقه النوازل منه , لابد لطالب العلم منه ولاشك انه آكد في حق من ينظر في النوازل من أهل العلم وأئمة العلم وأهل الاجتهاد او ما الى ذالك لان العقل قد يزل بصاحبه وكذالك النفس , بمعنى أن الذي لا يحقق هذا وذاك ضبطا وتصحيحا يخشى أن يكون اما عقله وإما نفسه مهيمنة على نظره في الشريعة وهذا هو الاشكال او السوء الذي ينتاب بعض من ينظر في المسائل الشرعية وهو ربما لم يتبين هذا او لم يتأمل فيه كثيرا لان المقتضى الصحيح أن تكون الشريعة مهيمنة على المدرك العقلي وعلى الطبيعة النفسية فلا يخالف العقل شيئا جاء به الشرع ولا تسلك النفس بتقدم او تأخر بين أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولهذا نهى الله جل وعلا عن التقدم بين , او تقديم ماهو من حق النفس وحظ النفس وحق العقل على قضاء الله ورسوله عليه الصلاة والسلام . ولهذا تجد أن الصحابة رضي الله عنهم اذا نظرت في سيرهم وهذا شان في طبيعة البشر جميعا لايمكن أن يكون المدرك العقلي والطبيعة العقلية واحدة بين الناس بل الاختلاف هو المتحقق فكما اختلفت صورهم وألوانهم فان مداركهم العقلية وطبيعتهم النفسية فيها اختلاف ولكن الصحابة رضي الله عنهم لما آتاهم الله تعالى من العلم والايمان هم اخص أهل العلم تحقيقا لمقام هيمنة الشريعة على المدرك العقلي والطبيعة النفسية لديهم ولهذا لما اسر النبي صلى الله عليه وسلم في بدر من اسر ولم ينزل في إذ ذاك في الاسرى شيء من القران دعى الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم كما في الحديث الثابت في الصحيح من حديث ابن عباس دعى أبا بكر وعمر واستشارهم في الاسرى ترى أن طبيعة عمر رضي الله عنه كانت بينة بما عرف عنه من القوة وترى أن طبيعة أبي بكر كانت بينة بما عرف عنه من الحلم والرفق ولهذا جاء في بعض الاحاديث وفي إسنادها شيء أن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كان يشبه أبا بكر بعيسى و كان يشبه عمر بموسى واذا قرأت في صفة هذا النبي وذاك النبي وهذا من حكمة الله سبحانه وتعالى باعتبار اختلاف المدعوين وأحوال الأمم ولهذا جمع الله لهذا النبي الخاتم جمع له هذا وهذا من مقامات أئمة الرسل عليهم الصلاة والسلام . فالمقصود أن أبا بكر قال يا رسول الله : ( هم بنو العم والعشيرة أرى أن تاخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للاسلام ) فكان حليما رفيقا في هذا الراي الذي رآه , وقال النبي لعمر { ما ترى يا ابن الخطاب } فقال عمر ( لا والله يا رسول الله ما رأى الذي رأى أبو بكر ولكن أرى أن تمكني من فلان ) نسيب لعمر ( فاضرب عنقه وتمكن عليا من عباس ) والعباس رضي الله عنه وقتها أسيرا في بدر ( فيضرب عنقه فان هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها ) قال عمر ( فهوى رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت ) ثم ذكر تمام القصة ونزل في شان الاسرى ما نزل { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض } والصحيح هنا كما سبق أن أشرت الى هذا ربما في دروس اخرى وان كان ملفه قد مر عليه شيء من هذا , والصحيح من هذا أن ما نزل من القران هو اختصاص بحكم ليس من الاجتهاد الذي قاله عمر من حيث المقدمة وان كان متفقا مع ما رآه عمر من حيث النتيجة ولكن المناط الذي ذكر في القران مناط الحكم هذا اختصاص نزل به الوحي وقوله جل وعلا{ ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض } فان هذا المناط ما ذكره عمر رضي الله عنه وان كانت النتيجة في جملتها واحدة . على كل حال هذه الطبيعة لا ترى انها مهيمنة على الشريعة فعندما توفي الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم وارتد من ارتد من قبائل العرب وحصل الخلاف في بعض أحوال المرتدين كما هو معروف ترى أن أبا بكر هو الذي كان عازما على القتال وعمر هو الذي كان يقول ( كيف تقاتل الناس وهم يشهدون أن لا اله إلا الله وان محمد رسول الله ) صلى الله عليه وعلى اله وسلم فذكر أبو بكر حق الزكاة وما الى ذالك وهي مسالة تكلم عليها العلماء رحمهم الله , المقصود هنا انك لم تر أبا بكر هو الذي كان منكفا وعمر هو الذي كان عازما وهذا دليل على أن اولائك السادة المرضيين عليهم رضوان الله تعالى كانوا على تحقيق لهيمنة الشريعة على طبيعة نفوسهم وعلى المدارك العقلية وليس اذا قلنا هيمنة الشرع على مدارك العقل يعني إلغاء العقل هذا ليس صحيحا لان كلما يكون صحيحا في حكم العقل فان الشريعة لا تاتي برفضه , ولا يمكن للشريعة أن ترفع حكما إلا ويكون في العقل الصحيح ليس صحيحا ومن الدليل على هذا انك لا ترى العقلاء اتفقوا على حكم والشريعة ترفعه فمن ظن هذا فيكون هذا عقلا مضافا اليه فيكون حقيقته ليس قياسا صحيحا من نقيصة العقل وإنما هو وهم فليس كلما أضيف الى العقل والى قضاء العقل أو حكمه يكون صحيحا , حتى الذين وضعوا اقيسة العقل او لخص من أقوالهم قبل الاسلام لما لخصها من جاء في تاريخ المسلمين عن أرسطو وأمثاله ممن ذكروا القياسات العقلية وما تستلزمه من القضاءات ذكروا خمسة : عندهم القياس البرهاني . والقياس الجدلي . والخطابي . والمبني على المقدمات السفسطائية . وقياس المقدمات الذي يسمونه القياس الشعري . فيجعلون الصادق منه في الحقيقة والبرهان فحسب فهذا نقصد به انه ليس كل ما قيل هذا من العقل والشريعة لم تات به او انها منعته يكون عقلا صحيحا , فانه لا تعارض عند التحقيق بإجماع أئمة العلم لا تعارض بين النقل والعقل , فإذا صح العقل وصح النقل فلا يمتنع التعارض بينهما اذن هذه الصفة الثانية بعد صفة الديانة العناية بمقام تحقيق المدارك وفقه النفس ولهذا ذكر إمام الحرمين كما أسلفت أن من صفة المجتهد أن يكون – بتعبيره – أن يكون فقيه النفس , وهذا صحيح وهذا في أصله اعني فقه النفس وانضباط العقل في أصله فطرة من الله وجبلة من الله ومنحة من الله لكن قدر منه كذالك اكتساب يكون به الترقي , وإلا من طبع أحمقا أو أحمق لايمكن أن يكون مفيد فيه كثير الامر حتى ولو تقدم به السن أو كثرت به التجارب كما قال أبو حامد وغيره من الذين نظروا في أحوال هذه المسائل أن بعض التقدم في السن ربما لا يزيد الانسان إلا ربما تأكدا او مثابرة على انطوائه على الجهل أحيانا . فالقصد أن طالب العلم يجب أن يكون متربصا بمعرفته لحقيقة نفسه والله سبحانه وتعالى خلق الناس مختلفين وان كان بينهم قدرا مشتركا ولكن من آتاه الله عقلا راجحا من آتاه الله مدركا صحيحا وطبيعة فاضلة في النفس فان هذا لابد أن يكون معنيا بحاله فان بعض الناس طبع على الخير كثيرا كما أن بعض الناس طبع على الشر , ولهذا لما ذكر النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم الغلام الذي قتله الخضر قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم { أن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا } كما في حديث عبيد في الصحيح وكما تعرفون في حديث الاشج عبد القيس لما قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حديث ابن عباس له { أن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والاناة } فكان حليما وكان فيه أناة وكذالك ما وصف به الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم أبا عبيدة رضي الله عنه من الامانة ..الى غير ذالك . فهذا في الاصل اصطفاء من الله تعالى ولكن يجب على من آتاه الله مقاما من ذالك أن يكون مترقيا بالتحقيق له لان الله يقول { ليبلوكم فيما آتاكم } . الصفة الثالثة للناظر : الأهلية في علم الشريعة بمعنى أن يكون عارفا بعلم الشريعة وهذا تفصيله سياتي في مقدمة آتية لكن جملة المقصود أن يكون معروفا بالعلم في الشريعة وليس المقصود أن يكون الناس يعرفونه هذا معنى , لكن الاهم من هذا أن يكون فيما بينه وبين الله تعالى على مقام من علم الشريعة . اذن الناظر في النازلة له ثلاث صفات : تحقيق صفة الديانة . تحقيق ما يتعلق بالمدرك العقلي وفقه النفس . الاهلية في علم الشريعة ومعرفته بالسنن والاثار وأقوال الفقهاء وقواعد علم الاصول ومقاصد الشريعة الى غير ذالك من تفاصيل المعاني العلمية التي هي مسماة في كتب العلماء وفي أبواب العلم المعروفة وطبقاته المتداولة بين أهل العلم . المقدمة الثالثة : صفة النظر كيف ينظر صاحب العلم في النازلة ؟ النازلة لابد أن يكون النظر فيها فيه شيء من الترقي ليكون التاصيل تأصيلا عليما صحيحا وهنا سبع درجات للترقي يترقى بها الناظر في النازلة . الصفة الاولى : التصور : بمعنى أن هذه النازلة التي هو معني بنظرها لابد أن يكون تصوره لها تصورا صحيحا لان الحكم على الشيء فرع عن تصوره – كما في جملة المنطق المعروفة – هنا أشير الى معنى في التصور إجمالا هناك تصوران : تصور بسيط . وتصور مركب . التصور البسيط يعرفه كل من سمع بهذه النازلة سواء كان عاميا او كان طالب علم فلا يصح لمن أراد أن ينظر فيها أن يوجد حكما او ينشئ حكما لا يصح له أن يعتبر نظره في النازلة بمجرد التصور البسيط لابد من معرفة ماهية هذه النازلة وما هي العوارض المحتفة بها والقرائن الى غير ذالك هذا هو التصور العلمي الصحيح الذي نستطيع أن نميزه هنا عن تصور العام الذي نسميه التصور البسيط مجرد السماع مجرد نقل الاحاد لهذه النازلة بتوصيفها وقد يكون هذا التوصيف ليس صحيحا او ناقصا او فيه بعض المؤثر في الحكم لم يذكره الناقل الى غير ذالك . اذن التصور هذا أول درجات النظر فلابد أن يكون تصورا مركبا , بمعنى مميزا للماهية برسمها العلمي الصحيح وعارفا بما يقارنها من القرائن او يحتف بها من العوارض وما الى ذالك . أما الاخذ بالتصور العام بمجرد ذكر من آحاد الناس او من جهة إعلامية عارضة او من مصدر من مصادر البحث السريع التي يصلح حتى الان المتداولة بكثرة فيكون تصور الناظر في النازلة بناء على هذه المعلومات او هذه المعاني هذا لا يصح لابد أن يحيطها الناظر بتصور مركب علمي تميز به الماهية ويعرف حدها أن كانت مما يحد أو تمييزها أن كانت على باب التمييز, الذي هو الرسم ويعرف ما يقارنها من القرائن وما يختص بها من العوارض الى غير ذالك . الدرجة الثانية التجريد : يجرد هذه النازلة عن عوارضها وقرائنها المحتفة بها فيأخذها على انها مجردة من هذه القرائن وهذه العوارض حتى يستطيع في الدرجة الثالثة أن يعيدها الى نص او الى نظير لها في الشريعة واو نظير لها في كلام العلماء وكما أسلفت أن بعض النوازل قد يكون أصل حكمها موجود في كتب الفقهاء وتكلموا فيه بمذهب معروف او اختلاف معروف ولكن دخلتها بعض العوارض التي جعلتها تسمى نازلة في [عصر]متأخر الى درجة الثانية هي التجريد. الدرجة الثالثة هي التكييف الفقهي لهذه النازلة فإذا جردها من العوارض والقرائن صارت ماهية مجردة أعادها هنا الى تكييف فقهي فألحقها بما يناسبها من الكيفيات الفقهية . الدرجة الرابعة : التحصيل لأصل الحكم اذا ما تصورها وجرد هذه النازلة وتحصل عنده التكييف ياتي بعد ذالك الدرجة الرابعة وهو التحصيل لأصل الحكم اما من النص او من تقرير أهل العلم فيما كان من المسائل له تقرير سابق . الدرجة الخامسة : الاحاق برتبة فان مسائل الشريعة كما تعرف ليست على ربتة واحدة فمنها القطعي ومنها الظني ومنها الاصل ومنها الفرع ومنها الضروري ومنها الحاجي ومنها التحسيني الى غير ذالك من التقاسيم المتنوعة التي قد تذكر في علم القواعد او في علم الاصول او في تقاسيم العلوم او غير ذالك لكن المعروف أن مسائل الشريعة ليست رتبة واحدة وهذا جاءت به النصوص كما في قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم لما ذكر الايمان وشعبه في حديث أبي هريرة المتفق على صحته قال : { الايمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا اله إلا الله وأدناها إماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان } والحديث متفق عليه كما قلت باعتبار أصل مخرجه وان كان هذا التفصيل في تفصيله مما تفرد به مسلم . فقال { أعلاها – وقال – أدناها } فمسائل الشريعة ليست رتبة واحدة وهذا من الامور المهمة أن الفقيه يعين هذه الرتبة من الشريعة لانك أن قلت انها من القطعي واعدتها الى معنى قطعي او اعدتها الى معنى ظني او اعدتها الى ضروري او اعدتها الى حاجي او اعدتها الى تحسيني او اعدتها الى أصل او اعدتها الى فرع هذه الاحكام ستكون مؤثرة في مسائل الخلاف وقبول الخلاف ولزوم الحكم و الى غير ذالك فمعرفة الالحاق بالرتبة هذا في صفة النظر لابد منه . الصفة السادسة : التمييز ويقصد بالتمييز بعد الالحاق بمعنى التمييز بحكم مناسب للنازلة باعتبارها نازلة أي بعوارضها وقرائنها المحتفة بها الحكم السابق هو حكم في الدرجة الرابعة لما قلنا التحصيل لأصل الحكم باعتبارها مجردة لكن هنا في هذه الدرجة السادسة التمييز لها بحكم مناسب بصفتها وعوارضها النازلة ولهذا ربما المجتهد في هذا العصر مثلا او الناظر – حتى لا يقول قائل من المجتهد في هذا العصر – ربما يكون له اختيار بالجواز في أصل الحكم في كلام الفقهاء أي في هذه النازلة باعتبارها ليست نازلة إنما مجردة من عوارضها وقد لا يكون الاختيار متطابقا بعد طروء هذه العوارض مثل ما لو ذكرنا مسالة أن صح انها من مسائل النوازل وان هذا فيه عندي شيء من التردد لكنها تذكر الان وتكتب فيها البحوث باعتبارها من مسائل النوازل وهي مسالة الزواج بنية الطلاق فأنت ترى أن المسالة من حيث هي مجردة من العوارض المعاصرة التي يتكلم عنها الناس في أحوال الناس لها ذكر في كلام الفقهاء في المذاهب الأربعة من الفقهاء رحمهم الله كلام معروف فيها . قد يختار الفقيه هنا رأيا لو فرضنا بالجواز باعتبار الماهية المجردة ولربما كان باعتبار العوارض المصاحبة الطارئة يميل الى المنع فإذا لا يلزم التطابق قد يتطابق النظر وقد يختلف وقد يكون مبناه على الجواز هو المبنى الاصل ويرى أن هذه العوارض غير مؤثرة او يمكن أن تكون على باب التقييد ليست على باب إطلاق الحكم الى غير ذالك هذا هو المقصود بتمييز النازلة بحكم . الدرجة السابعة في صفة النظر نسميها التقييد واقصد بالتقييد هنا تقييد الحكم من حيث توصيفه بمعنى أن من يكتب هذا الحكم او يقول هذا الحكم بلسانه يجب أن يكون قوله منضبطا في توصيف الحكم وتقييده لأنه تلاحظ أحيانا في بعض نتائج البحوث في النوازل التي تقال او تنشر او ما الى ذالك تجد أن سبك الحكم اما أن يكون في ألفاظ الحكم شيء من الاشتراك في الألفاظ او يكون فيه شي من الاجمال الذي لم يتم تفصيله او ما الى ذالك و فالعناية بمسالة التقييد في تحصيل الحكم من جهة ما يقيد اليه من الاوصاف او الشروط او التعليقات الى غير ذالك فهذه درجة وهي الدرجة التالية في النظر وهي اخر الدرجات . فتكون درجات النظر تبدأ بالتصور فالتجريد فالتكييف فالتحصيل فالالحاق فالتمييز فالتقييد .......... صحيحا بحيث يكون حكما لأنه هذا قد يقول قائل أن الشي كمالي وأنا لا أراه كماليا لان بعض الخلل اليوم بسبب ضعف اللغة العلمية واللغة العلمية يجب أن تصاغ صياغة صحيحة كما اعتاد السالفون والائمة وعلماء الاصول والمحققون من السابقين في لغتهم العلمية المنضبطة في دلالات الاحكام التي يقولونها او ينشئونها او يكشفون عنها , المقدمة الرابعة ونجمل القول فيها لان الوقت يتجاوز ما كنت افترض . المقدمة الرابعة : مورد النظر في النالزلة\ وأختم بهذه المقدمة , بعدما عرفنا إجمالا وإلا فالقول ليس على سبيل التفصيل قط فكل ما ذكرته هو إشارات وتنبيهات وإلا فمقام الاستفصال يبتغيه صاحب العلم وطالب العلم في بحثه ونظره وتوفيق الله له . بعد أن ذكرنا صفة النازلة وصفة الناظر وصفة النظر نذكر في المقدمة الرابعة مورد النظر في النازلة المرجعية التي يستقرا بها النازلة ويتوصل او يحصل الحكم من جهتها مورد النظر في النازلة كجملة هو علم الشريعة وأظن أن هذا من الجمل البينات مورد النظر في النازلة ومرجعها علم الشريعة لكني أشير الى أربع مقامات في هذا العلم يبتغيها الناظر في النازلة . المقام الاول النصوص : الناظر أيها الاخوة والاخوات في النازلة من الخطا أن يكون ليس عليما بمفصل نصوص الكتاب والسنة وإنما يبحث بحثا اما في محاولة استقراء في شيء من الكتب عما يعتقد انه يناسب هذه النازلة او بأي طريقة من طرق البحث التي جدت اليوم من ينصب نفسه في النظر في النوازل او المشاركة في النظر في النوازل في مجمع علمي او غير ذالك او هو يطرح نفسه للنظر مع اني لا أرى التقحم السريع في النوازل يجب أن تكون خطوات الفقيه والعالم وطالب العلم عاقلة جدا فيما يكون من النوازل وان يكون معتدل النظر فيها لكن أول مقامات في مورد النظر في النازلة اذا قلنا أن المورد علم الشريعة , أول مقام أراه ملحا وضروريا مع انه في هذا العصر مع الاسف ينقص كثيرا هو العلم المفصل بالنصوص المستفيضة وسبب ها النقص في هذا العصر هو التلخيصات التي كتبها من كتبها من الحفاظ المتأخرين من النصوص النبوية وما أرادوا بها رحمهم الله الاقتصار ولكن لضعف الاحوال ونقص التتبع للعلم صار كثير من طلاب العلم يصل الى قدر من الحال من السن والعمر وهو لا يعرف كثيرا من نصوص السنة إلا ما تردد فيه من هذه المختصرات وفي جملتها في أبواب الحلال والحرام في الفرع الفقهي هنا النظر في النوازل لابد أن يكون الناظر عليما بالنصوص الى درجة مناسبة لا تستطيع أن تفرض تسمية بعدد لكن يكون عارفا بنصوص الكتاب وحافظا للقران ولهذا تستغرب أن ينظر في النازلة من ليس حافظا للقران القران هو المنهج الذي يبتدى وينتهى به في النظر في النوازل اما باعتبار الاحكام المسماة في القران وإما باعتبار المقاصد الكلية التي ذكرها الله في القران للتشريع في شرائع الانبياء والرسل وهذه الشريعة الخاتمة وإما في قصص المرسلين التي قال الله فيها { لقد كان في قصصهم عبرة لاولي الالباب ما كان حديثا يفترى } لهذا أنا اوكد لطالب العلم أن أول ما يعنى به في طلب العلم هو أن يحفظ القران ولا يسمع في هذا الامر شيئا اخر فمسالة ما يتعلق بالعلم بالنصوص من جهة حفظ القران . من جهة العلم بنصوص السنة من استطاع حفظا فهذا المقام الفاضل او على الاقل الاحوال أن يكون له استفاضة بمعنى استعرض كثيرا من الكتب الامهات من السنة فقرا البخاري وقرا مسلما وقرا السنن سنن أبي داوود سنن النسائي جامع الترمذي ابن ماجة قرأ مسند احمد قرأ الدارمي قرأ مالكا في موطئه يعني قرأ الامهات التي جمعت جملة الرواية قرأ فقه الصحابة فيما مر عليه من هذه الكتب او في مصنف عبد الرزاق او مصنف ابن أبي شيبة هذه الكتب الاحدى عشر أرى أن طالب العلم يجب اذا كان له مقام القول في المنازل ومقام في مسائل عامة ومقام في فتاوى قد يكون لها بعد ولها اثر أن يكون مستقرئا للنصوص وإلا لا ينبغي أن ينصب نفسه في أمور من النوازل كبير او أمور من النوازل عام فان لم يكن عاما من ناحية الحكم قد يكون عاما من ناحية الماهية كما قلنا سابقا فأول مقام في مورد الشريعة هو العلم بمفصل النصوص هذا يجب لطالب العلم والعالم أن يعنى به لان هذه النصوص هي النور الذي انزله الله ولهذا ابن تيمية رحمه الله في اخر عمره ذكر أن مما – أن صحت العبارة -ندم عليه او يقول مما يأسى عليه – بعبارة أعقل – انه لم يمض كثيرا من الوقت في تدبر القران مع ما تعرفون عنه من تصنيف في التفسير ونظره في تفسير القران بل قيل أن أول علم من علومه هو إمامته في التفسير لكن الاقبال على القران تدبرا او سماعا له اذا لم يكن الانسان قارئا لأنه قد يكون الانسان يقراه ويتدبر او يستمعه ويتدبر . الاقبال على القران ونصوص السنة هذا هو المقام الكلي في العلم . المقدمة [ المقام] الثانية : العلم بالمقاصد من كان ضليعا في النصوص مستقرئا لنصوص الكتاب ومشهور السنة المرفوعة للنبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وأئمة الصحابة من الاثر المروي عنهم رضي الله عنهم , المورد الثاني العلم بمقاصد الشريعة وهذا فقه معروف وفقه شريف وان كان مما قد يعقده عن طلبة العلم او عن كثير منهم قلة التصنيف المسماة فيه فهو علم استقرائي سمى فيه أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله تصنيفا ووضع جملة كتاب الموافقات في هذا المعنى وتكلم فيه عز الدين ابن عبد السلام في كتاب القواعد وتكلم القرافي في الفروق تكلم علماء الاصول علماء القواعد إشارات وجمل في كلام أئمة العلم المتأخرين المحققين كابي عمر ابن عبد البر او ابن حزم او ابن تيمية او في كلام المتقدمين عند الائمة رحمهم الله هذا أمر .......... , لكن العلم بمقاصد الشريعة هذا علم يجب أن يتتبع في نصوص الكتاب والسنة وفي فيه الائمة وأنا أقول الان جملة أن مقاصد الشريعة فيما أرى انها الاسباب الكلية للتشريع فتدرس الاسباب الكلية للتشريع لان بعض من نظر في المقاصد فيما أرى انه ادخل في المقاصد ما ليس منها ولهذا تكلم في المقاصد عن القطعي والظني وبعضهم رتبها على مسالة الضروري والحاجي والتحسيني كما ابتدأها الشاطبي رحمه الله وان كان استدرك في شي من كلامه لما تكلم على الضروريات الخمس على كل حال هذا بحث اخر لكن العلم والعناية بمقاصد الشريعة . الوجه [ المقام ] الثالث : العلم بمشهور المسائل في موارد الإجماع او موارد الخلاف يجب على طالب العلم ن يقرا في الكتب التي جمعت مسائل الإجماع في أصول الشريعة وفي أحكام الشريعة وكذالك يعرف المشهور وإلا الكمال هذا متعذر لا يستطيعه احد لكن يعرف المشهور من مسائل الخلاف ولا سيما اذا قرأ في بعض الكتب التي عنيت بجمع الخلاف او بجمع المشهور من الخلاف وهذا كل احد بحسب مقامه وبحسب إمكانه وقدرته وما آتاه الله من الاماكن وما آتاه الله من الوقت الى غير ذالك من الاسباب التي لا تخفى . الوجه [ المقام] الرابع والاخير العلم بقواعد الخلاف ورتبه , فإذن علم بالنصوص وعلم بمقاصد الشريعة علم بمشهور المسائل مسائل الإجماع او مسائل الخلاف علم بقواعد الخلاف ورتبه لماذا ؟ لان الناظر في النازلة لابد أن يعرف قدرها من حيث احتمال الخلاف وما هو الخلاف السائغ فيه وما ليس سائغا حتى لا يقع بعض من ينظر في النازلة الى درجة من الغلو فلربما ارتقى كما قلنا بما هو من المقام الظني الى حكم قطعي او كان على عكس ذالك ولربما هون من شان ما درجته أعلى فيعرف قواعد الخلاف ومراتب الخلاف حتى يكون نظره في النازلة نظرا معتدلا من حيث لزومها او من حيث لزوم الحكم ومن حيث احتمال الخلاف وما الى ذالك من تسلسل المعاني التي يقتضيها هذا الوجه . نكتفي بهذا ليس الاكتفاء الموضوعي نفسه وإنما لان المقصود جملة من الاشارات والتنبيهات كما أسلفت . نسال الله جل وعلا بأسمائه وصفاته أن يرزقنا وإياكم الفقه في الدين وان يثبتنا وإياكم وان يوفقنا لحسن الفقه في الشريعة فإن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال { من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين } وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد . فترة الاسئلة : س1: هل يوجد جهة معتبرة تخصصت في النظر في النوازل ؟ ج1: هناك ولله الحمد مجموعة في العالم الإسلامي اليوم مجموعة من صور الاجتهاد الجماعي وأنا أرى أن ما يتعلق بالنوازل الفاضل فيه أن يكون مشتركا وان يراجع أهل العلم بعضهم بعضا في النظر في هذه النوازل فتوجد هيئات علمية شرعية وتوجد مجامع أيضا فقهية وان كان هذا الواقع ليس بالضرورة يكون كافيا يرجى أن يوجد لدى المسلمين ما هو أتم من هذا وان يسدد النقص لان أحوال المسلمين تتكاثر واذا لم يكن الاجتهاد مشتركا بين علماء المسلمين وفقهاءهم , فلاشك أن هذا ادعى لضبط الحكم وصدقه وإنصافه وصحته الى غير ذالك . س2: كيف كان هدي أبي محمد ابن حزم في النوازل هل كان يحكم بالظاهر كعادته أم لا ؟ ج2: التعبير بالهدي للاعيان لست أراه مناسبا على كل حال إنما أبو محمد ابن حزم كما تعرف هو من كبار أهل العلم وصاحب اختصاص من جهة عنايته بأصول داود ابن علي فصار له اختصاص عن جمهور الفقهاء الذين اشتهر فقههم من أتباع الائمة الأربعة لأنه مضى على أصول داوود واخذ هذه الجملة من فقه داود ابن علي الظاهري رحمه الله فنشرها أصولا او تأصيلا او تفريعا فصنف في أصول الفقه كما تعرف وصنف في فروع الفقه فتجد في كتابه في الاصول او في ما كتبه في الفروع في المحلى تجد لأبي محمد فقها واسعا وفقها مستفيضا وسعة علم بالنصوص لكنه مضى على الاصول التي ارتضاها كمنهج فطريقته رحمه الله هي طريقة أئمة الظاهر ل هو نشرها على صفة مختصة فهو إمام واسع الفقه وواسع العلم وان كان منهجه في التفقه في بعض موارده نظر من جهة ما بنى عليه من الاصول الفقهية لانك تعرف أن له نظر في بعض الاصول ومن أشهرها واخصها وأكثرها إشادة في كلامه نفيا لها ما سمي وعرف بالقياس , فان أبا محمد كثيرا ما ينكره ويعتب على الفقهاء أنهم استعملوه ويرى أن هذا من الانفكاك عن النص الى غير ذالك ... لكن يبقى أن لأبي محمد سعة في العلم معروفة فلا ينبغي أن يتجاوز علمه او يقال انه ممن لا تقرا كتبه لكن أنا أقول أن كتب ابن حزم رحمه الله لا تناسب المبتدي في طلب العلم لقوة عارضة ابن حزم رحمه الله من جهة ولأن منهجه في التفقه كما قلت انه على منهج ليس مرضيا ببعض أجزائه عند جمهور الفقهاء لكن أرى بالمقابل أن طالب العلم المتقدم المتمكن او الفقيه او المؤصل في درجة متقدمة ينبغي أن لا يستغني عن بعض إفادات أبي محمد ابن حزم ولهذا تجد لابن تيمية رحمه الله استقرا علم ابن حزم وان كان تعقبه في كثير من المسائل لكنه أشاد به في كثير من المسائل فهو ممن له جمع وفقه كبير . س3: ماهو الطريق الاسلم للسبك العلمي على طريقة المتقدمين ؟ ج3: مثل ما أشرت سابقا أن فيما أرى وهذا اجتهاد واسأل الله التوفيق والسداد مما يلاحظ في هذا العصر ومن – ربما – بعض القرون الاخيرة أن هذه المختصرات التي هي إشارات في أوائل العلوم وهذا موجود في كل علم من العلوم هناك مختصرات اعتاد الطلبة أنهم يبتدئون بها وهذا البدء ليس إشكالا هذا بدا صحيح لكن السقط هنا انه يقيم عليها الطالب زمنا ثم يتحول منها الى البحث العلمي فتكون هي التاصيل في حقه وهذا هو وجه الخطأ , وهذه المختصرات نعم لها فضلها ولها قدرها لكنها تكون ابتداء في العلم لكن لا ينتقل منها الى البحث العلمي والقول في الاحكام العلمية أرى أن التاصيل على طريقة المتقدمين ومنهجهم كما أشرت سابقا البدء بحفظ القران وحفظ ما تيسر من السنة لمن آتاه الله قدرة على الحفظ ومن لم يكن كذالك فليستظهر كتب السنة المشهورة قراءة لها وهو عناية بها وترددا لنصوصها بحيث يكون قد استتم هذه الكتب يقرا في كلام أئمة المتقدمين وينظر صياغتهم في الفتوى وصياغتهم في القول انظر الى صياغة الامام مالك اذا علق بحكم في موطئه انظر مثلا في جوابات مالك التي جمعت من أئمة أصحابه اذا قرأت مثلا في المدونة في فقه مالك انظر مثلا في جوابات الامام احمد اذا قرأت في المسائل التي رواها غير واحد عن الامام احمد . الصياغة العلمية للفتوى مهم طريقة النظر في المسائل على ربت متعددة والاشكال اليوم أن بعض طلاب العلم حاد المزاج فتواه في الغالب حادة او ربما العكس أن صحت العبارة تجده يتتبع كما يقال الايسر مع أن الايسر هنا الذي عناه الشارع هو اليسر الوارد في النص في قوله تعالى { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } التيسير والرخص ليست هي رخص الفقهاء من الترخيص والرخصة التي جاء بها الشارع هذا هو الفاضل وان كان من مقام الفقه كما قال سفيان : أن الفقه أن تسمع بالرخصة من الثقة اما .......... فيحسنه كل احد و فالاعتدال بين هذين الوجهين ولهذا الامام احمد رحمه الله اذا قرأتم أجوبته تجدون فيها أحكاما لكني التفت الى جهة اخرى غير مسالة الاحكام المتعددة لكن تجد مسائل الامام احمد فيها يتوقف وتجد مسائل في أحكام الامام احمد وجواباته يعبر بقوله أرجو ويعجبني ونحو ذالك من التعبيرات وتجد مسائل يجزم فيها جزما واضحا وتجد مسائل يحلف على رأيه فيها وقد جمع بعض أصحابه كما يعرف الاخوة المسائل التي حلف عليها الامام احمد فيسال عن كذا ترى كذا فيقول : نعم أي والله وليست هي في العقائد كما هو قد يتبادر بعضها حتى على مسائل الجمهور على خلاف رأي احمد فيها مثلا سئل عن خاتم الحديد فذهب الى كراهته وحملها بعض أصحابه على انها كراهة تحريم وبعضهم قال انها ليست كراهة تحريم واذا قلنا انها تحريم فهذا على خلاف رأي الجمهور وقيل تذهب الى حديث عمرو ابن شعيب فيها قال نعم أي والله هذا التنوع دليل على سعة فقه السابقين ولذالك كما قلت الاستقراء لمنهجهم يكون بقراءة فقههم وقراءة فتواهم قراءة فقه الامام الشافعي في كتابه الام في تاصيله في الرسالة قراءة فقه محمد ابن الحسن فيما كتبه مثل كتاب الحجة على أهل المدينة , حسن المناظرة الفقهية الصحيحة وكلام محمد ابن الحسن مع علماء المدينة وعلماء الحجاز , حسن مناظرة الشافعي وبعض ردوده وبعض جواباته في الام ... التاصيل على هذه الكتب الاولى حسن الاختيار من كتب الاصول وكتب القواعد الكتب الفقهية أيضا التي كتبها أئمة محققون ولا سيما الكتب التي جمعت الخلاف بعد أن ياخذ طالب العلم التاصيل على مذهب معين ينظر الى كتاب مقارن في الفقه ومن ذالك مثلا كتاب المغني في فقه الامام احمد وان كان ذكر في جملة المذاهب المشهورة وهي المذاهب الأربعة وفقه كثير من السلف من الصحابة من بعدهم أو في المجموع للنووي رحمه الله او في بعض الامهات حسب المذهب , تذكرون المغني مثلا لكونه شائعا في هذا البلد مثل هذا التاصيل مع العناية قبل ذالك بكتب أصول الدين التي بينت قواعد وعقائد هذه الملة ولاسيما الكتب الاولى التي صنفت بالرواية والاسناد إلى الائمة رحمهم الله وإلى آثار الصحابة والتي جمعت نصوص الكتاب والسنة في هذا الباب هذا الاختصاص وحسن الانتقاء وحسن الاختيار بعد توفيق الله جلا وعلا أرى انه من خير ما يدل طالب العلم على المنهج الصحيح . اما انه ياخذ مختصرا يسيرا في الفقه او مختصرا يسيرا في الاصول لا يتجاوز ورقات كما سماها الجويني رحمه الله ياخذ الورقات في الاصول وهي جملة مختصرة جدا على جلالتها وفضلها لكنها لا تصنع أصوليا ولا تضع أصوليا الى اخر ........... ينتقل منها الى البحث في أحكام مبنية على تفصيل في علم الاصول هذا أرى انه منهج فيه نوع من الانفكاك لابد أن يكون الترقي صحيحا وتكون هذه المختصرات أوائل ليس إلا , ولهذا كانوا يدرسونها في مرحلة قبل البلوغ في الغالب ما كانت تدرس للكبار أصلا لأنهم يفترض انه قد انتهوا منها . وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه وسلم فرغه أبومالك إبراهيم الفوكي hgsgt ,juhlgil lu hgk,h.g | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
18 / 08 / 2009, 48 : 10 AM | المشاركة رقم: 2 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح ((أللهم بلغنا رمضان)) بارك الله فيك و جزاك الله خيرا أخي الفاضل طويلب علم أللـهـم اغـفـر لـه ولـوالـديـه مـاتـقـدم مـن ذنـبـهـم ومـا تـأخـر.. وقـِهـم عـذاب الـقـبـر وعـذاب الـنـار.. و أدخـلـهـم الـفـردوس الأعـلـى مـع النـبـيـين والصديقين والـشـهـداء والـصـالـحـيـن .. وإجـعـل دعـاءهـم مـسـتـجـابا فـي الـدنـيـا والآخـرة .. ووالدينا ومن له حق علينا الــلـهــم آمـــــــيــــــــن. . | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
18 / 08 / 2009, 43 : 01 PM | المشاركة رقم: 3 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح طويلب علم | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
22 / 08 / 2009, 48 : 01 AM | المشاركة رقم: 4 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| كاتب الموضوع : طويلب علم مبتدئ المنتدى : الملتقى الاسلامي العام والسلف الصالح اكرمكم الله وجزاكم الله خيرا | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
|
|
|
For best browsing ever, use Firefox.
Supported By: ISeveNiT Co.™ Company For Web Services
بدعم من شركة .:: اي سفن ::. لخدمات الويب المتكاملة
جميع الحقوق محفوظة © 2015 - 2018